عدنان الغامدي
Active member
- إنضم
- 10/05/2012
- المشاركات
- 1,360
- مستوى التفاعل
- 37
- النقاط
- 48
- الإقامة
- جدة
- الموقع الالكتروني
- tafaser.com
بسم1
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .
لا شك أن مفردات الكتاب الحكيم تتميز بالتفرد والخصوصية ، فلا يمكن أن تستعمل مفردة محل أخرى وتعطي المعنى ذاته بل إن كل كلمة لها معناها الذي لا يؤديه سواها في هذا الموضع ، ولذلك كان النص القرآني شديد الإحكام لدرجة لا يمكن العبث بمفرداته واستبدالها ونجد كل مفردة تحمل معنى دقيق للغاية يلائم موضعها أيما ملائمة ، ولو تتبعنا مثلاً مفردتي الحُزْنْ والحَزَنْ في القرآن الكريم لرأينا أن لكل منهما تعريف ينطبق على مواضعهما في كتاب الله فنقول وبالله التوفيق لتعريف المفردتين وبيان دلالاتيهما :
الحَزَنْ: الحَسْرَةُ وَالنَّدمْ عَلى فَوَاتِ الحَاجَة. وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بالماضي وهو ضِيْقٌ مِنْ أمْرٍ فَاتَ وَانْتَهَى وَلمَ يعُدْ بالإمكان اسْتِدْرَاكُه.
الحُزْنْ: هُوَ الخَوْفُ المُتَرَافِقُ بِاليَأْسِ مِنَ الفَرَجْ، وَهُوَ مُتعلقٌ بضيقٍ حاضرٍ أو مستقبل وخَطَر ٍ مُلِمّ لا يَبْدُوْ (لِلْمَحْزُوْنِ) فِيْهِ مَهْرَبْ وَلاِ مِنْهُ مَفَرّْ.
والآن نتتبع مواضع المفردتين في السياق القرآني لنرى هل تتفق المفاهيم التي ذكرناها مع السياق الكريم :
أولاً : الحَزَنْ
قلنا ان الحَزَنْ هو الحَسْرَةُ وَالنَّدمْ عَلى فَوَاتِ الحَاجَة. وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بالماضي وهو ضِيْقٌ مِنْ أمْرٍ فَاتَ وَانْتَهَى وَلمَ يعُدْ بالإمكان اسْتِدْرَاكُه ، وفيما يلي نستقرئ مواضع المفردة في القرآن الكريم :يقول الحق سبحانه وتعالى:
{وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ } [التوبة:92]
فالحَزَنُ هنا هو فوات ما تعلقت به أنفسهم لضيق ذات اليد وانعدام دابة تحملهم للقتال فنجد المعنى هنا متحقق وهو الحسرة والندم على فوات الحاجة ، والضيق من أمر فائت عليهم وانتهى ولم يعد بالإمكان استدراكه.{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} [القصص:8]
فسيناصبهم العداء ردحاً من الزمن وتنتهي عداوته لهم بفقدانهم لملكهم حتى يصيبهم (الحَزَن) والحسرة على ضياع ملكهم وفواته واستحالة استدراكه وإعادته.{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر:34]
وهنا الحديث على لسان أهل الجنة ، فهم لا يشعرون مع ما لديهم من النعيم بالحزن على فوات ملك الدنيا وزخرفها ولا يتحسرون على ما كان لهم فيها لأن حالهم في الجنة لا يقارن بحالهم في الدنيا أياً كان حالهم ، بينما في الدنيا تجد من الأثرياء من يتحسر على أيامٍ مضت قبل ثراءه إما على أهله أو أصدقاءه أو صحته وقوته أو على راحة باله وانعدام الهم في نفسه ولكن أهل الجنة لا يخالجهم هذا الشعور ولا يشتاقون أو يندمون على شيء من أحوال الدنيا وحطامها فيحمدون الله أن اذهب عنهم (الحَزَن) وأحلهم دار المقامة التي تتميز عن دار الزوال وتفوقها نعيما وجزاءاً. {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [آل عمران:153]
فالمراد هنا في قوله تعالى (لِكَيْلَا تَحْزَنُوا) من (الحَزَن) وهو الحسرة على فوات الغنائم وذهاب النصر وما وقع عليكم من قتل وأذى.{ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [آل عمران:139]
لا تضعفوا وتتحسروا على ما فاتكم من النصر فأنتم برغم ما حدث الأعلون ما استقر الإيمان في قلوبكم، وكان ذلك في سياق التثبيت للمؤمنين لما اصابهم في أحد ، ففي السياق : } إنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ{ آل عمران (143)ثانياً : الحُزْنْ
قلنا أن الحُزْنْ: هُوَ الخَوْفُ المُتَرَافِقُ بِاليَأْسِ مِنَ الفَرَجْ. وَهُوَ مُتعلقٌ بضيقٍ حاضرٍ وخَطَر ٍ مُلِمّ لا يَبْدُوْ فِيْهِ مَهْرَبْ وَلاِ مِنْهُ مَفَرّ، سننتقي بعض المواضع التي تتميز عن سواها ونكتفي بموضع أو موضعين من المتشابه.{ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة:38]
لا خوف عليهم ]أي[ متبعي الهدى: مِنْ سِواهم ممن يغتم لأمرهم ويهتم بحالهم ، ولاهم يحزنون : ولا يقع الحُزْن في أنفسهم وهو الخوف المترافق مع باليأس من الفرج والأظهر أنه حال الوقوف في الحساب ، فأهل الكفر والعصيان ممن لم يتبع الهدى فإنه يدخلهم الخوف الشديد المترافق من اليأس لانقطاع الأمل في التوبة والعودة للدنيا لتعويض ما قد فاتهم من عمل ، وحين يتذكرون حربهم على الله ورسوله وكفرهم بآياته والنار أمامهم يدخلهم الخوف الشديد من مصيرهم ويدركون أنه لا منجا لهم ولا مهرب وهذا هو الحُزن.وهذه الصيغة من نفي الحزن متكررة في أربع عشرة آية من كتاب الله فسأكتفي بما ورد أعلاه وننتقل لصيغة أخرى .
{ وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [آل عمران:176]
أي لا تخشى ولا تيأس يا محمد من المنافقين الذين اشتروا الكفر بالإيمان فالدين محفوظ ولن يثلبه نفاقهم وسوء صنيعهم ، فكان النهي عن الحزن الذي هو الخوف على دين الله مصحوباً بيأس ، ولا شك أن النبي في أول الدعوة كان معه رجال أشداء وضده كفار صناديد ، ولكن دخول فئة مستجدة تحمل العداوة في ثوب الإيمان لا شك أنه يجعل المرء تدخله الخشية مما سينال دين الله على أيديهم فالنخر في صميم الدين من داخله أشد خطراً من عداوة الكفار الظاهرة ، فطمأن الله نبيه بأنهم لن يتمكنوا من الدين ما يفعلونه لا يدعوا للخوف الشديد المشوب باليأس.{ قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ } [يوسف:13]
إني أخشى على يوسف وأيأس من عودته إن أنتم ذهبتم به فهو لا يتحدث عن الماضي بل عن الحاضر والمستقبل وهي سمة الحُزْن التي تميزها عن الحَزَن ، وأكد ذلك بقوله (َأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) فيتحقق اليأس من عودته لي ، فنرى هنا بأن المعنى متحقق في هذا الموضع بوضوح.{ وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ } [يوسف:84]
فالأسى على يوسف ظاهر في قوله (يا أسفى على يوسف) والخوف عليه فكيف وقد ذهب أخاه أيضاً ؟ فهو خوف عظيم فلا هما ميّتان فيعلم حالهم والأخطار التي قد تحيق بهما ولا محلهما معلوم فيطمئن عليهما فتختلط المشاعر بين الخوف واليأس فإن كان له أمل في رجعة يوسف من قبل فإن ذهاب أخيه أيضاً قتل في قلبه هذا الامل ، ولكن أنبياء الله والمؤمنين عامة تتراوح حالتهم بين اليأس والأمل.{ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } [يوسف:86]
لا أبدي تأوهي ويأسي وخوفي على يوسف وأخيه إلا لله وليس إليكم ، وأعلم أن الله مجيبٌ لدعائي له فيما وقع حكمة.{ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ } [النحل:127]
ولما كانت وظيفة النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الناس وهدايتهم بأمر الله إلى الإيمان واستنقاذهم من النار ، فعن بريدة بن الحصيب الأسلمي قال : خَرَجَ إلينا النَّبيُّ ﷺ يَومًا فنادى ثلاثَ مِرارٍ، فقال: أيُّها النّاسُ، تَدْرونَ ما مَثَلي ومَثَلُكم؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: إنَّما مَثَلي ومَثَلُكم مَثَلُ قَومٍ خافوا عَدُوًّا يَأتيهم، فبَعَثوا رَجُلًا يَتراءى لهم، فبيْنَما هم كذلك أبصَرَ العَدُوَّ، فأقبَلَ لِيُنذِرَهم، وخَشِيَ أنْ يُدرِكَه العَدُوُّ قَبلَ أنْ يُنذِرَ قَومَه، فأهْوى بثَوبِه: أيُّها النّاسُ أُتيتُم، أيُّها النّاسُ أُتيتُم. ثلاثَ مرارٍ.[1] وعن أبي هريرة قال : قال صلى الله عليه وسلم : مَثَلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نارًا، فَلَمّا أضاءَتْ ما حَوْلَها جَعَلَ الفَراشُ وهذِه الدَّوابُّ الَّتي في النّارِ يَقَعْنَ فيها، وجَعَلَ يَحْجُزُهُنَّ ويَغْلِبْنَهُ فَيَتَقَحَّمْنَ فيها، قالَ: فَذَلِكُمْ مَثَلِي ومَثَلُكُمْ، أنا آخِذٌ بحُجَزِكُمْ عَنِ النّارِ، هَلُمَّ عَنِ النّارِ، هَلُمَّ عَنِ النّارِ فَتَغْلِبُونِي تَقَحَّمُونَ فيها.[2]
فالنبي صلى الله عليه وسلم يخشى عليهم النار وتزداد خشيته حينما يرى عنادهم واستكبارهم وهم لا يعلمون ما يحمله في قلبه لهم من محبة هدايتهم وكراهة مشاهدتهم ينحطمون في جهنم لما حمله في قلبه من عطف ولين وخير ، ومصداق ذلك قوله تعالى : }أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } [فاطر:8] فعلم سبحانه ما يحمله نبيه صلى الله عليه وسلم من حزن (خوف شديد عليهم من مصيرهم في الآخرة ويأس من هدايتهم لما يراه من صدود عن سبيل الله وعداوة لدين الله).
{ فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا } [مريم:24]
فمريم مع حملها ووضعها من غير زوج تشعر بالخوف الشديد مما حصل واليأس من تصديقها بأنها لم ترتكب الفاحشة ، وكان حالها مما يدعو لليأس من تصديقهم لها ولا تعلم مصيرها وقومها لو أقاموا عليها الحد لقتلوها ، فيطمئنها ويسليها جبريل عليه السلام وينهاها عن هذا الحُزْن .{ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ } [القصص:7]
وحال أم موسى من أظهر ما يبين المعنى فيقول تعالى فإذا خفتِ عليه : أي أدركتي أن جنود فرعون سيصلون إليه ووقع في قلبك الخوف من ذلك فألقيه في اليم ، ( ولا تخافي) على نفسك مما فعلتي (ولا تحزني) أي لا تخشي على وليدك الرضيع المكاره مع يأسٍ من عودته إليك ، فإنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ، ثم عندما رد الله إليها موسى قال تعالى : { فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } [القصص:13] فقرار العين توقفها عن التحرك المستمر والبحث والتوجس مما يبين اضطراب النفس واشتعال الفؤاد.{ وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ } [العنكبوت:33]
أساءه مجيء الأنبياء وأدرك ان الإمهال انتهى وعذاب الله واقع لا محالة فيأس من نجاتهم واجتمع في قلبه الخوف مما سيقع والإدراك بأن ما سيحصل من عذاب لا مرد له من الله ، فنهاه عن الخوف (على نفسه) والحزن على قومه (أي الخوف بياس من نجاتهم ، وطمأنه بأن الله سينجيه وأهله واستثنى منهم امرأته.{ إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } [المجادلة:10]
فمناجاة المنافقين والمسارّة فيما بينهم في الحديث يوحي الشيطان عند رؤية ذلك بوجود مؤامرة على الدين ، ولما كانوا برابطتهم الوثيقة مع اليهود والذين أشركوا يأتمرون على دين الله فإن بعض المؤمنين يخشون من وقوع مكروه جراء ما يمكره أولئك ويحيكونه ضد الدين ، فينهاهم الله عن الخوف المشوب باليأس وأن ذلك من الشيطان ليشعرهم بقوة المنافقين ومن ظاهرهم على أهل الإسلام ولكن لن يقع لكم من الضرر شيئاً إلا ما يأذن الله بوقوعه.نكتفي بهذه النماذج من المفردتين ونرجو من الله جل وعلا أن يؤتينا أجر اجتهادنا ويغفر لنا إن جاوزنا الصواب إنه على كل شيء قدير وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمدلله رب العالمين.
[URL="https://wp.me/p1UaAD-mz"]رابط المقال في المدونة[/URL]
[1] شعيب الأرنؤوط (١٤٣٨ هـ)، تخريج المسند ٢٢٩٤٨ • صحيح لغيره
[2] مسلم (٢٦١ هـ)، صحيح مسلم ٢٢٨٤ • [صحيح] • شرح رواية أخرى