بسم1
اطلعت ، على ماشارك به الاخوة ، جوابا على اسئلة الاخت / امل السويلم
وتواصل الاخذ والرد
الي أن قالت ( قال بلغته - تعنى فرعون - (أنا ربكم الأعلى ) يورد إشكالا عندي كيف نقول أن القرآن كلام الله ثم يكون فيه كلاما من كلام البشر.
وقفت طويلا اتمعن في قولها هذا ، ثم بدا لي انه سؤال يتعلق بمسألة عقديه وهو الايمان بالقضاء والقدر ولايمكن الاجابة على هذا السؤال ، اجابة شافية الا بفهم مسائل القضاء والقدر وعليه اهيب بجميع الاخوة والاخوات بالنظر في كتاب ابن القيم ( شفاء العليل ) .
بعض المسائل - مختصره من كتاب ابن القيم رحمه الله تعالى
المسألة الاولى:القرآن كلام الله سبحانه وكلامه صفة من صفاته وصفات الخالق وذاته لم تدخل في المخلوق فإن الخالق غير المخلوق فليس ههنا تخصيصا البتة بل الله سبحانه بذاته وصفاته الخالق وكل ما عداه مخلوق وذلك عموم لا تخصيص فيه بوجه إذ ليس إلا الخالق والمخلوق والله وحده الخالق وما سواه كله مخلوق
المسألة الثانية : اقوال وافعال العباد هي خلق الله سبحانه وتعالى ، قال البخاري: سمعت عبيد الله بن سعيد يقول سمعت يحيى بن سعيد يقول: "ما زلت أسمع أصحابنا يقولون أفعال العباد مخلوقة" قال البخاري: "حركاتهم وأصواتهم وأكسابهم وكتابتهم مخلوقة - قال البخاري: وحدثنا عمرو بن محمد حدثنا ابن عيينة عن عمرو عن طاووس عن ابن عمر: "كل شيء بقدر حتى وضعك يدك على خدك .
المسألة الثالثة :افعال العباد واقوالهم تضاف إليهم فعلا وكسبا لا ينفي إضافتها إليه سبحانه خلقا ومشيئة فهو سبحانه الذي شاءها وخلقها وهم الذين فعلوها وكسبوها حقيقة فلو لم تكن مضافة إلى مشيئته وقدرته وخلقه لاستحال وقوعها منهم إذ العباد أعجز وأضعف من أن يفعلوا ما لم يشأه الله ولم يقدر عليه ولا خلقه
المسألة الرابعة : التفرقة بين الارادة القدرية الكونية والاراده الشرعية الدينيه ، فارادته الخلقيه القدريه القهريه لايخرج منها احد ، فالله هو خالق كل شي ، يدخل فيها الاقوال فلايقولوا الا ماشاء ولايقع في ملكه الا ماشاء ، ويشترك في ذلك المؤمن والكافر ،فالانسان ولسانه ومنطقه هو لله ، فاذا احب الله عبدا وفقه لقول مايحبه واثابه عليه واذا ابغض الله عبدا انطقه بما يكرهه وعاقبه عليه .
المسالة الخامسة: والقدر عند اهل السنة هو قدرة الله تعالى وعلمه ومشيئته وخلقه فلا يتحرك ذرة فما فوقها إلا بمشيئته وعلمه وقدرته فهم المؤمنون بلا حول ولا قوة إلا بالله على الحقيقة إذا قالها غيرهم على المجاز إذ العالم علويه وسفليه وكل حي يفعل فعلا فإن فعله بقوة فيه على الفعل وهو في حول من ترك إلى فعل ومن فعل إلى ترك ومن فعل إلى فعل وذلك كله بالله تعالى لا بالعبد ويؤمنون بأن من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأنه هو الذي يجعل المسلم مسلما والكافر كافرا والمصلي مصلي.
المسالة السادسة : ويثبتون (أهل السنة ) مع ذلك قدرة العبد وإرادته واختياره وفعله حقيقة لا مجازا وهم متفقون على أن الفعل غير المفعول كما حكاه عنهم البغوي وغيره فحركاتهم واعتقاداتهم أفعال لهم حقيقة وهي مفعولة لله سبحانه مخلوقة له حقيقة والذي قام بالرب عز وجل علمه وقدرته ومشيئته وتكوينه والذي قام بهم هو فعلهم وكسبهم وحركاتهم وسكناتهم فهم المسلمون المصلون القائمون القاعدون حقيقة وهو سبحانه هو المقدر لهم على ذلك القادر عليه الذي شاءه منهم وخلقه لهم ومشيئته وفعله بعد مشيئته فما يشاؤن إلا أن يشاء الله وما يفعلون إلا أن يشاء الله .
المسالة السابعة : في تنزيه القضاء الإلهي عن الشر - قال الله تعالى: {قل اللهم قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فتناولت الآية ملكه وحده وتصرفه وعموم قدرته وتضمنت أن هذه التصرفات كلها بيده وأنها كلها خير فسلبه الملك عمن يشاء وإذلاله من يشاء خير وإن كان شرا بالنسبة إلى المسلوب الذليل فإن هذا التصرف دائر بين العدل والفضل والحكمة والمصلحة لا تخرج عن ذلك وهذا كله خير يحمد عليه الرب ويثنى عليه به كما يحمد ويثنى عليه بتنزيهه عن الشر وأنه ليس إليه كما ثبت في صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يثني على ربه بذلك في دعاء الاستفتاح في قوله: "لبيك وسعديك والخير في يديك والشر ليس إليك أنابك وإليك تباركت وتعاليت"
اذا تبين ذلك فالجواب لسوالك - ان بسم1شاء الله - يكون كتالي
قول فرعون - فيما اخبرنا المولى عزوعلا عنه ( انا ربكم الاعلى )
فهذا القول لفرعون فعلا وكسبا ، وليس خلقا ومشيئه ولابد هنا من التفرقه
وقول فرعون هذا ملك لله من جهة الخلق والمشيئه وينسب الي صفة من صفاته عزوعلا ، وهي ارادته الكونيه القدرية النافذه ابتداء ، فقد كتب الله مقادير كل شي قبل خلق السماء والارض بخمسين الف سنة ، فما قال وما فعل العبد هو ملك لله واخبار لنا عن ارادته الكونيه وخذلانه لفرعون بعدله ،فكل فعل وقول اخبرنا الله عنه سواء كان من مؤمن ام كافر فهو لله خلقه وشاءه ابتداء .فاكتسب هذا الحرمان والخذلان بعدله واكتسب ذاك الايمان والتوفيق بمحبته و رحمته.
مراجعة المسألة الثانية، الثالثة و الرابعة
فالقران كله كلام الله الخالق، الدائر بين ارادته الكونيه وارادته ومحبته الشرعيه ولاينسب لمخلوق منه شي .
والله اعلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته