بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
فقد قام أحد الإخوة الفضلاء ـ جزاه الله خيرا ـ بنقل هذه الفروق من موقع الشيخ ، ومقابلتها على طبعة آسام ، ووجد حين المقابلة شيئا من الاختلاف في بعض المواضع ، فأُثبِت ما في موقع الشيخ ؛ لأنها الطبعة المتأخرة التي قرئ بعضها على الشيخ ـ رحمه الله ـ وهي أولى بالإثبات .
تنبيه : قد تجد أحيانا عبارات بين معكوفين [ ] هذه ليست من كلام الشيخ ، وإنما أضيفت لتسهيل معرفة المقصود من الكلام .
وهذا الأخ الفاضل عمل هذا العمل الكبير ، وراسلني به عبر البريد ، آثر ألا يخبرني من هو ، فأسأل الله أن يجزيه خير الجزاء على ما بذل ، و أن يبارك في وقته وعمره وماله .
-------------------------------
الفروق في المجلد الأول :
1- ص17:
الفرق بين زاد المستقنع ودليل الطالب:
[الزاد] أجمع من كتاب الشيخ مرعي ـ رحمه الله ـ دليل الطلب ، ودليل الطالب أحسن من هذا ترتيبا ؛ لأنه يذكر الشروط والواجبات والمستحبات على وجه مفصل.
2- ( ص 21 )
الطَّهور ، بفتح الطَّاء على وزن فَعول ، وفَعول: اسم لما يُفعَلُ به الشيءُ ، فالطَّهورُ ـ بالفتح ـ : اسم لما يُتطهَّر به ، والسَّحور ـ بالفتح ـ : اسم للطَّعام الذي يُتسحَّرُ به .
وأما طُهور ، وسُحور بالضمِّ ، فهو الفعل .
3- ( ص 79 )
وبهذه المناسبة : إذا قيل : " يتوجَّه كذا " فهو من عبارات صاحب " الفروع " ، وإذا قيل : " يتَّجه كذا " فهو من عبارات مرعي صاحب " الغاية " ، وهو من المتأخرين جمع في " الغاية " بين " المنتهى " و " الإقناع " .
لكن بين توجيهات صاحب " الفروع " واتجاهات صاحب " الغاية " من حيث القوَّةُ والتَّعليل والدَّليل فرق عظيم .
فتوجيهات صاحب " الفروع " غالباً تكون مبنيَّة على القواعد والأصول ، أما اتجاهات صاحب " الغاية " فهي دون مستوى تلك .
4- ( ص 136 )
قوله : " ومن سُنن الوُضُوء " السُّنَنَ : جمع سُنَّّة ، وتُطلق على الطَّريقة ، وهي أقوال الرَّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وأفعاله وتقريراته ، ولا فرق في هذا بين الواجب والمستحبِّ ، فالواجب يُقال له : سُنَّة ، والمستحبُّ يُقال له : سُنَّة .
مثال الواجب : قول أنس من السُّنَّة : " إذا تزوَّجَ البكرَ على الثيِّب أقام عندها سبعاً " .
ومثال المستحبِّ : حديثُ ابن الزبير رضي الله عنه : " صَفُّ القدمين ، ووضْعُ اليد على اليد من السُّنَّة " .
وأمَّا عند الفقهاء والأصوليين ـ رحمهم الله تعالى ـ : فهي ما سوى الواجب ؛ أي : الذي أُمِرَ به لا على سبيل الإلزام .
5- ( ص 147 )
والفَرض في اللُّغة يدلُّ على معانٍ أصلها : الحَزُّ والقطع ، فالحزُّ قطعٌ بدون إبانة ، والقطعُ حزٌّ مع إبانة .
وفي الشرع عند أكثر العلماء : مرادفٌ للواجب ، أي بمعناه ، وهو ما أُمِرَ به على سبيل الإلزام أي بالفعل يعني : أَمَرَ اللهُ به ملزماً إيَّاناً بفعله .
حكمه : أن فاعله امتثالاً مُثابٌ ، وتاركَهُ مستحِقٌّ للعقاب .
وعند أبي حنيفة رحمه الله : الفرض ما كان ثابتاً بدليل قطعيِّ الثُّبوت والدَّلالة .
والواجبُ : ما ثبت بدليل ظَنِّيِّ الثُّبوت أو الدِّلالة .
ومثَّلوا لذلك : بقراءة شيء من القُرآن ؛ فإنه فُرضَ في الصَّلاة ، لقوله تعالى : { فاقرءوا ما تيسر من القرآن } ( المزمل : 20 ) .
وقراءة الفاتحة واجبٌ ولا يُسمَّى فرضاً ؛ لأن قراءتها من أخبار الآحاد ، وعند كثير من الأصوليين وغيرهم ، أن أخبار الآحاد لا تفيد إلا الظَّنَّ .
والمراد بفروض الوُضُوء هنا أركانُ الوُضُوء .
وبهذا نعرف أن العُلماءَ ـ رحمهم الله ـ قد ينوِّعون العبارات ، ويجعلون الفروضَ أركاناً والأركانَ فروضاً .
6- ( ص 150 )
الفرقُ بين المسح والغسل : أنَّ المسحَ لا يحتاج إلى جريان الماء ، بل يكفي أن يغمسَ يده في الماء ثم يمسح بها رأسَهُ مبلولة بالماء .
7- ص159: [الفرق بين العبادات كالصلاة والصيام وبين الحج في النية] :
وهل ينطِقُ بالنيَّة؟ على قولين للعلماء ، والصَّحيحُ أنَّه لا ينطق بها، وأن التعبُّد و بالنُّطق بها بدعة يُنهى عنها، ويدلُّ لذلك أن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْـهِ وسَلَّـمَ وأصــحابه لم يكونوا ينطقون بالنيَّة إطلاقاً، ولم يُحفَظ عنهم ذلك، ولو كان مشروعاً لبيَّنه اللهُ على لسان رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الحالي أو المقالي.
فالنُّطق بها بدعةٌ سواءٌ في الصَّلاة، أو الزَّكاة، أو الصَّوم.
أما الحجُّ فلم يرد عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أنه قال: نويت أن أحُجَّ، أو نويت النُّسك الفلاني، وإنما يلبِّي بالحجِّ فيُظهر النِّيَّة، ويكون العقد بالنيَّةِ سابقاً على التلبية.
لكن إذا احتاج الإنسانُ إلى اشتراط في نُسُكه، فإنه لا يشترط أن ينطِقَ بالنية، فيقول: إني أريد كذا، بل له أن يقول: اللهم إن حَبَسَنِي حابس فَمَحِلِّي حيث حبستني دون النُّطقِ بالنيَّة.
والمشهور من المذهب: أنه يُسَنُّ النُّطق بها سرًّا في الحجِّ وغيره، وهذا ضعيف لما سبق.
وأمَّا القول: بأنه يُسَنُّ النُّطُق بها جهراً؛ فهذا أضعف وأضعف، وفيه من التَّشويش على النَّاس ولا سيما في الصَّلاة مع الجماعة ما هو ظاهرٌ، وليس هناك حاجة إلى التلفُّظ بالنيَّة لأنَّ الله يعلم بها.
8- ( ص 192 )
والخُفُّ : ما يكون من الجلد .
والجوارب : ما يكون من غير الجلد كالخِرق وشبهها .
9- ( ص 204 )
وأما اشتراط كمال الطَّهارة في الجبيرة ، فضعيفٌ لوجوه :
الأول : أنه لا دليل على ذلك ، ولا يصحُّ قياسُها على الخُفَّين لوجود الفروق بينهما .
الثَّاني : أنها تأتي مفاجأةً ، ليست كالخُفِّ متى شئت لبسته .
وعدم الاشتراط هو اختيار شيخ الإسلام ، ورواية قويَّةٌ عن أحمد اختارها كثيرٌ من الأصحاب .
ويكون هذا من الفروق بين الجبيرة والخُفِّ .
ومن الفروق أيضاً بين الجبيرة وبقيَّة الممسوحات .
1 ـ أن الجبيرة لا تختصُّ بعضوٍ معيَّن ، والخُفُّ يختصُّ بالرِّجْلِ ، وكذا العِمَامة والخِمَار يختصَّانِ بالرَّأسِ .
وبهذا نعرف خطأَ من أفتى أن المرأةَ يجوز لها وضع " المناكير " لمدَّة يوم وليلة ؛ لأن المسح إنَّما ورد فيما يُلبس على الرَّأس والرِّجْلِ فقط ، ولهذا لما كان النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ في تبوك عليه جُبَّةٌ شاميَّةٌ وأراد أن يُخرِجَ ذراعيْه من أكمامه ليتوضَّأ، فلم يستطعْ لضيق أكمامِه فأخرجَ يده من تحت الجُبَّةِ ، وأَلقَى الجُبَّةَ على منكبيه ، حتى صبَّ عليه المغيرةُ رضي الله عنه ، ولو كان المسح جائزاً على غير القدم والرَّأس ، لمسح النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ في مثل هذه الحال على كُمَّيْهِ .
2 - أن المسحَ على الجبيرة جائزٌ في الحَدَثين ، وباقي الممسوحات لا يجوز إلا في الحدث الأصغر .
3 - أن المسح على الجبيرة غيرُ مؤقَّت ، وباقي الممسوحات مؤقّتةٌ وسبقَ الخلافُ في العِمَامة .
4 ـ أنَّ الجبيرةَ لا تُشترَطُ لها الطَّهارةُ ـ على القول الرَّاجح ـ وبقيَّةُ الممسوحات لا تُلبسُ إلا على طهارة ، على خلاف بين أهلِ العلمِ في اشتراطِ الطهارة بالنسبة للعِمَامة والخِمارِ .
10- ( ص 211 ) [الفرق بين التيمم والمسح على الخف في المذهب ]
والأصحاب ـ رحمهم الله ـ نَصُّوا على أن المسح على الخُفَّين رافع للحدث ،
ليس كالتيمم مبيح فقط .
11- ( ص 314 – 315 )
[التيمم] هل هو رافع للحدث ، أو مبيح لما تجب له الطهارة ؟
اختلف في ذلك :
ويترتَّب على هذا الخلاف :
(أ) إذا قلنا : إنه مُبيح إذا نَوى التَّيمُّم عن عِبادة لم يَستبِحْ به ما فوقها .
فإذا تيمَّم لنافلة لم يُصلِّ به فريضة ؛ لأن الفريضة أعلى ، وإذا تيمَّم لِمَسِّ المصحف لم يُصلِّ به نافلة ، إذ الوُضُوء للنَّافلة أعلى فهو مُجْمع على اشتراطه بخلاف الوُضُوء لِمَسِّ المصحف ، وهكذا
وإذا قلنا : إنه رافع فإذا تيمَّمَ لنافلة جازَ أن يُصلِّيَ به فريضة ، وإذا تيمَّم لمسِّ مصحف جاز أن يُصلِّيَ به نافلة .
(ب) إذا قلنا : إنه مُبيح ، فإذا خرج الوقت بَطلَ ؛ لأن المبيح يُقتصر فيه على قَدْرِ الضَّرورة فإذا تيمَّم للظُّهر ـ مثلاً ـ ولم يُحْدِث حتى دخل وقت العصر فعليه أن يُعيدَ التَّيمُّم .
وعلى القول : بأنه رافع ، لا يجب عليه إعادة التيمُّم ، ولا يَبْطُل بخروج الوقت .
(جـ) إذا قلنا : إنه مبِيح ، أُشترط أن ينوِيَ ما يتيمَّم له ، فلو نَوَى رفْع الحَدَث فقط لم يرتفع .
وعلى القول بأنه رافع لا يُشترَط ذلك ، فإذا تيمَّم لرَفْع الحَدَث فقط جاز ذلك .
12- ( ص 337 ) [الفرق بين الشرط والسبب والمانع ]
الشَّرط في اللُّغة : العلامة ، ومنه قوله تعالى : { فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها } ( محمد: 18 ) أي : علاماتها .
وفي اصطلاح الأصوليين : ما يَلزَمُ من عَدَمِه العَدَم ، ولا يَلْزَم من وجوده الوُجود .
مثاله: الوُضُوء شرط لصحَّة الصَّلاة ، يلزم مِن عَدَمِه عَدَمُ الصِّحة ، ولا يلزم من وجوده صحة الصَّلاة ؛ لأنه قد يتوضَّأ ولا يُصلِّي .
والسَّبب : ما يَلزَم من وجوده الوُجود ، ويَلزَم من عَدَمِه العَدَم .
فالفرق بينه وبين الشَّرط : أن السبب يَلزَم من وجوده الوُجود بخِلاف الشَّرط .
والمانع : ما يَلزَم من وُجوده العَدَم ، ولا يَلزَم من عَدَمِه الوُجود ، عكس الشَّرط .
13- ص338: [الفرق بين طهارة الماء وطهارة التيمم في النية ]
فلا بُدَّ أن ينويَ نِيَّتَيْن:
الأولى: نِيَّة ما يتيمَّم له، لنعرف ما يستبيحه بهذا التَّيمُّم، وتعليل ذلك: أن التَّيمُّم مبيح لا رافع على المذهب، ولا يُستباح الأعلى بنيَّة الأدنى، فلو نَوَى بِتَيَمُّمِهِ صلاة نافلة الفَجْر لم يُصَلِّ به الفريضة، ولو نوى الفريضة صلَّى به النافلة؛ لأنَّ النَّافلة أدنى والأدنى يُستباح بنيَّة الأعلى.
الثَّانية: نيَّة ما يتيمَّم عنه من الحَدَثِ الأصغر أو الأكبر.
وقول المؤلِّف ـ رحمه الله ـ: "أو غيره" يعني به: النَّجاسة التي على البَدَنِ خاصَّة.
مثال ذلك: إذا أحْدَث حَدَثاً أصغر، وأراد صلاة الظُّهر يُقال له:انْوِ التَّيمُّم عن الحَدَثِ الأصغر، وانْوِهِ لصلاة الظُّهر.
وأما بالنسبة لطهارة الماء، فلو نَوى الصَّلاة، ولم يطْرأ على باله الحدث ارتفع حَدَثُه، وكذا لو نوى َرفْع الحَدَث، ولم يطرأ على باله الصَّلاة ارتفع حَدَثُه وصلَّى به الفريضة.
14- ( ص 341 )
إذا تيمم لعدم الماء بطل بوجوده ، وإذ تيمم لمرض لم يبطل بوجود الماء ، لأنه يجوز أن يتيمم مع وجود الماء ، ولكن يبطل بالبرء لزوال المبيح ، وهو المرض .
15- ( ص 350 )
لكنَّ اتَّباع الظَّاهر في العقائد أَوْكَد ، لأنها أمُور غيبيَّة ، لا مجال للعَقْل فيها ؛ بخلاف الأحكام فإنَّ العَقْل يدخل فيها أحياناً ، لكن الأَصْل أنَّنا مكلَّفون بالظَّاهر .
16- ( ص 388 )
المنِيُّ : هو الذي يَخْرج من الإنسان بالشَّهْوة ، وهو ماء غليظ ، وَصَفَهُ الله تعالى بقوله : { ألم نخلقكم من ماء مهين } ( المرسلات : 20 ) أي : غليظ لا يسيل من غلظه ، بخلاف الماء الذي يَسيل ، فهو ماء ليس بِمَهين ، بل مُتَحرِّك وهذا الماء خُلِقَ مِنْه بنو آدم عليه السَّلام قال تعالى : { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ( 12 ) ثم جعلناه نطفة في قرار مكين } ( المؤمنون : 12، 13 ) .
17- ( ص 452 – 453 )
قوله : " غيرَ العِدَّة " يعني : أن النِّفاس يفارق الحيض في العدَّة .
فالحيضُ يُحْسَبُ من العِدَّة ، والنِّفاس لا يُحْسَبُ من العدَّة .
مثاله : إذا طلَّق امرأته ، فإنها تعتدُّ بثلاث حِيَضٍ ، وكلُّ حيضةٍ تحسبُ من العدَّةِ .
والنِّفاس لا يُحسب ؛ لأنه إذا طلَّقِها قبلَ الوضعِ انتهتِ العِدَّةُ بالوضع ، وإن طلَّقها بعده انتظرتْ ثلاث حيض ، فالنِّفاسُ لا دخلَ له في العِدَّة إطلاقاً .
قوله : " والبلوُغ " يعني : أنه يفارقَ الحيضَ في البلوغِ ، أي : أن الحيضَ من علامات البلوغ .
أي إذا حاضت بلغت ، أما الحْملُ فليس من علامات البلوغ ؛ لأنَّها إذا حملت ، فقد علمنا أنَّها أنزلت ، وحصل البلوغُ بالإنزال السَّابق على الحمل .
ويُستثنى أيضاً مدَّة الإيلاء ،وهو أن يحلف عن ترك وطء زوجته إما مُطْلَقاً ،أو مدَّة تزيد على أربعة أشهر . مثل أن يقول : والله لا أَطَأُ زوجتي . أو يقول : والله لا أطأ زوجتي حتى يخرج الدجَّال .
فهذا يُحسب عليه أربعةُ أشهر ، فإن رجعَ وجامع كَفَّر عن يمينه ، وإنْ أَبَى ، فإن تمَّت المدَّةُ يُقال له : ارجعْ عن يمينك ، أو طلِّقْ .
فإن قال : إن امرأته تحيضُ في كلِّ شهر عشرةَ أيام ، فيبقى من مدَّة الإيـلاء أربعـون يومـاً وطلـب إسقاطها مـن مــدَّة الإيـلاء يُقـال لــه : لا تُسقِطْ عنك أيَّامُ الحيض ، بل تُحسَبُ عليك .
أما بالنِّسبة للنِّفاس فلا تُحسب مدَّتُه على المولي .
مثاله : حلف ألا يجامع زوجتَه وهي في الشَّهر التَّاسع من الحمل ، فيُضربُ له أربعُة أشهر ، فإذا وضعتْ زوجتَه ومضى أربعةُ أشهرٍ من الأجل الذي ضربناه له ، قلنا : طلِّقْ ، أو جامعْ ، فإن قال : إنَّ زوجته جلستْ أربعين يوماً في النِّفاس ، وأريد إسقاطها عنِّي ، فهذه نسقطها عنه ونزيدُه أربعين يوماً ، وإن جلستْ ستِّين يوماً زدناه ستِّين يوماً .
فهذا فرق بين الحيض والنِّفاس ، ووجهُ الفرق كما قال أهلُ العلم : أن الحيضَ أمر ٌمعتاٌد ، وقد جعل اللهُ تعالى لهذا الزوج أربعةَ أشهرٍ وعشراً ؛ وهو سبحانه وتعالى يعلم أن غالب النساء يحضن في كلِّ شهر مرَّة . وأما النِّفاس فهو أمرٌ نادرٌ وهو حالٌ تقتضي أن لا يميلَ المولي إلى زوجه حال النِّفاس والدم ، والمسألة مع ذلك لا تخلو من خلاف .
ومن الفروق أيضاً : أنَّ المرأةَ المعتادة التي عادتُها في الحيض ستَّةُ أيَّام ؛ إذا طَهُرَتْ لأربعة أيام طهراً كاملاً يوماً وليلة ، ثم عاد إليها الدَّم ؛ فيما بقي من مدَّة العادة وهو يومٌ وليلةٌ ، فهو حيضٌ وفي النِّفاس إذا عاد في المدَّة يكون مشكوكاً فيه ، وهذا على المذهب .
ومن الفروق أيضاً : وهو خلاف المذهب ، أن الطَّلاق في الحيض حرامٌ ، وهل يقعُ ؟ فيه خلافٌ
وفي النِّفاس ـ على المذهب ـ حرام أيضاً كما قال المؤلِّفُ " وهو كالحيض فيما يحلُّ ويحرمُ ". لأن النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قال لعمر : " مُرْهُ فليطلِّقها طاهراً ، أو حاملاً " والنُّفساء غير طاهر .
والصحيح : - وهو المذهب - أنُّه ليس بحرام .
والدليل على ذلك : أن الطَّلاق في الحيض حُرِّمَ لكونه طلاقاً لغير العدَّة قال الله تعالى : { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } [ الطلاق : 1 ] فإذا طلَّق وهي حائضٌ فإن بقيَّة هذه الحيضة لا تحسب ، فلا بدَّ أن تأتيَ ثلاثُ حِيَضٍ جديدةِ ، فلا تدخل في العدَّة من حينِ الطَّلاقِ .
أما النِّفاس فلا دخل له في العِدَّة ، لأنه لا يُحسب منها ، فإذا طلقَّها فيه شرعت في العدَّة من حين الطَّلاق فيكون مطلِّقاً للعدة ، وإذا كان كذلك فإذا طلَّقها في النِّفاس أو بعده ، فهو على حدٍّ سواء ، لأنها ستشرع في العدة من حين الطلاق ، لأن عدتها متيقنة ، وهي الأقراء .
أما قولُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ " مُرْهُ فليطلِّقها طاهراً ، أو حاملاً " أي : طاهراً من الحيض بدليل ما جاء في الحديث : " أنه طـلَّق امرأته وهي حائضٌ " ولأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قرأ : { فطلقوهن لعدتهن } ( الطلاق : 1 ) وهذا الحكمُ يختصُّ بالطَّلاق في الحيض دون النِّفاس .
ومن الفروق : أنَّه يُكره وطءُ النُّفساء إذا طَهُرَتْ قبل الأربعين على المشهورِ من المذهبِ ، ولا يُكرهُ وطء الحائضِ ، إذا طَهُرَتْ قبلَ زمن العادة ِ.
ومن الفروق أنه لا حدَّ لأقل النِّفاس بخلاف الحيض .
فهذه سبعة ُفروقٍ بين الحيضِ والنِّفاس .