الفرق بين السبق العلمي والتفسير العلمي للقرآن الكريم

أحمد طاهري

Well-known member
إنضم
05/04/2021
المشاركات
347
مستوى التفاعل
53
النقاط
28
العمر
39
الإقامة
الجزائر
التمييز بين السبق العلمي والتفسير العلمي صار ضرورة ملحة اليوم خاصة مع تزايد المعارضين لمصطلح الإعجاز العلمي ، ذالك لأن توضيح الفرق يزيل الكثير من الإلتباس في المعنى المقصود من توافق العلم الحديث مع ما سبق إليه القرآن الكريم .
1 / السبق العلمي في القرآن الكريم :
هذا المصطلح يشير إلى الإعتقاد بأن نص الآية الكريمة يمنح إدراكاً أوسع للعالم الطبيعي بإعطاء معرفة جديدة واضحة وموصوفة بشكل لا يحتمل التأويل بمعنى مختلف ، وتكون الآية المشتملة على هذه المعرفة هي أول نص تاريخي يتطرق إليها ، مثال على ذالك :
قال الله تعالى في سورة النمل : ( وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ ۚ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88) )
هنا المعرفة المضمنة في الآية واضحة ولم تسبب أي إختلافات في التأويل وهي أيضاً سابقة لكل النصوص في هذا المجال .
2 / التفسير العلمي للقرآن الكريم :
هذا المصطلح يشير إلى أحد أوجه التأويل لآية معينة والتي توصل إليها العلماء في العصر الحديث بفضل تمكنهم من إستعمال أدوات قياس لم تتوفر لمن سبقهم من علماء التفسير ، فالتأويلات السابقة لم تعط تفسيراً مرجحاً لتلك الآية بسبب أن المفسرين لها إعتمدو فقط على خبراتهم في الحياة وإجتهادهم في الجانب اللغوي والنحوي ، مثال على ذالك :
قال الله تعالى في سورة الكهف ( حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَىٰ قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا (90) )
هنا التفاسير إختلفت في المعنى المقصود فمنهم من قال أن أرضهم لا جبل فيها ولا شجر فليس لهم ما يستظلون به ، والبعض قال أن ارضهم هشة لا تحتمل البناء ، ومنهم من قال أنهم قوم عراة لا يجيدون صنع ملبس لهم . وفي عصرنا هذا ظهر قول جديد حتى وإن لم يكن مشهوراً بعد وهو بمعنى الإشارة إلى وجود ثقب أوزون طبيعي فوقهم ، هذا التفسير حتى وإن بقي في بعض كتب الإعجاز العلمي ولم يتم إضافته إلى كتب التفسير فهو يحمل معنى جديد للآية في ضوء الإكتشافات العلمية الحديثة .
 
توقعت الكثير من التفاعل والتعليقات خاصة أنني رأيت الكثير من الذين يرفضون مصطلح الإعجاز العلمي ، لكن يبدو أنه لا أحد مهتم بالموضوع ؟؟؟
 
بالعكس اخي أحمد المسألة هامة للغاية وبرأيي أن مسألة علاقة القرآن بالعلوم الطبيعي ينبغي أن يؤصل له بصورة جذرية ، إذ أن استعمال مفردة العلم -مجردة هكذا- موهمة وغير دقيقة، فمفهوم العلم عند الاصوليين مختلف عنه عند علماء الطبيعة والفيزياء مثلاً، ومصطلح الاعجاز عموماً و الاعجاز العلمي على وجه الخصوص بحاجة لإعادة نظر لأنه مفهوم لا يتفق مع رسالة القرآن الكريم الذي لم ينزل لإعجاز الناس ولا لتعليمهم الفيزياء والكيمياء ولكن لحثهم على التدبر والملاحظة والنظر في الظواهر الكونية بعين مختلفة عن العادة.
فما اعتقده أن هذا الجانب لم ينل من طلبة العلم والعلماء القسط الكافي من البحث والتحرير.
والله تعالى أعلم
 
شكراً لك أخي عدنان على مرورك الكريم ، أنا أوافقك الرأي في مشكلة الإصطلاح المغلوط للإعجاز ، فكما أشرت في الموضوع فوق فالمشكلة هي عدم التفريق بين السبق العلمي والتفسير العلمي ، والمشكلة ليست فيما يقصد به العلم بل عدم إستعمال المعنى الصحيح للربط بين القرآن والعلم .
أعطيك مثالاً عن آية كريمة في سورة الغاشية ( وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20)) ، هنا إذا أخذت التفسير بمعنى السبق العلمي فستقع في مشكلة تعارض الإكتشافات العلمية الحديثة مع القرآن الكريم وتدخل في دوامة من النقاشات حول الأرض المسطحة والأرض الكروية وهذا جدال عقيم بسبب أن الخطأ وقع من البداية لأننا أخذناها بمعنى السبق العلمي ، و إذا قابلت أحد المفسرين الذين يؤمنون بأنها تعني أن الأرض ليست كروية فأنت تحتاج أن تسأله سؤالاً واحداً لتبين له المشكلة في فهمه للآية ، إذا سألته كيف سطحت ؟ سوف يقول لك لا أدري ويقول لك المهم أننا نعلم أنها مسطحة ، لكن هو بهذه الطريقة قد تجاهل السؤال الذي طرح في الآية نفسها أي كيف سطحت الأرض ؟
الإجابة الصحيحة سوف تحصل عليها إذا تعاملت مع الآية بصورة صحيحة أي عليك أن تعلم أن هذه الآية لا تحتوي على سبق علمي بل هي تحتاج إلى تفسير علمي ، والشخص الذي يستطيع الإجابة عن السؤال كيف سطحت الأرض هو من سيعطيك التفسير الصحيح للآية ، إذا من هو الذي يستطيع الإجابة عن هذا السؤال ؟ الإجابة سنجدها عند عالم الجيولوجيا فهذا هو إختصاصه ، إذا سألت عالم الجيولوجيا كيف سطحت الأرض فلن يقول لك لا أدري بل سيبدأ الحديث عن ظاهرة الحت والترسيب وأثرها في سطح الأرض وفي الآخير ستفهم أن المقصود هو تسطح الأرض على مستوى القارات وليس على المستوى الكلي وستجد نفسك فهمت الآية بشكل أفضل ، لهذا أرى أن التفريق بين السبق العلمي والتفسير العلمي شيئ مهم جداً وينبغي الإنتباه إليه .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله تعالى خيرا الاستاذ أحمد طاهري والاستاذ عدنان الغامدي ان ما ذكره الاستاذ أحمد
من تحليل عادل ونظرة متوسطة لتقييم موضوع الاعجاز هو ما نحتاجه في هذه الايام حيث ابتلينا بأصحاب أقلام ممن يتطرفون في نصرة الاعجاز أو آخرين ينفونه ولا يقبلون به !!!
ومن المسائل التي أحببت مناقشتها هي قول الاستاذ أحمد حول قوله تعالى(
وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20)) : ( هنا إذا أخذت التفسير بمعنى السبق العلمي فستقع في مشكلة تعارض الإكتشافات العلمية الحديثة مع القرآن الكريم وتدخل في دوامة من النقاشات حول الأرض المسطحة والأرض الكروية )
وأرى إن التفسير واضح إذا نظرنا إلى الآية السابقة وهي:

(أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17))
فربنا سبحانه يُشير إلى ما ننظر إليه ونحن نرى أن الأرض مسطحة وهي أن تكون مسطحة بمعنى ممهدة أنفع لنا لكي نشيد عليها ما ينفعنا أو أن نزرعها وننتفع بها ...ولكن هذا لا يعني أن الأرض مسطحة بأجمعها فلو كانت مسطحة لتساوى التوقيت في جميع الارض ولما اختلف الليل والنهار في أنحاءها هذا والله تعالى أعلم .
 
جزاك الله خيرا الأستاذ أحمد طاهري على ما تفضلت به.
وأحسب أنك من القليلين جدا في هذا الملتقى وربما خارجه الذين ينظرون بذكاء وزكاءٍ والله حسيبك إلى موضوع العلم الكونيّ في القرآن الكريم، والعمدة في هذا أن خالق الكون المنظور هو موصِّفه في كتابه المسطور، وأنّى لعاقل أن يجد أدقَّ وأكمل ما للعلم من فرائد ومجملاتٍ في غير قول خالق العالَمين.
موضوع السبق في نظري هو كذلك للقرآن؛ ولديَّ دلائل مجملة ثلاثة:

الأوَّل: أن القرآن كلام اللَّه أزليٌّ وهذه عقيدة المسلمين، فكيف يكون كلام المخلوقين بما نطقوا من كشوفهم أسبق في العلم من الله جل وعلا.

الثاني: إن قال قائل أننا لا نتكلمُ عن كتاب لم يتجلَّ للبشر إلا بعد بعثة النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ فهاهنا حجة أخرى ساقها القرآن في قوله سبحانه: {{وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ}} (الشعراء 196) والآية في سياق آياتٍ تتحدثُ عن تاريخ القرآن المجمل ومساره المكاني من أعلى نقطة إلى أن بلغ نبينا وأمته. فإن كان القرآن قد نُزّلَ بالكلية في زبر الأولين فالسبقُ له فرقانًا منثورا، وإن كانت سورة الشعراء وما فيها من قَصصٍ فلا بدَّ أن الله تكلّم بعلمٍ فيها ولا منافاة بين الكلامَين؛ واحتواء الآيةِ من قول ربنا ما يوصف بأنه علم كونيٌّ أمرٌ لازم والتسليم به واجبٌ سواءً في القرآن أو التوراة أو الإنجيل أو الزبور أو ما سواها من الكتب.
وأمثال آية زبر الأولين تلك آيتا: {{إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ 18 صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ}} (الأعلى 19). وآياتٌ أخرى وأحاديث كثيرةٌ في باب احتواء الكتب السماوية الأولى سورًا من القرآن وهيمنته عليها.

الثالث: العلم أصله من الله، والعلماء الأقدمون وحتى فلاسفة اليونان والإغريق نهلوا من النبوات، ولينظر كلامٌ لشيخ الإسلام ابن تيمية كيف أنهم ارتحلوا تباعا إلى الشام وجالسوا الأنبياء وأتباعهم، ومنهم عظيم الحكماء والفلاسفة الربانيين لقمان الحكيم عليه السلام.

هذا وقد شاركتُ لما رأيت منك من جدية وعلميّة وعقلانيّة في الطرح وإرادة بلوغ الحق في إشكال قديم حديثٍ أثار في هذا الملتقى وخارجه كثيرا من اللغط؛ ومنشؤه في الغالب أحكامٌ مسبقة وتبعية عمياءُ إلى غير المعصومين وعدم التجرّد للحق لفهم مراد كلام الله من جهة، ومن جهة أخرى خطط مبطنة من كائدين لكتاب الله بعد أن عجزوا عن تحريفه نصًّا، وإساءاتٌ من منتسبين إلى إعجاز القرآن هم عالةٌ وحملٌ ثقيلٌ أتوا العلم من أعلاه وما حصلوا آلته.

وقد بحثت في موضوع إعجاز القرآن في موضوع الكونيَّات؛ وانتهيت إلى نتائج مذهلة وددت أن أجد المعين في نقدها وتوجيهها من الإخوة المختصين، لكنْ أقولها بكل صراحة: قَلّ الكفء مريدُ الخير، مع ما نرى من أوضاع العالم الإسلامي السيئة الشاغلة منذ سنين.

وفي أمة النبي صلى الله عليه وسلم خير عظيمٌ إلى يوم القيامة، ولكل فترة فيها شرة كما أن لكل شرة فترة.
والله أعلم.
 
بالعكس اخي أحمد المسألة هامة للغاية وبرأيي أن مسألة علاقة القرآن بالعلوم الطبيعي ينبغي أن يؤصل له بصورة جذرية ، إذ أن استعمال مفردة العلم -مجردة هكذا- موهمة وغير دقيقة، فمفهوم العلم عند الاصوليين مختلف عنه عند علماء الطبيعة والفيزياء مثلاً، ومصطلح الاعجاز عموماً و الاعجاز العلمي على وجه الخصوص بحاجة لإعادة نظر لأنه مفهوم لا يتفق مع رسالة القرآن الكريم الذي لم ينزل لإعجاز الناس ولا لتعليمهم الفيزياء والكيمياء ولكن لحثهم على التدبر والملاحظة والنظر في الظواهر الكونية بعين مختلفة عن العادة.
فما اعتقده أن هذا الجانب لم ينل من طلبة العلم والعلماء القسط الكافي من البحث والتحرير.
والله تعالى أعلم

شكر الله لك أستاذ عدنان.
فعلا المسألة في غاية الأهمية.
القرآن نزل ليهدي الناس في دينهم وشريعتهم، في معادهم ومعاشهم، بما في ذلك الرياضيات والكيمياء والفيزياء والجيولوجيا وغيرها من العلوم الكونية {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} (النحل 16)، لكن أعلى مقامات الهداية هداية المعاد التي يصد عنها الناس، وأما الأخرى فكأنها لما كانت مأربًا للإنسان بالفطرة مسلمهم وكافرهم ومثار فضوله للاستكثار من الدنيا لم تكن عند النبي وصحابته ولا عند العلماء أول شاغل إلا أن تفضي إلى التفكّر في عظيم خلق الله، وهذا زمنها.
والاختلاف في نقطة استيعاب القرآن لعلوم الكون اختلاف في توصيف السؤال، هل مقصد القرآن الأسمى هو المعاد أم المعاش؟ وإجابته واضحة، إذ أن المعاش هو لأجل المعاد، فكذلك علومهما.
بينما لو سألنا: هل يحوي القرآن علوم المعاد والمعاش كليهما، لكان الجواب نعم؛ على الأقل أصولهما.
 
ونقطة مهمة لإدارة الملتقى: ليتكم تتفضلون مشكورين مأجورين بإذن الله بإصلاح إدماج كلمة "الصلاة والسلام على رسول الله" فإنها أكثر بركة من كثير كلامنا.
 
شكراً لك أخي محمد يزيد
بالنسبة للسبق العلمي فالمقصود منه هو سبق علماء المسلمين عن غيرهم وسبق القرآن الكريم عن غيره من الكتب وليس السبق بين علم الله وعلم خلقه فنحن نعلم أن علم الخلق مستمد من علم الخالق .
وبالنسبة إلى التفسير العلمي فالمعنى هو وجود أحد أوجه التأويل المتوافقة مع أحدث ما توصل إليه العلماء سواءاً كانو من المسلمين أم من غير المسلمين .
والهدف من التمييز بين المصطلحين في علاقة القرآن الكريم بالعلم هو كالتمييز بين المحكم والمتشابه في آيات القرآن الكريم .
والله أعلم
 
شكراً لك أخي محمد يزيد
بالنسبة للسبق العلمي فالمقصود منه هو سبق علماء المسلمين عن غيرهم وسبق القرآن الكريم عن غيره من الكتب وليس السبق بين علم الله وعلم خلقه فنحن نعلم أن علم الخلق مستمد من علم الخالق .
سبحان الله.
سنحوم قرونا أخرى حول نفس المشكلة المحلولة إذا استبقينا هذه النّفرة الذهنية غير المؤسّسة.
علم اللّه شيء والقرآن شيء آخر؟!!!!
 
أخي نحن نناقش الإصطلاح وليس المعنى العام ، ثم إن إثبات السبق العلمي للقرآن الكريم هو إثبات لسبق علم الله لذالك لاحرج من إستعمال المصطلح لصالح القرآن الكريم .
لكن بالنسبة إلى الآيات التي تحتمل أكثر من تأويل فسيكون من الافضل إستعمال مصطلح التفسير العلمي بدلاً من السبق العلمي وهذه هي الطريقة الأنسب للتعامل معها لأن مايحتمل أكثر من تأويل فعلمه الحقيقي عند الله ، وقد يسبق علماء غير المسلمين إلى ذالك العلم قبل المسلمين .
والله أعلم
 
إذا أردت ولوج عالم تقييم وتقويم مصطلحات موضوع (علوم الكونيّات في التفسير) فأولى أن تبدأ بالأصول، لا أن ترقع الفروع.
ومثال الأصول نسبة صفة "العلميّ" التي ترفق مع التفسير والسبق والإعجاز، وهي نسبة موهمةٌ مضللة للأسف حبّذا لو صرفت الهمم لإيجاد حل قرآني جذريّ لها، والقصد أن قولنا هذا "تفسير علميٌّ" لحصر المعاني الفيزيائية والرياضية والكيميائية وما شابهها من علوم الكونيات حصرٌ جائرٌ يزرع في النفوس استهوان الصرف والنحو وسائر علوم اللغة والتاريخ والسيرة وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ إلى آخر ما يندرج في مسمى العلم.
 
موجه إلى الإدارة:
خطأ أثناء التعديل يظهر كذلك أثناء الحفظ بعد أول كتابة.
 
لكن واقع الحال يسير عكس ما تقول ، فالتفاسير تهمل علوم الكونيات في مقابل علوم اللغة والتاريخ وغيرها وحتى أن الكثير من التفاسير تفضل الأخذ بالإسرائيليات بما فيها من خرافات على الأخذ بقول علماء العلوم الطبيعية ، وإستخفاف المفسرين بهذه العلوم وعدم الأخذ بها في التفسير هو من أسباب تعصب الإعجازيين للإعجاز العلمي .
 
لكن واقع الحال يسير عكس ما تقول
الحقيقة أنه اعتراكٌ متبادلٌ لم نعرف نحن كمسلمين موقعنا فيه.
المادّيوّون الكفرة لا يجعلون القرآن علمًا، {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} (الرّوم 7)، هذا مفهومٌ في أبجديات ديننا.
لكن غير المفهوم هو أن نتجه كمسلمين وكمفسّرين إلى الإفراط في النقض، ونلغي تجلّيَّات صفات الربوبيَّة العظيمة كالعلم والهداية في القرآن والكونِ، ونقول كما تفضلت بانحصار العلم المؤدّي إلى معرفة الله المستنبط من كتاب الله في الشرعيات واللغويّات.
إن اعتذر المادّيّون الكفار بنموذج الكنيسة المدلّس، فهل نطمس نحن الحقَّ لنبوغ مبتدعين أو كفار في علوم الكون؟!

فالتفاسير تهمل علوم الكونيات في مقابل علوم اللغة والتاريخ وغيرها وحتى أن الكثير من التفاسير تفضل الأخذ بالإسرائيليات بما فيها من خرافات على الأخذ بقول علماء العلوم الطبيعية ، وإستخفاف المفسرين بهذه العلوم وعدم الأخذ بها في التفسير هو من أسباب تعصب الإعجازيين للإعجاز العلمي .
أصبت.
وأرى أن كما للإسرائليّات أهميّة بدلالتها الظنيَّة حتى أنها لا تصدق ولا تكذّب ما لم ترجح بقرائن أخرى لتكذيبها أو تصديقها، وما أحكم رسول الله وأعدله! فكذلك التأويل المبنيّ على مخرجات العلوم الكونيّة التي منها ما هو موثوقٌ مؤكد ومنها ما هو مردودٌ، ومنها ما يتأرجح بين الحقّ والبطلان.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
القرآن الكريم هو كتاب هداية،والإعجاز فيه بيانى في المقام الأول
قال تعالى (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)
فالعجز عن الإجابة يهدى إلى القدرة والتوصل إلى الإجابة يهدى إليها أيضا.
و بالنظر إلى قوله تعالى(وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) نجد أن السؤال يقر بسطحية الأرض ،وهذه حقيقة يلمسها عموم الناس مع مد البصر وفي ذلك آية،وعدم جلاء العلة فى ذلك يهدى إلى القدرة،وجلاء العلة الآن بأن السطحية ترجع إلى عظم نصف القطر يشير إلى قدرة الخالق أيضا ويهدى إليه.
والذى يهدى إلى الإعجاز البيانى حمل المتن للقضية وعكسها ، فالكرية كانت علة للتسطيح، والحث على النظر إلى ما خلق الله في سياق المضارعة ، والتراسل بين المتعاطفات ، فالجبال تبدو ثابته عظيمة الخلق وثبت أن لها حركة مرتبطة بحركة الأرض ،ووصفها بأنها رواسي دل على ذلك،والسماء كيف رفعت بغير عمد؟ السؤال يدل على أن لذلك علة وإن كانت غير معروفة للناس وفي ذلك ما يهدي إلى قدرة الخالق، والاحتمال قائم على وجود عمد غير مرئية دل عليه
قوله(ترونها) فتعلقت القضيتان في عنق الضمير وفي ذلك ما يهدي إلى قدرة الخالق.
فالمنظور إليه آية في حد ذاته بغض النظر عن العلة وذلك يهدي إلي الخالق، والتوصل إلى العلة بالعلم التجريبي بعد حين آية فوق الآية يكفينا فيها حد موافقة المتلو للمشهود دون الحاجة للجدال في مسألة السبق.
قال تعالى(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)
،وفي ذلك شهادة على صدق رسول الله النبي الأمي، فجاءت مرة ظاهرة ومرة غيبا على متن كلام معجز في ذاته لنهتدي إلى صدق الخبر عن الله ووعد الآخرة ،وأن الله هو المستحق وحده للعبادة لا شريك له.
هذا والله أعلم
 
أراه موضوع قديم
أرجوا الله عز وجل أن يوفقكم لتوضيحه أو حسمه!
 
الى الإدارة الموقرة
يجب مراجعة التقنية عند كتابة لفظ الجلالة ( عز و جل ) وكذلك النبي ( ص ل ى الله عليه و سلم)
 
بسم الله الرحمن الرحيم
مسألة السبق ظنية كما أشار فضيلة الدكتور مساعد ، وهي تثار عندما تتساوى المعارف ورسول الله أمي وهي قضية يجب الإيمان بها قال تعالى(قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) وقال تعالى(وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ).
و هذا لبيان أن القرآن كلام الله وليس كلام رسوله النبي الأمي، فعندما يتضح أن الكلام من الخالق فهل يكون للمخلوق سبق على خالقه؟ ، وهل نحن أول من تعرض لآيات كونية في كتاب سماوي؟
في السؤال الأول نجد مسألة السبق لا قيمة لها، وفي الثاني نجد أنها واردة .
ولهذا مسألة السبق يمكن تخطيها ويكفينا موافقة المتلو للمشهود ،فدلالة المتلو للمشهود قضية أخرى لها علاقة بالاستنباط ،وقد أشار فضيلة الدكتور فهد الوهيبي إلى الفرق بين التفسير والدلالة التي لها علاقة بالاستنباط بعد اعتراض وجيه من فضيلة الدكتور محمد العبادي(في قضية الإضافة بعد السلف).
وللكلام بقية إن شاء الله.
 
عودة
أعلى