بحسب الأخ الحبيب د. زهير ريالات في رسالته للماجستير " الشهاب الخفاجي ومنهجه في التفسير " فقد ورد ص82 منها أن من مصادر الشهاب في التفسير كتابي: " أحكام القرآن للجصاص وأحكام القرآن لابن العربي ".
وحين نبحث في تفسير الجصاص للآية نجد النص الآتي:
" رَوَى عبدالله بن مسعود قال : " جاهدهم بيدك فإن لم تستطع فبلسانك وقلبك فإن لم تستطع فاكفهرَّ في وجوههم " . وقال ابن عباس : " جاهد الكفار بالسيف والمنافقين باللسان " . وقال الحسن وقتادة : " جاهد الكفار بالسيف والمنافقين بإقامة الحدود ، وكانوا أكثر من يصيب الحدود " .
أما ابن العربي:
" فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : [ الْمُجَاهَدَةُ ] : فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ :
الْأَوَّلُ : قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : جَاهِدْهُمْ بِيَدِك ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِك ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَطِّبْ فِي وُجُوهِهِمْ .
الثَّانِي : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : جَاهِدْ الْكُفَّارَ بِالسَّيْفِ ، وَالْمُنَافِقِينَ بِاللِّسَانِ .
الثَّالِثُ : قَالَ الْحَسَنُ : جَاهِدْ الْكُفَّارَ بِالسَّيْفِ ، وَالْمُنَافِقِينَ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِمْ . وَاخْتَارَهُ قَتَادَةُ ، وَكَانُوا أَكْثَرَ مَنْ يُصِيبُ الْحُدُودَ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ مَا تَقَدَّمَ ، فَأَشْكَلَ ذَلِكَ وَاسْتَبْهَمَ ، وَلَا أَدْرِي صِحَّةَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي السَّنَدِ . أَمَّا الْمَعْنَى فَإِنَّ مِنَ الْمَعْلُومِ فِي الشَّرِيعَةِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُجَاهِدُ الْكُفَّارَ بِالسَّيْفِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِمْ ، حَسَبَ مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ . وَأَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَكَانَ مَعَ عِلْمِهِ بِهِمْ يُعْرِضُ عَنْهُمْ ، وَيَكْتَفِي بِظَاهِرِ إسْلَامِهِمْ ، وَيَسْمَعُ أَخْبَارَهُمْ فَيُلْغِيهَا بِالْبَقَاءِ عَلَيْهِمْ ، وَانْتِظَارِ الْفَيْئَةِ إلَى الْحَقِّ بِهِمْ ، وَإِبْقَاءً عَلَى قَوْمِهِمْ ، لِئَلَّا تَثُورَ نُفُوسُهُمْ عِنْدَ قَتْلِهِمْ ، وَحَذَرًا من سُوءِ الشُّنْعَةِ فِي أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ ؛ فَكَانَ لِمَجْمُوعِ هَذِهِ الْأُمُورِ يَقْبَلُ ظَاهِرَ إيمَانِهِمْ ، وَبَادِئَ صَلَاتِهِمْ ، وَغَزْوَهُمْ ، وَيَكِلُ سَرَائِرَهُمْ إلَى رَبِّهِمْ ، وَتَارَةً كَانَ يَبْسُطُ لَهُمْ وَجْهَهُ الْكَرِيمَ ، وَأُخْرَى كَانَ يُظْهِرُ التَّغْيِيرَ عَلَيْهِمْ .
وَأَمَّا إقَامَةُ الْحُجَّةِ بِاللِّسَانِ فَكَانَتْ دَائِمَةً ، وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : إنَّ جِهَادَ الْمُنَافِقِينَ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ فِيهِمْ لِأَنَّ أَكْثَرَ إصَابَةِ الْحُدُودِ كَانَتْ عِنْدَهُمْ ، فَإِنَّهُ دَعْوَى لَا بُرْهَانَ عَلَيْهَا ، وَلَيْسَ الْعَاصِي بِمُنَافِقٍ ، إنَّمَا الْمُنَافِقُ بِمَا يَكُونُ فِي قَلْبِهِ مِنَ النِّفَاقِ كَامِنًا ، لَا بِمَا تَتَلَبَّسُ بِهِ الْجَوَارِحُ ظَاهِرًا ، وَأَخْبَارُ الْمَحْدُودِينَ يَشْهَدُ مَسَاقُهَا أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مُنَافِقِينَ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْله تَعَالَى { وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ } :
الْغِلْظَةُ نَقِيضُ الرَّأْفَةِ ، وَهِيَ شِدَّةُ الْقَلْبِ وَقُوَّتُهُ عَلَى إحْلَالِ الْأَمْرِ بِصَاحِبِهِ . وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي اللِّسَانِ ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : ( إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ ) ".
لذا فالأرجح بأنه يقصد أحكام القرآن لابن العربي، والله أعلم.
أما رسالة الماجستير للدكتور زهير ريالات فتجدها كاملة هنا
https://tafsir.net/uploads/books/1782/6747.pdf
ووفقكم الله