الشيخ سعيد الجابي رائد الإصلاح في حماة الفداء

سهاد قنبر

New member
إنضم
01/06/2011
المشاركات
388
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
للشيخ سعيد الجابي أيادي بيضاء على أهل حماة لا ينساها له أهل المدينة ،ولد الشيخ في (1295هـ-1878م)ونشأ كغيره من الأطفال في الكتاتيب،حفظ كتاب الله وعدداً من الأحاديث الشريفة وشب عن الطوق وسعى لكسب الرزق فكان يكدح نهاراً في صباغة النسيج ،ويجعل من الليل فضاءه الرحب للعلم وظل على حاله حتى قارب الأربعين ،وصار قادراً على التفسيروأصبح ملماًبالمذاهب الاجتهادية وأصحابها وآرائها ،وقدر الله ان يقيم الشيخ في الأستانة لسنوات من حياته مما سمح له بلقاء الشيخ (محمد رشيد رضا )فتأثر بمنهجه في الإصلاح ،وعندما عاد الشيخ إلى حماة تزعم حركة الإصلاح الديني ،وعاش مشاكل مجتمعه فقد كان الجهل والظلم متفشياً ،والسلوك الخلاقي في أدنى مستوياته ،والصوفية منتشرة أيما انتشار ،والخرافات والبدع والشعوذات على أوجها فنذر الشيخ حياته على مدى ثلاثين عاماً للإصلاح الإجتماعي والديني،والانتصار للدين الحق وكان باكورة كتبه كتاب (النقد والتزييف)وكان رداً على كتاب (الدر اللطيف)لمؤلفه حسين الخطيب ،وقد رد الأحاديث الموضوعة والأباطيل التي جاءت في الكتاب بالأدلة العقلية والنقلية ،وقد أثار الكتاب ضجة كبيرة فأقبل عليه المنصفون، ونفر منه المعممون الدجالون وكتب شاعر العاصي بدر الدين الحامد قصيدة يمتدح الكتاب وصاحبه قال فيها:
يا أيها السادر المخدوع قم فلقد دعاك للعلم بعد الجهل داعيه
هذا"سعيد"ينادي في الذين عموا إن لم يلبوا...فكن ممن يلبيه
تجاهلو البدر في العليا ،فقل لهم : والله نجم الثريا لا يدانيه
بحر من العلم فياح ولا عجب إذا للآلئ ضاءت أنجماً فيه
أما الكتاب فسفر كله حكم وهل لهم مثله سفر يحاكيه
ما فيه إلا الهدى للناس أجمعهم لسيد الرسل يعزوه،ويرويه
أكرم به من كتاب فيه بغيتنا من الحقيقة يغزو لب تاليه
وبعد عام أتبعه الشيخ بكتاب (كشف النقاب عن أسرار السفور والحجاب)رد فيه على كتاب نظيرة زين الدين (السفور والحجاب )وكشف ما فيه من مغالطات وسفسطة،وفي 1350هـ كتب كتابه الرائع( التبيين في الرد على المبشرين )فضح فيه منهج المبشرين وخطرهم على العالم الإسلامي هذا الكتاب لم أستطع الحصول عليه وليتني أجد من يدلني عليه ،وتتابعت مؤلفات الشيخ ولا زال بعضها مخطوطاً عند ابنته في حماة .
كاد للشيخ اهل البدع المتصوفة مكائد كثيرة خرج منها منتصراً بفضل من الله ولعلي أقف لاحقاً مع الوظائف التي شغلها الشيخ والصعوبات التي تعرض لها في مسيرته الإصلاحية.
من المواقف التي تسجل للشيخ موقفه من المستشار الفرنسي عندما طلب المستشار من علماء حماة التنازل عن الجامع الكبير ليضمه إلى الكنيسة المجاورة فلم ينطق العلماء بحرف إلى ان قال احدهم :إن لنا شيخاً اسمه سعيد الجابي ،وهو وحده قادر على الموافقة وإعطاء الجواب وانصرفوا خائفين ،فاستدعى المستشار الفرنسي الشيخ سعيدوطلب منه الموافقة على ضم المسجد فأجابه بجراته المعهودة منه :"خذوه لكن بالثمن الذي أخذناه ،لقد أخذناه بالسيف وما تزال ضربات السيوف ظاهرة في أماكن متعددة من الجامع ودفعنا ثمنه بالدم"أعجب المستشار بجرأة الشيخ وصراحته وودعه وداعاً لائقاً للباب.
اعترافاً من أهل حماة بفضل الشيخ ووفاءوعرفاناً له قاموا بتشييد مسجد قبل سنوات قليلة في ضاحية البعث أطلقوا عليه اسم مسجد الشيخ سعيد الجابي ،هذا المسجد تم قصفه واحتلاله من الجيش السوري بعد اجتياح المدينة قبل يومين ،فوقع في نفسي أن أسطر هذه الكلمات وفاء لجدي الشيخ سعيد الجابي، ووفاء لمسجده،وتضامناً مع المدينة المنكوبة رفع الله عنها بلاءها .
 
المعلومات عن الشيخ جمعتها من أقارب الشيخ، ومن مقالات للكاتب وليد قنباز في جريدة الفداء نشرت في اعداد متفرقة من الجريدة عام 1999م.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الغالية سهاد..ذكرتني بمقولة بشر الحافي التي ذكرناها قبل أيام: من بيتكم يخرج الورع..
حماة التي انجبت الشيخ سعيد رحمه الله وأنجبت بعده أهل الغيرة والحمية ممن أبادهم النظام العلوي البعثي البائد بإذن الله , والتي أنجبتك كذلك وأنجبت إخوة لنا نعتز بمعرفتهم بحرصهم على هذا الدين وغيرتهم عليه..حماة هذه لن يخذلها رب العالمين كما لم يخذل غزة قبلها ولقد أحببت موقف الجد مع المستشار جداً خاصة والعزة والشجاعة تتحدثان فيه بحرف لا يخفى على أحد..
أسأل الله أن يحمي مسجد جدكم وهو مسجدنا كلنا وقد وصلت الأنباء باستهداف النظام للمساجد ومنها هذا المسجد..
دعواتنا متصلة بالليل والنهار لأن يحمي الله بيوت إخوتنا ومساجدهم وأبنائهم وبلدانهم في كل بقاع المعمورة إنه سميع مجيب..
 
بارك الله بأختنا سهاد. وكم هي الحسرة والألم أن نرى جيراناً وأحبة وأقارباً لم نساعدهم إلا بالدعاء والكلمة. وكم تمنيت على الله تعالى أن يرزقني مشاركة جهادكم في الوقعة الأولى من حماة ناهيك عن الثانية. بل انه لم يُسمح لي في زيارة سورية منذ الثمانينات وما زلت أتربص زيارتكم أو أقف على بابكم مشاركاً ومشجعاً. ولكن الله قدر غير ذلك. أسأل الله تعالى أن يفك أسركم وأن يجمعنا بكم من قريب وقد تحررت البلاد من استعمار أشد من استعمار فرنسا ومن طائفة ألعن وأخطر علينا من طوائف اليهود والنصارى. وأسأل الله تعالى في هذا الشهر أن يحسم أمركم ويثبت أقدامكم كما نصر أهل بدر والخندق. والحمد لله رب العالمين.
 
الحقيقة فإن الشيخ سعيد الجابي من نوابغ عصره خاصة وأنه تعلم في كبر، كان رحمه الله سريع البديهة قوي الحجة، صاحب فكاهة ونكتة، وكانت دروسه في العلم نادرة في أهل عصره في حماة فقد كان يدرس نيل الأوطار ويتعمق في المسائل وكلما يرفع أحد الحاضرين يده ليسأله كان الشيخ يقول له: سيأتيك الجواب انتظر، فإذا انتهى من درسه سأل الحضور: هل من سؤال؟، فلا يرفع أحد يده لأن الشيخ قد استوعب المسائل كلها في القضية الواحدة وبوجوهها، وقد كتب في سيرته عدد من إخواننا من طلاب العلم بحوثا خاصة، كما ضمن الأستاذ الشيخ الفقيه محمد أديب كلكل ترجمة حافلة له في كتابه الأنيس في الوحدة.
إلا أن لي ملاحظة على حادثة الجامع الكبير وهي أن مدينة حماة فتحت صلحا لا عنوة، وآثار السيوف التي كانت على الجامع الكبير إنما هي من آثار سيوف الدفاع عن المسجد أمام غزو العربان للمدينة من قديم، وقد قام أخونا الفاضل الدكتور مصطفى مغمومة ببيان هذا الأمر وتفنيده في كتابه عن تاريخ حماة المصور - والذي لم يطبع بعد على علمي - ، وقد سمعت بعض الباحثين يقول بأن حماة فتحت صلحا إلا الجامع الكبير فإنه عنوة، وأنا لم يتسن لي التحقيق في المسألة فالله أعلم، ولكن المعروف أن حماة فتحت صلحا.
 
أخي مرهف جزاك الله خيراً، لا أستطيع أن أصف لك مدى سعادتي أن وجدت مصدراً للمعلومات عن جد والدتي، ولم أكن أعرف عنه شيئاً سوى أنه شيخ ،فأنا من جيل تقاذفته الغربة خارج حماة وقد قدر الله لي دراسة العلوم الشرعية وعندما كنت أجمع معلومات عن رسالة الماجستير وجدت له كتاباً في الرد على كتاب نظيرة زين الدين (السفور والحجاب) وآليت على نفسي أن أتعرف عليه، وكنت أنوي أن أشد الرحال إلى حماة علني أجد بعض كتبه عند ابنته وهي آخر من بقي من ذريته، فالشيخ له مؤلفات في الرد على المستشرقين وله ردود على الصوفية، وسمعت أن له شعراً، إلا أن الأحداث الأخيرة في سورية حالت بيني وبين رحلتي، أخي أنا أتمنى ان أحصل على الأبحاث التي تحدثت عن السيرة الذاتية للشيخ وعن مؤلفاته فإن استطعت ان ترسلها لي على بريدي الالكتروني سأكون ممتنة لك .
 
بالنسبة للأبحاث فهي ليست موجودة لدي ولكني اطلعت عليها، وإن جد جديد في الأمر أخبرتك.
ولكن دعيني أوضح قضية حول التصوف وردود الشيخ عليها، فالشيخ رحمه الله كان ذا عقل فذ، ولا يبيع عقله لأحد، وكان ينظر في مجتمعه فيجده جامدا متخلفا وكان يعلم أن سبب التخلف والجمود هو جهلة استلموا قيادة المجتمع تحت مظلة التصوف، فكانوا يسيطرون على السذج من الناس بالكرامات والخرافات وكان الشيخ لا يعجبه من بعض علماء عصره أنهم يقومون بتدريس الفقه حتى ينتهوا من كتاب الطهارة ومن قسم العبادات ويقفوا، فكان يحثهم على تدريس المعاملات والجهاد وأحكام الأسرة، ناهرا لهم منكرا عليهم، وكان ينبههم ويرشدهم إلى أن التصوف هو ما كان عليه أكابر القوم من السلف الصالح رضي الله عنهم من الإيمان والعمل والتزكية وحسن الخلق والصدق، وليس في لبس الخرق والتمايل وترك الدنيا، ولذلك كان الشيخ سابقا لعلماء بلده - عموما وليس مطلقا - في العقل والعلم، بل كان يعرف عنه أنه يدخل المقاهي ويعظ الناس، وكان أحيانا يذهب لأماكن شرب الخمر فيخرج الناس منها إلى المسجد، ومثل هذه الأعمال لا يقوم بها إلا أصحاب الهمم العالية.
 
نسأل الله أن يرحم الشيخ سعيد الجابي وان يسكنه فسيح جناته
ومدينة (حماة) اقترن اسمها بالتمسك بالدين وبالشجاعة ونسأل الله
ان ينصر اهلها واهل الشام جميعاً على النصيرية الطغاة عاجلاً غير اجل
 
عودة
أعلى