محمد عمر الضرير
New member
- إنضم
- 23/07/2007
- المشاركات
- 522
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
لفت انتباهي موضوع الأخ الفاضل أبو فهر السلفي المدون على هذا الرابط (http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=10514) ولقد هممت بالمشاركة والإسهام، إلا أني توقفت وقد بدأت في تحرير الكلام ، وبدا لي أن أفرد الموضوع بحديث مستقل ، لكوني سأتناوله من ناحية تأصيلية، مبتدأ بقول القرآن فيه ، معرجا على ذكر كلام العرب الذين نزل القرآن بلسانهم ، وفي الحقيقة لا أختلف مع أبي فهر كثيرا وأشكره على موضوعه وكل من أفادنا بمشاركته فيه. والفضل للمتقدم كما قيل.
وبالنسبة لتخطيء الجصاص - رحمه الله- بقولكم : " فقول الجصاص وغيره إن لفظ اللسان وضع في أصل اللغة لذلك اللحم الذي في الفم وهو حقيقة في ذلك اللحم مجاز في غيره،وهو يدل على ذلك اللحم من غير قرينة ولايدل على الكلام الذي يُنطق به إلا بقرينة كل ذلك زعم باطل لا حجة لهم به ".
ففي ذلك نظر ؛ فالقسم الأول من كلامه صحيح لا بس فيه ولا يعارضه أحد، أما القسم الثاني فأعتقد - والله أعلم - أن مادعاه لذلك هو ما اشتهر من الاهتمام الكبير من جانب المعتزلة بالمجاز، وما يقابله من موقف يصل إلى حد الإنكار له من جانب أهل السنة - رحمهم الله جميعا- وقوله هذا لا أستطيع دفعه، وكذلك لا أقبله كلية دون تفصيل، والأمر يحتاج إلى تحقيق وتدقيق من أهل العلم ولست منهم؛ لكن ما أحسبه صحيحا أن كلا الأمرين صحيح : فاللسان هو الجارحة المعروفة ، وهو كذلك اللغة دونما الحاجة إلى تصنيف مجازيته من عدمه ( والأمر منظور للعلماء في الملتقى).
والذي يهمني في هذه المشاركة هو أن القرآن الكريم لم يستخدم لفظة " لغة" مطلقا ( واستخدم الجذر ( ل غ و ), إحدى عشرة مرة على ثلاث صور: فعل أمر في صيغة الجمع ( مرة واحدة) اسم فاعل بصيغة المؤنث( مرة واحدة ),( والمصدر, لغو) ( تسع مرات ) . وإنما استخدم في كثير من الآيات المصطلح "لغو"، الذي يشير بدلالته إلى ما لا فائدة فيه من الكلام أو الساقط منه، قال الراغب :" ويستعمل اللغو فيما لا يُعْتَدُّ به، ومنه اللغو في الأيمان. أي: ما لا عَقد عليه، وذلك ما يجري وصلا للكلام بضـرب من العادة. قال تعـالى {لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ}( البقرة : 225) ومنه أخذ الشاعر فقال:
ولستَ بمأخوذ بلغو تقوله * إذا لم تعمّد عاقدات العزائم ". ( مفردات الراغب مادة(لغو).
ومتى أراد القرآن التعبير عن اللغة العربية وغيرها يستخدِم مصطلح"اللسان" (وقد ورد في القرآن التنصيص على ذلك في أربعة عشر موضعا كالآتي: المائدة:78، إبراهيم:4، النحل:103، مريم:50 ، مريم:97، طه:27، الشعراء:13، الشعراء:84 ، الشعراء:195 ، القصص: 34، الدخان:58، الأحقاف:12، القيامة:16، البلد: 9 ). "فاللسان أصدق وأدق من اللغة في الإفصاح والبيان عن المكنون الذاتي للمتكلم " - كما يقول أستاذنا الدكتور فريد الأنصاري-( انظر مفهوم العالميةص75) ؛ فمثلا في قوله تعالـى { لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ }النحل103 يقول أبو حيان :" واللسان في كلام العرب اللغة" ( البحر المحيط : 519/5).
والمُلاحظ: أن العرب لم تستخدم لفظة " لغة " إلا بمعنى اللهجة في استخدامها المعاصر، فتقول: لغة طئ، وقريش، وقيس، وكنانة، وبكر، وتغلب، وربيعة، ومضر، وتميم، وغطفان ..الخ (انظر أمثلة (النوع السابع والثلاثون:فيما وقع فيه بغير لغة الحجاز) من الإتقان:/1 190- 193. ومن مجمل كل الأمثلة المتعددة لا تجد سوى نص واحد مخالف عن الحسن بقوله: اللهو بلسان اليمن المرأة، والنادر لا حكم له، بل ولعل من رواه عنه نقله بمعناه فَغَيَّرَهُ من غير - قصد، إذ من غير المعقول أن يجهل الحسن الفرق بين اللغة واللسان). وعندما تتحدث عن اللغة بمعناها الشامل والمحدد لجنس من الناس، فإنها تستخدم التعريف بـ" اللسان "، فتقول لسان عربي، وحبشي، وفارسي، ورومي، وسرياني، وعجمي عموما ( .مثلا / قولهم: غساق:البارد المنتن بلسان الترك؛ انظر الإتقان:197/1. أو المنسأة :العصا بلسان الحبشة؛ ومُزجاة:قليلة بلسان العجم، وقيل بلسان القبط. انظر الإتقان:199/1..الخ).
وهو ما راعاه القرآن في استخدامه ، ولعل في ذلك تأكيد على عربية القرآن، وأنه استخدم الألفاظ والمعاني بحسب الاستعمال العربي في الكلام والأساليب.
وعليه فنحن في حاجة إلى تعميم ذلك في استعمالنا لهذا المصطلح بصورة أكثر من مصطلح اللغة، كون مدلوله قاصرا عن المدلول القرآني في مصطلح (اللسان ).
لفت انتباهي موضوع الأخ الفاضل أبو فهر السلفي المدون على هذا الرابط (http://vb.tafsir.net/showthread.php?t=10514) ولقد هممت بالمشاركة والإسهام، إلا أني توقفت وقد بدأت في تحرير الكلام ، وبدا لي أن أفرد الموضوع بحديث مستقل ، لكوني سأتناوله من ناحية تأصيلية، مبتدأ بقول القرآن فيه ، معرجا على ذكر كلام العرب الذين نزل القرآن بلسانهم ، وفي الحقيقة لا أختلف مع أبي فهر كثيرا وأشكره على موضوعه وكل من أفادنا بمشاركته فيه. والفضل للمتقدم كما قيل.
وبالنسبة لتخطيء الجصاص - رحمه الله- بقولكم : " فقول الجصاص وغيره إن لفظ اللسان وضع في أصل اللغة لذلك اللحم الذي في الفم وهو حقيقة في ذلك اللحم مجاز في غيره،وهو يدل على ذلك اللحم من غير قرينة ولايدل على الكلام الذي يُنطق به إلا بقرينة كل ذلك زعم باطل لا حجة لهم به ".
ففي ذلك نظر ؛ فالقسم الأول من كلامه صحيح لا بس فيه ولا يعارضه أحد، أما القسم الثاني فأعتقد - والله أعلم - أن مادعاه لذلك هو ما اشتهر من الاهتمام الكبير من جانب المعتزلة بالمجاز، وما يقابله من موقف يصل إلى حد الإنكار له من جانب أهل السنة - رحمهم الله جميعا- وقوله هذا لا أستطيع دفعه، وكذلك لا أقبله كلية دون تفصيل، والأمر يحتاج إلى تحقيق وتدقيق من أهل العلم ولست منهم؛ لكن ما أحسبه صحيحا أن كلا الأمرين صحيح : فاللسان هو الجارحة المعروفة ، وهو كذلك اللغة دونما الحاجة إلى تصنيف مجازيته من عدمه ( والأمر منظور للعلماء في الملتقى).
والذي يهمني في هذه المشاركة هو أن القرآن الكريم لم يستخدم لفظة " لغة" مطلقا ( واستخدم الجذر ( ل غ و ), إحدى عشرة مرة على ثلاث صور: فعل أمر في صيغة الجمع ( مرة واحدة) اسم فاعل بصيغة المؤنث( مرة واحدة ),( والمصدر, لغو) ( تسع مرات ) . وإنما استخدم في كثير من الآيات المصطلح "لغو"، الذي يشير بدلالته إلى ما لا فائدة فيه من الكلام أو الساقط منه، قال الراغب :" ويستعمل اللغو فيما لا يُعْتَدُّ به، ومنه اللغو في الأيمان. أي: ما لا عَقد عليه، وذلك ما يجري وصلا للكلام بضـرب من العادة. قال تعـالى {لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ}( البقرة : 225) ومنه أخذ الشاعر فقال:
ولستَ بمأخوذ بلغو تقوله * إذا لم تعمّد عاقدات العزائم ". ( مفردات الراغب مادة(لغو).
ومتى أراد القرآن التعبير عن اللغة العربية وغيرها يستخدِم مصطلح"اللسان" (وقد ورد في القرآن التنصيص على ذلك في أربعة عشر موضعا كالآتي: المائدة:78، إبراهيم:4، النحل:103، مريم:50 ، مريم:97، طه:27، الشعراء:13، الشعراء:84 ، الشعراء:195 ، القصص: 34، الدخان:58، الأحقاف:12، القيامة:16، البلد: 9 ). "فاللسان أصدق وأدق من اللغة في الإفصاح والبيان عن المكنون الذاتي للمتكلم " - كما يقول أستاذنا الدكتور فريد الأنصاري-( انظر مفهوم العالميةص75) ؛ فمثلا في قوله تعالـى { لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ }النحل103 يقول أبو حيان :" واللسان في كلام العرب اللغة" ( البحر المحيط : 519/5).
والمُلاحظ: أن العرب لم تستخدم لفظة " لغة " إلا بمعنى اللهجة في استخدامها المعاصر، فتقول: لغة طئ، وقريش، وقيس، وكنانة، وبكر، وتغلب، وربيعة، ومضر، وتميم، وغطفان ..الخ (انظر أمثلة (النوع السابع والثلاثون:فيما وقع فيه بغير لغة الحجاز) من الإتقان:/1 190- 193. ومن مجمل كل الأمثلة المتعددة لا تجد سوى نص واحد مخالف عن الحسن بقوله: اللهو بلسان اليمن المرأة، والنادر لا حكم له، بل ولعل من رواه عنه نقله بمعناه فَغَيَّرَهُ من غير - قصد، إذ من غير المعقول أن يجهل الحسن الفرق بين اللغة واللسان). وعندما تتحدث عن اللغة بمعناها الشامل والمحدد لجنس من الناس، فإنها تستخدم التعريف بـ" اللسان "، فتقول لسان عربي، وحبشي، وفارسي، ورومي، وسرياني، وعجمي عموما ( .مثلا / قولهم: غساق:البارد المنتن بلسان الترك؛ انظر الإتقان:197/1. أو المنسأة :العصا بلسان الحبشة؛ ومُزجاة:قليلة بلسان العجم، وقيل بلسان القبط. انظر الإتقان:199/1..الخ).
وهو ما راعاه القرآن في استخدامه ، ولعل في ذلك تأكيد على عربية القرآن، وأنه استخدم الألفاظ والمعاني بحسب الاستعمال العربي في الكلام والأساليب.
وعليه فنحن في حاجة إلى تعميم ذلك في استعمالنا لهذا المصطلح بصورة أكثر من مصطلح اللغة، كون مدلوله قاصرا عن المدلول القرآني في مصطلح (اللسان ).