الكنَّاشة الرمضانية

محمد العبادي

مشارك فعال
إنضم
30/09/2003
المشاركات
2,157
مستوى التفاعل
2
النقاط
38
الإقامة
الخُبر
الموقع الالكتروني
www.tafsir.net
الكناشة: هي مجموعة من أوراق تكون كالدفتر يكتب عليها كل شاردة وواردة.

رمضان هو شهر القرآن، ونحن في ملتقى أهل التفسير، وكل منا أثناء قراءته أو استماعه للقرآن الكريم تظهر له وتلوح بعض الاستنباطات أو الإشكالات التي يكون كثير منها دقيقا وناتجا عن تدبر..
ومن التفريط تفويت مثل هذه الأمور دون تقييد..

من هنا جاءت هذه الفكرة بتخصيص هذا الموضوع ليكون كُنَّاشة لهذه التأملات والاستنباطات والإشكالات التي تظهر لكل منا أثناء قراءته أو استماعه لكتاب الله الكريم..
والتي أرجو أن يخرج منها الجميع بثمرات طيبة وفوائد ثمينة..

وفقني الله وإياكم لكل خير

مكة المكرمة
سحر اليوم الأول من رمضان 1430هـ
 
بارك الله فيك يا أبا إبراهيم وتقبل منك .

ولعلنا نجعل هذا الموضوع للأسئلة التي تعرض لنا أثناء القراءة ، أو فوائد تعرض أو أفكار ، والغاية هي الإفادة والفائدة التي تحصل للجميع بإذن الله .

أولاً : في قوله تعالى :(وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191)) . لماذا عبر أولاً بقوله :( عند المسجد الحرام) وبعدها قال :(حتى يقاتلوكم فيه) .. لماذا لم يكن نظم الكلام :
وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ عنده .
أو
وَلا تُقَاتِلُوهُمْ في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فيه .


ثانياً :
لماذا قال : (فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ) ، ولم يقل : فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فقاتلوهم ؟
أو
فَإِنْ قَتلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ؟

ثالثاً : لفت نظري في سورة البقرة كثرة مخالفة رسم المصحف العثماني للإملائي في كثير من الكلمات (نعمت - رحمت - إبراهم ) فهل يُمكنُ لبعض الباحثين أن يجمعَ هذه الظواهر الموجودة في سورة البقرة خصوصاً ، ويدرسها بوجه خاص ، وعلاقة ذلك بهذه السورة ؟
قد تكون فكرة بحثية مناسبة .

رابعاً : في سؤال الملائكة :(قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) إشارةٌ إلى أنَّ آدم سيكون من لحمٍ ودم (وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) . فكيف عرف الملائكة ذلك ؟ وهذا السؤال أخبرني به الدكتور مساعد الطيار عن أحد السائلين في حلقة من حلقات (بينات) ولا أدري هل ذلك أثناء التسجيل أم بين الحلقات .

خامساً : من الفوائد التي ظهرت لي أثناء القراءة أن الله لم يذكر القتل في حق رسول من الرسل أصحاب الكتب، وإنما ذكره في حق بعض الأنبياء .
وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) البقرة
قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91) البقرة
وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) آل عمران
فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ (155) النساء
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) آل عمران
وغيرها ربما ، ولعل الحكمة في ذلك أن الرسلَ الذين جاءوا برسالات وشرائع جديدة معصومون من القتل بعصمة الله لهم وحفظه ، فلا يصل إليهم الأعداء . وأما الأنبياء الذين يأتون ليجددوا رسالات السابقين فقد يقتلون والله أعلم .
ولم أجد آية يمكن أن تخرم هذا الاستقراء إلا قوله تعالى :(قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183)
والرسل فيها المقصود بهم الأنبياء في الآيات التي قبلها بقليل ، فقد لا تعتبر خارمة لهذا الاستقراء والله أعلم . ولعل مزيد من الاستقراء يصحح هذه المعلومة أو يبطلها .


هذه مجرد خواطر وتساؤلات كتبتها مباشرة دون مراجعة لكتاب ، وقد ظهرت لي بعض التوجيهات التي قد تكون مناسبة ، غير أني لم أرجع فيها لكتاب فآثرتُ تأجيلها ، ولعل أحد الفضلاء يملك جواباً أو ينشط للبحث عن الجواب فنستفيد جميعاً رعاكم الله .

وأعدُك يا أبا إبراهيم أن أتعاهد موضوعك هذا بمثل هذه الأسئلة أو الأفكار التي تعترضي في هذا الشهر الكريم ، رمضان 1430هـ .

السابعة صباح السبت 1 رمضان 1430هـ
 
أولا:
جزاك الله خيرا أخي محمد على هذه النافذة الرمضانية الجميلة وخصوصا بعد تحديد مسار محدد لها من مشرفنا الشيخ عبد الرحمن الشهري

وقد يكون من المناسب تثبيت مثل هذا الموضوع

ثانيا : لي تساؤلات على ماتفضل به الدكتور عبد الرحمن الشهري حفظه الله في الفائدة الخامسة:
خامساً : من الفوائد التي ظهرت لي أثناء القراءة أن الله لم يذكر القتل في حق رسول من الرسل أصحاب الكتب، وإنما ذكره في حق بعض الأنبياء .
وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) البقرة
قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91) البقرة
وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) آل عمران
فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ (155) النساء
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) آل عمران
وغيرها ربما ، ولعل الحكمة في ذلك أن الرسلَ الذين جاءوا برسالات وشرائع جديدة معصومون من القتل بعصمة الله لهم وحفظه ، فلا يصل إليهم الأعداء . وأما الأنبياء الذين يأتون ليجددوا رسالات السابقين فقد يقتلون والله أعلم .
ولم أجد آية يمكن أن تخرم هذا الاستقراء إلا قوله تعالى : (قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183)
والرسل فيها المقصود بهم الأنبياء في الآيات التي قبلها بقليل ، فقد لا تعتبر خارمة لهذا الاستقراء والله أعلم . ولعل مزيد من الاستقراء يصحح هذه المعلومة أو يبطلها .

من الآيات التي ذكر فيها قتل الرسل كذلك: ( أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ) البقرة (87) وبداية سياق الآية ذكر فيها نبي الله موسى وعيسى عليهما السلام.
ومن الآيات كذلك قوله تعالى في سورة المائدة: ( لقد اخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون) آية 70.

ومن التساؤلات التي ترد على ما تفضلتم به قول النبي صلى الله عليه وسلم في مرض وفاته (يا عائشة ما أزال أجد الم الطعام الذي اكلته بخيبر وهذا اوان وجدت انقطاع ابهري من ذلك السم ) وقد استدل بعض الرواة بهذا الحديث انه عليه الصلاة والسلام قتل شهيدا

ألا يدل ما سبق على أن القتل حاصل للرسل والله تعالى أعلم
 
بارك الله فيكم ونفع بعلمكم

استوقفتني في الجزء الأول وأنا أستمع لصلاة التراويح في الحرم المكي قوله تعالى :
( قالوا ادع " لنا " ربك )
ما المعنى الذي أضافته وجود كلمة ( لنا ) ؟
وما الغرض من تقدمها على المفعول به ؟
 
لي عودة بإذن الله بعد التفكير

للتفكير والاستنباط في الآيات لذة خاصة

بارك الله فيكم
 
من الفوائد في سورة الفاتحة حين التأمل تقديم قوله:( الرحمن الرحيم) ودلالة ذلك على قوله:( مالك يوم الدين)
وذلك أن رحمة الله سبقت غضبه
فالرحمة مقدمة هنا بالتعريف على مالك يوم الدين
 
جزى الله الجميع خير الجزاء.

أحببت أن أسير بإذن الله على أجزاء القرآن الكريم، ذاكرا ما يظهر لي من إشكال، ثم أتبعه بجوابه مكتفيا بتفسير الأمام ابن عاشور ومتصرفا بكلامه، وإذا أردت ذكر فائدة فأسبقها بكلمة: (فائدة).

[align=center]الجزء الأول[/align]

لماذا اهتم القرآن في هذه السورة (سورة البقرة) بتوجيه الخطاب إلى بني إسرائيل؟
لأنهم أمثل أمة ذات كتاب مشهور في العالم كله، وهم الأوحداء بوصف (أهل الكتاب) من المتكلمين باللغة العربية الساكنين المدينة وما حولها، وهم أيضا الذين ظهر منهم العناد والنواء لهذا الدين.
والفِرَق المعرضة عن القرآن تنحصر في صنفين: إما مشركين أو متدينين (أي: كتابيين) والمنافقون يدخلون في الثاني، فوعظ المشركين بقوله: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم...) الآيات، ثم ثنى هنا بتوجيه الخطاب إلى أهل الشرائع والكتاب، فبهذا تتم موعظة جميع أصناف الفرق المعرضة.

قوله تعالى: (وأوفوا بعهدي أوفِ بعهدكم) ما هو عهدهم الذي وعدهم الله به؟ ولماذا سماه عهدا؟
عهدهم الذي وعدهم الله به هو الثواب في الآخرة والنصر في الدنيا، وهو استعارة تمثيلية بأن شبه الهيئة الحاصلة من قولهم لما أمرهم الله به وأن لا يقصروا في العمل ومن وعد الله إياهم على ذلك بالثواب بهيئة المتعاهدين على التزام كل منهما بعمل للآخر ووفائه بعهده في عدم الإخلال به فاستعير لهذه الهيئة الكلام المشتمل على قوله: { وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم } وبهذا يتبين وجه استعمال لفظ العهد الثاني في قوله تعالى: { أوف بعهدكم } وتقربه المشاكلة.
لطيفة: من لطائف القرآن في اختيار لفظ "العهد" للاستعارة هنا لتكليف الله تعالى إياهم: أن ذلك خطاب لهم باللفظ المعروف عندهم في كتبهم، فإن التوراة المنزلة على موسى عليه السلام تلقب عندهم بـ"العهد" لأنها وصايات الله تعالى لهم، ولذا عبر عنه في مواضع من القرآن بالميثاق، وهذا من طرق الإعجاز العلمي الذي لا يعرفه إلا علماؤهم وهم أشح به منهم في كل شيء بحيث لا يعرف ذلك إلا خاصة أهل الدين فمجيئه على لسان النبي العربي الأمي دليل على أنه وحي من العلام بالغيوب.

ما مناسبة قوله تعالى: (إن الذين آمنوا والذي هادوا والنصارى ...) الآية لما قبلها وما بعدها؟
توسطت هاته الآية بين آيات ذكر بني إسرائيل بما أنعم الله عليهم وبما قابلوا به تلك النعم من الكفران وقلة الاكتراث، فجاءت معترضة بينها لمناسبة يدركها كل بليغ وهي أن ما تقدم من حكاية سوء مقابلتهم لنعم الله تعالى قد جرَّت عليهم ضرب الذلة والمسكنة ورجوعهم بغضب من الله تعالى عليهم، ولما كان الإنحاء عليهم بذلك من شأنه أن يفزعهم إلى طلب الخلاص من غضب الله تعالى؛ لم يترك الله تعالى عادته مع خلقه من الرحمة بهم وإرادته صلاح حالهم فبين لهم في هاته الآية أن باب الله مفتوح لهم وأن اللجأ إليه أمر هين عليهم وذلك بأن يؤمنوا ويعملوا الصالحات، ومن بديع البلاغة أن قرن معهم في ذلك ذكر بقية من الأمم ليكون ذلك تأنيساً لوحشة اليهود من القوارع السابقة في الآيات الماضية وإنصافاً للصالحين منهم، واعترافاً بفضلهم، وتبشيراً لصالحي الأمم من اليهود وغيرهم الذين مضوا مثل الذين كانوا قبل عيسى وامتثلوا لأنبيائهم، ومثل الحواريين، والموجودين في زمن نزول الآية مثل عبد الله بن سَلاَم وصهيب، فقد وفَّت الآية حق الفريقين من الترغيب والبشارة، وراعت المناسبتيْن للآيات المتقدمة مناسبةَ اقتران الترغيب بالترهيب، ومناسبةَ ذكر الضد بعد الكلام على ضده.

في قوله تعالى: (وإن يأتوكم أسارى تفادوهم..) لماذا ذُكر هذا ضمن ما ذُم به بنوا إسرائيل من إخلاف الميثاق؟
ليس فداء الأسير بمذموم لذاته، ولكن ذمه باعتبار ما قارنه من سبب الفداء، فحَمْل التوبيخ هو مجموع المفاداة مع كون الإخراج محرماً وبعد أن قتلوهم وأخرجوهم. ففي قوله: { وهو محرم عليكم إخراجهم } تشنيع وتبليد لهم إذ توهموا القُربة فيما هو من آثار المعصية أي كيف ترتكبون الجناية وتزعمون أنكم تتقربون بالفداء وإنما الفداء المشروع هو فداء الأسرى من أيدي الأعداء لا من أيديكم فهلا تركتم موجب الفداء؟
وفي الآية دلالةً أن القُربة لا تكون قربة إلا إذا كانت غير ناشئة عن معصية.

فائدة: ظهر لي في مناسبة قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا) مع الآيات التي قبلها، أن فيه تحذير من مشابهة الكفار في أي شيء، والتنفير من سبيلهم، فالتنبيه على مخالفتهم بدقيق الاقوال دليل من باب أولى إلى مخالفتهم فيما هو وراء ذلك من سائر الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.

فائدة: في ذكره تعالى لأحوال الأمم السابقة، وقصه لنا ما حدث مع الأنبياء السابقين، وما وصى به إبراهيم ويعقوب عليهما السلام، وغير ذلك كله مما يبعث في نفس المؤمن الطمأنينة ويشعره ببرد اليقين بهذا الدين العظيم، وأنه دين الأمم الصالحة من قبلنا، وهو الدين الذي كتبه الله وارتضاه لخلقه أجمعين، فيستشعر المؤمن أنه سائر في طريق واحدة قد سار فيها كل من سبقه من الأنبياء والأولياء وعباد الله الأتقياء، فيزداد يقينا وثباتا ورضا واطمئنانا بهذا الدين العظيم.
 
رابعاً : في سؤال الملائكة: (قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) إشارةٌ إلى أنَّ آدم سيكون من لحمٍ ودم (وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) . فكيف عرف الملائكة ذلك ؟

سؤال جميل واستشكال في محله..
وأجاب عنه ابن عاشور بأن الله قد وصف لهم هذا الخليفة، أو أنهم رأوا صورة تركيبه قبل نفخ الروح فيه وبعده، فيكون هذا الخطاب قد وقع بعد خلق آدم، وهذا الثاني هو الأظهر.

وسؤال آخر يترتب على هذا السؤال وهو: كيف عرفوا أنه سيفسد في الأرض ويسفك الدماء؟
قال ابن عاشور: " والأظهر أنهم رأوه بعد نفخ الروح فيه فعلموا أنه تركيب يستطيع صاحبه أن يخرج عن الجبلة إلى الاكتساب وعن الامتثال إلى العصيان ... وإن طبيعة استخدام ذي القوة لقواه قاضية بأنه سيأتي بكل ما تصلح له هذه القوى خيرها وشرها فيحصل فعل مختلط من صالح وسيء، ومجرد مشاهدة الملائكة لهذا المخلوق العجيب المراد جعله خليفة في الأرض كاف في إحاطتهم بما يشتمل عليه من عجائب الصفات على نحو ما سيظهر منها في الخارج لأن مداركهم غاية في السمو لسلامتها من كدرات المادة، وإذا كان أفراد البشر يتفاوتون في الشعور بالخفيات، وفي توجه نورانية النفوس إلى المعلومات، وفي التوسم والتفرس في الذوات بمقدار تفاوتهم في صفات النفس جبلية واكتسابية ولدنية التي أعلاها النبوة، فما ظنك بالنفوس الملكية البحتة؟

وفي هذا ما يغنيك عما تكلف له بعض المفسرين من وجه اطلاع الملائكة على صفات الإنسان قبل بدوها منه من توقيف واطلاع على ما في اللوح أي علم الله، أو قياس على أمة تقدمت وانقرضت، أو قياس على الوحوش المفترسة إذ كانت قد وجدت على الأرض قبل خلق آدم كما في سفر التكوين من التوراة. وبه أيضاً تعلم أن حكم الملائكة هذا على ما يتوقع هذا الخلق من البشر لم يلاحظ فيه واحد دون آخر، لأنه حكم عليهم قبل صدور الأفعال منهم وإنما هو حكم بما يصلحون له بالقوة، فلا يدل ذلك على أن حكمهم هذا على بني آدم دون آدم حيث لم يفسد، لأن في هذا القول غفلة عما ذكرناه من البيان " ا.هـ.
 
جزاك الله خيرا على هذا الموضوع

وهذه بعض التأملات والاستنباطات من الآيات:

- حكى الله عن الفتية أصحاب الكهف أنهم قالوا: < فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا)
تأمل تفائلهم وحسن ظنهم بالله رغم أن المعطيات المادية لا تبشر بخير فالكهف مظنة الضيق والجوع والوحشة، فكان الله عند ظنهم الحسن فحفظهم وخلد ذكرهم..فما أحوجنا إلى تذكر هذا المعنى عند المصائب والمضائق والحوائج.


- وصف الله المنافقين يوم أحد بأنهم (طائفة قد أهمتهم أنفسهم)
ويستفاد منه بأن التفكير والاشتغال في المصالح الشخصية فحسب في وقت الشأن العام الذي يحتاج إلى تكاتف الجهود هو من صفات المنافقين، ومن فعل ذلك فقد عرّض نفسه للخذلان كما خذل الله المنافقين فلم يغشهم النعاس المورث للطمأنينة كما غشي المؤمنين.


- (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا)
كلما قويت عبودية الله في قلب المؤمن ضعف سلطان الشيطان عليه فتنشط النفس للطاعة وتنزجر عن المعصية بلا مجاهدة تذكر، وهذه بشارة عظيمة ووصفة ربانية لتقليص نفوذ الشيطان على القلوب.

- إذا عصى العبد ربه فقد:
1. سهّل الطريق أمام الشيطان ليجرّه إلى معصية أخرى ( إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا )
2. حرم نفسه باباً من أبوب تثبيت الله له على الحق ( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشدّ تثبيتاً ).
 
[align=center]الجزء الثاني[/align]
ما مناسبة قوله تعالى: (سيقول السفهاء من الناس..) لما قبلها وما بعدها من الآيات؟
مناسبة وقوع هذه الآية هنا مناسبةٌ بديعة وهي أن الآيات التي قبلها تكرر فيها التنويه بإبراهيم وملته، والكعبة وأن من يرغب عنها قد سفِه نفسه، فكانت مثاراً لأن يقول المشركون، ما ولَّى محمداً وأتباعه عن قبلتهم التي كانوا عليها بمكة أي استقبال الكعبة مع أنه يقول إنه على ملة إبراهيم ويأبى عن إتباع اليهودية والنصرانية، فكيف ترك قبلة إبراهيم واستقبل بيت المقدس؟ ولأنه قد تكررت الإشارة في الآيات السابقة إلى هذا الغرض بقوله: { ولله المشرق والمغرب } وقوله: { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم} وقد علم الله ذلك منهم فأنبأ رسوله بقولهم وأتى فيه بهذا الموقع العجيب وهو أن جعله بعد الآيات المثيرة له وقبل الآيات التي أُنزلت إليه في نسخ استقبال بيت المقدس والأمر بالتوجه في الصلاة إلى جهة الكعبة، لئلا يكون القرآن الذي فيه الأمر باستقبال الكعبة نازلاً بعد مقالة المشركين فيشمخوا بأنوفهم يقولون غيَّر محمد قبلته من أجل اعتراضنا عليه فكان لموضع هذه الآية هنا أفضل تمكن وأوثق ربط، وبهذا يظهر وجه نزولها قبل آية النسخ وهي قوله: { قد نرى تقلب وجهك في السماء } الآيات، لأن مقالة المشركين أو توقُّعَها حاصل قبل نسخ استقبال بيت المقدس وناشئ عن التنويه بملة إبراهيم والكعبة.

تكرر الأمر بالتوجه إلى الكعبة أكثر من مرة (ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام...)، فما الغرض من هذا التكرار؟ وما علاقة هذه الأوامر بالآيات التي فَصَلت بين كل أمر وآخر؟
قد تكرر الأمر باستقبال النبي الكعبة ثلاث مرات، وتكرر الأمر باستقبال المسلمين الكعبةَ مرتين. وتكرر أنَّه الحقُّ ثلاث مرات، وتكرر تعميم الجهات ثلاث مرات، والقصد من ذلك كله التنويه بشأن استقبال الكعبة والتحذير من تطرق التساهل في ذلك تقريراً للحق في نفوس المسلمين، وزيادةً في الرد على المنكرين ... وقد ذكر في خلال ذلك من بيان فوائد هذا التحويل وما حَفَّ به، ما يدفع قليل السآمة العارضةِ لسماع التكرار، فذُكر قوله: { وإنه للحق من ربك وما الله بغافل } الخ، وذُكر قوله: { لئلا يكون للناس } الخ.

بم وقع التشبيه بالكاف في قوله تعالى: (كما أرسلنا فيكم رسولا...) ؟
تشبيهن للعلتين من قوله: { ولأتم } وقوله:{ ولعلكم تهتدون } أي ذلك من نعمتي عليكم كنعمة إرسال محمد - صلى الله عليه وسلم - وجعل الإرسال مشبهاً به لأنه أسبق وأظهر تحقيقاً للمشبه أي إن المبادىء دلت على الغايات وهذا كقوله في الحديث " كما صليت على إبراهيم ".

ما المناسبة بين قوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة...) وما بعدها وبين الآيات التي قبلها وبعدها؟
هذه جمل معترضة بين قوله تعالى: { وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره } وما اتصل به من تعليله بقوله: { لئلا يكون للناس عليكم حجة } وما عطف عليه من قوله: { ولأتم نعمتي عليكم } إلى قوله: { واشكروا لي ولا تكفرون } وبين قوله: { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب } [البقرة: 177] لأن ذلك وقع تكملة لدفع المطاعن في شأن تحويل القبلة فله أشد اتصال بقوله: { لئلا يكون للناس عليكم حجةً } المتصل بقوله: { وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره } وهو اعتراض مُطْنِبٌ ابتُدىء به إعداد المسلمين لما هم أهله من نصر دين الله شكراً له على خَولهم من النعم المعدودة في الآيات السالفة من جعلهم أمة وسطاً وشهداء على الناس، وتفضيلِهم بالتوجه إلى استقبال أفضل بقعة، وتأييدهم بأنهم على الحق في ذلك، وأمْرِهم بالاستخفافِ بالظالمين وأَنْ لا يخشوهم، وتبْشيرهم بأنه أتم نعمته عليهم وهداهم، وامتن عليهم بأنه أرسل فيهم رسولاً منهم، وهداهم إلى الامتثال للأحكام العظيمة كالشكر والذكر، فإن الشكر والذكر بهما تهيئة النفوس إلى عظيم الأعمال، من أجل ذلك كله أَمرهم هنا بالصبر والصلاة، ونبههم إلى أنهما عون للنفس على عظيم الأعمال، فناسب تعقيبها بها، وأيضاً فإن ما ذكر من قوله: { لئلا يكون للناس عليكم حجةً } مشعر بأن أناساً متصدُّون لشغبهم وتشكيكهم والكيد لهم، فأُمروا بالاستعانة عليهم بالصبر والصلاة. وكلها متماسكة متناسبة الانتقال عدا آية: { إن الصفا والمروة من شعائر الله }.

وما مناسبة آية: (إن الصفا والمروة ...) لما قبلها وما بعدها؟
هذا كلام وقع معترضاً بين محاجة أهل الكتاب والمشركين في أمر القبلة، نزل بسبب تردد واضطراب بين المسلمين في أمر السعي بين الصفا والمروة وذلك عام حجة الوداع، كما جاء في حديث عائشة، فهذه الآية نزلت بعد الآيات التي قبلها وبعد الآيات التي نقرؤها بعدَها، لأن الحج لم يكن قد فُرِض، وهي من الآيات التي أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإلحاقها ببعض السُّوَر التي نزلت قبل نزولها بمدة، والمناسبةُ بينها وبين ما قبلها هو أن العدول عن السعي بين الصفا والمروة يشبه فعل من عبر عنهم بالسفهاء من القبلة وإنكار العدول عن استقبال بيت المقدس، فموقع هذه الآية بعد إلحاقها بهذا المكان موقعُ الاعتراض في أثناء الاعتراض.

قال تعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات...) ثم بعدها بآيات قال تعالى: (إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب...) فلماذا جاء الإخبار عن الكتمان مرتين؟
آية: { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى } نزلت في علماء اليهود الذين كتموا دلائل صدق النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته وصفات دينه الموجودة في التوراة وكتمهم آية الرجم، وفي قوله تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزل من الكتاب...} عود إلى محاجَّة أهل الكتاب لاَحِقٌ به بمناسبة قوله: { إنما حرم عليكم الميتة والدم } تحذيراً للمسلمين مما أحدثه اليهود في دينهم من تحريم بعض ما أحل الله لهم وتحليل بعض ما حرم الله عليهم.

في قوله تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ...) لماذا لم يجئ حكم الوصية مبتدأ بالنداء للمؤمنين كما جاء في أحكام القصاص والصيام (يأيها الذين كتب عليكم القصاص في القتلى) (يايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام)؟
لأن الوصية كانت معروفة قبل الإسلام، فلم يكن شرعها إحداث شيء غير معروف، لذلك لا يحتاج فيها إلى مزيد تنبيه لتلقي الحكم.

ما مناسبة ذكر رفع الجناح عن التجارة بين آيات الحج؟لأنها جاءت بعد النهي عن أعمال في الحج تنافي المقصد منه، فنقل الكلام إلى إباحة ما كانوا يتحرجون منه في الحج وهو التجارة ببيان أنها لا تنافي المقصد الشرعي، إبطالاً لما كان عليه المشركون، إذ كانوا يرون التجارة للمُحْرم بالحج حراماً.

قوله تعالى: (كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون * في الدنيا والآخرة) بمَ يتعلق الجار والمجرور؟
قوله { في الدنيا والآخرة } يتعلق بـ(تتفكرون) لا بـ(يبيِّن)، لأن البيان واقع في الدنيا فقط. والمعنى ليحصل لكم فكر -أي علم- في شؤون الدنيا والآخرة، وما سوى هذا تكلف.

قال تعالى: (وعلى المولود له رزقهن...) لماذا لم يقل: (وعلى الوالد...)؟
عبر عن الوالد بالمولود له، إيماء إلى أنه الحقيق بهذا الحكم؛ لأن منافع الولد منجرة إليه، وهو لاحق به ومعتز به في القبيلة حسب مصطلح الأمم، فهو الأجدر بإعاشته، وتقويم وسائلها.

قال تعالى: (فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف) وقال في الموضع الثاني: (فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهم من معروف) فلماذا اختلف التعبير في الموضعين؟
لم أجد حتى الآن تفسيرا لهذا، على أن ابن عاشور قد قال: " قال ابن عرفة في تفسيره: وتنكير (معروف) هنا وتعريفه في الآية المتقدمة، لأن هذه الآية نزلت قبل الأخرى، فصار هنالك معهوداً" لكنه تعقب هذا بقوله: "وأحسب هذا غير مستقيم، وأن التعريف تعريف الجنس، وهو والنكرة سواء" فلم يشر إلى تعليل، وإنما اكتفى بالتعقب.

قوله تعالى: (إلا من اغترف غرفة بيده) مستثنى من أي شيء؟ وكيف يكون ترتيب الكلام؟
الاستثناء في قوله: { إلا من اغترف غرفة بيده } من قوله: { فمن شرب منه } لأنه من الشاربين، وإنما أخره عن هذه الجملة، وأتى به بعد جملة { ومن لم يطعمه } ليقع بعد الجملة التي فيها المستثنى منه مع الجملة المؤكدة لها؛ لأن التأكيد شديد الاتصال بالمؤكد، وقد علم أن الاستثناء راجع إلى منطوق الأولى ومفهوم الثانية، فإن مفهوم (من لم يطعمه فإنه منّي) أن من طعمه ليس منه، ليعلم السامعون أن المغترف غرفة بيده هو كمن لم يشرب منه شيئاً، وأنه ليس دون من لم يشرب في الولاء والقرب، وليس هو قسماً واسطة. والمقصود من هذا الاستثناء الرخصة للمضطر في بلال ريقه.

فائدة: نرى أن آيات هذه السورة قد جاءت بأحكام متنوعة كالقصاص، والوصية، والصيام، وأكل المال بالباطل، والأهلة، والقتال، والحج، والخمر، واليتامى، وأحكام النساء، والطلاق ...الخ من الأحكام والتشريعات الجليلة، وقد يتساءل الواحد منا عندما يجد آية تتحدث في حكم أو معنى لا يظهر له ارتباط أو مناسبة بالكلام قبله أو بعده، فيسأل عن ارتباط الكلام بعضه ببعض، ويتطلب له المناسبة، ولكن هذا لا يتأتى دائما، بل كثير منه يدخله التكلف، وقد ذكر ابن عاشور كلاما جميلا في هذا تحسن الإشارة إليه ليستحضره القارئ عندما يجد مثل هذا الأمر، يقول: "الانتقال من غرض إلى غرض في آي القرآن لا تلزم له قوة ارتباط، لأن القرآن ليس كتاب تدريس يرتب بالتبويب وتفريع المسائل بعضها على بعض، ولكنه كتاب تذكير وموعظة، فهو مجموع ما نزل من الوحي في هدى الأمة وتشريعها وموعظتها وتعليمها، فقد يجمع به الشيء للشيء من غير لزوم ارتباط وتفرع مناسبة، وربما كفى في ذلك نزول الغرض الثاني عقب الغرض الأول، أو تكون الآية مأموراً بإلحاقها بموضع معين من إحدى سور القرآن كما تقدم في المقدمة الثامنة، ولا يخلو ذلك من مناسبة في المعاني، أو في انسجام نظم الكلام" .
 
جزاك الله خيرا أخي عبد العزيز على هذه الاستنباطات الجديرة حقا بالفكر والتأمل
 
أولاً : في قوله تعالى : (وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191)) . لماذا عبر أولاً بقوله : ( عند المسجد الحرام) وبعدها قال : (حتى يقاتلوكم فيه) .. لماذا لم يكن نظم الكلام :
وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ عنده .
أو
وَلا تُقَاتِلُوهُمْ في الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فيه .


ثانياً :
لماذا قال : (فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ) ، ولم يقل : فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فقاتلوهم ؟
أو
فَإِنْ قَتلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ؟


مما قد يفيد في هذا ما ذكره السمين الحلبي عند هذه الآية حيث قال: " و(عند) منصوب بالفعل قبله، و(حتى) متعلقة به أيضا غايةٌ له بمعنى (إلى)، والفعل بعدها منصوب بإضمار (أنْ) كما تقرر. والضمير في (فيه) يعود على (عند) إذ ضمير الظرف لا يتعدى إليه الفعل إلا بـ(في)، لأن الضمير يرد الأشياء إلى أصولها، وأصل الظرف على إضمار (في)" ا.هـ.
فهو يجعل الضمير في (فيه) عائدا على (عند) وليس على (المسجد الحرام) ويعلل هذا بما قد يفيد في تعليل اختيار هذا الأسلوب.
ثم ذكر معنى (فإن قاتلوكم فاقتلوكم) فقال: "ولا بد من حذف..أي فإن قاتلوكم فيه فاقتلوهم فيه) و قال ابن عاشور: " أي فإن قاتلوكم عند المسجد الحرام فاقتلوهم عند المسجد الحرام"ا.هـ. فيكون المعنى واحدا على التقديرين.

ولعل التعبير بـ( ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه) يفيد معنى دقيقا، لأن (عند) تفيد معنى أوسع من معنى (في) كما لا يخفى، فيكون المعنى: لا تقربوا المسجد الحرام بالقتال حتى يحدث القتال فيه، فالنهي عن القتال (عند) المسجد الحرام تفيد التحذير من مقاربته أصلا، إلا أن يحدث هتك لحرمته بأن يبدأ المشركون بالقتال (فيه)، فعدها يجوز القتال، والله تعالى أعلم.

وقد قرأ الأخوان: (ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقتلوكم فيه فإن قتلوكم فاقتلوهم) قال ابن عاشور: "وهذه القراءة تقتضي أن المنهي عنه القتل، فيشمل القتل باشتباك حرب (وهو ما تدل عليه قراءة الجمهور) والقتل بدون ملحمة" (وهو ما تدل عليه قراءة الأخوين). وهذا قول جيد يفيد إعمال القراءتين، لأن القاعدة أن القراءتين المتواترتين بمنزلة الآيتين.
 
خامساً : من الفوائد التي ظهرت لي أثناء القراءة أن الله لم يذكر القتل في حق رسول من الرسل ، وإنما ذكره في حق بعض الأنبياء .
وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) البقرة
قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91) البقرة
وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) آل عمران
فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ (155) النساء
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) آل عمران
وغيرها ربما ، ولعل الحكمة في ذلك أن الرسلَ الذين جاءوا برسالات وشرائع جديدة معصومون من القتل بعصمة الله لهم وحفظه ، فلا يصل إليهم الأعداء . وأما الأنبياء الذين يأتون ليجددوا رسالات السابقين فقد يقتلون والله أعلم .
ولم أجد آية يمكن أن تخرم هذا الاستقراء إلا قوله تعالى : (قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183)
والرسل فيها المقصود بهم الأنبياء في الآيات التي قبلها بقليل ، فقد لا تعتبر خارمة لهذا الاستقراء والله أعلم . ولعل مزيد من الاستقراء يصحح هذه المعلومة أو يبطلها .


ثانيا : لي تساؤلات على ماتفضل به الدكتور عبد الرحمن الشهري حفظه الله في الفائدة ...الخ


ألا يدل ما سبق على أن القتل حاصل للرسل والله تعالى أعلم


ما ذكره الشيخ عبد الرحمن هو الصحيح، وقد أشار إليه ابن عاشور بقوله:
" وإنما قال الأنبياء لأن الرسل لا تسلط عليهم أعداؤهم لأنه منافٍ لحكمة الرسالة التي هي التبليغ، قال تعالى: (إنا لننصر رسلنا) وقال: (والله يعصمك من الناس)" وقال: "والعصمة هنا الحفظ والوقاية من كيد أعدائه".
وأجاب عن الإشكال الذي أورده الأخ أبو عبد الرحمن المدني عند قوله تعالى: (كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون) في المائدة بقوله: " فالمراد بالرسل هنا الأنبياء ...وإطلاق الرسول على النبي الذي لم يجئ بشريعة إطلاق شائع في القرآن، لأنه لما ذكر أنهم قتلوا فريقا من الرسل تعين تأويل الرسل بالأنبياء، فإنهم ما قتلوا إلا أنبياء لا رسلا".
 
بارك الله فيكم ونفع بعلمكم

استوقفتني في الجزء الأول وأنا أستمع لصلاة التراويح في الحرم المكي قوله تعالى :
( قالوا ادع " لنا " ربك )
ما المعنى الذي أضافته وجود كلمة ( لنا ) ؟
وما الغرض من تقدمها على المفعول به ؟

اللام في قوله: (لنا) لام الأجل، أي اسأل لأجلنا، أو ادعُ عنا..
وتقديمه للاهتمام به.
 
[align=center]الجزء الثالث[/align]

في قوله تعالى: (يوم تجد كل نفس ما عملت محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيد) على ماذا يعود الضمير في (بينه)؟ وما هو ترتيب الكلام في الآية؟

أصل نظم الكلام فيها: تَوَدّ كل نفس لَوْ أنّ بينهَا وَبيْن ما عملت من سوء أمداً بعيداً يومَ تَجِدُ مَا عملت من خير مُحْضراً، فالضمير في قوله (وبينه) على هذا يعود إلى ما عملتْ من سوء.
أو يكون أصل الكلام: يوم تجد كل نفس ما عملت من خير ومن شرّ محضراً، تودّ لو أنّ بينها وبين ذلك اليوم أمداً بعيداً؛ ليكون ضمير (بينه) عائداً إلى يوم أي تودّ أنّه تأخّر ولم يحضر ... وهذا أحسن الوجوه في نظم هذه الآية وأومأ إليه في «الكشاف».

قوله تعالى: (وليس الذكر كالأنثى) هل هو مما حكاه الله تعالى على لسان مريم، أم أنه كلام مستقل؟

أكثر المفسرين على أن هذا مما قالته مريم تحسرا على أن المولود لم يكن ذكرا حتى تحرره لخدمة بيت المقدس، وذكر ابن عاشور أنه هو الأظهر.
ثم أشار إلى القول الثاني بصيغة التمريض ونسبه إلى صاحب الكشاف وصاحب المفتاح، فيكون تكملة للجملة المعترضة التي قبلها (والله أعلم بما وضعت) لأنها بالاتفاق من كلام الله تعالى وليست من كلام مريم المحكي، وهو ما يسميه العلماء بالمتصل لفظا المنفصل معنى.

ما نوع الاستفهام في قول زكريا –عليه السلام- (أنى يكون لي غلام) ؟ ولماذا استغرب الولد مع أنه قد طلبه من الله؟
هو استفهام مراد منه التعجب، لأنه لما سأل الولد فقد تهيأ لحصول ذلك، فلا يكون قوله: (أني يكون لي غلام) إلا تطلبا لمعرفة كيفية ذلك على وجه يحقق له البشارة، وليس من الشك في صدق الوعد، وهو كقول إبراهيم (ليطمئن قليي).

ما معنى قوله تعالى: (قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثلما أويتم أو يحاجوكم عند ربكم) وما ترتيب الكلام فيه؟
أشكل موقعُ هذه الآية بعد سابقتها وصفَ نظمها، ومصرَف معناها: إلى أي فريق. وقال القرطبي: إنها أشكَلُ آية في هذه السورة. وذكر ابن عطية وجوها ثمانية. ترجع إلى احتمالين أصليين:
الاحتمال الأول: أنها تكملة لمحاورة الطائفةِ من أهل الكتاب بعضهم بعضاً، وأن جملة { قل إن الهدى هدى الله } معترضة في أثناء ذلك الحِوار، وعلى هذا الاحتمال تأتي وجوه نقتصر منها على وجهين واضحين:
أحدهما: أنهم أرادوا تعليل قولهم: { ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم } فتقدير الكلام لأن لا يوتى أحد مثل ما أوتيتم، والمعنى: أنّ قصدهم من هذا الكلام تثبيتُ أنفسهم على ملازمة دين اليهودية.
الوجه الثاني: أنهم أرادوا إنكار أن يوتَى أحد النبوءة كما أوتيها أنبياءُ بني إسرائيل فيكون الكلام استفهاماً إنكارياً حذفت منه أداة الاستفهام لدلالة السياق؛ ويؤيده قراءةُ ابن كثير قوله: { أن يؤتى أحد } بهمزتين.
الاحتمال الثاني: أن تكون الجملة مما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقوله لهم بقيةً لقوله: «إنّ الهُدى هُدى الله» أي قلتم ذلك حسَداً من أنْ يؤتي أحدٌ مثلَ ما أوتيتم وتنصلا من أن يحاجوكم أي الذين آمنوا عند الله يوم القيامة، فجمعتم بين الإيمان بما آمن به المسلمون، حتى إذا كان لهم الفوز يوم القيامة لا يحاجونكم عند الله بأنكم كافرون، وإذا كان الفوز لكم كنتم قد أخذتم بالحَزم إذ لم تبطلوا دين اليهودية.
وهذا الاحتمال أنسب نظماً بقوله تعالى: { قل إن الفضل بيد اللَّه } ، ليكون لِكلّ كلام حُكي عنهم تلقينُ جوابٍ عنه: فجواب قولهم: { آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا } الآية، قولُه: { قل إن الهدى هدى الله }. وجواب قولهم: { ولا تؤمنوا } إلخ قولُه: { قل إنّ الفضل بيد الله } إلخ. فهذا مِلاك الوجوه.
 
[align=center]الجزء الرابع[/align]

ما مناسبة ذكر آيات الربا (يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة...) لما قبلها من الآيات؟
ساق ابن عاشور ما ذكره المفسرون من تطلب مناسبة لهذه الآيات، ولكنه ضعف ما ذكروه وقال بعدها: "وعندي بادىء ذي بدء أن لا حاجة إلى اطّراد المناسبة، فإن مدّة نزول السورة قابلة لأن تحدث في خلالها حوادث ينزل فيها قرآن فيكون من جملة تلك السورة، فتكون هاته الآية نزلت عقب ما نزل قبلها فكتبت هنا ولا تكون بَينهما مناسبة إذ هو ملحق إلحاقاً بالكلام".

لماذا جاء التنويه بالذكر والأنثى وأن بعضهم من بعض في قوله تعالى: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض)؟
وجه الحاجة إلى هذا البيان هنا أنّ الأعمال التي أتوا بها أكبرها الإيمان، ثم الهجرة، ثم الجهاد، ولمّا كان الجهاد أكثر تكرّراً خيف أن يتوهّم أنّ النساء لا حظّ لهنّ في تحقيق الوعد الذي وعد الله على ألسنة رسله، فدفع هذا بأنّ للنساء حظّهنّ في ذلك فهنّ في الإيمان والهجرة يساوين الرجال، وهنّ لهنّ حظّهنّ في ثواب الجهاد لأنّهن يقمن على المرضى ويُداوين الكلْمى، ويسقين الجَيش، وذلك عمل عظيم به استبقاء نفوس المسلمين، فهو لا يقصر عن القتال الذي به إتلاف نفوس عدوّ المؤمنين.

قال تعالى: (ولا تؤتوا السفاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم) لماذا لم يتعد الفعل بـ(من) فيكون: وارزقوهم منها؟
لأنه لا يقصد التبعيض الموهم للإنقاص من ذات الشيء، بل يراد أنّ في جملة الشيء ما يحصل به الفعل: تارة من عينه، وتارة من ثمنه، وتارة من نتاجه، وأنّ ذلك يحصل مكرّراً مستمرّاً. وهذا معنى بديع في الاستعمال لم يسبق إليه المفسّرون هنا، فأهمل معظمهم التنبيه على وجه العدول إلى (في)، واهتدى إليه صاحب «الكشاف» بعض الاهتداء.

قال تعالى: (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) ما نوع الاستثناء هنا؟ وماذا يفيد؟
ليس إتيانهنّ بفاحشة مبيّنة بعضاً ممّا قبل الاستثناء لا من العضل ولا من الإذهاب ببعض المهر. فيحتمل أن يكون الاستثناء متّصلا أي إلاّ حال الإتيان بفاحشة فيجوز إذهابكم ببعض ما آتيتموهنّ. ويحتمل أن يكون استثناء منقطعاً في معنى الاستدراك، أي لكن إتيانهنّ بفاحشة يُحِلّ لكم أن تذهبوا ببعض ما آتيتموهنّ.
والحكم واحد على الاحتمالين والمقصود به الخُلع.

قال تعالى: (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) ما الفائدة من هذا الوصف للأبناء؟
قوله: { الذين من أصلابكم } تأكيد لمعنى الأبناء لدفع احتمال المجاز، إذ كانت العرب تسمّي المتبنَّى ابناً، وتجعل له ما للابن، حتّى أبطل الإسلام ذلك.
 
[align=center]الجزء الخامس[/align]

ختم قوله تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا...) بـ(إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا) فلماذا جاء الذم بهاتين الصفتين تحديدا ؟
لأنهما منشأ للغلظة والجفاء، فينافيان الإحسان المأمور به.

قال تعالى: (يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا) هل قوله: (ولا يكتمون ...) استئناف أم متعلق بما قبله؟
هذه الجملة يجوز أن تكون مستأنفة والواو عاطفة لها على جملة: (يود ...)، ويجوز أن تكون حالية، أي: يودون لو تسوى بهم الأرض في حال عدم كتمانهم، فتمنوا أن يخفوا ولا يظهروا حتى لا يُسألوا فلا يضطروا إلى الاعتراف الموبق ولا إلى الكتمان المهلك.

ما إعراب (والمستضعفين) في قوله تعالى : (وما لكم لا تقاتلون في سبل الله والمستضعفين...)؟
مجرورة عطفا على المجرور بـ(في) قبلها، أي: ما لكم لا تقاتلون لأجل دين الله ومرضاته، ولأجل المستضعفين، أي لنفعهم ودفع المشركين عنهم.

ما مناسبة قوله تعالى: (وإذا حييتم بتحية ...) للآيات قبلها؟
أنّ الشفاعة تقتضي حضور الشفيع عند المشفوع إليه، وأنّ أول بَوادر اللقاء هو السلام وردّه، فعلّم الله المسلمين أدب القبول واللقاء في الشفاعة وغيرها، وهذا دأب القرآن في انتهاز فرص الإرشاد والتأديب.
وبهذا البيان تنجلي عنك الحيرة التي عرضت في توجيه انتظام هذه الآية مع سابقتها، وتستغني عن الالتجاء إلى المناسبات الضعيفة التي صاروا إليها.

ما الحكمة من التكرار في قوله تعالى: (إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا)؟
ليس المراد بقوله: (ثم ازدادوا كفرا) أنهم كفروا كفرة أخرى، بل المراد الإجمال، أي ثم كفروا بعد ذلك، كما يقول الواقف: وأولادهم وأولاد أولادهم وأولاد أولاد أولادهم، لا يريد بذلك الوقوف عند الجيل الثالث. ويكون المراد من الآية: أن الذي عُرف من دأبهم الخفة إلى تكذيب الرسل، وإلى خلع ربقة الديانة، هم قوم لا يغفر لهم صنعهم، إذ كان ذلك عن استخفاف بالله ورسله.
 
أحسنت يا أبا إبراهيم , فتح الله عليك وزادك توفيقا وعلما .
واصل حفظك الله ونحن متابعون معك .
وأحب أن أضيف هنا فائدة من الجزء الخامس ذكرها فضيلة الشيخ / محمد بن عبدالله القحطاني (أبو مجاهد العبيدي) في حلقة اليوم 5 / 9 / 1430 الماتعة من برنامج التفسير المباشر على قناة دليل الفضائية .
وهي أنه ينبغي للمسلم أن يحرص على تنفيذ ما يوعظ به, فقد ذكر الله تعالى أربع فوائد لمن فعل ما يوعظ به قال تعالى ( ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما )
1. (لكان خيرا لهم) .
2. (وأشد تثبيتا) .
3. ( لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ) .
4. ( ولهديناهم صراطا مستقيما ) .
ضيف الحلقة 70 من التفسير المباشر يوم الأربعاء 5 رمضان 1430هـ
 
جزاك الله خيرا أخي العزيز أبا أسامة ..
وهذه الموضوع مثبت لإثراءه بالمشاركة من الجميع أمثالك، حتى نستفيد جميعا وتتحصل به الفوائد وتتلاقح الأفكار، تفاعلا مع كتاب الله الكريم في هذا الشهر الكريم.
 
[align=center]الجزء السادس[/align]

في قوله تعالى: (فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله ...) ما هو متعلق هذه الأسباب؟
يجوز أن يكون متعلقها محذوفا لتذهب نفس السامع مذاهب الهول، وتقديره: فبسبب هذه الأمور فعلنا بهم ما فعلنا.
ويجوز أن يتعلق بـ(حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم) وما بينهما مستطردات.

ما مناسبة ذكر الاستقسام بالأزلام ضمن المحرمات من المأكولات؟
لا جرم أن هذا المعطوف من نوع المتعاطفات التي قبله، فالمراد به النهي عن أكل اللحم الذي يستقسمون عليه بالأزلام، وهو لحم جزور، يقسمونه على أجزاء، ويتقامرون على أجزائه، فأخبر بالنهي عن أكل هذا اللحم.
ومن الاستقسام بالأزلام ضرب آخر كانوا يفعلونه في الجاهلية، يتطلبون به به معرفة عاقبة فعل يريدون فعله: هل هي النجاح والنفع أم هي خيبة وضر. وإذا قد كان لفظ الاستقسام يشمله فالوجه أن يكون مرادا من النهي أيضا، على قاعدة استعمال المشترك في معنييه.

قوله تعالى: (وما علمتم من الجوارح مكلبين) ما فائدة ذكر هذا الوصف؟ وهل يشمل سباع الحيوان والطير؟
المكلَّب –بكسر اللام- هو معلم الكلاب، وفائدة ذكر هذا الوصف هو بيان نوع التعليم، وهو التأديب والتعويد على الصيد، وهو يشمل غير الكلاب من فهود وبزاة، وإنما اشتق هذا الاسم من الكلب جريا على الغالب في صيد الجوارح.

قال تعالى: (يأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط) وفي سورة النساء: (كونوا قوامين بالقسط شهداء للناس) فما وجه اختلاف الترتيب؟
وجه ذلك أن الآية في سورة النساء وردت عقب آيات القضاء في الحقوق، فلذلك قدم فيها (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله) فالقسط هو العدل في القضاء.
وأما الآية التي نحن بصددها فهي واردة بعد التذكير بميثاق الله.
وقد حصل من مجموع الآيتين: وجوب القيام بالعدل والشهادة به، ووجوب القيام لله والشهادة له.

قال تعالى: (لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم) وقال بعدها: (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) فهل المراد التشنيع على النصارى بأن هذه هي أقوالهم جميعا، أم المراد أن هناك فرقة منهم تقول بالأول وفرقة أخرى تقول بالثاني؟
بل هما مقالتان مختلفتان قالت بكل واحدة طائفة من النصارى، وإن كان التثليث هو أصل في عقيدة النصارى كلهم ولكنهم مختلفون في كيفيته، لذا كان قوله تعالى في سورة النساء: (ولا تقولوا ثلاثة) من إعجاز القرآن لأنه مع إيجازه يجمع الرد على طوائف النصارى كلهم.
 
[align=center]الجزء السابع 1/2[/align]

قال تعالى: (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وأمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا) لماذا تكرر العطف ثلاث مرات بحرف (ثم)؟ وما الغرض من تغير صيغة العطف كل مرة؟
جملة { ثمّ اتَّقوا وآمنوا } تأكيد لفظي لجملة { إذا ما اتّقوا وآمنوا وعملوا الصالحات } وقُرن بحرف (ثمّ) الدالّ على التراخي الرتبي ليكون إيماءً إلى الازدياد في التقوى وآثارِ الإيمان، كالتأكيد في قوله تعالى: { كلاّ سيعلمون ثمّ كلاّ سيعلمون } ولذلك لم يكرّر قوله: { وعملوا الصالحات } لأنّ عمل الصالحات مشمول للتقوى. وأمّا جملة { ثمّ اتّقوا وأحسنوا } فتفيد تأكيداً لفظياً لجملة { ثمّ اتّقوا } وتفيد الارتقاء في التقوى بدلالة حرف { ثمّ } على التراخي الرتبي. مع زيادة صفة الإحسان وهذا يتضمَّن الإيمان لا محالة فلذلك استغني عن إعادة { وآمنوا } هنا.

هل يمكن أن تدل الآية السابقة على نفي الجناح عن المؤمنين عموما فيما أكلوه إذا ما اتقوا؟
من المفسرين من قال هذا، لأنّهم رأوا أنّ سبب نزولها لا يقصرها على قضيَّة السبب بل يُعمل بعموم لفظها على ما هو الحقّ في أنّ عموم اللفظ لا يخصّص بخصوص السبب، فقالوا: رَفَع الله الجناح عن المؤمنين في أي شيء طعموه من مستلذّات المطاعم وحلالها، إذا ما اتّقوا ما حَرّم الله عليهم، أي ليس من البرّ حرمانُ النفس بتحريم الطيّبات بل البرّ هو التقوى، وفسر به في «الكشاف» مبتدئاً به.

قال تعالى: (تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا...) بمَ يتعلق قوله: (إن ارتبتم)؟
تظافرت أقوال المفسّرين على أنّ هذا شرط متّصل بقوله { تحبسونهما } وما عطف عليه، واستغني عن جواب الشرط لدلالة ما تقدّم عليه ليتأتّى الإيجاز، فيقتضي هذا التفسير أنّه لو لم تَحصل الريبة في صدقهما لما لزم إحْضارهما من بعد الصلاة وقسمهما، وجملة الشرط معترضة بين فعل القسم وجوابه.
والوجه عندي –الكلام لابن عاشور- أن يكون قوله: { إن ارتبتم } من جملة الكلام الذي يقوله الشاهدان، ومعناه أنّ الشاهدين يقولان: إن ارتبتم في شهادتنا فنحن نقسم بالله لا نشتري به ثمناً ولو كان ذا قربى ولا نكتم الشهادة، أي يقولان ذلك لاطمئنان نفس المُوصي، فيكون شُرع هذا الكلام على كلّ شاهد ليسْتوي فيه جميع الأحوال بحيث لا يكون توجيه اليمين في بعض الأحوال حَرجاً على الشاهدين الذين توجّهت عليهما اليمينُ من أنّ اليمين تعريض بالشكّ في صدقهما، فكان فرض اليمين من قِبَل الشرع دافعاً للتحرّج بينهما وبين الوليّ، لأنّ في كون اليمين شرطاً من عند الله معذرة في المطالبة بها.

قال تعالى: (فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان) ما إعراب (الأوليان)؟ وما معنى هذه الجملة من الآية الكريمة؟
على هذه القراءة –قراءة حفص- تكون (الأوليان) فاعل للفعل (استحق)، والمفعول محذوف تقديره: الوصية أو الإثم.
فيكون التقدير: فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق الأوليان عليهم الوصية أو الإثم.
و (من) تبعيضية، أي شخصان آخران يكونان من الجماعة من الذين استحق عليهم.
و (استحق) أي: كان حقيقا به، وهو مضمن معنى (وجب)، يقال: استحقّ زيد على عمرو كذا، أي وجب لزيد حقّ على عمرو، فأخذه منه.
و(الأوليان) جمع (أولى).
والمعنى أنّه إن اختلّت شهادة شاهدي الوصية انتقل إلى يمين الموصى له سواء كان الموصى له واحداً أم متعدّداً. وإنّما جاءت الآية بصيغة الاثنين مراعاة للقضية التي نزلت فيها.
ولكن هنا أشكل علي أمر، وهو:
كيف تدل الآية –بهذه القراءة- على أن الشاهدين الآخرين يجب أن يكونا من أولياء الميت الموصى لهم؟
أرجو أن يتكرم الإخوة المشايخ بإيضاح هذا الإشكال وحله لأنه أعياني كثيرا !


ما مناسبة قوله تعالى: (كتب ربكم على نفسه الرحمة) للسياق؟
وجملة: { كتب ربكم على نفسه الرحمة } معترضة، وهي من المقول الذي أمر الرسول بأن يقوله. وفي هذا الاعتراض معان:
أحدها: أنّ ما بعده لمّا كان مشعراً بإنذار بوعيد قُدّم له التذكير بأنّه رحيم بعبيده عساهم يتوبون ويقلعون عن عنادهم.
والثاني: أنّ الإخبار بأنّ لله ما في السماوات وما في الأرض يثير سؤال سائل عن عدم تعجيل أخذهم على شركهم بمن هم مِلكه. فالكافر يقول: لو كان ما تقولون صدقاً لعجّل لنا العذاب، والمؤمن يستبطئ تأخير عقابهم، فكان قوله: { كتب على نفسه الرحمة } جواباً لكلا الفريقين بأنّه تفضّل بالرحمة، فمنها رحمة كاملة: وهي رحمته بعباده الصالحين، ومنها رحمة مؤقّتة وهي رحمة الإمهال والإملاء للعصاة والضّالّين.

قال تعالى: (الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون) ما نوع الفاء هنا؟ وما معنى هذه الجملة من الآية الكريمة؟
الفاء في في قوله: (فهم) للتفريع والسببية.
وجملة (الذين خسروا أنفسهم) خبرَ مبتدأ محذوف تقديره : أنتم. فأصل التركيب: فأنتم لا تؤمنون لأنّكم خسرتم أنفسكم.
وقيل: (الذين خسروا أنفسهم) مبتدأ، وجملة: (فهم لا يؤمنون) خبره، وقرن بالفاء لأنّ الموصول تضمّن معنى الشرط على نحو قوله تعالى: (واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهنّ أربعة منكم).
وذلك أنّهم لمّا أعرضوا عن التدبّر في صدق الرسول -عليه الصلاة والسلام - فقد أضاعوا عن أنفسهم أنفع سبب للفوز في العاجل والآجل، فكان ذلك سبب أن لا يؤمنوا بالله والرسول واليوم الآخر. فعدم الإيمان مسبّب عن حرمانهم الانتفاع بأفضل نافع.
 
[align=center]الجزء السابع 1/2[/align]

قال تعالى: (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وأمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا) لماذا تكرر العطف ثلاث مرات بحرف (ثم)؟ وما الغرض من تغير صيغة العطف كل مرة؟
جملة { ثمّ اتَّقوا وآمنوا } تأكيد لفظي لجملة { إذا ما اتّقوا وآمنوا وعملوا الصالحات } وقُرن بحرف (ثمّ) الدالّ على التراخي الرتبي ليكون إيماءً إلى الازدياد في التقوى وآثارِ الإيمان، كالتأكيد في قوله تعالى: { كلاّ سيعلمون ثمّ كلاّ سيعلمون } ولذلك لم يكرّر قوله: { وعملوا الصالحات } لأنّ عمل الصالحات مشمول للتقوى. وأمّا جملة { ثمّ اتّقوا وأحسنوا } فتفيد تأكيداً لفظياً لجملة { ثمّ اتّقوا } وتفيد الارتقاء في التقوى بدلالة حرف { ثمّ } على التراخي الرتبي. مع زيادة صفة الإحسان وهذا يتضمَّن الإيمان لا محالة فلذلك استغني عن إعادة { وآمنوا } هنا.

.

أحسنت يا ابا إبراهيم , وكنت أتساءل عن فائدة تكرار لفظ ( اتقوا ) في الآية ثلاث مرات؟ وسألت فضيلة الشيخ الدكتور محمد ولد سيدي حبيب الجكني الشنقيطي عن ذلك في برنامج التفسير المباشر يوم الجمعة 7 رمضان 1430 , فأفاد بأنها للتأكيد ثم وقفت على كلام جميل للقرطبي حول ذلك :
قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية : قوله تعالى : ( إذا ما اتقوا وءامنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين ) فيه أربعة أقوال :
الأول : أنه ليس في ذكر التقوى تكرار , والمعنى : اتقوا شربها , وآمنوا بتحريمها , ومعنى الثاني : دام اتقاؤهم وإيمانهم , والثالث : على معنى الإحسان إلى الاتقاء .

الثاني : اتقوا قبل التحريم في غيرها من المحرمات , ثم اتقوا بعد تحريمها شربها , ثم اتقوا فيما بقي من أعمارهم , وأحسنوا العمل .

الثالث : اتقوا الشرك ,, وآمنوا بالله ورسوله , ومعنى الثاني : ثم اتقوا الكبائر , وازدادوا إيمانا , ومعنى الثالث : ثم اتقوا الصغائر , وأحسنوا أي : تنفلوا .

وقال محمد ابن جرير : الاتقاء الأول : هو الاتقاء بتلقي أمر الله بالقبول , والتصديق , والدينونة به , والعمل , والاتقاء الثاني : التقاء بالثبات على التصديق , والاتقاء بالإحسان , والتقرب بالنوافل .
انتهى كلام الامام القرطبي رحمه الله .
 
ولكن هنا أشكل علي أمر، وهو:
كيف تدل الآية –بهذه القراءة- على أن الشاهدين الآخرين يجب أن يكونا من أولياء الميت الموصى لهم؟
أرجو أن يتكرم الإخوة المشايخ بإيضاح هذا الإشكال وحله لأنه أعياني كثيرا !


.

أخي الحبيب : هذه الآية أعيت العلماء من قبلك , فقد استفدنا من الشيخ الدكتور محمد ولد سيدي حبيب الجكني الشنقيطي في برنامج التفسير المباشر يوم الجمعة 7 رمضان 1430 أن هذه الآية أصعب آية في القرآن تفسيرا وإعرابا وتوجيها للقراءات , حتى إن الدكتور / عبد الرحمن الشهري قال له : ( من أصعب الآيات ) فقال له الشيخ : بل هي أصعب الآيات على الإطلاق .
ثم اطلعت على تفسير القرطبي فوجدته نقل عن الإمام مكي رحمه الله قوله : هذه الآيات الثلاث (106 - 107 - 108) عند أهل المعاني من أشكل ما في القرآن إعرابا ومعنًى وحُكماً .
 
وفقكم الله يا شيخ محمد وبارك فيكم على هذه الفوائد الموفقة .

جزاك الله خيرا أخي الحبيب
وأنت ممن تميز بالنكت العلمية، واللطائف القرآنية، فأرجو أن تتحفنا بما تحويه كناشتك هنا.


أحسنت يا ابا إبراهيم , وكنت أتساءل عن فائدة تكرار لفظ ( اتقوا ) في الآية ثلاث مرات؟ وسألت فضيلة الشيخ الدكتور محمد ولد سيدي حبيب الجكني الشنقيطي عن ذلك في برنامج التفسير المباشر يوم الجمعة 7
رمضان 1430 , فأفاد بأنها للتأكيد
ثم وقفت على كلام جميل للقرطبي حول ذلك ...

أحسنت وجزاك الله خيرا أخي أبا أسامة..
وأنا في الحقيقة لا أتمكن من مشاهدة البرنامج ولذا تفوتني العديد من الفوائد، والعشم في أمثالكم لإتحافنا بالمفيد.

وأشكرك على ما تفضلت به من سوق كلام الإمام القرطبي، ويظهر أن أقوى هذه الاقوال هو الأول وإليه يعود قول الأمام الطبري الذي جاء آخرا.
وكلام ابن عاشور الذي سقتُه في المشاركة يعود إليه أيضا، لأن ذكر أن التأكيد لفظي، وأشار إلى المعاني الجديدة التي تفيدها كل جملة.



أخي الحبيب : هذه الآية أعيت العلماء من قبلك , فقد استفدنا من الشيخ الدكتور محمد ولد سيدي حبيب الجكني الشنقيطي في برنامج التفسير المباشر يوم الجمعة 7 رمضان 1430 أن هذه الآية أصعب آية في القرآن تفسيرا وإعرابا وتوجيها للقراءات , حتى إن الدكتور / عبد الرحمن الشهري قال له : ( من أصعب الآيات ) فقال له الشيخ : بل هي أصعب الآيات على الإطلاق .
ثم اطلعت على تفسير القرطبي فوجدته نقل عن الإمام مكي رحمه الله قوله : هذه الآيات الثلاث (106 - 107 - 108) عند أهل المعاني من أشكل ما في القرآن إعرابا ومعنًى وحُكماً .

نعم أخي هذا هو الواقع، وقد بقيت أمس لساعات أحاول الإجابة على السؤال بالتأمل فيما قاله المفسرون ولم أهتدِ إلى نتيجة.

والعلماء يصرحون بأن الإعراب على قراءة حفص هو الأقل إشكالا، وأنا إنما أشكل علي ما نصصت عليه في السؤال من حيث استنباط الحكم من الآية على هذه القراءة..

والملتقى يزخر بالمتخصصين أمثالك ممن لديه القدرة بمشيئة الله على الجواب وإرشادنا إلى الصواب.
 
[align=center]الجزء السابع 2/2[/align]

قال تعالى: (وهو الذي يتوافكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى) [الأنعام 60] علامَ يعود الضمير في قوله: (ثم يبعثكم فيه)؟ وما المراد بالبعث هنا؟
الضمير يعود إلى النهار، والمراد الإفاقة من النوم، وإنما استعير لفظ البعث لأنه البعث شاع في إحياء الميت وخاصة في القرآن (وقالوا أئذا كنا ترابا وعظاما إنا لمبعوثون) وحسن هذه الاستعارة كونها مبنية على استعارة للتوفي للنوم تقريبا لكيفية البعث التي حارت فيها عقولهم، فكل من الاستعارتين مرشح للأخرى.

قال تعالى: (ويوم يقول كن فيكون قوله الحق) [الأنعام 73] ما إعراب هذه الجملة من الآية الكريمة؟ وكيف يكون معناها؟
أشكل نظم هذه الآية على المفسرين، والوجه أن (ويوم يقول كن فيكون) ظرف وقع خبرا مقدما للاهتمام به، والمبتدأ هو (قوله)، و (الحق) صفة للمبتدأ، فأصل التركيب: وقوله الحق يوم يقول كن فيكون.
ونكتة الاهتمام بتقديم الظرف: الرد على المشركين المنكرين هذا التكوين بعد العدم.
وهذا القول قول مستقبل، وهو الخلق الثاني بعد الخلق الأول، ولذلك أتى بكلمة (يوم) للإشارة إلى أنه يوم تكوين خاص مقدر له يوم معين. ووصفه بالحق للرد على المشركين أيضا، فالله تعالى قد أنشأ السماوات والأرض بالحق، وهو يعيد الخلق الذي بدأه بقول حق، فلا يخلو شيء من تكوينه الأول ولا من الثاني عن الحق.

ما نوع الاستثناء في قوله تعالى: (ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا)؟ وما توجيهه؟
جعل ابن عطية هذا الاستثناء منقطعا، وهو ظاهر كلام الطبري، وهو الأظهر، فإنه لما نفى أن يكون يخاف إضرار آلهتهم وكان ذلك قد يتوهم منه السامعون أنه لا يخاف شيئا، إذ كان قومه لا يعترفون برب غير آلهتهم، استدرك عليه بما دل عليه الاستثناء المنقطع، أي لكن أخاف مشيئة ربي شيئا مما أخافه، فذلك أخافه.
وفي هذا الاستدراك نكاية لقومه، إذ كان لا يخاف آلهتهم في حين أنه يخشى ربه المستحق للخشية.
 
[align=center]الجزء الثامن[/align]

ما المراد بقوله تعالى: (وكذلك جعلنا في قرية أكابر مجرميها) [الأنعام 123]؟ وما سر التعبير بهذا اللفظ؟
في قوله تعالى: (اكابر مجرميها) إيجاز، لأن المعنى: جعلنا في كل قرية مجرمين، وجعلنا لهم أكابر، فلما كان وجود الأكابر يقتضي وجود من دونهم استغنى بذكر أكابر المجرمين.

ما المراد بقوله تعالى: (ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن) [الأنعام 154] ؟
(الكتاب) هو المعهود، أي التّوراة، و (تماما) حال من الكتاب، والتّمام الكمال، أي كان ذلك الكتاب كمالاً لما في بني إسرائيل من الصّلاح.
والموصول في قوله: (على الذي أحسن) مراد به الجنس، فلذلك استوى مفرده وجمعه. والمراد به هنا الفريق المحسن، أي تماماً لإحسان المحسنين من بنِي إسرائيل.

قرأ حفص: (دينا قِيَما ملة إبراهيم حنيفا) [الأنعام 161] بكسر القاف وفتح الياء مخففة، فما معنى هذه الكلمة على هذه القراءة؟
هذا من صيغ مصادر (قام)، فهو وصف للدّين بمصدر القيام المقصودِ به كفاية المصلحة للمبالغة، وهذه زنة قليلة في المصادر، مثل عِوَض وحِوَل، وهذَا كشذوذ جياد جمع جواد.

ما المراد بالأعراف على الراجح؟
ذكر الله تعالى أن هناك سورا ضُرب فاصلاً بين مكان الجنّة ومكان جهنّم، وهو ما سماه الله هنا حجابا، وفي سورة الحديد سماه سورا: (فضرب بينهم بسور).
و(أل) في الأعراف للعهد. وهي الأعراف المعهودة التي تكون بارزة في أعالي السّور. فنظم الآية يأبى أن يكون المراد من الأعراف مكاناً مخصوصاً يتعرّف منه أهل الجنّة وأهل النّار، إذ لا وجه حينئذٍ لتعريفه مع عدم سبق الحديث عنه.
أما أهل الأعراف فما نقل عن بعض السّلف أنّهم قوم اسْتوت موازين حسناتهم مع موازين سيّئاتهم، ويروى فيه أخبار مسندة إلى النّبي صلى الله عليه وسلم لم تبلغ مبلغ الصّحيح ولم تنزل إلى رتبة الضّعيف: روى بعضَها ابنُ ماجة، وبعضَها ابنُ مردويه، وبعضَها الطّبري، فإذا صحت فإنّ المراد منها أن من كانت تلك حالتهم يكونون من جملة أهل الأعراف المخبر عنهم في القرآن بأنّهم لم يدخلوا الجنّة وهم يطمعون. وليس المراد منها أنّهم المقصودُ من هذه الآية كما لا يخفى على المتأمّل فيها.
والذي ينبغي تفسير الآية به: أن الأعراف جعلها الله مكاناً يوقف به من جعله الله من أهل الجنّة قبل دخوله إياها، وذلك ضرب من العقاب خفيف، فجعل الدّاخلين إلى الجنّة متفاوتين في السبق تفاوتاً يعلم الله أسبابه ومقاديره، وخصّ الله بالحديث في هذه الآيات رجالاً من أصحاب الأعراف.

قوله تعالى: (أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون) [الأعراف 49]هل هو مما حكاه الله من كلام أصحاب الأعراف؟
نعم هذه الجملة من كلام أصحاب الأعراف.
وجملة: (ادخلوا الجنة) قيل مقول قول محذوف اختصاراً لدلالة السّياق عليه، وحذفُ القول في مثله كثير ولا سيما إذا كان المقول جملة إنشائيّة، والتّقدير: قال لهم الله ادخلوا الجنّة فكذّب اللَّهُ قسمَكُم وخيّب ظنّكم، وهذا كلّه من كلام أصحاب الأعراف.
والأظهر أن يكون الأمر في قوله: (ادخلوا الجنة) للدّعاء لأنّ المشار إليهم بهؤلاء هم أناس من أهل الجنّة، وإذ قد كان الدّخول حاصلاً فالدّعاء به لإرادة الدّوام كما يقول الدّاعي على الخارج: أخرج غير مأْسوفٍ عليك، ومنه قوله تعالى: (وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين).
 
فائدة ظهرت لي بالتأمل أثبتها هنا.
وهي: تستوقفنا في القرآن الكريم، أربع سور مطالعها جاءت متفقة.
وهي سورة الفتح وسورة نوح وسورة القدر وسورة الكوثر.
إذ كل واحدة منها مفتتحة بلفظة "إن" المصحوبة بنون العظمة، ويليها الحديث عن أربعة أمور كلها منن عظيمة من الله تعالى:
الأولى: منة الفتح الأعظم، في سورة الفتح
والثانية: منة إرسال الرسل، في سورة نوح. ونوح عليه السلام، أول المرسلين.
والثالثة: منة إنزال القرآن، في سورة القدر.
والرابعة: منة الله على نبيه بالكوثر. في سورة الكوثر.
فاطرد في هذه المطالع الأربعة، الحديث عن المنن الكبرى، التي كل منة فيها تحمل مننا عظيمة، ونعما جلى.
ثم ترتيبها على هذا النسق، له وجه بديع،
فأول المنن هو الفتح من الله، المتضمن فتح مغاليق القلوب، وإعدادها لقبول الهداية السماوية.
ثم بعد الإعداد والاستعداد، يكون إرسال الرسل الحاملين لمشعل الهداية والنور، وأكرم الرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
ثم يتبع ذلك إنزال القرآن عليه دستورا للناس، وهاديا لهم إلى الصراط المستقيم.
ثم الختام في التذكير بإعطاء الله هذه النعم، على القول بأن الكوثر الخير الكثير الذي لا ينقطع.
فجاء ترتيبها في المصحف على وفق ترتيبها في الوقوع.
 
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
أخي عدنان بارك الله فيك استنباط عجيب لم أتفطن له فهل من مرجع في هذا؟!
أم أخي محمد العبادي فأسأل الله أن يفتح عليك ويزيدك علما وعملا
وحبذا أن تقف مع الآيه 143 من سورة الأعراف في الجزء التاسع نسأل ربنا لذة النظر إلى وجهه الكريم
 
جزاك الله خيرا أخي أفنان على المرور الكريم، أما ما سألت عنه من المراجع في هذا الباب، فما ذكرته من الاستنباط، لم أنقله من مرجع، وإنما كان مقتضى تأمل ونظر، وذلك أنه قد عهد إلي تفسير سورة الفتح في أحد المعاهد، فبدأت أجيل النظر في السورة، وكان أول ما استوقفني فيها مطلعها، فرأيت السور التي تتفق معها في المطلع، ثم نظرت في الخيط الناظم بينها فاهتديت إلى مثل ما ذكرت. والله أعلم.
على أنك واقف في كتب علوم القرآن والتفسير وغيرها على قواعد تصلح أن تكون منطلقا لمثل هذه التأملات.
ودمتم بألف خير.
 
[align=center]الجزء الثالث[/align]


قوله تعالى: (وليس الذكر كالأنثى) هل هو مما حكاه الله تعالى على لسان مريم، أم أنه كلام مستقل؟

أكثر المفسرين على أن هذا مما قالته مريم تحسرا على أن المولود لم يكن ذكرا حتى تحرره لخدمة بيت المقدس، وذكر ابن عاشور أنه هو الأظهر.
ثم أشار إلى القول الثاني بصيغة التمريض ونسبه إلى صاحب الكشاف وصاحب المفتاح، فيكون تكملة للجملة المعترضة التي قبلها (والله أعلم بما وضعت) لأنها بالاتفاق من كلام الله تعالى وليست من كلام مريم المحكي، وهو ما يسميه العلماء بالمتصل لفظا المنفصل معنى.

.


أولاً:
الكلام على لسان أم مريم وليس على لسان مريم.
ثانياً:
سواء كان الكلام كلاما محكيا على لسان أم مريم أو كلام الله تعالى يبقى مضمون العبارة صحيحا فليس الذكر كالأنثى.

للتنبيه ورفع التوهم.
 
[align=center]الجزء التاسع[/align]
قال تعالى: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة) [الأعراف: 142] ما سر هذا التعبير المفصل دون قول: واعدنا موسى أربعين ليلة؟
جعل الله تعالى مدة المناجاة ثلاثين ليلة، فلما قضاها وزادت نفسه الزكية تعلقا ورغبة في مناجاة الله وعبادته، زاده الله من هذا الفضل عشر ليالٍ.
ففي هذا التعبير إشارة إلى أن زيادة العشر كانت لحكمة عظيمة تكون مدة الثلاثين بدونها غير بالغة أقصى الكمال، ولكنه لما أمره بها أمره بها مفرقة لحكمة الاستئناس والتيسير، ولتكون تلك العشر عبادة أخرى فيتكرر الثواب، وليكون إقباله على إتمام الأربعين باشتياق وقوة.

ما المراد بقوله تعالى: (وأمر قومك يأخذوا بأحسنها) [الأعراف: 145] ؟
هذا وصف مسلوب المفاضلة مقصود به المبالغة في الحسن، فإضافتها إلى ضمير الألواح على معنى اللام، أي: بالأحسن الذي هو لها، وهو جميع ما فيها، لظهور أن ما فيها من الشرائع ليس بينه تفاضل بين أحسن ودون الأحسن.
وهذه الآية نظير قوله تعالى: (واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم) في سورة الزمر.
والمعنى: وأمر قومك يأخذوا بما فيها لحسنها.

قال تعالى: (ولما سقط قي أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا...) [الأعراف: 149] متى كان ذلك؟ وما سببه؟
كان مقتضى الظاهر في ترتيب حكاية الحوادث أن تتأخر هذه الآية عن قوله: (ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا) لأنهم ما سقط في أيديهم إلا بسبب حادث حدث انكشف لهم بسببه ضلالهم، وهو رجوع موسى وما رأوه من فرط غضبه وتوبيخه أخاه وإياهم.
وإنما خولف مقتضى الترتيب تعجيلا بذكر ما كان لاتخاذهم العجل من عاقبة الندامة وتبين الضلالة، موعظة للسامعين لكيلا يعجلوا في التحول عن سننهم حتى يتبينوا عواقب ما هم متحولون إليه.

ما سبب قول موسى: (رب لو شئت أهلكتهم من قبل...) [الأعراف: 155] ؟ وقوله: (أتهلكنا بما فعل السفهاء منا)؟ وما معناه؟
(لو) في قوله: (لو شئت أهلكتهم) يجوز أن تكون مستعملة في التمني، أي: ليتك أهلكت السبعين من قبل خطيئة القوم التي تسبب عنها الرجوع إلى المناجاة، وأهلكتني فلا أشهد هلاكهم.
ويجوز أن يكون الحرف (لو) مستعملا في معناه الأصلي من امتناع جوابه لامتناع شرطه، أي: لو شئت لأهلكتهم من قبل وإياي، فيكون المعنى اعترافا بمنة العفو عنهم فيما سبق، وتمهيدا للتعريض بطلب العفو عنهم الآن
والاستفهام في قوله: (أتهلكنا) مستعمل في التفجع، أي: أخشى ذلك، لأن القوم استحقوا العذاب، ويخشى أن يشمل عذاب الله من كان مع القوم المستحقين وإن لم يشاركهم في سبب العذاب.
فالمعنى: أنك لم تشأ إهلاكهم حين تلبسوا بعبادة العجل فلا تهلكهم الآن.

قال تعالى: (اسكنوا هذه القرية وكلوا...) [الأعراف: 161] وقال في البقرة: (ادخلوا هذه القرية فكلوا...) هل هذه القرية هي المرادة بقوله تعالى: (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة) في سورة المائدة؟ وما سر التعبير كل مرة بصيغة؟
نعم هي القرية ذاتها.
وكثير من اختلاف الألفاظ في هذه القصة بين هذه السورة وسورة البقرة إنما هو تفنن في حكايتها، فهم قد قيل لهم: ادخلوا القرية واسكنوها، كما هي عادة القرآن في تغيير أسلوب القصص استجدادا لنشاط السامع.
وفي بعض الاختلافات أوجه ذكرها ابن عاشور عند هذا الموضع.

(كما أخرجك ربك) [الأنفال: 5] ما نوع الكاف هنا؟ وعلامَ تدل؟
الكاف هنا للتشبيه.
وهو تشبيه حال بحال، متصل بما قبله، بتقدير مبتدأ محذوف تقديره: هذا الحال كحال ما أخرجك ربك من بيتك بالحق. ووجه الشبه هو كراهية المؤمنين في بادئ الأمر لما هو خير لهم في الواقع.
فالتشبيه تمثيلي وليس مراعى فيه تشبيه بعض أجزاء الهيئة المشبهة ببعض أجزاء الهيئة المشبه بها، أي أن ما كرهتموه من قسمة الأنفال على خلاف مشتهاكم سيكون فيه خير عظيم لكم كما هي عادة الله بكم في أمره ونهيه.
وهذا أحسن الوجوه.
 
الأخوين: عدنان، وأفنان:
جزاكما الله خيرا.

أولاً:
الكلام على لسان أم مريم وليس على لسان مريم.
ثانياً:
سواء كان الكلام كلاما محكيا على لسان أم مريم أو كلام الله تعالى يبقى مضمون العبارة صحيحا فليس الذكر كالأنثى.

للتنبيه ورفع التوهم.

أحسنت أخي، وحقا قد وقع لي سبق كتابة فأنا أقصد امراة عمران.

أما ما ذكرته فيفيد فيما يسميه العلماء بالمتصل لفظا المنفصل معنى، ويصلح له مثالا، وإن كان المعنى صحيحا في كلا الحالين كما تفضلت.
 
أخي الحبيب : هذه الآية أعيت العلماء من قبلك , فقد استفدنا من الشيخ الدكتور محمد ولد سيدي حبيب الجكني الشنقيطي في برنامج التفسير المباشر يوم الجمعة 7 رمضان 1430 أن هذه الآية أصعب آية في القرآن تفسيرا وإعرابا وتوجيها للقراءات , حتى إن الدكتور / عبد الرحمن الشهري قال له : ( من أصعب الآيات ) فقال له الشيخ : بل هي أصعب الآيات على الإطلاق .
ثم اطلعت على تفسير القرطبي فوجدته نقل عن الإمام مكي رحمه الله قوله : هذه الآيات الثلاث (106 - 107 - 108) عند أهل المعاني من أشكل ما في القرآن إعرابا ومعنًى وحُكماً .

جزاكم الله خيراً على هذه الكناشة الرمضانية الملئية بالفوائد القيمة. لكن هل تسمحون لأمثالي من طويلبات العلم المشاركة معكم ولو بخواطر تأتي في البال عند تدبر آيات القرآن الكريم؟

أضيف سؤالاً آخر كنت قد طرحته ليُسأل في التفسير المباشر لكن لم يتم الإجابة عنه وهو بخصوص الشاهدين الآخرين أسأل كيف يشهدان على ما لم يروه عندما وصى الميت أمام الشاهدان الأوليان وكيف يؤخذ شهادة من لم ير أو يحضر الوصية على من شهادة من رأى وحضر؟
 
خامساً : من الفوائد التي ظهرت لي أثناء القراءة أن الله لم يذكر القتل في حق رسول من الرسل ، وإنما ذكره في حق بعض الأنبياء .
وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61) البقرة
قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91) البقرة
وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) آل عمران
فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ (155) النساء
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) آل عمران
وغيرها ربما ، ولعل الحكمة في ذلك أن الرسلَ الذين جاءوا برسالات وشرائع جديدة معصومون من القتل بعصمة الله لهم وحفظه ، فلا يصل إليهم الأعداء . وأما الأنبياء الذين يأتون ليجددوا رسالات السابقين فقد يقتلون والله أعلم .
ولم أجد آية يمكن أن تخرم هذا الاستقراء إلا قوله تعالى :(قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183)
والرسل فيها المقصود بهم الأنبياء في الآيات التي قبلها بقليل ، فقد لا تعتبر خارمة لهذا الاستقراء والله أعلم . ولعل مزيد من الاستقراء يصحح هذه المعلومة أو يبطلها .




إسمحوا لي برأي في موضوع عدم ذكر قتل الرسل لأن الرسل يجب أن يكونوا معصومين من القتل وإلا لكان كل رسول أتى بما لم يعجب قومه لقتلوه من أول لحظة وما تركوا له فرصة ليُبيّن رسالته ولا ليدعو قومه فعلى سبيل المثال لو تمكن فرعون من قتل موسى عليه السلام من أول ما بدأ الدعوة لما خرج بنو إسرائيل من مصر ولبقي فرعون يستبد ببني إسرائيل ولو قتل قوم نوح نوحاً لما حمل معه في السفينة من كل زوجين اثنين ونشر الدين ولو تمكن كفار قريش من قتل النبي قبل خروجه إلى المدينة لما أسست دولة الإسلام في المدينة المنورة وهذا ينطبق على باقي الرسل، هذا والله أعلم.
 
إستنباطات جميل

لا تنقضي عجائبه ....

وفقنا الله لإستخراج المكنون من كنوز الكتاب الكريم....
 
[align=center]الجزء العاشر[/align]
قال تعالى: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله...) [التوبة: 36] ما المراد بهذه الأشهر؟
في هذه الآية استئناف قصد به إقامة نظام التوقيت للأمّة على الوجه الحق الصالح لجميع البشر، والمناسب لما وضع الله عليه نظام العالم الأرضي، وما يتّصل به من نظام العوالم السماوية، بوجه محكم لا مدخل لتحكّمات الناس فيه.
والمراد بالشهور: الشهور القمرية بقرينة المقام، لأنّها المعروفة عند العرب وعند أغلب الأمم، وهي أقدم أشهر التوقيت في البشر وأضبطها لأنّ اختلاف أحوال القمر مساعد على اتّخاذ تلك الأحوال مواقيت للمواعيد والآجال، وتاريخِ الحوادث الماضية، بمجرّد المشاهدة، فإنّ القمر كرة تابعة لنظام الأرض
فمعنى قوله: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً) :أنّها كذلك في النظام الذي وضَع عليه هذه الأرض التي جعلها مقرَّ البشر باعتبار تمايز كلّ واحد فيها عن الآخر، فإذا تجاوزت الاثني عشر صار ما زاد على الاثني عشر مماثلاً لنظير له في وقت حلوله فاعتبر شيئاً مكرّراً.
وهذه الأشهر معلومة بأسمائها عند العرب، وقد اصطلحوا على أن جعلوا ابتداء حسابها بعد موسم الحجّ، فمبدأ السنة عندهم هو ظهور الهلال الذي بعد انتهاء الحجّ وذلك هلال المحرّم، فلذلك كان أول السنة العربية شهر المحرم بلا شكّ.

قال تعالى: (ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون) [التوبة: 56] ما وجه الاستدراك هنا بلفظ (يفرقون)؟
مقتضى الاستدراك: أن يكون المستدرك أنّهم ليسوا منكم، أي كافرون، فحُذف المستدرك استغناء بأداة الاستدراك، وذُكر ما هو كالجواب عن ظاهر حالهم من الإيمان بأنّه تظاهر باطل وبأنّ الذي دعاهم إلى التظاهر بالإيمان في حال كفرهم: هم أنّهم يفرَقون من المؤمنين، فحصل إيجاز بديع في الكلام إذ استغني بالمذكور عن جملتين محذوفتين.

قال تعالى: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض...) [التوبة: 71] ختمت الآية بقوله: (إن الله عزيز حكيم) فما وجه المناسبة في ذلك؟
جملة: (إن الله عزيز حكيم) تعليل لجملة (سيرحمهم الله) أي: أنّه تعالى لعزّته ينفع أولياءه وأنّه لحكمته يضع الجزاء لمستحقّه.

قال تعالى: (يحلفون بالله ما قالوا) ولم يذكر الذي هذا الذي حلفوا أنهم لم يقولوه، فما هو؟
مفعول ما قالوا محذوف دلّ عليه قوله: (ولقد قالوا كلمة الكفر).
فكلمة الكفر جنس لكلّ كلام فيه تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم. فالكلمات الصادرة عنهم على اختلافها ما هي إلاّ أفرادٌ من هذا الجنس كما دلّ عليه إسناد القول إلى ضمير جماعةِ المنافقين
وقيل: المراد كلمة صدرت من بعض المنافقين تدلّ على تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم فعن عروة بن الزبير، ومجاهد، وابن إسحاق أنّ الجُلاَسَ بنَ سُويد بننِ الصامت قال: لئن كان ما يقول محمد حقّاً لنحن أشرّ من حميرنا هذه التي نحن عليها، فأخبَر عنه ربيبُه النبي فدعاه النبي وسأله عن مقالته، فحلف بالله ما قال ذلك. وقيل: بل نزلت في عبد الله بن أُبي بن سَلُول لقوله الذي حكاه الله عنه بقوله: (يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليُخْرِجَنّ الأعز منها الأذل) فسعى به رجل من المسلمين فأرسل إليه رسول الله فسأله فجعل يحلف بالله ما قال ذلك.
فعلى هذه الروايات يكون إسناد القول إلى ضمير جمعٍ كناية عن إخفاء اسم القائل كما يقال ما بال أقوام يفعلون كذا. وقد فعله واحد، أو باعتبار قولِ واحدٍ وسماع البقية فجُعلوا مشاركين في التبعة كما يقال: بنو فلان قتلوا فلاناً وإنّما قتله واحد من القبيلة، وعلى فرض صحّة وقوع كلمة من واحد معيّن فذلك لا يقتضي أنّه لم يشاركه فيها غيره لأنّهم كانوا يتآمرون على ما يختلقونه. وكان ما يصدر من واحد منهم يتلقفه جلساؤه وأصحابه ويشاركونه فيه.
 
ومما ورد في حلقة الأمس من التفسير المباشر في الجزء العاشر:

ما سبب ورود الآيات ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31)) التي تتحدث عن اليهود والنصارى بين الآيات التي تتحدث عن المشركين؟

الآيات وهي تتكلم عن اليهود كان الكلام عن جانب معين وهو جانب الشرك حيث أشركوا مع الله فجعلوا عُزير ابن الله وكذلك النصارى أشركت وجعلت المسيح ابن الله فحتى الحديث عن اليهود والنصارى كان من جانب الشرك الذي يشابهون فيه مشركي العرب.
ويستطرد الحديث بعض ما وقع فيه اليهود والنصارى من اتخاذ أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله وكنزهم للذهب والفضة وعدم إنفاقهم في سبيل الله.
 
ومما جاء في سبب تأخير الإجابة عن السؤال الذي ورد في أول سورة الأنفال (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) إلى الآية 41 من السورة (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) أن في أمران:

أولهما : صرف نظر المؤمنين لما هو أهمّ من الغنائم ألا وهو الجهاد في سبيل الله وتربيتهم على معنى الجهاد فليست الغنائم هي الهدف بحد ذاتها وإنما الهدف هو الجهاد في سبيل الله، فبعد أن جاءت الاية الأولى بالسؤال عن الأنفال ترك الإجابة عليه وتحدثت الآيات عن الجهاد ثم بعد أربعين آية ذكر الإجابة على سؤالهم.
وثانيهما: تأديب المؤمنين على معنى التسليم لله ورسوله فإذا قال الله تعالى (قل الأنفال لله ورسوله) فهذه تكفي المؤمنين لأن يسلموا لله ورسوله.
 
[align=center]الجزء الحادي عشر[/align]

قال تعالى: (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار ... ثم تاب عليهم) [التوبة: 117] ما الذي يفيده حرف (ثم) هنا؟ وما معنى التوبة في كل موضع؟
جملة (ثم تاب عليهم) عطف على جملة (لقد تاب الله) أي تاب على غير هذا الفريق مطلقاً، وتاب على هذا الفريق بعد ما كادت قلوبهم تزيغ، فتكون (ثم) على أصلها من المهلة. وذلك كقوله في نظير هذه الآية: (ثم تاب عليهم ليتوبوا). والمعنى تاب عليهم فأهموا به وخرجوا فلقوا المشقة والعسر، فالضمير في قوله: (عليهم) للـ(فريق).
وجوز كثير من المفسرين أن تكون (ثم) للترتيب في الذكر، والجملة بعدها توكيداً لجملة (تاب الله)، فالضمير للمهاجرين والأنصار كلهم.
والمقصود من التوبة عليهم في الموضعين هو أنه تعالى قد غفر لهم ولم يؤاخذهم بما قد يحسبون أنه يسبب مؤاخذة.

قال تعالى: (أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين...) [التوبة: 126] ما لمراد بالفتنة هنا؟
معنى (أنهم يفتنون) أن الله يسلط عليهم المصائب والمضار تنال جماعتهم مما لا يُعتاد تكرر أمثاله في حياة الأمم بحيث يدل تكرر ذلك على أنه مراد منه إيقاظ اللّه الناس إلى سوء سيرتهم في جانب الله تعالى، بعدم اهتدائهم إلى الإقلاع عما هم فيه من العناد للنبي صلى الله عليه وسلم فإنهم لو رزقوا التوفيق لأفاقوا من غفلتهم، فعلِموا أن ما يحل بهم كل عام ما طرأ عليهم إلا من وقت تلبسهم بالنفاق.
ولا شك أن الفتنة التي أشارت إليها الآية كانت خاصة بأهل النفاق من أمراض تحل بهم، أو متالف تصيب أموالهم، أو جوائح تصيب ثمارهم، أو نقص من أنفسهم ومواليدهم؛ فإذا حصل شيئان من ذلك في السنة كانت الفتنة مرتين.

قال تعالى: (دعواهم فيها سبحانك اللهم ...) [يونس: 10] لماذا جاء الاقتصار على هذه الأمور الثلاثة؟ وما المراد بهذه الآية؟
الاقتصار على كون دعواهم فيها كلمة (سبحانك اللهم) يشعر بأنهم لا دعوى لهم في الجنة غير ذلك القول، ولكن قوله: (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) يفيد أن هذا التحميد من دعواهم، فتحصل من ذلك أن لهم دعوى وخاتمة دعوى.
ووجه ذكر هذا في عدد أحوالهم أنها تدل على أن ما هم فيه من النعيم هو غايات الراغبين بحيث إن أرادوا أن ينعَموا بمقام دعاء ربهم الذي هو مقام القرب لم يجدوا أنفسهم مشتاقين لشيء يسألونه فاعتاضوا عن السؤال بالثناء على ربهم فألهموا إلى التزام التسبيح لأنه أدل لفظ على التمجيد والتنزيه، فهو جامع للعبارة عن الكمالات.
ووجه ذكر تحيتهم في هذه الآية الإشارة إلى أنهم في أنس وحبور، وذلك من أعظم لذات النفس.
ومعنى (آخر دعواهم) أنهم يختمون به دعائهم، فهم يكررون: (سبحانك اللهم) فإذا أرادوا الانتقال إلى حالة أخرى من أحوال النعيم أنهوا دعائهم بجملة (الحمد لله رب العالمين).
جعلني الله وإياكم منهم .. اللهم آمين.

ما وجه التفرقة بين قوله تعالى: (ومنهم من يستمعون إليك) [يونس: 42] وقوله: (ومنهم من يَنظر إليك) إذ جيء بضمير الجمع في الأول وبضمير المفرد في الثاني؟
الوجه أن كلا الاستعمالين سواءٌ في مراعاة لفظ (من) ومعناها، فلعل الابتداء بالجمع في صلة (مَن) الأولى الإشارة إلى أن المراد بـ(من) غير واحد معيَّن وأن العدول عن الجمع في صلة (من) الثانية هو التفنن وكراهية إعادة صيغة الجمع لثقلها لا سيما بعد أن حصل فهم المراد، أو لعل اختلاف الصيغتين للمناسبة مع مادة فعلي (يستمع) و(ينظر). ففعل (ينظر) لا تلائمه صيغة الجمع لأن حروفه أثقل من حروف (يَستمع) فيكون العدول استقصاء لمقتضى الفصاحة.

قال تعالى: (وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن) [يونس: 66] ما نوع (ما) هنا؟ وكيف يكون المراد بالآية؟
(ما) نافية لا محالة، بقرينة تأكيدها بـ(إنْ) النَّافية، وإيراد الاستثناء بعدهما. و (شركاء) مفعول يدْعون) الذي هو صلة (الذين).
وجملة: (إن يتبعون) تَوكيدٌ لَفظي لجملة (ما يتبع الذين يدعون) وأعيد مضمونها قضاء لحق الفصاحة حيث حصل من البعد بين المستثنى والمستثنى منه بسبب الصلة الطويلة ما يشبه التعقيد اللفظي وذلك لا يليق بأفصح كلام مع إفادة تلك الإعادة مفاد التأكيد لأن المقام يقتضي الإمعان في إثبات الغرض.
و (الظن) مفعول لِكلا فعلي (يتَّبعُ، ويتْبعون) فإنهما كفعل واحد.
فالتقدير: وما يتبع المشركون إلا الظنّ وإن هم إلا يخرصون.
على أن من المفسرين من يجعل (ما) استفهامية، فيكون التقدير: وأي شيء يتبع من يدعو غير الله من الشركاء؟ ما يتبعون إلا الظن وإنهم إلا يخرصون.

ما تقدير الكلام وترتيبه في قوله تعالى: (قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا) [يونس: 77]؟
مفعول (أتقولون) محذوف لدلالة الكلام عليه وهو (إنّ هذا لسحر مبين) فالتقدير: أتقولون هذا القول للحق لمَّا جاءكم.
وجملة: (أسحر هذا) مستأنفة للتوبيخ والإنكار، أنكر موسى عليهم وصفهم الآيات الحق بأنها سحر.

قال تعالى: (قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله) [يونس: 81] ما إعراب هذه الآية؟ وكيف يكون معناها؟(ما) في قوله: (ما جئتم به) اسم موصول مبتدأ، و (السحرُ) عطفَ بيان لاسم الموصول. و (إن الله سيبطله) خبر (ما) الموصولة.

قال تعالى: (ربنا إنك آتيت فرعون ملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك) [يونس: 88] ما نوع اللام في قوله: (ليضلوا)؟
تردد المفسرون في محل اللام. والذي سلكه أهل التدقيق منهم أن اللام لام العاقبة. ونُقل ذلك عن نحاة البصرة: الخليل وسيبويه، والأخفش، وأصحابهما، على نحو اللام في قوله تعالى: (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً).

قال تعالى: (فلولا كانت قرية فنفعها إيمانها إلا قوم يونس ...) [يونس: 98] ما معنى الآية؟ وما نوع الاستثناء هنا؟
(لولا) هنا مستعملة للتغيلط والتنديم والتوبيخ على فوات هذا الأمر وهو الإيمان. كقوله تعالى: (لولا جاؤا عليه بأربعة شهداء) وقوله: (فلولا إذ جاءهم باسنا تضرعوا) ونظير هذه الآية استعمالا ومعنى قوله تعالى: (فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم).
والمستخلص من الروايات الواردة في قوم يونس أنهم بادروا إلى الإيمان بعد أن فارقهم يونس، توقعاً لنزول العذاب، وقبل أن ينزل بهم العذاب، وذلك دليل على أن معاملة الله إياهم ليست مخالفة لما عامل به غيرهم من أهل القرى، وأن ليست لقوم يونس خصوصية، وبذلك لا يكون استثنائهم استثناءاً منقطعاً، فهذا هو وجه تفسير الآية.
وجمهور المفسرين جعلوا جملة: (فلولا كانت قرية آمنت) في قوة المنفية، وجعلوا الاستثناء منقطعاً منصوباً ولا داعي إلى ذلك.

قال تعالى: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا) [يونس: 89] ما سبب التأكيد بلفظي (كل) و (جميع) ؟
التأكيد بـ(كلهم) للتنصيص على العموم المستفاد من (مَن) الموصولة فإنها للعموم، والتأكيد بـ( جميعاً) لزيادة رفع احتمال العموم العرفي دون الحقيقي.
هكذا وجهها ابن عاشور، وهو أوضح من بيَّن الفرق من المفسرين الذين اطلعت على أقوالهم ولم أستقصِ.
ولكن لم يتبين لي تماما مقصوده من العبارة الأخيرة: (زيادة رفع احتمال العموم العرفي دون الحقيقي)
فمن يوضحها؟

جزاكم الله خيرا.
 
الأخت سمر..
أشكرك على كلماتك الطيبة، وعلى فوائدك الثمينة.

بالنسبة لقولك:

أضيف سؤالاً آخر كنت قد طرحته ليُسأل في التفسير المباشر لكن لم يتم الإجابة عنه وهو بخصوص الشاهدين الآخرين أسأل كيف يشهدان على ما لم يروه عندما وصى الميت أمام الشاهدان الأوليان وكيف يؤخذ شهادة من لم ير أو يحضر الوصية على من شهادة من رأى وحضر؟

فالشاهدان الآخران لا يتم الانتقال لشهادتهما إلا بعد أن يتبين أن الشاهدين الأولين قد كتما أو بدلا في الوصية وحنثا في يمينهما، وهذا لا يكون إلا ببينة واضحة، لأن الأصل أن الوصية تكون مطابقة للواقع، فإذا جاء أحد أولياء الميت وأثبت للميت شيئا كان الشاهدان لم يذكراه فهذا دليل على أنهما قد خانا، فيتم الانتقال إلى أيمان الشاهدين الآخرين.
وهذان الآخران إنما يثبتان إخفاء بعض التركة، أما باقي التركة فقد أثبتها الشاهدان الأولان اللذان حضرا الوصية، فمن باب أولى أن يثبتها الآخران، فبهذا تكتمل الوصية ويصل لكل ذي حق حقه دون نقصان.
 
[align=center]الجزء الثاني عشر[/align]

ما معنى قوله تعالى: (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ...) الآية [هود: 17] ؟
أغلقت معاني هذه الآية لكثرة الاحتمالات التي تعتورها.
وأوضح وجه وأقرب بالمعنى المقصود شبها: أن الفاء للتفريع على جملة : (أم يقولون افتراه ...) إلى (فهل أنتم مسلمون) [هود: 13-14] وأن ما بينهما اعتراض. أي: إن كان حال أولئك المكذبين كما وصف؛ فثم قوم هم بعكس حالهم قد نفعتهم البينات والشواهد، فهم يؤمنون بالقرآن وهم المسلمون، وذلك مقتضى قوله: (فهل أنتم مسلمون) أي كما أسلم من كانوا على بينة من ربهم منكم ومن أهل الكتاب.
والهمزة للاستفهام التقريري، أي: إن كفر به هؤلاء أفيؤمن به من كان على بينة من ربه؟ كقوله تعالى: (أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار) أي أنت تنقذ من في النار الذي حق عليه كلمة العذاب.
و (من كان على بينة من ربه) لا يراد بها شخص معين، وإفراد ضمائر (كان على بينة من ربه) مراعاة للفظ (من)، والجمع في (أولئك يومنون) مراعاة لمعناها، والتقدير: أفمن كانوا على بينة من ربهم أولئك يؤمنون به.
والذين هم على بينة من ربهم يجوز أن يكونوا من النصارى فقط أو من النصارى واليهود ممن آمن.
والبينة هي حجة مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم المبشر به في التوراة والإنجيل.
و (يتلوه) أي: يتبعه، مضارع التلو وهو الاتباع وليس من التلاوة. والضمير عائد إلى (من كان على بينة من ربه).
والمراد بـ(شاهد منه) شاهد من ربه، أي شاهد من الله وهو القرآن. ويجوز أن يعود الضمير على القرآن، أي شاهد من القرآن ذاته دال على صدقه وإعجازه.
و (من قبله) حال من (كتاب موسى) أي: ويتلوه (يتبعه) كتاب موسى (التوراة) حالة كونه من قبل هذا الشاهد (القرآن) أي سابقا عليه في النزول.
و(إماما ورحمة) حالان كذلك، ثناء على التوراة.
والإشارة في (أولئك) إلى (من كان على بينة من ربه)، وجملة (أولئك يومنون به) خبر (من كان على بينة من ربه). وضمير (به) عائد إلى القرآن.
وحاصل معنى الآية وارتباطها بما قبلها: فهل أنتم مسلمون فإن الذين يؤمنون به هم الذين كانوا على بينة من ربهم، مؤيدة بشاهد من ربهم، ومعضودة بكتاب موسى عليه السلام من قبل بينتهم.

قال تعالى: (ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) [هود: 119] ما معنى الاستثناء هنا؟ وما نوع اللام في قوله: (ولذلك خلقهم)؟
الحكمة التي أقيم عليها نظامُ هذا العالم اقتضت أن يكون نظام عقول البشر قابلاً للتطوّح بهم في مسلك الضّلالة أو في مسلك الهدى على مبلغ استقامة التفكير والنظر، لأنّ ذلك أوفى بإقامة مراد الله تعالى من مساعي البشر في هذه الحياة الدنيا الزائلة المخلوطة، لينتقلوا منها إلى عالم الحياة الأبديّة الخالصة إن خيراً فخير وإن شراً فشر، فلو خلق الإنسان على إلهام متّحد لا تَعْدوه -كما خلق إدراك الحيوانات العُجم على نظام لا تتخطّاه- لما كان العمل الصالح مقتضياً ثواب النعيم ولا كان الفساد مقتضياً عقاب الجحيم، فلا جرم أنّ الله خلق البشر على نظام من شأنه طريان الاختلاف بينهم في الأمور، ومنها أمر الصلاح والفساد في الأرض وهو أهمّها وأعظمها ليتفاوت الناس في مدارج الارتقاء ويَسْموا إلى مراتب الزلفى فتتميز أفراد هذا النوع في كل أنحاء الحياة.
فدل ذلك على الاختلاف دائم بينهم لأنّه من مقتضى ما جُبِلت عليه العقول.
ولمّا أشعر الاختلاف بأنه اختلاف في الدّين، وأنّ معناه العدول عن الحق إلى الباطل، لأنّ الحق لا يقبل التعدّد والاختلاف، عُقّب عموم (ولا يزالون مختلفين) باستثناء من ثبتوا على الدين الحق ولم يخالفوه بقوله: (إلاّ من رحم ربك)، أي فعصمهم من الاختلاف.
فاللاّم في قوله: (ولذلك خلقهم) للتعليل لأنّه لمّا خلقهم على جِبِلّة قاضية باختلاف الآراء والنزعات وكان مريداً لمقتضى تلك الجبلّة وعالماً به كما بيّناه آنفاً كان الاختلاف علّة غائية لخلقهم.

ما أقوال العلماء في توجيه قوله تعالى: (ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه) [يوسف: 24] ؟
جملة (ولقد همت به) مستأنفة استئنافاً ابتدائياً. أي أنها كانت جادة فيما راودته لا مختبرة. والمقصود من ذكر هَمّها به التمهيد إلى ذكر انتفاء همه بها لبيان الفرق بين حاليهما في الدين فإنه معصوم.
وجملة (وهَمّ بها لولا أن رأى برهان ربه) معطوفة على جملة (ولقد همت به) كلها. وليست معطوفة على جملة (همت) التي هي جواب القسم المدلول عليه باللام، لأنه لما أردفت جملة (وهمّ بها) بجملة شرط (لولا) المتمحض لكونه من أحوال يوسف عليه السّلام وحْده لا من أحوال امرأة العزيز تعين أنه لا علاقة بين الجملتين، فتعين أن الثانية مستقلة لاختصاص شرطها بحال المسند إليه فيها.
فالتقدير: ولولا أن رأى برهان ربه لَهَمّ بها، فقدم الجواب على شرطه للاهتمام به.
فيحسن الوقف على قوله: (ولقد همت به) ليظهر معنى الابتداء بجملة (وهَمّ بها) واضحاً. وبذلك يظهر أن يوسف عليه السّلام لم يخالطه همّ بامرأة العزيز لأن الله عصمه من الهمّ بالمعصية بما أراه من البرهان.
قال أبو حاتم: كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة فلما أتيت على قوله: (ولقد همّت به وهمّ بها) الآية قال أبو عبيدة: هذا على التقديم والتأخير، أي تقديم الجواب وتأخير الشرط، كأنه قال: ولقد همّت به ولولا أن رأى برهان ربه لَهَمّ بها.
وطعن في هذا التأويل الطبري بأن جواب (لولا) لا يتقدم عليها. ويدفع هذا الطعن أن أبا عبيدة لما قال ذلك علمنا أنه لا يرى منع تقديم جواب (لولا).
وقال جماعة: هَمّ يوسف بأن يجيبها لما دعته إليه ثم ارعوى وانكفّ على ذلك لما رأى برهان ربه. قاله ابن عباس، وقتادة، وابن أبي مليكة، وثعْلب. وبيان هذا أنه انصرف عمّا همّ به بحفظ الله أو بعصمته، والهمّ بالسيئة مع الكف عن إيقاعها ليس بكبيرة فلا ينافي عصمة الأنبياء من الكبائر قبل النبوءة على قول من رأى عصمتهم منها قبل النبوءة، وهو قول الجمهور، وفيه خلاف، ولذلك جوز ابن عباس ذلك على يوسف. وقال جماعة: هَمّ يوسف وأخذ في التهيّؤ لذلك فرأى برهاناً صرفه عن ذلك فأقلع عن ذلك. وهذا قول السديّ، ورواية عن ابن عباس. وهو يرجع إلى ما بيناه في القول الذي قبله.
 
[align=center]الجزء الثالث عشر[/align]

قال تعالى: (ولما جهزهم بجهازهم قال اتوني بأخ لكم من أبيكم) [يوسف: 59] ما تعليل هذا الطلب؟ وكيف طلبه منهم دون أن ينكشف أمره لهم؟
قوله: (ائتوني بأخ لكم) يقتضي وقوع حديث منهم عن أن لهم أخا من أبيهم لم يحضر معهم وإلا لكان إنبَاء يوسف عليه السلام لهم بهذا يشعرهم أنه يكلمهم عارفاً بهم وهو لا يريد أن يكشف ذلك لهم. وفي التوراة أن يوسف عليه السلام احتال لذلك بأن أوهمهم أنه اتهمهم أن يكونوا جواسيس للعدو وأنهم تبرئوا من ذلك فعرفوه بمكانهم من قومهم وبأبيهم وعدد عائلتهم، فلما ذكروا ذلك له أظهر أنه يأخذ أحدهم رهينة عنده إلى أن يرجعوا ويأتوا بأخيهم الأصغر ليصدّقوا قولهم فيما أخبروه.

ما المقصود بقوله تعالى: (قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) [يوسف:75] ؟
(جزاؤه) الأول مبتدأ، و (مَن) يجوز أن تكون شرطية وهي مبتدأ ثان و جملة (وجد في رحله) جملة الشرط وجملة (فهو جزاؤه) جواب الشرط، والفاء رابطة للجواب، والجملة المركبة من الشرط وجوابه خبر عن المبتدأ الأول.
ويجوز أن تكون (من) موصولة مبتدأ ثانياً، وجملة (وجد في رحله) صلة الموصول. والمعنى أن من وجد في رحله الصوَاع هو جزاء السرقة، أي ذاته هي جزاء السرقة، فالمعنى أن ذاته تكون عِوضاً عن هذه الجريمة، أي أن يصير رفيقاً لصاحب الصواع ليتمّ معنى الجزاء بذات أخرى. وهذا معلوم من السياق إذ ليس المراد إتلاف ذات السارق لأن السرقة لا تبلغ عقوبتها حدّ القتل. فتكون جملة (فهو جزاؤه) توكيداً لفظياً لجملة (جزاؤه من وجد في رحله)، لتقرير الحكم وعدم الانفلات منه. وقد حَكَم إخوة يوسف عليه السلام على أنفسهم بذلك وتراضوا عليه فلزمهم ما التزموه.

(قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) [يوسف:77] ماذا يقصدون؟
لما بُهتوا بوجود الصُّوَاع في رحل أخيهم اعتراهم ما يعتري المبهوت فاعتذروا عن دعواهم تنزُّهِهم عن السرقة إذ قالوا: (وما كنا سارقين) عذراً بأن أخاهم قد تسرّبت إليه خصلة السرقة من غير جانب أبيهم فزعموا أن أخاه الذي أشيع فقده كان سرق من قبلُ، وقد علم فتيان يوسف عليه السلام أن المتهم أخ من أمّ أخرى، فهذا اعتذار بتعريض بجانب أمّ أخويهم وهي زوجة أبيهم، فكان قولهم: (قد سرق أخ له من قبل) بهتاناً ونفياً للمعرة عن أنفسهم.

مما شاع أن قول يعقوب عليه السلام (سوف أستغفر لكم ربي) يدل على التسويف، فهل يصح هذا؟
الذي يعلم من السياق أنه استغفر لهم في الحال بدلالة الفحوى؛ ولكنه أراد أن ينبههم إلى عظم الذنب وعظمة الله تعالى وأنه سيكرر الاستغفار لهم في أزمنة مستقبلة.
وقيل: أخّر الاستغفار لهم إلى ساعة هي مظنة الإجابة. وعن ابن عباس مرفوعاً أنه أخر إلى ليلة الجمعة، رواه الطبري. وقال ابن كثير: في رفعه نظر.

قال تعالى: (أفلم ييأس الذين آمنوا ألو يشاء الله لهدى الناس جميع) [الرعد: 31] ما دلالة كلمة (ييأس) على المقصود؟(ييأس) بمعنى يوقن ويعلم، ولا يستعمل هذا الفعل إلا مع (أن) المصدرية، وأصله مشتق من اليَأس الّذي هو تيقّن عدم حصول المطلوب بعد البحث، فاستعمل في مطلق اليقين على طريقة المجاز المرسل بعلاقة اللزوم لتضمن معنى اليأس معنى العلم وشاع ذلك حتى صار حقيقة، ومنه قول سُحَيم بن وَثيل الرياحي:
أقول لهم بالشّعْب إذ يَيْسرُونَنِي ألم تأيسوا أني ابنُ فارس زهدم
وشواهد أخرى.
وقد قيل: إن استعمال يَئِس بمعنى عَلِم لغة هَوازن أو لغة بنِي وَهْبيل (فخذ من النخَع سمي باسم جَد). وليس هنالك ما يلجىء إلى هذا. هذا إذا جعل (أن لو يشاء الله) مفعولاً لـ (ييأس).
ويجوز أن يكون متعلق (ييأس) محذوفاً دل عليه المقام. تقديره: مِن إيمان هَؤلاء، ويكونَ (أن لو يشاء الله) مجروراً بلام تعليل محذوفة. والتقدير: لأنه لو يشاء الله لهدى الناس، فيكون تعليلاً لإنكار عَدَم يأسهم على تقدير حصوله.

ما سر التعبير بقوله تعالى: (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) [إبراهيم: 46] للدلالة على أن مكرهم ليس بشيء؟
في هذا تعريض بأن الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين الذين يريد المشركون المكر بهم لا يزعزعهم مكرهم لأنهم كالجبال الرواسي.
 
[align=center]الجزء الرابع عشر[/align]

علامَ يعود الضمير في قوله تعالى: (وإنهما لبإمام مبين) [الحجر: 79] ؟ لأنه قد تقدم قوله: (وإنها لبسبيل مقيم)
ضمير (إنهما) لقرية قوم لوط وأيكة قوم شعيب عليهما السلام.
والإمام: الطريق الواضح لأنه يأتمّ به السائر، أي يعرف أنه يوصل إذ لا يخفى عنه شيء منه. والمبين: البيّن، أي أن كلتا القريتين بطريق القوافل بأهل مكّة.
وقد تقدم قوله (وإنها لبسبيل مقيم) فإدخال مدينة لوط عليه السلام في الضمير هنا تأكيد للأول.
ويظهر أن ضمير التثنية عائد على أصحاب الأيكة باعتبار أنهم قبيلتان، وهما مدين وسكان الغيضة الأصليون الذين نزل مدين بجوارهم، فإن إبراهيم عليه السلام أسكن ابنه مَدين في شرق بلاد الخليل، ولا يكون إلا في أرض مأهولة. وهذا عندي هو مقتضى ذكر قوم شعيْب عليه السلام باسم مَدين مرّات وباسم أصحاب الأيكة مرّات.

قال تعالى: (أو يأخذكم على تخوُّف فإن ربكم لرءوف رحيم) [النحل: 47] ما أقوال العلماء في معنى التخُّوف؟
التخوّف في اللغة يأتي مصدر تخوّف القاصر بمعنى خاف ومصدر تخوّف المتعدّي بمعنى تنقّص، وهذا الثاني لغة هذيل، وهي من اللغات الفصيحة التي جاء بها القرآن.
فللآية معنيان: إما أن يكون المعنى يأخذهم وهم في حالة توقّع نزول العذاب بأن يريهم مقدماته مثل الرعد قبل الصّواعق، وإما أن يكون المعنى يأخذهم وهم في حالة تنقّص من قبل أن يتنقّصهم قبل الأخذ بأن يكثر فيهم الموتان والفقر والقحط.

ما وجه العبرة في قوله تعالى: (أولم يروا إلى ما خلق الله من شيء يتفيؤ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون) [النحل: 48] ؟
في هذه الآية انتقال إلى دلالةٍ من حال الأجسام التي على الأرض كلِّها مشعرةٍ بخضوعها لله تعالى خضوعاً مقارناً لوجودها وتقلّبها آناً فَآناً علم بذلك من علمه وجهله من جهله. وأنبأ عنه لسان الحال بالنسبة لِما لا علم له، وهو ما خلق الله عليه النظام الأرضي خلقاً ينطق لسان حاله بالعبودية لله تعالى، وذلك في أشدّ الأعراض مُلازمةً للذوات، ومطابَقَةً لأشكالها وهو الظلّ.
ومعنى سجود الظلال أن الله خلقها من أعراض الأجسام الأرضية، فهي مرتبطة بنظام انعكاس أشعة الشمس عليها وانتهاء الأشعة إلى صلابة وجه الأرض حتى تكون الظلال واقعة على الأرض وُقوعَ الساجد، فإذا كان من الناس من يأبى السجود لله أو يتركه اشتغالاً عنه بالسجود للأصنام فقد جعل الله مثاله شاهداً على استحقاق الله السجود إليه شهادة رمزية. ولو جعل الله الشمس شمسين متقابلتين على السواء لانعدمت الظلال، ولو جعل وجه الأرض شفافاً أو لامعاً كالماء لم يظهر الظل عليه بيّنا. فهذا من رموز الصنعة التي أوجدها الله وأدقّها دقة بديعة. وجعل نظام الموجودات الأرضية مهيئة لها في الخلقة لحكم مجتمعة، منها: أن تكون رموزاً دالّة على انفراده تعالى بالإلهية، وعلى حاجة المخلوقات إليه، وجعل أكثرها في نوع الإنسان لأن نوعه مختص بالكفران دون الحيوان.
والغرض من هذا الاستدلال الرمزي التنبيه لدقائق الصنع الإلهي كيف جاء على نظام مطّرد دال بعضه على بعض، كما قيل:
وفي كل شيء له آية تدلّ على أنه الواحد
والاستدلال مع ذلك على أن الأشياء تسجد لله لأن ظلالها واقعة على الأرض في كل مكان.

قال تعالى: (وإن لكم في الأنعام لغبرة نسقيكم مما في بطونه) [النحل: 66] ما وجه تذكير (بطونه)؟
وإفراد ضمير الأنعام هنا مراعاة لكون اللفظ مفرداً لأن اسم الجمع لفظ مفرد، إذ ليس من صيغ الجموع، فقد يراعى اللفظ فيأتي ضميره مفرداً، وقد يراعى معناه فيعامل معاملة الجموع، كما في آية سورة المؤمنين (نسقيكم مما في بطونها).

قال تعالى: (وإذا بدلنا آية مكان آية والله أ‘لم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر) [النحل: 101] ما المراد بالتبديل هنا؟
روي عن ابن عباس أنه قال: «كان إذا نزلت آية فيها شدّة ثم نزلت آية ألين منها يقول كفار قريش: والله ما محمد إلا يسخر بأصحابه، اليوم يأمر بأمرٍ وغداً ينهى عنه، وأنه لا يقول هذه الأشياء إلا من عند نفسه» اهـ.
وهذه الكلمة أحسن ما قالهُ المفسّرون في حاصل معنى هذه الآية. فالمراد من التبديل في قوله تعالى؛ (بدلنا) مطلقُ التغاير بين الأغراض والمقامات، أو التغاير في المعاني واختلافها باختلاف المقاصد والمقامات مع وضوح الجمع بين محاملها.
فيشمل التبديلُ نسخ الأحكام، وهذا قليل في القرآن الذي يقرأ على المشركين لأن نسخ الأحكام إنما كثر بعد الهجرة حين تكوّنت الجامعة الإسلامية، وأما نسخُ التلاوة فلم يرد من الآثار ما يقتضي وقوعه في مكّة فمن فسّر به الآية كما نقل عن مجاهد فهو مشكل.
ويشمل التعارض بالعموم والخصوص ونحو ذلك من التعارض الذي يحمل بعضه على بعض، فيفسّر بعضه بعضاً ويؤوّل بعضه بعضاً.
 
[align=center]الجزء الخامس عشر[/align]

ما رأي ابن عاشور في الإفسادين الذين قال الله عنهما: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين) [الإسراء: 4] ؟
هذه الآية تشير إلى حوادث عظيمة بين بني إسرائيل وأعدائهم من أمتين عظيمتين: حوادث بينهم وبين البابليين، وحوادث بينهم وبين الرومانيين. فانقسمت بهذا الاعتبار إلى نوعين: نوع منهما تنْدَرج فيه حوادثهم مع البابليين، والنوع الآخر حوادثهم مع الرومانيين، فعبر عن النوعين بمرتين لأن كل مرة منهما تحتوي على عدة ملاحم

ما مناسبة ذكر التبذير بعد قوله تعالى: (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا) [الإسراء: 26] ولماذا جعل المبذرين إخوانا للشياطين ؟
أولا: ليس قوله تعالى: (ولا تبذر تبذيراً) متعلقاً بقوله: (وآت ذا القربى حقه) الخ.. لأنّ التبذير لا يوصف به بذل المال في حقّه ولو كان أكثر من حاجة المعطَى (بالفتح).
وإنما ذكر هنا لأن في الانكفاف عن البذل غير المحمود الذي هو التبذير استبقاء للمال الذي يفي بالبذل المأمور به، فالانكفاف عن هذا تيسير لذاك وعون عليه، فهذا وإن كان غرضاً مهماً من التشريع المسوق في هذه الآيات قد وقع موقع الاستطراد في أثناء الوصايا المتعلقة بإيتاء المال ليظهر كونه وسيلة لإيتاء المال لمستحقيه، وكونه مقصوداً بالوصاية أيضاً لذاته.
ومعنى جعل المبذرين إخوانا للشياطين: أن التبذير يدعو إليه الشيطان لأنه إما إنفاق في الفساد وإما إسراف يستنزف المال في السفاسف واللذات فيعطل الإنفاق في الخير وكل ذلك يرضي الشيطان، فلا جرم أن كان المتصفون بالتبذير من جند الشيطان وإخوانه.

ما المقصود بالحجاب في قوله تعالى: (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا) [الإسراء: 45] ؟
حقيقة الحجاب: الساتر الذي يحجب البصر عن رؤية ما وراءه.
وهو هنا مستعار للصرفة التي يصرف الله بها أعداء النبي عليه الصلاة والسلام عن الإضرار به للإعراض الذي يعرضون به عن استماع القرآن وفهمه. وجعل الله الحجاب المذكور إيجادَ ذلك الصارف في نفوسهم بحيث يهمون ولا يفعلون، وذلك من خور الإرادة والعزيمة بحيث يخطر الخاطر في نفوسهم ثم لا يصممون، وتخطر معاني القرآن في أسماعهم ثم لا يتفهمون. وذلك خلق يسري إلى النفوس تديجياً تغرسه في النفوس بادىءَ الأمر شهوةُ الإعراض وكراهية المسموع منه ثم لا يلبث أن يصير ملكة في النفس لا تقدر على خلعه ولا تغييره.

ما المراد بقوله تعالى: (وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة ...) [الإسراء: 58] ؟
أي أن كل قرية مثل قريتهم في الشرك لا يعدوها عذاب الاستئصال، فالمراد: القرى الكافرُ أهلُها لقوله تعالى: (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) وقوله: (وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون).
وحذف الصفة في مثل هذا معروف كقوله تعالى: (يأخذ كل سفينة غصباً) أي كل سفينة صالحة، بقرينة قوله: (فأردت أن أعيبها).
وليس المقصود شمول ذلك القرى المؤمنة، على معنى أن لا بد للقرى من زوال وفناء في سنة الله في هذا العالم، لأن ذلك معارض لآيات أخرى، ولأنه مناف لغرض تحذير المشركين من الاستمرار على الشرك.
فلو سلمنا أن هذا الحكم لا تنفلت منه قرية من القرى بحكم سنّة الله في مصير كل حادث إلى الفناء لما سلمنا أن في ذكر ذلك هنا فائدة.
 
[align=center]الجزء السادس عشر[/align]

ما وجه ذكر قوله تعالى: (وما نتنزل إلا بأمر ربك) بعد قوله: (تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا) ؟
موقع هذه الآية هنا غريب. فقال جمهور المفسرين: إن سبب نزولها أنّ جبريل عليه السلام أبطأ أياماً عن النزول إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - " وأنّ النبي ودّ أن تكون زيارة جبريل له أكثر مما هو يزوره فقال لجبريل: «ألا تزورنا أكثر ممّا تزورنا» " فنزلت: { ومَا نَتَنَزَّلُ إلا بِأمْرِ رَبِّكَ } إلى آخر الآية.
والمعنى: أن الله أمر جبريل عليه السلام أن يقول هذا الكلام جواباً عنه، فالنظم نظم القرآن بتقدير: وقل ما نتنزل إلاّ بأمر ربّك، أي قل يا جبريل، فكان هذا خطاباً لجبريل ليبلغه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – قرآناً، وأمرَ الله رسوله أن يقرأها هنا، ولأنّها نزلت لتكون من القرآن.
ولا شك أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك لجبريل عليه السلام عند انتهاء قصص الأنبياء في هذه السورة فأثبتت الآية في الموضع الذي بلغ إليه نزول القرآن.
وجوز أبو مسلم وصاحب «الكشاف»: أنّ هذه الآية من تمام حكاية كلام أهل الجنة بتقدير فعل يقولون حالاً من قوله: (من كان تقيا) أي وما نتنزل في هذه الجنة إلاّ بأمر ربّك الخ، وهو تأويل حسن.
وعليه فكاف الخطاب في قوله { بأمر ربك } خطاب كلّ قائل لمخاطبه، وهذا التجويز بناء على أنّ ما روي عن ابن عباس رأي له في تفسير الآية لا تتعيّن متابعته.
وعليه فجملة { ومَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } من قول الله تعالى لرسوله تذييلاً لما قبله، أو هي من كلام أهل الجنّة، أي وما كان ربّنا غافلاً عن إعطاء ما وعدنا به.

ما المراد بقوله تعالى: (إن الساعة لآتية أكاد أخفيها) [طه: 15] ؟
لما كانت الساعة مخفية الوقوع، أي مخفية الوقت، كان قوله (أكاد أُخفيها) غير واضح المقصود، فاختلفوا في تفسيره على وجوه كثيرة أمثلها ثلاثة:
فقيل: المراد إخفاء الحديث عنها، أي من شدّة إرادة إخفاء وقتها، أي يراد ترك ذكرها ولعلّ توجيه ذلك أنّ المكذبين بالساعة لم يزدهم تكرر ذكرها في القرآن إلا عناداً على إنكارها.
وقيل: وقعت { أكَادُ } زائدة هنا بمنزلة زيادة (كان) في بعض المواضع تأكيداً للإخفاء. والمقصود: أنا أخفيها فلا تأتي إلاّ بغتة.
وتأوّل أبو عليّ الفارسي معنى { أُخْفِيها } بمعنى (أظهرها)، وقال: همزة { أخفيها } للإزالة مثل همزة أعْجَم الكتابَ، وأشكى زيداً، أي أزيل خفاءَها. والخفاء: ثوب تلفّ فيه القِربة مستعار للستر.
فالمعنى: أكاد أظهرها، أي أظهر وقوعها، أي وقوعها قريب. وهذه الآية من غرائب استعمال (كاد)

قال تعالى: (ما أخلنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة قذناها ...) [طه: 87] ما المقصود بالزينة؟ لماذا تحمل بنو إسرائيل؟
الزينة: الحلي والمصوغ. وقد كان بنو إسرائيل حين أزمعوا الخروج قد احتالوا على القبط فاستعار كلّ واحد من جاره القبطي حَلياً فضةً وذهباً وأثاثاً، كما في الإصحاح 12 من سفر الخروج.
والمعنى: أنهم خشُوا تلاشي تلك الزينة فارتأوا أن يصوغوها قطعة واحدة أو قطعتين ليتأتى لهم حفظها في موضع مأمون.

قال تعالى: (فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم ...) [طه: 89] من قائل هذا الكلام؟ وما توجيه اختلاف الضمير في (فأخرج...فقالوا...)؟
ظاهر حال الفاء التفريعية أن يكون ما بعدها صادراً من قائل الكلام المفرّع عليه. والمعنى: فمثلَ قذْفِنا زينةَ القوم، أي في النّار، ألقى السامريّ شيئاً من زينة القوم فأخرج لهم عجلاً. والمقصود من هذا التشبيه التخلّصُ إلى قصة صوغ العجل الذي عبدوه.
وضميرا (فَأخرج لهم) وقوله: (فقالوا) عائدان إلى غير المتكلمين. علّق المتكلمون الإخرَاجَ والقولَ بالغائبين للدلالة على أن المتكلمين مع موسى لم يكونوا ممن اعتقد إلهية العجل ولكنهم صانعَوا دهماء القوم، فيكون هذا من حكاية قول القوم لموسى.
وعلى هذا درج جمهور المفسرين، فيكون من تمام المعذرة التي اعتذر بها المجيبون لموسى، ويكون ضمير (فأخرج لهم) التفاتاً قصد القائلون به التبرّي من أن يكون إخراج العجل لأجلهم، أي أخرجَه لمن رغِبوا في ذلك.
وجعل بعض المفسرين هذا الكلام كلّه من جانب الله، وهو اختيار أبي مسلم، فيكون اعتراضاً وإخباراً للرسول - صلى الله عليه وسلم - وللأمّة. والمعنى: فمثل ذلك القذف الذي قذفنا ما بأيدينا من زينة القوم ألقى السامريّ ما بيده من النّار ليَذوب ويصوغها فأخرج لهم من ذلك عجلاً جسداً.

قال تعالى: (فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس) [طه: 97] لم التعبير بـ (لا مساس)؟ وما المقصود به؟
إخبار بما عاقبه الله به في الدنيا والآخرة، فجعل حَظه في حياته أن يقول لا مِساس، أي سلبه الله الأُنس الذي في طبع الإنسان فعوضه به هوساً ووسواساً وتوحشاً، فأصبح متباعداً عن مخالطة الناس، عائشاً وحده لا يترك أحداً يقترب منه، فإذا لقيه إنسان قال له: لا مساس، يخشى أن يمسه، أي لا تمسني ولا أمسك، أو أراد لا اقتراب مني، فكان يقول ذلك، وهذه حالة فظيعة أصبح بها سخرية.

ما مناسبة ذكر قصة آدم في قوله تعالى: (ولقد عهدنا على آدم من قبل فنسي ...) [طه: 115] لما قبلها من الآيات؟
الكلام في هذه الآية معطوف على جملة (كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق) [طه: 99]. والمقصود بها التنظير بين القصتين في التفريط في العهد، لأن في القصة الأولى تفريط بني إسرائيل في عهد الله، كما قال فيها (ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً أفطال عليكم العهد) [طه: 86]، وفي قصة آدم تفريط في العهد أيضاً. وفي كون ذلك من عمل الشيطان كما قال في القصة الأولى
(وكذلك سولت لي نفسي) [طه: 96] وقال في هذه (فوسوس إليه الشيطان) [طه: 120] وفي أن في القصتين نسياناً لما يجب الحفاظ عليه وتذكره فقال في القصة الأولى (فَنَسِيَ) [طه: 16] وقال في هذه القصة (فنسي ولم نجد له عزماً).
 
[align=center]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على هذه الكنَّاشة الرمضانية
التي تدعوا إلى التدبر
...............................................................................................
عندي تدبر للآية (( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ))79 الإسراء
وهو أن من أراد المنازل العالية في الجنة والمقام الآمن يوم القيامة فعليه بقيام الليل
وذلك أن الله أمر بقيام الليل حتى يبعثه الله مقاماً محموداً
................................................................................................
ارجوا من الإخوة إبداء الرأي في هذا التدبر[/align]
 
جزاك الله خيرا على تقدمة وجعله في ميزان حسناتك
هنااحببت ان اضيف فائدة حينما قال الله( وما تلك بيمينك ياموسى )
فكان الجواب هي عصاي
لكن موسى عليه السلام لم يكتفي بذلك بل قال هي عصاي اتوكؤا عليها وهش بها على غنمي ولي فيها مأرب اخرى
فالسؤال لماذا لم يكتفي بقوله هي عصاي
قيل لكي يتلذذ بالكلام مع الله تعالى
 
عودة
أعلى