المأثور والتأويل في قول ابن عباس رضي الله عنه

إنضم
09/09/2009
المشاركات
363
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
المأثور والتأويل في قول ابن عباس رضي الله عنه

(( أجل رسول الله ))

قال البخاري : حدثنا محمد بن عرعرة: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس قال:
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدني ابن عباس.
فقال له عبد الرحمن بن عوف: إن لنا أبناء مثله، فقال: إنه من حيث تعلم، فسأل عمرُ ابنَ عباس عن هذه الآية:
{إذا جاء نصر الله والفتح}.
فقال: أجلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه إياه.
قال عمر رضي الله عنه : ما أعلم منها إلا ما تعلم.
رواه البخاري في صحيحه : ( أبواب: المناقب / المغازي / التفسير )، ورواه الترمذي في سننه : (أبواب التفسير).

السؤال هل هذا التفسير من فهم ابن عباس الي شاركه عمر .. وغاب عن كبار الصحابة على جلالتهم في الإسلام من أمثال عبدالرحمن بن عوف؟.
أم هو رواية لها حكم الرفع إلا النبيء؟.
أم هو مأثور اجتهادي تتوافق فيه الأنظار ؟.
وإذا كان فهماً للصحابة في الكتاب.. فهل يجوز أن نعتبر هذا منهجاً يقاس عليه في سور أخرى تحت عنوان فوائد مستفادة من السورة؟.

أعرض هذا الموضوع بوجازة ليكون النقاش أكثر فاعلية .

وبارك الله فيكم.
 
أخي الكريم عصام المجريسي وفقه الله، نعم يُعدُّ هذا المثال من فهم الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، من هذه السورة الكريمة، وقد أدخل عددٌ من العلماء هذا المثال في دلالة الإشارة الأصولية، وهذا الفهم منه رضي الله عنهما له قرائن تدلُّ عليه منها:
- أن الله لم يعلق الاستغفار بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم بل بعمل الله عز وجل وذلك ليس بسبب الاستغفار، فعلم أن سبب الاستغفار غيره وهو حضور الأجل إذ العبد مطالب بأن يتطهر للقاء سيده فيقدم عليه وهو أهل لنواله.
- ومنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكثر الناس تسبيحاً واستغفاراً فلا يكون الأمر في: (فسبح بحمد ربك واستغفره) [ النصر: 3 ] على النحو الذي هو حاصل منه من قبله بل هو ترقية في مقام العبودية تهيئة لانتقاله إلى الرفيق الأعلى.
ومنها: أن بقاءه صلى الله عليه وسلم مقرون بكمال الدين وحياً واستقرار أمره دعوة، وقد جاء نصر الله والفتح، فيلزمه اقتراب انتقاله إلى الرفيق الأعلى.
- ومنها: أن الاستغفار مشروعٌ في خواتيم الأعمال الصالحة كالوضوء والصلاة والحج، فيُعلم من ذلك أنَّ أمره به وهو الملازم له إنما هو آية على خواتيم عمله، وأعلاها التبليغ وقد كمل بدخول الناس في دين الله أفواجاً.
- ومنها: أن السورة قد نزلتْ في حجة الوداع أيام التشريق فدل على أن الأمر بالاستغفار إنما جاء من بعد يوم المغفرة ـ يوم عرفة ـ فلا يبقى له إلا التهيئة للقاء(1).
قال السعدي (ت: 1376هـ) في وجه الاستنباط: " ووجه ذلك: أن عمره عمرٌ فاضل، أقسم الله به، وقد عهد أن الأمور الفاضلة، تختم بالاستغفار في هذه الحال، إشارة إلى أن أجله قد انتهى"(2).
قال ابن عطية ( ت: 542 هـ): " وهذا المنزع الذي ذكره ابن عباس (ت: 68هـ) ذكره ابن مسعود ( ت: 32 هـ ) وأصحابه، ومجاهد (ت: 104 هـ) وقتادة (ت: 117 هـ) والضحاك (ت:102هـ)، وروت معناه عائشة (ت: 58 هـ) عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه عليه السلام لما فتحت مكة وأسلمت العرب جعل يكثر أن يقول ( سبحان الله وبحمده اللهم إني أستغفرك ) يتأول القرآن في هذه السورة(3)، وقال لها مرة ( ما أراه إلا حضور أجلي ) (4) وتأوله عمر والعباس بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصدقهما(5)"(6).
ومما ينبغي الإشارة إليه أن من الاحتمالات في مأخذ ابن عباس (ت: 68هـ) رضي الله عنهما أن يكون بنى استنباطه من الآية على ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم من فهمه حضور أجله عليه الصلاة والسلام من السورة.
ولا شكَّ أن هذا الاستنباط وغيره من الاستنباطات الكثيرة تؤسس منهج الاجتهاد في استخراج الفوائد والأحكام والمعاني من كتاب الله تعالى بالطرق المنضبطة الصحيحة، القائمة على الأسس العلمية المعروفة، ومثل هذه الاستنباطات هي أثر من آثار تدبر القرآن المأمور به في قوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )، وقوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً)...
[align=center]والله أعلم ،،،[/align]

ـــــــ
(1) انظر هذه الأوجه في: إعلام الموقعين: (1 / 266 ـ 267)، ونظم الدرر للبقاعي: ( 8 / 562 ـ 564 )، وفتح القدير للشوكاني: ( 1986 )، والموافقات للشاطبي: (3 / 287)، وسبل الاستنباط من الكتاب والسنة لمحمود توفيق: (197 ـ 198).
(2) تيسير الكريم الرحمن: ( 866 ).
(3) انظر صحيح البخاري ( مع الفتح ) مع الفتح كتاب التفسير باب تفسير سورة إذا جاء نصر الله: ( 8 / 605 ) برقم ( 4968)، وصحيح مسلم بشرح النووي في الصلاة باب ما يقال في الركوع والسجود: ( 4 / 168 ) برقم ( 484 ) .
(4) روى الدارمي ( 1 / 51 ) رقم ( 79 ) عن ابن عباس قال: ثم لما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فقال: " قد نعيت إلي نفسي " فبكت. فقال: " لا تبكي فإنك أول أهلي لحاقاً بي" . فضحكت. فرآها بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم . فقلن: يا فاطمة رأيناك بكيت ثم ضحكت!. قالت: إنه أخبرني أنه قد نعيت إليه نفسه فبكيت، فقال لي: " لا تبكي فإنك أول أهلي لاحق بي ". فضحكت...
وروى الإمام أحمد في المسند: ( 1 / 217 ) رقم ( 1873 ) والطبراني في المعجم الكبير: ( 11 / 330 ) برقم ( 11907 ) عن ابن عباس قال: لما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعيت إلي نفسي بأنه مقبوض في تلك السنة ". قال الهيثمي: وفي إسناده هلال بن خباب، قال يحيى: ثقة مأمون لم يتغير. ووثقه ابن حبان وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح، وفي إسناد أحمد عطاء بن السائب وقد اختلط. انظر: مجمع الزوائد ( 7 / 147 ).
(5) الوارد أن ابن عباس رضي الله عنهما تأولها بذلك بحضرة عمر رضي الله عنه وجمع من الصحابة فأيده عمر رضي الله عنه . انظر: صحيح البخاري مع الفتح في التفسير باب قوله: ( فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً ): ( 8 / 734 ) برقم ( 4970 ).
(6) المحرر الوجيز: ( 2009 ).
 
- ومنها: أن السورة قد نزلتْ في حجة الوداع أيام التشريق فدل على أن الأمر بالاستغفار إنما جاء من بعد يوم المغفرة ـ يوم عرفة ـ فلا يبقى له إلا التهيئة للقاء(1).
.

الأخ الفاضل فهد

قال الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره:
"القول في تأويل قوله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه : ( إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ) .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : إذا جاءك نصر الله يا محمد على قومك من قريش ، والفتح : فتح مكة ( ورأيت الناس ) من صنوف العرب وقبائلها أهل اليمن منهم ، وقبائل نزار ( يدخلون في دين الله أفواجا ) يقول : في دين الله الذي ابتعثك به ، وطاعتك التي دعاهم إليها أفواجا ، يعني زمرا ، فوجا فوجا .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ما قلنا في قوله : ( إذا جاء نصر الله والفتح ) :

حدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : ( إذا جاء نصر الله والفتح ) : فتح مكة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : ( إذا جاء نصر الله والفتح ) النصر حين فتح الله عليه ونصره .

حدثني إسماعيل بن موسى ، قال : أخبرنا الحسين بن عيسى الحنفي ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي حازم ، عن ابن عباس ، قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، إذ قال : " الله أكبر ، الله أكبر ، جاء نصر الله والفتح ، جاء أهل اليمن " ، قيل : يا رسول الله ، وما أهل اليمن ؟ قال : " قوم رقيقة قلوبهم ، لينة طباعهم ، الإيمان يمان ، والفقه يمان ، والحكمة يمانية " .

حدثنا ابن المثنى ، قال : ثني عبد الأعلى ، قال : ثنا داود ، عن عامر ، عن مسروق ، عن عائشة ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول : سبحان الله وبحمده ، وأستغفر الله وأتوب إليه ; قالت : فقلت : يا رسول الله أراك تكثر قول : سبحان الله وبحمده ، وأستغفر الله وأتوب إليه ، فقال : " خبرني ربي أني سأرى علامة في أمتي ، فإذا رأيتها أكثرت من قول سبحان الله وبحمده ، وأستغفره وأتوب إليه ، فقد رأيتها ( إذا جاء نصر الله والفتح ) فتح مكة ( ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا ) "

هذا أمر.

الأمر الآخر إذا كان الخبر قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن السورة نزلت بنعيه صلى الله عليه وسلم وأن بن عباس رضي الله عنهما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف يقال إن هذا من استنباط بن عباس رضي الله عنهما؟
 
أخي الدكتور فهد السلام عليكم
بارك الله فيك لاهتمامك وأحسن الله إليك لفتح الباب بفهمك الكريم ونقلك الطيب.

الملاحظ أن المنتشر في كتب التفسير هو أقوال ابن عباس الموقوفة أو المرفوعة (المأثور)..
ولكن الغائب هو منهج ابن عباس الذي تفضلت ببيانه في مشاركتك هذا..
ولا شكَّ أن هذا الاستنباط وغيره من الاستنباطات الكثيرة تؤسس منهج الاجتهاد في استخراج الفوائد والأحكام والمعاني من كتاب الله تعالى بالطرق المنضبطة الصحيحة، القائمة على الأسس العلمية المعروفة، ومثل هذه الاستنباطات هي أثر من آثار تدبر القرآن ...

منهج ابن عباس المنبثق من أقواله ومآخذه ومسالكه.. الذي توافق فيه مع عمر رضي الله عنهم..
وهو مروي عن فاطمة وابن مسعود: (نعيت إليه نفسه).
هل دائرة ابن عباس منهجاً تأويلياً أوسع بكثير من دائرته ناقلاً أثرياً.. أم أقل .. أم هما سواء؟.
أرجو منك البيان حفظك الله ورعاك .
ولو توفر لديكم مثال آخر ليكون المقال أوضح .
والمجال مفتوح.
 
أخي الدكتور فهد السلام عليكم
بارك الله فيك لاهتمامك وأحسن الله إليك لفتح الباب بفهمك الكريم ونقلك الطيب.

الملاحظ أن المنتشر في كتب التفسير هو أقوال ابن عباس الموقوفة أو المرفوعة (المأثور)..
ولكن الغائب هو منهج ابن عباس الذي تفضلت ببيانه في مشاركتك هذا..


منهج ابن عباس المنبثق من أقواله ومآخذه ومسالكه.. الذي توافق فيه مع عمر رضي الله عنهم..
وهو مروي عن فاطمة وابن مسعود: (نعيت إليه نفسه).
هل دائرة ابن عباس منهجاً تأويلياً أوسع بكثير من دائرته ناقلاً أثرياً.. أم أقل .. أم هما سواء؟.
أرجو منك البيان حفظك الله ورعاك .
ولو توفر لديكم مثال آخر ليكون المقال أوضح .
والمجال مفتوح.

أخي الكريم عبد الله المجريسي وفقه الله ...
ملحوظاتك جديرة بالاهتمام وهي دقيقة، ومسألة هل تفسير ابن عباس المذكور في كتب التفسير كان أثرياً أو اجتهادياً؟؛ مسألةٌ جديرةٌ بالبحث والنقاش، وليت أحد الباحثين يجمعون تفسير ابن عباس وينظرون في هذه المسألة ويخرجون بنتيجة إحصائية دقيقة، وإن كان ابن عباس رضي الله عنهما قد عُرف بقوة الاجتهاد والاستنباط والفهم، وقد كان عمر رضي الله عنه يجلسه مع كبار الصحابة رضي الله عنهم أجمعين لتميزه وفهمه، وقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المعروف بالفقه بالدين ومعرفة التأويل، كما عُرِفَ رضي الله عنه بالتتلمذ على كبار علماء الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم رضي الله عنهم..
وأما بالنسبة للأمثلة على استنباطاته فهي كثيرة ومن أمثلتها :
1- قوله تعالى: (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) [البقرة: 187].
فقد استنبط منها رضي الله عنه صحة صوم من أصبح جنباً، قال ابن العربي: " وبهذا احتج ابن عباس عليه، ومن ها هنا أخذه باستنباطه، وغَوْصِه والله أعلم"(1).
وقال ابن كثير (ت:772هـ): " وهذا مذهب الأئمة الأربعة وجمهور العلماء سلفاً وخلفاً"(2).
2- قوله تعالى: (وحمله وفصاله ثلاثون شهراً) [ الأحقاف: 15]، وقوله:والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) [البقرة: 233](3).
استنبط منها علي وابن عباس رضي الله عنهم أن المرأة قد تلدُ لستة أشهر(4).
قال ابن كثير (ت:772هـ): " وهو استنباط قويٌّ وصحيح "(5).
هذه بعض الاستنباطات الواردة عنه رضي الله عنه، والحقيقة أنه بحاجة إلى إفراد دراسة مستقلة في استنباطاته، ولا شكَّ أنها تكتسب قوة ومتانة وتفتح الباب لعدد من القواعد الاستنباطية التي سلكها رضي الله عنه في استخراج المعاني من النصوص، وأشكرك على إثارة هذا الموضوع وفقك الله وسدد خطاك...
ــــــ
(1) أحكام القرآن لابن العربي: ( 1 / 136ـ137 ).
(2) تفسير القرآن العظيم: ( 145 ).
(3) ذكر ابن كثير والشاطبي والزركشي والسيوطي أن الآية الثانية هي قوله تعالى: (وفصاله في عامين) [لقمان: 14]. انظر: تفسير القرآن العظيم: ( 1251 )، والموافقات: ( 3 / 279 )، والبرهان: ( 2 / 5 )، الإكليل: ( 1 / 284 ). وما أثبته هو من كلام ابن القيم رحمه الله.
(4) انظر: جامع البيان: ( 2 / 504 ). حيث ذكر قصة هذا الاستنباط برقم (4955)، ومصنف عبد الرزاق: ( 7 / 350 ) رقم ( 13444 )، وإعلام الموقعين لابن القيم: (1 / 267 )، والتفسير الكبير للرازي: ( 28 / 15 ) وقال: " واعلم أن العقل والتجربة يدلان أيضاً على أن الأمر كذلك"، والبحر المحيط لأبي حيان: ( 8 / 61 ) وقال: " وقد كشفت التجربة أن أقل مدة الحمل ستة أشهر كنص القرآن". وروح المعاني للآلوسي: ( 13 / 175 ) وقال: " وبه قال الأطباء ".
(5) تفسير القرآن العظيم: ( 1251 ).
 
....

الأمر الآخر إذا كان الخبر قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن السورة نزلت بنعيه صلى الله عليه وسلم وأن بن عباس رضي الله عنهما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف يقال إن هذا من استنباط بن عباس رضي الله عنهما؟

أخي أبا سعد

أين هذا الخبر الصحيح؟.
 
أخي أبا سعد

أين هذا الخبر الصحيح؟.

وعن ابن عباس ، قال : لما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح ؛ دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاطمة ، قال : نعيت إلي نفسي ، فبكت ، قال : لا تبكي ؛ فإنك أول أهلي لاحق بي ، فضحكت ، فرآها بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقلن : يا فاطمة ! رأيناك بكيت ثم ضحكت ؟ ! قالت : إنه أخبرني أنه قد نعيت إليه نفسه ؛ فبكيت ، فقال لي : لا تبكي ؛ فإنك أول أهلي لاحق بي ، فضحكت وإذا جاء نصر الله والفتح ، وجاء أهل اليمن : هم أرق أفئدة ، والإيمان يمان ، والحكمة يمانية .
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 5915
خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن

لما نزلت { إذا جاء نصر الله والفتح . . . } إلى آخر السورة قال نعيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه حين أنزلت فأخذ في أشد ما كان قط اجتهادا في أمر الآخرة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك جاء فتح الله وجاء نصر الله وجاء أهل اليمن فقال رجل يا رسول الله وما أهل اليمن قال قوم رقيقة قلوبهم لينة قلوبهم الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 7/1108
خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن

لما نزلت { إذا جاء نصر الله والفتح } علم النبي صلى الله عليه وسلم أن قد نعيت إليه نفسه فقيل { إذا جاء نصر الله } السورة كلها
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 5/72
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة وفد الجن فلما انصرف تنفس فقلت : ما شأنك فقال : نعيت إلي نفسي يا ابن مسعود
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 6/144
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
المصدر موقع الدررالسنية.

والذي أفهمه مما سبق أن بن عباس رضي الله عنهما إنما أخبر عمر رضي الله عنه حين سأله بما علم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل إن هذا فهم فهمته من السورة ، وعليه فلا يصلح في نظري مثالاً على موضع النقاش.

والذي دفعني إلى التعليق على الموضع هو أنه يجب في نظري عند تقرير قضية ما أن يضع المقرر في اعتباره عدم وجود ما يشكل على تقريره ، وإذا كان يعلم أن هناك ما يشكل على البعض ولكنه لا يراه مشكلاً فليبين وجهة نظره حتى تتم الفائدة.

هذه وجهة نظري وقد لا يوافقني عليها الآخرون.
والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
 
أخي أبا سعد بارك الله فيك
ليس فيما أوردته ما يدل على أن ابن عباس تلقى تفسير السورة بذلك النص الذي ذكره في حضرة كبار الصحابة عن النبيء عليه الصلاة والسلام..

وقد أورد البخاري رواية أخرى للحديث عن عطاء بن السائب مرفوعاً إلى النبيء .
وقد قال ابن حجر (الفتح 8 / 736) : إن عطاء وهم في نسبته إلى النبيء.. بدليل مخالفته لغيره من الثقات. فهو حديث منكر من هذا الوجه.
وهناك أدلة أخرى تقوي القول أن ابن عباس فهم تأويل الآية فهما موافقاً لفهم النبيء صلى الله عليه وسلم ولفهم عمر رضي الله عنه.
منها أن فهمها على ذلك النحو غاب عن كبار الصحابة..
وأن عمر كان يدني ابن عباس منه لتلك الملكة التي كانت تتبدى منه..
وأنه كان يثني عليه بأنه فتى الكهول ..
وأنه دعاه إلى مجلسه مختبراً فظهر نجاحه وفضله..
وأن عمر أظهر للحاضرين موافقته بأنه ما يعلم منها إلا ذلك ..
وأن ذلك المأخذ الذي أبداه ابن عباس كان سبب تقديمه عن أنداده ونزوله في منزلة الكبار.. إلخ.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع قيم فعلا الذي أشار إليه الدكتور الكريم .

وللفائدة :

قال البيهقي في كتابه دلائل النبوة :

" باب ما جاء في نعيه نفسه صلى الله عليه وسلم إلى ابنته فاطمة رضي الله عنها ، وإخباره إياها بأنها أول أهل بيته به لحوقا ، فكان كما قال .....
3093 - أخبرنا علي بن محمد بن عبدان قال : أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال : حدثنا الأسفاطي قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا عباد بن العوام ، عن هلال بن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها فقال : « إنه قد نعيت إلي نفسي » فبكت ، ثم ضحكت قالت : وأخبرني أنه نعي إليه نفسه فبكيت فقال لي : اصبري . فإنك أول أهلي لاحقا بي فضحكت"
3094 - أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال : أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال : حدثنا عمرو بن مرزوق قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : كان عمر يسألني مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عبد الرحمن بن عوف : أتسأله ، ولنا بنون مثله ؟ فقال عمر : إنه من حيث تعلم قال : فسألهم عن إذا جاء نصر الله والفتح (1) قال : فقلت أنا : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقرأ السورة إلى آخرها إنه كان توابا (2) قال فقال عمر : والله ما أعلم منها إلا ما تعلم رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن عرعرة عن شعبة .
قلت : مجموع هذه الأخبار الصحيحة تدل على أن الله تعالى أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم هذه السورة فكانت علامة لاقتراب أجله وعارضه جبريل عليه السلام بالقرآن في ذلك العام مرتين ، فكانت علامة أخرى لأجله ، وأخبره بعمر عيسى عليه السلام ، فكانت علامة أخرى لأجله ، وخيره بين الدنيا والآخرة فيما روينا ، وفيما نرويه إن شاء الله فاختار الآخرة . فكانت علامة أخرى لأجله ، فأدى كل واحد من الرواة ما سمع " أهــ

هذا بالنسبة لقضية :
هل الأثر مرفوع أم لا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
 
أخي أبا سعد بارك الله فيك
ليس فيما أوردته ما يدل على أن ابن عباس تلقى تفسير السورة بذلك النص الذي ذكره في حضرة كبار الصحابة عن النبيء عليه الصلاة والسلام..

.

الأخ الفاضل عصام

هذا النص كما أورده البخاري:
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله فقال عمر إنه من قد علمتم فدعاه ذات يوم فأدخله معهم فما رئيت أنه دعاني يومئذ إلا ليريهم قال ما تقولون في قول الله تعالى إذا جاء نصر الله والفتح فقال بعضهم أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا وسكت بعضهم فلم يقل شيئا فقال لي أكذاك تقول يا ابن عباس فقلت لا قال فما تقول قلت : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له قال إذا جاء نصر الله والفتح وذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا فقال عمر ما أعلم منها إلا ما تقول .

والنصوص التي ذكرتها تدل على أن بن عباس قد علم أن هذه السورة نزلت بنعي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعدها لا يصعب على الفهم على بن عباس ولا غيره أن مجيء النصر والفتح هو علامة الأجل.

فإما تقبل الروايات الأخرى وهنا يمكن الجمع بينها وبين رواية البخاري أو تردها وحينها يكون الكلام حول بقية الموضوع وما توجهتَ به من أسئلة إلى الدكتور فهد.
 
الأخ الفاضل عصام
والنصوص التي ذكرتها تدل على أن بن عباس قد علم أن هذه السورة نزلت بنعي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعدها لا يصعب على الفهم على بن عباس ولا غيره أن مجيء النصر والفتح هو علامة الأجل.

فإما تقبل الروايات الأخرى وهنا يمكن الجمع بينها وبين رواية البخاري أو تردها وحينها يكون الكلام حول بقية الموضوع وما توجهتَ به من أسئلة إلى الدكتور فهد.

أخي أبا سعد
قولك لا يصعب على فهم ابن عباس ولا غيره أن مجيء النصر والفتح هو علامة الأجل .. قولك هذا محجوج بصعوبته المأثورة عن كبار الصحابة.. فلم يعرفه منهم أحد سوى عمر رضي الله عنهم أجمعين.
وأما الرواية فقد تكلم ابن حجر أن رفعها من ابن عباس إلى النبيء منكرة لمخالفتها لرواية الثقات.. كما سلف بيانه.
وأما ما أثر عن ابن عباس هنا فهو يبين دراية ابن عباس أكثر من بيان روايته..
وليس علينا من حرج أن نطلب من أهل الحديث أن يفيدونا في هذا الباب.
وهذا لا يقف حجر عثرة أمام التقدم في النقاش بناء على هذا الحديث.. فإن هناك آثاراً أخرى عنه- رضي الله عنه- تزكي مأخذه هذا وتذكر فضيلته فيه وتلمح إلى منهجه التأويلي المدعو له به....
 
أخي أبا سعد
قولك لا يصعب على فهم ابن عباس ولا غيره أن مجيء النصر والفتح هو علامة الأجل .. قولك هذا محجوج بصعوبته المأثورة عن كبار الصحابة.. فلم يعرفه منهم أحد سوى عمر رضي الله عنهم أجمعين.
وأما الرواية فقد تكلم ابن حجر أن رفعها من ابن عباس إلى النبيء منكرة لمخالفتها لرواية الثقات.. كما سلف بيانه.
وأما ما أثر عن ابن عباس هنا فهو يبين دراية ابن عباس أكثر من بيان روايته..
وليس علينا من حرج أن نطلب من أهل الحديث أن يفيدونا في هذا الباب.
وهذا لا يقف حجر عثرة أمام التقدم في النقاش بناء على هذا الحديث.. فإن هناك آثاراً أخرى عنه- رضي الله عنه- تزكي مأخذه هذا وتذكر فضيلته فيه وتلمح إلى منهجه التأويلي المدعو له به....

أخي الكريم

أنا قلت إذا كان بن عباس قد علم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نعيت إليه نفسه حين نزلت السورة وأخبر فاطمة رضي الله عنها بذلك وبن عباس هو الذي روى الحديث
فهل يصعب عليه أن يقول هو أو غيره ما قاله بن عباس لعمر رضي الله عنهما؟

أما دراية بن عباس رضي الله عنهما فلا أناقش فيها فهي من المسلمات عندي.
 
علم الرسول بالنعي المفهوم من السورة = مسلّم..
وتحديث الرسول أنه قد نعيت إليه نفسه من غير أن يشير إلى السورة = مسلم أيضاً..
وعلم الصحابة بذلك النعي من الرسول من غير إشارة إلى السورة = مسلم أيضاً .. كعلمهم بنزول السورة..
ولكن .. أن تكون هذه السورة هي من نقلت إلى الرسول ذلك النعي = فهذه هي المنقبة العباسية - بالنسبة إلى الصحابة عدا عمر.. وهذه هي التي غابت عن كبار الصحابة أو نسيت.. وكل ربط ورد بين السورة والنعي فهو من إخبار ابن عباس.. فيما يظهر والله أعلم..
وهذا هو مثار النقاش.
 
ولكن .. أن تكون هذه السورة هي من نقلت إلى الرسول ذلك النعي = فهذه هي المنقبة العباسية - بالنسبة إلى الصحابة عدا عمر.. وهذه هي التي غابت عن كبار الصحابة أو نسيت.. وكل ربط ورد بين السورة والنعي فهو من إخبار ابن عباس.. فيما يظهر والله أعلم..
وهذا هو مثار النقاش.

وماذا تفعل بهذا الحديث:
وعن ابن عباس ، قال : لما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح ؛ دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاطمة ، قال : نعيت إلي نفسي ، فبكت ، قال : لا تبكي ؛ فإنك أول أهلي لاحق بي ، فضحكت ، فرآها بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقلن : يا فاطمة ! رأيناك بكيت ثم ضحكت ؟ ! قالت : إنه أخبرني أنه قد نعيت إليه نفسه ؛ فبكيت ، فقال لي : لا تبكي ؛ فإنك أول أهلي لاحق بي ، فضحكت وإذا جاء نصر الله والفتح ، وجاء أهل اليمن : هم أرق أفئدة ، والإيمان يمان ، والحكمة يمانية .

الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 5915
خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن
 
المخبر هو ابن عباس، والرابط بين السورة والحدث هو ابن عباس.
ولو قارنت بين رواية ابن عباس ورواية عائشة لهذا الموقف بعينه (مسارّة النبيء لفاطمة) لبان الفرق بين الروايتين.
 
الإخوة الكرام
هل نستطيع أن نعتمد هذا الأثر عن ابن عباس مثالاً لتأويل ابن عباس أم نختار مثالاً آخر.. ليستمر النقاش.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

لقد قرأت بحث أبا بيان ( معالم الاستنباط في التفسير ) ، وبحثه نافع جزاه الله خيرا .
ولقد ظفرت من خلاله بهذا المثال :

قال صاحب الدر المثور :

[align=justify]
وأخرج محمد بن نصر وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي من طريق عاصم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان عمر رضي الله عنه يدعوني مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويقول : لا تتكلم حتى يتكلموا ، فدعاهم فسألهم فقال : أرأيتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر : « التمسوها في العشر الأواخر وتراً أي ليلة ترونها؟ » فقال بعضهم : ليلة إحدى وعشرين ، وقال بعضهم : ليلة ثلاث ، وقال بعضهم : ليلة خمس ، وقال بعضهم : ليلة سبع . فقالوا : وأنا ساكت . فقال : ما لك لا تتكلم؟ فقلت : إنك أمرتني أن لا أتكلم حتى يتكلموا . فقال : ما أرسلت إليك إلا لتكلم فقال : إني سمعت الله يذكر السبع فذكر سبع سموات ومن الأرض مثلهن ، وخلق الإِنسان من سبع ، ونبت الأرض سبع . فقال عمر رضي الله عنه : هذا أخبرتني بما أعلم أرأيت ما لا أعلم؟ فذلك نبت الأرض سبع . قلت : قال الله عز وجل { شققنا الأرض شقاً فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلباً وفاكهة وأباً } [ عبس : 26 ] قال : فالحدائق غلباً الحيطان من النخل والشجر { وفاكهة وأبا } فالأب ما أنبتت الأرض مما تأكله الدواب والأنعام ولا تأكله الناس . فقال عمر رضي الله عنه لأصحابه : أعجزتم أن تقولوا كما قال هذا الغلام الذي لم يجتمع شؤون رأسه ، والله إني لأرى القول كما قلت ، وقد أمرتك أن لا تتكلم معهم ." أهــ[/align]

وقال البيهقي رحمه الله في كتابه شعب الإيمان معلقا على هذا الأثر ، ومقررا بأن ابن عباس استنبط ما قاله :
« وهذا أيضا إنما قال استدلالا »" أهــ

والله أعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

لقد قرأت بحث أبا بيان ( معالم الاستنباط في التفسير ) ، وبحثه نافع جزاه الله خيرا .
ولقد ظفرت من خلاله بهذا المثال :

قال صاحب الدر المثور :

[align=justify]
وأخرج محمد بن نصر وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي من طريق عاصم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان عمر رضي الله عنه يدعوني مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويقول : لا تتكلم حتى يتكلموا ، فدعاهم فسألهم فقال : أرأيتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر : « التمسوها في العشر الأواخر وتراً أي ليلة ترونها؟ » فقال بعضهم : ليلة إحدى وعشرين ، وقال بعضهم : ليلة ثلاث ، وقال بعضهم : ليلة خمس ، وقال بعضهم : ليلة سبع . فقالوا : وأنا ساكت . فقال : ما لك لا تتكلم؟ فقلت : إنك أمرتني أن لا أتكلم حتى يتكلموا . فقال : ما أرسلت إليك إلا لتكلم فقال : إني سمعت الله يذكر السبع فذكر سبع سموات ومن الأرض مثلهن ، وخلق الإِنسان من سبع ، ونبت الأرض سبع . فقال عمر رضي الله عنه : هذا أخبرتني بما أعلم أرأيت ما لا أعلم؟ فذلك نبت الأرض سبع . قلت : قال الله عز وجل { شققنا الأرض شقاً فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً وحدائق غلباً وفاكهة وأباً } [ عبس : 26 ] قال : فالحدائق غلباً الحيطان من النخل والشجر { وفاكهة وأبا } فالأب ما أنبتت الأرض مما تأكله الدواب والأنعام ولا تأكله الناس . فقال عمر رضي الله عنه لأصحابه : أعجزتم أن تقولوا كما قال هذا الغلام الذي لم يجتمع شؤون رأسه ، والله إني لأرى القول كما قلت ، وقد أمرتك أن لا تتكلم معهم ." أهــ[/align]

وقال البيهقي رحمه الله في كتابه شعب الإيمان معلقا على هذا الأثر ، ومقررا بأن ابن عباس استنبط ما قاله :
« وهذا أيضا إنما قال استدلالا »" أهــ

والله أعلم.

هذا هو المثال الذي كنت أعددته مع المثال الأول
بوركتِ وجوزيت خيراً..
 
الإخوة الكرام
هل نستطيع أن نعتمد هذا الأثر عن ابن عباس مثالاً لتأويل ابن عباس أم نختار مثالاً آخر.. ليستمر النقاش.

أخي الكريم عصام

ما أود التنبيه إليه هو أنني انتهز كل فرصة في كل مشاركة أستطيع أن أراجع فيها معلوماتي والتثبت من القول الراجح في المسائل التي فيها إشكال ومثال على ذلك:
ما ورد في تعقيب الدكتور فهد على مشاركتك بخصوص زمن نزول سورة النصر وتفسير بن عباس لها.

وأما الأثر إذا ثبت أن ابن عباس رضي الله عنهما قاله عن اجتهاد فهو من أفضل الأمثلة على التأويل الصحيح القائم على القرائن الصحيحة.

فلو لم يكن هذا التأويل من بن عباس رضي الله عنهما لجاز الوقف عند هذه السورة وطرح حولها أكثر من سؤال منها:
ما هو غرض هذه السورة؟
ما هي العلاقة بين مجيء النصر والفتح وبين التسبيح والاستغفار؟
ولماذا خُص النبي صلى الله عليه وسلم بالخطاب في السورة؟
 
الإخوة الكرام
هل نستطيع أن نعتمد هذا الأثر عن ابن عباس مثالاً لتأويل ابن عباس أم نختار مثالاً آخر.. ليستمر النقاش.

الشيخ عصام وفقه الله...
نعم دعونا من مناقشة هذا المثال بعينه، فإن نقاشه وإن كان مفيداً إلا أن الموضوع أوسع من ذلك، وفي نظري أن البحث في استنباطات الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وجمعها ومعرفة طرق الاستنباط التي سلكها، أمرٌ مفيدٌ جداً.
أما مسألة استنباطه أجل النبي صلى الله عليه وسلم من سورة النصر؛ فالآراء فيها متقاربة ولكلٍّ دليله، ودعونا نعدُّ هذا المثال أثرياً مرةً، وأن ابن عباس رضي الله عنهما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون هذا الاستنباط نبوياً، ويبقى السؤال بعد ذلك عن علاقة سورة النصر بوفاته صلى الله عليه وسلم، فالاستنباط متفق عليه، سواءً كان نبوياً أو عباسياً (إن صحت العبارة كما سماها الأخ أبو سعد الغامدي)، فالميدان الذي يجري البحث فيه هو طريق هذا الاستنباط ووجهه.
هذا من جهة، ثم دعونا نعدُّ هذا الاستنباط من ابن عباس رضي الله عنهما مرة أخرى، ونضع الاحتمالات التي سلكها رضي الله عنهما في الوصول لهذا الاستنباط.
والنتيجة في نظري لا تختلف في معرفة طريق الاستنباط، فمرجع الاثنين اجتهاديٌّ على الأرجح وليس أثرياً...
[align=center]والله تعالى أعلم،،،[/align]
 
الشيخ عصام وفقه الله...
نعم دعونا من مناقشة هذا المثال بعينه، فإن نقاشه وإن كان مفيداً إلا أن الموضوع أوسع من ذلك، وفي نظري أن البحث في استنباطات الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وجمعها ومعرفة طرق الاستنباط التي سلكها، أمرٌ مفيدٌ جداً.
أما مسألة استنباطه أجل النبي صلى الله عليه وسلم من سورة النصر؛ فالآراء فيها متقاربة ولكلٍّ دليله، ودعونا نعدُّ هذا المثال أثرياً مرةً، وأن ابن عباس رضي الله عنهما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون هذا الاستنباط نبوياً، ويبقى السؤال بعد ذلك عن علاقة سورة النصر بوفاته صلى الله عليه وسلم، فالاستنباط متفق عليه، سواءً كان نبوياً أو عباسياً (إن صحت العبارة كما سماها الأخ أبو سعد الغامدي)، فالميدان الذي يجري البحث فيه هو طريق هذا الاستنباط ووجهه.
هذا من جهة، ثم دعونا نعدُّ هذا الاستنباط من ابن عباس رضي الله عنهما مرة أخرى، ونضع الاحتمالات التي سلكها رضي الله عنهما في الوصول لهذا الاستنباط.
والنتيجة في نظري لا تختلف في معرفة طريق الاستنباط، فمرجع الاثنين اجتهاديٌّ على الأرجح وليس أثرياً...
[align=center]والله تعالى أعلم،،،[/align]

شيخ فهد الوهبي حياك الله

وصلت هنا إلى نقاط مهمة وأسئلة أدق لمواصلة هذا النقاش إن وافقتم عليها:
1) لا بد هنا من تحرير مصطلح (مأثور) ومصطلح (تأويل).. ولو اصطلحنا على مدلول ثابت وفارق هنا بين الكلمتين فإن النقاش سيكون مثمراً أكثر من التجوز والتوسع في اللفظ.
أ- المأثور في اقتراحي : هو ما كان مرفوعاً إلى النبيء أو ما له حكم الرفع..
ب- التأويل هو الموقوف على الصحابي أو التابعي ، وهو الذي قد يصرح فيه بلفظ (الرأي).. أي الرأي المحمود المبني على العلم .. وهذا قريب من اصطلاح ابن جرير رحمه الله.
وووجدت من يقول بذلك التفريق بين هذا الاصطلاحين أيضاً في كتب علوم القرآن.
2) أين نضع هذا الأثر من هذا الاصطلاح ؟..
من وجهة نظري هو من قبيل الموقوف على ابن عباس أي هو تأويل وليس أثراً (والدكتور فهد موافق هنا على أنه اجتهادي أيضاً)..
3) لو قابلنا تأويل ابن عباس وعرضناه على علوم القرآن وقوانين التأويل لظهرت لنا أبواب كثيرة استند عليها ابن عباس منها:
أ- أسباب النزول وهذا يتجلى بوضوح في ربطه بين السورة والحدث بكماله.
ب- فقهه بمقاصد التشريع واللغة المعبرة عنه ، على حداثة سنه ، فقد عرف أن طلب الاستغفار ممن شأنه دوام الاستغفار يعني هناك إخباراً زائداً عن الطلب.
4) كل تأويل ( عباسي ) يستند إلى قواعد ليس بالضرورة أن تكون هي هي المستند إليها في كل استنباط.. ففي حالة ليلة القدر استند إلى الاستقراء والسبر لرقم (7) في القرآن وقياس ليلة القدر المجهولة على السباعيات القرآنية المعلومة، واستند إلى جمع الآيات في الموضوع الواحد في أقل مدة الحمل مع علم الحساب.
5) وجدت مجموعاً لمرويات ابن عباس رضي الله عنه رسالة دكتوراه ، من تأليف الدكتور الحميدي (في أكثر من ألف صفحة) ، وكان جمعها بإشراف العلامة أبي شهبة ؛ لعلها تفيد في تتبع منهج حبر الأمة في التأويل .. وهو موجود على الشبكة.
هذه نقاط قد تفيد في الوصول إلى نتائج أفضل .
مع الشكر للشيخ أبي سعد حفظه الله.
 
[align=justify]بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى ، والصلاة والسلام على نبينا محمد .
أما بعد :

هذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنه دفعني للبحث والتقصي ، ولا أدري هل أديت حق هذا الأمر من البحث أم لا ، ولكن توصلت للآتي :

الأثر الذي رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه وهو :
عن ابن عباس قال:
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدني ابن عباس.
فقال له عبد الرحمن بن عوف: إن لنا أبناء مثله، فقال: إنه من حيث تعلم، فسأل عمرُ ابنَ عباس عن هذه الآية:
{إذا جاء نصر الله والفتح}.
فقال: أجلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه إياه.
قال عمر رضي الله عنه : ما أعلم منها إلا ما تعلم." أهــ

فيه استنباط من ابن عباس رضي الله عنه ،
حيث أن الآثار الواردة والتي سيقت فيما سبق دلت على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أشار إلى أنه قد نعيت إليه نفسه في هذه السورة ، لكن أين نعيت له نفسه بالضبط لم نجد هذا من خلال ما قاله صلى الله عليه وسلم .
وبسبب ورود الأثر كما ورد في البخاري ، أي القصة ، والتي وضح من خلالها أن الأمر عبارة عن استنباط من ابن عباس رضي الله عنه ، فلو كان الأمر مقتصرا على طلب العلم وحفظ الحديث من دون استنباط لكان هناك حفاظ كثر ، لكنه قد وجد أمر زائد ، ولذلك في ظني عمد ابن عمر إلى قراءة السورة بكاملها ، وانتظر أن يعمل الغلام الصغير عقله أمام الأشياخ ، ليجدوا منه ما وجد ، وهذه الرواية الأخرى في البخاري تجلي الأمر أكثر :

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ
كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِمَ تُدْخِلُ هَذَا الْفَتَى مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ فَقَالَ إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ قَالَ فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَدَعَانِي مَعَهُمْ قَالَ وَمَا رُئِيتُهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ مِنِّي فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي
{ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا }
حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا نَدْرِي أَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئًا فَقَالَ لِي يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَكَذَاكَ تَقُولُ قُلْتُ لَا قَالَ فَمَا تَقُولُ قُلْتُ هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ اللَّهُ لَهُ
{ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ }
فَتْحُ مَكَّةَ فَذَاكَ عَلَامَةُ أَجَلِكَ
{ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا }
قَالَ عُمَرُ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَعْلَمُ
[/align]

وأعتقد أنه إذا حقق الأثر أكثر سنجد أنا أمام عقلية فذة ، وربما أفرد الأثر بالدراسة حتى أستفيد أكثر وأفيد بإذن الله .
وجزا الله خيرا صاحب الموضوع مرة أخرى.
والله أعلم وأحكم.
 
بارك الله فيمن أدلى بدلوه في هذا الموضوع..

انتقلت سورة النصر بهذا البعد التفسيري العباسي العمري إلى أفق جديد لم ينكره أحد من الصحب الكرام..
واتفاق عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - على هذا النظر ووصف عمر أنه يعلم ذلك قبلاً .. يعطي نتيجة مفادها أن التأويل القرآني له أصول ثابتة إذا استجمعت آتت فوائد جمة من مراد الله لا يحسنها عموم الناس، ولكنهم يتفقون على نتائجها النورانية (إن للحق نوراً)..
تساءل بعض الإخوة :
فلو لم يكن هذا التأويل من ابن عباس رضي الله عنهما لجاز الوقف عند هذه السورة وطرح أكثر من سؤال حولها منها:
ما هو غرض هذه السورة؟
ما هي العلاقة بين مجيء النصر والفتح وبين التسبيح والاستغفار؟
ولماذا خُص النبي صلى الله عليه وسلم بالخطاب في السورة؟
ولعل السؤال المهم هو لماذا اختارها عمر دون غيرها؟.. ليعرضها مختبراً على أشياخ بدر..
وقد أحاول الإجابة:
الغرض : إعلام بأجل الرسول صلى الله عليه وسلم..
سبب توجيهها إلى النبيء: لأنه أفضل أفراد هذه الأمة ونهاية أجله معلم بارز في منهج الإسوة والتطبيق ..
ولعله سؤال ملحّ عند كثير من الناس من أتباعه وغيرهم الذين لم يروه ولم يسمعوه: (كيف انتهت حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وإلى أي مدى كانت عناية الله تعالى بنبيئه الأمين في حياته ومماته).
المطلوب: إذا بدت لك بوادر انتهاء مهمتك فلا يفوتنك أن تكون نهاية أجلك في أفضل أحوالك مع ربك الأعلى لتكون أفضل من عاش لله ومات لله.
العلاقة بين النصر والفتح وانتشار الدعوة .. والتسبيح والحمد والاستغفار والتوبة: الربط بين التوفيق الإلهي للعبد .. وانقطاع العبد لربه في كل شؤونه.
موقع سورة النصر في ترتيب المصحف مع الاستفادة من هذا البعد:
سورة النصر تقع بين الكافرون والمسد.
سورة الكافرون سورة الولاء والبراء في أوضح صيغه.. وبعدها مثالان للموالي لله (النصر) ثم المعادي له (المسد).
سورة النصر فيها صورة من أوضح الصور على تولي الله لعبده الصالح حتى النهاية.
وسورة المسد فيها صورة من أوضح الصور على براء الله من عبده الفاسد حتى النهاية.
والعجيب أن هذه السور من خواتيم المصحف.
والعجيب الآخر أنها سور متباعدة التنزل فالكافرون والمسد مكيتان.. والنصر آخر ما نزل من السور.
وأظن أن سبب اختيار عمر لهذه السورة الكريمة أنها كانت آخر السور نزولاً .. وجميع الصحابة عاصروا نزولها.. وهم في هذا الامتحان ذوو فرص متكافئة سواء بسواء.. وتحقق الأفضلية بينهم في معرفة علوم السورة لا يخفى حينئذ..
الانطباع العام من سماع السورة: احترام غامر من الإنسانية لهذا الرسول الأمين وهو يطوي صفحة أجله وهو يلهج بالتسبيح والحمد والاستغفار والتوبة.. وقبل ذلك وهو يفتح مكة مطرقاً في تواضع منطع النظير.. لا أهواء ولا شهوات ولا أغراض شخصية..
والله أعلم.
 
2- قوله تعالى: (وحمله وفصاله ثلاثون شهراً) [ الأحقاف: 15]، وقوله:والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) [البقرة: 233](3).
استنبط منها علي وابن عباس رضي الله عنهم أن المرأة قد تلدُ لستة أشهر(4).
قال ابن كثير (ت:772هـ): " وهو استنباط قويٌّ وصحيح "(5).
.

السلام عليكم
لي استنباط آخر يختلف عما استنبطه ابن عباس وعلي رضي الله عنهم.
قال تعالي :
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا...
الآية تتكلم عن الإنسان مطلقا (أي إنسان) يولد من أم باستثناء آدم الذي لم يولد من أم ، والمسيح عليه السلام إنسان ،فهو كأي إنسان حمله وفصاله ثلاثون شهرا، وبما أن مدة الرضاعة فصلها القرءان في آية أخرى، قال تعالى:
وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ...
فإن مدة الحمل تساوي: 30 شهر ناقص عامين = 6 أشهر.
هل نفهم من الآية أن مدة حمل أي إنسان هي 6 شهور وليس 9 ؟
نعم، فالآية لا تتكلم عن المرحلة الأولى لخلق الإنسان في بطن أمه والتي تستغرق مدة 3 أشهر، ففي هذه المدة لم يكن للإنسان وجود إلا مني صار علقة ثم مضغة ثم غظاريف أو عظام كسيت بعد ذلك لحما،
لا يصح أن نطلق على مجموعة عظام ولحم اسم (إنسان)، فالإنسان جسم فيه روح ، إذا صار هذا الكائن حي بالروح عندئذ فهو إنسان يصح أن نتكلم عنه باسمه (إنسان) أو بالضمير المتصل في آخر الكلمات التالية : (حَمَلَتْهُ ) ، (أُمُّهُ ) ، (حَمْلُهُ ) ، (فِصَالُهُ).
إذا مرت جنازة أمامنا ورجال يحملون نعشا فإننا لا نقول : إنهم يحملون فلانا بل نقول : إنهم يحملون جثة فلان، أو جسد فلان، فالإنسان جسد وروح، إذا غادرت الروح الجسد فإن الجسد وحده لا يصح أن يسمى إنسانا .
إذا مرت أمامك شاحنة تحمل كل المواد التي تصنع منها السيارة (حديد ، قصدير، زجاج، كاوتش...) فإنك لا تقول لي إن الشاحنة تحمل سيارة، كذلك مدة ال3 شهور الأولى ، أما بعدها فالحال يتغير ،يصبح إنسانا يحيى بالروح.
المسيح عليه السلام لم يمر بمرحلة الخلق الذي مر بها خلق أي إنسان وهي (3 أشهر)، فنفخ الروح نتج عنها حياة جنين في حينها وبعد ذلك أخذ نفس الزمن الذي ينمو فيه أي إنسان جنين (6 أشهر).
وبما أن المسيح آية للناس فهو آية لهم في كل مراحل حياته وآية لهم في موته أيضا.
أما حمل أمه له 6 شهور في بطنها فآية لنا في أنفسنا، فنحن بعد أن نفخ فينا الروح ونحن أجنة خرجنا إلى الوجود بعد 6 شهور أميين لا نعلم شيئا فتعلمنا بالقراءة (ترديد ما يسمع، وترديد ما يرى مكتوبا بالقلم).
هذا هو الإنسان ، والله تعالى إذا أراد أن يضرب للناس هذا المثل من الواقع فإن وحدة قياس الزمن للأمم هي القرن ، فما بين نفخ الروح في الجنين إلى أن يولد يعبر عنها للناس بالقرون، أي أنه بعد ستة قرون من مجيء الروح (المسيح) سيخرج إلى الوجود (يولد) أميا فيتعلم (محمد). وهكذا نرى ذلك وقع فعلا، فما بين المسيح ومحمد عليهما السلام ستة قرون (600 سنة).
 
أبو علي

سلام الله عليك

تغيب ثم تأتي بالغرائب

لا أظن أنه يستقيم لك ما ذكرت لأننا نرى الإنسان يولد لستة أشهر من وقت الحمل ويعيش.
 
أبو علي

سلام الله عليك

تغيب ثم تأتي بالغرائب

لا أظن أنه يستقيم لك ما ذكرت لأننا نرى الإنسان يولد لستة أشهر من وقت الحمل ويعيش.

وعليك السلام ورحمة الله.
لا يولد طفل لستة شهور حسب أقوال الأطباء ،وإذا ولد فإنه يكمل باقي مدته في أنبوبة، لأنه يكون لا زال خديجا في حجم ضب تقريبا .
كما أن الله تعالى إذا تكلم عن الإنسان فإنه يذكر الفطرة التي فطر الناس عليها وليست الحالات الشاذة.
قال تعالى عن الإنسان : ألم نجعل له عينين، ويوجد من يولد أعمى.
وقال تعالى عن الإنسان : إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا، ويوجد من الناس من يولد بدون حاسة السمع.
 
وعليك السلام ورحمة الله.
لا يولد طفل لستة شهور حسب أقوال الأطباء ،وإذا ولد فإنه يكمل باقي مدته في أنبوبة، لأنه يكون لا زال خديجا في حجم ضب تقريبا .
كما أن الله تعالى إذا تكلم عن الإنسان فإنه يذكر الفطرة التي فطر الناس عليها وليست الحالات الشاذة.
قال تعالى عن الإنسان : ألم نجعل له عينين، ويوجد من يولد أعمى.
وقال تعالى عن الإنسان : إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا، ويوجد من الناس من يولد بدون حاسة السمع.

أخي أبا عليّ بارك الله فيك

هذا الفقه من ابن عباس رضي الله عنهما وأرضاهما مثال على أن الشريعة الإلهية الغراء قد تلتفت إلى بعض الأحوال الشاذة وتراعيها كل الرعاية لما قد يترتب عليها من سلامة النسل وبراءة الأعراض وطهارة الأرحام.. مسائل العرض يتحفظ فيها ما لا يتحفظ في غيرها ..
أين نحن من ابن عباس في هذا الشأو الذي لا يبارى فيه ولا يجارى..
اللهم ارض عن حبر الأمة وترجمان كتابها.
وأظن أن النسبة الصحيحة لهذا الأثر هي إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أولاً .
 
وأما ولادة المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام فمعجزة من أولها إلى آخرها .. لا يقاس عليها بحال..
والخبر الذي أورد أن حمل أمه به كان ستة أشهر - إن صح - فلا يحمل أكثر مما يحتمل..
وظاهر الآيات من سورة مريم أن الفصل الزماني بين إرسال الملك إليها وإتيانها إلى قومها به ليس ببعيد يستغرق ستة أشهر!.. بل هو سريع جداً سرعة معجزة أيضاً..
فكل الجمل التي قصت علينا مراحل ولادة المسيح عليه السلام متعاطفة بفاءات الترتيب والتعقيب (تسع فاءات):
فأرسلنا إليها روحنا...
فتمثل لها بشراً سويا...
فحملته،
فانتبذت به...
فأجاءها المخاض...
فناداها من تحتها أن لا تحزني...
فكلي واشربي...
فإما ترين من البشر أحداً...
فأتت به قومها تحمله...
 
أخي أبا عليّ بارك الله فيك

هذا الفقه من ابن عباس رضي الله عنهما وأرضاهما مثال على أن الشريعة الإلهية الغراء قد تلتفت إلى بعض الأحوال الشاذة وتراعيها كل الرعاية لما قد يترتب عليها من سلامة النسل وبراءة الأعراض وطهارة الأرحام.. مسائل العرض يتحفظ فيها ما لا يتحفظ في غيرها ..
أين نحن من ابن عباس في هذا الشأو الذي لا يبارى فيه ولا يجارى..
اللهم ارض عن حبر الأمة وترجمان كتابها.
وأظن أن النسبة الصحيحة لهذا الأثر هي إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه أولاً .

أخي الكريم عصام ، السلام عليكم ورحمة الله.
أتفهم وأقدر الأثر المنسوب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فهو عمل بهذا الحديث:
ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة رواه الترمذي مرفوعا وموقوفا.
تصرف علي رضي الله عنه حل مشكلة لم يكن لها حل إلا درءها بالشبهات، وطبقا للحديث فإن الإمام قد يخطئ في العفو مستندا على شبهة ليست صحيحة ولكن مادامت حلت المشكلة فلا بأس بها، فالخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة.
إذن فهذا التصرف ليس منزها عن الخطأ،فهو تصرف محمود حتى لو كان خاطئا .
نحن يهمنا الحق في هذه المسألة وليس التقييم ، فالحق يعرف بالدليل الواقعي والفطري.

وأما ولادة المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام فمعجزة من أولها إلى آخرها .. لا يقاس عليها بحال..
والخبر الذي أورد أن حمل أمه به كان ستة أشهر - إن صح - فلا يحمل أكثر مما يحتمل..
وظاهر الآيات من سورة مريم أن الفصل الزماني بين إرسال الملك إليها وإتيانها إلى قومها به ليس ببعيد يستغرق ستة أشهر!.. بل هو سريع جداً سرعة معجزة أيضاً..
فكل الجمل التي قصت علينا مراحل ولادة المسيح عليه السلام متعاطفة بفاءات الترتيب والتعقيب (تسع فاءات):
فأرسلنا إليها روحنا...
فتمثل لها بشراً سويا...
فحملته،
فانتبذت به...
فأجاءها المخاض...
فناداها من تحتها أن لا تحزني...
فكلي واشربي...
فإما ترين من البشر أحداً...
فأتت به قومها تحمله...

أما فاءات الترتيب والتعقيب فهي ليست دليلا على سرعة الحدث والولادة في نفس اللحظة، فكل مرحلة أخذت زمنها الذي قدر الله لها، قال تعالى : ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.
هل الفاءات هنا تدل على اختصار الزمن في لحظة!!
قال تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ.
هل تصبح الأرض مخضرة بمجرد أن تبتل بالماء أم تستغرق زمنا!

إذن يا أخي عصام لا يوجد دليل على مدة حمل مريم عليها السلام أقوى من هذا :
وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا...
الآية تتكلم عن الإنسان (على الإطلاق) : كل إنسان مولود من أم، وعيسى عليه السلام إنسان مولود من أم، الآية لم تستثن عيسى بل عممت وجعلتها قدرا عل كل إنسان حملته أمه.
ودمت بخير.
 
أخي أبا علي حياك الله
وأنا يا أخي مثلك أحاول الفهم وإحسان التوجيه..
الولادة بعد ستة الأشهر:
أعتقد أن استفراغ الجهد في فهم الأثر أولى من الحكم بتخطئته.
وقبل الحكم بالخطأ لابد من الآتي:
- أن نحكم بأن المدد المختلفة المذكورة في هذا الموضوع : (حولين) (عامين) (ثلاثون شهرا)= غير مراده لله تعالى : وخلاف هذا تحكم يحتاج دليلاً.
- أن نتأكد أن الحكم صادر لدرء شبهة فقط.. وهذا غير صحيح.. فلم تكن الشبهة وحدها هي الدافع إلى هذا الاستنباط.. : وخلاف هذا مصادرة عن المطلوب.
- أن نثبت استحالة ولادة أي مولود في ستة أشهر مستهلاً صارخاً أي حياً يتنفس : وخلاف هذا وهم مخالف للواقع (النادر).

ولادة عيسى:
في الحالة الطبيعة نجد القرآن يذكر (ثم) التي للتراخي :
(قتل الإنسان ما أكفره من أي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره ثم أماته فأقبره ثم إذا شا أنشره)..
( ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ).
فأين هي يا أخي في قصة ولادة المسيح عليه السلام.
ودمت بخير..
والله من وراء القصد.
 

جاء في الدر المنثور (3/356):
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :
(( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام )) ؛ يقول : يوسع قلبه للتوحيد والإيمان به .
(ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا) ؛ يقول : ; شاكا .
( كأنما يصعد في السماء ) ؛ يقول : كما لا يستطيع ابن آدم أن يبلغ السماء فكذلك لا يقدر على أن يدخل التوحيد والإيمان قلبه حتى يدخله الله في قلبه.
هل تفسير ابن عباس رضي الله عنهما هذا لقوله تعالى :
((كأنما يصعد في السماء))
= هل هو متوافق مع الكشف العلمي الحديث تماماً أم أشمل دلالة أم أضيق ؟.
أم هو متناقض لا يلتقي معه بحال ؟.
وهل التصعد في السماء مذكور في مواضع أخرى من القرآن؟.
وهل تعرفه العرب في شعرها .
وما أنواعه إذا كان ؟ .
وما هو منها ؟ .
 

ليس السكوت عن هذه الأسئلة مما يليق ..
وليس فيما قيل كفاية .. في شبيهين عظيمي الأهمية والدقة في الآية ، وهما الإيمان والكفر من ناحية وامتناع التصعد في السماء أو جوازه من ناحية ثانية ..
فما زال هنا متسع للكلام المتأتي من التدبر..
وأضع السؤال الآنف وجوابه هنا تحت هذا الموضوع (المأثور والتأويل ) مثالاً على جواز القياس على مذهب التأويل عند السلف الكرام أو عدمه ..

وللإجابة لابد من قراءة هذه النقاط مجتمعة، وهي :
- تفسير ابن عباس وعمر تفسيرٌ ليس فيه تقصير عن فهم مراد الآية من جهة الهداية للمؤمن والإضلال للكافر والأجواء المصاحبة لهما.. فالتفسير مفهوم واضح..
- واضح أن ابن عباس هنا يتأوّل ولا يأثر ، وأما عمر فرجع إلى الراعي المدلجي اليماني.. (ما تقولون أو ما تكون الحرجة؟).. ؛ لاستكمال الفهم المطلوب.. ولعله مما أخذه ابن عباس عن عمر .
- والذي يقول فيما نقل عن ابن عباس برفعه إلى المعصوم = مطالب بالدليل.
- فهم ابن عباس وعمر رضي الله عنهم لا يتعارض مع الفهم الحاضر.. إلا إذا قلنا بتعارض السماء في زمنهم مع السماء في زمننا، ولا تعارض بينهما.. مازال التصعد فيها محرجاً مكلفاً كما كان أو قريباً، وما زال الضيق يلاحق وسائل الصعود ويعنت الآلات ويتلف الأموال والأنفس والثمرات..
- وإذا شئت التنظير بينه وبين تحد آخر- وهي لم ترد بصيغة تحد هنا وإن كانت تستلزمه- فأقول:
هو مثل أن يقال لك في التحدي : إنك لن تخرق الأرض، فإذا أنت تجوب بالآلات حفرة ضخمة تجاوز الكيلومترات عمقاً.. ثم تعجز عن ذلك الخرق إلى منتهاه .. والذي هو محل التحدي.. والذي هو هو العجز..
أليس هذا إعجازاً؟. هو إعجاز كما أن القرآن بكل ما فيه معجز كل الإعجاز.. أحسب أنه لا أعظم من قول بعضهم : هذا ليس إعجازاً .. وأكبر منه قول من يقول : هو ليس معجزاً..
- خلاصة التفاسير السابقة = ( امتناع الحصول ).. والتصعد لا زال ممتنعاً على كل إنسان من جهة أنه مجرد من أدوات الصعود.. ومن جهة أنه لن يبلغ غاية السماء..
- في التفسير المعاصر لا زلنا مع معهود العرب في تفهم التراكيب .. فما هو إلا تخصيص عام أو تفصيل مجمل .. ولا نكير في هذا.. أما المفردات ودلالاتها فهي هي .
- تمثيلات القرآن المفردة أو المركبة إثباتاً أو نفياً – ومنها تشبيهاته- عميقة الدلالة على المعنى وذات خصوصية في الدلالة عليه، وهي داخلة في الأمثال القرآنية في قوله تعالى : (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون).. وإخراجها من مدلول هذه الآية الكريمة رهن بالحجة.
- والأغلب في الأساليب العربية البليغة حذف وجه الشبه لأن المشبه به واضح في توصيل العلاقة بين الشبيهين.. كآية الأنعام هنا (كأنما يصعد...).. بل كل حذف بلاغي يدفع الذهن البشري إلى تطلب أوجهه المحتملة..
- حذف وجه الشبه هنا يأذن للذهن أن يذهب في تقديره كل مذهب.. وليس أحد بأولى من أحد - في الجملة - في اكتشافه، ما كان ذلك الاكتشاف في دائرة السياق العام ولم يبعد عن دائرة النص، ولم يتناقض مع معناه.. ومحاولة استبعاد أوجه شبه محتملة للأسلوب وسائغة ورائعة أحياناً = تحكم جامد لم يألفه ذوق العرب .. ونعوذ بالله منه.
وهذا هو محل النزاع (إخراج أوجه شبه محتملة) .. وبسببه تنقلب الدعوى على صاحبها .. ويطالب بالجواب عن : لماذا تقيد طرائق البحث في أوجه الشبه؟ وقد أطلقها الله عز وجلّ؟.
- فهم العرب لأوجه الشبه المحتملة بين الشبيهين وارد؛ لأنه الأصل في إقامة الحجة عليهم، وإن غابت عنّا الآن لبلادة حسّنا البلاغي، ولم يؤثر عن العرب لاستغنائهم عن التعبير عنه.. بخلاف عدم فهمهم لها.. والوجه المعبر عنه منها، وهو الامتناع، هو أيسرها وألصقها بالآية وأعونها على فهم المثل.. وهذا لا ينفي ورود الأوجه الأخرى.. كيف والقرآن حمال أوجه..
- هل يجوز لنا أن نعمل مفهوم المخالفة هنا ، بأن التصعد في السماء امتنع لأن أسبابه لم تتوفر للصاعد كما لم يتوفر سبب السعادة للكافر بامتناعه عن تقبل الهداية، في حين أنه يجوز لمن أخذ بأسبابه كأخذ المؤمن بأسباب الهداية التي تجعل الضنك فسيحاً والكرب فرجاً والفقر غنى.. وهذا المفهوم المخالف لازم قد يرد على هذا التشبيه المجمل؟. ونعلم أن التشبيه اقتصر على وصف حال صدر الكافر الضيق الحرج.. ولم يعرض لصدر المؤمن المتسع بل قال : (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) فذكر سعة الصدر فحسب، ولو طردنا التشبيه عليه لقلنا: (فكأنما ينطلق في السماء الواسعة بلا قيد).. كما يصعد الكلم الطيب ويرتفع العمل الصلح.. والله أعلم. ألا يمكن هذا ؟.
غير أنها لم تذكر لأن صورة الانطلاق المطلق في السماء غير ممكن على إطلاقها هذا.. فحذفت لتكون بلاغة من بلاغة القرآن أيضاً فيما يذكر وفيما يحذف..
- ليس الصعود إلى السماء ممتنعاً امتناع استحالة .. بل هو وارد بأنواعه في القرآن والسنة ووارد في الشعر العربي الجاهلي (مع استثناء حالة المعراج لأنها معجزة خارقة ولا أريد أن أقحمها في القياس هنا والطرد):
* (فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتأتيهم بآية) الأنعام.
* (أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه) الإسراء.
* (فأوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحاً لعلي أطلع إلى إله موسى..) القصص.
* (وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى) غافر..
* (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان).
* (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) المعارج.
* وجاء في تفسير قوله تعالى: (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم): قوله عليه الصلاة والسلام : " والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطاً بالثريا لتناوله رجالٌ من فارس " . والثريا : نجم في السماء المنظورة بالغ العلو. ولا حاجة إلى تأويل التناول هنا لأنه ورد في بعض الروايات : " لذهب.. ".
أخرجه الترمذي (فضل العجم) وحسنه، وأحمد في المسند (لو كان العلم) والحاكم في المستدرك وابن حبان في الصحيح وأبو يعلى في مسنده.
* وقال زهير بن أبي سلمى:
من هاب أسباب المنايا ينلنه .. ولو رام أسباب السماء بسلمِ.
ولو كان الامتناع مستحيلاً من كل وجه (والامتناع لا يعني الاستحالة) لما أقسم عليه النبيء صلى الله عليه وسلم.. ولا أخال النبيء صلى الله عليه وسلم يغرق في المبالغة إلى حد مبالغات الشعراء .
- العبرة بطلاقة اللفظ لا بخصوص التفسير الزمنيّ المرتبط بالرأي.. وهي قاعدة قوية من قواعد فهم القرآن وفهم كل كلام.. والخطاب القرآني ( هنا ) آنيّ طليق متجدد الإفادة في كل تلاوة.. يجادل صاحبه كما يجادل عنه.. وليس كتاباً تاريخياً مقيداً ، وإن كان ذلك التاريخ الموافق لتنزل القرآن ليس ككل تاريخ .. هو تاريخ منظور إليه بكل عناية في فهم القرآن..
- يجب أن نقر أن الآية ذكرت أن الصعود في السماء يسبب ضيقاً كضيق الكافر من تقبل الهداية.. وأن الصعود في السماء أوضح في الدلالة على الضيق من دلالة ضيق صدر الكافر وحرجه من الهداية ؛ لأن المشبه به أوضح للمخاطب من المشبه، هكذا ينبغي أن يكون.
- لا نلتفت - في بدء الأمر - كثيراً إلى سبب ذلك الضيق.. إلا إذا قارنا بين سبب الضيق والحرج في الصدر من الكفر ، وهو مرحلة متأخرة عن حصول الضيق، وهو عدم دخول نور الهداية بسبب ضيق الكفر.. وسبب الضيق والحرج من التصعد، وهو بسبب قلة ضغط الهواء الذي يضيق أسباب النفس.
- لو رتبنا النظر في وجه الشبه على درجات بحسب الأهمية للمخاطب لكانت كالآتي:
= الدرجة الأولى ( المتبادرة ) : هي الامتناع.
= والدرجة الثانية : نوع الامتناع . وهو ليس امتناع استحالة..
= الدرجة الثالثة : أسباب ذلك الامتناع. وهو مقيد بالطاقة البشرية..
وهي شبيهة بالعلل الأوائل والثواني والثوالث.. والمعول على الأولى ولا شكّ.. ولا إلغاء إلا بشهادة شرعية تلغي مصلحة الإثبات.
وكلها - والله أعلم - داخلة في عموم ألفاظ كلام الله ولوازمه، لأن لوازم الكتاب مقصودة، بخلاف لوازم كلام الناس.
- لا زالت كتب التفسير لا تنتهي عن إيراد ما يستملح من معان قريبة من دلالة الآية أو بعيدة عنها.. ولا نكير ولا تهمة ولا تحكّم..
- وكل يعرف أن القرآن فيه من المعاني المكنوزة أضعاف ما يظنه قراؤه العقلاء.. فلا داعي لحجر الواسع عليهم فيما دعاهم الله إليه من التدبر والاعتبار وإنعام النظر فيه حالّين مرتحلين..
والله أعلم..
 
مدارسة علمية جميلة فتحت أبوابا عديدة من العلم والفهم ..
ومثّلت أنموذجا لأدب النقاش..
وفقكم الله جميعا.
 
عودة
أعلى