القراءات المعاصرة للقرآن الكريم والغايات الأيديولوجية - نصر أبو زيد أنموذجا

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع الخطيب
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

الخطيب

New member
إنضم
24/04/2003
المشاركات
113
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحييكم احبتي الكرام ، وها هي ورقتي المتواضعة [القراءات المعاصرة للقرآن الكريم والغايات الأيديولوجية - نصر أبو زيد أنموذجا ] بين أيديكم ، أسأل الله تعالى أن تكون نافعة ، ولصاحبها يوم القيامة شافعة.
 
شكر الله لك يا د. أحمد هذا الجهد وجعل الله في ميزان حسناتك ما كتبته وألقيته في لقاء تبيان السابق ..
وأدعو الإخوة للاستفادة من هذه الورقة، فإن د. أحمد الخطيب عباراته مركزة وسمينة ونافعة جداً ..
 
جزاكم الله خيرا دكتور احمد الخطيب
انه بحث دقيق وكاشف لخلفية نصر ابو زيد المنهجية
جزاكم الله خيرا عن الإسلام والمسلمين.
اتمنى ان يصدر هذا النص في كتاب مع نص للدكتور ابراهيم عوض عن نصر حامد ابو زيد ايضا وفيه تطرق ايضا الى موضوع ارتباط الوحي-في تخرص نصر حامد واشباهه- بالرائج المشاع في الثقافة وانه وان تفرد بمايسمى وحيا الا انه أخذ من المعرفي الثقافي الاسطوري -زعم -مما كان رائجا عن اتصال السعراء بالجن واتصال الكهان ، وأقتبس من عرضكم لفكرة نصر ابو زيد التالي
فظاهرة الوحي أو القرآن كانت جزءاً من مفاهيم الثقافة العربية آنذاك، فالعربي كان يدرك أن الجني يخاطب الشاعر ويلهمه شعره، ويدرك أن العراف والكاهن يستمدان نبوءاتهما من الجن، لذلك فإنه لا يستحيل عليه أن يصدّق بملك ينزل بكلام على بشر.
ولقد قمت ببحث طويل عن هذه المسألة مع مسائل أخرى في نقد جديد لنصر حامد ابو زيد لم يُنشر بعد(وضعته جانبا الى حين) لإنشغالي بمواضيع أخرى.
ان بحثكم هذا يادكتور ينبغي أن يعرض ولو وحده ولو في كراسة صغيرة ليلتقطه القاريء العادي والمتخصص ،العلماني والإسلامي من معارض الكتاب وهو نص ليس بالطويل فيمل ولابالقصير المخل بل هو وازن موزون ،وقاهر لفكرة حداثية طُبقت على القرآن العظيم ومادرى اهلها ان قراءتهم قزمية ضحلة لامكان لها من الإعراب في عالم الرسالات السماوية وولا وجود لها في النصوص المنزلة الرحمانية، فضلا عن ان أول خلل فيها هو انها لاتعطي اي اهتمام لما تقوله النصوص ولالما اراده الكاتب للنص الأدبي او قصده ولالحقيقة قول القائل لما كتب ووضعه في كتاب ، (بل تزعم تلك الأفكار الحديثة أن الكاتب(للرواية او النص الأدبي، لايدري بتركيبة ماكتب وكأنه كتب وهو نائم(أو أن اللاشعور الجمعي هو الذي دفعه للكتابة وهو لايدري تماما مايكتب كما زعم مونتجري واط عن النبي!)، اوكأن النبي لايدري بما أنزل عليه أو أن الثقافة التي لايعرف تطورها -زعموا-، وقد صنعت رموز واسماء حكاها بلامعرفة بأصولها الثقافية المنتجة مجتمعيا، ولايعرف سر تكونها-بحسب تصورهم المغلوط للتكون والتطور- وتعقد تشكلها في اللغة هي من كونت جُملا كتبها واسماء ذكرها وقصص حكاها،ولايدري أنها كلها تشكلت في الثقافة فهي منها لا من فوق!!-هكذا يوحون- وان ماكتبه ليس حقيقة كما تصور هو!!!، بإعتبار انه هو الذي كتب القرآن بزعمهم!) ان اهم امر عند هؤلاء هو ان القاريء الحديث هو المتكلم وحده ، المفسر، المؤول، المفكك للمستويات(داخل اللغة وماتحمله من ثقافة ومعارف تشكلت مع التاريخ في رموز وعلامات بحسب مناهجهم(اركون- ابو زيد على سبيل المثال)!) فالقاريء الحديث يعلم-بزعمه -خط سير هذه المعارف (الاسطورية!) وتعقد سيرها التاريخي،وانبثاقها المتدرج في الوعي والثقافة، وتشكلها في اللغة ومستوياتها داخل الكلمات والألفاظ اللغوية،ولذلك فإن القاريء من امثال نصر حامد ابو زيد يحكم(بسلطته التفسيرية المادية بحسب خاصية مذهبه!) بإلغاء مايُعرض عليه مما كُتب ويعتبرها اما انها لاتقول شيئا أو ماتقوله ظاهريا ليس بشيء!، او تعرض زيفا لفظيا على السطح او تشف الألفاظ عن امور اخرى يعرفها هؤلاء بزعمهم ومنهم فرويد وريكور وغيرهما، يلغي ظاهر الألفاظ وحقائقها ليثبت قوله هو ويضع أفقه هو، ونظرته للغة والتاريخ والوحي والغيب ومايسميه الرمز والعلامة..إلخ، ولو كان في ذلك مخالفة للمكتوب وحقيقته، وارتباطه بقائله او كاتبه أو منزله، ولو ادى ذلك الى طمس وتحريف وتبديل وتغيير في المعاني والحقائق، وهي على كل حال نظرة هيمنة متعالية (أو سلطة بحسب تعبيرهم) أعرضت اولا عن المؤلفين لصالح القراء ، وعن الكتاب لصالح المتصفحين للكتب من قراء العالم والكون والنصوص (القراء الماديون الإختزاليون)بالنظرة السطحية العلمانية الجديدة ، وكأنه هذه النوعية الجديدة من القراء يقرؤون نصوصا صينية او يابانية لاتعنيهم دلالاتها ولامعاني حروفها،ولا مصدر بيانها، فالمهم هو ان تدع القاريء الحديث يتكلم عنها كيفما شاء، ولو طبقنا مفهوم هذه القراءة (لكتاب)على الرؤية (لشخص أو عين أو ذات)كما لو اشار احدهم على الصيني صغير العينين قليل الحجم واللحم، بأنه أشقر واسع العينين طويل القامة عريض المنكبين لغته الأصلية هي اللاتينية الفصحى ، غير عابيء بما يراه أمامه (صيني ضيق العينين قصير القامة اسود الشعر..إلخ) بل غير عابي بمايقال له من علماء الأعراق والأجناس عن الصيني وصورته في التاريخ القديم والحديث!، ، ومالنا بهؤلاء من حاجة فالعوام تعرف الفروقات بالبديهة والضرورة بلاشقشقة كلام ولاتوغل في الوصف! ، ومع ذلك فمازال اصحاب القراءة المعاصرة يرون الرجل الصيني اشقر العينين والرجل الأسكندنافي من اقزام الاسكيمو!، ان المهم عندهم هي نظرهم وسلطتهم على كل شيء!(ويبدو انها مأخوذة من المركزية الأوروبية لكن انعكست على الثقافة وفي نظريات عابثة!)، المهم هو رؤية القاريء أو مايتخيله(نظره!) بصرف النظر عن ماهو موجود في(الخارج)!، لو صح التعبير.
سيقول لك احدهم ليس الأمر بهذه السذاجة فنحن نقرأ القرآن من خلال رؤية معاصرة تكشف مستوياته الداخلية-هكذا قال نصر ابو زيد وهو يقول ان سورة الجن تنفي وجود الجن، وذلك في كتابه النص، السلطة، الحقيقة، وتكلم هناك عن المستويات!!!) وتراكيبة المتراكمة من المعارف الاسطورية المتعددة وهذا هو معنى مفهوم القاريء وافقه المعاصر في قراءته للنص، ونقول لهم: من أي المذاهب وبأيها تقرؤون؟ فليست كل المذاهب تقرأ نفس القراءة ، وعلى ذلك يمكن لقاريء جديد في عصر تالي أن يقرأ النص المعين كما لو انه يقرؤه بنظارة تعكس النص بصورة مختلفة تماما في خيالات الناظر كما لو انه رأي الرجل الصيني من خلال النظارة الأحدث التي تعرض لا الصورة الحقيقية ولكن الخيال المضحك عنها!فيراه كأنه فيل: فيصيح: فيل، بل هو دبابة، بل ذبابة، بل إمرأة ثخينة، بل جبال الألب!، هو ليس صيني وإنما متصينن!.. وهكذا تخرج النظارات المدهشة علينا بصيني ليس له وجود الا في الأذهان المتخرصة او اللاهية الضاحكة!
انها خيالات القراء التابعة لنظرتهم للحياة وهناك نظرات نفسية(انظر نظرية فرويد ونظرته للبشرية الأولى واساطيره عنها!) ونظرات اجتماعية(علم الاجتماع الغربي وفيها مايهدم بعضها بعضا بصورة فاضحة جدا، ومنها الماركسية والمثالية والهيجلية ..إلخ)
جزاكم الله خيرا عن الإسلام والمسلمين.
 
دعوني استفيد من هذا السياق الذي افتتحه وعمقه استاذنا الدكتور احمد الخطيب، فأضيف على ماقلته آنفا بعض ماعلق في ذهني ودفعني لوضعه في سطور.
اقول ان مايفتن العلماني الذي يستعمل النظارات الجديدة في رؤية النص القرآني ، أعني، أي نص قرآني، هو انه يرى حالة دنيوية عرضها القرآن كما في سورة التوبة أو الأنفال، أو الأحزاب(على سبيل المثال) عن الوضع النفسي او الإقتصادي للصحابة ، مثل ميل بعضهم للأنفال بصورة نبههم القرآن على دنيويتها المخالفة لما جاء به الإسلام، ودعاهم للتعالي عليها وعلى الدنيا لأن أمر حملة الإسلام أعظم شأنا من هذا، وبالفعل رباهم القرآن ورفع مستواهم النفسي والأخوي لتصير الدنيا خدمة للناس ويصير الإيثار من مهمات الحركة الشعورية والعقلية الواعية عند المؤمن الذي يقوم بفتح مجالات جديدة لإنتصار الإسلام وفائدة الأنام ليكون الاسلام، على ايديهم، رحمة للناس وخدمة للشعوب ويكون حملته في خدمة الانسان واخراجه للحرية والنور القرآني والإنساني.
يأتي العلماني المعاصر فيأخذ آخر ماأفرزته الحالة الغربية التي غرقت في مستنقع المادة حتى أذنيها بل حتى غرق أناس فيها من الغرق، يأخذ المنهج (أو نمط قراءة معينة)الذي يدرس وقائع التاريخ الإسلامي، خصوصا، الوقائع التي تكلم عنها القرآن معدلا ومصححا، او مقرا ومرقيا، أو مفسرا ومبينا،يأخذ العلماني الوقائع والأحداث وينظر إليها بمنظار نظريته الإختزالية، والإختزالية لدرجة الغثيان أو التعجب، التي تختزل الحدث فيما يراه منظاره التخييلي أو نظارته التي اشتراها من معارض الأفكار الكثيرة المنتشرة في الغرب(أفكار التخييل او التخرص اوتحويل المشهد) والتي تظهر نتيجة سرعة الأوضاع المتغيرة والتغير السريع جدا في البنيات الإجتماعية والذهنية والقانونية ، تساعدها تقنيات حديثة، فيعكس ماتعكسه هذه النظارة التي تختلف ، ليس ألوانها فقط ولادرجة انكسارات الضوء منها او عليها، او مافيها من تقنية تخييلية تحول المشاهد الى الوان عبثية مضحكة او مدهشة ملهية، وإنما تختلف الخيالات التي توحي بها (للعين وحاسة الخيال) بصورة تامة ومتعددة تجعلك تتحير أهذا هو مايُرى في الخارج من اعيان واحداث ومشاهد ومناظر!، ولاعجب فهناك نظارات حديثة في عالم التكنولوجيا تريك عكس ماترى وتظهر لك ماليس موجود اصلا امامك وتغير المشهد-او الصورة الحقيقية الواقعية المشاهدة والمحسوسة او الحدث الى مشاهد غريبة ليس لها صلة بما هو في الواقع اصلا،(لكن على الأقل فإنك تعرف ذلك بإنها لعبة او تلهية تزيف الأمور بقصد التسلية) وهذا هو ماتقوم به ايضا المذاهب المابعد حداثية (أو انماط القراءة الجديدة) بدون أن يشعر القاريء وبدون ان تبين درجة اختزاليتها للقاريء العادي.
ولإثبات مصداقيتها في الرؤية-العلمية!- تحاول أن تسحبك إلى بؤرة الحدث المادي وبعض مشاهده الموغلة في المادية او التي توحي بأنها كذلك(فتجعلها هي كل المشهد حتى لو جاءت كل المشاهد لتنازعها!) أو المشاهد التي فيها تاريخ واقتصاد وصراع ومعارك وامور حياتية واقعية فعلا ومنها بعض صور الصراع الدنيوي أو صور توحي مباشرة بالصراع على امور حياتية طبيعية او الاختلاف حول امر من امور السياسة او الحياة(كالأحداث في مكة ايام النبي او حدث يوم السقيفة بعد موت النبي مثلا).
واذا كان هناك تفسير معين لكلية الأحداث أو المشاهد فلايعجز المفسر العلماني من وضع تفسير (أو نمط قراءة)للوقائع او المشاهد بحسب رؤيته المعينة للاحداث والصور التاريخية او المشاهد التاريخية المعينة.
هنا لايختلف ، فقط، المنظار ودرجة حداثته المادية ونوعية مراياه الخيالية او التخييلية التي قد تظهر او يظهر لها في المشهد الأمامي بعض الحقيقة عن المشهد لكن ،ايضا، إنعكاساته في النظارة يختلف بإختلاف المشهد النهائي المعروض(تخييلا وتغييرا!!) امام ناظري المشاهد او المحلل الذي لايكون لابس او واضع النظارة(الشخص الناظر بالنظارة المعينة) الا جزء بسيط من المشهد الخارجي الحاكم على المشهد المعروض أمامه، أي أن المنظار(او المذهب المنظور به وليس المؤمن به!) المابعد حداثي للمشهد هو القائل والمفسر والمؤول والعاكس لما يراه(تخييليا!) ،من وقائع او مشاهد تاريخية، نازعا عنها، طبعا، كل مالايمت الى مايريد أن يراه هو، او يوحي به منظاره التخييلي ذو التقنية الخاصة (اذن فضلا عن انه هو القائل فهو المخيل!)، نعم يطمس ويلغي ويبدل كل مالايمت الى منظاره او تقنيته الخاصة للنظر، او تقنية منظاره الخاص الذي يحول المشاهد التاريخية الى امور لاتمت في الحقيقة بما كان من وقائع فضلا عن كلية المشهد العام بما فيه من وجود نبوة صادقة في المشهد (آمن بها عقلاء فتحوا العالم وصار لهم تلاميذ في العلوم المختلفة ومنها علوم التقنية التي صارت قاعدة الغرب العلمية التجريبية والعقلية في عالم العلوم التجريبية!!)وآيات متحققة، ووعود تتم، وآيات تـُسجل الوقائع مع كلية المشهد بمافيه من امور خارجية-الغيب الحقيقي بكلية حضوره المغير على الحقيقة للاوضاع المسجلة تاريخيا في القرآن، في نصوص لم ينكرها معارضيه، ومنهم من أسلم وهو يعرف حقيقة ماجرى- ولذلك قلت ان العلماني المابعد حداثي مثلا او ماقبله، يرى الرجل العربي -مثلا-من خلال منظاره رجل صيني(وهو مثال على كل حال!)، ويقنعه وجه مادي وملموس ومشاهد وبديهي، اي شبه بسيط بينهما،ان ماهو موجود امامه رجل ياباني او صيني وليس عربي!، وقد تزيد النظارة درجات تغيير المشهد بصورة مضحكة او مسلية فيرى الرجل الصيني على هيئة إمرأة مكتنزة او تخينة،او ربما يراه فيلا كما كتبت قبلا! ويمكن أن تجرب هذا بنفسك على سبيل المثال، بإستعمال بعض البرامج الموجودة في بعض اجهزة التلفون، وقد فعلها زميل لي، إذ التقط لي صورة ثم قام بتشويهها والتلاعب بها في تلفونه!، حتى ضحكنا وأضحكنا الآخرين، وهناك نظارات أُخرى مثيرة حقا، ولذلك ضربت بها المثال، وكذلك المذاهب الإجتزائية للحداثة ومابعدها، في نظرها الى السيرة ووقائعها، أو الآيات القرآنية وبعض الأحداث التي عرضتها، وعقبت عليها، فالعلماني لايفتأ يعكس ذلك كله في منظاره الخاص، مع بتر وحجب، وعزل وتغيير، وتحويل وتبديل، وتقنية ادهاش وتعجب، مع إغفال للحدث وطبيعته ومارآه منه المعاصرون له، خصوصا من انتقل من الكفر إلى الإسلام-في زمن نزول القرآن- وأقر أن مافي آيات القرآن من حقائق كلية تلف الحدث هو ماحدث فعلا، وان مااخبر به الله هو حقيقة تلبست الاحداث وعاينها الناس ،وللعلم فهؤلاء هم من قال عنهم المستشرق الألماني نولدكه أنهم عقلاء كانوا حول الرسول محمد وانهم هم من حملوا الإسلام بعد ذلك للعالم، ونص نولدكه هذا في كتابه تاريخ القرآن، شاهد ، حقيقة، ضد النظارات التخييلية المزيفة للوقائع والمشاهد، وحقيقة الأصحاب والأتباع، ومنها نظارة نولدكه نفسه ، النظارة العتيقة.
 
رائق ورائع..جزاك الله خيرًا..وقد كان يستخدم قضية المجاز عند المعتزلة ...وقضية المحكم والمتشابه ...لنفس الهدف .....
 
عودة
أعلى