القرآن والعلم ينسبان نُطفة المرأة للبطن، وللصلب والترائب، ولا علاقة لماء إحتلام المرأة بخلق الجنين.

إنضم
08/02/2024
المشاركات
55
مستوى التفاعل
6
النقاط
8
العمر
52
الإقامة
مصر، المنصورة
القرآن والعلم ينسبان نُطفة المرأة للبطن، وللصلب والترائب، ولا علاقة لماء إحتلام المرأة بخلق الجنين.

FB_IMG_1747316474737.jpg

ملخص البحث

وصف النبي ماء المرأة الذي منه نطفتها بأنه ماء أصفر رقيق، له دور في خلق المولود، وتحديد الشبه، والجنس. وإذا سألنا عن أصل ومصدر هذا الماء، فسنجد الجواب قُرآنياً في موضعين؛ الأول في آية الخلق من بعد خلق في ظلمات ثلاث، حيث نطفة المرأة هي أول أطوار الخلق في البطون في الظلمة الأولى، وهي ظلمة المبيض. والموضع الثاني في آية الماء الدافق، وأصل خروجه من الصلب والترائب، حيث تشير الآية للأصل الجنيني لماء خلق الجنين الدافق (حوين، وبويضة)، والذي ينشأ من صُلب وترائب الجنين سواء ذكر أو أنثى، حيث تتكون الخلايا المشيجية الأولية (أصل الحوين أو البويضة) من منطقة ترائب الجنين (الناحية البطنية)، وتتكون بدايات الغدد الجنسية (الخصية، والمبيض) من ظهر الجنين، وبذلك نفى القُرآن أن يكون خلق الجنين من ماء شهوة المرأة المتدفق عبر المهبل، والذي يخرج من غدد تنشأ جنينياً من الجيب البول تناسلي في منطقة الحوض، بعيداً تماماً عن الصلب والترائب.
أما بالنسبة لأحاديث إحتلام المرأة، والتي قد يُفهم من ظاهرها أنها تربط بين ماء الإحتلام وخلق الولد، فلا ينبغي فهمها إلا في إطار الفهم القُرآني السابق. وعند الجمع بين كافة روايات ماء إحتلام المرأة، سنجد أن المجلس الذي دار فيه هذا الحديث، به سؤلان وليس سؤالاً واحداً، الأول (هل تحتلم المرأة؟)، وأجاب النبي بنعم وأوجب الغسل لمن رأت الماء، ثم تحولت دفة الحوار بالسؤال الثاني (وهل للنساء ماء؟)، والنكرة في كلمة (ماء) تفيد التنوع والإختلاف، فيكون جواب النبي بمثابة موافقة على أن هناك ماء للشهوة ومنه الغُسل، ثم ذكر ماء آخر منه الخلق والشبه لكون النساء شقائق الرجال، فلها نطفة للخلق، كما أن للرجل نطفة للخلق، وجعل نطفة المرأة من الماء الأصفر الرقيق، وهو غير ماء الإحتلام الذي يكون مائلا للبياض، مع لزوجة، وأحاديث النبي لم تُشر لمصدر الماء الأصفر الرقيق، ولكن القُرآن فعل، فوجب تقديم فهم القرآن والعمل به، وإليكم التفصيل.

هل المرأة لها ماء ونطفة، كما أن للرجل ماء ونطفة؟

بعض اللغويين، والمفسرين جعل النطفة بمعنى القطرة من مني الرجل فقط لكونه المُشاهد لهم، ولكنهم بذلك أخطأوا وخالفوا نصوص الوحيين التي جعلت للمرأة ماء ونطفة، كما أن للرجل ماء ونطفة، قال الله (خلقناكم من ذكر وأنثى)، وقال (خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج)، حيث المشج يقتضي الخلط بين نطفتين، وكلا النطفتين من مني يمنى كما قال الله (ألم يك نطفة من مني يمنى)، فالرجل له مني وللمرأة مني، قال رسول الله في صحيح مسلم (ماء الرجل أبيض، وماء المرأة اصفر رقيق)، وقال أيضاً في حديث صحيح رواه أحمد في مسنده (يا يهودي من كلٍ يخلق من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة)، وعليه فالمرأة لها ماء ونطفة، وأخطأ من جعل النطفة والماء للرجل فقط.

والنطفة مُفرد يُراد به القطرة من الماء، أو الواحدة من صغار اللؤلؤ، وفي ذلك إشارة إلى أن مني الرجل ومني المرأة بهما أشياء دقيقة الحجم لا تراها عيوننا سماها الإسلام نطفة، منها خلق الجنين، وهي ليست كل المني ولكن وحدة واحدة تُشتق منه، وهذا ما نفهمه من قول الله (نُطفة من مني يمنى)، ومن قول الله (ثم جعل نسله من سُلالة من ماء مهين)، فالسلالة هي النطفة، وسميت سلالة لأسباب؛ الأول أنها تشير لإستلال القليل من الكثير (الخلاصة)، مثل قول الله (سلالة من طين)، والثاني أنها تُسل من جسد الإنسان، اي تنتزع منه، فأصل النطفة خلية جنسية من جسد الإنسان، والثالث أنها تنسل خارجة مع الماء المهين.

الوصف العلمي لماء المبيض، وماء شهوة المرأة

ماء الشهوة (الإحتلام) للمرأة ليس أصفر، ولا رقيق، ولكن أبيض به شيء من الغلظة لوجود مواد مخاطية به، وإذا اشتكت المرأة من إفرازات مهبلية صفراء فهي مرضية، وأتحدى أي أحد أن يثبت غير ذلك (١). والإفرازات المهبلية بعضها يخرج دافقا، والبعض الآخر يسيل دون تدفق، وكلها لا تشارك في خلق الجنين. أما ماء المبيض فهو أصفر اللون (٢)، وأحياناً يكون ماء المبيض مائل للحمرة أو أحمر، لوجود نزيف دموي به، فالأصفر هو اللون الأساسي (٣). بل إن بويضة المرأة لونها أصفر كما في الصورة المرفقة، والتي تم نشرها في مجلة نيتشر (٤).
وماء المبيض رقيق (٢)، أي أقل لزوجة من ماء الرجل، ودرجة اللزوجة هي سبب الغلظة، والرقة، والدوريات العلمية تصف ماء الرجل بأنه لزج (Viscus)، بينما تصف ماء المبيض بأنه شبه لزج (Semi-viscus)، ولذا فان وصف ماء المرأة الذي منه خلق الجنين، بالأصفر الرقيق، هو وصف مُعجز بكل المقاييس. وماء المبيض عند خروجه من حوصلة جراف (جريب المبيض) فإنه طبياً يوصف بالدفق (Ejection) كما يوصف مني الرجل بالدفق، وذلك من الزيادة الكبيرة في ضغط حوصلة جراف بتاثير تجمع الماء الأصفر داخلها، فتنفجر بقوة، وتدفق البويضة لتجويف البطن (٥، ٦).
The follicle swells until it bursts open, ejecting the egg and fluid into the abdominal cavity (5, 6).

صفات ماء المرأة من القرآن والسنة

١. ماء أصفر رقيق (ماء الرجل أبيض غليظ، وماء المرأة أصفر رقيق)، صحيح مسلم.
وهناك أحاديث وصفت نطفة المرأة بأنها صفراء رقيقة، فهل وصف الأصفر الرقيق لماء المرأة أم نطفتها؟
فأقول وبالله التوفيق، كل الروايات التي تقول نطفة الرجل بيضاء، و نطفة المرأة صفراء، روايات ضعيفة إلا رواية واحدة صححها الألباني، ويقول فيها ابن عباس (نُطْفَةُ الرجُلِ بيضاءُ غَلِيظَةٌ ، ونطفةُ المرأةِ صفراءُ رقيقَةٌ ، فأيُّهما غَلَبَتْ صاحِبَتَها فالشَّبَهُ لَهُ)، والحديث أخرجه البزار، والطبراني، وأبوالعظمة. ووصف نطفة المرأة باللون الأصفر قد يكون وصف حقيقي، أو من باب إطلاق الجزء (نطفة) وإرادة الكل (الماء)، والحمد لله العلم قال البويضة لونها أصفر، فبأي القولين أخذنا، فسنرى الإعجاز واضح في وصف رسول الله.

٢. دافق (فلينظر الإنسان مم خُلق. خلق من ماء دافق)، واصله جنينياً الخروج من الصلب والترائب (يخرج من بين الصلب والترائب)، الشرح في النقاط التالية.

٣. مخلوق في بطن المرأة بعد البلوغ (يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث). الشرح في النقاط التالية.

٤. لا يشارك كل الماء في الخلق ولكن نطفة منه أو سلالة (نطفة من مني يُمنى)، و(سُلالة من ماء مهين). سبق الشرح

٥. يشارك في خلق الجنين، بعد مشج (خلط) نطفة المرأة بنطفة الرجل (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج).

٦. له دور في تحديد صفات الجنين الشكلية، والجنسيه (أحاديث السبق والعلو)، هذه النقطة لها بحث خاص بإذن الله تعالى، نسأل الله التوفيق.

ومجموع الصفات السابقة لو ذكرناها لطلاب كليات الطب، فقلنا ما هو الماء الذي تمتلكه المرأة وله الوصف الآتي؛ دافق، وأصفر رقيق، وبه نطفة صفراء منها خلق الولد، ويحدد صفاته، ويُخلق في البطون، وجنينياً من الصلب والترائب؟.
فوالله الذي لا إله إلا هو، لكان الجواب بالإجماع أن هذه صفات ماء المبيض الذي به البويضة (النطفة)، ولا يمكن أن تكون صفات ماء شهوة المرأة، فسبحان من أعجز البشر بكلامه. ويمكنكم مشاهدة تدفق الماء الأصفر الرقيق وبه البويضة في الفيديو التالي:

القُرآن وخلق البويضة في بطن المرأة بعد البلوغ

قال تعالي (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ۚ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ) الزمر.
وهذه الآية صريحة في أن خلق الجنين يتم بالتدريج وليس دفعةً واحدة، وذلك بداخل ثلاثة أماكن مظلمة في بطن الأم، بعضها من بعد بعض وليس بداخل بعض، كما توهم كثير من المفسرين، والمشتغلين بالإعجاز العلمي. وبداية الخلق من بعد خلق في البطون بإجماع المفسرين هو طور النطفة، فهذه الآية صريحة في أن نطفة المرأة تُخلق في بطن الأم في الظلمة الأولى وهي ظلمة المبيض، ولا علاقة لها بالإفرازات الجنسية. وللمزيد عن فهم الخلق من بعد خلق، والأدلة التي تثبت أن الظلمات الثلاث هي المبيض، وقناة فالوب، والرحم، فيمكنكم قراءة البحث التالي (إثبات أن الظلمات الثلاث هي المبيض، وقناة فالوب، والرحم)، وذلك على الرابط التالي:

القُرآن وخلق البويضة جنينياً من الصلب والترائب

قال تعالي في وصف ماء خلق الجنين عند الرجل والمرأة
(فلينظر الانسان مما خلق. خلق من ماء دافق. يخرج من بين الصلب والترائب).
كلمة (ماء)، نكرة تفيد العموم، فتشير لكل ماء نعرفه، كالماء الذي نشرب، والذي منه خلق آدم، كما تشير لكل ماء يخرج من الجهاز التناسلي للرجل أو المرأة، سواء دافق، أو غير دافق. ومعلوم أن الحوين والبويضة (النطاف) هي المسؤولة عن خلق الجنين، وهي تخرج دافقة، وبذلك تتبين لنا أهمية وصف الماء بكلمة دافق، فقد نفى الله بذلك خلق ذرية آدم من أي ماء جنسي غير دافق.
وللماء الدافق أنواع، فعند الرجل قد يكون من الخصية (ماء الخلق)، وقد يكون من غدد اخرى كالبروستاتا، وعند المرأة قد يكون ماء المبيض الأصفر الرقيق (ماء الخلق)، وقد يكون ماء شهوة من غدد أخرى، وللتفريق بين ماء الخلق الدافق للخصية والمبيض، وبين ماء الشهوة الدافق للغدد الأخرى، قال الله (يخرج من بين الصلب والترائب)، فهذا القول صرف الأنظار عن المخرج الطبيعي لماء الشهوة الدافق إلي مخرج خفي يدل علي أصل نشأة ماء خلق الجنين (الحوين والبويضة)، وذلك مثل لبن الأنعام، نعلم أنه يخرج من الضرع (الثدي)، ولكن الله قال عن تكوين اللبن (من بين فرث ودم).

وكلمة الخروج لُغوياً تشير لآلية تخليق الأعضاء في الجنين، حيث تعني التمايز، والخلق، والانتقال من مكان لآخر، فاي عضو جنينياً ينشأ عن خلايا غير متمايزة، فتتمايز بداية العضو، ثم يتم خلقه وتسويته، ثم تعديل موضعه بالنسبة للجسد (الإنتقال). وأشهر معنى للصلب الظهر، وأشهر معنى للترائب، موضع القلادة، وهو بلا شك على الجهة البطنية وليس الظهرية، وأشهر معنى للبينية (من بين)، هو منهما، أي من كل من الصلب والترائب.
في الجنين تُخلق الخصية والمبيض كالتالي؛ تتمايز بعض خلايا كيس المح على الجهة البطنية للجنين إلى خلايا مشيجية أولية (الخلايا الجنسية= حوين أو بويضة). وفي مرحلة لاحقة تتمايز الغدد الجنسية الأولية (الخصية أو المبيض) من خلايا الأديم المتوسط جهة الظهر.
لاخقاً تنتقل الخلايا المشيجية من كيس المح في الناحية البطنية، وتهاجر للغدد الجنسية ناحية الظهر فتدخلها، ثم تهاجر الخصية والمبيض من أعلى البطن إلى الأسفل.

أما باقي انواع الماء الدافق (ماء شهوة) التي لا تشارك في خلق الجنين تتمايز جنينياً من منطقة الحوض من الجيب البولي التناسلي، وبذلك نتأكد ان الله فرق جنينياً بين ماء الخلق، وماء الشهوة، وذلك بقوله (يخرج من الصلب والترائب). وللمزيد عن الخروج من الصلب والترائب أرجو مراجعة بحث (للماء الدافق أنواع، وفقط الماء الدافق للخصية والمبيض يخرج من بين الصلب والترائب)؛

هل خلق الجنين مرتبط بماء إحتلام المرأة، وهل الماء الأصفر الرقيق هو ماء الإحتلام (ماء الشهوة)؟

هناك أحاديث قد يُفهم منها أن النبي ربط بين ماء إحتلام المرأة وشبه الجنين، مثل حديث البخاري (جاءت أم سليم لرسول الله فقالت، إن الله لا يستحيي من الحق ، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال النبي: إذا رأت الماء . فغطت أم سلمة وجهها ، وقالت وتحتلم المرأة ؟ قال : نعم ، تربت يمينك ، فبم يشبهها ولدها).
بل إن هناك روايات زادت على رواية البخاري السابقة ما قد يُفهم منه أن ماء الإحتلام هو الماء الأصفر الرقيق، ومن ذلك رواية مسلم [وتحتلم المرأة، قال نعم، فَمِنْ أيْنَ يَكونُ الشَّبَهُ؟ إنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أبْيَضُ، ومَاءَ المَرْأَةِ رَقِيقٌ أصْفَرُ، فَمِنْ أيِّهِما عَلَا، أوْ سَبَقَ، يَكونُ منه الشَّبَهُ].

فهل فعلاً الحديث النبوي يقول بخلق الجنين من ماء الإحتلام (ماء الشهوة)، أو يقول بأن ماء الإحتلام هو الماء الأصفر الرقيق؟!، وهل هناك تشابه بين حديث النبي، وما ذكره أبقراط من ربط للتذكير والتأنيث بكمية ماء الرجل وكمية ماء المرأة؟.
فأقول وبالله التوفيق، أخطأ من فهم من كلام النبي أن ماء إحتلام المرأة له علاقة بخلق الجنين، أو أنه الماء الأصفر الرقيق، وذلك للأسباب التالية:

١. لم يطلع النبي على كلام أبقراط مُطلقاً، أو أياً من اقوال الفلاسفة قبل الإسلام، لأن حركة الترجمة لم تنشأ في حياة الرسول ولكن بعد موته.والنبي لم يقل أبداً أن ماء شهوة المرأة له علاقة بخلق الجنين حتى نقول بوجود تشابه بين كلامه وكلام الفلاسفة قبل الإسلام.

٢ الربط بين نطفة المرأة، وبين ماء شهوتها يُعد ربطاً مُخالفاً للقرآن، فكما بينتُ أعلاه أن مصدر نطفة المرأة البطن، وجنينياً من الصلب والترائب، ولا شك أن فهم القرآن مُقدم على الحديث، ولابد من حمل فهم الحديث على فهم القرآن الصحيح. يقول الخطيب البغدادى في الكفاية في علم الرواية، [وكل خبر واحد دل العقل أو نص الكتاب أو الثابت من الأخبار أو الإجماع أو الأدلة الثابتة المعلومة على صحته .. ووُجد خبر آخر يعارضه فإنه يجب إطراح ذلك المعارض والعمل بالثابت الصحيح اللازم].

٣. كان الناس يتصورون قديماً أن الولد يتكون من ماء الرجل ، ومن الإفرازات المهبلية للمرأة، فخالفهم النبي فقال [ما من كلِّ الماءِ يكون الولدُ]، وهذا يدل صراحة على أن هناك أنواع للماء الجنسي، وأن هناك ماء لا دخل له بعملية الإخصاب، وخلق الإنسان، والعلم أثبت ذلك كما رأينا أعلاه من وجود أنواعد عديدة للماء الجنسي، وفقط ماء الخصية والمبيض مسؤولان عن خلق ذرية آدم.

٤. وصف الماء بالأصفر الرقيق جاء في أحاديث منفصلة تماماً عن أحاديث ماء الإحتلام، مثل حديث ثوبان عن اليهودي الذي جاء يسأل النبي عن الولد، وحديث عبدالله ابن سلام عن شبه الولد.
ولا توجد رواية واحدة يقول فيها النبي ماء الإحتلام هو الماء الأصفر الرقيق، وفهم الرواة، وشُراح الحديث غير مُلزم للنبي صلى الله عليه وسلم؟، فهم قد اجتهدوا في حدود علم زمانهم، فظنوا أن ماء الإحتلام هو نفسه الماء الأصفر الرقيق، فلم تكن لهم دراية بأنواع ماء المرأة، وأن منها ما هو دافق، ومنها ما هو غير دافق، وأن الدافق منه ما هو متعلق بخلق الولد، ومنها ما لا علاقة له بالولد.
ووارد جداً أن الرواة قد وهموا حين ظنوا أن أحاديث ماء الإحتلام يمكن تفسيرها بأحاديث الماء الأصفر الرقيق، فأضافوا جزئية الماء الأصفر الرقيق لأحاديث احتلام المرأة، على سبيل التفسير وليس على سبيل النقل الدقيق لما نطق به رسول الله، وسيتبين لنا ذلك بوضوح عند تحقيق رواية مُسلم حيث يقول في آخرها [وتحتلم المرأة، قال نعم، فَمِنْ أيْنَ يَكونُ الشَّبَهُ؟ إنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أبْيَضُ، ومَاءَ المَرْأَةِ رَقِيقٌ أصْفَرُ، فَمِنْ أيِّهِما عَلَا، أوْ سَبَقَ، يَكونُ منه الشَّبَهُ].
ورواية مسلم هذه فيها سعيد بن أبى عروبة، وقال فيه إبن حجر: كثير التدليس وأختلط. وفي الرواية أيضاً التابعي قتادة، وهو متهم بالتدليس. وبذلك يتبين لنا أن هناك احتمال قوي جداً لحدوث خلط بين حديثين، أحدهما عن الماء الأصفر الرقيق ودوره في الخلق والشبه، والآخر عن ماء الإحتلام، فظن الرواة أن الماء الأصفر هو تفسير ماء الإحتلام، والله تعالى أعلى وأعلم.

٥. تعدد روايات حديث الاحتلام، وكثرة طرقه الصحيحة تستوجب الجمع بينها لفهم المراد الصحيح للنبي، وعند الجمع سيتبين لنا أن المجلس الذي تم فيه حديث إحتلام المرأة، كان فيه سؤلان كما في رواية مسند أحمد، ورواية ابن القطان، وليس سؤالاً واحداً كما في رواية البخاري ومسلم، وهو (هل تحتلم المرأة)، فكان جواب النبي نعم، ثم ذكر مسألة الشبه، فظن شُراح الحديث أن ماء الإحتلام هو ماء الشبه وخلق الجنين.
ولكن عندما نعود لباقي الروايات الصحيحة مثل رواية أحمد، ورواية ابن القطان، سنجد سؤال آخر بعد سؤال هل تحتلم المرأة، وفيه تقول أُمُّ سَلَمَةَ للرسول في رواية أحمد [وَهَلْ لِلْمَرْأَةِ مَاءٌ؟، فَقَالَ النَّبِيُّ فَأَنَّى يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا هُنَّ شَقَائِقُ الرِّجَالِ]، وفى رواية ابن القطان قالت أم سلمة: [وَهل للنِّساءِ من ماءٍ؟! قال: نعم .. إنَّما هنَّ شقائقُ الرِّجالِ].
واضح تماماً أنه حدث تحول كبير في دفة الحوار، فبعد أن انتهى الكلام عن ماء الإحتلام ووجوب الغسل إذا رأت المرأة الماء، صار الكلام بعد ذلك مُتعلقاً بسؤال جديد تستنكر فيه أم سلمة أن يكون للنساء ماء، مع ملاحظة أن ماء في الحديث نكرة، والنكرة تفيد العموم، فجاءت إجابة النبي متوافقة مع السؤال، فأثبت أن المرأة مثل الرجل لها ماء منه الخلق والشبه، وكأنه أراد أن يقول "كيف لا يكون للمرأة ماء وقد يشبه الولد أمه فبأى شىء يشببها إذا لم يكن لها ماء .. ؟!. وعليه فينبغي عند فهم رواية البخاري ومسلم الأخذ بتلك الزيادة الصحيحة عند أحمد وابن القطان، لما لها من أثر قوي في فهم مراد النبي، بل وهذه الزيادة موافقة للقرآن في نفي ارتباط هلق الجنين بماء شهوة المرأة والله تعالى أعلى وأعلم.

اللهم ما كان من خطأ او سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان، وما كان من توفيق فمنك وحدك. ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم وتب علينا انك انت التواب الرحيم.

د. محمود عبدالله نجا
كلية طب - جامعة المنصورة- مصر

■ المراجع


1. Vaginal Discharge

2. Follicular fluid is a complex extracellular fluid, semi-viscous and yellow in colour

3. Follicular fluid markers of oocyte developmental potential

4. Out of the ovary (yellow color of the human egg)

5. Ovulation and conception

6. Novel method for intrafollicular pressure measurements in the rat ovary: increased intrafollicular pressure after hCG stimulation
 
عودة
أعلى