القول الصحيح المغني .. في قلقلة شعبة لدال "لدني"

إنضم
09/04/2007
المشاركات
1,499
مستوى التفاعل
1
النقاط
36
بسم1
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله_ صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا . أما بعد ...

فهذا بحث مختصر أردت أن أوضح فيه كيفية أداء كلمة " لدنه " لشعبة بإشمام الدال شيئا من الضم ، حيث اختلف القراء في زماننا في كيفية أداء هذه الكلمة ، فمنهم من يقرؤه بالإشمام مع قلقلة الدال كـ ( الشيخ محمد سالم "صاحب الفريدة " والشيخ حسنين جبريل والشيخ أيمن سويد وهم من طلبة العلامة الزيات وغيرهم من أخذوا عن الشيخ الزيات ) وكذا فضيلة الشيخ الدكتور عبد الباسط هاشم ، والشيخ العلامة عبد الرازق إبراهيم موسى ، والشيخ محمد عبد الحميد ، والشيخ عباس المصري ، والشيخ إيهاب فكري ، ومحمد سامر الدمشقي ، والشيخ وليد المنيسي وغيرهم .
ومنهم من يشم الدال بلا قلقلة كـ ( الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف ، والشيخ محمد تميم الزعبي ، والشيخ أحمد الديب ، والشيخ سعيد يحيى رزق وغيرهم .

ومنهم من جعل المسألة فيها خلاف في الأداء ، وذهب إلى ذلك صاحب كتاب (التحقيق الوفي في رواية شعبة عن عاصم الكوفي ) لأحمد بن نضال القطيشات يقول فيه بعد نقل كلام العلامة القاضي : إذا كان ضم الشفتين عقب النطق بالدال الساكنة فلا بد من القلقلة .
أما على المذهب الثاني فلا قلقلة ؛ لأن الإشمام مع الدال فزال به سبب القلقلة .)ا.هـ164


وقبل الخوض في ذكر المسألة أود التنويه على أهمية المشافهة وأن المشافهة أصل أصيل .
نعم المشافهة هي الأصل وهذا ما عليه اعتقاد المسلمين قاطبة قال تعالي: { وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6) }
قال البغوي في تفسيره:"
{ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ } أي: تؤتى القرآن وتلقن { مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ } أي: وحيا من عند الله الحكيم العليم." صـ377
فدل علي أن نبينا قد تلقي القرآن من لدن حكيم عليم ، وما زال الناس يتلقون القرآن جيلا بعد جيل بالمشافهة والتلقين ومازال القراء هم المعتمد الأول في نطق القرآن قال ا.د/عبد الصبور شاهين في كتابه ـ علم الأصوات ـ :" ...فإن صوتي الطاء والقاف يكونان قد تعرضا للهمس خلال القرون وصارا ينطقان بوصفهما الجديد مهموسين ،عند قراء القرآن وهم المقياس المثالي لسلامة النطق الحرفي للفصحي "ا.هـ صـ112، وأقوال الأئمة في ذلك كثيرة .
قال الزرقاني في مناهل العرفان : لقد مرت على الأمة أجيال وقرون وما شعرت بغضاضة في التزامها الرسم العثماني
على أن المعول عليه أولا وقبل كل شيء هو التلقي من صدور الرجال .
وبالتلقي يذهب الغموض من الرسم كائنا ما كان ، وليس بعد العيان بيان ))ا.هـ275
ثم قال بعدها : كان الاعتماد في نقل القرآن ولا يزال على التلقي من صدور الرجال ثقة عن ثقة وإماما عن إمام إلى النبي
لذلك اختار عثمان حفاظا يثق بهم وأنفذهم إلى الأقطار))278
ثم قال مؤكدا :
قلنا غير مرة إن المعول عليه في القرآن الكريم إنما هو التلقي والأخذ ثقة عن ثقة وإماما عن إمام إلى النبي وإن المصاحف لم تكن ولن تكون هي العمدة في هذا الباب )ا.هـ284
ففي كتاب" إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر" قال الدمياطي في تعريف المقرئ: " من علم بها أداء ورواها مشافهة فلو حفظ كتابا امتنع عليه (إقراؤه) بما فيه إن لم يشافهه من شوفه به مسلسلا لأن في القراءات أشياء ( لا تحكم إلا بالسماع والمشافهة ) بل لم يكتفوا بالسماع من لفظ الشيخ فقط في التحمل وإن اكتفوا به في الحديث ، قالوا لأن المقصود هنا كيفية الأداء ، وليس من سمع من لفظ الشيخ يقدر علي الأداء أي فلابد من قراءة الطالب علي الشيخ بخلاف الحديث فإن المقصود منه المعني أو اللفظ ، لا بالهيئات المعتبرة في أداء القرآن ،أما الصحابة فكانت طباعهم السليمة وفصاحتهم تقتضي قدرتهم علي الأداء كما سمعوه منه صلي الله عليه وسلم لأنه نزل بلغتهم ." ا.هـ صـ 68

وقد أجاد الشيخ محمد علي خلف الحسيني الشهير بالحداد شيخ القراء بالديار المصرية بقوله ( ...وإذ قد علمت أن التجويد واجب وعرفت حقيقته علمت أن معرفة الأداء والنطق بالقرآن على الصفة التي نزل بها متوقفة على التلقي والأخذ بالسماع من أفواه المشايخ الآخذين لها كذلك المتصل سندهم بالحضرة النبوية لأن القارئ لا يمكنه معرفة كيفية الإدغام والإخفاء والتفخيم والترقيق والإمالة المحضة أو المتوسطة والتحقيق والتسهيل والروم والإشمام ونحوها إلا السماع حتى يمكنه أن يحترز عن اللحن والخطأ وتقع القراءة على الصفة المعتبرة شرعا إذا علمت ذلك تبين لك أن التلقي المذكور واجب لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كما هو معلوم ولأن صحة السند عن النبي صلى الله عليه وسلم عن روح القدس عن الله عز وجل بالصفة المتواترة أمر ضروري للكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ليتحقق بذلك دوام ما وعد به تعالى في قوله جل ذكره )إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) وحينئذ فأخذ القرآن من المصحف بدون موقف لا يكفي بل لا يجوز ولو كان المصحف مضبوطا . قال الإمام السيوطي : ( والأمة كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن وأحكامه متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من الأئمة القراء المتصلة بالحضرة النبوية ) اهـ فقوله على الصفة المتلقاة من الأئمة... إلخ صريح في أنه لا يكفي الأخذ من المصاحف بدون تلق من أفواه المشايخ المتقنين .... فإن الإنسان يعجز عن أداء الحروف بمجرد معرفة مخارجها وصفاتها من المؤلفات ما لم يسمعه من فم الشيخ فكيف لا نتعلم القرآن مع كثرة جهلنا وعدم فصاحتنا وبلاغتنا من المشايخ الماهرين في علم التجويد فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كمال فصاحته ونهاية بلاغته تعلم القرآن عن جبريل عليه السلام في جمع من السنين خصوصا في السنة الأخيرة التي توفي فيها ومع أفضليته على جبريل والعجب من بعض علماء زماننا فإنه إذا وجد أهل الأداء في أعلى المراتب تعلم منه وفي أدنى المراتب لا يتعلم منه استكبارا عن الرجوع إليه ...ولذا قيل
من يأخذ العلم عن شيخ مشافهة *** يكن عن الزيغ والتصحيف في حرم
ومن يكن آخذا للعلم من صحف *** فعلمه عند أهل العلم كالعــدم " ا.هـ كتاب" القول السديد في بيان حكم التجويد" صـ9:11

وهذا هو المجمع عليه بين أئمة الأقطار ، إلا أن الإشكال في هذه المسألة أن الناقلين اختلفوا عن شيخ بعينه وليكن الشيخ الزيات ، حيث تفرق طلبته بين قائل بالقلقلة ، ومعدم لها ، وكلا الفريقين لم يذكرا خلافا في المسألة ، والذي يظهر أن الخلاف جاء من نقل القراء عن الشيخ الزيات ، والظاهر أيضا القول بخطأ البعض ، وبصواب الآخر مادام الشيخ لم يُنقل عنه خلاف .
والاحتمال بالخطأ وارد حيث يقول العلامة ابن مجاهد في تفاوت قدرات الناقلين عن الشيخ :

1. فمن حملة القراءات المعرب العالم بوجوه الإعراب والقراءات العارف باللغات ومعاني الكلمات البصير بعيب القراءات المنتقد للآثار فذلك الإمام الذي يفزع إليه حفاظ القرآن في كل مصر من أمصار المسلمين .

2. ومنهم من يعرب ولا يلحن ولا علم له بغير ذلك فذلك كالأعرابي الذي يقرأ بلغته ولا يقدر علي تحويل لسانه فهو مطبوع علي كلامه .

3. قال ابن مجاهد فيمن لا يؤخذ العلم ومنهم من يؤدي ما سمعه ممن أخذ عنه ليس عنده إلا الأداء لما تعلم لا يعرف الإعراب ولا غيره فذلك الحافظ فلا يلبث مثله أن ينسي إذا طال عهده فيضع الإعراب لشدة تشابهه ....وقد ينسي الحافظ فيضع السماع وتشتبه عليه الحروف فيقرأ بلحن لا يعرفه وتدعوه الشبهة إلي أن يرويه عن غيره ويبرئ نفسه عسي أن يكون عند الناس مصدقا فيحمل ذلك عنه وقد نسيه ووهم فيه وجسر علي لزومه والإصرار عليه ، أو يكون قد قرأ علي من نسي وضيع الإعراب ودخلته الشبهة فتوهم .فذلك لا يقلد في القراءة ولا يحتج بقوله .


4. ومنهم من يعرب قراءته ويبصر المعاني ويعرف اللغات ولا علم له بالقراءات واختلاف الناس والآثار فربما دعاه بصره بالإعراب إلي أن يقرأ بحرف جائز في العربية لم يقرأ به أحد من الماضين فيكون مبتدعا وقد رويت في كراهة ذلك أحاديث...( وقد روي ابن مجاهد آثارا تأمر القراء باتباع الأثر ونكتفي باثنين ) عن ابن مسعود :" اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم " وروي أن عليا ـ رضي الله عنه ـ قال: إن رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ يأمركم أن تقرءوا القرآن كما علمتم " .ا.هـ السبعة صـ 45ـ46

وقبل الخوض في غمار المسألة أوضح التعريف سريعا بمصطلحي القلقلة والإشمام .
أما القلقلة :
القلقلة :
تعريفها : لغة: التحرك والاضطراب
واصطلاحا : قوة اضطراب صوت الحرف الساكن من مخرجه ليظهر ظهورا كاملا .
حروفها : مجموعة في كلمة ( قطب جد ) ق ـ ط ـ ب ـ ج ـ د
سبب تسميتها :
أنها في حالة سكونها تتقلقل عند خروجها حتى يسمع لها نبرة قوية ـ أي صوت عال ـ وذلك لأن من صفاتها الشدة وهى تمنع الصوت أن يجرى معها ، والجهر يمنع النفس أن يجرى معها , والجهر يمنع النفس أن يجرى معها كذلك فلما امتنع جريان الصوت والنفس مع خروفها احتيج إلى التكلف في بيانها بإخراجها شبيهة بالمتحرك .

مراتب القلقلة :
الأولى : الساكن الموقوف عليه المشدد نحو ( بالحقّّّ)
الثانية : الساكن الموقوف عليه المخفف ( محيطْ )
الثالثة : الساكن الموصول ــ سكونه أصلى ــ وهذا قد يكون في وسط الكلمة مثل (يجْمع ) ويكون في آخر الكلمة بشرط وصلها بما بعدها مثل ( إن يسرقْ فقدْ سرق ... ) ـ أي وسط الآية حال وصلها ـ
وهذه المراتب لم يختلفوا فيها ــ من حيث وجود القلقلة ــ والخلاف في الوجه الرابع : المتحرك مطلقا كالطاء والباء من ( طَبَع)

أما قولهم ( أصواتا – صويت – صوت شبه النبرة) كل هذا اختلاف في التعبير وهو من الخلاف اللفظي الذي لا حقيقة له ، وقد بين ذلك العلامة شهاب الدين الخفاجي ( ت 1069) حيث قال : (القلقلة أو سماها بالمصدر توسعا ، ومثله سهل ويقال لها حروف القلقلة ، واللقلقة وكلاهما بمعنى الحركة ، وإليه أشار المصنف بقوله تضطرب لأنه افتعال من الضرب معناه ما ذكر قال في المصباح : يقال رميته ، فما اضطرب أي ما تحرّك ، ومنه اضطراب الأمور بمعنى اختلافها لما يلزمها من ذلك ، وإنما سميت بها لأنّ صوتها لا يكاد يتبين به سكونها ما لم يخرج إلى شبه المتحرّك لشدة أمرها ، وإنما حصل لها ذلك لكونها شديدة مجهورة ، فالجهر يمنع النفس أن يجري معها والشدة تمنع الصوت من جريه معها فاحتاح بيانها إلى تكلف ، وحصل ما حصل من الضغط للمتكلم عند النطق بها ساكنة حتى تخرج إلى شبه تحريكها لقصد بيانها ، ومنهم من عللها بأنها حين سكونها تتقلقل عند خروجها حتى يسمع لها صوت ونبرة ، وفيه تجوّز لأنه أراد بتقلقلها مشابهتها للمتقلقل لا تحرّكها حقيقة ، وإلا لزم اجتماع السكون ، والتحرّك في حالة واحدة ، ومن علل بأنها إذا وقف عليها تقلقل اللسان بها عند خروجها فقد سها ؛ لأنّ الباء منها ، وهي شفوية لا يتحرّك اللسان بها )ا.هـ1/163 حَاشِيةُ الشِّهَابِ عَلَى تفْسيرِ البَيضَاوِي

والذي نخلص من تعريف القلقلة أن الساكنة لا بد من قلقلتها (ولم يستثنوا من ذلك سوى الساكن المدغم مثل (والطّور" (الحقّ هو) وصلا ويلحق بذلك المدغم الناقص مثل (أحطت ـ بسطت ـ ألم نخلقكم ) . ولم يرد أي استثناء سوى المدغم بقسميه .
ومنع القلقلة عن الحرف يعني عدم ظهور الصويت ، ولذا لابد من صويت زائد مع الحرف الساكن (قطب جد ) ، فلو وقفت على "حميد " بدون قلقلة لم يتبين لك صوتها حتى تأتي بالقلقلة .وهذا واضح .

أما الإشمام :​
الإشمام : عبارة عن الإشارة إلى الحركة من غير صوت
وقال بعضهم : أن تجعل شفتيك على صورة الضمة إذا لفظت بها.وكلاهما واحد شرح الطيبة . لأحمد بن محمد ابن الجزري .
قال الضباع : معنى الإشمام في اللغة : مأخوذ من "أشممته الطيب" أي وصلت إليه شيئا يسيرا مما يتعلق به وهو الرائحة ."الإضاءة صـ60
وقال في الروضة الندية : الإشمام مشتق من الشم كأنك أشممت الحرف رائحة الحركة .أ.هـ الدقائق المحكمة صـ60

أنواع الإشمـــــام
النوع الأول : إشمام السكون وكيفيته : أن تقف على الكلمة بالسكون ثم تشير بشفتيك من غير صوت – بدون تراخى – أي بعد الفراغ من الإسكان مباشرة .
النوع الثاني : إشمام " تأمننا" قال المالكي :" فاعلم أن أصل هذه الكلمة (تأمننا) بنونين الأولى لام الفعل و حقها أن تكون محركة بالفم و الثانية ضمير المتكلم عن نفسه و غيره إلا أنها كتبت في المصحف بنون واحدة أ.هـــــ
أصل تأمنا --- تأمننا فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة لم يسبقها ناصب ولا جازم . فهي إذا بنونين مظهرتين وقد أجمعوا على إدغام النون الأولى في الثانية ، و اختلفوا في كيفيه قراءتها إلى ثلاث قراءات
القراءة الأولى : قراءة أبى جعفر بالإدغام المحض من غير روم ولا إشمام
القراءة الثانية : بالإخفاء – أي الاختلاس – وذلك بالإتيان ببعض ا لحركة أي بعدم إتمام الحركة في النون الأولى المضمومة . وهذا هو الراجح من طرق التيسير الشاطبية
القراءة الثالثة : بالإدغام المحض ثم الإشارة بالشفتين .
ولكن اختلفوا في كيفية الإشارة هل هي بعد نطقك بالميم مباشرة ؟ أم بعد الإدغام ؟ قال السخاوى بعد ذكره إشمام القراء وهو ضم الشفتين من غير إحداث شيء في النون ، وتكون الإشارة على هذا القول بعد الإدغام ،وأجازوا أيضا أن يؤتى بذلك بعد سكون النون المدغمة كما يؤتى به بعد سكون الراء من " قدير" عند الوقف ، فيقع ذلك قبل كمال الإدغام وإلى هذا القول ذهب محمد بن جرير وجماعة من النحاة وجماعة من ا لمقرئين ا.هـ فتح الوصيد 2/291
وإشمام تأمنا أيضا يكون له أثر في السمع و لكن ليس كأثر الروم فضم الشفتين أثناء الإشمام يكون له أثر على الغنة بخلاف إن نطقها بغير غنة قال المالكي نقلا عن مكى :" و تكون الإشارة على قولهما إشماما لا روما لأنها لا تقتضى تفكيك النون الأولى من الثانية ، و إن كان لها مع ذلك أثر في السمع . فتأمله " أ.هـ
وقال الضباع في إرشاد المريد " قالوا وتكون الإشارة إلى ا لضمة بعد الإدغام فيصح معه حينئذ الإدغام والروم اختيار الداني وبالإشمام قطع أكثر أهل الأداء واختاره المحقق ابن الجزرى وقد قرأ ت على شيخي عبد ا لله الجوهري بالإسكان ثم الإشمام مع الإدغام وعلى غيره قرأت بالإشمام مباشرة بعد الميم مع الإدغام . والإشمام وكلتا الطريقتين إشارة بالشفتين وقت الإدغام وقال الإمام أحمد ابن محمد ابن الجزرى فجعلها بعضهم إشماما وهو إشارة إلى ضم النون بعد الإدغام فيكون الإدغام فيه صحيحا ا.هـ شرح الطيبة
والنوع الثالث : إشمام ا لحرف وهو خلط حرف بحرف كما في الصراط وباب أصدق ومصيطر والمصيطرون
والإشمام خلط صوت الصاد بصوت ا لزاي فيمتزجان فيتولد منهما حرف ليس بصاد ولا زاي ا.هـ أبو شامة
. وبعضهم يطلق عليه " ظاء العوام " وهذا مما لا ينضبط إلا بالمشافهة وما ذكرته من كلام أبى شامة إنما هو من باب التقريب .
والنوع الرابع : إشمام الحركة و هذا الإشمام عبارة عن خلط الحركة بأخرى كما في قيل و غيض و أشباههما.
ومما تقدم فإن مصطلح الإشمام قد يطلق ويراد به الإشارة بالشفتين دون صوت ، ويراد به أيضا الإتيان بجزء من الحركة بحسب ما تقدم .
وبعد التعريف بهاتين المصطلحين نعود إلى مبحثنا وهو كيفية أداء كلمة " لدنه " بالإشمام على قراءة شعبة رحمه الله ، وذلك بعد التعريف بالإمام شعبة :
اسمه : شعبة بن عياش بن سالم الحناط الأسدي النهشلي الكوفي .
كنيته : أبو بكر .
مولده : ولد سنة خمس وتسعين من الهجرة .
وفاته : توفي في جمادى الأولى سنة ثلاثة وتسعين ومائة .
كان إماماً كبيراً عالماً عاملاً حجة من كبار أهل السنة .
كان يقول : من زعم أن القرآن مخلوق فهو عندنا كافر زنديق عدو لله لا نجالسه ولا نكلمه .
عرض القرآن على عاصم أكثر من مرة ، وعلى عطاء بن السائب ، وأسلم المقري .
وعمر دهراً طويلاً ، إلا أنه قطع الإقراء قبل موته بسبع سنين .
وعرض عليه القرآن أبو يوسف يعقوب بن خليفة الأعشمي ، وعبد الرحمن بن أبي حماد ، ويحيى بن محمد العليمي ، وعروة بن محمد الأسدي ، وسهل بن شعيب وغيرهم .
روى عنه الحروف سماعاً من غير عرض إسحاق بن عيسى وإسحاق بن يوسف الأزرق ، وأحمد بن جبر ، وعلي بن حمزة الكسائي ويحيى بن آدم ، وعبد الجبار بن محمد العطاردي وغيرهم .
ولما حضرته الوفاة بكت أخته ، قال لها ما يبكيك ؟ انظري إلى تلك الزاوية فقد ختمت فيها القرآن ثماني عشرة ألف ختمة .

يتبع بإذن الله.......
 
في انتظار باقي البحث بلهفة و شوق ، فدائما ما تتحفنا بالجديد المفيد يا سيدنا الشيخ ، زادكم الله علما و أدبا و حلما و تواضعا
 
( لدنه ـ لدني )
اختلف في ( لدنه ـ لدني ) في سورة الكهف فقط من قوله تعالى: (لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ (سورة الكهف آية 2). وقوله تعالى: ( قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) (سورة الكهف آية 76)، وما جاء من الخلاف في هذه الكلمة في غير سورة الكهف غير معمول به .
قال الشاطبي :
وَمِنْ لَدْنِهِ في الضَّمِّ أَسْكِنْ مُشِمَّهُ ***وَمِنْ بَعْدِهِ كَسْرَانِ عَنْ شُعْبَةَ اعْتَلاَ
وقال الشاطبي :
.............وَنُونَ لَدُنِّي خَفَّ صَاحِبُهُ إِلَى
وَسَكِّنْ وَأَشْمِمْ ضَمَّةَ الدَّالِ صَادِقًا.............

قال ابن الجزري:
من لدنه للضّمّ سكّن وأشم ... واكسر سكون النّون والضّمّ صرم
وقال ابن الجزري:
............... ... ............ وصرف
لدني أشمّ أو رم الضّمّ وخف ... نون مدا صن ......

«لدنه» بإسكان الدال مع إشمامها ، وكسر النون ، والهاء، ووصلها بياء في اللفظ فتصير «لدنهي» وذلك للتخفيف.)
وقرأ الباقون «لدنه» بضم الدال، وسكون النون، وضم الهاء، وذلك على الأصل.
أما " لدني ":
المعنى: «لدني» بضم الدال، وتخفيف النون، وذلك على الأصل في ضم الدال، وحذفت نون الوقاية اكتفاء بكسر النون الأصلية لمناسبة الياء.
وقرأ المرموز له بالصاد من «صرف» وهو: «شعبة» بوجهين:
الأول: إسكان الدال مع الإيماء بالشفتين إلى جهة الضم للمح الأصل فيصير النطق بدال ساكنة مشمّة، فيكون الإشمام مقارنا للإسكان.
الثاني: اختلاس ضمة الدال لقصد التخفيف، وكلا الوجهين مع تخفيف النون.
وقرأ الباقون «لدنّي» بضمّ الدال، وتشديد النون .
و «لدن» ظرف غير متمكن بمعنى «عند» وهو مبني على السكون.

جاء في «المفردات»: «لدن» أخص من «عند» لأنه يدل على ابتداء نهاية، نحو:
«أقمت عنده من طلوع الشمس إلى غروبها». فيوضع «لدن» موضع نهاية الفعل.
وقد يوضع موضع «عند» فيما حكي، يقال: «أصبت عنده مالا ولدنه مال» وقال بعضهم «لدن» أبلغ من «عند» وأخصّ. اهـ

وأصلها «لدن» على وزن «فعل» مثل: «عضد» فخففت بإسكان الوسط، وأشير إلى الضم بالإشمام تنبيها على أنه الأصل، وكسرت النون على الأصل في التخلّص من التقاء الساكنين، كما في «أمس» وكسرت الهاء اتباعا لكسر ما قبلها، ووصلت لوقوعها بين محركين، وكانت الصلة ياء مجانسة لحركة ما قبلها.)ا.هـ بتصرف من شرح الطيبة للشيخ[FONT=&quot] محمد سالم محيسن .[/FONT]
فكلمة " لدنه " بالهاء لا خلاف فيها لشعبة من الشاطبية أو الطيبة .
أما " لدني " زاد في الطيبة وجه اختلاس الدال ، وفي الشاطبية الإشمام فقط دون الاختلاس .
ولذا سيكون كلامنا على (لدنه ) في الأكثر لعدم الخلاف بين الطرق عن شعبة .
اختلف القراء في التعبير عن معنى الإشمام في هذه الكلمة .
قال في الهادي : (بإسكان الدال وإشمامها الضم ) .
وقال في الكنز : (بإسكان الدال وإشمامها شيئا من الضم ) .
وقال في التجريد (بإشمام الدال الضم إشماما خفيفا )
وقال التلخيص : (باختلاس ضمة الدال ) .
وقال ابن الباذش (واختلاس ضمة الدال ) .
وقال في المفيد في القراءات الثمان لمحمد الحضرمي (ت560) : "من لدنه " باختلاس الدال ..)ا.هـ .

وبقية كتب أصول النشر لم تخرج عن هذه العبارات .
وقد يعتقد البعض عن هناك عدة مذاهب في هذه الكلمة حيث هناك اختلاف في العبارات (اختلاس ـ وإشمامها شيئا من الضم ـ وإشمامها شيئا من الرفع ـ إشماما خفيفا ) .
فإذا أمعنا النظر في هذه العبارات ـ مع اتفاقهم في القراءة ـ نلحظ أن تعبيرهم ( بالاختلاس ) يقرّبنا من القول بالقلقلة ؛ لأن القلقلة توحي بالاختلاس ـ أي كأنه مختلس لأجل صوت القلقلة ) ، وهو ما قاله بعض المتأخرين ـ القائلين بعدم القلقلة ـ (إذا أظهرت القلقلة ظهر صوت الضم، والإشمام هنا إشارة بدون صوت.) وما ذهب إليه المتأخرون غير صحيح فهناك فرق ضئيل بين القلقلة والاختلاس الحقيقي " ثلثي الحركة " .

ولكن ما معنى الاختلاس عند ابن الباذش وغيره : "معنى الاختلاس: النطق بالحركة سريعة، وهو ضد الإشباع.)
ولكن هل هذا ما يعتقده ابن الباذش أو من قال بالاختلاس ؟
الجواب : لا يوجد من قرأ بالاختلاس ـ أي ثلثي الحركة ـ ، قال الإمام ابن الجزري ـ رحمه الله ـ في ( النشر): (واختلفوا) في (من لدنه) فروى أبو بكر بإسكان الدال وإشمامها الضم وكسر النون والهاء ووصلها بياء اللفظ .
وانفرد نفطويه عن الصريفيني عن يحيى عن أبي بكر بكسر الهاء من غير صلة وهي رواية خلف عن يحيى وقرأ الباقون بضم الهاء والدال وإسكان النون وابن كثير على أصله في الصلة بواو0)ا.هـ
وقال أيضا وهو يتحدث عن (من لدني ) والخلاف فيها ( الحرف كما أن حرف أول السورة وهو (من لدنه) يختص بالإشمام ليس إلا )ا.هـ

فلم يحك خلافا في المسألة ؛ بل ذكر من انفرد باختلاس الهاء وهو ما قاله ( بكسر الهاء من غير صلة) أي أن " الدال " لا خُلف فيه .
والتعبير بالإشمام لا إشكال فيه ، أما الاختلاس فهو معروف لدا القراء بأنه يستخدم للتعبير عن جزء من الحركة ، ولا شك أنهم لا يقصدونه هنا ، وهذا ما قاله في " إتحاف فضلاء البشر " حيث قال :(واختلف في ( من لدنه ) فأبو بكر بإسكان الدال مع إشمامها الضم ...... وإشمام الدال للتنبيه على أصلها في الحركة وهو هنا عبارة عن : ضم الشفتين مع الدال بلا نطق ...... وتجوّز الأهوازي بتسميته اختلاسًا )ا.هـ
فدلّ أنهم قد يتجوّزون في العبارة ، وما معنى التجوّز عند القراء ؟
التجوّز لغة : " تَجَوَّزَ فِي الأَمْرِ " : اِحْتَمَلَهُ .
والقول بالاختلاس تجوّز يقرّب من القول بالقلقلة ولكنها ليست على الحقيقة ـ أي ليس اختلاسًا " ثلثى الحركة " ـ ولكنه قريب منه .
ومثال في التجوّز : قال في النشر (... وقد عبّر قوم عن الترقيق في الراء بالإمالة بين اللفظين كما فعل الداني وبعض المغاربة ، وهو تجوز ؛ إذ الإمالة أن تنحو بالفتحة إلى الكسرة وبالألف إلى الياء )
والفرق بين الترقيق والإمالة واضح كما شرحه ابن الجزري إلا أنهما اشتركا في تنحيف الراء وإن اختلفت طريقة أدائهما ..هذا هو التجوّز في العبارة .
فقد لحظوا صوتي الإشمام مع القلقلة فأطلقوا تعبيرا مقاربًا لهذا الأداء ؛ لأن القراءة بلا قلقلة لا تحدث صوتا يقارب الاختلاس بحال من الأحوال ، وليس التعبير بالاختلاس عبثا أو تغاير في المرادفات ، بل له مدلول من العبارة .
وما يدلّك على هذا أيضا ما نقله ابن الجزري في (من لدني ) وهو الذي فيه خلاف حيث نقل وصْف الإشمام ، ووصْف الاختلاس ، وذكر شرحهما ، بينما لم يفعل ذلك في ( لدنه ) رغم اختلاف التعبير بالإشمام والاختلاس حيث قال : (واختلفوا في (من لدني) ، فقرأ المدنيان بضم الدال وتخفيف النون وروى أبو بكر بتخفيف النون واختلف عنه في ضمة الدال فأكثر أهل الأداء على إشمامها الضم بعد إسكانها وبه ورد النص عن العليمي وعن موسى بن حزام عن يحيى وبه قرأ الداني من طريق الصريفيني ولم يذكر غيره في التيسير وتبعه على ذلك الشاطبي ، وهو الذي في الكافي ، والتذكرة ، والهداية ، وأكثر كتب المغاربة ، وكذا هو في كتب ابن مهران ، وكتب أبي العز وسبط الخياط .
وروى كثير منهم : اختلاس ضمة الدال وهو الذي نص عليه الحافظ أبو العلاء الهمذاني والأستاذ أبو طاهر بن سوار وأبو القاسم الهذلي وغيرهم .
ونص عليهما جميعاً الحافظ أبو عمرو الداني في مفرداته وجامعه وقال فيه : والإشمام في هذه الكلمة يكون إيماءاً بالشفتين إلى الضمة بعد سكون الدال وقبل كسر النون كما لخصه موسى بن حزام عن يحيى بن آدم .
ويكون أيضاً إشارة بالضم إلى الدال فلا يخلص لها سكون بل هي على ذلك في زنة المتحرك .
وإذا كان إيماءاً كانت النون المكسورة نون (لدن) الأصلية كسرت لسكونها وسكون الدال قبلها وأعمل العضو بينهما ولم تكن النون التي تصحب ياء المتكلم بل هي المحذوفة تخفيفاً لزيادتها .
وإذا كان إشارة بالحركة كانت النون المكسورة التي تصحب ياء المتكلم لملازمتها إياها كسرت كسر بناء وحذفت الأصلية قبلها للتخفيف .
قلت : وهذا قول لا مزيد على حسنه وتحقيقه وهذان الوجهان مما اختص بهما هذا الحرف كما أن حرف أول السورة وهو (من لدنه) يختص بالإشمام ليس إلّّا ومن أجل الصلة بعد النون .
وكذلك ما ذكره ابن سوار عن أبي بكر في قوله (من لدن حكيم) في سورة النمل ، وهو مما انفرد به من طرقه عن يحيى والعليمي ، وهو مختص بالاختلاس ليس إلا من أجل سكون النون فيه ، فلذلك امتنع فيه الإشمام وقرأ الباقون بضم الدال وتشديد النون .)ا.هـ
فقوله (والإشمام في هذه الكلمة يكون إيماءاً بالشفتين...) يقصد به الإشمام بدون صوت الحركة .
وقوله (ويكون أيضاً إشارة بالضم إلى الدال فلا يخلص لها سكون) ويقصد به الاختلاس المعني به "ثلثي الحركة " .
وقد وصف أيضا العلامة أبو شامة المقدسي ـ في إبراز المعاني ـ الإشمام قائلا :
وَمِنْ لَدْنِهِ في الضَّمِّ أَسْكِنْ مُشِمَّهُ *** وَمِنْ بَعْدِهِ كَسْرَانِ عَنْ شُعْبَةَ اعْتَلاَ

أي أسكن ضم الدال في حال كونك مشمه فالهاء في مشمه للضم والكسران في النون والهاء وهذا معنى قول صاحب التيسير: قرأ أبو بكر- من لدنه- بإسكان الدال وإشمامها شيئا من الضم وبكسر النون والهاء ويصل الهاء بياء وكذا قال صاحب الروضة : إشمامها شيئا من الضم ، وصرح الأهوازي : فقال باختلاس ضمة الدال ، وأما مكي فقال : الإشمام في هذا إنما هو بعد الدال ؛لأنها ساكنة فهي بمنزلة دال زيد المرفوع في الوقف وليس بمنزلة الإشمام في- سيئت- .
وقيل : لأن هذا متحرك ولم يذكر الشيخ في شرحه غير هذا القول ، فقال : حقيقة هذا الإشمام أن يشير بالعضو إلى الضمة بعد إسكان الدال ولا يدركه الأعمى لكونه إشارة بالعضو من غير صوت .
قال أبو علي : وهذا الإشمام ليس في حركة خرجت إلى اللفظ وإنما هو تهيئة العضو لإخراج الضمة ليعلم أن الأصل كان في الدال الضمة فأسكنت كما أسكنت الباء في سبع والكسر من النون لالتقاء الساكنين وكسرت الهاء بعدها لأجل كسرة النون نحو به ومن أجله. )ا.هـ

فأنت ترى أن الكل مجمِع على الإشمام لا غير وألحقه الإمام مكي بسكون الوقف ؛ بل ونفى أن يكون ملحقا بالحركة في قوله : (وليس بمنزلة الإشمام في- سيئت-) وكذا قول أبي شامة ( ولا يدركه الأعمى لكونه إشارة بالعضو من غير صوت .) .
وقد وضع الإمام مكي قاعدة جليلة في التفرقة بين الإشمام مع الإشارة بلا صوت ، وبين الإشمام الذي هو الإشارة مع جزء من الحركة حيث قال في "الكشف " : ..فكل إشمام في حرف ساكن لا يسمع إنما هو ضم الشفتين لا غير .
وكل إشمام في متحرك يسمع كالإشمام في " قيل ، وحيل ، وسئ " ...)ا.هـ

والذي يظهر مما سبق أن القلقلة تقرّب الحرف من الحركة ـ أي كأنها محركة ـ فإذا غلفتها بالإشمام ظهرت لك وكأنها مختلسة ـ وإن كانت في الحقيقة إشمام صوت القلقلة ـ .
ومن وصفها بالإشمام وصف هيئة الشفتين ولم يعوّل على ذكر القلقلة ؛ لأنها معلومة ولا يُحتاج لذكرها .
وهذا ما يؤيده الشيخ محمد إبراهيم محمد سالم صاحب كتاب (فريدة الدهر في تأصيل و جمع القراءات العشر) (...وملاحظة القلقلة مع كسر النون والهاء بالكسر والصلة )ا.هـ3/1117

أما قول صاحب كتاب (التحقيق الوفي في رواية شعبة عن عاصم الكوفي ) لأحمد بن نضال القطيشات يقول فيه بعد نقل كلام العلامة القاضي : إذا كان ضم الشفتين عقب النطق بالدال الساكنة فلا بد من القلقلة .
أما على المذهب الثاني فلا قلقلة ؛ لأن الإشمام مع الدال فزال به سبب القلقلة .)ا.هـ164
فالجواب :
الخلاف لفظي بينهما ، وهو عين الخلاف في مسألة خروج الحركة ، حيث جعل الجعبري الحرف والحركة مقترنان ـ أي يخرجان في زمن واحد ـ ، فالذي يقول باقتران الحرف والحركة ؛ لابد أن يقول باقتران الحرف والإشمام ؛ لأن الإشمام إشارة للحركة ، وشدة القرب بينهما يوحي بأنهما مقترنان ، بينما الحركة تخرج قبل الحرف وهو الراجح .

وكذا الحال في هذه المسألة خلاف لفظي ؛ لأن الجعبري لا يخالف هؤلاء القراء في أدائه .
وأما قوله (أما على المذهب الثاني فلا قلقلة ؛ لأن الإشمام مع الدال فزال به سبب القلقلة)أ.هـ

وهذا عجيب ؛ لأن الإشمام لا ينفي كونه ساكنا ؛ لأن هذا النوع من الإشمام لا يكون إلا مع الساكن ـ كما سبق ـ ، وإن لم يكن الأمر كذلك علينا أن نعتبر أن هذا النوع من الإشمام الذي يضاهي الإشمام في المحرك نحو: (قيل ، وغيض وبابهما ) الذي يزول به السكون ، وهو ليس كذلك ، وقد أجمع القراء أن هذا الإشمام يكون مع سكون الدال .بما فيهم الجعبري نفسه حيث يقول :( "من لدنه " بإسكان الدال وإشمامها الضم وكسر النون ....) .
وعلى ما تقدم يكون عبارته (إذا كان ضم الشفتين عقب النطق بالدال الساكنة فلا بد من القلقلة .) لا تخالف العبارة الثانية (...لأن الإشمام مع الدال فزال به سبب القلقلة) .
فإذا كان قول الداني وغيره لابد فيه من القلقلة ، فقول الجعبري أيضا يوافقه. والله أعلم .

أما ما قاله العلامة الطيبي :
و أشمم هنا مقارنا للحرف *** لا بعد لفظه كحال الوقف .

وشرح الشيخ القاضي في "البدور الزاهرة " هذا الخلاف قائلا :
" من لدنه " قرأ شعبة بإسكان الدال مع إشمامها الضم ....قال في الغيث: والمراد بالإشمام هنا ضم الشفتين عقب النطق بالدال الساكنة على ما ذكره مكى والداني وعبد الله الفارسى وغيرهم. وقال الجعبري لا يكون الإشمام بعد الدال بل معه تنبيها على أن أصلها الضم وسكنت تخفيفا ، انتهى. والظاهر أن الحق مع الجعبري.))ا.هـ

فيقال فيه ما قيل في سابقه بأن الخلاف لفظي ، وقول الجعبري (بل معه تنبيها على أن أصلها الضم وسكنت تخفيفا) لا ينفي السكون أثناء أداء الإشمام ، وقد سبق قوله بالإسكان . والله أعلم .

ونخلص مما سبق :
*أن القلقلة صفة لازمة للحرف الساكن من أحرفها ولا يمكن أن تنفك عنها بحال إلا في الإدغام الكامل والناقص .
*أن خروج الإشمام مع القلقلة تشبه الاختلاس ؛ لأن للقلقلة صويتا يشبه الحركات كما عبّر الداني وغيره .
* أن منع القلقلة في الدال إلغاء صفة من صفات الحرف بغير دليل ، والأصل بقاء الصفة .
*الفرق الضئيل بين القلقلة والحرف المختلس ينفي تخوف البعض بأنه إذا قلقلها خرجت كأنها مختلسة ـ ثلثي الحركة ـ .
*أن الاختلاس لا يمكن حمله على الحركة لإجماع القراء على سكون الدال ، ولا يجتمع إشمام حركة مع حرف ساكن ـ وسبق في قول مكي ـ .والله أعلم

هذا ما من الله به علىّ وأسأله أن يتقبله منا وأن يجعله خالصا لوجه .... آمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
ما شاء الله شيخنا الجليل على البحث الماتع ، واسمحلي أن أقاطعكم بملحوظة منهجيّة ، وتتمثّل فيما يلي :

اتضح لي أنّكم بنيتم المسألة على المشافهة وهذا لا إشكال فيه ما دام النصوص مؤيّدة للقول الذي رجّحتموه إلاّ أنّ اعتراضي هو من ناحيتين :

الأولى : أنّكم جعلتم الراجح في المسألة متوقّفاً على قول العلامة الزياّت عليه رحمة الله وليس هو مصدر الرواية.
الثانية : أنّكم أسقطتم وجهاً ثابتاً بالمشافهة عن الشيخ الزيات من طريق العلامة عبد اللطيف والعلامة الزعبي وغيرهما ، إذ لو انفرد عن الزيات واحد لقلنا أنّه شذوذ ، والحقيقة أنّ الوجه يثبت عن غير واحد من الشيوخ المتقنين الماهرين عن الزيّات ، وبالتالي يكون وجه عدم القلقلة صحيح عن الزيات أداءً. وعليه فلا وجه لمنعه لأنّ شيخنا عبد الحكيم أصّل المسألة على المشافهة ، وهذا التأصيل يستلزم إعمال الوجهين من طريق الزيّات.
وكأنّ شيخنا عبد الحكيم يتناقض في منهجة بتأصيله للمسألة على المشافهة من جهة ، وتضعيفه للإشمام المجرّد عن القلقلة مع ثبوته بالأداء الصحيح عن الزيّات على شرط ابن الجزريّ.

فلو أنّ شيخنا عالج أو سيعالج المسألة على أساس ما ثبت عند المتقدّمين لسَلِم من التناقض ولاتّفقنا في النتيجة والطريقة.


ولكم منّي كلّ الاحترام والتقدير.
 
السلام عليكم
شيخنا الحبيب محمد يحيي شريف
مع أني تركت الجزء الأول لمدة تعد كبيرة لمذاكرته جيدا مع أني لست من هواة تجزئة الأبحاث إلا في النادر .
وقبل الخوض في ذكر المسألة أود التنويه على أهمية المشافهة وأن المشافهة أصل أصيل .
إلا أن الإشكال في هذه المسألة أن الناقلين اختلفوا عن شيخ بعينه وليكن الشيخ الزيات ، حيث تفرق طلبته بين قائل بالقلقلة ، ومعدم لها ، وكلا الفريقين لم يذكرا خلافا في المسألة ، والذي يظهر أن الخلاف جاء من نقل القراء عن الشيخ الزيات ، والظاهر أيضا القول بخطأ البعض ، وبصواب الآخر مادام الشيخ لم يُنقل عنه خلاف .
والاحتمال بالخطأ وارد حيث يقول العلامة ابن مجاهد في تفاوت قدرات الناقلين عن الشيخ :
لقد حدثتك عن المشافهة وأنه الأصل .
ثم ذكرت اختلاف القراء عن الشيخ الزيات ..بينما الزيات لم يذكر عنه خلاف .
ثم أوردت احتمال الخطأ في النقل من أحد الطرفين لعدم الخلاف عن الزيات وذكرت قول ابن مجاهد في ورود الخطأ من الناقلين .
أما كون الخلاف نبع عن تلامذة الزيات
أن الناقلين اختلفوا عن شيخ بعينه وليكن الشيخ الزيات
.
اعتبر أن الخلاف عن الشيخ عامر مثلا فيقال فيه ما في البحث .
(يعني العيب مش عندي يا حببنا)
والسلام عليكم
 
(يعني العيب مش عندي يا حببنا)
عارف كويّس يا عزيزي
فقط هي إشارة منّي إلى خلل الاعتماد على المشافهة.
فإمّا أن يكون العلامة الزيّات قرأ بالوجهين وهذا فيه نظر لأنّ الخلاف في الكيفيّة لم ينقل عن المتقدّمين
وإمّا أن يكون الخلل في الناقلين عن الزيّات مع ما يمتازون به من المهارة والعلم ، وهذا قد يقع لأنّهم بشر.
لأجل ذلك أعود إلى التأصيل فأقول :
الترجيح في المسائل الخلافيّة الأدائيّة لا ينبغي أن تُبنَ على المشافهة المجرّدة عن النصوص وأقوال المتقدّمين.
 
بارك الله فيكم و في هذا البحث الماتع الذي ينم عن سعة اطلاع و حسن بحث ، و تعليقا على ما تفضلتم به ، و ما تفضل به فضيلة الشيخ محمد بن يحيى شريف ، أوافق فضيلة الشيخ عبد الحكيم على ما ذهب إليه من أن الأصل يبنى على المشافهة ، و أنه هو الأصل و يستدل بالجانب النظري تعضيدا للقول لا على أنه الأساس ، و قد نخلص من هذا الإشكال في اختلاف التلقي عن العلامة الزيات عن طريق آخر غير الذي بنى عليه فضيلة الشيخ محمد يحيى شريف كلامه ، و هو أنه من المعلوم أن الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف قد قرأ على غير واحد من الشيوخ فقد قرأ على العلامة الشيخ مصطفى منصور الباجوري إلى سورة العنكبوت ، كما قرأ على الشيخ الملواني ، و قرأ أيضا على فضيلة العلامة الإمام السمنودي ، ومن المعلوم أيضا أن الشيخ محمد تميم الزعبي قد قرأ على الشيخ عبد العزيز عيون السود و على الشيخ المرصفي و على الشيخ السمنودي بعض القرآن و غيرهم ، فنسبة القراءة للشيخ الزيات عن طريق هؤلاء المشايخ لا تصح إلا بالتصريح ، و التأكد من أنهم ناقشوا الشيخ في المسألة و أقر ما هم عليه ، و من المعلوم أن الشيخ قد يسهو في قراءة تلميذه و هذا وارد ، و العبرة بالتأكد من فم الشيخ كما فعل الشيخ عبد الحكيم مع الشيخ حسانين جبريل ، و كنت قد وهمت فيها بمجرد أني قرأتها على الشيخ بترك القلقلة و أقرني الشيخ ، فتوهمت أن هذا مذهب الشيخ ، فالمقدم هو من ناقش الشيخ و أثبت هذا الأمر عن الشيخ كما فعل العلامة محمد إبراهيم سالم في كتابه ، أنه كان يدون كل شئ عن المقرئ ، لذلك فأقول أن المقدم حتى الآن عن الشيخ الزيات رحمه الله هو القلقلة إثباتا لقول الشيخ محمد إبراهيم سالم و غير واحد من تلاميذ الزيات و كما نقل الشيخ محمد يحيى شريف عن الشيخ عبد الرزاق موسى ، و كما نقلت مؤخرا عن الشيخ رشاد مرسي طلبه و كان من أوائل من قرأ على الشيخ سنة 1959 م ، و ما أريد أن أطيل في هذا المقام ، و لكن أردت التنبيه على ذلك ، مع العلم أني لا زلت أنقل عن بعض مشايخي ترك القلقلة و أحكيها عنهم و أقرئ بها و أقرأ ، إلا أن نسبة الأقوال إلى قائليها مهم ، لذلك أشكر مجددا فضيلة الشيخ عبد الحكيم على هذا البحث الماتع ، كما أعتذر للشيخ محمد يحيى شريف عن التدخل في النقاش ، و مخالفته في مسألة إلا أني أقدر رأيه و أحترمه و أجله و أستفيد منه ، فبارك الله في الشيخين و نفع بهما اللهم آمين
 
و من المعلوم أن الشيخ قد يسهو في قراءة تلميذه و هذا وارد ، و العبرة بالتأكد من فم الشيخ كما فعل الشيخ عبد الحكيم مع الشيخ حسانين جبريل

وعلى هذا الأساس لا يمكن الاعتماد على الأداء عند الخلاف لأنّ الشيخ قد يسهو والتلميذ أيضاً ولايلزم من التلميذ أن يتأكّد من فم الشيخ جميع ما أخذه عنه لأنّ الكلمات المختلف فيها أدائياً كثيرة جداً ، ويصعب على التلميذ أن يوثّق جميع ذلك لا سيما إن كان التلميذ من بلد آخر ، أو توفّي الشيخ قبل أن يتثبّت التلميذ. خلافاً لما هو منصوص في الكتب لأنّ الكتابة توثّق الأداء ، والمكتوب لا يتغيّر مهما مرّت السنون وطال الأمد.
والقرءان أمانة في أعناقنا ينبغي أن نجنّبه كلّ ما يدخله الظنّ أو ما يكون فيه مظنّة الخطأ.
لذلك كان لزاماً علينا توثيق الأداء بالنصوص.
ومشايخنا الأفاضل ما قرءوا على جبريل عليه السلام فهم بشر وقرءوا على بشر.وحتّى لو قرءوا على جبريل فلن يكتسبوا من خلال ذلك العصمة من الوهم والغلط.
والله من وراء القصد.




 
جزاكم الله خيرا و لا أحب أن أطيل في هذه النقطة حتى لا يصل الأمر إلى الجدال ، و أنا أعلم أنكم تكرهونه كما أكرهه ، و لكن هل مقولتي في مسألة سهو الشيخ ، تؤخذ على أن الشيخ دائم السهو ؟!!!!! ، قطعا لا أقصد هذا فإن سها الشيخ مع طالب فلن يسهو مع الجميع ، و إن كان سهو الشيخ كثير و هو الأصل عنده لما وصف بالمقرئ الإمام العلامة المتقن ، كما هو الحال مع الشيخ الزيات رحمه الله ، لذلك فمعنى السهو الذي أقصده أن الشيخ قد يسكت أو يسهو عن خطأ أحد تلاميذه ، و لا يراجعه التلميذ ، فيظن التلميذ أن هذا هو عين الصواب فيها ، فحينها نرجع إلى من تثبت من الشيخ أولا ، ثم إذا وافق قول أحدهما النصوص إن صعب علينا الترجيح ، فحينها يقدم الموافق للنصوص على الآخر ، لذلك أرجع و أقول النصوص نعضد بها التلقي و ليست حاكمة عليه أبدا ، و إن كان لكم رأي آخر في هذه المسألة فضيلة الشيخ محمد يحيى ، فأنا أحترمه و أقدره إلا أني لا أعمل به و لا أقره ، و جزاكم الله خيرا
 
فنسبة القراءة للشيخ الزيات عن طريق هؤلاء المشايخ لا تصح إلا بالتصريح ، و التأكد من أنهم ناقشوا الشيخ في المسألة و أقر ما هم عليه
الشخ عبد الحكيم نسب الوجه للشيخ الزيات وهذه مشاركة قديمة لي :
السلام عليكم
أخي الكريم إن قراءة إشمام "لدنه ـ لدني "
ولقد تحدثت مع الشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف ـ حفظه الله ـ في الهاتف قرابة نصف ساعة منذ عام تقريبا .
فقال : لا قلقلة لكي لا تشبه الاختلاس .
فذكرتُ له الفرق بينهما .
فقال : هكذا أخذته من الشيخ الزيات .

وقلت له بأن القلقلة منصوصة عليها من طلبة الزيات أنفسهم ..
فقال : من ذكره . ؟

قلت : صاحب فريد الدهر وهو أخذ من الشيخ الزيات أيضا وكذا نطقها الشيخ حسنين جبريل ..
فقال : هو من سكة وأنا من سكة.

فوقتها سكَّتُ ولم أرد أن أتحدث في هذه النقطة .

ولقد ذهب أحد إخواننا للشيخ السمنودي منذ مدة قبل وفاته ، وسأله عن هذا الإشمام .فذكر القلقلة ثم ذكر الوجهين : الإشمام بعد الإسكان كمذهب جمهور العلماء .
أم الإشمام مع السكون كما ذكر العلامة الجعبري .. والعمل في مصر علي ما قاله العلامة الجعبري وأذكر أن صاحب (البدور الزاهرة ) ذكر ذلك .

وعليك أن تجعل القلقلة خفيفة ولا تبالغ فيها حتي لا تصل للاختلاس

ولقد قمتُ أنا وبعض إخواني بسؤال تلامذة الشيخ عامر والشيخ الزيات وفضيلة الدكتور عبد الباسط هاشم وغيرهم ذكروا لنا القلقلة .
ولذا لا يقال إنهما روايتان لأن الأكثر علي القلقلة من طلبة الشيخ الزيات . والله أعلم
والسلام عليكم

وعلى هذا الأساس لا يمكن الاعتماد على الأداء عند الخلاف لأنّ الشيخ قد يسهو والتلميذ أيضاً ولايلزم من التلميذ أن يتأكّد من فم الشيخ جميع ما أخذه عنه لأنّ الكلمات المختلف فيها أدائياً كثيرة جداً ، ويصعب على التلميذ أن يوثّق جميع ذلك لا سيما إن كان التلميذ من بلد آخر ، أو توفّي الشيخ قبل أن يتثبّت التلميذ. خلافاً لما هو منصوص في الكتب لأنّ الكتابة توثّق الأداء ، والمكتوب لا يتغيّر مهما مرّت السنون وطال الأمد.
والقرءان أمانة في أعناقنا ينبغي أن نجنّبه كلّ ما يدخله الظنّ أو ما يكون فيه مظنّة الخطأ.
لذلك كان لزاماً علينا توثيق الأداء بالنصوص.
ومشايخنا الأفاضل ما قرءوا على جبريل عليه السلام فهم بشر وقرءوا على بشر.وحتّى لو قرءوا على جبريل فلن يكتسبوا من خلال ذلك العصمة من الوهم والغلط.
والله من وراء القصد.
هذا الكلام إذا كان الخلاف كما سبق . وإلا مسألة الغنة المفخمة خير دليل على سلطان المشافهة على النص .
والسلام عيكم
 
أشكرل لكم تفاعلكم في هذا الأمر و لكن لي أيضا تعليق على هذا يا سيدنا الشيخ عبد الحكيم ، هل يكفي أن يقول الشيخ عبد الحكيم أني هكذا أخذتها عن الشيخ الزيات لنسبة الوجه للشيخ الزيات ، و هو ما كنت أقصده تحديدا من قولي في المشاركة السابقة أنه قد يقرأ الطالب على شيخه الوجه و بمجرد سكوت الشيخ عنه سهوا أو نسيانا ينسب هذا الوجه للشيخ ، و هذا ما كنت أقصده ، فهل ناقش الشيخ عبد الحكيم الشيخ الزيات و أخبره أن الصحيح هو ترك القلقلة ، أم أنه يخبر بما قرأ و فقط ؟!!! ، فالنص عندنا الصريح عن الشيخ الزيات هو نص الشيخ محمد إبراهيم سالم ، و نص الشيخ حسانين جبريل كما نقلتم عنه فضيلتكم ، و من المعلوم أن رد الشيخ عبد الحكيم لما ذكرتم له الشيخ محمد إبراهيم سالم ، ليس برد علمي و ليس فيه نفي لإقراء الشيخ الزيات بالقلقلة ، فلذلك أرى و الله أعلم أنه لا زال الأثبت عن الشيخ الزيات هو الشيخ محمد إبراهيم سالم رحمه الله ، إلا أن يأتي تصريح بعكس ذلك ، و الله من وراء القصد ، و جزاكم الله خيرا ، و الأولى من وجهة نظري أن نهتم بمناقشة الأدلة التي سقتموها كي تعم الفائدة علينا جميعا ، و هل هي تكفي لإثبات القلقلة و نفي ما سواها أم لا ، و جزيتم خيرا
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
و الأولى من وجهة نظري أن نهتم بمناقشة الأدلة التي سقتموها كي تعم الفائدة علينا جميعا ، و هل هي تكفي لإثبات القلقلة و نفي ما سواها أو لا ؟ و جزيتم خيرا
السلام عليكم
هذا هو الكلام المنضبط .
السلام عليكم
 
أخي الشيخ عبد الحكيم عبد الرازق: أشكركَ على ما تفضلتَ به في طرحك لهذه المسألة، والشكر موصول لكل من علّق وأفاد.
أؤكد في هذا المقام على ما أشار إليه أخي الشيخ محمد يحيى شريف من حاكميّة النصوص الواردة عن الأئمة الأثبات، المدوّنة في تصانيفهم على المشافهة، وأرى أن هذا الأمر هو الذي ينضبط به الأداء، وتترجّح به بعض الأوجه على غيرها، والله أعلم.
 
فضيلة الدكتور ضيف الله ، بارك الله فيكم و نفع بكم ، مع العلم أني أبقى مخالفا لكم و لفضيلة الشيخ محمد يحيى شريف في هذه المسألة ، و لكن لي سؤال : ما هو تخيلكم للأمر لو بقي العلم يتناقله الرجال صدرا عن صدر ، و لم يدخل فيه الورق بتاتا ، و تعلمون قول الأئمة في دخول المتعالمين بعد أن صار العلم في الورق لا في الصدور ، هل كنا حينها سنحتكم لنصوص ليست موجودة ؟!!! ، أم أننا حينها سنكتفي بالرواية القحة ، و نعتمد اعتمادا كليا على الرواية و المشافهة و حينها إن اختلف البعض ، سنقدم الأعلم و الأتقن و الأثبت ، و الذي اجتمع عليه الجمهور من المقرئين و سنترك قول من شذ ؟!!!! ، لذلك فأنا أقول يستحيل أن يحل الدخيل على العلم محل الأصل ، فالنصوص المدونة دخيلة على التلقي ، و قد يحسن صاحبها صياغتها و قد يتجاوز في بعضها و يبقى الأصل و هو التلقي ، فإن ثبتت موافقة النصوص للتلقي فبها و نعمت أما لو خالفت و هذا نادر بل يكاد يكون معدوما ، إنما تختلف الأفهام التي تفهم النص ، فالمقدم التلقي و يعضده النص ، و نحن لا نلغي تماما أهمية النصوص ، و فاعليتها في تصحيح المسار أحيانا ، أو في الترجيح أو حتى في إظهار الصواب من الخطأ ، و لكن نعترض على جعل النص حاكما على الأصل و هو التلقي .
و الله من و راء القصد ، و أعتذر للإطالة و جزاكم الله خيرا على هذا النقاش المثمر المفيد
 
نعمم إنّ التلقّى هو الأصل ، لكن ليس هناك ما يضمن سلامته عبر القرون.

ولما دخل الأعاجم الإسلام واختلطت الألسن ،وكثر اللحن ، اضطر الأئمّة إلى التدوين حفاظاً على الأداء الصحيح.

قال الداني عليه رحمة الله تعالى : "مع الإعلام بأنّ القراءة ليست بالقياس دون الأثر" (جامع البيان ص172).

قال مكّي القيسي عليه رحمة الله تعالى : "والرواية إذا أتت بنصّ في الكتب والقراءة كانت أقوى وأولى من رواية لم تُنقل في كتاب الله ولا صحبها نصّ ، وما نُقل بالتلاوة ولم يؤيّده نصّ كتاب فالوهم والغلط ممكن ممن نقله إذ هو بشر "(تمكين المدّ في آتى وآمن وآدم وشبهه ص37).

وقال في كتابه التبصرة : " فجميع ما ذكرناه في هذا الكتاب ينقسم ثلاثة أقسام: قسم قرأت به ونقلته وهو منصوص في الكتب موجود. وقسم قرأت به وأخذته لفظاً أو سماعاً وهو غير موجود في الكتب وقسم لم أقرأ به ولا وجدته في الكتب ولكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلا ذلك عند عدم الرواية في النقل والنص وهو الأقل"

قال ابن عظيمة الإشبيلي (ت543) : "ولا ينبغي أن يقنع الطالب بالمشافهة من العلم ، فيسمع لفظه إذا تكلّم ، فلربّما كان ممن جرى الصواب على لسانه ، وهو لا يعلم مقدار إحسانه ، ولا بدّ من مفارقته ما سمع ، فيرجع إلى ما به طبع ، فإن كان ممن علم عمل ، وإن اكتفى بما سمع لم يلبث أن يجهل" (منح الفريدة ص212).

وقال الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى :
وما بعده كسر أو اليا فما لهم ...... بترقيقه
نصّ وثيق فيمثلا

وقال : وبعضهم في الأربع الزهر بسملا ...... لهم دون
نصّ

وقال :
ولا نصّ كلا حبّ وجه ذكرته ...... وفيها خلاف جيده واضح الطلا.

قال المرعشي رحمه الله تعالى "....لكن لما طالت سلسلة الأداء تخلل أشياء من التحريفات في أداء أكثر شيوخ الأداء ، والشيخ الماهرالجامع بين الرواية والدراية المتفطن لدقائق الخلل في المخارج والصفات أعزّ من الكبريت الأحمر ، فوجب علينا أن لا نعتمد على أداء شيوخنا كلّ الاعتماد ، بل نتأمّل فيما أودعه العلماء في كتبهم من بيان مسائل هذا الفنّ ، ونفيس ما سمعناه من الشيوخ على ما أودع في الكتب ، فما وافق فهو الحقّ ، وما خالفه فالحقّ ما في الكتب " انظر بيان جهد المقلّ

أقول : فهذي نصوص القوم تؤكّد على أنّ ما أودعوه في سطورهم هو المعبّر القويم عن الكيفيّة الصحيحة التي تلقّوها عن مشايخهم ، ويكفي في إثبات ذلك أنّ عدم ثبوت النصّ عندهم مشكلة وسبيل للنقد والتشكيك والاحتمال كما يظهر من كلام مكّي القيسي وصنيع الإمام الشاطبيّ عليه رحمة الله تعالى ، وأنّ مجرّد الاعتماد على الأداء المأخوذ عن غير مرجع مسطور ومصدر موثوق قد يُفضي إلى الوهم والغلط. لذا فإنّ أهل الأداء اعتمدوا على النصوص بالدرجة الأولى إذ به يجد الأداء مصداقيّته التي ترفعه من الشكّ والاحتمال إلى اليقين والقطع.

وليس هناك تعارض بين الأقوال التي تقول بالاعتماد على المشافهة وبين التي تقول بالنصوص. لأنّ النصّ مصدره الأداء وما هو إلاّ صورة أدائيّة للمشافهة التي أخذت عن الشيوخ. الفرق بينهما أنّ النصّ يعبّر عن الكيفيّة الأدائيّة التي كان عليها المتقدّمون مع توثيقهم لتلك الكيفيّة عن طريق الكتابة. والخطأ هنا مستنبعد إذا تواترت النصوص المتوافقة في المضمون والمقتضى.
وقد سرى على هذا النهج الأئمّة الكبار كالداني في جامع البيان حيث كان لا يذكر حكماً إلاّ نقل معه نصاً ، وكذا ابن الجزري الذي وثّق كتابه النشر بالمصادر والنقول وكذا المنتوري الذي وثّق نظم الدرر اللوامع بنقل أقاويل الداني ، وهكذا.

أكتفي بهذا القدر وإلاّ فالأدلّة كثيرة.
 
لعل هذا الأمر يبثه فضيلتكم يا شيخ محمد في موضوع جديد ، و نناقش فيه هذه الأدلة ، فمنها أستدل بفهمي القاصر على تقديم التلقي أيضا على النصوص ، و لكني لا أريد أن ينحرف موضوع بحث فضيلة شيخنا الشيخ عبد الحكيم عما أراده به ، و الأولى في هذا المقام أن نناقش أدلة الشيخ ، لعل الله أن يفتح عليكم و على مشايخنا الأفاضل بما نستفيد منه جميعا ، إن شاء الله و أشكر لكم حسن تفاعلكم ، و جميل نقاشكم و السلام عليكم
 
و أبدأ بأول ما يتناقش فيه في الأدلة : هل هذا النص الذي نقله صاحب كتاب التحقيق الوفي و هو : لأن الإشمام مع الدال فزال به سبب القلقلة . اهـ . مما يعضده قول و هل الإشمام الذي هو حركة بالشفتين على هيئة الضم ، و لا يكون حركة كاملة أو مختلسة أبدا ، أن يكون سببا في الاستغناء عن القلقلة ؟!!! ، و هل هناك ما يعضد هذا القول من أدلة في كلام أحد الأئمة قديما أو حديثا ؟!!!
 
أخي الشيخ عبد الحكيم عبد الرازق: أشكركَ على ما تفضلتَ به في طرحك لهذه المسألة، والشكر موصول لكل من علّق وأفاد.
أؤكد في هذا المقام على ما أشار إليه أخي الشيخ محمد يحيى شريف من حاكميّة النصوص الواردة عن الأئمة الأثبات، المدوّنة في تصانيفهم على المشافهة، وأرى أن هذا الأمر هو الذي ينضبط به الأداء، وتترجّح به بعض الأوجه على غيرها، والله أعلم.
السلام عليكم
شيخنا الحبيب ضيف الله
نحن متفقون أن هناك أشياء لا تدرك إلا بالمشافهة مثل التسهيل والتقليل والإمالة وغيرها مما شابهها .
فإذا وجدت قراءة دون نص المصير لا للقراءة وهو ما يعنيه مكي بقوله (وقسم قرأت به وأخذته لفظاً أو سماعاً وهو غير موجود في الكتب)
أعتقد انك تتفق معي في ذلك .
وقول مكي(
وقسم لم أقرأ به ولا وجدته في الكتب ولكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلا ذلك عند عدم الرواية في النقل والنص وهو الأقل" .
وهذه أيضا تقرر المشافهة إذ القياس على ما سمعه مشافهة .
ولم يبق معنا سوى حالة وجود النص المخالف لما عليه بعض الناس أو أكثرهم .
ولماذا قلت: البعض أو أكثرهم؟
لأن النص لا خروج له عن قراءة موجودة ، بمعنى أن النص يأتي في صف وجه موجود مقروء به وهذه أيضا الأصل فيها المشافهة .
أما أن يأتي النص بقراءة غير موجودة أعتقد أن هذا النوع يحتاج لإثبات .والله أعلم
والسلام عليكم
 
السلام عليكم
شيخنا الحبيب ضيف الله
نحن متفقون أن هناك أشياء لا تدرك إلا بالمشافهة مثل التسهيل والتقليل والإمالة وغيرها مما شابهها .
فإذا وجدت قراءة دون نص المصير لا للقراءة وهو ما يعنيه مكي بقوله (وقسم قرأت به وأخذته لفظاً أو سماعاً وهو غير موجود في الكتب)
أعتقد انك تتفق معي في ذلك .
وقول مكي(
وقسم لم أقرأ به ولا وجدته في الكتب ولكن قسته على ما قرأت به إذ لا يمكن فيه إلا ذلك عند عدم الرواية في النقل والنص وهو الأقل" .
وهذه أيضا تقرر المشافهة إذ القياس على ما سمعه مشافهة .
ولم يبق معنا سوى حالة وجود النص المخالف لما عليه بعض الناس أو أكثرهم .
ولماذا قلت: البعض أو أكثرهم؟
لأن النص لا خروج له عن قراءة موجودة ، بمعنى أن النص يأتي في صف وجه موجود مقروء به وهذه أيضا الأصل فيها المشافهة .
أما أن يأتي النص بقراءة غير موجودة أعتقد أن هذا النوع يحتاج لإثبات .والله أعلم
والسلام عليكم
[align=justify]
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بالشيخ المقرئ الحبيب عبد الحكيم عبد الرازق.
كلامي -بارك الله فيكم- أقصد به جزئية معينة، وهي الخلاف الذي يحصل بين القراء في أوجه الأداء وكيفياته، ويدّعي كل فريق أنه هكذا تلقّى؛ فالذي يفصل فيه بتصحيح الأوجه كلها، أو ترجيح وجه على آخر -حسب رأيي القاصر- هو نصوص الأئمة في كتبهم، أما الإتيان بوجه جديد غير مقروء به أصلاً = فلا ينطبق عليه كلامي.
وجزاكم الله خيرًا.
[/align]
 
[FONT=&quot] هل الأداء شفع في تمكين {يواخذ} لورش ؟[/FONT]​
هناك بعض المشايخ في الشام يُقرءون بقصر المنفصل لشعبة من طريق الطيّبة ، وعند سؤالنا لأحدهم ، كان جوابه أنّه قرأ به عن شيوخه. ؟
أخبرني الشيخ أبو الحسن الكردي رحمه الله أنّ له رواية بقصر المنفصل لحفص من طريق الشاطبيّة بالإسناد ولكن ولله الحمد لا يُقرئ بهذه الرواية.
والأمثلة كثيرة.

فبالله عليكم ، فهل بمجرّد ثبوت وجه من الوجوه بالأداء يعني أنّه صحيح ؟
لو افترضنا أنّ هذه الأوجه انتشرت فهل هذه الشهرة تشفع لها ؟
لذلك ينبغي يا مشايخنا التفريق بين حجيّة الأداء من حيث الكيفيّة الأدائيّة للوجه إذ لا يمكن معرفة كيفيّة الإمالة والإشمام والإخفاء وغير ذلك إلاّ بالمشافهة فيكون الأداء مفسّراً للوجه من الناحيّة التطبيقيّة. وهذا لا نزاع فيه ، وبين صحّة الوجه من جهة الرواية كالمدّ والقصر و السكت ، والإدغام والإمالة وكلّ ما يتعلّق بالصفات العارضة وفرش الحروف ، إذ لا يمكن أن نُدخل في الرواية ما لم يثبت في الشاطبية أو الطيّبة أو في مصادرهما على أساس الأداء والمشافهة عن الشيوخ.

أمّا الكيفيّة الأدائيّة لصفة ما ، فهي لا تتغيّر فقصر المنفصل أداؤه لا يتغيّر من رواية إلى رواية ، وكذلك الإمالة والإدغام وغير ذلك. والمقرئ لا يمكن الاستغناء عن المشافهة والتلقّي عن الشيوخ في إدراك الحقيقة الأدائيّة للصفة المقروءة.
ولكن هل يُمكن إدراج قصر المنفصل أو إمالة أو إدغام في رواية ما على أساس الأداء المتلقّى عن الشيوخ مع عدم ثبوته في المصادر ؟؟؟ هذا غير ممكن ومردود.
وعليه ينبغي أن نفرّق بين الكيفيّة الأدائيّة التي تخضع للمشافهة ، وبين زيادة أوجه أو مخالفة المصادر على أساس الأداء المأخوذ عن الشيوخ.
وسأضرب مثالاً لتتّضح الأمور جيّداً لأنّ الفكرة قد تكون واضحة عندي ولكن لم أوفّق لإيصالها لغيري :
كان أحد مشايخنا يمنع الإمالة مع المدّ لشعبة في {رءآ أيديهم} وكان يقول بأنّ الإمالة والمدّ لا يجتمعان. فأخبرته أنّ لم يرد نصّ يمنع ذلك بل هو مذهب أصحاب الإمالة كحمزة والكسائي وخلف وورش وغيرهم. فأصرّ على قوله مستدلاً بالمشافهة عن شيوخه.
فهل أداؤه يُعتبر به ؟ لا شكّ أنّه لا يعتبر به لأنّه مخالف للنصوص.
فكيفيّة الإمالة في {رءا} تؤخذ عن الشيوخ وكيفية القصر كذلك ، فالأداء مفسّرٌ للنصّ من الناحية العمليّة التطبيقيّة ، أمّا الاعتماد على الأداء لتصحيح القصر فهذا غير معقول وغير مقبول.
ومن هنا يتّضح أهمّية الأداء وأهمّية النص. فبالأداء نعرف الكيفيّة ، وبالنصّ نُثبت صحّته في الرواية. وهذا الذي فعله ابن الجزريّ في نشره إذ كان يعتمد على المصادر لتوثيق الروايات التي أودعها في كتابه النشر.
وللأسف فإنّ مشايخنا ما وضّحوا هذه القضيّة فاختلطت الأمور واضطربت واكتفى أكثرهم بتحقيق التراث دون العناية بهذه المسائل وتأصيلها تأصيلاً علمياً.
من جهة أخرى ينبغي ألاً تخرُج الكيفيّة الأدائيّة عن النصوص المعتبرة. مثاله : منع بعض المشايخ إشباع الغنّة في {تأمنّا} مستدلاً بشيئين :
الأوّل : لأنّ الإشمام يكون بغير تصويت
ثانياً : الأداء عن الشيوخ.
أقول : هل يمكن إقناع الشيخ بالأداء ؟ لا لأنّه سيردّ الحجة بالحجة ، فأنت تستدلّ بالأداء وهو كذلك. لكن إن قلتَ له أنّ الممنوع في {تأمنّا} هو صوت الضمّ عند الإشمام لا صوت الغنّة ، وأنّ الغنّة صفة لازمة لا تنفكّ عن النون لاسيما عند التشديد ، لكان للحجّة وقع وتأثير إلاّ إن كان معانداً ومقلّداً محضاً.
وعليه فإنّي أقترح القاعدة الآتية ، وما حملني على هذا إلا الفراغ التأصيلي الذي تُعاني منه جامعاتنا ومعاهدنا.

كلّ خلافً أدائيّ وقع عند المتأخّرين والمعاصرين ، ولم يُنقل عند المتقدّمين ، وجب إخضاعه للتحقيق بالنظر إلى النصوص في المصادر المعتبرة ، ولا ينبغي ترجيح أحد القولين على الآخر على أساس الأداء المتلقّى عن الشيوخ.
 
أنا مع جملة وتفصيل ما ذهب إليه الشيخ/ محمد يحيى شريف آيت عبد السلام الجزائري في المشاركة أعلاه. وهو ما يذهب إليه فضيلة العلامة/ أبو عمر عبد الحكيم عبد الرازق فولي بلا شك عندي، وإنما اختلفت العبارات.وقد وفق الشيخ/ محمد يحيى شريف توفيقا بالغا في عرض وجهة نظره.
وجزى الله الجميع خيرا !
 
منّ الله علي بفضل الله بأن التقيت بالشيخ العلامة علي بن محمد بن حسن العريان الصعيدي ، و هو آخر من يروي القراءات السبع عن الشيخ عثمان بن سليمان مراد - فيما أعلم- و قد راجعته في عدة مسائل منها مسألة القلقلة لدال لدني لشعبة فقال : قرأتها على الشيخ بالقلقلة و لكن في أقل حالاتها ، و قرأها أمامي عدة مرات وهي مسجلة عندي بصورة و صوت الشيخ حفظه الله ، و قد راجعت عدة مشايخ ممن كنت قد ذكرتهم و ناقشتهم في المسألة نقاشا مطولا مع ذكر ما تفضل به شيخنا عبد الحكيم من الأدلة ، و كلهم أقروا مسألة القلقلة ، و قالوا أنه هي الصحيحة و من هؤلاء فضيلة الشيخ مصطفى بن علي البنا ، و لما ناقشته فيها أخبرني بقوله أن الخلاف لعله يكون خلافا لفظيا في مسألة القلقلة ، فبعضهم يعبر عنها بعدم وجودها لأنها تكون معدومة و بعضهم يقول بالقلقلة ، فقلت له و لكن يا سيدنا بعض المشايخ كالشيخ عبد الحكيم قرأها بترك القلقلة تماما بل بحبس الدال في مخرجها و تكلف عدم القلقلة ، فقال لي ما قرأتها هكذا و لا أقرها هكذا إنما أقررتك قبل ذلك على مصصطلح عدم القلقلة ، لعلمي أن الدال الساكنة لا تنطق إلا بها و لكن لضعف القلقلة جدا فقلت أن الخلاف لفظي و لا بأس بأن يقال ذلك ، كما نقول على القاف المكسورة مرققة ، و هو تجوز ، اهـ كلام الشيخ بمعناه ، و سألت الشيخ سعيد يحيى مرة أخرى عليها فقال لي رجعت لما دونته خلف الشيخ محمد سالم النجار تلميذ العلامة الأبياري ، و الشيخ أقرأنيها بالقلقلة لكن في أقل درجاتها و قال كلاما قريبا من كلام الشيخ مصطفى و يصب في نفس المعنى بأن ضعف القلقلة قد يوهم انعدامها لكنها غير منعدمة ، و أقول ذلك أولا لتأكيد كلام هؤلاء الأفاضل ، ثم لأبرأ نفسي من أن أنسب لشيوخي ما لا يقرونه أو يقولوا به ، و خير الخطائين التوابون ، و الرجوع إلى الحق فضيلة ، كما و أبشركم أنا حصلنا على معلومة قيمة من الشيخ علي و لعلنا نفرد لها موضوعا بأن الشيخ حسن الجريسي الكبير كان حيا إلى ما يقارب أربعينات القرن المنصرم ، حيث التقاه الشيخ و جلس بجواره كثيرا ، و كان الشيخ مهابا عظيما في مجلسه ، و كان الشيخ عثمان سليمان مراد يجلس قريبا منه ، مع العلم أن الشيخ مدرك تماما للفرق بين الجريسي الصغير و الكبير ، حتى أنه هو من ذكر لي و حدد الجريسي الكبير ، و لعلنا إن شاء الله نكتب التفاصيل في ترجمة للشيخ علي إن شاء الله ، و أسأل الله الإعانة و التوفيق ، و الله من وراء القصد
 
عودة
أعلى