القول الثالث لفضيلة الدكتور مساعد الطيار

إنضم
06/02/2019
المشاركات
86
مستوى التفاعل
11
النقاط
8
الإقامة
مصر
بسم الله الرحمن الرحيم​
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. أما بعد
من كتاب قواعد التفسير لفضيلة الدكتور مساعد الطيار _تحت عنوان إحداث قول ثالث في التفسير _وفي هذا الموضوع يرسم لنا فضيلته الطريقة المثلي لإحداث قول ثالث في التفسير، وبالأخص في الآيات الكونية، ويلقي الضوء على الفرق بين التفسير والاستنباط، ويؤصل لهذه المسألة ، ويضع ضوابطها .
ونصه: نأتي الآن إلى مسألة تتعلق بالاختلاف، يعني: مندرجة تحته، هل يجوز إحداث قول في تفسير الآية لم يقل به السلف، الآن لما تنظر في التفسير كما قال ابن جزي إما متفق عليه وإما مختلف فيه، سواء كان متفقاً عليه أو مختلفاً فيه، فـالطبري منهجه مثلًا: أن المتفق عليه والمختلف فيه في نهايته إجماع، بمعنى: أنه لا يجوز الخروج عن أقوالهم، فإذا قال السلف قولين في الآية، وجاء أحد اللغوين وذكر وجهاً ثالثاً رده؛ قال: لأنه خارج عن إجماع السلف، يقال: ما أجمعوا هم اختلفوا؛ يقول لك: إجماعهم على هذين القولين دون غيرهما إجماع، فيحكم بالإجماع بهذا الشكل، هذه فكرة الطبري فهل نتبع الطبري على هذا، أو أن المسألة عند العلماء وهناك تحريرات غير الطبري رحمه الله تعالى.

لننظر الآن: هل هذه القضية قضية أصولية ترتبط بأصول الفقه، أم تختلف عن فكرة الإجماع المتعلق بالفقه؟

ننظر ونعطي مثالاً لواحد من الأصوليين المعاصرين، الشنقيطي رحمه الله تعالى، أنا أعرف هذا، لا، دعنا من الفقه، هو كقضية فقهية شيء آخر، لكن المقصود الآن لكي نعرف أن القضية ليست أصولية، القضية هذه لا تدرس أصولية وإن كان أصحاب أصول الفقه أشاروا إليها، التي هي قضية إحداث تفسير انتبهوا! ليس كلامي عن إحداث قول في الفقه، كلامي الآن عن إحداث قول في التفسير.

عندنا الآن لما نتأمل من خلال ما درسته معكم سابقاً، في عندنا إما تفسير وإما استنباط، والتفسير كما ظهر لنا عندما تناقشنا فيه أنه مرتبط ببيان معنى الآية، فلما نأتي الآن إلى بيان المعاني يختلف عن الاستنباط، الاستنباط قد يدخله هذه القضية، قد يدخله بعض القضايا المتعلقة بالفقه، وإن كان الاستنباط في غيرها أوسع، لكن الأصل أنه يجوز إحداث قول ثالث أو رابع؛ على حسب الحاجة فإحداث قول لم يقل به السلف في التفسير، هذا هو الأصل، لأنه لما تنظر أنت الآن إلى قضية هذا القول المحدث هو مرتبط بالمعنى، فأنت الآن تدرسه من خلال صحة هذا المعنى، ومن خلال احتمال الآية له.

فإذا أردنا أن نضبط هذه المسألة فنقول: إن هناك ضوابط لأي قول يذكر بعد السلف.



ضوابط إحداث قول آخر في التفسير
الضابط الأول: أن لا يناقض ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أو ما ورد عن السلف، بمعنى: أنه لو جاء إنسان وقال بقول يخالف ما ورد في تفسيرات النبي صلى الله عليه وسلم، أو يناقض ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو يناقض ما ورد عن السلف فإنه لا شك يدل على بطلانه.

الضابط الثاني: أن يكون المعنى المذكور صحيحاً بذاته.

ومعنى صحيح بذاته أي: معروف في اللغة أو في اصطلاح الشريعة، يعني: فإذا فسر المفسر بغير اللغة أو اصطلاح الشريعة؛ فإنه يدل على أن المعنى غير صحيح بذاته، وهذا يدخل فيه جملة المصطلحات الحادثة، وكذلك جملة المصطلحات التي ليست من العلوم الإسلامية؛ ولهذا لما ترجع إلى تفسير (الكرسي) و (العرش) عند بعض الفلاسفة الذين عاشوا في ظل الإسلام؛ ستجد أنهم حملوا (الكرسي) و (العرش) على الفلك الثامن والفلك التاسع، الكرسي: الفلك الثامن، والعرش: الفلك التاسع.

الفلك الثامن والفلك التاسع ما هما؟ وما هو مصدرهما؟ مصدرهم علم الهيئة والنجوم، فركبوا ما أخذوه من هذا على ما ورد في القرآن، وقطعاً أنه مخالف؛ لأنه عندما نرجع إلى لغة العرب العرش عند العرب معروف، الكرسي عند العرب معروف، هو كذا وكذا، يخالف ما ذكره هؤلاء، فدل على بطلان قولهم.

ومن أشهر الأمثلة التي في أذهانكم وقد سبق طرقها: الاستواء: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى[طه:5]، لا يجوز أن يقال: الرحمن على العرش استولى لأنه لا يجوز لغة، ولأنه غير معروف في لغة العرب، هذا مصطلح حادث غير معروف في لغة العرب؛ فإذاً المعنى بذاته غير صحيح فنرده.

الضابط الثالث وهو نتيجة لهذين الضابطين: أن تحتمله الآية، يعني: تحتمل الآية هذا المعنى الجديد.

الضابط الرابع وهو مهم جداً أيضاً: ألا يقصر معنى الآية عليه، يعني: على هذا القول الحادث، ولا يهمل أيضاً الوارد عن السلف، وهذا الضابط قد يستغربه بعضكم، لكن من يقرأ في كتب التفسير العلمي بالذات، الذي يسمى بالتفسير العلمي يجد أن هذا الضابط ينخرم كثيراً عندهم؛ فكأنه لا يوجد تفسير للآية إلا ما فسروه به، يعني لما تتأمل كلامهم؛ وكأنه لا يوجد تفسير في الآية إلا ما فسروه به.

فإذاً عندنا هذه ضوابط بالذات لما يتعلق بالمعاني اللغوية، إذا كان معنا معنى لغوي أو تحليل لغوي، فإنه جاء بمعنى مستنداً على اللغة، فلما يجيء (استوى) بمعنى: (استولى) هي شبيهة بأن تكون معنىً لغوياً، فإذا نظرنا في لغة العرب لا نجدها، كذلك التأويل الذي سبق أن طرحته لكم إذا فسر بالتأويل الحادث، فكذلك يدل أنه ليس من لغة العرب فيرد، فالآية في سورة آل عمران لا تعني أبداً التأويل الحادث.

فالذي يناقض ما جاء عن تفسير النبي صلى الله عليه وسلم أو ما ورد عن السلف، الأمثلة عليها كثيرة وراجعوا الكتاب التي ذكرته لكم في مجازات القرآن للشريف الرضي ستجدون أمثلة كثيرة جداً مناقضة لتفسير السلف، وقد ذكرت لكم مثالاً منها في قضية: يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ[ق:30]، فهي مخالفة لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، في أن النار تتكلم صراحة، وأن الرب سبحانه وتعالى يكلمها صراحة، وفي أمثلة كثيرة لهذا النوع الذي يناقض تفسيرات السلف في هذا الكتاب، هذا طبعاً إشارة سريعة إلى بعض الأمثلة.

وإذا كان الموضوع يتعلق بالاستنباط وغيره - فنزيد ضابطاً آخر وهو ألا يخالف ما جاء في الشريعة عموماً، يعني: ضابط نزيده أنه ما يخالف ما جاء في الشريعة؛ فمثلاً الذي سبق أن ذكرناه في قوله سبحانه وتعالى: إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ[الكهف:14]، أيضاً الصوفية استدلوا في قوله: (إذ قاموا) على جواز الرقص! هذه أحد الآيات التي استدلوا بها؛ فنحن الآن ننظر إلى قضية الرقص هذا أصلاً مخالف للشريعة، فلا يقبل هذا الاستنباط.

إذاً: يكون عندنا ضوابط في قضية النظر في الأقوال الحادثة، سواءً كانت متعلقة ببيان المعنى أو كانت خارجة عن بيان المعنى إلى الاستنباطات أو غيرها، لأضرب لكم مثلاً وما زلت أكرره كثيراً هذا على غيركم، ولكن هذا من باب المدارسة، يعني ليس للتقرير، لكنه مثال: في قوله سبحانه وتعالى: وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا[النازعات:30]، الآن فهمنا من تفسير السلف أنه على وجهين:

الوجه الأول: أن الدحو بمعنى: البسط.

والوجه الثاني: أنه إخراج الماء .. إلخ، هل هناك وجه جديد عندنا؟ هذه مدها: بسطها، نفسه، دحاها بمعنى: جعلها كالدحية التي هي الكرة، والدحية كانت لعبة يلعب بها الأطفال في عهد الصحابة يسمونها الدحية، وأيضاً تسمى أيضاً البيضة؛ لأنها هي نفس الصفة.

إذاً: الآن لما ننظر إلى هذه اللفظة، من حيث اللغة صحيحة، فيكون المعنى صحيحاً بذاته.

ننظر الآن هل يناقض ما جاء في تفسيرات النبي صلى الله عليه وسلم أو تفسير الصحابة؟ نحن ما عندنا إلا تفسيرين للسلف، هل يناقض ما جاء عنهم؟ ما يناقض، تحتمله الآية؟ يعني: فلما نقول: الأرض بعد ذلك كورها أي جعلها كرة محتمل، هذا المعنى أنا ما قصرت الآية عليها، قلت: هذا أحد المعاني المحتملة، يعني: معنى ثالث محتمل، فانضبطت الشروط فيصح التفسير به.

وهذه مدارسة، فمن رأى أنه صحيح؛ يمشي عليه، لكن أنا أقول هذا من باب المدارسة وفي أمثلة كثيرة لما تنظر إليها تتحرر لك من هذه الجهة، سواءً كانت في التفسير بما يسمى بالعلمي أو غيره، فإذا تحررت لك هذه الضوابط، فالأصل أنه يكون تفسيراً صحيحاً، هذا هو الأصل.

قد يقول شخص: هذا المعنى المحتمل ما يناقض المعاني الأخرى؟ ما يناقضه، ليس ضده؛ لأن المناقضة يعني: الضد، هذا يقول كذا وهذا يقول كذا، يعني: ضده، لا يمكن تحتمل الآية إلا معنى واحداً، وهنا نقطة وذكرها الطاهر بن عاشور لو رجعت إليها في مقدمته: أنه تعدد المعاني للفظ الواحد من إعجازات القرآن، أشياء مما يختص به القرآن، وهي نفس كلام أبي الدرداء عندما قال: وإنك لا تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوهاً، فهذه هي الوجوه، هذه التفسيرات..

فمسألة التضاد هذه فيها إشكالية، التضاد هو أنه إذا قلنا بقول لا يمكن القول بالآخر، يعني: ما يجتمعان معًا، مثل (القرء) القرء: الحيض، القرء: الطهر، إما هذا أو هذا، المجادل إما أهل الإيمان أو أهل الشرك في قوله تعالى: يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ[الأنفال:6].. وهكذا، فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا[مريم:24]، إما المنادي عيسى أو المنادي جبريل ، واحد منهما، هذا نسميه تضاد؛ لأنه لا يمكن القول بهما معاً.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله تعالى خيرا وبارك بكم الاستاذ علي سبيع على هذه المشاركة المفيدة ولي سؤالا وهو لماذا يجري إضافة ضابطا آخرا بقوله : (
وإذا كان الموضوع يتعلق بالاستنباط وغيره - فنزيد ضابطاً آخر وهو ألا يخالف ما جاء في الشريعة عموماً، يعني: ضابط نزيده أنه ما يخالف ما جاء في الشريعة ) ألم يذكر هذا الضابط بقوله : ( الضابط الأول: أن لا يناقض ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أو ما ورد عن السلف)
وبارك الله تعالى بكم .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله لكم أخي البهيجي وزادكم علما ،وجزاكم خيرا .
وبخصوص السؤال إجابتي قد لا تفي بمراد فضيلة الدكتور مساعد، و لفضيلته مؤلف بعنوان: مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر .تكلم فيه عن الفروق الدقيقة بينهم مع التمثيل.
ولكن بالتقريب ذكر المخالفة لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم والسلف في إحداث قول ثالث كان مرتبطا بمعنى التفسير، وهو جلاء لمعنى الآية فقط، أما ذكر المخالفة للضوابط الشرعية عموما جاء مرتبطا بالاستنباط الذي يرتكز على التفسير الصحيح للآية، والضوابط الشرعية تشمل ما جاء عن النبي، وما جاء في كتاب الله من مقاصد ، فيرجع إلى كليهما لضمان سلامة المستنبط عقديا وأنه يتوافق مع المقاصد العامة والخاصة ، وهما يستنبطان من الكتاب والسنة .فعندما يأت المفسر بقول ثالث لم يقله السلف يقيسه هل هو تنوع أم تضاد في المعنى ،وإن كان الاستنباط لحكم يقيسه على المقاصد.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله تعالى خيرا استاذ علي سبيع وبارك بكم بعد التأمل أعتقد أن الاستاذ الفاضل مساعد الطيار يعني بالضابط الاول هو ما يتعلق بالتفسير اما الضابط المضاف فهو ما يتعلق بالاستنباط فهذا الاخير لا يقوم على تفسير خاطىء فعلينا اولا ان نثبت تفسيرا صحيحا ثم نستنبط منه حكما خفيا فلا يقوم الاستنباط الا على تفسير صحيح والله تعالى اعلم .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
ونظرا لأهمية ما طرحه الدكتور مساعد نقف عند قوله: ننظر الآن هل يناقض ما جاء في تفسيرات النبي صلى الله عليه وسلم أو تفسير الصحابة؟ نحن ما عندنا إلا تفسيرين للسلف، هل يناقض ما جاء عنهم؟ ما يناقض، تحتمله الآية؟ يعني: فلما نقول: الأرض بعد ذلك كورها أي جعلها كرة محتمل، هذا المعنى أنا ما قصرت الآية عليها، قلت: هذا أحد المعاني المحتملة، يعني: معنى ثالث محتمل، فانضبطت الشروط فيصح التفسير به. انتهى
ونسأل : ما الذي دفعنا للبحث في ما تحتمله الآية ؟
الحقيقة هو ضابط آخر لا يمكن إغفاله ، ولا يرتبط بمتن الآية ، وهو رؤية كرية الأرض من الفضاء الخارجي في عصرنا الحالي، فبرز القول الثالث بقوة، وبرزت الحقيقة العلمية كمرجح خارجي، فهل لها عند الأصوليين تصنيف الآن؟
 
بسم الله الرحمن الرخيم
نحن في حاجة ماسة إلى دعم للقول الثالث وبالأخص في الآيات الكونية ، وبالتالي إلى نظرة جديدة في مسألة التعارض والترجيح، وقد أشار إليها فضيلة الدكتور محمد إبراهيم العشماوي في مقاله له بعنوان: نظرة جديدة في مسألة التعارض والترجيح
(الترجيح بين الأدلة المتعارضة بالحقائق العلمية الثابتة)!
وهذا نصه:
إنَّ الترجيح هو المسلَكُ العلميُّ الذي يسلُكه المجتهد؛ لاعتماد أحد النصَّيْن عند عجزِه عن الجمع بينهما، أو معرفته بالنَّاسخ منهما، إن كان ثَمَّتَ نسخٌ.



فهذه ثلاثة مسالك لإزالة التعارض، وبقي مسلكٌ رابعٌ هو التوقُّف، ويكون عند عجز المجتهد عن الترجيح!



والترجيح قد يكون باعتبار الإسناد، وقد يكون باعتبار المتن، وقد يكون باعتبار المدلول، وقد يكون باعتبار أمر خارج؛ فهذه أربعة أنواع.



والنوع الخامس: الترجيح بين الأقيِسَة.

والنوع السادس: الترجيح بين الحدود السمعية.



وهذا الأنواع حاصرة بحسب العقل كما ترى، لا يَشِذُّ عنها شيء، لكن أفرادها ليست حاصرة، فعند بعضِهم من أفراد المرجِّحات - تحتَ هذه الأنواع - ما ليس عند البعض الآخر!



وهذا يعني أن المرجِّحات لا تنتهي، وأن المجتهد كلما رأى مرجِّحًا معتبَرًا لم يَرِدْ ذِكْرُه نصًّا في كلام الأئمة - فله أن يرجِّح به؛ لأنَّهم ذكَروا أن مدار الترجيح على ما يَزيد الناظرَ قوة في نظره، على وجهٍ صحيح، مطابقٍ للمسالك الشرعية، فما كان محصِّلاً لذلك فهو مرجِّحٌ معتبَرٌ!



وممَّا يمكن اعتبارُه مرجِّحًا معتبَرًا الحقائقُ العلمية الثابتة، التي تأكَّدَت صحتها بالتجربة، واستقرَّ العملُ بها، وأضحَت بمثابة القطعيَّات اليقينيَّة، فهذه لا يمكن للمجتهد إغفالُها وهو يعالج قضية الترجيح بين الأدلة المتعارضة، وإلا كان مُعرِضًا عن منهج الأئمة، مجافيًا مَسالكَ المجتهدين.



فإذا أثبت العلم ضرر التدخين يقينًا، بحيث أصبح هذا من المسلَّمات؛ فلِمَ لا يمكن اعتبارُ مثل هذه الحقيقة العلمية الثابتة مرجِّحًا قويًّا لأدلة التحريم، لا مجرَّدَ استئناسٍ فحَسْبُ؟



وكذلك إذا أثبت العلم ضرر لُعاب الكلب، وما فيه من جراثيمَ وفيروسات دقيقة لا يمكن القضاء عليها إلا بالصِّفة المغلَّظة الواردةِ في غَسْله، فَلِمَ لا يعتبر هذا مرجِّحًا قويًّا لأدلة نجاسة الكلب؟



وإذا أثبت العلم أن بول الرضيعة ممتلئٌ بالبكتيريا الضارَّة، بنسبةٍ تتضاعف عمَّا في بول الرضيع، لاعتبارات تشريحية وفسيولوجيَّة؛ فلِمَ لا يمكن اعتبار هذا مرجِّحًا قويًّا لأدلة التفريق بين الاثنين، وكفاية النَّضْح في بول الغلام، ووجوبِ الغَسل في بول الجارية؟!



وإنما قلتُ: "الحقائق العلمية الثابتة"؛ مراعاةً للخلاف، مع أن الأئمة ما اشترطوا في الترجيح أن يكون يقينيًّا، وما اشترطه إلا القاضي، وهو مردودٌ عليه؛ لانعقاد الإجماع على العمل بالظنون المستقلَّة وغير المستقلة!



وبإمكان المجتهدين في عصرنا التقعيدُ لمسألة الترجيح بالحقائق العلمية، ووضعُ ضوابطَ وشروطٍ لها، تُيَسِّرُ طريق العمل بها، وقد يمكن استخراجُ ذلك من كلام الأصوليِّين أنفسهم؛ فإنهم قد ذكروا في الترجيح بالأمور الخارجة أنَّه يقدَّم في الترجيح ما عضَّده دليلٌ آخر على ما لم يعضِّدْه دليلٌ آخر، إذا اعتبَرنا العلم التجريبيَّ دليلاً بالمعنى الأُصوليِّ، بل هو أقوى من بعض الأدلة الأصوليَّةِ المعتبرَةِ التي ذكَروها في الترجيح بالأمور الخارجة؛ من حيثُ إفادةُ اليقين، أو غلَبةِ الظن!



ومنها: أنه يقدَّم ما عمل أكثر السلف على ما ليس كذلك؛ لأن الأكثر أولى بإصابة الحق، وفيه نظرٌ؛ لأنه لا حجة في قول الأكثر، ولا في عمَلهم؛ فقد يكون الحق في كثير من المسائل مع الأقل؛ ولهذا مدح الله القلَّة في غير موضعٍ من كتابه!



ومنها: أن يكون أحدُهما موافقًا لعمل الخلفاء الأربعة دون الآخر؛ فإنه يقدَّم الموافِق، وفيه نظرٌ أيضًا.

ومنها: أن يكون أحدُهما توارثَه أهل الحرمين دونَ الآخر، وفيه نظر.

ومنها: أن يكون أحدهما موافقًا لعمل أهل المدينة، وفيه نظرٌ أيضًا.

ومنها: أن يكون أحدهما موافقًا للقياس دون الآخر؛ فإنه يقدَّم الموافق.

ومنها: أن يكون أحدهما أشبهَ بظاهر القرآن، دون الآخر؛ فإنه يقدَّم الأشبه.

ومنها: أنه يقدَّم ما فسَّره الراوي له بقوله أو فعله على ما لم يكن كذلك.



فكل هذه المرجِّحات وما أشبهها خارجةٌ عن النصِّ، لا علاقة لها بسنَده، ولا بمتنه، ولا بمدلوله، وأكثرها فيه نظرٌ، على ما حقَّقه أهلُ الأصول.



فَلِمَ لا تُعتبر الحقيقة العلمية واحدًا من هذه المرجِّحات الخارجة، ويُؤَسَّسُ لها كمرجِّحٍ مستقلٍّ، يمكنه أن يحسم كثيرًا من مسائل الخلاف، ويُنهي جدلاً كبيرًا حول بعض القضايا الَّتي طال الكلامُ فيها؟!


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/82321/#ixzz6oQHgtoQm


 
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد اطلعت على بحث قيم وهو(
دﻋﺎوى ﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ واﻟﻤﻔﻬﻮم،اﻟﻤﺼﻄﻠﺢ واﻟﻤﻨﻄﻠﻘﺎت، ﺗﺤﻠﻴﻞ وﻧﻘﺪ )
دكتور ﺑﺮﻳﻚ ﺑﻦ ﺳﻌﻴﺪ القرني / ﻗﺴﻢ اﻟﻘﺮآن وﻋﻠﻮﻣﻪ - ﻛﻠﻴﺔ أﺻﻮل اﻟﺪﻳﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻌﻮد اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ : ﻣﻔﻬﻮم الﺗﺠﺪﻳﺪ : ﺗﻨﺎوﻟﺖ دراﺳﺎت ﻣﻌﺎﺻﺮة ﻗﻀﻴﺔ اﻟﺘﺠﺪﻳﺪ ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮوﺻﺎﻏﺖ ﻟﻬﺬا اﻟﻤـﺼﻄﻠﺢ اﻟﺠـﺪﻟﻲ رأﺗﻪ ﻳﺼﺪق ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮاد ﺑﻪ ًﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ﻟﻪ ، وﻣﻘﺼﻮد ﻣﻦ ﻧﺎدى إﻟﻴﻪ ودﻋﻰ وﻫﺬه ﻧﺨﺐ ﻣﻦ ﻫﺬه اﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎت:
( ١- اﺳﺘﻠﻬﺎم آﻳﺎت اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ، واﻟﺘﻮﺟﻴـﻪ واﻟﻬﺪاﻳـﺔ ﻓـﻲ ﻛـﻞ ﻣـﺎ ﻳﻌـﺮض ﺣﻴﺎﺗﻨـﺎ، وﻣـﺎ ﻳﻤﺲ اﻟﻌﻘﻴﺪة واﻷﺧﻼق ، أو ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺑﻨـﺎء ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨـﺎ وﺳﻴﺎﺳـﺘﻨﺎ، واﻗﺘـﺼﺎدﻧﺎ، ﺑﻤـﺎ ﻳﻜـﺸﻒ ﻋﻦ وﻓﺎء اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﺑﺤﺎﺟﺔ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ وﻓﺎء ﻻ ﻳﻌﻮزﻫﺎ إﻟﻰ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻃﺮاﺋﻖ اﻟﻬﺪاﻳﺎت وﻫﺬا ﻳﻌﻨﻲ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﻧﻈﺮة اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ إﻟﻰ اﻟﻘﺮآن وﻟﻴﺲ ﻣﻌﻨﺎه أن ﻧﺼﻮص اﻟﻘﺮآن ﺗﻐﻴـﺮت ﻣﺪﻟﻮﻻﺗﻬﺎ أو أن ﺣﻘﺎﺋﻘﻪ ﺗﻐﻴﺮت ذاﺗﻬﺎ

٢ – ﻣﻮاﻛﺒــﺔ اﻟﺘﻔــﺴﻴﺮ ﻟﺤﺎﺟــﺎت اﻟﻌــﺼﺮ وإﺻــﻼﺣﻬﺎ ، ﺑﺤﻴــﺚ ﻻ ﻳﻐــﺪو اﻟﺘﻔــﺴﻴﺮ ﺣﺒــﻴﺲ اﻷوراق واﻟﻜﺘﺐ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ، وإﻧﻤﺎ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﻹﺻﻼح واﻗﻊ اﻟﻨﺎس وﺗﻠﺒﻴﺔ ﺣﺎﺟﺎﺗﻬﻢ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ .
٣ - وﻗﻴــﻞ اﻟﻤــﺮاد ﺑــﻪ ﻋﻨــﺪ دﻋــﺎة اﻟﺘﺠﺪﻳــﺪ ﻓــﻲ اﻟﻌــﺼﺮ اﻟﺤــﺪﻳﺚ : إﻋﻤــﺎل اﻟﻔﻜــﺮ ﻓــﻲ ﻓﻬــﻢ دون اﻟﺮﺟـــﻮع إلى اﻟﻤـــﺄﺛﻮر ً ﻣـــﻦ أﻓﻬـــﺎم اﻟـــﺴﺎﺑﻘﻴﻦ ﻣـــﻦ رﺟـــﺎل ، واﻟﻤﻌﻘﻮل ، أو اﻟﺘﻘﻴﺪ ﺑﻘﻮاﻋﺪ ﻟﻐﺔ اﻟﻘﺮآن ، أو ﺑـﺸﻲء ﻣـﻦ اﻟـﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺘـﻲ وﺿـﻌﻬﺎ ﻋﻠﻤـﺎء أﺻـﻮل اﻟﻔﻘﻪ وﻋﻠﻮم اﻟﻘﺮآن .
4-
إرادة اﻟﺘﺠﺪﻳــﺪ ﻓــﻲ اﻟﺘﻔــﺴﻴﺮ ﺗﻨﻄﻠــﻖ ﻣــﻦ اﻟﻤﻌﻨــﻰ اﻟﻠﻐــﻮي اﻟــﺬي ﻳﻜــﻮن ، ﻋﻠــﻰً إﻣــﺎ داﻻ اﻻﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ وﺻﻼﺣﻴﺔ اﻟﺸﻲء ، أو اﻷﻓ ﻜﺎر ﻟﻠﺒﻘﺎء إذا اﺳﺘﺠﺪت ، أو ﺗﻢ ﺗﺠﺪﻳﺪﻫﺎ ﺑﻌـﺪ أن ﺑﻠـﺖ ، ﻓﻴﻬـﺎً وإﺑﺮاز ﻣـﺎ ﻟـﻢ ﻳﻜـﻦ ﺑـﺎرزا ، وإﻣـﺎ ﺗـﺪل ﻋﻠـﻰ ﻣـﺎ ﻻ ﻋﻬـﺪ ﻟﻺﻧـﺴﺎن ﺑـﻪ ، أو إﻧـﺸﺎء ﻣـﺎ ﻟـﻢ ﻳﻜـﻦ .

هذه الفقرات بحاجة الى دراسة وتعليق سأكتب عنها لاحقا ان شاء الله تعالى .
البحث الكامل تجدونه هنا

دﻋﺎوى ﺗﺠﺪﻳﺪ اﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﻳﺚ - منصة المجلات العلمية


imamjournals.org › index.php › jis › article › download
 
بسم الله الرحمن الرحيم
لاشك ان كل دعوة تجديد لا تنظر الى تراث الاجداد وتلتزم بأساسيات العلم لن تستطيع ان تقدم تجديداً يعتد به بل ستكون عالة على العلم واهله أو تتلاشى سريعاً وتجعل القائمين عليها في موضع استهجان من التاس .
لا اتفق مع الدكتور القرني من اهمية التجديد الذي جاءت به مدرسة المنار ، واعتقد ان تأثيرها قليلاًً ، واريد التركيز على خاتمة البحث الذي نشره في مجلة العلوم الشرعية فقد كتب ان اسس دعوات التجديد ثلاثة هي :
1- يتعلق بالنص القرآني ومدى تقبله لعملية التجديد واعتقد ان النص يتقبل الفهم الصحيح القائم على تقديم رؤية جديدة تتناسب مع ظروف العصر ولا تتقاطع مع اساس التفسير الصحيح .
2- إعمال النص النبوي وتسخيره لعملية تجديد التفسير فكم نجد من مسائل التفسير من اجمع اهل التفسير فيها على قول يخالف الحديث الصحيح ومثال ذلك القول ان البسملة ليست آية من سورة الفاتحة وهذا هو قول جمهور المفسرين ولكن صح في الحدديث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حسم الامر ان البسملة آية من الفاتحة .
3- ان التجديد يجب ان يتعامل مع احوال الامة ويقدم لها ما يساعدها على النهضة الفكرية والعلمية وقد قيل ان عجائب القرآن لا تنتهي وان العلماء لا يشبعون منه .
4- واضيف الى قول الدكتور الى ان العلم التفسيري بحاجة الى طلبة نجباء يعرفون كيف يستنبطون الاحكام الخفية التي تحتاجها الامة في حياتها فمثلا نستطيع تسهيل امر الاستثمار الاقتصادي وذلك بالتقليل من رأس المال المطلوب بالنظر في قصة موسى مع أب زوجته فإن هذا الاخير عرض على موسى العمل من دون أن يعطيه أجراً يوميا ولكنه وعده انه سيزوجه ابتنه بعد عشر سنوات ويكفيه ثمن الاكل والشرب عشر سنوات ...وكذلك من الممكن ان المستثمر لا يعطي اجرة عماله نقدا انما يعطيهم نصفها ويؤجل نصفها الى ما بعد خمس سنوات والله تعالى اعلم .
 
التجديد في فهم النص القرآني مطلب، والاكتفاء بأقوال السابقين دون البحث في أوجه جديدة محتملة للمفاهيم القرآنية هو عين الجمود المذموم الذي له أنصاره الذين يدافعون عنه باستماتة.

- هل كل ما جاء عن السلف من رؤى وتفاسير صحيح لا يشوبه خطأ ؟؟
لا بالطبع فهم غير معصومين من الخطأ والزلل.

- هل استنفذت التفاسير والعلماء كل مافي كتاب الله من مفاهيم ومعاني؟؟
لا .. ولا يوجد من يقول بذلك فكتاب الله لا تنقضي عجائبه.

- هل ننبذ اقوال العلماء والمفسرين ونبحث عن تفاسير جديدة؟
​​​​​​ بالطبع لا ، هذا الامر ليس بلازم ، قد ننبذ اخطاء نعتقد انها ارتكبت ومفاهيم مخالفة لثوابت الدين ولكن لا ننبذ اقوال السلف بل يجب أن تكون جزء من الابحاث القرآنية.

- هل معطيات العصر وموارده العلمية يمكن أن تؤثر سلبا أو ايجابا في مسائل التفسير ؟؟
نجزم ان المتاح حاليا من الكتب والمراجع لم يكن ابدا متاحا في العصور السالفة ، ونجزم بأن الموروث التفسيري له دور في تشكيل مفاهيم العلماء التي انتجت لنا تفاسير اليوم ، ولكن لو تيسر لهم الاطلاع على كافة الاقوال والمتوافر اليوم هل ستكون اقوالهم على ماهي عليه اليوم ؟؟ بالطبع لا ..
وفي نفس الوقت فالسلبيات والمزالق والاقوال الشاذة والمنحرفة برغم تكاثرها في هذا العصر ولكنها ليست حكراً عليه ، ففي كل عصر ظهر المبتدعة والشواذ فكرياً إلا أن لهم ما يلمعهم من المنابر الاعلامية اليوم، ولكن الاكيد بأن ما يملك اصغر طالب علم من المراجع اليوم يفوق ما كان يملكه اكبر العلماء قبل خمسين عاماً فقط.
بغض النظر عن الامكانيات العلمية والقدرات الذاتية بين الفريقين.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
هنا سؤال مهم هل ان التجديد في التفسير يشمل طريقة التعامل مع التفاسير ؟ او بمعنى أوضح هل ان إختصار التفاسير وتهذيبها يعتبر من التجديد ؟
في رأيي القاصر اننا في هذا الزمان بحاجة ماسة الى إختصار وتهذيب التفاسير لإننا لا نملك الوقت الكافي لقراءة التفاسير المطولة ...والا فلو نسأل طلبة العلم كم منهم من قرأ تفسير الطبري او القرطبي كاملاً ؟ أعتقد ان العدد قليل وطبعا السبب هو طول تلك التفاسير وقلة الوقت المتاح لطالب العلم ...لهذا على المشايخ واساتذة الجامعات ان يدرسوا الطلبة أساسيات إختصار وتهذيب التفاسير لكونه من العلوم الضرورية التي يجب ان ندرسها ونتعلم المهارات الواجبة في من يتصدى لموضوع الاختصار والتهذيب ...والله تعالى اعلم .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي البهيجي حياكم الله كتاب المختصر في التفسير يعكس شيئا من التجديد ،و هو صالح للوصول إلى قطاع كبير من الناس كما أنه صالح للترجمة، و هو أحد ثمار موقع تفسير.
لكن الموضوع المطروح قد نحتاج فيه إلى البحث في حواشي التفاسير المطولة وغيرها بحثا عن قول ثالث تأصيلا وصولا إلى مدارسة أقوال الخلف في التفاسير المعاصرة ،ومدى توافقها مع الضوابط المطروحة، وهذا يعبد الطريق للقول الثالث في حضرة أهل العلم ويصبح لمطلق الحذر من القول قيد متفق عليه.

 
عودة
أعلى