أبومجاهدالعبيدي1
New member
- إنضم
- 02/04/2003
- المشاركات
- 1,760
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 36
- الإقامة
- السعودية
- الموقع الالكتروني
- www.tafsir.org
عقد السهيلي في كتابه "الروض الأنف" فصلاً بيّن فيه الفرق بين السنة والعام ، فقال :
[align=center]فصل [/align]
وقال سنين ولم يقل أعواما ، والسنة والعام وإن اتسعت العرب فيهما ، واستعملت كل واحد منهما مكان الآخر اتساعا ، ولكن بينهما في حكم البلاغة والعلم بتنزيل الكلام فرقا ، فخذه أولا من الاشتقاق فإن السنة من سنا يسنو إذا دار حول البئر والدابة هي السانية فكذلك السنة دورة من دورات الشمس وفد تسمى السنة دارا ، ففي الخبر : إن بين آدم ونوح ألف دار أي ألف سنة هذا أصل الاسم ومن ثم قالوا : أكلتهم السنة فسموا شدة القحط سنة قال الله سبحانه ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين [ الأعراف 13 ]
ومن ثم قيل أسنت القوم إذا أقحطوا ، وكأن وزنه أفعتوا ، لا أفعلوا ، كذلك قال بعضهم وجعل سيبويه التاء بدلا من الواو فهي عنده أفعلوا ، لأن الجدوبة والخصب معتبر بالشتاء والصيف وحساب العجم إنما هو بالسنين الشمسية بها يؤرخون وأصحاب الكهف من أمة عجمية والنصارى يعرفون حديثهم ويؤرخون به فجاء اللفظ في القرآن بذكر السنين الموافقة لحسابهم وتمم الفائدة بقوله وازدادوا تسعا ليوافق حساب العرب ، فإن حسابهم بالشهور القمرية كالمحرم وصفر ونحوهما وانظر بعد هذا إلى قوله تزرعون سبع سنين دأبا [ يوسف 47 ] الآية ولم يقل أعواما ، نفيه شاهد لما تقدم غير أنه قال ثم يأتي من بعد ذلك عام ولم يقل سنة عدولا عن اللفظ المشترك فإن السنة قد يعبر بها عن الشدة والأزمة كما تقدم
فلو قال سنة لذهب الوهم إليها ; لأن العام أقل أياما من السنة وإنما دلت الرؤيا على سبع سنين شداد وإذا انقضى العدد فليس بعد الشدة إلا رخاء وليس في الرؤيا ما يدل على مدة ذلك الرخاء ولا يمكن أن يكون أقل من عام والزيادة على العام مشكوك فيها ، لا تقتضيها الرؤيا ، فحكم بالأقل وترك ما يقع فيه الشك من الزيادة على العام فهاتان فائدتان في اللفظ بالعام في هذا الموطن وأما قوله وبلغ أربعين سنة فإنما ذكر السنين وهي أطول من الأعوام لأنه مخبر عن اكتهال الإنسان وتمام قوته واستوائه فلفظ السنين أولى بهذا الموطن لأنها أكمل من الأعوام
وفائدة أخرى : أنه خبر عن السن والسن معتبر بالسنين لأن أصل السن في الحيوان لا يعتبر إلا بالسنة الشمسية لأن النتاج والحمل يكون بالربيع والصيف حتى قيل ربعي للبكير وصيفي للمؤخر قال الراجز
إن بني صبية صيفيون
أفلح من كان له ربعيون
فاستعمله في الآدميين فلما قيل في الفصيل ونحوه ابن سنة وابن سنتين قيل ذلك في الآدميين وإن كان أصله في الماشية لما قدمنا ،
وأما قوله وفصاله في عامين فلأنه قال سبحانه يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج [ البقرة 189 ] فالرضاع من الأحكام الشرعية وقد قصرنا فيها على الحساب بالأهلة وكذلك قوله يحلونه عاما ويحرمونه عاما ولم يقل سنة لأنه يعني شهر المحرم وربيع إلى آخر العام ولم يكونوا يحسبون بأيلول ولا بتشرين ولا بينير ، وهي الشهور الشمسية
وقوله سبحانه فأماته الله مائة عام إخبار منه لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته وحسابهم بالأعوام والأهلة كما وقت لهم سبحانه وقوله سبحانه في قصة نوح فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما [ العنكبوت 140 ] قيل إنما ذكر أولا السنين لأنه كان في شدائد مدته كلها إلا خمسين عاما منذ جاءه الفرج وأتاه الغوث ، ويجوز أن يكون الله - سبحانه - علم أن عمره كان ألفا ، إلا أن الخمسين منها ، كانت أعواما ، فيكون عمره ألف سنة تنقص منها ما بين السنين الشمسية والقمرية في الخمسين خاصة لأن خمسين عاما بحساب الأهلة أقل من خمسين سنة شمسية بنحو عام ونصف فإن كان الله سبحانه قد علم هذا من عمره فاللفظ موافق لهذا المعنى ، وإلا ففي القول الأول مقنع والله أعلم بما أراد فتأمل هذا ، فإن العلم بتنزيل الكلام ووضع الألفاظ في مواضعها اللائقة بها يفتح لك بابا من العلم بإعجاز القرآن وابن هذا الأصل تعرف المعنى في قوله تعالى : في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة [ المعارج 4 ] .
وقوله تعالى : وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون [ الحجر : 47 ] وأنه كلام ورد في معرض التكثير والتفخيم لطول ذلك اليوم والسنة أطول من العام كما تقدم فلفظها أليق بهذا المقام . ) انتهى كلام السهيلي
[align=center]فصل [/align]
وقال سنين ولم يقل أعواما ، والسنة والعام وإن اتسعت العرب فيهما ، واستعملت كل واحد منهما مكان الآخر اتساعا ، ولكن بينهما في حكم البلاغة والعلم بتنزيل الكلام فرقا ، فخذه أولا من الاشتقاق فإن السنة من سنا يسنو إذا دار حول البئر والدابة هي السانية فكذلك السنة دورة من دورات الشمس وفد تسمى السنة دارا ، ففي الخبر : إن بين آدم ونوح ألف دار أي ألف سنة هذا أصل الاسم ومن ثم قالوا : أكلتهم السنة فسموا شدة القحط سنة قال الله سبحانه ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين [ الأعراف 13 ]
ومن ثم قيل أسنت القوم إذا أقحطوا ، وكأن وزنه أفعتوا ، لا أفعلوا ، كذلك قال بعضهم وجعل سيبويه التاء بدلا من الواو فهي عنده أفعلوا ، لأن الجدوبة والخصب معتبر بالشتاء والصيف وحساب العجم إنما هو بالسنين الشمسية بها يؤرخون وأصحاب الكهف من أمة عجمية والنصارى يعرفون حديثهم ويؤرخون به فجاء اللفظ في القرآن بذكر السنين الموافقة لحسابهم وتمم الفائدة بقوله وازدادوا تسعا ليوافق حساب العرب ، فإن حسابهم بالشهور القمرية كالمحرم وصفر ونحوهما وانظر بعد هذا إلى قوله تزرعون سبع سنين دأبا [ يوسف 47 ] الآية ولم يقل أعواما ، نفيه شاهد لما تقدم غير أنه قال ثم يأتي من بعد ذلك عام ولم يقل سنة عدولا عن اللفظ المشترك فإن السنة قد يعبر بها عن الشدة والأزمة كما تقدم
فلو قال سنة لذهب الوهم إليها ; لأن العام أقل أياما من السنة وإنما دلت الرؤيا على سبع سنين شداد وإذا انقضى العدد فليس بعد الشدة إلا رخاء وليس في الرؤيا ما يدل على مدة ذلك الرخاء ولا يمكن أن يكون أقل من عام والزيادة على العام مشكوك فيها ، لا تقتضيها الرؤيا ، فحكم بالأقل وترك ما يقع فيه الشك من الزيادة على العام فهاتان فائدتان في اللفظ بالعام في هذا الموطن وأما قوله وبلغ أربعين سنة فإنما ذكر السنين وهي أطول من الأعوام لأنه مخبر عن اكتهال الإنسان وتمام قوته واستوائه فلفظ السنين أولى بهذا الموطن لأنها أكمل من الأعوام
وفائدة أخرى : أنه خبر عن السن والسن معتبر بالسنين لأن أصل السن في الحيوان لا يعتبر إلا بالسنة الشمسية لأن النتاج والحمل يكون بالربيع والصيف حتى قيل ربعي للبكير وصيفي للمؤخر قال الراجز
إن بني صبية صيفيون
أفلح من كان له ربعيون
فاستعمله في الآدميين فلما قيل في الفصيل ونحوه ابن سنة وابن سنتين قيل ذلك في الآدميين وإن كان أصله في الماشية لما قدمنا ،
وأما قوله وفصاله في عامين فلأنه قال سبحانه يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج [ البقرة 189 ] فالرضاع من الأحكام الشرعية وقد قصرنا فيها على الحساب بالأهلة وكذلك قوله يحلونه عاما ويحرمونه عاما ولم يقل سنة لأنه يعني شهر المحرم وربيع إلى آخر العام ولم يكونوا يحسبون بأيلول ولا بتشرين ولا بينير ، وهي الشهور الشمسية
وقوله سبحانه فأماته الله مائة عام إخبار منه لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته وحسابهم بالأعوام والأهلة كما وقت لهم سبحانه وقوله سبحانه في قصة نوح فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما [ العنكبوت 140 ] قيل إنما ذكر أولا السنين لأنه كان في شدائد مدته كلها إلا خمسين عاما منذ جاءه الفرج وأتاه الغوث ، ويجوز أن يكون الله - سبحانه - علم أن عمره كان ألفا ، إلا أن الخمسين منها ، كانت أعواما ، فيكون عمره ألف سنة تنقص منها ما بين السنين الشمسية والقمرية في الخمسين خاصة لأن خمسين عاما بحساب الأهلة أقل من خمسين سنة شمسية بنحو عام ونصف فإن كان الله سبحانه قد علم هذا من عمره فاللفظ موافق لهذا المعنى ، وإلا ففي القول الأول مقنع والله أعلم بما أراد فتأمل هذا ، فإن العلم بتنزيل الكلام ووضع الألفاظ في مواضعها اللائقة بها يفتح لك بابا من العلم بإعجاز القرآن وابن هذا الأصل تعرف المعنى في قوله تعالى : في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة [ المعارج 4 ] .
وقوله تعالى : وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون [ الحجر : 47 ] وأنه كلام ورد في معرض التكثير والتفخيم لطول ذلك اليوم والسنة أطول من العام كما تقدم فلفظها أليق بهذا المقام . ) انتهى كلام السهيلي