الفلسفة والفلاسفة 1/3

إنضم
5 مايو 2003
المشاركات
70
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الموقع الالكتروني
www.toislam.net
مصطلح الفلسفة والفلاسفة مصطلح يرد كثيراً في كتب العقائد، وغيرها، وفيما يلي نبذة عن الفلسفة والفلاسفة، وذلك من خلال ما يلي: أولاً: مفهوم الفلسفة: 1- منشأ هذه الكلمة: (الفلسفة) كلمة معرَّبة عن اليونانية، فهي لفظ يوناني نشأ أول ما نشأ في بلاد اليونان[1]. 2- أصلها الوضعي، وسبب تسميتها بذلك: لفظ (الفلسفة) مركب من كلمتين يونانيتين هما: 1- (فيلو)، أو (فيلا) و معناهما: المحبة، أو الإيثار. 2- (سوفيس)، أو (سوفيا) ومعناهما: الحكمة فهذا هو أصل الكلمة وسبب تسميتها بذلك[2]. 3- تعريف الفلسفة الوضعي الأصلي: من خلال ما مضى يتبين لنا أن الفلسفة باعتبار الوضع الأصلي تعرف ب-: (محبة الحكمة، أو إيثار الحكمة). ويعرَّفُ الفيلسوف بأنه: محب الحكمة، أو المؤثر للحكمة[3]. 4- تطور دلالة كلمة (الفلسفة): مر مصطلح (الفلسفة) بعدة أطوار وعلى هذا فإن تعريف (الفلسفة) يختلف باختلاف الأطوار كما أنه يختلف باختلاف الفلاسفة الذين وضعوا لها حدوداً وتعريفات. 5- نماذج من تعريفات الفلسفة عند الفلاسفة: للفلسفة عند الفلاسفة تعريفات عديدة وقد تكون في مجملها متقاربة فمن تلك التعريفات ما يلي: 1- البحث عن الحقيقة. 2- حب المعرفة. 3- وعرفها الكندي بقوله: هي علم الأشياء بحقائقها بقدر طاقة الإنسان[4]. 4- وعرفها في موضع آخر بقوله: هي علم الحق الأول الذي هو علة كل حق[5]. 5- وعرفها الفارابي بقوله: إنها العلم بالموجودات بما هي موجودة [6]. 6- وعرفها - أيضاً - بقوله: علم بمقدار الطاقة الإنسية[7]. 7- وعرفها - كذلك - بالعلم الوحيد الجامع الذي يضع أمامنا صورة شاملة للكون[8]. 8- وعرفها -أيضاً- بقوله: هي العلم الذي يعطي الموجودات معقولية ببراهين عقلية[9]. 9- وعرفها ابن سينا بقوله: الحكمة: استكمال النفس الإنسانية بتصور الأمور والتصديق بالحقائق النظرية والعلمية على قدر الطاقة الإنسانية[10]. 6- تعريف الفلسفة عند الإطلاق، وفي الاصطلاح العام: كما مر من أن الفلسفة مرت بأطوار، ولعل آخر أطوارها هو ما استقر عليه أمر الفلسفة؛ حيث صارت تطلق على آراء محددة، ونظرات خاصة للكون، والوحي، والنبوات، والإلهيات، ونحو ذلك. وصارت تعنى بالعقل، وتقدمه على النقل، بل أصبح العقل عند الفلاسفة إلهاً ومصدراً للتلقي. وعلى هذا فإنه يمكن تعريف الفلسفة - عند الإطلاق - فيقال: (هي النظر العقلي المتحرر من كل قيد وسلطة تفرض عليه من الخارج، بحيث يكون العقل حاكماً على الوحي، والعرف، ونحو ذلك)[11]. ثانياً: نشأة الفلسفة ودخولها في ديار الإسلام: أولاً: نشأة الفلسفة: نشأت الفلسفة واشتهرت في بلاد اليونان، بل وأصبحت مقترنة بها على الرغم من وجود الفلسفات في الحضارات المصرية، والهندية، والفارسية القديمة. وما ذلك إلا لاهتمام فلاسفة اليونان بنقلها من تراث الشعوب الوثنية، وبقايا الديانات السماوية مستفيدين من صحف إبراهيم وموسى - عليهما السلام - بعد انتصار اليونانيين على العبرانيين بعد السبي البابلي[12]. وربما استفادوا من حكمة لقمان - عليه السلام - فجاءت فلسفتهم خليطاً بين نزعات شتى. وقد استوى ساق الفلسفة على يد أفلاطون ومن بعده أرسطو وغيرهما[13]. ثانياً: دخول الفلسفة في ديار الإسلام: دخلت الفلسفة ديار الإسلام في القرن الثالث الهجري، التاسع الميلادي وذلك في عهد الخليفة العباسي المأمون. ولقد سبق العرب فلاسفة الغرب بالاتصال بالفلسفة اليونانية؛ إذ إنها لم تصل إلى الغرب إلا في القرنين الميلاديين الثاني عشر والثالث عشر معتمدين على ما خلَّفه الفلاسفة المنتسبون إلى الإسلام الذين تخصصوا في دراستها أوفي نقلها من النص السرياني، أو اليوناني إلى اللسان العربي، ثم نقلت إلى لسان الغرب[14]. ثالثاً: أشهر الفلاسفة المنتسبين إلى الإسلام: 1- الكندي: وهو يوسف بن يعقوب بن إسحاق الكندي المتوفى سنة 260ه- ويطلق عليه فيلسوف العرب. 2- الفارابي: المتوفى سنة 339ه- ويطلق عليه المعلم الثاني بعد المعلم الأول وهو أرسطو وستأتي ترجمته عند الحديث عن معتقده. 3- ابن سينا: ويطلق عليه الشيخ الرئيس المتوفى سنة 428ه-، وستأتي ترجمته عند الحديث عن معتقده؛ فهؤلاء الثلاثة لم يربط بينهم تاريخ واحد في فترة زمنية محددة، وإنما ربط بينهم مدرستهم الفلسفية، واهتمامهم البالغ بفتح نافذة على تراث الشرق والإغريق. وهم على تتابعهم التاريخي حملوا مسؤولية الترجمة، والشرح، والتأليف في الفلسفة وطرح القضايا الجديدة على العقل الإسلامي[15]. رابعاً: غاية الفلسفة، وموضوعها، وأقسامها: 1- غاية الفلسفة: كانت غاية الفلسفة في بداية أمرها محبة الحكمة، ثم تصرف فيها بعض الفلاسفة؛ فصار الغاية منها الجدل لذات الجدل. ومن الفلاسفة - كالفارابي - من يرى أن الفلسفة على الحقيقة إنما معناها وثمرتها، والغرض المقصود من تعلُّمها ليس شيئاً غير إصلاح النفس.[16] 2- موضوع الفلسفة: تكاد موضوعات الفلسفة تنحصر بما يأتي: 1- العلوم الرياضية. 2- العلوم الطبيعية. 3- العلوم الإلهية. 4- العلوم المنطقية. 3- أقسام الفلاسفة: الفلاسفة منهم الطبيعيون أو الطبائعيون، ومنهم الإلهيون، ومنهم الدهريون، ومنهم الرياضيون. 4- أقسام الفلسفة: تختلف الفلسفة بحسب موضوعاتها ويمكن أن تقسم كما يلي: أ- الفلسفة الحسية: وهي تتحصل بالحواس وموضوعها عالم الطبيعة. ب - الفلسفة النظرية العقلية: وهي تتم بالاستدلال البرهاني، أو النظر الاستنباطي. وتسمى هذه الفلسفة أو المدرسة: الفلسفة المشائية.[17] 3- الفلسفة الإشراقية: وتسمى المشرقية، من الإشراق - أي إشراق النفس واستعدادها -. وهذه تنال بالحدس، والإلهام، وموضوعها العلوم الإلهية. ـــــــــــــــــ 1- 2- 3- انظر المدرسة الفلسفية في الإسلام بين المشائية و الإشراقيه. أ. د محمد إبراهيم الفيومي ضمن أبحاث ندوة (نحو فلسفة إسلامية معاصرة) ص75، والموسوعة الميسرة في الأديان أو الأحزاب والمذاهب المعاصرة 2/ 1108 - 1109. 4 - 5 انظر المدرسة الفلسفية في الإسلام ص124. [6 - 7 - 8 - 9] المرجع السابق ص126. [10] المرجع السابق 125. [11] انظر الموسوعة الميسرة 2/1109. [12] السبي البابلي: هي المأساة التي يتذكرها اليهود بحسرة ومرارة، وهي ما حصل لهم عام 603 قبل الميلاد، وقيل 605 على يد عدد من الملوك البابليين. وقد أُثير حول هذه المأساة جدل كبير، ونُسجت فيه خرافات وأساطير، ولا تزال الدراسات عنها إلى يومنا هذا. ولهذا صار العراق أحد مواطن الفجيعة والحزن لدى اليهود؛ فمنه انطلقت القوات التي قضت على دولة إسرائيل في العهد القديم عهد الملك الكلداني البابلي نبوخذ نصر، وانتهت حربه بواحدة من أكبر الفواجع في التاريخ اليهودي، وهي ما أطلق عليه مأساة (السبي البابلي). ففي عام 603 أو 605 قبل الميلاد تولى نبوخذ نصر العرش الكلداني البابلي في العراق، وفي عهده بلغت الدولة أوجها، وحالف الملك اليهودي يواقيم إلا أن العلاقات بينهما تدهورت عندما حاول يواقيم التخلص من الحلف مع جاره القوي؛ فجرد نبوخذ نصر حملة عسكرية حاصر فيها القدس، وفتحها، واقتاد الملك الجديد يهويا كين، وحاشيته، وأركان حكمه، وأشراف دولته إلى بابل عام 586 قبل الميلاد. وتشير بعض الروايات التاريخية إلى سبي بابلي لاحق بعد محاولة صدقيا ملك يهودا التمرد على الحكم الكلداني مما أدى إلى تجريد حملة بابلية أخرى انتهت عام 586 قبل الميلاد بحرق هيكل سليمان بن داود - عليه السلام - والقضاء على الدولة العبرية، وسبي حوالي 50 ألف يهودي إلى العراق هم أغلبية ما تبقى في القدس، وقد ساقهم الكلدانيون مكبلين بالحديد والأصفاد إلى أراضي العراق. وقد اختُلف كثيراً في هذا السبي - كما مر - واختُلف في مدة وقوعه؛ فقيل استمر 70 سنة، وقيل 140 سنة. وتحتفل الأدبيات اليهودية بالكثير من البكائيات، والذكريات المريرة عن هذه المحنة. ولهذا يشعر اليهود أن امتلاك العراق لأي قوة فائقة يمكن أن يهدد أمن إسرائيل، وربما يؤدي إلى تكرار محنة ( السبي البابلي ) من جديد. ولعل ما يؤكد ذلك ما قاله مناحيم بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي عام 1981م بعد الغارة على المفاعل النووي العراقي؛ حيث أعلن أنه لو لم يدمر المفاعل النووي العراقي لحدثت محرقة جديدة في تاريخ الشعب اليهودي. ولعل هذا يفسر سر الهجمة على العراق، ومحاولة تفكيكه، وإضعافه. [13] انظر المدرسة الفلسفية في الإسلام بين المشائية والإشراقية ص75-79، والموسوعة الميسرة 2/1109. [14] انظر المرجع السابق. [15] انظر المدرسة الفلسفية في الإسلام ص75-79. [16] انظر المدرسة الفلسفية في الإسلام ص 75، و141، و151-152. [17] سميت بالمشَّائية نسبة إلى رائدها أرسطو المقدوني الذي يعد أبرز تلامذة أفلاطون، وكان مولده سنة 384 قبل الميلاد، وتوفي سنة 322 قبل الميلاد عن 63 سنة، وسميت فلسفته بالمشائية لأنه كان يعلم أتباعه وتلاميذه، ويلقي عليهم الدروس وهو يمشي.
 
عودة
أعلى