القول الفصل في دعوى المستشرقين بأن تعدد القراءات يرجع إلى خلو المصاحف من الإعجام و الشكل

إنضم
12 يناير 2013
المشاركات
688
مستوى التفاعل
20
النقاط
18
العمر
52
الإقامة
مراكش-المغرب
بسم1​

ادعى بعض المستشرقين الحاقدين بأن نشأة القراءات و تعددها كان بسبب تجرد الكتابة عموما و المصاحف خصوصا من النقط و الإعجام و الشكل بالحركات، و لا ريب أن هذا طعن من طعونات هؤلاء الأوغاد في القرآن الكريم، و قد كلفت من طرف الجامعة التي أتابع فيها دراستي لنيل الماجستير ببحث قصير لتفنيد هذه الدعوى و الرد عليها، و رغبة مني في إثراء هذا الملتقى الكريم و كذا الحصول على توجيهات مفيدة و تعليقات من الإخوة المشاركين فقد قررت أن أشارك بهذا البحث المتواضع، و كما سيلاحظ الإخوة فإن بعض النقط خاصة في أوائل البحث تعتبر من الأمور البديهية، لكني أحببت ترك البحث كما هو دون بتر أو اختصار، و سأجعله بمشيئة الله تعالى في حلقات خشية الإطالة، و من كانت لديه ملاحظة أو توجيه فلا يبخل علي، و الله الموفق.

القول الفصل في دعوى المستشرقين بأن
تعدد القراءات يرجع إلى خلو المصاحف من الإعجام و الشكل -1-:

مقدمة
بعد فشل الغرب في الحروب الصليبية التي دامت حوالي قرنين من الزمن، احتارت أوربا كثيرا في سر قوة المسلمين، و تساءلت: كيف يخاطر المسلم بنفسه و يواجه مختلف الأسلحة الفتاكة بثبات و جأش لا نظير لهما و كيف ينتشر دين الإسلام بهذه السرعة المذهلة..؟، و كانت هذه الأسئلة محور اجتماعات مكتفة، خرجت بعدها أوربا بجواب لا شك فيه، و هو أن السر في كل ذلك يعود إلا حقيقة هذه الدين الحنيف و دستوره العظيم كتاب ربنا الكريم.
فلما كان القرآن الكريم دستور الإسلام و ركن شريعته الركين الذي منه يرد كل مسلم و يصدر، و لما كان هذا القرآن مصدر عزة المسلمين و سر ثباتهم و قوتهم - طبعا لما كانوا متمسكين به-، أيقن أعداء هذا الدين أن الغزو العسكري لن يؤتي أكله مع قوم يحبون الموت في سبيل الله أكثر من حبهم للحياة، و أنه يجب استبداله بغزو آخر أكثر فعالية ..إنه غزو يعتمد الكلمة و الفكرة، غزو يهدف المعتقد و الأفكار و المبادئ و العقول..إنه الغزو الفكري الذي يرمي إلى تخلية قلب و عقل كل مسلم من مبادئه و عقيدته ليسهل تحليته بعد ذلك بمبادئ الغرب و عقيدة الغرب، فيصير هذا المسلم كالدمية في يد أوربا و أذنابها، أو كالريش في مهب الريح أينما وجهته رياح الغرب اتجهت.
و قد تنوعت مجالات هذا الغزو فمنها من ركز على الحضارة الإسلامية و منها من ركز على بعض شرائع الإسلام...و لعل أخطرها تلك التي ركزت على القرآن الكريم و وجهت له سيلا من الطعون، بهدف إسقاط قدسيته، و بالتالي إسقاط الإسلام ككل- معاذا الله-.
و من أنواع الطعون التي وجهت للقرآن الكريم تلك التي قامت على ادعاء باطل و افتراء زائل: و هو أن سبب ظهور القراءات القرآنية و تعددها هو خلو الكتابة من النقط و الإعجام، و قد ادعى ذلك ثلة من المستشرقين الحاقدين، منهم جلود تسيهر و تيودر نولدكي و بلاشير و آثر جفري و كار بروكلمان و غيرهم.
و هذه لا شك فرية لا نصيب لها من الصحة بل هي متهافتة تهافت أوراق الشجر في يوم عاصف.

أهداف البحث:
التعريف بالقراءات و بيان الفرق بينها و بين القرآن و الحروف.
بيان حقيقة اختلاف القراءات و وجوه هذا الاختلاف.
عرض لأقوال بعض المستشرقين حول سبب ظهور القراءات و تعددها.
الرد على شبهات و ادعاءات المستشرقين فيما يتعلق بتعدد القراءات.

خطة البحث:
يتكون بحثي من مقدمة و ثلاثة أبواب و خاتمة.
الباب الأول: تعريف القراءات و شروط القراءة الصحيحة و يشتمل على فصلين:
الفصل الأول: تعريف القراءة و القراء، و يشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: تعريف القراءة، و يشتمل على مطلبين:
المطلب الأول: تعريف القراءة لغة.
المطلب الثاني: تعريف القراءة في الاصطلاح.
المبحث الثاني: تعريف القراء، و يشتمل على مطلبين:
المطلب الأول: تعريف القراء في اللغة.
المطلب الثاني: تعريف القراء في الاصطلاح.
الفصل الثاني: شروط القراءة الصحيحة ويشتمل على ثلاث مباحث:
المبحث الأول: صحة السند و تواتره.
المبحث الثاني: موافقة اللغة العربية.
المبحث الثالث: موافقة الرسم.
الباب الثاني:الفرق بين القراءات و القرآن و الأحرف، و حقيقة الاختلاف بين القراءات: و يشتمل على فصلين:
الفصل الأول: الفرق بين القراءات و القرآن و الأحرف: و يشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: الفرق بين القراءات و القرآن.
المبحث الثاني: الفرق بين القراءات و الأحرف السبعة.
الفصل الثاني: حقيقة الاختلاف بين القراءات و أسماء من تنسب إليهم القراءات الثلاث، و يشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: حقيقة الاختلاف بين القراءات.
المبحث الثاني: وجوه اختلاف القراء.
المبحث الثالث: عدد القراءات وأسماء من تنسب إليهم.
الباب الثالث: ادعاء بعض المستشرقين أن سبب تعدد القراءات هو خلو الكتابة من النقط و الإعجام، و الرد على ذلك: و يشتمل على فصلين:
الفصل الأول: عرض لبعض أقوال المستشرقين في سبب تعدد القراءات: و يشتمل على أربع مباحث:
المبحث الأول: ادعاء جولد تسيهر في كتابه" مذاهب التفسير الإسلامي".
المبحث الثاني: ادعاء آثر جفري في مقدمته لكتاب المصاحف.
المبحث الثالث: ادعاء كار بروكلمان في كتابه "تاريخ الأدب العربي".
المبحث الرابع: ادعاء تيودر نولدكي في كتابه" تاريخ القرآن".
الفصل الثاني: الرد على من زعم أن سبب نشأة القراءات و تعددها هو تجرد الكتابة من الإعجام و الحركات: و يشتمل على مبحثين:
المبحث الأول: مصدر القراءات و نشأتها و العمدة في نقلها، و يشتمل على ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: مصدر القراءات و نشأتها.
المطلب الثاني: ظهور القراء المشهورين.
المطلب الثالث: القراءة مبناها على النقل و الرواية لا الرأي و الدراية.
المبحث الثاني: دعوى المسشترقين في الميزان، و يشتمل على ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: تكذيب التاريخ لهذه الفرية.
المطلب الثاني: تكذيب الأدلة النقلية لهذه الفرية.
المطلب الثالث: تكذيب العقل لهذه الفرية.
المطلب الرابع: اضطراب المستشرقين المدعين لهذه الدعوى، جولد سيهر نموذجا.
المطلب الخامس: نشأة القراءات و تعددها لم يكن لتجرد الكتابة من النقط و الإعجام، و لكنها قراءات ثابتة عن النبي صلى الله عليه و سلم، شاءها الله لحكم جليلة و فوائد عظيمة.
الخاتمة.
المراجع.

الباب الأول: تعريف القراءات و شروط القراءة الصحيحة:
رأيت أن أجعل أول باب في هذا البحث حول بيان المقصود بالقراءات و شروط القراءة الصحيحة، لأن معرفة ذلك من الأساسيات في مثل هذا البحث، و سأذكر تعريف القراءة و القراء في فصل أول ثم أردفه بفصل ثان أذكره فيه شروط القراءة الصحيحة.
الفصل الأول: تعريف القراءات و القراء:
المبحث الأول: تعريف القراءات:
قبل بيان المقصود بالقراءات اصطلاحا لا بأس من تعريفها لغة:
المطلب الأول: معنى القراءات في اللغة:
القراءات جمع قراءة و هي مصدر سماعي لقرأ، يقال: قرأ الكتاب قراءة و قرءانا بالضم.
جاء في المعجم الوسيط:" قرأ الكتاب قراءة وقرآنا تتبع كلماته نظرا ونطق بها وتتبع كلماته ولم ينطق بها وسميت بالقراءة الصامتة والآية من القرآن نطق بألفاظها عن نظر أو عن حفظ فهو قارئ ( ج ) قراء."
المطلب الثاني: معنى القراءات في الاصطلاح:
ذكرت عدة تعاريف للقراءات في الاصطلاح، منها ما ذكره الإمام بدر الدين الزركشي في برهانه:" اختلاف ألفاظ الوحي في كتابة الحروف أو كيفيتها من تخفيف و تثقيل و غيرهما" .
و عرفها الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني بأنها:" مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء مخالفا به غيره في النطق بالقرآن الكريم، مع اتفاق الروايات و الطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئتها" .
و عرفها الإمام ابن الجزري في كتابه منجد المقرئين بقوله:" القراءات علم بكيفيات أداء كلمات القرآن و اختلافها بعزو الناقلة".

يتبع إن شاء الله تعالى.
 
التعديل الأخير:
نتابعك اخي الاستاذ ناصر عبد الغفور واهلا ومرحبا بك.
وننتظر المزيد من النقد العلمي ومزيد من بحثكم هذا فبارك الله فيكم
 
عودة
أعلى