القرآن ينقل العرب نقلة عظيمة في علم الكتابة.

إنضم
13/01/2006
المشاركات
245
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
إن فضل القرآن الكريم على أمة العرب لم يقتصر على إخراجهم من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد والهداية. لقد جاءهم بالحكمة وعلمهم ما لم يكونوا يعلمون. فلا يعجب أحدٌ من الافتراض القائل بأن الفضل الأول في تعليم الكتابة وتطورها بالصورة التي استقرت اليوم هو للقرآن الكريم. بل لا يبعد أن يحتمل لفظ "الكتاب" في قوله تعالى (ويعلمهم الكتاب والحكمة) معنى: تعليم الكتابة، كما هو قول بعض المفسرين في نظير هذه الآية عن عيسى عليه السلام [سورة آل عمران: 48] ، قال الطبري:"فيعلمه الكتاب، وهو الخط الذي يخطه بيده". إن القران الكريم، بتيسير وهداية من الله، هو الذي أوجد الحاجة الأولى إلى نظام التشكيل المتطور الذي نعرفه اليوم. لم يكن العرب أصحاب كتابة على نطاق واسع فضلاً عن أن يعلموا شيئاً عن تفاصيل قانون التشكيل لضبط النطق من خلال الكتابة، ولم تظهر هذه الحاجة إلا بعد مجيء القرآن، ولولا كلام الله المنزل لجاز أن نتصور عرب اليوم في حالة مزرية من التأخر على مستوى الكتابة. ويكاد يجمع العلماء والباحثون على أن أول مَن ابتكر طريقة لتمثيل الحركات هو أبو الأسود الدؤلي ( ظالم بن عمرو ت 69هـ) "الذي اخترع نظام النِّقاط الحُمْر للدلالة على الحركات ، فالفتحة نقطة فوق الحرف ، والكسرة نقطة تحت الحرف ، والضمة نقطة أمام الحرف ، وإذا كان مع الحركة تنوين جعل النقطة نقطتين ، وأول ما استخدم ذلك في ضبط كلمات المصحف ، إذ تربط الروايات القديمة ذلك العمل بظهور اللحن ووقوع الخطأ في تلاوة القرآن ، فابتكر أبو الأسود الدؤلي هذه الطريقة لضبط الكتابة ، وتيسير القراءة. وأخذ تلامذة أبي الأسود الدؤلي في البصرة طريقته في نقط المصحف ، واستخدموها على نطاق واسع ، لكنهم واجهوا مشكلة تشابه صور عدد من الحروف في الكتابة العربية ، وتصدى نصر بن عاصم الليثي ( ت 90 هـ) تلميذ أبي الأسود في زمن الحجاج بن يوسف الثقفي لحل هذه المشكلة ، وذلك باستخدام النِّقاط لتمييز الحروف المتشابهة في الرسم ، بنفس لون الكتابة" [1].
ويمكن أن نوجز الفكرة هنا في عبارة فنقول: لقد كان تطور الكتابة على النحو الذي نعهده اليوم بركة مباشرة من بركات القرآن الكريم، وصدق الله إذ قال (الذي علّم بالقلم * علّم الإنسان مالم يعلم). وربما يلقي هذا شيئاً من الضوء على مناسبة وصفه تعالى للمبعوث إليهم بكونهم "أميين" وذلك ليستبين أثر التغاير والتباين بين حالتهم هذه وحالتهم بعد أن أُرسل إليهم رسول (يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) على القول بأن معنى أميين هنا: لا يقرأون ولا يكتبون.
= = = = = = = = = = = = = = = = =
مقتبس من: اللقاء العلمي لشبكة التفسير والدراسات القرآنية مع الأستاذ الدكتور/غانم قدوري الحمد.
 
الخط ما زال ضعيفا بعد أبي الأسود وتلاميذه

الخط ما زال ضعيفا بعد أبي الأسود وتلاميذه

أشكر الأخ عبدالله الشهري على هذا الموضوع
وفضل القرآن على العرب لا يُحصى
وأذكر أني التقيت شخصا كرديا في مطار بألمانيا والأكراد بقسم كبير منهم لديهم عقدة من العرب والعروبة بسبب سياسة الحكومة العراقية التي أسقطها الأمريكان قبل ثماني سنين ، قال قيمة العرب اليوم بالقرآن والنفط، شيل القرآن والنفط ما يبقى عرب.
وبرغم أنه محق من زاوية ما بسبب أن العرب لم يستطيعوا دخول التاريخ كما دخلته أمم أخرى لأسباب ناقشها الأستاذ الجابري رحمه الله في كل ما كتب (ومن شاء العودة فليعد إلى دراسات الأستاذ الجابري في الثمانينيات والتسعينيات مثل إشكاليات الفكر العربي المعاصر والخطاب العربي المعاصر ومقدمة نحن والتراث وغيرها فهي مصادر الدرجة الأولى في تحليل عوائق النهضة) إلا أني حاولت تحريره من عقدته تجاه العرب فقلت له يا أخي احسد الإنكليز يحكمون العالم ولغتهم عالمية وأنشأوا الثورة الصناعية وهم اليوم كل بريطانيا ستون مليونا أي ثلاثة أرباع شعب مصر وشعب مصر المسكين يصارع الفقر ويتحكم به اليهود حتى إن حاكمه يبالي برضاهم أكثر من مبالاته برأي شعب مصر وهو تاريخيا أقدم وأعرق من الإنكليز ولكن احسد هؤلاء أو الألمان أو الفرنسيين أو حتى اليابانيين من جديد ، ما وجدت غير العرب تحسدهم؟

ولكن الخط العربي لا ينبغي المزج بين صفتين مستقلتين فيه
الجمال فجماله بارع وسببه تركيز أهل الفن عليه لحرمة التصوير أو لشبهته على الأقل فظهرت عبقرية الفن في الخط
والثاني ضعفه وقصوره عن نقل اللغة كما ينبغي لوسيلة نقل كتابية مثلى أن تفعل ذلك أن العرب في الربع الأخير من القرن الأول وعلى طول القرن الثاني قد وجدوا أنفسهم أمام مشكلة خط ضعيف جدا لا يملك رموزا تعادل ما لدى لغتهم من أصوات.
وبدلا من أن يصنعوا رموزا جديدة لكل الأصوات كما فعل الإغريق من قبلهم قاموا بتطويع وترقيع الخط الضعيف الذي بين أيديهم فقفزوا بالخط خطوة جبارة هي التي يشير إليها المقال إلا أنهم بعملية الترقيع قياسا بما فعل اليونان واللاتين أنتجوا خطا ممتلئا بالعيوب الآتية التي هي ولا شك أحد الأسباب الرئيسة لتخلف العرب عن ركب الحضارة
ـورث علماء القرن الثاتي 16 رمزا لـ35 صوتا تحتاج كلها رموزا فقاموا بجعل رمز الجيم يشمل الحاء والخاء وفرقوا بينها بالنقاط ورمز الدال لها وللذال والتفريق بنقطة وهكذا
ـ كثرة النقاط المؤدية بالضرورة إلى التصحيف
. عدم عدّ الحركات حروفا، فبقيت العربية لا تملك رموزا لحروف كثيرة أدى إلى تشويهها على التاريخ
لا يوجد رمز حرف للألف القصيرة التي سميت بالفتحة
لا يوجد رمز حرف للواو القصيرة التي سميت بالضمة
لا يوجد رمز حرف للياء القصيرة التي سميت بالكسرة
لا يوجد رمز حرف للألف الممالة قليلا(بين بين)
لا يوجد رمز حرف للألف المضجعة نحو الياء(الإمالة الكبرى)

لقد كلف ضعف الخط الامة الكثير وما زال يكلفها
بسبب هذا الضعف كان العلماء لإنقاذ الأمة والعلم من التصحيف والتحريف يكتبون سطرا كاملا في ضبط الكلمة باباء التحتانية والتاء المثناة من فوق والدال المهملة والغين المعجمة ...الخ

وسبب عدم إمكان حصول ثورة في الخط في القرن الثاني رغم وجود عباقرة كالخليل بن أحمد وغيره ، وأكبر ما كان سيحدث ثورة لو وضع العلماء رموز حروف للحركات ، والسبب انهم لم يفعلوا ذلك هو الحروف الستة المستقلة ، ذلكم أن في العربية ستة حروف هي الحروف الفاصلة حيث أن وجودها في أي كلمة يؤدي إلى فصلها إلى وعدم اتصالها . وتلك الحروف هي (اودذرز) فلا يمكن لها أن تتصل بما بعدها بطبيعتها.
المشكلة العملية كانت أن وجود حرفي علة من ضمن الحروف الستة الفاصلة منع من إمكانية جعل الألف الواحدة رمزا للفتحة وتكرارها رمزا للألف كما فعلت شعوب أخرة ومن إمكانية جعل الواو ضمة والواوين واوا لأن هذه الطريقة تؤدي إلى تقطيع أوصال الكلمات.
لم يكن ممكنا عمليا ذلك بهذا السبب فبقي الخط العربي ضعيفا لا يقوى على نقل اللغة وأصواتها إلى اليوم

كان الخط قبل تطويره مساعدا للحفظ فقط، وبقي بعد تطويره دون المستوى المطلوب إلى اليوم.

هذه المشكلة العربية الأولى من وجهة نظري المتواضعة، إذا فكرنا بعقل عملي لا بعقل نظري

ورب قائل يقول بدلا من أن تلعن الظلام فأشعل شمعة!
أي اقترح حلا يناسب العصر

الحل ممكن جدا ولكن يحتاج أن تتبناه دولة تفكر برؤية حضارية لا بدوية
فما الحل؟

تطوير الكيبورد العربي
لوحة مفاتيح عربية ، يقام مؤتمر بدراسات لوضع لوحة مفاتيح عربية جديدة تناسب العصر الرقمي تتبناه دولة عربية وتأخذ بنتائجه المجامع اللغوية والجامعات ويتفق مع شركات تصنيع لوحة المفاتيح أن تصنع الكيبورد الجديد المتفق عليه الخادم للغة والخط.
فالأصوات العربية 35 صوتا على الأقل ولوحة المفاتيح القاصرة الحالية لا تواكب العصر

ولدي مقترحات ومكتوبات سوف أشارك بها في حينها لأن المسألة أعقد مما تُتصور

ودمتم بودّ
 
"الذي اخترع نظام النِّقاط الحُمْر للدلالة على الحركات ، فالفتحة نقطة فوق الحرف ، والكسرة نقطة تحت الحرف ، والضمة نقطة أمام الحرف ، وإذا كان مع الحركة تنوين جعل النقطة نقطتين ، وأول ما استخدم ذلك في ضبط كلمات المصحف ، إذ تربط الروايات القديمة ذلك العمل بظهور اللحن ووقوع الخطأ في تلاوة القرآن ، فابتكر أبو الأسود الدؤلي هذه الطريقة لضبط الكتابة ، وتيسير القراءة. وأخذ تلامذة أبي الأسود الدؤلي في البصرة طريقته في نقط المصحف ، واستخدموها على نطاق واسع ، لكنهم واجهوا مشكلة تشابه صور عدد من الحروف في الكتابة العربية ، وتصدى نصر بن عاصم الليثي ( ت 90 هـ) تلميذ أبي الأسود في زمن الحجاج بن يوسف الثقفي لحل هذه المشكلة ، وذلك باستخدام النِّقاط لتمييز الحروف المتشابهة في الرسم ، بنفس لون الكتابة" [1].

= = = = = = = = = = = = = = = = =
[1] مقتبس من: اللقاء العلمي لشبكة التفسير والدراسات القرآنية مع الأستاذ الدكتور/غانم قدوري الحمد.

فقط لتوضيح موضع الاقتباس.

وشكر الله لك د. عبدالرحمن هذا الإثراء. ولا يخفى على مثلكم أن الجابري قد بالغ في الحط من واقع العرب وقد نقده نقداً تفصيلياً لاذعاً جورج طرابيشي في كتاب "نقد نقد العقل العربي"، وإن كان طرابيشي يعاب عليه أيضاً أنه شحن كتابه بما لا تدعو الحاجة إليه من التجوال في أصناف العلوم والمعارف، ولا أدري لماذا؟ أهو للتباهي أم غير ذلك؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة على رسول الله
الأصل في اللغة التّكلم والرواية والسماع أمّا الكتابة فإنّما يقصد بها المساعدة على حفظ اللغة ونقلها... والكتابة العربية على ضعفها الذي ذكره الأستاذ الفاضل عبد الرحمن الصالح قد أدّت واجب الحفظ ولا تزال وسيلة لنقل اللغة فصيحة صحيحة كما نطقها الأوائل ...
ولعلّ أكبر دليل على ذلك الكتابة القرآنية برسمها العثماني وما أضيف إليه من رموز عبر مختلف الأزمنة والعصور ...فقد حفظت نطق القرآن كما أنزل أوّل مرة ولا تزال تصاحب روايته الشفوية تعضّدها وتساعدها وتسير معها جنبا إلى جنب يعملان على حفظ القرآن الحفظ المتقن ونقله النقل المجوّد الحسن...
وأظنّ الأستاذ الكريم يوافقني في كون الكتابة العربية بنيت على بعض القواعد والأصول التي تخالف قواعد وأصول كتابة غيرها من اللغات ولا ينبغي والله أعلم محاسبة كتابة معيّنة وتقييمها من خلال مقاييس غيرها من الكتابات واللغات بل الواجب والله أعلم النظر في وظيفتها ومهمّتها المتمثلة في الحفظ والنقل ...
ولعل من أبرز هذه القواعد - التي تستفاد من تتبّع تاريخها واستقراء إملاءها – أنّهم رمزوا ورسموا الحروف دون الحركات ... وإذا كان بعض أهل العلم يرى في هذا الصنيع نقصا وضعفا فإنّ آخرين يرون فيه عين الرأي والصواب ...لأنّهم قصدوا رسم جواهر الحروف لا ما يعرض لها
فالباء باءٌ بمخرجها وصفاتها لا تتغير وإنّما المتغيّر فيها هو ما يعرض لها من حركات الفتح والضم والكسر قصيرة كانت أم طويلة ...ثمّ إنّ الفرق ظاهر بين الصوامت والصوائت فإذا كانت للأولى مخارج محقّقة تعتمد على أعضاء محدّدة فإنّ الثانية مجرد أصوات تتكيّف مع الأعضاء ولكن لا تعتمد عليها ...ثمّ إنّ من بين أهمّ الفروق بين الصوامت والصوائت أنّ الصوامتَ مختصّة "أصالة " بالإنسان دون غيره بخلاف الصوائت فإنّ الحيوانات تمدّ أصواتها وتقصرها وفي بعضها فتح وكسر وضمّ ولكن ليس في أصواتها شيئا من الصوامت إلاّ عارضا كما ذكر الأستاذ المارغني رحمه الله
ثانيا : نعم الكتابة العربية كغيرها من الكتابات باعتبارها تراثا إنسانيا قابلة للتجديد والتطوّر ولكن وفق قاعدة جرى عليها أصحابها طوال تاريخها ؛ أنّهم كانوا لا يزيدون فيها ألاّ بقدر الحاجة
يذكر علماء الآثار واللغة أنّ الكتابات السامية الأولى (الفنيقية الآرامية ...) تركت رموز الصوائت ما يعرف عندنا بالحركات القصيرة منها والطويلة واكتفت بوضع رموز الصوامت فقط[1] ... وإذا كان هذا العمل غير ممكن في كثير من اللغات الهندوأوروبية لاستحالة قراءتها وفهمها دون كتابة الصوامت فإنّ ترتيب الكلمات وسياق الكلام في اللغات السامية ولغتنا العربية على وجه الخصوص يغني في كثير من[2] الأحيان عن كتابة هذه الصوائت...
ولم يزد العرب الحركات الطويلة ويضيفوها لرسم لغتهم إلاّ قبيل مجيء الإسلام بقليل أو بمجيئه مباشرة - حسبما يذكره الأستاذ الباحث عبد المالك مرتاض – لبيان الحركات التي يوجب تركها شيئا من اللبس والخطأ...والحركات القصيرة لم تضف ولم يلجأ إليها علماء العربية إلاّ نتيجة اللحن في القرآن الكريم بسبب اختلاط العرب بالعجم ... وإذا كان النصّ القرآني ضبط بكامله لشدّة حرصهم على صحّة لفظه كلّه ولمنعهم اللحن فيه الموجب للإثم , فإنّهم وإعمالا لهذه القاعدة - لا يزالون إلى يومنا هذا - لا يضبطون من الحروف والكلمات إلاّ ما يخافون فيه اللبس والخطأ دون غيرها ...
وحتى إعجام الحروف إنّما استعملوه بقدر الحاجة ألا ترى أستاذنا الكريم أنّ المغاربة مثلا تركوا إعجام هجاء كلمة (ينفق) (ي,ن,ف,ق) إذا وقعت في آخر اللفظ لأمنهم اللبس بغيرها ...
وأعظم ما يستفاد من هذه القاعدة أنّ الكتابة العربية قليلة الرموز رغم كثرة أصواتها وتعددها هذا من جهة ومن جهة أخرى بقاء هذه الكتابة محفوظة مصانة مهابة لا يطرأ عليها التغيير والتجديد كلّ ساعة وحين بسبب وبدون سبب ...
والله أعلم بالحقّ والصواب ...
فتحي بودفلة

[1] Marcel Cohen . L’art de l’écriture . UNISCO 1965 .P5
Charles Higounet . L’ecriture . presses universitaires de France 1964 . P 42 ……

[2] قلنا في كثير من الأحيان ...لأنّ الصوائت (الحركات ) في غالب الأحيان لا يمكن الوقوف عليها من خلال ترتيب الكلام ولا سياقه خاصة في حركات البناء التي يشترط فيها الحفظ والسماع ...
 
التعديل الأخير:
عودة
أعلى