الفوائد المنتخبة من (السبل المرضيّة لطلبِ العلومِ الشرعيّة) لأبي فـهر السلفي.

إنضم
20 فبراير 2012
المشاركات
102
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
محافظة / اربد .. قرية/ بيت راس
السلام عليكم ورحمة اللهِ وبركاته.
هذا الكتابُ من تأليفِ الشيخ /
أبي فهر السلفي، ورفْعِ مَن رفعَ اللهُ درجتَه فساهَمَ في رفعِ الكتبِ(الأخ المساهم)، ومن تصويرِ من زرَعَ اللهُ في قلبه حبَّ العلماءِ وطلبة العلم(الأخ أبو زارع المدني)، نحسبُهم ولا نزكيهم.
وأحببتُ انتخاب هذا الكتاب؛ لما أعلم من شيخنا أبي فهر السلفي اهتمامًا وإحاطةً بجميع ما ألف في كل فنٍّ مستقل، ومن ذلك "
علم المنهجية " فظنِّي به أنُّه حوى جميع أو جل ما ألف في الباب، ثم بمعرفته الواقعية في تدريسه كما ذكر، أخرج هذا الكتاب.
وانتخابي هذا دعايةٌ لمن لم يقرأ الكتاب، فيقرأه، ولمن قرأ الكتاب، فيراجعه بهذا المنتخب، نسأل الله إصلاح السرائر، وأن يوفقنا إلى حسن النيِّة.


الفوائدُ المنتخبةُ من كتاب " السبل المرضية لطلب العلوم الشرعيّة " .
(1) الأسباب المعنية على طلب العلم (أ) توفيق الله تبارك وتعالى (ب) اتباع المنهجية الصحيحة في الطلب (ج) الهمة العالية (د) الظروف المحيطة بالطلب من التفرغ، وتوفر المشايخ، والقدرة المادية (هـ) الاستعداد الفطري وتوفر الملكة( ص6).

(2) أجمعَ المصلُحون أن غيابَ المنهجية، وفساد طرقِ التعليم هو العاملُ الأكبر في فساد حياتِنا العلمية في أيّام الناس هذه (ص 6).

(3) أغلبُ طلابِ العلم في هذه الأيامِ، ممن ابتلاهم اللهُ بالحيرة والتخبّط، فاليوم منهجٌ، وغدًا غيره، بالعشي كتاب، وبالصبح آخر، وهكذا تخبّط مستمرٌ.

(4) ما ليس فيها تنميةٌ، ولا تطوير للمادة، وليس فيها ترقٍّ، كالتوسِّع في شرح الكتاب الواحد، وحفظ متون يغني بعضها عن بعض، أو للفهمِ على الحفظ، أو للحفظِ على الفهمِ، وتخصص كاذبٍ قاصر، وتفنّن مدّعى مشتت لا جماع له، وتغيير الكتب ورصِّها، وتغيير للمنهجية، والقراءة مع كل زيارة للمكتبات، وكضياع الأوقات في مجالس الحوار ومناظرة في الواقع تأكل الوقت أكلا من رأس مال فقيرٍ ضعيف، تفنى به الهمة، إن لم يُكسبهُ تعالمًا وتنفخًا.

(5) منزلةُ هذا الكتاب من السلسلة الأم، منزلة المدخل المختصر لها (8ص).

(6) في الكتابِ خططٌ وهي (أ) جوابٌ عن الأسئلة الشائعة التي لم أرها مجابٌ عنها (ب) إثارةُ الذهنِ بتحريك بعض الأفكار في عملية تطوير وتصليح للتعليم الديني (ج) انتخاب بعض الأفكار المعينة على الترقي في الطلب (د) عرض لأشهر برامج التعليم وانتخاب أفضلها (هـ) سرد قوائم للقراءة والمطالعة في كل علم (ص8).

(7) مختارات من كتب " أدب الطلب " الأول: تذكرة السامع والمتكلم في أدبِ العالم والمتعلم، لابن جماعة الكناني، بتعليق محمد هشام الندوي، دار رمادي.
قال بعضُهم لابنه (( يا بني! لأن تتعلم بابًا من الأدب أحبّ إلي تتعلم سبعين بابًا من أبوابِ العلم)) (ص13).
قال يحيى بن معاذ ((لو كان الدّنيا تِبرًا يفنى، والآخرة خزفًا يبقى، لكان ينبغي للعاقل إيثار الخزف الباقي على التبرِ الفاني، فكيف والدنيا خزف فانٍ، والآخرة تبرٌ باقٍ؟!))
قال محمد بن الحكم (( سألتُ الشافعي عن المتعة، كان فيها طلاق، أو ميراث، أو نفقةٌ تجب، أو شهادة؟ فقال: والله ما دري! .. يقول المؤلف: واعلم أن قول المسؤول – لا أدري – لا يضع من قدره كما يظن بعض الجهلة، بل يرفعه؛ لأنه دليل عظيم على عظم محلة، وقوّة دينه، وتقوى ربه، وطهارة قلبه، وكمال معرفته، وحسن تثبته، وإنما يأنف من قول " لا أدري " مَن ضعُفت ديانته، وقلت معرفته، لأنه يخاف من سقوط أعين الحاضرين، وهذه جهالة ورقّة دين، وربما يشهر خطؤه بي الناس فيقع فيما يفرّ منه، ويصتف عندهم بما احترز عنه، وقد أدّب الله العلماءَ بقصة موسى مع الخضر عليهما السلام، حين لم يرد موسى عليه السلام العلم إلى الله تعالى لما سُئِل : هل أحدٌ في الأرضِ أعلمُ منك؟ )).
(( لو لم يكن للعالم إلا طالبٌ واحدٌ ينتفع الناس بعلمه وعلمه وهديه وإشارته، لكفاه ذلك الطالب عند الله تعالى فإنه لا يتصل شيء من علمه إلى أحد فينتفع به، إلا كان له نصيب من الأجر)).

(( اجتماع حديث " إذا مات ابنُ آدم انقطع عمله إلا من ثلاث .. " أما الصدقة: فإقراؤه إياه العلم، وانتفاعه به، وأما العلم المنتفع به فظاهر؛ لأنه كان سببًا لإيصال ذلك العلم إلى كل من انتفع به، وأما الدعاء الصالح له فالمعتاد المستقرأ على ألسنة أهل العلم والحديث قاطبةً من الدعاء لمشايخهم وأئمتهم، وبعضُ أهلِ العلم يدعون لكل من يذكر عنه شيءٌ من العلم، وربما يقرأ بعضهم الحديث بسنده، فيدعو لجميع رجال سنده، فسبحان من اختص من شاء بعاده بما شاء من جزيل عطاءه)) (ص17)-- أليس (عباده)؟


(( على الطالب أن يحذر في ابتداءِ أمرِه من الاشتغال في الاختلاف بين العلماء، أو بين الناس مطلقًا في العقليات والسمعيّات، فإنه يحيّر الذهن، ويدهش العقل، بل يتقن أولا كتابًا في فنّ واحد، أو كتبًا في فنون إن كان يحتمل ذلك، على طريقة واحدة يرتضيها له شيخه، فإن كانت طريقة شيخه نقل المذاهب والاختلاف، ولم يكن له رأي واحد .. قال أبو حامد الغزالي ((فليحذر منه فإن ضرره أكثر من نفعه)) ... أما إذا تحققت أهليته، وتأكدت معرفته، فالأولى أن لا يدع فنّا من العلوم الشرعية، إلا نظر فيه، فإن ساعده القدَر وطولُ العمر على التبحّر فيه فذاك، وإلا فقد استفاد منه ما يخرج به عدواة الجهل بذلك العلم))(ص19).


(( وليحذر من نظر نفسه بعين الجمال الاستغناء عن المشايخ، فإن ذلك عين الجهل وقلة المعرفة، وما يفوته أكثر مما يحصله، قال سعيد بن جبير: لا يزال الرجل عالمًا بما تعلم، فإذا ترك التعلم وظنّ أنه قد استغنى، أسوأ جهل ما يكون)).(20)

(( وكما لا ينبغي للطالب أن يستحي من السؤال، فكذلك لا يستحي من قوله " لم أفهم" إذا سأله الشيخ؛ لأن ذلك يفوت عليه مصلحته العاجلة والآجلة، أما العاجلة: فحفظ المسألة، ومعرفتها، واعتقاد الشيخ فيه الصدق والورع والرغبة، والآجلة: سلامته من الكذب والنفاق، واعتياده للتحقيق ))(ص20)

(( على الطالب أن يرغِّب بقيّة الطلبة في التحصيل، ويدلهم على مظانّه، ويصرف عنهم الهموم المشغلة، ويهوّن عليهم مؤنته، ويذاكرهم بما حصله من القواعد والفوائد والغرائب، وينصحهم بالدين، فبذلك يستنير قلبه، ويزكو علمه، ومن بخل عليهم، لم يثبت علمه، وإن ثبت لم يثمر، وقد جرّب ذلك جماعة من السلف، ولا يفخر عليهم، او يعجب بجودة ذهنه، بل يحمد الله تعالى على ذلك، ويستزيد منه بدوام شكره)) (ص20).


(8) الكتاب الثاني (( اقتضاءُ العلمِ العملُ )) للخطيب البغدادي، بتحقيق محمد ناصر الدين الألباني، مكتبة المعارف.
قيل: العلم والد، والعمل مولود، والعمل ثمرة، وليس يعدّ عالمًا من لم يكن بعلمه عاملًا (ص21).
قال يوسف بن الحسين: في الدنيا طغيانان، طغيان العلم، وطغيان المال، والذي ينجيك من طغيان العلم العبادة، والذي ينجيك من طغيان المال الزهد) (21)
قال أحمد: سبل العلم مثل سبل المال، إنّ المالَ إذا ازداد ازدادت زكاتُه(22).
(9)الكتابُ الثالث (( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع )) للخطيب البغدادي، بتحقيق محمود الطحان، مكتبة العارف في مجلدين.
قال سفيانُ بن عيينة: إن أنا عملت بما أعلم فأنا أعلم الناس، وإن لم أعمل بما أعلم فليس في الدنيا أحدٌ أجهل مني (22)
قال عاصمٌ بن عاصم البيهقي: بتّ ليلةً عند أحمدَ بن حنبل، فجاء بالمال فوضعه، فلما أصبح نظر إلى المال فإذا هو كما كان،فقال: سبحان الله! رجل يطلب العلم لا يكون له وردٌ من الليل. (ص22)
عن أبي عمرو بن حمدان قال : سمعت أبي يقول = كنت في مجلس أبي عبد الله المروزي، فحضرت صلاة الظهر، فأذّن أبو عبد الله، فخرجتُ من المسجد، فقال: يا أبا جعفر إلى أين؟ قلت: أتطهر للصلاة قال: كان ظني بك غير هذا، يدخل عليك وقت الصلاة وأنت على غير طهارة! (ص23)
عن نافعٍ قال: سألت ابنَ عمر رضي الله عنه عن قول النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم بارك لأمتي في بكورها " قال في طلب العلم، والصف الأول (ص23)
قال قتادةُ: من حدّث قبل حينه، فقد افتُضح في حينه.(ص23).
قال عبد الله بن المعتزّ: جهل الشاب معذور، وعلمُه محقور.(ص23)

المجلد الثاني = كان عبد الملك بن مروان يقول : اللحنُ في الرجلِ السريِّ كالجدري في الوجه.(ص24)

قال عوف ابنُ النعمان: لأن أموت عطشان أحب إلي من أن أخلف لموعد.(ص24)
عن هشام بن سالم: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد : القلوب ترب، والعلم غرسها، والمذاكرة ماؤها، فإذا انقطع عن التربِ ماؤها جفّ غُرسها.(26)

(10)الكتاب الرابع " تعظيم الفتيا " قرأه وعلّق عليه ووثق نصوصه وخرّج أحاديثه مشهور بن حسن آل سلمان، مكتبة التوحيد.
بلغني – القائل ابن الجوزي – عن بعض مشايخنا أنّه أفتى رجلًا من قريةٍ بينه وبينها أربعةُ فراسخ، فلما ذهب الرجل تفكر، فعلم أنّه أخطأ، فمشى إليه فأعلمه أنه أخطأه، فكان بعد ذلك إذا سئل عن مسألةٍ توقّف، وقال: ما فيّ قوة أمشي أربع فراسخ.(ص26)
عن مالك بن أنس قال: حدّثني ربيعة، قال قال لي ابنُ خلدة -وكان نِعْم القاضي- " يا ربيعة! أراك تفتي الناس، فإذا جاء جاء رجل يسألك فلا يكن همك أن تخرجه مما وقع فيه، وليكن همّك أن تتخلص مما سألك عنه.(ص27).

(11) الكتاب الخامس (( كتابُ العلم )) لأبي خيثمة زهير بن حرب النسائي، خرج أحاديثه وعلق عليه محمد ناصر الدين الألباني.
عن عون بن عبد الله قال : قلتُ لعمر بن عبد العزيز يقال: إن استطعتَ أن تكون عالمًا، فكن عالمًا، فإن لم تستطع فكن متعلّمًا، فإن لم تكن متعلّما فأحبهم، فإن لم تحبّهم فلا تبغضهم، فقال عمر: سبحان الله! لقد جعل الله عزوجل له مخرجًا!.(ص27).
عن ابن عباس قال : وجدتُ عامةَ علم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذا الحيّ من هذا الأنصار، إن كنت لأقيل عند بابِ أحدِهم، ولو شئت أن يؤذن لي لأذن، ولكن أبتغي بذلك طيبَ نفسه. (ص27).

 
همم لبلوغ القمم!

همم لبلوغ القمم!

(تحديدُ الهدف)
يقول فينس لومباردي { للعقولِ العظيمةِ هدفٌ، للعقولِ الأخرى أمنياتٌ فقط } (28)
(12) لا بدّ أن تحدِّدَ هدفك، هل أنت متعلم على سبيل النجاة تهدف لضبط فروض الأعيان؟ أم قاصد للغاية العظمى بأن تكون عالمًا من علماء الشريعة متخصصا أو متفنّنًا؟ وأنا أعلم أن كثيرًا من طلبةِ العلم في أول طريقهم لا يمكنهم تحديد الأهداف، تتنازعهم أهداف وأغراض وأمانٍ، فللتعامل معها :
(1) لا بدّ من إنهاء المرحلة الأولى من العلومِ الشرعية، حتى تتضح لك الأهداف!.
(2) المرحلة الثانية هو متحيّرٌ بين الترقي إلى درجة العلماء، أو الاكتفاء بدرجة وسطى، ثم الانطلاق في ميادين الدعوة والإصلاح.(ص29)
(3) المرحلة الثالثة وهي التي يريد أن يرتقي لكونه عالمًا، فيجب أن يحدّدَ هدفُه، ومثلها المرحلة الرابعة التي تقصد فيها الاطلاع بقصد التفنّن.(ص29)
(4) عند الاختيار يستحسن إشارة شيخ أو أستاذ أو والد عارف بمواهب الشخص وملكاته.
(5) يستحسن المصارحة التامة، بدون غشّ أو خداع، ولا يغالبه الطمع فيما لا تساعده عليه مواهبه، فهذا الطمع ليس طموحًا مشروعًا، بل هو داءٌ وبيلٌ يقود للتعالم أو الانقطاع.(ص29)
(6) حال أهل هذا الزمان أو المكان وثيق الصلة بالطالب وربما كان مؤثرًا في اختياره.(ص30)
(7) سيبقى من ثغور العلم ما هو دقيق لا بد من رعايته وحفظه للمسلمين، فلا تلتفت لمن يزهدك بحجة أن الناس بحجة إلى غيره، والأمة تقوم بالعلماء، والفقهاء، والوعاظ، والمحدثين، والتخصصات الصغيرة هي المكون الأهم للأمة العظيمة إذا تكاثرت وشملت مناحي الدين والدنيا، والأمة تحتاج لجميع مواهبها في جميع المجالات.(ص30)


تضييعُ الغايةِ العظمى من طلبِ العلم جنايةٌ عظيمةٌ.

(13) فالغاية هي: بلوغ مراضي الله ومحابه، بحيث يوصل إلى الجنة، والفرار من سخط الله ومعصيته وما يبغضه،وما يعقب ذلك من استحقاق النار.
ثم معرفة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابةُ والتابعون .. وأنت إذا تأملت الصدر الأول وجدت مناهجهم في طلب الحق منهاجا فطريا سويّا، وهو:
(1) السنن والآثار، لمعرفة الهدي النبوي والصحابة والتابعين
(2) العربية، ومعرفة أحكامها.
ذلك أن الباطل يدخل في أمرين :
الأول: قبول الكذب، فكان الأول له.
الثاني: الخطأ في تفسير الصدق، فكان فهم العربية له.(ص33).

(13) أئمةُ المعتزلة لم يشغلوا أنفسهم بمنهج التلقي والاستدلال، كما عليه الصدر الأول، وإنما شقّوا لأنفسهم منهجًا علميا، ورثوه عن الكتب الفلاسفة اليونانية.(34).
قال: ولتعلم أن الباطل لا يأتي خالصًا قطّ، بل لا بدّ أن يكون مشوبًا بشيء من الحق (35).

هجرُ جنابي الاجتهاد أو التقصير في رعايتهما .. العربية والحديث
(14) وأعني بالعربية : المستوى النحوي والصرفي، والدلالي الذي هو النظر في ألفاظ العربية، وما تدل عليها من المعاني عند المتكلمين بها، وأقرب المحاور الذي يُفهم به كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم هو المبحث الصرفي لا النحوي.
والفقه في العربية هو جناح المجتهد الذي لا ينبغي أن يضعف، إذ هو الاشتغال بلسان العرب قومِ النبي صلى الله عليه وسلم، وللتمكن من هذه الآلة طريقان:
الأول: إدامة النظر في المعاجم، مع التنبيه أن لا تخلط بين رأيِ صاحب " المعجم " أو روايته عن الأعراب والشعراء! فلا يتعامل مع قول صاحب المعجم على أنّه حجة على قول المخالف، بل يستدل له، وليسوا هم على درجة واحدة من الثقة والضبط، ولا ينبغي الخلط من قول صاحب " المعجم " من الألفاظ المولّدة التي لم توجد في اللسان العربي الأول.
الثاني: إدامة الاطلاع، والاستكثار من النظر في شعر عرب الجاهلية، ومن بعدهم إلى رأس المائة الهجرية.
أما الحديث فمرادنا = أصول نقد الروايات وتمحيصها، والبصر بالحكم على الأسانيد والمتون جميعًا، ومن صور الخلل:
(1) قلة الاحتفال بالتفريق بين مناهج أهل العلم في نقد المرويات، وأحسنهم حال من يفرق بين طبقة سماهم " المتقدمون " وطبقة " المتأخرون " لم يسلم مع كونه لم يبلغ غاية الإصابة.
(2) قلة الاحتفال بنقد السند، ورعايته في المنقولات غير المرفوعة، وقلة الاحتفال بنقد المتون، وعندي أنه لولا وقوفهم على من علّلَ هذا المتن قبلهم لما علّلوه.
(3) قلة الاحتفال بتحرير اللفظ المعين الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم من بين الألفاظ التي رواها الثقات، فيقعدون عن هذا ما دام ليس في الألفاظ لفظ شاذ، وليس بينهما تضاد في المعنى، وعندي أن الاشتغال بتحرير ذلك الباب العظيم من أبواب العلم والأمانة في نقل الدين.
(4) الجرأة في الحكم على الروايات قبل استيفاء جميع طرقها، وقبل النظر في كتب الفقهاء، فعندي أن النظر في كلام الفقهاء مما يعين في الحكم على الإسناد والمتن. (ص43)
(5) الظنّ أن كل رواية قالها النبي صلى الله عليه وسلم قد وصلتنا في زماننا هذا، وأن كل قول عالم قد وصلنا في زماننا هذا، وهذا يجر إلى خلل كبير في العلم وفهم كلام العلماء.(44).
سبحانه وتعالى قلة الاحتفال بالموقوفات والمقطوعات، والاستعانة بمضامينها في معرفة عرف التشريع، وما هو الأليق بالنبي صلى الله عليه وسلم فالوارد عن الصحابة والتابعين مهم في ضبط فهم السلف، وهيئة تلقيهم للوراد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قطع شيء من العجمة. (ص46).
 
أمتعت وأبدعت ..
زادك الله بالعلم سروراً ،، وبالعمل به فرحاً وحبوراً ..
وحبذا لو تنبهتم عند النقل -وفقكم الله- إلى ما قد يتصحف من الكلمات، ككلمة ( المال) وهي (الماء) ، من مقولة عاصم بن عاصم البيهقي، وغيرها ..
وجزاكم الله خير الجزاء
 
نفع الله بما سطرت أناملك أبا الهمام، وجعله في موازين حسناتك .
وجزى الله خيرا الشيخ الفاضل، والأخ الأكبر/ أبو فهر خير الجزاء .
 
وإياك أخي الكريم الفاضل.

(15) العزمُ
وضعَ الناسُ موضعَه "
الهمَّة " وهو من أشرف الأسباب المعنية على طلب العلم، وكان سبب معصية آدم (فنسيَ ولم نجد له عزمًا ) وأفضل الأنبياء هم (أولوا العزم) وعلى قدر العزيمة تأتي العزائمُ، ولولا المشقة ساد الناسُ كلهمُ!

فكن رجلًا رِجلُه في الثرى ** ** وهامُه همَّتُه في الثريّا

(16) أمثلةٌ لشحذِ الهمم!
من الأمثلة على تأثيرِ الكلمة الواحدة :
الأولى: كان البخاريُّ – رحمه الله – في حلقة إسحاقَ بن راهويه فقال: لو أنّ أحدكم يجمع كتابًا فيما صحّ من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم جملةً واحدةً.
الثانية: قال البرزالي لإمام الحفّاظ أبي عبد الله الذهبي (خطّك يشبه خطّ المحدّثين).
ومن الأمثلة في شحذِ الهمم :
(1) كان شيخ الإسلام إذا أعيتْهُ مسألةٌ لم يقرَّ له قرارٌ حتى يجدَ بغيتَه.
(2) عجيبٌ هذا أبو جعفر الطبري لو قسمت الأوراق على أيامِ حياتِه لأصبح ما يكتب كل يوم ستين صفحةً وأكثر! وأرادَ أن يكتبَ تاريخ الإسلام فأمرَ بإحضارِ ثلاثين ألف ورقةً، فقالوا: هذه مدة تنقطع دونها رقاب المطي!
فقال: الله أكبر! ماتت الهمم، أحضروا ثلاثة آلاف ورقة.
(3) النوويُّ – رحمه الله – مات وعمره خمسٌ وأربعون سنةً، وله عشرون مجلدًّ، أشهرها " المجموع " ولعله يعد عند الشافعية كالمغني عند الحنابلة، وله اثنا عشر درسًا كل يوم.
(4) قد وفّى ابنُ حجر العسقلاني – رحمه الله – دينَه على الأمة، حين ألف فتح الباري بشرح صحيح البخاري.
(5) كان يأتي الإمام المتقن الجليل ابنُ شهابٍ الزهري إلى الصبيان والعجائز وذوات الخدور والصغير والكبير، فيباحثهم ويسألهم حتى حوى علمًا عظيمًا.
(6) نسخ الأنماطي – محدِّث بغداد – كتاب الطبقات، لابن سعد، وتاريخ بغداد.
(7) طلبَ الحر بن عبد الرحمن إعراب القرآن خمسًا وأربعين سنة.
(8) الإمام إبراهيم الحربي ما فقدَهُ ثعلب في مجلس نحو ولا لغةٍ نحوًا من خمسينَ سنةً.
=قلتُ
(أبو الهمام) يا عجبًا! خمسينَ سنة ورجلان من كبار أهل العلم والفضل لا يفتآن يجلسان يطلبان العلم عند الأشياخ؟ لعمري لو أنّ رجلا في عصرنا جلسَ نصفَ نصف ما جلساهُ؛ لظنّ بذاك بلوغه العلم، وتأهيله للتدريس، ولكان آخرَ عهدٍ به في مجالس أهل العلم، إلا من رحم الله.
(9) أشْكِل على خلف بن هشام بابٌ في النحو، فأنفقَ ثمانية آلاف درهم حتى حذقَه.
(10) قرأ زيدٌ الكِندي القراءات العشر وعمره عشرُ سنين، علّق الذهبي: ما علمتُ هذا وقع لأحدٍ أصلًا!
وما أحسن ما رويَ عن الإمام مالك – رحمه الله – حين قال: العلم لا يأتي بالوراثة، ولا بالحسب، ولا بالنسب، ولكنه منحٌ إلهية، وعطايا ربّانيّة، يتفضل الله بها على من يشاءُ من عبادِه.
= فحذارِ حذارِ من احتقارِ الذات، وحذارِ حذارِ من دخول الضعفِ والخوَرِ إلى النفس، اللهَ اللهَ في الإخلاصِ، والتشمير عن ساعي الجد لاستغلال ما نستطيع من الثواني والدقائق في التحصيل، سواء سماعا أو قراءةً أو حضورًا.

(15) الشيخ!

من كان له شيخ قريب له متابع يكاد أن يكون اتكاله على الشيخ في ضبط المنهجية، والترقي، ولا نعني بالشيخ العالم المعلم أو المدرس إنما نعني بالشيخ المربي المتعامل مع الطالب على مستوى قريب منه، ويتواصل معه تواصلا علميا تربويًّا، وأشير إلى نقاط:
الأولى: آفة التصدر قبل التأهل قد تؤدي لأن يُبتلى الطالبُ بشيخٍ غير قوي، فلينسحب الطالب من وصايته بهدوء، حافظ له قدره، مبقيًا حبل الود موصولا خاصة إن كان الشيخ من أفاضل الناس خلقا وعبادة، ولا يلزم أن يكون من المشايخ الكبار المتفننين.
الثانية: أهم خصائص الشيخ المذكور = أن يكون مشاركًا في العلوم، ومتقنًا للعلم الذي يدرّسُه، ويكون من ذوي الخلق الحسن وأصحاب العبادة، وأن يكون له عناية بآليات التربية والتعليم، وتنمية الملكات الإبداعية لدى الطلبة، وأن يحسن التعامل مع الطلبة، ويتقن وسائل تزكية نفوسهم، سمح الصدر، لين الجانب، سهل المأخذ، حسن العبارة، كفّ اللسان.
الثالثة: لا مانع من تعداد المشايخ، كأن يكون لكل علم شيخ خاص.

(16) الاستقرارُ الماليُّ والتفرّغ للطلب!

يعد استقرار مصادر الدخل من أهم المعينات على الطلب، ويعدّ الفقر من المعوّقات، وهذه الورقة ستعالجها:
(1) الجيوبُ الفارغة لم تمنع أحدًا من إدراك النجاح، بل العقول الفارغة والقلوب الخاوية هي التي تفعل ذلك (نهرو).
(2) الفقر: هو فقر المال مع القلب والنفس من الاستعانة بالغني الحميد.
(3) كفالة طالب العلم من أهمّ حلولِ هذه المشكلة، وهي من أعظم أبواب الإنفاق في سبيلِ الله، وليست الحل الوحيد.
(4) المسألة بحاجة إلى ملكة الإدارة، فكثيرٌ من المتفرّغين يخونهم الفراغ والرخاء فتضيع أوقاتهم ولا يستفيدون شيئًا، وكثير ممن يعمل إلى جوار الطلب يكتسب روحًا مفعمة بالتحدي تدفعه للإنجاز.
(5) قليلٌ دائم خير من كثير منقطع، وأربع أو خمس ساعات لطالب العلم العامل مع اختيار العمل غير المجهِد والمداومة، وتكون أوقات البكور كافية.
(6) لا حاجة للفقير أن يستهلك ماله في شراء الكتب، بل يشتري الذي يذاكرها أو يحفظها، ولا غنى عن الإلكترونيات.
(7) ليس في تقديم الزواج أو تأخيره رأي قاطع، فمن كان يملك نفقات الزواج دون أن يضطر للعامل فيُعجل، ومن كان لا يملك فيؤخر حتى ينتهي من المرحلة الثانية من العلوم الشرعية، فلا يلبث أن يعود الطالب بعد مرورة فترة الزواج إلى العلم، والزواج خيرٌ كله.

(17) شمّاعة المعوّقات، التواني في طلب العلم بدعوى ضعف المقوّمات.
لأبي مالك العوضي .. ينظر هنا:
من روائع المقالات: ((شماعة المعوقات: التواني في طلب العلم بدعوى ضعف المقومات)) - ملتقى أهل الحديث

(18) من لزم بابًا من العلم وانقطع له فتح له
يقرأ للدكتور البليغ / (مـ)ـحمد أبي موسى
من لزم بابا من العلم وانقطع له فتح له.مقالة رائعة جدا فلا تفوتكم. - ملتقى أهل الحديث


وهذان المقالان انتخابُهما يُسقط هيبة أقلامهما.

سبحانه وتعالى
 
عودة
أعلى