****************************************************************************: 2- التشكيك في ترتيب الايات ومحتواها .*************************************************************************
نقل المفيد في كتاب أوائل المقالات مذهب الشيعة الاثني عشرية حول تأليف القران وترتيب سوره وآياته فقال :
" القول في الرجعة والبداء وتأليف القرآن :واتفقت الإمامية على وجوب رجعة كثير من الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيمة وإن كان بينهم في معنى الرجعة اختلاف. واتفقوا على إطلاق لفظ (البداء) في وصف الله تعالى وأن ذلك (2) من جهة السمع دون القياس.
واتفقوا على أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن، وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة النبي (ص). وأجمعت المعتزلة والخوارج والزيدية والمرجئة وأصحاب الحديث على خلاف الإمامية في جميع ما عددناه."(7)
فهو ينقل اتفاق الامامية ويبين اجماع غيرهم من اهل الاسلام .ومعنى التأليف هو ما تحتويه السور وترتيب الايات وترتيب السور , فزعموا ان المصحف الذي مع علي يختلف عن الذي بين ايدينا بذلك بالاضافة للتفسير وبيان المكي والمدني والناسخ والمنسوخ وليس ما ذكره الخوئيني في التعليق على المفيد (8) . وهذا الامر يكاد يطبق عليه الشيعة الاثني عشرية . من كون المصحف الذي مع غائبهم يختلف عما في ايدينا في ترتيب الايات والسور وانما اختلفوا في الزيادة والنقصان .
والقول عندهم لا يتعلق فقط بالايات بل بالاجزاء منها فيزعموا ان قولها تعالى "إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا" وضعت في غير موضعها وهي جزء من آية . (9) وهكذا فالامر يتعلق بالوحدة الموضوعية للاية او السورة فيزعموا ان موضعها في مكان آخر وانما وضعت هنا ليصبح التطهير لنساء النبي صلى الله عليه وسلم والنبيصلى الله عليه وسلم وحدهم دون علي وفاطمة والحسن والحسين رضوان الله عليهم . ولكن الغريب منهم ان يزعموا ذلك والحديث الذي يستدلون به على دخول اهل بيت علي رضي الله عنهم في الاية هو عند اهل السنة ومن طريقهم . نسأل الله العصمة من الضلال والزيغ .
ولا شك ان القول بمثل هذه المقولة من الخطورة والزيغ عن الصواب ,والا لكانت كل اية في كتاب الله محتمل عليها مثل ذلك فيبدل ابو لهب بزيد ويحرم الحلال ويحلل الحرام وسيأتي ان شاء الله رد اهل الاسلام على الطاعنين في اختلاف التأليف وفي النقص والزيادة , وبيان المذهب الحق ان شاء الله بعد كلامهم عن تفسير القران,ورد تهمة التحريف عن غيرهم , ان شاء الله .
وانما فصلت هذا القول عن سابقه لامر التفريق بين اقوال الشيعة في هذا المجال ولكن عند دمج القولين ينتج التحريف وهو امر واضح ولا زال خطباء الاثني عشرية يرددونه في مجالسهم . ولم احب ان اضع ربطا لخطباء السوء الذين يلبسوا على العوام دينهم واكتفي بالمنقول من كتب القوم وعلمائهم المعتبرين , وقد ذكر المجلسي كلاما يمكن ان نستقطع منه امر يوضح حقيقة اقوال الشيعة في هذا المجال , وهو ما اورده في كتابه بحار الانوار , اذ يقول:" إن الكناية عن أسماء ذوي الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن
ليست من فعله تعالى وإنها من فعل المغيرين والمبدلين ، الذين جعلوا القرآن عضين ، واعتاضوا الدنيا من الدين . وقد بين الله تعالى
قصص المغيرين بقوله : ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا )( 10) وبقوله : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ)(11)وبقوله : ( إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ )(12) بعد فقد الرسول مما يقيمون به أود باطلهم ، حسب ما فعلته اليهود والنصارى ، بعد فقد موسى وعيسى من تغيير التوراة والانجيل ، وتحريف الكلم عن مواضعه ، وبقوله : ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ])(13) .
يعني أنهم أثبتوا في الكتب ما لم يقله الله ، ليلبسوا على الخليفة ، فأعمى الله قلوبهم حتى تركوا فيه ما دل على ما أحدثوه فيه ، وحر فوا منه ، وبين عن إفكهم وتلبيسهم ، وكتمان ما علموه منه ، ولذلك قال لهم : ( لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ)(14) وضرب مثلهم بقوله : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ) (15).
فالزبد في هذا الموضع كلام الملحدين الذين أثبتوه في القرآن فهو يضمحل ويبطل ، ويتلاشى عند التحصيل ، والذي ينفع الناس منه
فالتنزيل الحقيقي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والقلوب تقبله ، والارض في هذا الموضع هي محل العلم وقراره
وليس يسوغ مع عموم التقية التصريح بأسماء المبدلين ولا الزيادة في آياته على ما أثبتوه من تلقائهم في الكتاب ، لما في ذلك من تقوية حجج أهل التعطيل والكفر والملل المنحرفة عن قبلتنا ، وإبطال هذا العلم الظاهر الذي قد استكان له الموافق والمخالف بوقوع الاصطلاح على الايتمار لهم ، والرضا بهم ، ولان أهل الباطل في القديم والحديث أكثر عددا من أهل الحق ، ولان الصبر على ولاة الامر مفروض لقول الله عزوجل لنبيه صلى الله عليه وآله : ( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ )(16) وإيجابه مثل ذلك على أوليائه وأهل طاعته ، بقوله : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)(17) فحسبك من الجواب في هذا الموضع ما سمعت ، فان شريعة التقية
تحظر التصريح بأكثر منه (18).
فمثل هذا الكلام , يبين حقيقة اعتبار الشيعة الاثني عشرية بالقران , وان حقيقة مذهبهم يعتمد على امرين :
الاول ان الاعتقاد عند الشيعة ان القران مغير بطرق :
* الايات غير ترتيبها وترتيبها بالتقديم والتأخير . وبعضهم يتحدث عن محتوا الايات مبدل ومغير ومع القول الاول .
**ان النقص قد حدث بالحذف وكان ذلك بالطرق التي ذكرها المفيد وقد سبقت الاشارة اليه .وان الامر ايضا تعداه الى الزعم بالزيادة , وهذا الزعم هو ما ذكره المجلسي في كتابه بحار الانوار .
الثاني ان عقيدة التقية تمنعهم من التصريح بحقيقة مذهبهم وهذا واضح من تصريح المجلسي ان هذا ما يمنعهم من القول بأكثر مما افصح عنه !!!.
ولا شك ان الاعتقاد بمجرد تغير محتوى الايات وتبديل الكلمات هو من التحرف الذي صان الله اللقرآن عنه وعصمه منه, وبالقول به يصبح لا عبرة فيه بل ويبطله ويسقط احكامه , وقد يقول قائل كيف ذلك ونحن نراهم يحتجوا به احيانا . فنقول هو مثل اعتبارهم بكتب اهل السنة مع طعنهم فيها . اي ان احتجاجهم هو فقط للاستدلال على الخصم ومن باب الجدل .
ثم ان المتتبع لاقوال الشيعة يجد من التعارض والتناقض في الباب ما لا يفسر الا بالتقية التي ذكرها المجلسي , ومن ذلك فقد بين المفيد ان القران بدل وغير بزعمه وهو ما اوردته من كتابه المسائل السروية وما استدل به المجلسي , ولكن لا نجد نفس الكلام لنفس المؤلف في كتاب آخر عندما يتكلم عن القران وهو ما ذكره في كتاب أوائل المقالات
في مسألة : التأليف والتحريف بالزيادة والنقصان فيقول :
" -59 - القول في تأليف القرآن وما ذكر قوم من الزيادة فيه والنقصان
أقول: إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدى من آل محمد (ص)، باختلاف القرآن وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان، فأما القول في التأليف فالموجود يقضي فيه بتقديم المتأخر وتأخير المتقدم ومن عرف الناسخ والمنسوخ والمكي والمدني لم يرتب بما ذكرناه.وأما النقصان فإن العقول لا تحيله ولا تمنع من وقوعه، وقد امتحنت مقالة من ادعاه، وكلمت عليه المعتزلة وغيرهم طويلا فلم اظفر منهم بحجة اعتمدها في فساده. وقد قال جماعة من أهل الإمامة إنه لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة ولكن حذف ما كان مثبتا في مصحف أمير المؤمنين (ع) من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله
وذلك كان ثابتا منزلا وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز، وقد يسمى تأويل القرآن قرآنا قال الله تعالى: (وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمً)(19) فسمى تأويل القرآن قرآنا، وهذا ما ليس فيه بين أهل التفسير اختلاف(20).وعندي أن هذا القول أشبه من مقال من ادعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل،
وإليه أميل والله أسأل توفيقه للصواب.وأما الزيادة فيه فمقطوع على فسادها من وجه ويجوز صحتها من وجه، فالوجه الذي أقطع على فساده أن يمكن لأحد من الخلق زيادة مقدار سورة فيه على حد يلتبس به عند أحد من الفصحاء، وأما الوجه المجوز فهو
أن يزاد فيه الكلمة والكلمتان والحرف والحرفان وما أشبه ذلك مما لا يبلغ حد الاعجاز، و يكون ملتبسا عند أكثر الفصحاء بكلم القرآن، غير أنه لا بد متى وقع ذلك من أن يدل الله عليه، ويوضح لعباده عن الحق فيه،
ولست أقطع على كون ذلك بل أميل إلى عدمه وسلامة القرآن عنه، ومعي بذلك حديث عن الصادق جعفر بن محمد (ع)،
وهذا المذهب بخلاف ما سمعناه عن بني نوبخت - رحمهم الله - من الزيادة في القرآن والنقصان فيه، وقد ذهب إليه جماعة من متكلمي الإمامية و أهل الفقه منهم والاعتبار.(21).
فهذا المفيد يصر على الحذف حتى لو غير معنى القران فجعل التأويل والتفسير قران بكونه منزلا من الله . وانه وجب كونه في المصحف ولم يقر به بل اشار الى الميل اليه لا الاقرار به !!! . ولكن الامر الخطير هو تداول موضوع التحريف بينهم وكأنه امر يمكن الاختلاف فيه بين المسلمين . واعتبار القائل به لا يستحق حتى اسم الفسق بغض النظر عن علمه ام جهله . بل انهم تجاوزا هذه الحدود فالف احد علمائهم كتابا سماه فصل الخطاب في تحريف كاتب رب الارباب , ولو كان الامر مرتبطا بمؤلفه لكان الامر خاصا به الا اننا نجد الاثني عشرية يصروا على رفع كل من يقول بالنقص خاصة . فقد انكر احد علماء الشيعةالاثني عشرية وهو محمود المعرب الطهراني على النور الطبري وهو كتاب مطبوع بالفارسية ولم احصل على ترجمة له ولكن حصلت على هذا الكلام يمكن لمن يقرأمثل هذه الردود من الكتب فان النور الطبري قد رد على الطهراني ونورد هنا ما ذكره :641 : الرد على كشف الارتياب
الذي ألفه الشيخ محمود المعرب الطهراني و اورد فيه شبهاته على فصل الخطاب تأليف شيخنا النوري الميرزا حسين بن المولى محمد تقي الطبري المتوفى ليلة الأربعاء لثلاث بقين من جمادى الآخرة عشرين و ثلاثمائة و ألف ، و هو مؤلف الرد أيضا . و كان يوصي كل من عنده فصل الخطاب أن يضم إليه هذه الرسالة التي هي في دفع الشبهات التي أوردها الشيخ محمود عليه ، و هي فارسية لم تطبع بعد . رأيت نسخه منه بخط المولى علي محمد النجفآبادي ألحقها بنسخة فصل الخطاب المطبوع التي كانت عنده و الموجودة في مكتبة التسترية اليوم . أوله الحمد لله رب ... و ألفه في المحرم 1303 و استنسخه المولى المذكور 1304 . أول شبهات كشف الارتياب هو أنه إذا ثبت تحريف القرآن فلليهود أن يقولوا إذا لا فرق بين كتابنا و كتابكم في عدم الاعتبار فأجابه شيخنا النوري بأن هذا الكلام مغالطة لفظية حيث إن المراد بالتحريف الواقع في الكتاب غير ما حملت عليه ظاهرا للفظ أعنى التغيير و التبديل و الزيادة و التنقيص و غيرها المحقق و الثابت جميعها في كتب اليهود و غيرهم ،
بل المراد من التحريف خصوص التنقيص فقط إجمالا ، في غير آيات الأحكام جزما و أما الزيادة فالإجماع المحقق الثابت من جميع فرق المسلمين و الاتفاق العام من كل منتحل للإسلام(22) على عدم زيادة كلام واحد في القرآن المجموع فيما بين هاتين الدفتين و لو بمقدار أقصر آية يصدق عليه كلام فصيح بل الإجماع و الاتفاق من جميع أهل القبلة على عدم زيادة كلمة واحدة في جميع القرآن بحيث لا نعرف مكانها . فأين التنقيص الإجمالي المراد لنا عما حملت عليه ظاهر اللفظ ، و هل هذا الا مغالطة لفظية . انتهى ملخص الجواب عن الشبهة الأولى أقول و إن أبى أحد الا حمل التحريف على مجموع هذه الأمور فليسم الكتاب فصل الخطاب في عدم تحريف الكتاب لأنه يثبت فيه من أوله إلى آخره عدم وقوع التحريف بهذا المعنى فيه أبدا "(23).
كتاب فصل الخطاب هذا الذي رد عليه الطهراني ورد عليه نفس مؤلف فصل الخطاب وصلت به الزندقة الى انه وصف ان في القران ايات سخيفة!!!! والغريب ان يداس الطهراني بالاقدام وبفع النور الطبري فوفق الرؤوس !!!!
************************************************
7-أوائل المقالات للمفيد ص46
8-اشار للشيخ إبراهيم الأنصاري الزنجاني الخوئيني التناقض هنا فقال ":أقول: ظاهر كلام الشيخ في مسألة التحريف لا يخلو عن تهافت يعرف بالرجوع إلى ما ذكره في القول 59 فإنه وإن أكد رأيه المذكور هيهنا في تأليف القرآن ولكنه تردد بل مال إلى عدم التحريف بمعنى الزيادة والنقصان فراجع." ص293 تعليقات على أوائل المقالات , والقول 59 سنذكره لاحقا ان شاء الله .
9- الاحزاب اآية 33
10 - سورة البقرة الآية 79
11-سورة آل عمران الآية 78
12-سورةالنساء الآية 108
13-سورة الصف الآية 8
14- سورةآل عمران الاية 71
15-سورةالرعد الآية 17
16- سورة الأحقاف الآية 35
17- سورة الأحزاب الآية 21
18- بحار الانوار ج 89 ص 43- 45
http://www.al-shia.com/html/ara/books/behar/behar89/105.htm
19-سورة طه الآية114
20- لعله يقصد من يعتبرهم هو لا المفسرين وسيأتي في تبيان موضوع التفسير عند الشيعة وفقا لمذهبهم ومن يحق له تفسير القران وطعنهم فيمن فسره من غير أئمتهم .
21-أوائل المقالات ص80-82 وقال الشارح خلف فيما أشرت اليه برقم 8 من الهامش فيقول:قد جمعها الشيخ المحدث النوري في كتاب فصل الخطاب، وردها العلامة البلاغي في تفسير آلاء الرحمن وسيدنا الأستاذ الخوئي (ره) في كتاب البيان بما لا مزيد عليه، وإن كان في بعض أجوبته دام ظله تكلف بل تعسف .ص329
22- وهذا خلاف ما نقله المفيد عن بني نوبخت . وهؤلاء كانوا معاصرين للأئمة بزعمهم ومعاصرين للغيبة الصغرى ولهم مكانة لا يستهان بها .
23-كتاب الذريعة في مؤلفات الشيعة الجزء 10 ص 218
http://www.ahl-ul-bait.org/final_lib/marja/al-zariya/zar10/zar10_25.htm