اللهم وَلِيَدَيْهِ فاغفر !

إنضم
01/05/2010
المشاركات
172
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الطائف / حي السداد
لما هاجر النبي صل1 إلى المدينة هاجر إليه الطفيل بن عمرو ، وهاجر معه رجل من قومه ، فمرض فجزع ، فأخذ مشاقص له فقطع بها أصابعه فشخبت يداه حتى مات ، فرآه الطفيل بن عمرو في منامه فرآه وهيئته حسنة ، ورآه مغطيا يديه ، فقال : ما صنع بك ربك ؟ فقال : غفرلي بهجرتي إلى نبيه صل1 فقال : مالي أراك مغطيا يديك ؟ قال : قيل لي : لن نصلح منك ما أفسدت . فقصها الطفيل على رسول الله صل1 ، فقال : اللهم وليديه فاغفر .
هذه الحادثة التي وقعت في عهد النبي صل1 فيها عبر ودلالات كثيرة ، منها : -
1- تحريم قتل النفس مهما كانت الظروف ، وبيان أنه من أكثر الذنوب إقتضاء لحصول وعيده مهما كانت الحسنات المعارضة ؛فهذا صحابي ومهاجر ومع ذلك عذب على قتل نفسه !
2- أن صاحب هذه الكبيرة لم يكفر بما فعله ؛ولهذا استغفر له النبي صل1 ودعا له . وفي هذا دلالة على أن صاحب الكبيرة مهما عظمت كبيرته لايخرج من الإسلام خلافا لمن كفره من أهل البدع أو جعله في منزلة بين المنزلتين !
3- صحة مذهب أهل السنة في القطع بإنفاذ وعيد بعض أهل الكبائر خلافا لمن جوز العفو عنهم كلهم من المرجئة ؛فإن هذا مخالف لقوله تعالى (((ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ))) فأخبر أن مغفرته تقع لبعض دون بعض ، وهكذا نصوص الشفاعة المتواترة فإنها صريحة في إنفاذ وعيد بعض أهل الكبائر ! ولكن ينبغي عدم الخلط بين إنفاذ الوعيد وإثباته على سبيل الدوام ؛ فإن أهل السنة مجمعون على أنه لايخلد في النار أحد من أهل التوحيد مهما عظمت كبيرته .
4 - أهمية الرؤى في الإسلام وأنها قد تكون سببا لثبوت بعض الأحكام الشرعية ؛ فالنبي صل1 إنما شفع ودعا بسبب رؤيا الطفيل . ولكن ينبغي الاحتياط في هذا الباب بعد عصر النبوة ؛ فلا يعول على رؤيا تعارض ما استقر من الشريعة .
5- إثبات شفاعة النبي صل1 في أهل الكبائر ، وأنها قد تكون في الدنيا كما في هذا الحديث ، وقد تكون في الآخرة ؛ وهو الأعظم والأشمل ؛ لحديث ((( إني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي ، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لايشرك بالله شيئا ))) ! ولكن هل تكون قبل إنفاذ وعيد الكبيرة ؟ هذا محل توقف فيه ابن القيم ؛ لأنه لم يظفر بنص صحيح يدل على حصولها قبل العقوبة ، وكل حديث في الشفاعة في أهل الكبائر إنما يدل على حصولها بعد العقاب . والله أعلم .
 
أهمية الرؤى في الإسلام وأنها قد تكون سببا لثبوت بعض الأحكام الشرعية

أما وحدها غير رؤى الأنبياء = فلا..

وإنما يجب اقترانها إما بغيرها من الحجج،أو تواطؤ رؤى المؤمنين..
 
جزاك الله خيراً يا أستاذنا الكريم د. عيسى على هذه الفوائد والدرر التي تكرمنا بها . زادك الله علماً .

وبخصوص تعليق أبي فهر، بودي أن أضيف إضافة بسيطة توضيحية لكلام د. عيسى _ وليأذن لي شيخنا د. عيسى _فأقول:
1/ إن كلام الشيخ عيسى كلام دقيق ومفصَّل، فقد ذكر أن الرؤى تكون سبباً لثبوت بعض الأحكام وليست هي المشرِّعة لذلك الحكم، وإنما سبب فحسب، وأمثلتها كثيرة، وهي كبعض أفعال الصحابة التي قد تكون سبباً لثبوت بعض الأحكام الشريعة فما الفرق بين ما يفعله الصحابي أو يراه في عصر التشريع فيكون سبباً لحكم شرعي ؟!
فالرؤى إذن ليست مصدراً أو أصلاً مستقلاً للأحكام الشرعية. وهذا إنما يكون في عصر النبوة وقد انقضى.
2/ الموقف الشرعي من الرؤى بعد عصر النبوة هو التحري والاحتياط فإنما هي مبشرة أومنذرة فلا يعول عليها في الأحكام الشرعية. وعليه فلا حجة لما يفعله بعض المتصوفة وغيرهم من التعلق بالرؤى.

أهمية الرؤى في الإسلام وأنها قد تكون سببا لثبوت بعض الأحكام الشرعية ؛ فالنبي صل1 إنما شفع ودعا بسبب رؤيا الطفيل . ولكن ينبغي الاحتياط في هذا الباب بعد عصر النبوة ؛ فلا يعول على رؤيا تعارض ما استقر من الشريعة
 
بارك الله فيك أخي حاتم..

ولا أظن هذا مراد الشيخ وإلا لما كان هناك داع لقوله :

فلا يعول على رؤيا تعارض ما استقر من الشريعة

فالمعارضة إنما تكون بين الحجج لا بين الأسباب على المعنى الذي ذهبتَ إليه..

ومع ذلك : فالرؤى عند أهل السنة من جنس الحجج وليس هذا القول مختصاً بالصوفية،ولكن يضبطها عند أهل السنة ما ذكرتُ..
 
بلى هذا مرادي أبا فهر وكلامي واضح فالرؤى في عصر النبوة قد تكون سببا لتشريع بعض الأحكام كما حصل في قصة تشريع الآذان أما بعد عصر النبوة فالرؤيا إنما يستأنس بها إذا لم تعارض حكما شرعيا ! وهذا أمر بدهي معروف وكلامي واضح ولكن للأسف بدا لي من خلال تعليقاتكم أكثر من مرة أنكم إنما تبحثون عن العثرات وتحملون الكلام مالايحتمل وليس هذا شأن المنصف من أهل العلم فحسبنا الله ونعم الوكيل
 
ولكن للأسف بدا لي من خلال تعليقاتكم أكثر من مرة أنكم إنما تبحثون عن العثرات وتحملون الكلام مالايحتمل وليس هذا شأن المنصف من أهل العلم فحسبنا الله ونعم الوكيل

بارك الله فيكم..

لو طرحت ما بدا لك مما آخر أمره حدس وتخمين وتسور على قلوب الخلق بلا حجة ولا برهان إلا ما يلقيه الشيطان = لكان أجمل بك وأحسن وأعون على صلاح ذات البين..

وليس بيني وبينك وغيرك ما يحملني على تتبع عثراته،ولكن الدين النصيحة،فأنا وأنت وهو وهي نرى في كتابات الناس ما نطمئن إلى خطئه وإلى وجوب تصحيحه وكشفه،فنقول ونبين وقد يُظن إصابتنا فنشكر،أو يظن خطؤنا فنرد عنه بالحجة..

وهذا أمر لابد أن يحتمله من تصدر للكتابة -خاصة في المنتديات- التي تكثر فيها فرص المعارضة والنقاش،ومن لم يحتمل هذا = فلا أقل من ألا يلغ في اتهام نيات إخوانه..


وكان يكفيك يا سيدنا الشيخ أن تبين مقصدك وتكشف إيهام عبارتك ((فلا يعول على رؤيا تعارض ما استقر من الشريعة)) والتي لا يفهم منها عارف بالأصول إلا أنك تتحدث عن حجة الرؤيا مالم تعارض ،خاصة وقد عرت عبارتك عن لفظ الاستئناس التي استدركت عبارتك به في مشاركتك الأخيرة،وما كان بدهياً عندك وأنت تلقي عبارتك،لا يلزم أن يصل إلى القارئ كما هو إلا إن وفيتَ العبارة حقها،فإن لم تفعل ووجدنا فيها ما يوهم غير الصواب البدهي = وجب علينا النصح والبيان..

وكان هذا هو سبيل العلم وأهله،ولكني وأنت وغيرنا نحيد عنه فلا نحسن..

ولا أظنك ممن يريد أن يكتب فلا يقال له اخطأت،ولا أحسبك-عدا عبارتك الأخيرة- ممن يعجل لرؤية التخطئة تتبعاً للعثرات وهجوماً على الزلات؛فكلا المسلكين قبيح جداً لا يليق بك كما أحسبك..

غفر الله لي ولك..
 
...

وليس بيني وبينك وغيرك ما يحملني على تتبع عثراته،ولكن الدين النصيحة،فأنا وأنت وهو وهي نرى في كتابات الناس ما نطمئن إلى خطئه وإلى وجوب تصحيحه وكشفه،فنقول ونبين وقد يُظن إصابتنا فنشكر،أو يظن خطؤنا فنرد عنه بالحجة..

وهذا أمر لابد أن يحتمله من تصدر للكتابة -خاصة في المنتديات- التي تكثر فيها فرص المعارضة والنقاش،ومن لم يحتمل هذا
= فلا أقل من ألا يلغ في اتهام نيات إخوانه ..
...
غفر الله لي ولك..

فتح الله عليكم يا أبا فهر وجزاكم خيراً .

ولأجل ذلك أكتب ما توصل إليه فهمي على المنتديات

وإني لتعليقاتكم على مشاركاتي بالأشواق ..
 
بارك الله فيكم دكتور عيسى أما بخصوص التعليقات، فمعلوم بارك الله فيكم أن التشريع انتهى بقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل تشريع بعده فهو بدعة؛ فقول الشيخ السعدي قد تكون سببا لثبوت بعض الأحكام الشرعية واضح في القصر والحصر على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلا داعي لذكر سواه من الأنبياء، فضلا عمن دونهم من الصالحين، لكن هذه المشاركة الطيبة أثارت عندي تساؤلات:
2- أن صاحب هذه الكبيرة لم يكفر بما فعله ؛ولهذا استغفر له النبي صل1 ودعا له . وفي هذا دلالة على أن صاحب الكبيرة مهما عظمت كبيرته لايخرج من الإسلام خلافا لمن كفره من أهل البدع أو جعله في منزلة بين المنزلتين !
ألا يقال: هذي حالة خاصة؟ وليس صحابة رسول الله كمن سواهم، واستغفار رسول الله يكفيه. أما من انتحر، فإن لم نكفره فهل يجوز الصلاة عليه؟ وبالتالي دفنه في مقابر المسلمين؟ ومثله المسؤول الفاسد إذا هلك، والمجاهر بالمعصية؟
3- صحة مذهب أهل السنة في القطع بإنفاذ وعيد بعض أهل الكبائر خلافا لمن جوز العفو عنهم كلهم من المرجئة ؛فإن هذا مخالف لقوله تعالى (((ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ))) فأخبر أن مغفرته تقع لبعض دون بعض ، وهكذا نصوص الشفاعة المتواترة فإنها صريحة في إنفاذ وعيد بعض أهل الكبائر ! ولكن ينبغي عدم الخلط بين إنفاذ الوعيد وإثباته على سبيل الدوام ؛ فإن أهل السنة مجمعون على أنه لايخلد في النار أحد من أهل التوحيد مهما عظمت كبيرته .
هل ينطبق هذا على المسؤولين الفاسدين، ممن اتخذوا عباد الله خولا، ومال الله دولا، فكأنهم ورثوه عن آبائهم. ثم إذا تقاعدوا، حجوا واعتمروا، وأقاموا مشاريع الخير، وبنوا المساجد، ويشهد لهم من حضر موتهم أنهم تشهدوا قبل الغرغرة؟ أينجون من العذاب؟ لا شك أنهم ليسوا مستحقين لشفاعة رسول الله. خاصة أنهم أفقروا الملايين في سبيل إغناء المئات. وأما أصحاب الكبائر المغفور لهم، أليسوا من قصروا فيما بينهم وبين الله، من صلاة وصيام..؟أما حقوق الناس، فديوان لا ينظر الله إليه، ولا يعبأ به؟ وأما من نهب أموال الدولة، ثم مات وأورثها فكيف يرجى له المغفرة؟ أليس الإصلاح شرطا في قبول التوبة، كما قال ربنا {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }البقرة160 ذلك أنا كلما ذكرنا مساوئهم جاء المرجئة والمنتفعة بالحديث الضعيف " اذكروا محاسن موتاكم " وقالوا لنا: ليست مفاتيح الجنة والنار بأيديكم. أليس مقتضى اسم الله العدل أن يعذبوا بقدر سرقاتهم وفسادهم، ثم قد أقول قد يدخلون الجنة في آخر المطاف إذا كانوا موحدين؟ وليسوا من جماعة مدد يا حسين، مدد يا بدوي وقد خطر لي أن أفسر قوله صل1" وليديه " من الناحية اللغوية، فأقول: من عادة العرب إذا أرادت التعبير عن أهمية شيء أن تنسبه إلى نفسها، فتستخدم ضمير المتكلم ( الياء ) كما في " وليدي " وهذا ليس خاصا بالعربية، بل هو معروف في اللغات الأوربية أيضا؛ ويحدث هذا بإضافة العلم إلى ما يقابل ياء المتكلم، كما في الإنجليزية " my Jack " ومعناه " جاكي " وهو يدل هنا وهناك على التحبب أما الهاء فقد نتجت عن مطل الألف فأصله " وليديا " كما في قوله تعالى مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ{28} هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ{29} الحاقة. وهو يدل على الأسف والندم، أو الندبة والاستغاثة - حسب السياق - والخلاصة: أنه يدل على مكانة هذا الشخص عند رسول الله، سواء أقصد أنه مثل ( وليده: ابنه ) أم كان اسمه ( وليد ) فنسبه إلى نفسه صلى الله عليه وسلم
وأخيرا إليكم هذي الطرفة من ( العقد الفريد ) لها تعلق بالموضوع، وأظنها ستعجبكم
كان بين شريك القاضي والربيع حاجب المهدي معارضة، فكان الربيع يحمل عليه المهدي، فلا يلتفت إليه، حتى رأى المهدي في منامه شريكاً القاضي مصروفاً وجهه عنه، فلما استيقظ من نومه دعا الربيع، وقص عليه رؤياه؛ فقال: يا أمير المؤمنين، إن شريكاً مخالف لك وإنه فاطمي محض؛ قال المهدي: علي به فلما دخل عليه، قال له: يا شريك، بلغني أنك فاطمي، قال له شريك: أعيذك بالله يا أمير المؤمنين أن تكون غير فاطمي، إلا أن تعني فاطمة بنت كسرى؛ قال: ولكني أعني فاطمة بنت محمد صل1 قال: أفتلعنها يا أمير المؤمنين؟ قال: معاذ الله؛ فماذا تقول فيما يلعنها؟ قال: عليه لعنة الله؛ قال: فالعن هذا - يعني الربيع - فإنه يلعنها، فعليه لعنة الله؛ قال الربيع: لا والله يا أمير المؤمنين ما ألعنها؛ قال له شريك: يا ماجن فما ذكرك لسيدة نساء العالمين، وابنة سيد المرسلين في مجالس الرجال؟ قال المهدي: دعني من هذا، فإني رأيتك في منامي كأن وجهك مصروف عني وقفاك إلي، وما ذلك إلا بخلافك علي، ورأيت في منامي كأن أقتل زنديقاً؛ قال شريك:إن رؤياك يا أمير المؤمنين ليست برؤيا يوسف الصديق صلوات الله على محمد وعليه، وإن الدماء لا تستحل بالأحلام، وإن علامة الزندقة بينة؛ قال: وما هي؟ قال: شرب الخمر والرشا في الحكم ومهر البغي؛ قال: صدقت والله أبا عبد الله، أنت والله خير من الذي حملني عليك. ودخل شريك القاضي على المهدي فقال له الربيع: خنت مال الله ومال أمير المؤمنين؛ قال: لو كان ذلك لأتاك سهمك.
 
هل ينطبق هذا على المسؤولين الفاسدين، ممن اتخذوا عباد الله خولا، ومال الله دولا، فكأنهم ورثوه عن آبائهم. ثم إذا تقاعدوا، حجوا واعتمروا، وأقاموا مشاريع الخير، وبنوا المساجد، ويشهد لهم من حضر موتهم أنهم تشهدوا قبل الغرغرة؟ أينجون من العذاب؟ لا شك أنهم ليسوا مستحقين لشفاعة رسول الله. خاصة أنهم أفقروا الملايين في سبيل إغناء المئات. وأما أصحاب الكبائر المغفور لهم، أليسوا من قصروا فيما بينهم وبين الله، من صلاة وصيام..؟أما حقوق الناس، فديوان لا ينظر الله إليه، ولا يعبأ به؟ وأما من نهب أموال الدولة، ثم مات وأورثها فكيف يرجى له المغفرة؟
أليس الإصلاح شرطا في قبول التوبة، كما قال ربنا {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }البقرة160 ذلك أنا كلما ذكرنا مساوئهم جاء المرجئة والمنتفعة بالحديث الضعيف " اذكروا محاسن موتاكم " وقالوا لنا: ليست مفاتيح الجنة والنار بأيديكم. أليس مقتضى اسم الله العدل أن يعذبوا بقدر سرقاتهم وفسادهم، ثم قد أقول قد يدخلون الجنة في آخر المطاف إذا كانوا موحدين؟ وليسوا من جماعة مدد يا حسين، مدد يا بدوي
لا يستثنى أحد ممن قال لا إله إلا الله مخلصا بها قلبه من الشفاعة , ورحمة الله أوسع لنا من عملنا , والتوبة مفتوحة الى أن تطلع الشمس من مغربها ,أو غرغرة النفس .
 
لا يستثنى أحد ممن قال لا إله إلا الله مخلصا بها قلبه من الشفاعة , ورحمة الله أوسع لنا من عملنا , والتوبة مفتوحة الى أن تطلع الشمس من مغربها ,أو غرغرة النفس .
لا أريد الخروج عن الموضوع
لكن هذا القول غير مسلم فيما يتعلق بحقوق الناس
وللتوبة شروط لا بد من توفرها وتحققها جميعا، وإلا وقعنا في الإرجاء، وناقضنا اسم العدل
وننتظر التعليقات
 
عند أهل السنة: مسلما بالشفاعة ,والإرجاء هو أن يقال أن العمل لا يضر مع التصديق ,ولكن دخول الإنسان النار هو من العقوبة التي ينالها أهل الكبائر . وقد ذكر ذلك الترمذي في سننه فقال :" قَالَ أَبُو عِيسَى وَوَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أَهْلَ التَّوْحِيدِ سَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَإِنْ عُذِّبُوا بِالنَّارِ بِذُنُوبِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي ذَرٍّ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ سَيَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ النَّارِ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ التَّابِعِينَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ
{ رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ }
قَالُوا إِذَا أُخْرِجَ أَهْلُ التَّوْحِيدِ مِنْ النَّارِ وَأُدْخِلُوا الْجَنَّةَ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ" سنن الترمذي - (ج 9 / ص 231)
أما العدل فليس هذا ميزانه ,بل أصله لو أن الله عذب أهل الأرض لما كان ظالما لهم ,ولو رحمهم لكانت رحمته أفضل من كل أعمالهم . والرحمة والمغفرة لا تكون ظلما لأحد .
"عَنْ جُنْدَبٍ:أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلَانٍ وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ مَنْ ذَا الَّذِي يَتَأَلَّى عَلَيَّ أَنْ لَا أَغْفِرَ لِفُلَانٍ فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلَانٍ وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ أَوْ كَمَا قَالَ"صحيح مسلم - (ج 13 / ص 58)

"وعن ابن الديلمي قال : أتيت أبي بن كعب فقلت له : قد وقع في نفسي شيء من القدر فحدثني بشيء لعل الله أن يذهبه من قلبي قال لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه عذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم ولو أنفقت مثل أحد ذهبا في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ولو مت على غير هذا لدخلت النار قال ثم أتيت عبد الله بن مسعود فقال مثل ذلك قال ثم أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك قال ثم أتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك "رواه أحمد وابو داود
 
الأخ الكريم رصين الرصين أشكرك على دعائك واهتمامك وهديتك الطريفة وأود أن أعلق على ماذكرتموه بعدة أمور :-
1- الأصل في النصوص العموم ولايصح قصر النص على صحابي بعينة إلابدليل يخصه بالحكم ؛ كحديث أبي بردة بن نيار (اجعلها مكانها - أي العناق - ولن تجزئ عن أحد بعدك )؛ وحينئذ يسري حكم حديث الطفيل على كل منتحر فلا يكفر بذنبه وإن كنا نخشى عليه خشية شديدة ؛ لعظم جرمه وإثمه .
2- أن للإمام الأعظم أن يترك الصلاة على من قتل نفسه كما يتركها على الغال ومن عليه دين ؛ ولكنه يتركها تعزيرا لاتكفيرا ؛ ولهذا يدفن في مقابر المسلين ، ويصلي عليه أهله ؛ كما في حديث صلوا على صاحبكم ، ويقسم ميراثه على أهله .
3- أن شفاعة الرسول عامة لكل موحد كما في حديث (فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لايشرك بالله شيئا ) فهذا عموم محفوظ لايستثنى منه أحد من الموحدين لا المنتحر ولا المسؤول الفاسد ولا المجاهر بالمعصية ولاغيرهم إلابدليل . نعم ورد عند البيهقي وغيره استثناء بعض الظلمة والغلاة من الشفاعة ولكن الحديث ضعيف لاتقوم به حجة وعلى تقدير احتماله للتحسين بتعدد الطرق فيمكن حمله على بعض صور الشفاعة في الجنة فإن شفاعة النبي لاتختص بدرء العقاب بل تكون أيضا في زيادة الثواب كما هو معروف .
4- أن شفاعة النبي منوطة بالتوحيد وجودا وعدما وتحقيق هذا الشرط ليس يسيرا كما يتخيله كثير من الناس ؛ فالشهادة ليست مجرد كلمة تنطق باللسان ؛ وإنما هي قول وعمل ؛ فمن لم ينف مانفت من الشرك ويثبت ما أثبتت من التوحيد فلاقيمة لشهادته . وقد ورد في كلامكم إشارة لطيفة لذلك (وليسوا من جماعة مدد يا حسين، مدد يا بدوي ) ؛ فمن نطق بالشهادة وهو يدعو غير الله فيما لايقدر عليه إلا الله ، أويذبح لغير الله بنية التقرب والتعبد له ، أويصرف نوعا أو فردا من العبادة لغير الله ؛ كما هو حال كثير من الناس ! فهذا الضرب ماقيمة شهادته وهويناقضها روحها وحقيقتها بتصرفاته وأفعاله !
5- إثبات الشفاعة على وجه العموم لكل موحد لايستلزم الإرجاء ولاالتهاون في شأن أرباب الكبائر ؛ لأن الشفاعة قد تحصل ابتداء وقد تحصل بعد تعذيب على أن بعض أهل السنة قطع بأنها إنما تحصل بعد العذاب ؛ وحينئذ فغمسة واحدة في النار تنسي أنعم أهل الدنيا كل نعيم كان فيه . فمابالك إذا كان الحال أعظم من ذلك بكثير ! وأن منهم من تصيبه النار حتى يكون فحما فإذا أذن فيهم بالشفاعة جيئ بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة ثم قيل : ياأهل الجنة أفيضوا عليهم فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل !!! أليس هذا الوعيد الهائل كافيا في عقاب عصاة الموحدين مهما كان جرمهم !
6- أنا نرجو المغفرة لبعض أصحاب الكبائر لا كلهم ولكنا نقطع بعدم خلود أحد منهم في النار ؛ وهذا الحكم لايختص بحق الله بل يعم حق العباد الخاص والعام ، ولكن مايتعلق بحق الله أدنى للمغفرة ومايتعلق بحق العباد أدنى إلى المؤاخذة وقد يغفر ببعض الحسنات الماحية ؛ كالحج المبرور فقد صح أن الله يتحمل عن صاحبه التبعات وقد ألف ابن حجر كتابا مفردا في ذلك سماه (قوة الحجاج في عموم المغفرة للحجاج )! ولكن الشرط شديد ، وبر الحج ليس سهلا ، ومن شرطه الا يكون بمال حرام ....الخ ؛ ولهذا قيل لبعض السلف الحاج كثير قال الداج كثير والحاج قليل ! وكذلك قد يتحمل الله التبعات بالنوايا الصالحة كما في حديث من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه .
7- أن مغفرة الكبيرة عند أهل السنة لاتكون بمجرد التوبة كما ذكرتم ولكنها تكون بأمور كثيرة بعضها من العبد ؛ كالحسنات الماحية ؛ وهي المقبولة قبول رضا أو قبول ثواب ؛ وبعضها من الخلق ؛ كالدعاء والشفاعة ؛ وبعضها من الله ؛ كالمصائب المكفرة والعفو المحض بلا سبب من العباد ! وهذا يقوي رجاء العبد لنفسه ولغيره دون أن يصل به إلى الإرجاء ؛ لأنه ينظر بعينه الأخرى إلى محبطات الأعمال ؛ ومن جملتها الكبائر عند المحقيين من أهل السنة ؛ فإن الكبيرة تحبط مايعادلها من الحسنات ؛ فالربا مثلا يبطل حسنة الجهاد وهكذا ! وهو جانب خطر يغفل عنه كثير من الناس نظريا وعمليا ، ولكن ينبغي التنبه إلى ماقرره ابن رجب من الفرق بين مذهب أهل السنة والوعيدية في الإحباط ؛ فالوعيدية يحبطون الإيمان بالكبيرة وأهل السنة يجعلون الإحباط في العمل دون الإيمان !
8- وهكذا نرى أن الله كما جعل للكبيرة مايقتضي غفرانها فقد جعل للحسنات ماقديذهب ثوابها ؛ ليبقى المرء دائرا بين خوف العقاب ورجاء الثواب دون أن يستقل به أحدهما ! وليس المقام سهلا ولايستبين لكل أحد حتى إن ابن القيم وقف في هذا الموضع طويلا ثم قرر في الوابل الصيب أن الذي تحرر عنده أن الحسنات والسيئات تتدافع وتتقابل فأيهما غلب كان التأثيرله !
9- ذكر الأخ رصين اسم العدل وأن موجبه مؤاخذة المجرم بجرمه ! وهذا حق ولكن يجب النظر مع ذلك لجانب الفضل ؛ وأن من مقتضى أسمائه الحلم والعفو والمغفرة كما أن من مقتضاها العقاب والقهر والبطش والانتقام ؛ ! والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
 
هكذا يكون الجواب تفصيليا وإلا فلا
بارك الله فيكم دكتور ونفع بكم، وغفرلنا ولكم
 
عودة
أعلى