الفصول والغايات ليس في محاذاة السوروالآيات

ابن الشجري

New member
إنضم
18/12/2003
المشاركات
101
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

[align=justify]إعلم هداني الله وإياك للحق من الجدل ، وجنبنا مزالق القول والعمل ، ووفقنا للقيام بالأمر الجلل ، وجنبنا موقف المعرة والندم ، ورزقنا حسن التأدب مع أزكى الكلم ، وعصمنا من هذر القول مع فشو القلم .

أني لست في هذه المقالة بصدد التعريف بأبي العلاء ،أو التصدي لترجمته أو الدفاع عنه فذاك من البلاء ، فالحديث معه وعنه حديث طويل الذيل كبيرالنيل ، ولاتلازم بين حبك لأدب أديب وما يعتقده أو ينتهجه في حياته ، فمن يكابرويزعم أن مثل رهين المحبسين ، ومصنف أخلاق الوزيرين ، وصاحب التبيين ذو العينين الجاحظتين ، ومن هو على شاكلتهم أو سار سيرتهم ، ممن امتار الناس في أمرهم ، وتباروا في حكمهم ، لم يكونوا من أفراد الدهر وأذكياء الزمان ، وكبار الكتاب وأساطين الأدب، حتى ملأو الدنيا وشغلوا الناس .

إن الحديث عن صاحب المعرة حديث ذو طعم خاص ، وحقا إنك لتصاب بالذهول من قوة حافظته ، وسعة علمه ، و حدة ذكائه ، وبليغ عبارته ، وكثرة مصنفاته ، حتى عد من أذكياء الدنيا ، وفرسان الشعر* والأدب .

لقد كتب عنه الكثير، وطبعت بعض كتبه ورسائله في فترة متأخرة ، وكان من بينها كتاب يتذرع به للطعن فيه وفي دينه ، واتهامه بالإلحاد والزندقة لأمور كان من أعظمها هذا الكتاب ، وما قيل حول سبب تصنيفه له ، وهو كتاب( الفصول والغايات) بزعمهم أنه صنعه في محاذاة السور والآيات ، وقد صدقت الأمر في أوله وقلت : والله لقد أتى عظيمة وبتك من القلائد نظيمة ، وذكروا في ترجمته أنه قيل له: أين هذا من القرآن ؟ فقال : لم تصقله المحاريب أربع مئة سنة ، فإن كان حقا ماقيل : فما يغني البكاء ولا العويل ، وإن قامت له هنا المعاذير فلن تغنيه يوم النذير، ومن الطريف مانقله ياقوت في ترجمة شيخه ابن الدهان ، أن خازن دار الكتب برباط المأمونية غسل كتاب الفصول وتبجح بصنيعه هذا بحضرته فخطأه ابن الدهان ، محتجا بأنه إن كان خيرا من القرآن ـ وحاش لله أن يكون ـ فلا يجب أن يفرط في مثله وإن كان دونه فتركه معجزة للقرآن .

مرت الأيام وأنا أفكر في هذا الكتاب الخطير ، الذي كان في عداد المفقود من كتبه ، وكان لا يمر بي شئ يتعلق بصاحب المعرة إلا تذكرت كتابه هذا ، ولكن لم أكلف نفسي عناء البحث أو السؤال عنه ، لما علق بذهني من فقدانه ، فقلت : حيل بين العير ونزوانه .

وشاء الله أن يقع بين يدي كتاب فيه تعريف بأبي العلاء (1)، للعلامة الكبير عبد العزيز الميمني الراجكوتي الهندي رحمه الله ، فأخذت الكتاب وتصفحته ، فإذا فيه تحقيق يليق بعلم الرجل رحمه الله ، وانتقلت سريعا للنظر في ما كتبه عن كتاب الفصول , فوجدت الإنصاف وحديث العقل وتجنب الفضول، فماكان رهين المحبسين بدرجة من الغباء تكفي أن يفكر في مثل هذا ألأمر، مع حفظه لكتاب الله وفهم معانيه، وتبحره في لغة العرب ومعرفة أساليبها، وعجز البلغاء الأقحاح أرباب الفصاحة واللسن من قبله وفي زمن التحدي ، عن أن يأتوا بسورة أو آية من مثله ، خاصة وأن النقول في ترجمته تتدامغ ، وأهل الفضل في زمنه على بابه تتدافع.

إزداد تشوفي للكتاب ، وخشيت من السؤال عنه وماسيعود به من العتاب ، وفي يوم من ألأيام وأثناء مطالعتي لأرفف بعض المكتبات ، وإذ بهذا العنوان يلوح أمام ناظري ( الفصول والغايات ) لأبي العلاء المعري صاحب اللزوميات ، فأخذت كل النسخ الموجودة ، وقلت : والله هذه ساعة محمودة ، لأنظر الكفر المزعوم ، وأغسل يدي من هذا الرجل المشؤم ، وأقبلت على الكتاب أنظر فيه وأتصفحه ،وأحضنه من كل أنحائه الأربعة ، وويح أمه من كان يحوي هذا العلم أجمعه، فما وجدت إلا وعظ وإرشاد ولغة وأدب وفقه وفلسفه ، كتاب أدب ولغة نعم ، لكن لا ككل الكتب المدونة، لاحتطاب ليل أو دردعة ، أوتشبع بالقول أو هذرمة ، فأين الثرى من الثريا ، وأين من يفرد ومن يأتي في الحمد ثنيا ، ثم أعدت الكرة ، وقلت لن تسلم الجرة ، لعلي أظفر بشئ من المحاذاة التي قد تكون أخف من المعارضة ، فرأيت فرقا بين الكلامين ، كما بين المخلوق وخالق القمرين ، تعالى الله العظيم وتعالت صفاته ، فتيقنت من أن هناك ثلة لم ينصفها الناس ، وعند الله تجتمع الخصوم. .

واستمع له بالله وهو يقول : ( علم ربنا ماعلم ، أني الفت الكلم ،آمل رضاه المسلم ، واتقي سخطه المؤلم ، فهب لي ما أبلغ به رضاك من الكلم والمعاني الغراب . غاية .
ما تصنع أيه الإنسان ، بالسنان ، إنك لمغتر بالغرار ، كفت المنية ثائرا ماأراد ، ليت قناتك بسيف عمان ، وحسامك ما ولج حديده النار ، وريش سهامك في أجنحة نسور الإيار، ليستيقظ جفنك في تقوى الله ويهجع نصلك في القراب . غاية .
مالك عن الصلاة وانيا ، قم إن كنت ممانيا ، فشم البارق يمانيا ، سار لتهامة مدانيا ، يجتذب عارضا سانيا ، سبح لربه عانيا ، وهطل بإذنه سبعا أو ثمانيا ، واقترب وهو لماع الأقراب . غاية .)أهـ (2)

[align=center]إن العرانين تلقاها محسدة *** ولاترى للئام الناس حساد[/align]

لقد كان الرجل موضع الرمية من أهل عصره ومصره ، رموه عن قوس واحدة ، وقالوا من جرف إلى هاوية ، ذاعوا بكثير من البهتان والزور ، وإن كانوا قد أقذعوا القول فما جانبوا الحق في بعض المزبور ، لقد اختط لحياته مسلكا مباينا لبني جنسه ، في أكله ونومه وعبادته وزهده وتقشفه ولبسه وفرشه ... فكان كالخطيطة في كل أمره ، وكان لابد أن يجد من ينتجع لرأيه ، ويحيد عن خطيطته التي ألزمها نفسه ، ويبقى بين قيعانه مبتهلا أن يلزمها إلى يوم رمسه .

[align=center]ومن دعا الناس إلى ذمه *** ذموه بالحق وبالباطل[/align]

فهذا كتاب الفصول ، وهذه غايته ، كتاب رتبه على حروف المعجم ، وقد طبع ماوجد منه من أثناء حرف الهمزة حتى منتهى حرف الخاء ، ملأه بالتالد والطريف من لغة وأدب ونحو وفلسفة وفقه وتاريخ ، فيه مواعظ وأذكار وآيات وأخبار...سلك فيه مسلكا غريبا بديعا لا أعلم له نظيرا ، ذلك أنه يملي الفقرة منه على طلابه ثم يختم ما أملاه بالغاية ، وهي عنده بمنزلة القافية من الشعر ، ثم يملي تفسيرا لما لعله خفي معناه عليهم مما أملاه من غاية ، فإذا انتهى من التفسير ، وأراد العودة إلى ما كان فيه من غاية ، قال : رجع ، فليس فيه معارضة للقرآن أو مناقضته أومجاراته من قبيل ولادبير.

ولعلي أجمل القول بتلخيص ماذكره الميمني رحمه الله في نقاط:
1ـ أن الموجود في ثبت مصنفاته إنما هو كتاب الفصول والغايات فقط.
2ـ هذه الزيادة إنما وردت عند بعض من ترجم له بصيغة التمريض والزعم .
3ـالذي يظهر أنها كانت من أعدائه وحساده الذين حاولوا تشويه صورته وإلصاق تهمة الزندقة به .
4ـ إن صحت هذ الزيادة فلا تفيد أكثر من المحاذاة لا المعارضة ، أي عمل شئ حذاء شي كماصنع الشريف كتابا في محاذاة الآثار النبوية !.

وأقول :هاهو الكتاب بين أيدينا ، أو الجز الموجود منه والذي يبلغ في المطبوع منه ما يناهز الخمس مئة صفحة ، ليس فيه مايوحي بما زعم عنه ، بل النقيض من ذلك ، من تسبيح الله وتمجيده , والثناء عليه ، بل ولاعتراف بإعجاز كتابه .

ولعل صاحب المعرة بنفسه يخبرنا عن موقفه من إعجاز القرآن قائلا : (وأجمع ملحد ومهتد ، وناكب عن المحجة ومقتد ، أن هذا الكتاب الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بهر بالإعجاز ، ولقي عدوه بالإرجاز ، ماحذي على مثال ، ولا أشبه غريب الأمثال ، ماهو من القصيد الموزون ، ولا الرجز من سهل وحزون ، ولاشاكل خطابة العرب ولا سجع الكهنة ذوي الأرب وجاء كالشمس اللائحة ، نور للمسرة والبائحة ، لوفهمه الضب الراكد لتصدع ، أو الوعول المعصمة لراق الفادرة والصدع ، ( وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتذكرون ) وإن ألآية منه أو بعض الأية ، لتعترض في أفصح كلم يقدر عليه المخلوقون ، فتكون فيه كالشهاب المتلألئ في جنح غسق ، والزهرة البادية في جدوب ذات نسق ) أهـ(3)

هذه مقالتي ياساده ، وأعوذ بالله من جعلها وساده ، كتبتها على عجل ، ظنا بأن الأمر جلل ، وإن نقصها التحبير ، فالعذر من سيد التحرير، أسوقها مختومة ، كالناقة المخطومة ، إلى الكريم البار، مساعد الطيار.[/align]


ـ الحواشي ــــ
1ـ كتاب أبو العلاء وماإليه ، كتاب قيم ، فيه إنصاف وتحقيق لكثير من المسائل المتعلقة بالمترجم له ، خاصة في مايتعلق بدينه ومعتقده ، وقد قرض من كبارعلماء عصره كالمحدث الكبير محمد شاكر رحمه الله ، والعلامة محمد الخضر حسين ، وكل كتب العلامة الميمني وتحقيقاته مضرب المثل رحم الله الجميع.
2ـ الفصول والغايات 62ـ63
3ـ رسالة الغفران تحقيق بنت الشاطئ 472ـ473

*وشعره في الذروة ، بل له منه مسكتات كقصيدته التي مطلعها:
[align=center]ياساهر البرق أيقظ راقد السمر * لعل بالجزع أعوانا على السهر[/align]
قصيدة طويلة بديعة ،أفردها الشيخ المتفنن أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري برسالة مستقلة مع تعليقه عليها ، وإن كان في شعره كذلك مايصعب الاعتذار معه ، فإلى الله مرجعنا ومرجعه .
 
جزاك الله كل خير

أخي الكريم إن كان فعلا ما كتبتــَـه عن أبي العلاء صحيح
فذب الله النارَ عن وجهك كما ذببتَ عن أخيك
ولستُ أدري هل من المناسب أن تذكر لنا مَنْ مِن العلماء منْ اتهمه بتلك التهمة ؟

عموما مقالك لوحده غاية في الإمتاع
وكدتُ أن أتجاوزَ خطأ وقع المعري فيه ، ولكن نظرا لأنه يتعلق بآية قرآنية فأحببت التنبيه إليها
وهي (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتذكرون )
فقد اختلطت عليه آيتين _وبالتأكيد قد سبقه القلم_
الآية الأولى :
( وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (ابراهيم: من الآية25)
الآية الثانية :
(... وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(الحشر: من الآية21)

وأختمُ بما بدأتُ به
فجزاك الله كل خير
 
شكراً لصاحب الموضوع. وقد أفاض الأستاذ محمد سليم الجندي - رحمه الله - في نفي هذه التهمة عن أبي العلاء المعري في كتابه القيم (الجامع في أخبار أبي العلاء المعري وآثاره) 2/779 فليراجع .
 
أحسنت يا ابن الشجري ، فتح الله عليك .
 
أحمد بن عبدالله بن سليمان التنوخي ، المعروف بأبي العلاء المعرِّي ، المولود سنة 363هـ ، والمتوفى سنة 449هـ . شاعرٌ عباسي كبيرٌ ، وعالمٌ لغويٌّ متبحرٌ ، وقد تعرض في حياته وبعدها إلى كثير من التُّهمِ والطعون والمضايقات ، ومبعث هذه التهم في الغالب ثلاثة أمور :
أولها : مسلك المعري في حياته ، ونسكه ، وزهده وترهبه ، فقد كان نحيف الجسم ، أصيب بالجدري صغيراً فعمي في السنة الرابعة من عمره ، وكان يحرم إيلام الحيوان وأكل لحمه ، ولم يأكل اللحم خَمساً وأربعين سنة، وكان يلبس خشن الثياب.

وثانيها : كتاب (الفصول والغايات) الذي أشار إليه أستاذنا ابن الشجري متعه الله بالعافية والعلم ، وهو كتاب أملاه المعري بأسلوبه المنمق المعروف في تمجيد الله وحمده ، فزعم خصومه أنه أراد به معارضة القرآن ، وقد نشرت بعض أقسام هذا الكتاب منذ سنين فقضى نشرها على هذه المزاعم الواهية.

وثالثها وهو الأهم ديوانه المشهور (لزوم ما لا يلزم) ، وما ورد فيه من أقوالٍ لا يخلو بعضها من جرأة وعنفٍ ونقدٍ قاسٍ لرجال الأديان وأصحاب المذاهب والطرق من كل ملة وطائفة ، كما لا يخلو بعضها الآخر من غموض يبعث على التساؤل والاستفسار ، وهذه الأقوال في كلتا الحالين في حاجة إلى توضيح يبين حقيقة المقصود منها.
وقد حاول أبو العلاء المعري راضياً حيناً ، وكارهاً أحياناً أن يدفع عن نفسه هذه التهم ، واضطر إلى أن يزج نفسه في مناظرات مع عدد من خصومه ، ومن أشهر هذه المناظرات تلك الرسائل التي تبادلها المعري في أواخر حياته مع داعي الدعاة الفاطمي ، وقد ذكر ياقوت الحموي جزء كبيراً من هذه الرسائل في معجم الأدباء (3/176-213) ، ونشرها كاملة بعد ذلك محب الدين الخطيب رحمه الله في المطبعة السلفية بالقاهرة عام 1349هـ، تحت عنوان (بين أبي العلاء وداعي الدعاة الفاطمي) ، وكل من قرأ هذه الرسائل المشهورة ، ووازن فيها بين لهجة داعي الدعاة الفاطمي حين يهاجم بعنفٍ ، ولهجة أبي العلاء المعري وهو يداري خصمه بلطفٍ ، أدرك مدى شقاء المعري بهذا الجدل العقيم ، وكان محور هذه الرسائل قصيدة المعري التي يذكر فيها مسلكه الانعزالي الذي ارتضاه لنفسه ، ومطلعها :
[align=center]غدوتَ مريضَ العَقلِ والدينِ فالقَنِي * لتسمعَ أنباءَ الأمورِ الصَّحائحِ[/align]
وفي ديوانه (لزوم ما لا يلزم) أبياتٌ أخرى في هذه القصيدة وغيرها ، كانت مثار جدلٍ كثير ، أتهم بسببها في عقيدته ودينه ، ويبدو لي أن المعري آثر التزام الصمت تجاه من طعن عليه في هذه الأبيات ، لولا أن بعض أصدقائه ومحبيه ألحوا عليه أن يدفع عن نفسه التهم . فأملى في الرد على الطاعن عليه في دينه كتاباً سَمَّاه (زَجْرُ النّابح) يرد فيه على الطاعن عليه في أبيات متفرقة من ديوانه (لزوم ما لا يلزم) ، وقد وضح المعري في كتابه هذا بعبارة صريحةٍ براءته مما اتهم به في دينه ومعتقده ، وأرى أن هذا الكتاب أبلغ في تبرئة المعري مما اتُّهِم به ، ولا أظنُّ هذا الكتاب يخفى خبره عن الأستاذ الكريم ابن الشجري رعاه الله فلعله يبسط لنا خَبَرهُ ، وقد نشرَ مقتطفات مهمةٍ منه في مجمع اللغة العربية بدمشق الدكتورُ أمجد الطرابلسي عام 1385هـ.

ـ الحواشي ــ
* انظر ما كتبه الأخ العزيز نايف الزهراني حول الموضوع أيضاً تحت عنوان تبرئة أبي العلاء من معارضة القرآن ففيه فوائد أخرى .
 
أفضل ما قيل في ابو العلاء ما وجدته في كتاب" بغية الطلب في تاريخ حلب " لكمال الدِّين بن العديم والذي ذكر فيه ""وقد أفردت كتاباً جامعاً في ذكره، وشرحت فيه أحواله وتبينت وجه الصواب في أمره، وسمته بدفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري فمن أراد معرفة حقيقة حاله فلينظر في ذلك الكتاب فإن فيه غنية في بيان أمره، وتحقيق صحة اعتقاده، وعلو قدره إن شاء الله تعالى.""
اما دفع الظلم والتحري فلم أجده.
ووضعت مرفقا لحال ابي العلاء من بغية الطلب
 
كتاب ( الإنصاف والتحري في دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري) لكمال الدين عمر بن أحمد ابن العديم المتوفى سنة 660هـ طبع ، ونشر ضمن كتاب (تعريف القدماء بأبي العلاء 1/483-878) قال فيه في مقدمته وهو يذكر طعن الطاعنين على المعري وتصنيفه كتاب زجر النابح للرد عليهم :
(وقد وضع أبو العلاء كتاباً وسمه بزجر النابح ، أبطل فيه طعن المزري عليه والقادح ، وبين فيه عذره الصحيح ، وإيمانه الصريح ، ووجهَ كلامه الفصيح. ثم أتبع ذلك بكتاب وسمه بنجر الزجر ، بين مواضع طعنوا بها عليه بيانَ الفجر. فلم يمنعهم زجره ، ولا اتضح لهم عذره ، بل تحقق عندهم كفره ، وتجرأوا على ذلك وداموا ، وعنفوا من انتصروا له ولاموا ، وقعدوا في أمره وقاموا ، فلم يرعوا له حرمة ، ولا أكرموا علمه ، ولا راقبوا إلا ولا ذمة ، حتى حكوا كفره بالأسانيد ، وشددوا في ذلك غاية التشديد ، وكَفَّره من جاء بعدهم بالتقليد). [الإنصاف والتحري 485]
 
السلام عليكم
وقول مثل الذهبي في الميزان ( له شعر يدل على الزندقة ) وقبل الذهبي قاله بمعناه السلفي وابن تيمية رحمهم الله وبعدهم ابن حجر .
لا اقول انهم معصومون من الغلط لكن اجتماع مثل هؤلاء على طعن احدهم فهل يندمل جرحه؟
وعن نفسي لا ارى غير الادب والعربية التي نحتاجها من شعره واما غير ذلك فالرجل اراحنا ولم يدخل في شئ من العلوم تصنيفا ولا تدريسا وان كان وصف بانه قد برع في عدد من العلوم
 
أخي الحبيب : الحكم على الشخص وعلى كلامه شيء والحكم عليه شيء آخر فكيف الحكم بما ينسب اليه .
ما ذكرته عن السلفي في الملف الذي ارفقته تجد معظم الدفاع عنه من طريق ابوا طاهر السلفي . اما ما ذكره ابن تيمية وابن القيم وابن حجر فهو حكم على الكلام المنسوب له لا على شخصه لان القاعدة بالحكم على المعين انه لا يجوز الا اذا ورد نص صريح لمعين او اذا تيقنا من حاله على الكفر . هذا الذي عليه ابن تيمية وابن القيم وابن حجر رحمهم الله .
والكلام على المعري هنا من باب الانصاف . والا فان بعض ما نسب اليه فيه الكفر والزندقة .
فاذا تكلم علم من الاعلام عن انسان فانه يتكلم عما ظهر له من حاله . والحكم دائما ليس لذات ابو العلاء الا تبعا لأقواله .
فكتابه ليس بمحاذات الايات والسور كما زعم عليه . ولو سؤل اي عالم عن انسان الف فيمعارضة القران لنسب الى الكفر . فما بالك بما ينسب الى ابو العلاء؟ ولكن اذا نظرنا بما قيل عنه وقعت الحيرة في امره اهو الذي قال بالتناقض في الشرع ام انه ينسب اليه ؟
 
وفائدة أخرى

وفائدة أخرى

كنت قد قرأت كتابا من تأليف يوسف البديعي عنوانه ( أوج التحري عن حيثية أبي العلاء المعري ) حققه العالم الجليل إبراهيم الكيلاني ، وطبعه في مطبعة الترقي بدمشق سنة 1944 م ضمن منشورات المعهد الافرنسي بدمشق ، وتكمن قيمة هذا الكتاب في أن مؤلفه أتى من كل كتاب أو رسالة أو ديوان لأبي العلاء - فجمع المنثور والمنظوم - بمقدارٍ يتبين منه القارئ الغرض المقصود من الكتاب ، وأسلوب المعري فيه ، ومكانته في هذا الفن ، وجعل الأمثلة من كل كتاب منفردة لأجل التمييز بين الكتب . وللكتاب قيمة أخرى ذلك أن البديعي أورد فيه نصوصا من ( الفصول والعايات ) لم ترد في المطبوعة وقد تزيدنا طمأنينة إلى سلامة معتقد المعري وتنفي عنه تهمة معارضة القرآن بكتاب الفصول ، ثم إن كتاب البديعي وصل إلينا مخروما في عدة مواضع فحرمنا من بعض فوائده فوق فائدة حفظ بعض النصوص المفقودة وقد كانت غنما بنشر هذه ( الحيثية ) .
 
أخي الكريم : اول شيء ثبوت الشعر او القول عليه فاليك ما نقله في لسان الميزان عن ابي العلاء من حال :
قال السلفي ومما يدل على صحة عقيدته ما سمعت الخطيب حامد بن بختيار النميري سمعت القاضي أبا المهذب عبد المنعم بن أحمد السروجي سمعت أخي أبا الفتح دخلت على أبي العلاء بالمعرة في وقت خلوة بغير علم منه فسمعته ينشد شيئاً ثم تأوه مرات وتلا آيات ثم صاح وبكى وطرح وجهه على الأرض ثم رفع رأسه ومسح وجهه وقال سبحان من تكلم بهذا في القدم فصبرت ساعة ثم سلمت عليه فرد وقال متى أتيت فقلت الساعة فقلت أرى في وجهك أثر غيظ فقال يا أبا الفتح تلوت شيئاً من كلام الخالق وأنشدت شيئاً من كلام المخلوق فلحقني ما ترى فتحققت صحة دينه وقوة يقينه وقال السلفي وسمعت أبا المكارم بأبهر وكان من إفراد الزمان ثقة مالكي المذهب قال لما توفي أبو العلاء اجتمع على قبره ثمانون شاعراً وختم في أسبوع واحد عند القبر مائتا ختمة قال السلفي سمعت أبا زكريا التبريزي يقول لما قرأت على أبي العلاء بالمعرة قوله:
يد بخمس ميء من عسجد فديت ... ما بالها قطعت في ربع دينار
تناقض ما لنا إلا السكوت له ... وأن نعوذ بمولانا من النار
سألته عن معناه فقال هذا مثل قول الفقهاء عبارة لا يعقل معناه وقال السلفي ان كان قال هذا الشعر معتقداً معناه فالنار مأواه وليس له في الإسلام نصيب هذا إلى ما يحكى عنه في كتاب الفصول والغايات وكأنه معارضة منه للسور والآيات فقيل له ليس هذا مثل القرآن فقال لم تصقله المحاريب أربعمائة سنة.
قال السلفي وفي الجملة كان من أهل الفضل الوافي والأدب الباهر والمعرفة بالنسب وأيام العرب قرأ القرآن بروايات وسمع الحديث بالشام على ثقات وله في التوحيد وإثبات النبوة وما يحض على الزهد شعر كثير والمشكل منه على زعمه له تفسير
روى عنه أبو القاسم التنوخي وهو من أقرانه والخطيب أبو زكريا التبريزي وغالب بن عيسى الأنصاري والخليل بن عبد الجبار القزويني وأبو ظاهر بن أبي الصقر وآخرون وقال ابن الجوزي حدث عن أبي زكريا التبريزي قال: قال لي المعري مرة ما الذي تعتقد قال فقلت اليوم يظهر ما يخفيه فقلت له ما أنا إلا شاك قال وهكذا شيخك وقال أبو يوسف عبد السلام القزويني اجتمعت به مرة فقال لي لم أهج أحداً قط قال فقلت له صدقت إلا الأنبياء فتغير وجهه
الثاني الحكم على كتاب هو انصاف لكتابة كاتب والكتاب المذكور يناقش ما فيه فان ثبت اي شيء مخالف نبه عليه والا فليس من العدل الكلام عليه بما ليس فيه , فقد طعن على ابي العلاء في هذا الكتاب انه وضعه ليعارض القران والواضح من الكتاب انه ليس كذلك , فالحكم على الكتاب هو غير الحكم على صاحبه . واغلب من قال عن هذا الكتاب قد علم كتابه كما قال ابن الجوزي عنه :
وقد رأيت لابي العلاء المعري كتابا سماه الفصول والغايات، في معارضة السور والآيات، على حروف المعجم في آخر كلماته وهو في غاية الركاكة والبرودة، فسبحان من أعمى بصره وبصيرته.
اي انهم كانوا يعلموا بان هذا الكتاب ليس مما يقارن بالقران وانما قيل انه الف ذلك ليعارض القران .ولكن هل كان القسم الثاني من العنوان مع الكتاب ام قاله ابن الجوزي على انه المشهور بذلك ؟

الأمر الثالث : ليس عندنا شيء يبين نهايته وكيف مات . فابوا حامد الغزالي له كلام في الاحياء لايقال . وقد مات على ما مات عليه من صحة الايمان , فايهم اولى ذ كر محاسن الشخص مع ذم ما ينسب اليه ان كان مشتهرا ام ذمه مطلقا ونحن لا نعلم نهاية حاله ؟ قال الشاعر عن المال :
وان عندي الخطا بالجود احسن من****اصابة حصلة بالمنع والبخل.
الرابع اغرب ما في الامر هو حاله التي ذكرها ابن كثير كما في البداية والنهاية :
ومن الناس من يعتذر عنه ويقول: إنه إنما كان يقول ذلك مجونا ولعبا، ويقول بلسانه ما ليس في قلبه، وقد كان باطنه مسلما.قال ابن عقيل لما بلغه: وما الذي ألجأه أن يقول في دار الاسلام ما يكفره به الناس ؟ قال: والمنافقون مع قلة عقلهم وعلمهم أجود سياسة منه، لانهم حافظوا على قبائحهم في الدنيا وستروها، وهذا أظهر الكفر الذي تسلط عليه به الناس وزندقوه، والله يعلم أن ظاهره كباطنه.
ومدار كلام ابن عقيل هو الذي جعل أغلب العلماء يعتبروه من الزنادقة .
اما الامر الآخر فقد ذكره الشيخ عبد الرحمن الشهري انه كان نباتيا وكانت طريقة الفلاسفة البراهمة انهم لا يأكلون الحيوانات . وقد سأله احد الناس مرة عن ذلك فقال :رأفة بهم .
 
اخي الكريم السلام عليكم
الموقع لم يوضع لمناقشة حال ابي العلاء والا لاخذت معك في النقاش حتى نفيم اوده
عموما مثل الذهبي لا يقول له شعر جزافا
راجع الميزان وليس لسان الميزان لتدقيق كلامه
واعتقد اني ان اخطات فمني ومن الشيطان والله يغفر للجميع وان اصبت فهو جهد الذهبي رحمه الله
وانت واخوانك جزاكم الله خيرا لحسن قصدكم
 
اخي الحبيب لم اضع لك فقط ما يدافع عن اببي العلاء, وانما ما يقال عنه لاحظ أخي ان المقال يتكلم عن كتاب الفصول والغايات . وقد تكلم الأخوة وصاحب الموضوع ان هذا الكتاب ليس فيه معرضة للقران . وقد بينت لك في أخر الكلام ان الذين قالوا انه الف لمعارضة القران انما عرفوا الكتاب حقا كما قال ابن الجوزي :
وقد رأيت لابي العلاء المعري كتابا سماه الفصول والغايات، في معارضة السور والآيات، على حروف المعجم في آخر كلماته وهو في غاية الركاكة والبرودة، فسبحان من أعمى بصره وبصيرته.
وكلام ابن عقيل:
وما الذي ألجأه أن يقول في دار الاسلام ما يكفره به الناس ؟ قال: والمنافقون مع قلة عقلهم وعلمهم أجود سياسة منه، لانهم حافظوا على قبائحهم في الدنيا وستروها، وهذا أظهر الكفر الذي تسلط عليه به الناس وزندقوه، والله يعلم أن ظاهره كباطنه.
انما نقلته كي لا تظن بالطريقة التي وضعت فيها ردك الأخير .
 
كلام الأخ الجنيدالله منصف ، وليس لنا من أبي العلاء إلا شعره ، بل بعض شعره ، حيث لا ينتقى له إلا بعض شعره ، وسقط الزند في رأيي يكفي من سائر شعره .
ومثله بقية الشعراء الذين طعن في عقائدهم كبشار وصالح بن عبدالقدوس وغيرهم ، لنا الشعر المنتقى الجيد ، وأما المعتقد فله مصادره المعروفة والله أعلم.
 
عودة
أعلى