الكتب المعينة على إدراك إعجاز القرآن في نظمه العربي ، وبلاغته الأسلوبية

إنضم
15/04/2003
المشاركات
1,698
مستوى التفاعل
5
النقاط
38
لا يخفى على من يريد معرفة سر الإعجاز ؛ لا يخفى عليه أن يطلب الكتب المعينة على ذلك . ولقد كتب العلماء في ذلك كتبًا مستقلةً ، فضلاً عن ما أودعه آخرون في تفاسيرهم ، بل قد بنى بعضهم تفسيره على النظر في بلاغة القرآن ، وكان فارس هذا الميدان ـ بلا نزاع ـ محمود بن عمر الزمخشري المعتزلي ( ت: 538 ) ، الذي صار كتابه موئلاً للناهلين من بلاغة القرآن ، ومرجعًا للمضيفين والمتعقبين في هذا المجال ، وكان من أنفس التعليقات عليه في هذا المجال كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب ؛ للطِيبي ، شرف الدين، الحسن بن محمد بن عبد الله ( ت : 743 ) .
ولئن كان كشاف الزمخشري سببًا في خروج مثل هذه الحاشية النفيسة ، فلقد كان سببًا في خروج كتاب نفيس عُنِي ببلاغة القرآن ، وهو كتاب ( الطراز المتضمن لأسرار البلاغة وحقائق الإعجاز ) ليحيى بن حمزة بن علي بن إبراهيم العلوي اليمني المعتزلي ، وهو من أئمة الزيدية ( ت : 749 ) .
قال في مقدمة كتابه ( ص : 5 ) : ( ثم إن الباعث على تأليف هذا الكتاب هو أن جماعة من الإخوان شرعوا في قراءة كتاب الكشاف ؛ تفسير العالم المحقق أستاذ المفسرين محمود بن عمر الزمخشري ، فإنه أسسه على قواعد هذا العلم ، فاتضح عند ذلك وجه الإعجاز من التنْزيل ، وعُرِف من أجله وجه التفرقة بين المستقيم والمعوج من التأويل .
وتحققوا أنه لا سبيل إلى الاطلاع على حقائق إعجاز القرآن إلا بإدراكه ، والوقوف على أسراره واغواره ، ومن اجل هذا الوجه كان متميزًا عن سائر التفاسير ؛ لأني لا أعلم تفسيرًا مؤسسًا على علمَي المعاني والبيان سواه ، فسألني بعضهم أن أُملي فيه كتابًا يشتمل على التهذيب والتحقيق ، فالتهذيب يرجع إلى الألفاظ ، والتحقيق يرجع إلى المعاني ؛ إذ كان لا مندوحةلأحدهما عن الثاني ).
وكثيرًا مايقع السؤال عن كيفية معرفة إعجاز القرآن الموصل إلى ذلك التذوق العربي الأول ، الذي به أدرك المعاصرون لنُزوله ما تميَّز به هذا القرآن عن أفضل كلامهم ، فأذعنوا له من هذه الجهة ، ولم يرد عن احد منهم إنكارٌ عليه من جهة بلاغته وعربيته ، فكان انقضاء ذلك الجيل من المعاندين للدعوة بدون أن يعترضوا عليه من هذه الجهة = دلالة على صحتها ، ودلالة على سلامة القرآن من أن يمكن لأحد أن يأتي بمثله ، ولو كان الجن للإنس ظهيرًا في هذا .
ولا شك أن إدراك سر الإعجاز أوسع من ما أريد أن أطرحه في هذه المقالة التي أتمنى أن يشارك فيها الأعضاء بطرح الكتب وبيان مميزاتها التي تعين على تفهُّم بلاغة القرآن ، وإدراك إعجازه المرتبط بعربيته نظمًا وأسلوبًا وبيانًا .
كما أنه لا شكَّ أن معرفة أعلى كلام تكلمت به العرب ، وهو شعرها الذي تميزت به ، ووصلت فيه إلى درجات عليا في الفصاحة والبيان = لا شك أنه الطريق الموصل إلى معرفة سر الإعجاز ، وإلى إدراك بلاغة القرآن على الوجه اللائق به ، غير أنَّا انقطعنا عن هذا الشعر، وقلَّ من يقرؤه منا قراءة فكٍّ وتفهُّمٍ وتعلُّمٍ ، فكم في شعرهم من الوفائد العلمية ، واللذائذ النفسية .
غير أن المراد الآن الرجوع إلى الكتب النقدية التي درست شعر الشعراء ، واعترضت عليهم في اختيار الألفاظ والمعاني ؛ لكي نستفيد من تجارب بعضنا قي هذا المجال .
وإليك هذا المثال من كتاب ( العمدة في محاسن الشعر وآدابه : 85 ) : ، قال ابن رشيق القيرواني : ( ... ومنهم من يقابل لفظتين بلفظتين، ويقع في الكلام حينئذ تفرقة وقلة تكلف: فمن المتناسب قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه في بعض كلامه " أين من سعى واجتهد، وجمع وعدد، وزخرف ونجد، وبنى وشيد " فأتبع كل لفظة ما يشاكلها، وقرنها بما يشبهها. ومن الفرق المنفصل قول امرئ القيس:
كأني لم أركب جواداً للذة ... ولم أتبطن كاعباً ذات خلخال
ولم أسبإ الزق الروي، ولم أقل ... لخيلي كري كرة بعد إجفال
وكان قد ورد على سيف الدولة رجل بغدادي يعرف بالمنتخب، ولا يكاد يسلم منه أحد من القدماء والمحدثين، ولا يذكر شعر بحضرته إلا عابه، وظهر على صاحبه بالحجة الواضحة، فأنشد يوماً هذين البيتين، فقال: قد خالف فيهما وأفسد، لو قال:
كأني لم أركب جواداً، ولم أقل ... لخيلي كري كرة بعد إجفال
ولم أسبإ الزق الروي للذة ... ولم أتبطن كاعباً ذات خلخال
لكان قد جمع بين الشيء وشكله؛ فذكر الجواد والكر في بيت، وذكر النساء والخمر في بيت، فالتبس الأمر بين يدي سيف الدولة، وسلموا له ما قال، فقال رجل ممن حضر: ولا كرامة لهذا الرأي، والله أصدق منك حيث يقول:
" إن لا ألا تجوع فيها ولا تعرى، وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى " فأتى بالجوع مع العري ولم يأت به مع الظمأ، فسر سيف الدولة، وأجازه بصلة حسنة.
قال صاحب الكتاب: قول امرئ القيس أصوب، ومعناه أعر وأغرب؛ لأن اللذة التي ذكرها إنما هي الصيد، هكذا قال العلماء، ثم حكى عن شبابه وغشيانه النساء: فجمع في البيت معنيين، ولو نظمه على ما قال المعترض لنقص فائدة عظيمة، وفضيلة شريفة تدل على السلطان، وكذلك البيت الثاني: لو نظمه على ما قال لكان ذكر اللذة حشواً لا فائدة فيه؛ لأن الزق لا يسبأ إلا للذة، فإن جعل الفتوة كما جعلناها فيما تقدم الصيد قلنا: في ذكر الزق الروي كفاية ولكن امرأ القيس وصف نفسه بالفتوة والشجاعة بعد أن وصفها بالتملك والرفاهة.
وأما احتجاج الآخر بقول الله عز وجل فليس من هذا في شيء؛ لأنه أجرى الخطاب على مستعمل العادة، وفيه مع ذلك تناسب؛ لأن العادة أن يقال: جائع عريان، ولم يستعمل في هذا الموضع عطشان ولا ظمآن، وقوله تعالى: " تظمأ " و " تضحى " متناسب؛ لأن الضاحي هو الذي لا يستره شيء عن الشمس، والظمأ من شأن من كانت هذه حاله ).
فحيَّهلا بإضافاتكم النفيسة .
 
موضوع موفق

موضوع موفق

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد ..

فهذه نفيسة من نفائس الشيخ المبارك رفع الله قدره .

ووقع في نفسي أن الشيخ وفقه الله سيذكر الكتب النافع في الموضوع والتي تُعَدُّ مراجعاً في بابها ؛ فتشوقت لمعرفة ذلك .
وقد قال حفظه الله : ( ولا شك أن إدراك سر الإعجاز أوسع من ما أريد أن أطرحه في هذه المقالة التي أتمنى أن يشارك فيها الأعضاء بطرح الكتب وبيان مميزاتها التي تعين على تفهُّم بلاغة القرآن ، وإدراك إعجازه المرتبط بعربيته نظمًا وأسلوبًا وبيانًا )

وإذا كانت المعجزة خَرْقٌ للعادة ، فلَمْ يخرق القرآنُ عادةً عربية غير نظمِهِ وبيانِهِ كما يقول السيوطي رحمه الله .

وحقيقة لا أجد أروع من كتاب الزمخشري رحمه الله الذي طبَّق نظرية الجرجاني رحمه الله أيمَّا تطبيق .
وكم يروق لي لمساته الرائعة الفائقة في طليعة سورة البقرة ؛ فانظر إلى حسنها وجمالها ، ورونق سبكها ، وجزالة ألفاظها . وهكذا دواليك في سائر وقفاته البلاغية الفائقة .
بخلاف كتب كثير من المعاصرين من ركاكة الأسلوب ، والجمع والصف الذي فيه ما فيه . ( وسأذكر تعداد ما وقفت عليه لاحقاً )

وحلِّق معه الان في بيان بلاغة القرآن وبيان روعته إذ يقول في قوله
{الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } البقرة

قال : " والذي هو أرسخ عِرْقاً في البلاغة ، أن يضرب عن هذه المحال صفحاً .
وأن يقال إن قوله : {الم } جملة برأسها ، أو طائفة من حروف المعجم مستقلة بنفسها .

و { ذَلِكَ الْكِتَابُ } جملة ثانية

و { لاَ رَيْبَ فِيهِ } ثالثة

و { هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ } رابعة .

وقد أصيب بترتيبها مِفْصَل البلاغة وموجب حسن النظم ، حيث جيء بها متناسقة هكذا من غير حرف نسق ؛ وذلك لمجيئها متآخية آخذاً بعضها بعنق بعض .

فالثانيةُ متحدة بالأولى معتنقة لها ، وهَلُمَّ جراً إلى الثالثة ، والرابعة .

بيان ذلك : أنَّه نبه أولاً على أنه الكلام المتحدّى به ، ثم أُشير إليه بأنه الكتاب المنعوت بغاية الكمال ؛ فكان تقريراً لجهة التحدي ، وشدّاً من أعضاده . ثم نفى عنه أن يتشبث به طرف من الريب ؛ فكان شهادة وتسجيلاً بكماله ؛ لأنه لا كمال أكمل مما للحق واليقين ، ولا نقص أنقص مما للباطل والشبهة .
وقيل لبعض العلماء : فيم لذتك ؟ فقال : في حجةٍ تتبختر اتضاحاً ، وفي شبهة تتضاءل افتضاحاً .
ثم أخبر عنه بأنَّه هدى للمتقين ؛ فقرّر بذلك كونه يقيناً لا يحوم الشك حوله ، وحقاً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . ثُمَّ لَمْ تخل كل واحدة من الأربع ، بعد أن رُتِّبت هذا الترتيب الأنيق ، ونُظِّمت هذا النظم السري ، من نكتة ذات جزالة .
ففي الأولى ؛ الحذف ،والرمز إلى الغرض بألطف وجه وأرشقه .
وفي الثانية ؛ ما في التعريف من الفخامة .
وفي الثالثة ؛ ما في تقديم الريب على الظرف .
وفي الرابعة ؛ الحذف .
ووضع المصدر الذي هو { هُدًى } موضع الوصف الذي هو « هاد » وإيراده مُنكَّراً ، والإيجاز في ذكر المتقين .
زادنا الله إطلاعاً على أسرار كلامه ، وتبييناً لنكت تنزيله ، وتوفيقاً للعمل بما فيه ." أهـ الكشاف (1 / 20 )

فقُلِّي بربك ، أين نظفر بمثل هاته الكلمات الرائقات ، والتفصيل للمعاني الزاهيات ، في مثل هذه الآيات ؛ فرحم الله علامة البيان رحمة واسعة ، ونفعنا ورزقنا فهماً في بيانه وبلاغته .

وقد كتبتُ بحثاً بعنوان ( الإكليل في بيان إعجاز التنزيل } أرجو الله أن أنتهي منه قريباً لأزفه لأخوتي الفضلاء ؛ فأستفيد مما فتح الله عليهم .
والله أعلم
 
أخي أبا العالية أعلى الله قدرك ، قد أشرت إلى ثلاثة من الكتب في مقدمتي هذه ، وعندي غيرها ، لكني أحب أن يشارك الأعضاء ، خصوصًا أن من بيننا في هذا الملتقى من هو متخصص في هذا الجانب ، وأتمنى أن يمدونا بما عندهم على وجه التفصيل للكتب ، وكيفية الاستفادة منها ، وأخيرًا أشكر لك حسن ظنك بي ، وتقديرك لما طرحته في هذه المشاركة وغيرها .
 
بورك في الموضوع وقائله , ومن أضاف ,,

المؤلفات التي عنيت بالقرآن الكريم من ناحية بلاغته وإعجازه خاصة صنتفتها - مع تواضع قراءاتي - إلى نوعين :

الأول : ما يختص بتفسير القرآن جملة , وذلك عن طريق تناول القرآن سورة سورة وتحليله بلاغياً , مع تفسير

معانيه , وتحليل أنماط النحو فيه .

ومن ذلك , بعض الكتب التي سبق وأن ذكرها الدكتور الطيار , وأخي أبا العالية , وأضيف منها :
في ظلال القرآن , لسيد قطب .

تفسير البيضاوي الشهير , وحواشيه القيمة :

كحاشية الشهاب المسماة : بعناية القاضي وكفاية الراضي

وحاشية محيي الدين الشيخ زاده الحنفي

وكذلك حاشية القونوي عصام الدين الحنفي , وغالباً ما نجد معها كذلك حاشية ابن التمجيد لتزداد قيمة وعلماً .

وكل هذه الحواشي أبلت مع البلاغة واللغة بلاء حسناً , مع غفران الزلل , مقارنة بفوائدها الجلل .

كما لا يفوتني أن أدرج كتاباً قيماً به دررٌ بلاغية فذّة , من شأنها أن تكشف الستار عن المعنى البلاغي المعجز , ألا

وهو كتاب الشيخ ابن عاشور المسمى بـ ( التحرير والتنوير ) , ولعلي أورد آخر ماقرأت فيه من شدة عناية الشيخ بإبراز

المعنى المقصود من خلال النظم البلاغي , والنحوي , ومن ذلك تفسيره لقوله تعالى - في سورة الأنبياء - : " وكفى بنا

حاسبين " (47)

بأن المعنى : " كفاهم نحن حاسبين أنهم لايتطلعون إلى حساب آخر يعدل مثلنا . وهذا تأمين للناس من أن يجازى أحد

منهم بما لا يستحقه . وفي ذلك تحذير من العذاب وترغيب في الثواب " (1 )

أما إشارته الفطنة التي تنبئ عن فصاحة القرآن وتميز اختياره للنظم الموافق للمعنى قوله : " وضمير الجمع في قوله

تعالى : ( حاسبين ) مراعيٍّ فيه ضمير العظمة من قوله تعالى " بنا " والباء مزيدة للتوكيد . وأصل التركيب : كفينا

الناس ..." (2)

انظر بعد هذا إلى شدة التأكيد على عدل الله سبحانه وتعالى في وقت يحتاج للتأكيد ؛ حيث جاءت في سورة الأنبياء

التي تحمل موضوع نشر رسالة التوحيد عن طريق أنبياء الله تعالى عند قوم جهلوا هذا الدين , يحتاجون لمزيد تأكيد ,

ليحصل ما يراد من التأييد , فلم يقل عز من قائل : ( وكفى بنا حسبيا )وإنما أدرج ضمير الجمع ليزيد المهابة في شأنه

جل وعلا , والتي من شأنها كذلك أن تزرع الخوف ومن بعده الرجاء لشدة عدله وحكمه المرضي .

ولو مضيتُ شرحاً لدرر هذه القطعة الصغيرة من الآية لما وسعني المقام , ولكن حسبي الإشارة , ولعل فيها ماينفع .

الثاني : - من أنواع التفسير البلاغي - هو مايُقتطف من القرآن قطْفاً عشوائياً على غير ترتيب , فيأخذ الآية الفلانية

ليكشف وقعها البلاغي , وهذا النوع يكثر فيه الاستخراج البلاغي دون الاهتمام بالإشارات المعنوية للآية , ومن تلك

المؤلفات التي عنت بذلك :

كتاب الشيخ الجرجاني في الدلائل , وكتب الرافعي , وابن الأثير في المثل السائر , ومفتاح العلوم للسكاكي ,

والإيضاح للخطيب , وغيرهم ,,,

ومن أمثلة هذا النوع ماقاله الشيخ عبد القاهر الجرجاني في تفسير قوله تعالى : " وقيل يا أرض ابلعي ماءك وياسماء

أقلعي وغيظ الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين " سورة هود ( 44 )

بعد أن مهد لكلامه تميز النظم هنا دون الألفاظ , بحيث لو اقتطفت لفظة بعينها لما أدت الإعجاز المبهر , يقول : " وكيف

بالشك في ذلك , ومعلوم أن مبدأ العظمة في أن نوديت الأرض , ثم أُمرت , ثم في أن كان النداء " بيا " دون " أي " ,

نحو " ياأيتها الأرض " , ثم إضافة " الماء " إلى الكاف , دون أن يُقال ابلعي الماء , ثم أن أُتبع نداء الأرض وأمرها بما

هو من شأنها , نداء السماء وأمرها كذلك بما يخصها , ثم أن قيل " وغيض الماء" فجاء الفعل على صيغة " فُعِل " الدالة

على أنه لم يعض إلا بأمر آمر وقدرة قادر , ثم تأكيد ذلك وتقريره بقوله تعالى : " وقُضي الأمر " ثم ذكر ما هو فائدة

هذه الأمور , وهو " استوت على الجودي " , ثم إضمار السفينة قبل الذكر , كما هو شرط الفخامة والدلالة على عظم

الشأن , ثم مقابلة " قيل " في الخاتمة " بقيل " في الفاتحة ؟ أفترى لشي من هذه الخصائص التي تملؤك بالإعجاز

روعة ... " (3)

فقد رأينا من هذه السلسلة التتبعية الدقيقة لدلالة الألفاظ ووقوعها في سبك أُعلن به الإعجاز والدقة في توضيح

المعنى , ولايلزم علينا - نحن الدارسين - سوى أن نأخذ من هذه المؤلفات عبراً ودروساً , كي نعتبر بما فيها من ترغيب

وترهيب , ولكي تكون لنا دربة لكيفية التعامل مع كتاب الله عز وجل , تلك المعجزة العظيمة , والتي مازلت دررها تخفي

لنا المزيد .

أسأل الله تعالى أن ينفع بما قلت , إنه ولي ذلك والقادر عليه .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)التحرير والتنوير , ج17 / 87.
(2)السابق , 87 .
(3)دلائل الإعجاز , 46-47 .
 
أشكركم يا شيوخ الملتقى, وكم موضوعٍ أردت المشاركة فيه ولكني أرغب عن ذلك؛ لأن النقاش يكون غالباً بين المختصين والمشايخ ولست منهم, واسمحوا لي أن أشارك في موضوع الشيخ مساعد –أحسن الله إليه-، فأقول :
اختص الله سبحانه نبيه -صلى الله عليه وسلم-بمعجزة خالدة خلافاً للرسالات السابقة كما فهم ذلك بعض العلماء –ينظر شرح النووي على الصحيح- من قوله عليه الصلاة والسلام:
"مَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلّا أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ" أخرجه البخاري ومسلم.
وقد منَّ الله على هذه الأمة بعلماء أولوا إعجاز القرآن اهتماماً بالغاً, وأجمعوا على أن القرآن معجز بذاته لا بالصرفة.
ومن مفاتيح كشف وجوه إعجاز القرآن معرفة بلاغته، قال ابن عاشور: (من شاء أن يدرك الإعجاز كما أدركه العرب فما عليه إلا أن يشتغل بتعلم اللغة وأدبها وخصائصها حتى يساوي أو يقارب العرب في ذوق لغتهم ثم ينظر بعد ذلك في نسبة القرآن من كلام بلغائهم ولم يخل عصر من فئة اضطلعت بفهم البلاغة العربية وأدركت إعجاز القرآن وهم علماء البلاغة وأدب العربية الصحيح).
ومن السابقين في التأليف في وجوه إعجاز القرآن, وذكروا فيها ضمناً إعجاز بيانه وبلاغته: علي بن عيسى الرماني (386هـ), والخطابي (388هـ)- طبعا ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن-, ثم جاء أبو بكر الباقلاني (403ه‍ـ) وألف كتابه (إعجاز القرآن).
ثم جاء بعدهم أول من أرسى قواعد البلاغة وهو عبد القاهر (ت 471هـ) ثم خلفه الزمخشري الذي التمسها في القرآن الكريم, ثم جاء بعد ذلك فخر الدين الرازي (ت 606هـ) الذي يعد حلقة وصل بين بلاغة عبد القاهر وبلاغة السكاكي (626هـ) والخطيب (739هـ) وقد نشر بلاغته في تفسيره (مفاتيح الغيب) وكتابه ( نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز) الذي قصد فيه مؤلفه إلى الإجمال والاختصار, وتنظيم (دلائل) و(أسرار) الجرجاني, وقد بنى كتابه على مقدمة وجملتين, وقسم المقدمة إلى فصلين تحدث في أولهما: عن السر في إعجاز القرآن, وتحدث في الفصل الثاني: عن شرف علم الفصاحة, ثم شرع في الجملتين: الأولى تحدث فيها عن بلاغة المفردات وذكر فيها طائفة من المحسنات اللفظية والصور البيانية, وفي الثانية تحدث عن النظم, والكتاب تنظيري, والتطبيق في التفسير.
 
أخي في الله الشيخ مساعد الطيار بارك الله فيك و نفع بك ..

دعني أختصر عليك الطريق إذ أقول :
إن أبرز من عني بدراسة علوم الإعجاز في القرآن - من المعاصرين المحدثين - هي الدكتورة عائشة بنت الشاطئ .
و عنايتها حسبما سمعتها تحدث عن نفسها في مقابلة مسجّلة ، عليها رحمة الله .
و اسمح لي أن أنقل لك شيئاً من كلماتها المؤثرة :

قالت : " ما أنجزتُ شيئاً في حياتي العلمية إلا عن طريق عنايتي بالمصحف! " .

و قالت : " لا يصح لأحدٍ فقه الإسلام دون فقه لغته ، لأن الأسلوب و النسق القرآني سببُ التحدي الأول في عصر الإسلام ؛ أي : الإعجاز .
و أنا تؤرقني كيفية تقديم هذه المسألة الخطيرة لطلبةٍ (تقصد الدارسين لديها في الجامعة) يعيشون في جو نقائض الفرزدق و جرير
" .

و قالت : " و قد اعتنيت في دراسة الإعجاز بالمنهج الاستقرائي، بأخذ كل موطن كلمة أو حرفٍ و استقراء وروده في القرآن و معرفة آثاره البيانية و البلاغية .
حتى إنك لو حاولتَ استبدال هذا الحرف أو الكلمة بآخر مثله لم يتم لك معنى القرآن ، و هذا هو الإعجاز .
مثل : ((إنه لقول رسول كريم)) لو استبدلنا كلمة "رسول" بـ"محمد" لأقررنا بأن القرآن ليس كلاماً لله تعالى !! كما يزعم المشركون ، فهنا بلاغة القرآن
" .
من مقابلة مع الدكتورة بنت الشاطئ في برنامج(شريط الذكريات) بقناة( الثقافية المصرية) .

و الدكتورة قد خلّفت لنا رسائل و كتب عدة في هذا المضمار ، أظن أغلبها يباع في دار المعارف المصرية .
 
مبدع بفوائدك القيمة

مبدع بفوائدك القيمة

جزاكم الله خيرا وممن أبدع في هذا الفن العلامة ابن القيم الجوزية في كتابه بدئع الفوائد ومنها الكلام عن " أم "

حيث قال " ملخصا " انها ترد بمعنى الإستفهام نحو قوله تعلى " أم له البنات ولكم البنون " وقوله سبحانه " أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين " وكذا قوله " أم لهم سلم يستمعون فيه " وقوله " أم خلقوا من غير شئ أم هم الخالقون " فهذا ونحوه استفهام انكاري

والمعنى الثاني/ ورودها مبتدة مجردة من استفهام لفظي سابق عليها ، نحو قوله تعالى " أم حسبت أن أصحاب الكهف " ، أي أبلغك خبرهم ، أم حسبت أنهم من آياتنا عجبا ، وتأمل كيف تجد هذا المعنى باديا على صفحات قوله تعالى " ما لي لا ارى الهدهد أم كان من الغائبين " كيف تجد المعنى : أحضر ،أم كان من الغائبين
وهذا يظهر كل الظهور فيما إذا كان الذي دخلت عليه " أم" له ضد وقد حصل التردد بينهما ، فإذا ذكر أحدهما استغنى عن ذكر الآخر ، لأن الضد يخطر بالقلب وهو عند شعوره بضده . فإذا قلت : مالي لا أرى زيدا أم هو في الأموات ؟ كان المعنى الذي لا معنى للكلام سواه : أحي هو أم في الأموات وكذلك قوله تعلى " أم أنا خير من هذا الذي هو مهين " معناه : أهو خير مني أم أنا خير منه ؟
وكذلك قوله تعالى " أم حسبتم أن تدخلو الجنة ولما يأتكم مثل الذين من قبلكم " هواسـتفهام إنكار معادل لا ستفهام مقدر في قوة الكلام فإذا قلت : لم فعلت هذا أم حسبت أن لا أعاقبك ، كان معناه : أحسبت أن أعاقبك فأقدمت على العقوبة أم حسبت أني لا أعاقبك فجهلتها ـ ومعنى فأقدمت أي يتجرأت واستهنت بالعقوبه ـ

هذا ما أصلني فهمي المتواضع إليه من معنى الكلام من هذا السفر الذي اشرت إليه آنفا فإن ثم سوء فهم فأرجو الإصلاح والمقصود الإشارة الى الكتب التي تناولت هذا الفن والله أعلم وأحكم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
 
السلام عليكم

وقد نسيتم تفسير ابن عطيّة ---المحرر الوجيز---والمفسّرابن عطيّة يعتبر بحق عقلية راقيّة من حيث مناقشة النقاط البلاغيّة واللغويّة في كتاب الله
 

يقول الدكتور عمر فروخ في تاريخ الأدب العربي 1 / 728 :
يشارك القرآن الكريم في تربية الذوق البياني لدى الفرد، ويُنَمِّي لديه حاسَّة النقد والملكة الأدبية في الكشف عن مواطن الجمال .
و وضع البطليوسي في كتابه :
الاقتضاب للبطليوسي ص 14 ، وهو شرح لخطبة "أدب الكاتب"

غرضَين لطلب الأدب والاهتمام بمدارسته،
أحدهما:
يقال له الغرض الأدبي، والثاني الغرض الأعلى، فالغرض الأدبي يَحْصُل للمتأدِّب
بالنظر في الأدب والشعر، والغرض الأعلى يَحْصُل للمتأدِّب به قوة على فهم كتاب الله وكلام رسوله».
ولا يوجد شك يكتنف المتفحص للمتن القرآني، في أن نظم القرآن يقوم جمال نسجه على الإيقاع،
الأمر الذي جعل الجاحظ ينتبه إلى أهمية دراسة القرآن من حيث أسلوبه وعجيب نظمه.

وفي هذا الشأن نلفي الدكتور محمد زغلول سلام في كتابه:
(أثر القرآن في تطور النقد العربي إلى آخر القرن الرابع الهجري)
يقول: "قامت في آخر القرن الثالث وطوال القرن الرابع دراسة جامعة شاملة مستقلة لإعجاز القرآن،

من ناحية نظمه، وعلى أساس الدرس البياني لأسلوب القرآن، وطرق تعبيره المختلفة،
وكانت أصول هذه الدراسات قد نجمت من قبل في دراسات القرآن وسبقت الإشارة إليها
من مثل كتاب "نظم القرآن" "للجاحظ" ..
أما أبو هلال العسكري في كتاابه البلاغي : "الصناعتين"
ويقول في مقدمة كتابه ص 7 :

<<قد علمنا أن الإنسان إذا أغفل علمَ البلاغة، وأَخَلَّ بمعرفة الفصاحة، لم يقع علمه
بإعجاز القرآن من جهة ما خَصَّه الله به مِنْ حسن التأليف وبراعة التركيب>> ،
بل إن العسكري في كتابه يرى أن أحقَّ العلوم بالتعلُّم وأَوْلاها بالتحفظ بعد المعرفة بالله،
علم البلاغة، ومعرفة الفصاحة، الذي يُعرف إعجاز كتاب الله تعالى الناطق بالحكمة .
ويذكر القزويني في مقدمة كتابه "التلخيص"

أن موضوع إعجاز القرآن كان السبب في وَضْع الكتاب، ويشير في مقدمته ص 23 :
إلى أن علم البلاغة وما يتبعه مِنْ أجَلِّ العلوم قَدْراً، وأدقِّها سراً؛ إذ به تعرف دقائق العربية
وأسرارها، وتُكشف عن وجوه الإعجاز في نظم القرآن أستارها.

والرمَّاني يحصر البلاغة في أقسام عشرة هي: الإيجاز والتشببيه والاستعارة والتلاؤم والفواصل والتجانس والتصريف والتضمين والمبالغة وحسن البيان.

ثم يمضي لتفسير كل قسم في ضوء الآيات القرآنية وبيان أسرار الجمال فيها،
وذلك في كتابه (( النُّكَت )) ص 76 ، والذي يُعَدُّ حلقة مهمة من حلقات التأليف في البلاغة العربية.


وإن القرآن العظيم في تجليه، نلفيه يتجه اتجاهاً إعجازياً. وعليه، فخطابه ليس بالعمل الفني
المقصود لذاته؛ بل هو وسيلة لا غير، سخرها القرآن العظيم بغية تأدية الغرض الديني.
ومن بين تلك الوسائل التي سخرها، نجد الإيقاع الذي تجسَّد فيه بشكل جلي وواضح،
فكان أن جعل منه أداة للتمكين والتأثير قصد الاستجابة والإذعان. وهو بهذا،
آل إيقاعاً قرآنياً مميزاً في رصف حروفه، وترتيب كلماته وبديع نظامه،


دون كل ترتيب وكل نظام تعاطاه الناس في كلامهم المنظوم أو المنثور.
إنها الميزة التي جعلت منه خطاباً يتعالى على التبديل والتغيير.


ومن أهم الكتب المعاصرة ، والتي اهتمت اهتماما كبيرا في مسألة
إعجاز القرآن ، في نظمه العربي ، وبلاغته الأسلوبية :

1 ـ أثر القرآن على اللغة العربية ؛ للدكتور علي جميل .
2 ـ ـ التفكير البلاغي عند العرب ؛ لحمادي صمّود .
3 ـ التجربة الجمالية عند العرب ؛ لحسين الواد .
4 ـ الموجز في تاريخ البلاغة ؛ للدكتور مازن المبارك .
5 ـ البيان العربي ؛ للدكتور بدوي طبانة
6 ـ أثر القرآن في تطور النقد العربي ؛ للدكتور محمد زغلول سلام .
7 ـ إعجاز القرآن ، للدكتور مصطفى مسلم .
8 ـ نظام الخطاب القرآني ـ تحليل سيمائي مركب لسورة الرحمن ؛ للدكتور عبد الملك مرتاض.
وشكرا ...​
 

===================
أقول:
===================

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ( صحبه و اتباعه أجمعين )

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



جزاكم الله خيرا يا شيوخي الأفاضل على هذه المعلومات الرائعة القيمة

لا شك أن السياق معجز

فهو سياق رباني معجز

/////////////////////////////////////////////////
 
]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشار الأستاذ مساعد الطيار إلى الكشاف وبعض شروحه وحواشيه كأبرز كتاب اهتم بالجانب البلاغي للقرآن والذي يعين على إبراز إعجازه ،وهو ما لا يخالفه فيه أحد ، ولكن قد نجد عند اللاحق ما لا يوجد عند السابق ، فها هو ابن عاشور قد التزم إضاءة الدجنة أمام ما خفي من وجوه الإعجاز مما لم يدركه الزمخشري ولا غيره ،واستطاع أن يطبق نظرية النظم للجرجاني في تفسيره؛اكتشفت هذه الحقيقة بعد بحث طويل حول تفسير ابن عاشور .
وأضم صوتي إلى من سبقني إلى ذكر بنت الشاطيء التي استطاعت أن تستأثر بكثير من النظرات البيانية التي يلوح من خلالها شرر الإعجاز بأحسن بيان كما عودتنا في شتى كتبها ، وأنا أنصح كل باحث في مجال الدراسات القرآنية أن يدرس كتابها (الإعجاز البياني) الذي حاولَت من خلاله أن تعقد مقارنات دقيقة بين كل من درس الجانب الإعجازي من الأقدمين والمحدثين ، ثم استقلت في كل ذلك بمذهب خاص سنعود في المستقبل ـ إن شاء الله ـ إلى تحديده بشكل أوضح .
أخوكم محمد نذير الجزائري
 
مع تحفظي على مصطلح الإعجاز ....فإني سأذكر -بحول الله وقوته - شيئاً من نفائس التصانيف في هذا الباب...

1- رسالة الشيخ العلامة محمود شاكر عن الإعجاز والتي نشرتها الخانجي بعد وفاة الشيخ.

2- قضية الشعر الجاهلي في كتاب ابن سلام لأبي فهر أيضاً.

3- الإعجاز البلاغي للدكتور محمد أبي موسى.

4- إعجاز القرآن عند شيخ الإسلام ابن تيمية مقارنة بالباقلاني نشر دار المنهاج -الرياض.
 
مع تحفظي على مصطلح الإعجاز ....فإني سأذكر -بحول الله وقوته - شيئاً من نفائس التصانيف في هذا الباب...

1- رسالة الشيخ العلامة محمود شاكر عن الإعجاز والتي نشرتها الخانجي بعد وفاة الشيخ.

2- قضية الشعر الجاهلي في كتاب ابن سلام لأبي فهر أيضاً.

3- الإعجاز البلاغي للدكتور محمد أبي موسى.

4- إعجاز القرآن عند شيخ الإسلام ابن تيمية مقارنة بالباقلاني نشر دار المنهاج -الرياض.
 
و من الكتب المعاصرة ؛ كتاب : نظرات لغويّة في القرآن الكريم

جمعها الأستاذ الدكتور / صالح بن حسين العايد ( إن لم تخنّي ذاكرتي فأنا بعيد عن الكتاب الآن )

و هو مجموع من كلام المفسرين و غيرهم حول هذا الموضوع و أحيانا يعلـّق هو - حفظه الله - .

الكتاب طبعته دار أشبيليا .

و كم انتفعت بما قرأت منه ؛ و لا زلت أقرأ فيه .
 

===================
أقول:
===================

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ( صحبه و اتباعه أجمعين )

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


على ما أذكر بأن الشيخ طارق السويدان كان له برنامج في رمضان على إحدى القنوات الفضائية

بإسم " سحر القرآن "

لم أشاهد من هذا البرنامج إلا حلقة أو حلقتين فقط :(

فلقد كان الشيخ يتطرق إلي اسلوب القرآن البلاغي الساحر

أتمنى الحصول على هذا البرنامج على الإنترنت - إذا كان بالإمكان

/////////////////////////////////////////////////
 
عودة
أعلى