بسم1
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحسن الله إليك أخي عمر ووفقني وإياك لكل خير
أولاً : فقد وددت لو برهنت على ما تفضلت به فلم أتبين معنىً وجيهاً لما أوردت من تفصيل.
ثانياً : لا أعلم إن كان ما سأورده ينفي ما تفضلت به أو يعارضه ولكنه معنى مثبت أعتقد أن كثير من الباحثين والعلماء قد استنبطه كله أو بعضه بصورته هذه ، فأقول وبالله التوفيق:
الحول : هو الأشهر القمرية الاثني عشر مبتدئة بوقت الحدث وليس منذ أول اشهر السنة ، فالرضاعة يجب أن تتم حولين كاملين أي أربعة وعشرون شهراً تبدأ من حين ولادة المولود ولا يشترط ان تبدأ من محرم ، {
وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [البقرة:233]، وكذلك الزكاة فإذا حال الحول : أي دارت على تجمع النصاب اثني عشر شهراً فقد وجبت الزكاة ، فلا يشترط أن يكون البدء منذ أول أشهر السنة.
يقول تعالى :{
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [البقرة:240] فالوفاة تقع في أي وقت من أوقات السنة فإن مضى على وقوع الوفاة اثني عشر شهراً فقد تم الحول.
وهكذا تكون الرضاعة والزكاة وكل حدث يتكرر بعد مضي 12 شهر يقال حول ، والحول من التحول والدوران فيتحول الزمن ليعود لموضعه الزمني الذي بدأ منه.
العام : هي السنة المخصبة الوفيرة الرزق ، وترتبط بالفصول الأربعة فإذا كان ربيعها مثمر وأمطارها مغدقة هنيئة مستمرة سميت عاماً ، وهي كناية عن سهولة الرزق ووفرته ، وعندما أمات الله نبيه مائة عام (
فَأَمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ)أسميت فترة موته أعواماً لأنه كان يرزق فيها ولا يفرغ طاقة في ذلك لأن الله كان يرزقه ويغذيه بلا جهد منه ، وكذلك عندما نهى جل وعلا أن يقرب أهل الشرك المسجد الحرام بعد عامهم هذا {
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } [التوبة:28]، فكان العام آخر عهدهم بالمسجد وكان عهدهم بالمسجد عاما لما كانوا يتحصلون فيه من الرزق والتجارة والبيع والشراء ولما كان يتحقق لهم من الأمن وكل خير ببركة قربهم من البيت الحرام وببركة دعوة أبينا إبراهيم عليه السلام.
السنة : تعبير عام يطلق على عموم الفترة القمرية من محرم إلى نهاية ذي الحجة ، وتطلق على الفترة المجدبة التي يغلب فيها الأذى والنصب والفاقة على الخير والرزق والرخاء يقول تعالى : {
وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } [الأعراف:130] وعندما أراد الله أن يعصم عبده يوسف فدخل السجن حكى عن بقاءه في السجن فعبر عن تلك الفترة بالسنين يقول تعالى : {
وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ } [يوسف:42] ونعلم أن البقاء في السجن هو بقاء في القيد وفترة شضف ووهن وحزن فلم يعبر عنها إلا بما يتفق مع حقيقتها وحالها ، ولكن ليس ذلك في كل مواضع المفردة ، فقد وردت بدلالات أخرى ولكن الأصل أنها تطلق على عموم الفترة سواء كانت خيراً ورزقاً أو شراً وضيقاً بينما لا تطلق مفردة العام الا على أزمان الخير والوفرة ولا يطلق حول إلا على الفترة التي مبتدأها ومنتهاها لا يرتبط بأول أشهر السنة ولكن بوقوع حدث ومضي 12 شهراً على وقوعه.
الحجة : وهي الفترة الزمنية التي تبدأ من بداية موسم الحج وحتى بداية الموسم التالي حيث تكتمل 12 شهراً ، وكان أهل مدين يوقتون بالحجة لأنها فترة موسم التجارة لمرور قوافل الحجيج متجهة للبيت الحرام لذلك يقول تعالى : {
قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ } [القصص:27] ولما كان الأساس الذي بني عليه الاتفاق بين شعيب و موسى عليها السلام أساس اقتصادي كانت الاجارة مرتبطة بموسم الكسب عند أهل مدين حتى يتحقق النفع المرجو للشعيب عليه السلام ويتحقق الاحصان لابنته ولنبي الله موسى عليه السلام.
هذا والله أعلى وأعلم وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم