سلطان الفقيه
New member
- إنضم
- 26/12/2005
- المشاركات
- 96
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 6
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ، وبعد :
أيها الاخوة الكرام : نظراً لحاجتنا جميعاً لدراسة أسانيد القراءات الشاذة في كتب الحديث ، والتي هي مبثوثة في كتب السنة ، وتوضيح ما إذا كانت قراءة لفظية ، أو قراءة شاذة ، أو ما يسمى بالقراءة التفسيرية ، أو قد يكون ذلك خطأ من الناسخ أو الطابع ، أو ما إلى ذلك .
والقراءة الشاذة كما هو معلوم بحر لا ساحل له وغور لا قاع له ، وبما أنها كذلك لم يستطع أحد أن يحيط بجميع القراءات الشاذة ، وحسب علمي فإن الدراسة للقراءات الشاذة في كتب الحديث أو القراءات بشكل عام قليلة جداً ، وممن ظهر له جهد في ذلك الشيخ الدكتور / المعصراوي ،حيث أخرج له كتاباً بعنوان : (( القراءات الواردة في كتب السنة )) وطبع مع كتاب (( جزء فيه قراءات النبي صلى الله عليه وسلم للدوري )) ، وهناك بعض الملاحظات التي كتبها الفقير إلى الله على الكتاب خلال الاطلاع عليه ، فارتأيت أن أدرس كتب الحديث بداية بكتب الصحيح ، وقد يكون مشروع ناجح إن شآء الله ، وقد كانت هذه الفكرة لديّ بعد استشارة شيخي واستاذي الشيخ الدكتور / عبد السلام المجيدي.
فالبداية بطرق القراءة الشاذة ثم طرق القراءة المتواترة ،ثم شرح ذلك ، وأرفقت جدول يبين الطرق في تلك القراءات ويسهلها ، مع إرفاق ملف وورد على هذا الملتقى المبارك .
وهذه مقدمة عن اشتمال السنة على القراءات ،أسأل الله أن يمن علينا بكرمه ، وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ، ويجعله في ميزان حسناتنا يوم القيامة ، إنه سميع مجيب .
(( القراءات في كتب الحديث واشتمال السنة عليها )) :
هناك صلة وثيقة بين كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن بين هذه الصلة اشتمال كتب السنة على كثرتها وتنوعها على نصوص تتعلق بالقراءات سواء ما يتعلق بكيفية أداء كلمات القرآن واختلافها ، أم ما يتعلق بفضله ، وآداب تلاوته ، وتعلمه ، وتعليمه ، وغير ذلك .
ومن أمثلة ذلك :
1ـ مسند الإمام أحمد بن حنبل ، فقد اشتمل على نصوص كثيرة جداً تتعلق بالقراءات( ).
ومن هذه النصوص ما أخرجه بسنده( ) عن أنس بن مالك : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها : (( وَكَتَبْنَا عليهم فيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنُ بِالْعَيْنِ )) [المائدة : 45] ، نَصَبَ {النَّفْسَ }، وَرَفَعَ { الْعَيْنُ}
2ـ صحيح الإمام البخاري تضمن نصوصاً كثيرة تتعلق بالقراءات ، وذلك في كتاب التفسير( ) ، وكتاب فضائل القرآن ( ) من كتاب الجامع الصحيح .
ومن هذه النصوص ما سيذكره الباحث في ثنايا هذه الدراسة .
3ـ صحيح الإمام مسلم اشتمل على نصوص كثيرة تتعلق بالقراءات ، أوردها في كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، وبوب عليها النووي( ) الأبواب التالية :
ـ باب فضائل القرآن وما يتعلق به ( ).
ـ باب الأمر بتعهد القرآن وكراهة قول نسيت آية كذا وجواز قول أنسيتها( ).
ـ باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن( ) .
ـ باب نزول السكينة لقراءة القرآن ( ).
ـ باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه( ).
ـ باب ترتيل القراءة واجتناب الهذ( ) .
ـ باب ما يتعلق بالقراءات( ) .
ومن هذه النصوص ما سيذكره الباحث في ثنايا هذه الدراسة .
4ـ كما عقد الإمام أبو داود في سننه كتاباً في القراءات أسماه (( كتاب الحروف والقراءات ))( ) ويشتمل على أربعين حديثاً .
5ـ وعقد الإمام الترمذي في سننه كتاباً للقراءات ( ) تضمن أحد عشر باباً اشتملت على ثلاثة وعشرين حديثاً .
وسوف يقف الناظر على هذه النصوص الحديثية المتعلقة بالقراءات في موضعها من الدراسة ، ويلاحظ على النصوص الواردة في كتب السنة المتعلقة بالقراءات الملاحظات التالية :
أولاً : أن جميع ما ورد فيها جاء مروياً بالسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو إلى أحد الصحابة رضي الله عنهم .
ثانياً : أن النصوص المنقولة في كتب الحديث منها الصحيح ومنها المردود ـ هذا بالنظر إلى العموم ، أما النظر إلى البخاري ومسلم فكل الروايات التي نقلها الباحث حول القراءات في كتابيهما صحيحة ـ .
ثالثاً : أن القراءات التي نقلتها كتب الحديث فيها جملة من القراءات صحيحة السند مخالفة لرسم المصحف كما اشتملت على نقل بعض القراءات المتواترة .
رابعاً : تضمنت كتب السنة نصوصاً كثيرة تتعلق بآداب التلاوة ، ونصوصاً أخرى برسم المصحف ، كما اشتملت على نصوص تتعلق بكيفية أداء كلمات القرآن واختلافها ، وغير ذلك من النصوص التي لها علاقة وصلة بالقرآن والقراءات .
خامساً : خلت كتب السنة من توجيه هذه الروايات ؛ لأنها كتب رواية تسند الأحاديث والآثار إلى قائليها مرفوعة أو موقوفة أو غير ذلك .
والمعول عليه في قبول هذه الروايات الواردة في كتب السنة أو ردها هو تلك الضوابط الثلاثة التي شرطها العلماء والتي سبق الإشارة إليها مراراً وتكراراً.
ومن تلك القراءات :
القراءة الأولى : (( وما أوتوا من العلم )):
للقراءة الشاذة عدة طرق كلها صحيحة :
1ـ وكيع .
أخرجها البخاري 9/166(7456) ، مسلم 8/128(7162) ، أحمد 1/389(3688) و1/444(4248) .
2ـ عبد الواحد بن زياد .
أخرجها البخاري 1/43(125) و 9/167(7462) ، الشاشي في مسنده 1/423، البغوي في تفسيره 3/134.
3ـ حفص بن غياث .
أخرجها البخاري 6/108(4721) ، مسلم 8/128(7161).
4ـ عيسى بن يونس .
أخرجها البخاري 9/119(7297) ، مسلم 8/128(7162) ، الترمذي في سننه (3141) ، النسائي في السنن الكبرى (11235) .
أربعتهم ( وكيع ، وعبد الواحد بن زياد ، وحفص بن غياث ، وعيسى بن يونس ) رووه عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، وخالفهم ابن إدريس عن الأعمش كما في هذه الطريق الخامسة.
5ـ عبد الله بن إدريس .
أخرجها مسلم 8/129(7163) ، أحمد 1/410(3898) .
عن الأعمش ، عن عَبْداللهِ بن مُرَّة ، عن مسروق ، عن عبد الله.
• أما القراءة المتواترة : (( وما أوتيتم )) فلها عدة طرق كذلك وهي كالتالي:
1ـ وكيع .
أخرجها البخاري 6/2713 ( 7018 ) ، مسلم 4/2152 ( 2794) ، أحمد 1/389 ( 3688 ) و 1/444 ( 4248 ) البزار في مسنده 4/344 ( 1529 ) ، ابن أبي عاصم في السنة 1/263 ( 592 ) ، ابن أبي شيبة في مسنده 1/155 ( 215 ) ، وأبو يعلى في مسنده 9/267 ( 390 ) ، الطبري في تفسيره 17/541.
2ـ حفص بن غياث .
أخرجها البخاري 4/1749( 4444 )، مسلم 4/2152 ( 2794) .
3ـ عيسى بن يونس .
أخرجها مسلم 4/2152( 2794) ، الترمذي 5/304(3141 ) ، النسائي في السنن الكبرى 6/383 ( 11299 ) ، ابن حبان في صحيحه 1/299 ( 97 ) ، البيهقي في الأسماء والصفات 1/457 ( 418 ) ، أبو نعيم في الدلائل 1/287 ( 242 ) .
4ـ علي بن مسهر .
أخرجها البزار في المسند 4/335 ( 1529 ) ، الواحدي في أسباب النزول 1/197.
5ـ عبد العزيز بن مسلم .
أخرجها ابن أبي عاصم في السنة 1/263 ( 593 )
6ـ القاسم بن معن .
أخرجها الطبراني في المعجم الصغير ( الروض الداني ) 2/187(1300) ، الطبري 17/542.
ستتهم ( وكيع ، وحفص بن غياث ، وعيسى بن يونس ، وعلي بن مسهر ، وعبد العزيز بن مسلم ، والقاسم بن معن ) عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله.
قال في الفتح 1/224 : " وإسناد الأعمش إلى منتهاه مما قيل أنه أصح الأسانيد ".
7ـ عبد الله بن إدريس .
أخرجها مسلم 4/2153 ( 2794 ) ، أحمد 1/410( 3898 ) ، ابن حبان في صحيحه 1/299( 97 ) ، البزار في المسند 5/332 ( 1955 ) ، ابن أبي عاصم في السنة 1/263 ( 593 ) ( 594 )
عن الأعمش ، عن عَبْداللهِ بن مُرَّة ، عن مسروق ، عن عبد الله.
قال البزار " وهذا الحديث لا نعلم رواه أحداً عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله إلا ابن إدريس وغير ابن إدريس يرويه عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله " مسند البزار 5/332.
وذكرت هذه الأسانيد بأن الأعمش لم يكن بالمنفرد في سماع هذا الخبر من عبد الله بن مرة دون غيره.
وقال ابن حجر : قول الأعمش : " هكذا في قراءتنا " ـ أي أوتيتم ـ رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره : " كذا في قراءتنا " يعني { أوتوا }بصيغة الغائب ، وليست هذه القراءة في السبعة ولا في المشهورة في غيرها ، وقد أغفلها أبو عبيد في كتاب القراءات له من قراءة الأعمش . فتح الباري 1/224وينظر: عمدة القاري 2/201.
وقال النووي : " هكذا هو فى بعض النسخ { أوتيتم } على وفق القراءة المشهورة وفى أكثر نسخ البخارى ومسلم { وما أوتوا من العلم إلا قليلاً} " شرح مسلم 17/137..
وذكر مسلم الاختلاف في هذه اللفظة عن الأعمش فرواه وكيع على القراءة المشهورة ، ورواه عيسى بن يونس عنه {وما أوتوا } صحيح مسلم 4/2152.
وقد سبق ذكر اختلاف الرواة عن الأعمش فيها ، وبيان الطرق التي رويت عن طريقها تلك اللفظة سواء المتواترة أو المشهورة . ومما يوضح ذلك أكثر الجدول المرفق الذي وضعه الفقير إلى الله في آخر هذه القراءة .
ومما يؤيد القراءة الشاذة قول الأعمش : " هكذا في قراءتنا " .
وعقب شيخنا الدكتور /عبد السلام المجيدي بقوله : " هذا اللفظ لا يدل على الاستغراب ".
وقال الألباني : " الظاهر أن للأعمش فيه إسنادين " ظلال الجنة 1/322.
والاسنادان هما :
الأول : الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله .
والثاني : الأعمش ، عن عَبْداللهِ بن مُرَّة ، عن مسروق ، عن عبد الله.
وهذان الاسنادان هو مدار جميع الطرق الواردة في القراءة المتواترة ، والقراءة الشاذة .
وقال القاضي عياض : " اختلف المحدثون فيما وقع من ذلك ، فذهب بعضهم إلى أن :
الإصلاح على الصواب ، واحتج أنه إنما قصد به الاستدلال على ما سيقت بسببه ، ولا حجة إلاَّ في الصحيح الثابت في المصحف ، وقال قوم : تترك على حالها وينبه عليها ؛ لأن من البعيد خفاء ذلك على المؤلف ومن نقل عنه وهلم جرا فلعلها قراءة شاذة ، قال عياض هذا ليس بشيء ؛ لأنه لا يحتج به في حكم ولا يقرأ في صلاة " عمدة القاري 2/201.
وقال ابن حجر : " وهي مشهورة عن الأعمش أعنى بلفظ {وما أوتوا } ولا مانع أن يذكرها بقراءة غيره وقراءة الجمهور : { وما أوتيتم }. فتح الباري 8/404.
و{ أوتيتم } هي رواية الأكثرين ، وهي القراءة المشهورة ؛ لكن القراءة الشاذة { أوتوا } وردت في نسخ كثيرة من صحيح البخاري ومسلم وكتب السنن .
وعند الباحث عدة نسخ من صحيح البخاري ومسلم : جميع تلك النسخ التي بين يدي الباحث ذكرت القراءة الشاذة ما عدا نسخة واحدة من صحيح البخاري وهي التي طبعتها دار ابن كثير ، ودار اليمامة ( بيروت سنة 1407هـ ـ 1987م ط الثالثة ، بتحقيق : مصطفى ديب البغا ) لم تذكر غير القراءة المتواترة ، وهذا مما يؤيد كلام الإمام النووي المتقدم .
ومن خلال العرض السابق لا يستطيع المرء الجزم باللفظة التي قرأ بها ابن مسعود ، وقال عنها الأعمش : " هكذا في قراءتنا " ، ولم يبق لترجيح ذلك إلا الرجوع إلى الأصل وهو : قراءة الجمهور ؛ وسبب الترجيح :
ـ رجوع ثلاثة من القراء السبعة إلى ابن مسعود ، فلو قرأها ابن مسعود كما ذُكر في الشاذة لنقلت إلينا ، كيف ينقلون ( تجري تحتها الأنهار ) بدون ( من ) في سورة براءة ، ولم ينقلوا هذه اللفظة !
فما تأويل (( وما أوتوا )) إذن ، يحتمل ما يلي :
1) خطأ النساخ ، ويدل عليه قول الإمام النووي المتقدم .
2) التفسير .
3) يحتمل وهو الأضعف أنها قراءة شاذة .
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم ، وبعد :
أيها الاخوة الكرام : نظراً لحاجتنا جميعاً لدراسة أسانيد القراءات الشاذة في كتب الحديث ، والتي هي مبثوثة في كتب السنة ، وتوضيح ما إذا كانت قراءة لفظية ، أو قراءة شاذة ، أو ما يسمى بالقراءة التفسيرية ، أو قد يكون ذلك خطأ من الناسخ أو الطابع ، أو ما إلى ذلك .
والقراءة الشاذة كما هو معلوم بحر لا ساحل له وغور لا قاع له ، وبما أنها كذلك لم يستطع أحد أن يحيط بجميع القراءات الشاذة ، وحسب علمي فإن الدراسة للقراءات الشاذة في كتب الحديث أو القراءات بشكل عام قليلة جداً ، وممن ظهر له جهد في ذلك الشيخ الدكتور / المعصراوي ،حيث أخرج له كتاباً بعنوان : (( القراءات الواردة في كتب السنة )) وطبع مع كتاب (( جزء فيه قراءات النبي صلى الله عليه وسلم للدوري )) ، وهناك بعض الملاحظات التي كتبها الفقير إلى الله على الكتاب خلال الاطلاع عليه ، فارتأيت أن أدرس كتب الحديث بداية بكتب الصحيح ، وقد يكون مشروع ناجح إن شآء الله ، وقد كانت هذه الفكرة لديّ بعد استشارة شيخي واستاذي الشيخ الدكتور / عبد السلام المجيدي.
فالبداية بطرق القراءة الشاذة ثم طرق القراءة المتواترة ،ثم شرح ذلك ، وأرفقت جدول يبين الطرق في تلك القراءات ويسهلها ، مع إرفاق ملف وورد على هذا الملتقى المبارك .
وهذه مقدمة عن اشتمال السنة على القراءات ،أسأل الله أن يمن علينا بكرمه ، وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم ، ويجعله في ميزان حسناتنا يوم القيامة ، إنه سميع مجيب .
(( القراءات في كتب الحديث واشتمال السنة عليها )) :
هناك صلة وثيقة بين كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن بين هذه الصلة اشتمال كتب السنة على كثرتها وتنوعها على نصوص تتعلق بالقراءات سواء ما يتعلق بكيفية أداء كلمات القرآن واختلافها ، أم ما يتعلق بفضله ، وآداب تلاوته ، وتعلمه ، وتعليمه ، وغير ذلك .
ومن أمثلة ذلك :
1ـ مسند الإمام أحمد بن حنبل ، فقد اشتمل على نصوص كثيرة جداً تتعلق بالقراءات( ).
ومن هذه النصوص ما أخرجه بسنده( ) عن أنس بن مالك : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها : (( وَكَتَبْنَا عليهم فيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنُ بِالْعَيْنِ )) [المائدة : 45] ، نَصَبَ {النَّفْسَ }، وَرَفَعَ { الْعَيْنُ}
2ـ صحيح الإمام البخاري تضمن نصوصاً كثيرة تتعلق بالقراءات ، وذلك في كتاب التفسير( ) ، وكتاب فضائل القرآن ( ) من كتاب الجامع الصحيح .
ومن هذه النصوص ما سيذكره الباحث في ثنايا هذه الدراسة .
3ـ صحيح الإمام مسلم اشتمل على نصوص كثيرة تتعلق بالقراءات ، أوردها في كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، وبوب عليها النووي( ) الأبواب التالية :
ـ باب فضائل القرآن وما يتعلق به ( ).
ـ باب الأمر بتعهد القرآن وكراهة قول نسيت آية كذا وجواز قول أنسيتها( ).
ـ باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن( ) .
ـ باب نزول السكينة لقراءة القرآن ( ).
ـ باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه( ).
ـ باب ترتيل القراءة واجتناب الهذ( ) .
ـ باب ما يتعلق بالقراءات( ) .
ومن هذه النصوص ما سيذكره الباحث في ثنايا هذه الدراسة .
4ـ كما عقد الإمام أبو داود في سننه كتاباً في القراءات أسماه (( كتاب الحروف والقراءات ))( ) ويشتمل على أربعين حديثاً .
5ـ وعقد الإمام الترمذي في سننه كتاباً للقراءات ( ) تضمن أحد عشر باباً اشتملت على ثلاثة وعشرين حديثاً .
وسوف يقف الناظر على هذه النصوص الحديثية المتعلقة بالقراءات في موضعها من الدراسة ، ويلاحظ على النصوص الواردة في كتب السنة المتعلقة بالقراءات الملاحظات التالية :
أولاً : أن جميع ما ورد فيها جاء مروياً بالسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو إلى أحد الصحابة رضي الله عنهم .
ثانياً : أن النصوص المنقولة في كتب الحديث منها الصحيح ومنها المردود ـ هذا بالنظر إلى العموم ، أما النظر إلى البخاري ومسلم فكل الروايات التي نقلها الباحث حول القراءات في كتابيهما صحيحة ـ .
ثالثاً : أن القراءات التي نقلتها كتب الحديث فيها جملة من القراءات صحيحة السند مخالفة لرسم المصحف كما اشتملت على نقل بعض القراءات المتواترة .
رابعاً : تضمنت كتب السنة نصوصاً كثيرة تتعلق بآداب التلاوة ، ونصوصاً أخرى برسم المصحف ، كما اشتملت على نصوص تتعلق بكيفية أداء كلمات القرآن واختلافها ، وغير ذلك من النصوص التي لها علاقة وصلة بالقرآن والقراءات .
خامساً : خلت كتب السنة من توجيه هذه الروايات ؛ لأنها كتب رواية تسند الأحاديث والآثار إلى قائليها مرفوعة أو موقوفة أو غير ذلك .
والمعول عليه في قبول هذه الروايات الواردة في كتب السنة أو ردها هو تلك الضوابط الثلاثة التي شرطها العلماء والتي سبق الإشارة إليها مراراً وتكراراً.
ومن تلك القراءات :
القراءة الأولى : (( وما أوتوا من العلم )):
للقراءة الشاذة عدة طرق كلها صحيحة :
1ـ وكيع .
أخرجها البخاري 9/166(7456) ، مسلم 8/128(7162) ، أحمد 1/389(3688) و1/444(4248) .
2ـ عبد الواحد بن زياد .
أخرجها البخاري 1/43(125) و 9/167(7462) ، الشاشي في مسنده 1/423، البغوي في تفسيره 3/134.
3ـ حفص بن غياث .
أخرجها البخاري 6/108(4721) ، مسلم 8/128(7161).
4ـ عيسى بن يونس .
أخرجها البخاري 9/119(7297) ، مسلم 8/128(7162) ، الترمذي في سننه (3141) ، النسائي في السنن الكبرى (11235) .
أربعتهم ( وكيع ، وعبد الواحد بن زياد ، وحفص بن غياث ، وعيسى بن يونس ) رووه عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، وخالفهم ابن إدريس عن الأعمش كما في هذه الطريق الخامسة.
5ـ عبد الله بن إدريس .
أخرجها مسلم 8/129(7163) ، أحمد 1/410(3898) .
عن الأعمش ، عن عَبْداللهِ بن مُرَّة ، عن مسروق ، عن عبد الله.
• أما القراءة المتواترة : (( وما أوتيتم )) فلها عدة طرق كذلك وهي كالتالي:
1ـ وكيع .
أخرجها البخاري 6/2713 ( 7018 ) ، مسلم 4/2152 ( 2794) ، أحمد 1/389 ( 3688 ) و 1/444 ( 4248 ) البزار في مسنده 4/344 ( 1529 ) ، ابن أبي عاصم في السنة 1/263 ( 592 ) ، ابن أبي شيبة في مسنده 1/155 ( 215 ) ، وأبو يعلى في مسنده 9/267 ( 390 ) ، الطبري في تفسيره 17/541.
2ـ حفص بن غياث .
أخرجها البخاري 4/1749( 4444 )، مسلم 4/2152 ( 2794) .
3ـ عيسى بن يونس .
أخرجها مسلم 4/2152( 2794) ، الترمذي 5/304(3141 ) ، النسائي في السنن الكبرى 6/383 ( 11299 ) ، ابن حبان في صحيحه 1/299 ( 97 ) ، البيهقي في الأسماء والصفات 1/457 ( 418 ) ، أبو نعيم في الدلائل 1/287 ( 242 ) .
4ـ علي بن مسهر .
أخرجها البزار في المسند 4/335 ( 1529 ) ، الواحدي في أسباب النزول 1/197.
5ـ عبد العزيز بن مسلم .
أخرجها ابن أبي عاصم في السنة 1/263 ( 593 )
6ـ القاسم بن معن .
أخرجها الطبراني في المعجم الصغير ( الروض الداني ) 2/187(1300) ، الطبري 17/542.
ستتهم ( وكيع ، وحفص بن غياث ، وعيسى بن يونس ، وعلي بن مسهر ، وعبد العزيز بن مسلم ، والقاسم بن معن ) عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله.
قال في الفتح 1/224 : " وإسناد الأعمش إلى منتهاه مما قيل أنه أصح الأسانيد ".
7ـ عبد الله بن إدريس .
أخرجها مسلم 4/2153 ( 2794 ) ، أحمد 1/410( 3898 ) ، ابن حبان في صحيحه 1/299( 97 ) ، البزار في المسند 5/332 ( 1955 ) ، ابن أبي عاصم في السنة 1/263 ( 593 ) ( 594 )
عن الأعمش ، عن عَبْداللهِ بن مُرَّة ، عن مسروق ، عن عبد الله.
قال البزار " وهذا الحديث لا نعلم رواه أحداً عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله إلا ابن إدريس وغير ابن إدريس يرويه عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله " مسند البزار 5/332.
وذكرت هذه الأسانيد بأن الأعمش لم يكن بالمنفرد في سماع هذا الخبر من عبد الله بن مرة دون غيره.
وقال ابن حجر : قول الأعمش : " هكذا في قراءتنا " ـ أي أوتيتم ـ رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره : " كذا في قراءتنا " يعني { أوتوا }بصيغة الغائب ، وليست هذه القراءة في السبعة ولا في المشهورة في غيرها ، وقد أغفلها أبو عبيد في كتاب القراءات له من قراءة الأعمش . فتح الباري 1/224وينظر: عمدة القاري 2/201.
وقال النووي : " هكذا هو فى بعض النسخ { أوتيتم } على وفق القراءة المشهورة وفى أكثر نسخ البخارى ومسلم { وما أوتوا من العلم إلا قليلاً} " شرح مسلم 17/137..
وذكر مسلم الاختلاف في هذه اللفظة عن الأعمش فرواه وكيع على القراءة المشهورة ، ورواه عيسى بن يونس عنه {وما أوتوا } صحيح مسلم 4/2152.
وقد سبق ذكر اختلاف الرواة عن الأعمش فيها ، وبيان الطرق التي رويت عن طريقها تلك اللفظة سواء المتواترة أو المشهورة . ومما يوضح ذلك أكثر الجدول المرفق الذي وضعه الفقير إلى الله في آخر هذه القراءة .
ومما يؤيد القراءة الشاذة قول الأعمش : " هكذا في قراءتنا " .
وعقب شيخنا الدكتور /عبد السلام المجيدي بقوله : " هذا اللفظ لا يدل على الاستغراب ".
وقال الألباني : " الظاهر أن للأعمش فيه إسنادين " ظلال الجنة 1/322.
والاسنادان هما :
الأول : الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله .
والثاني : الأعمش ، عن عَبْداللهِ بن مُرَّة ، عن مسروق ، عن عبد الله.
وهذان الاسنادان هو مدار جميع الطرق الواردة في القراءة المتواترة ، والقراءة الشاذة .
وقال القاضي عياض : " اختلف المحدثون فيما وقع من ذلك ، فذهب بعضهم إلى أن :
الإصلاح على الصواب ، واحتج أنه إنما قصد به الاستدلال على ما سيقت بسببه ، ولا حجة إلاَّ في الصحيح الثابت في المصحف ، وقال قوم : تترك على حالها وينبه عليها ؛ لأن من البعيد خفاء ذلك على المؤلف ومن نقل عنه وهلم جرا فلعلها قراءة شاذة ، قال عياض هذا ليس بشيء ؛ لأنه لا يحتج به في حكم ولا يقرأ في صلاة " عمدة القاري 2/201.
وقال ابن حجر : " وهي مشهورة عن الأعمش أعنى بلفظ {وما أوتوا } ولا مانع أن يذكرها بقراءة غيره وقراءة الجمهور : { وما أوتيتم }. فتح الباري 8/404.
و{ أوتيتم } هي رواية الأكثرين ، وهي القراءة المشهورة ؛ لكن القراءة الشاذة { أوتوا } وردت في نسخ كثيرة من صحيح البخاري ومسلم وكتب السنن .
وعند الباحث عدة نسخ من صحيح البخاري ومسلم : جميع تلك النسخ التي بين يدي الباحث ذكرت القراءة الشاذة ما عدا نسخة واحدة من صحيح البخاري وهي التي طبعتها دار ابن كثير ، ودار اليمامة ( بيروت سنة 1407هـ ـ 1987م ط الثالثة ، بتحقيق : مصطفى ديب البغا ) لم تذكر غير القراءة المتواترة ، وهذا مما يؤيد كلام الإمام النووي المتقدم .
ومن خلال العرض السابق لا يستطيع المرء الجزم باللفظة التي قرأ بها ابن مسعود ، وقال عنها الأعمش : " هكذا في قراءتنا " ، ولم يبق لترجيح ذلك إلا الرجوع إلى الأصل وهو : قراءة الجمهور ؛ وسبب الترجيح :
ـ رجوع ثلاثة من القراء السبعة إلى ابن مسعود ، فلو قرأها ابن مسعود كما ذُكر في الشاذة لنقلت إلينا ، كيف ينقلون ( تجري تحتها الأنهار ) بدون ( من ) في سورة براءة ، ولم ينقلوا هذه اللفظة !
فما تأويل (( وما أوتوا )) إذن ، يحتمل ما يلي :
1) خطأ النساخ ، ويدل عليه قول الإمام النووي المتقدم .
2) التفسير .
3) يحتمل وهو الأضعف أنها قراءة شاذة .