الشرط َفي قوله تعالى (هَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ )

عمر احمد

New member
إنضم
20/02/2013
المشاركات
707
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
العمر
59
الإقامة
الامارات
بسم1​

في الخاتمة يتصل الموضوع بما جاء في مشاركة الاخ محمد مصطفى هنا ، لمن أراد ..
توطئه ومدارسة لإسلوب الشرط وقوله تعالى ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ) في البحر المحيط لأبي حيان رحمه الله يقول ...
ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه طول المفسرون في تفسير هذين الهمين ، ونسب بعضهم ليوسف ما لا يجوز نسبته لآحاد الفساق . والذي أختاره أن يوسف عليه السلام لم يقع منه همّ بها البتة ، بل هو منفي لوجود رؤية البرهان كما تقول : لقد قارفت لولا أن عصمك الله ، ولا تقول : إنّ جواب لولا متقدم عليها وإنْ كان لا يقوم دليل على امتناع ذلك ، بل صريح أدوات الشرط العاملة مختلف في جواز تقديم أجوبتها عليها ، وقد ذهب إلى ذلك الكوفيون ، ومن أعلام البصريين أبو زيد الأنصاري ، وأبو العباس المبرد . بل نقول : إن جواب لولا محذوف لدلالة ما قبله عليه ، كما تقول جمهور البصريين في قول العرب : أنت ظالم إن فعلت ، فيقدرونه إن فعلت فأنت ظالم ، ولا يدل قوله : أنت ظالم على ثبوت الظلم ، بل هو مثبت على تقدير وجود الفعل . وكذلك هنا التقدير لولا أن رأى برهان ربه لهم بها ، فكان موجداً الهم على تقدير انتفاء رؤية البرهان ، لكنه وجد رؤية البرهان فانتفي الهم .

مافهمته من كلامه رحمه الله ، أن أسلوب الشرط ، يكون من فعل الشرط وجوابه ، وننظر الي جهة التي يتواجد بها فعل الشرط لانها هي التي يقدر لها الجواب المحذوف ، وهناك دراسات لاأدرى من تنبه لها ،لكنها تنتصر لقول ابي حيان رحمه الله وبطريق أخر ، ولهم دلالات و شواهد من القران ،فالعلاقة التي تربط فعل الشرط وجواب الشرط ، أطلقوا عليها (دلالة الارتباط ) وهي التي تتحكم على درجة التعليق بين الفعل وجوابه ، يراجع ورقة الاستاذ ابوبكر زروقي جزاه الله خيرا ( دلالات الارتباط في أسلوب الشرط هنا ) .

وطريقتها تشابه ، طريقة ابي حيان رحمه الله ، وخطواتها كتالي ..
1- أنظر الي فعل الشرط (الطرف الاول)
2-وننظر كذلك الي جواب الشرط (الطرف الثاني) لتسهيل عملية الحكم على الدلالة بين الطرفين .
3- تقدير سبب وقوع فعل الشرط (الطرف الاول) وتقدير وفهم اسباب جواب الشرط (الطرف الثاني)
4- فإذا وجدت أن جواب الشرط (الطرف الثاني) متوقف أو متسبب في وقوع فعل الشرط (الطرف الاول ) ، يطلق على هذا التعليق بين طرفي الشرط بالسببي ، بمعنى أخر ، قوة الربط بينهما ، فينعدم الثاني بإنعدام الاول .
4- وإذا كان جواب الشرط (الطرف الثاني) ليس متوقفا أو مسببا لفعل الشرط (الطرف الاول) قلنا أن العلاقة بين طرفي الجملة الشرطية تلازمية ، بمعنى أخر ضعف رابط التعليق بينهما ، ولامانع يمنع من حدوث جواب الشرط (الطرف الثاني) قبل فعل الشرط (الطرف الاول) ، ويكون ماذهب إليه الكوفيون أقرب للصواب كما نقله لنا ابوحيان رحمه الله تعالى

شواهد من القران الكريم

1- { فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ } (سورة الأَعراف 176) ، لفاضل السامرائي جزاه الله خيرا ، نلاحظ أولا فعل الشرط وهو (تحمل عليه ) ماهي اسباب الحمل على الكلب تجد أن اللهث غير مرتبط سببيا بالحمل عليه ، فهي دلالة تلازميه فهو يلهث على كل حال ويلهث ومن قبل أن تحمل عليه ، وضحت الصورة ، فاللهث وإن كان جواب الشرط الجزائي لامانع من تواجده زمنيا قبل فعل الشرط ، بل يقع دائما ومن قبل الحمل عليه.(انتهى بتصرف)

2-{ إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا } (سورة القصص 10) ماهي دلالة الارتباط هنا ؟ فهل أم موسى كادت أن تظهر موسى عليه السلام بسبب الربط على قلبها ، لا طبعا .. فالسبب هو خوفها على أبنها عليهما السلام ، فنقول أن التعليق بين طرفي الجملة الشرطيه تلازمي ، فيقع الجواب الجزائي زمنا قبل فعل الشرط ، وربط الله على قلوب عباده له اسباب كثيره أخرى ، وهذا يجعلنا نتصور الاية بشكل أفضل فالربط وقع قبل تفكيرها باظهار حقيقة موسى وأنه ولدها عليهما السلام.

3-{ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } (سورة آل عمران 32) ، دلالة تلازمية ، بين طرفي جملة الشرط ، لان الله سبحانه وتعالى لايحب الكافرين على كل حال ومن قبل توليهم .

4-{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ } (سورة يونس 104) ، تعليق ودلالة تلازمية ، فالرسول عليه الصلاة والسلام لايعبد غير الله سبحانه وتعالى سواء شكوا أم أمنوا ، فلا ينعدم الثاني (جواب الشرط) بانعدام الاول (فعل الشرط) .

5- مثال للتعليق السببي والتلازمي في آيتين وقوله تعالى ({ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192) } (سورة البقرة )
آية 191 ، التعليق بين طرفي جملة الشرط سببي ،فلا قتال في المسجد الحرام ، إلا اذا هم قاتلوا ، فينعدم الثاني بانعدام الاول
آية 192 التعليق بين طرفي جملة الشرط تلازمي فالله غفور رحيم على كل حال ومن قبل أن ينتهوا .

الخلاصة ..
دلالة الارتباط والتعليق سببيه : يتقيد الجواب الجزائي بفعل الشرط ، فلايتحقق إلا عند وقوع شرطه
دلالة الارتباط والتعليق تلازمية : جواب الشرط الجزائي هنا مطلق ولايتقيد بفعل الشرط ، ينتفع فعل الشرط (الطرف الاول) منه ويستفيد صحيح ...ولكن بغير تقييد .

الان السؤال لماذا ؟ أكثرت من الكلام حول الجملة الشرطيه

1- إنتصارا لقول ابن حيان رحمه الله ، وأن يوسف عليه السلام لم يهم بالمعصية اصلا .
2- معرفة أن البرهان وقع قبل الهم ، فإذن لاهم يوسف عليه السلام ولاشي ، بل استعصم وأخذ قراره فورا عليه السلام .
3- دحض حجة من قال أن الله خاطبنا واخبرنا أن يوسف عليه السلام نجا ببرهان نسبه (لرب يوسف بمعنى سيده العزيز) وما أشد هذا القول .
4- فهم عمل الجملة الشرطيه وتصورها بشكل جيد مطلب أساسي ، ويمهد لمعرفة السؤال القائل بماهية هذا البرهان الوارد هنا .
5- ومن لم يقنع بالدراسات الانفه حول الجملة الشرطيه فليرجع لكلام ابن حيان رحمه الله في تفسيره ففيه علم غزير وكلام الشنقيطي رحمه الله واضواء البيان هنا .


الان مانقول في دلالة الارتباط بين طرفي الجملة الشرطيه وقوله تعالى { وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) } (سورة يوسف 24)
هل لبرهان ربه علاقة سببيه أم تلازميه بالهم ، نقول تلازمية لماذا؟.. لان الهم إن وقع من يوسف عليه السلام له مسببات أخرى كثيره كالخلوة وصغر السن والجمال والغربة والتزيين والمال والمنصب ، وقولها (هيت لك ) ومن جهة الطرف الاخر (جواب الشرط ) نبحث عن السببية فلانجدها فكيف تسبب روية البرهان، الهم وهذا الخاطر القلبي الخطير ، فلم يبقى إلا القول بالتلازم ، فالرابط بين طرفي جملة الشرط تلازمي فدلنا ذلك على أنه لامانع من إمكانية وقوع (رؤية البرهان ) قبل حادثة المراوده .

ماهو البرهان وقوله تعالى (
وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) (سورة يوسف 24)

اولا : قوله تعالى ( إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) ) (سورة يوسف ) . رأى رؤيا ، والرؤيا هي : على وزن "فـُعـْـلى" اسم فعل بمعنى مفعول من رَأَى - يَرَى ": رأي أو رؤية أمر خاص: وهي اصطلاحاً ما يراه النائم: جملة من الصور المتتابعة التي تؤلف مشهداً كاملاً، وتطلق بخاصة على ما يراه النائم بشكل مشهد كامل
ثانيا :{ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) } (سورة يوسف ) ، عرفنا سابقا دلالات الجملة الشرطيه ، فحدث أن رأى يوسف عليه السلام البرهان قبل الهم ، وقبل الهم لم يرى يوسف شيء ، إلا شيء واحد بقلبه ألا وهي (الرؤيا )المذكورة في أول السورة ، راجع (اولا ) .

وعليه والعلم عند الله يكون البرهان الذي أذهب عن يوسف الهم وربط على قلبه وجعله يستعصم ، هي الرؤيا المذكورة أول سورة يوسف عليه السلام، فتذكر نعمة الله عليه وفضله في تلك اللحظة العصيبة ، وتذكر كلام أبيه له عليهما السلام حول هذه الرؤيا ، قوله تعالى ( وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6) (سورة يوسف )

والله أعلم
فإن اصبت فمن الله وحده وإن أخطات فمن نفسي

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
لو ذهب المفسرون لهذا فماذا يقولون في كلمة (ولقد)؟
ولو أنه هم بها لا يعني للخطيئه بل لدفعها عن الوقوع في الخطأ. فأين الأشكال هدانا وهداكم الله.
 
أخي عصام لو راجعت المقطع الذي اشار به الاخ ياسين
فكلام الشيخ عبد الباسط طيب وذكر قاعدة مبسطه أن لولا تنسخ ماقبلها من الفعل
فلم يقع الهم اصلا من يوسف عليه السلام ، فالافتراض بأنه هم ثم نعلل وجه هذا الهم ، أقول : ماالداعي له .

ثانيا : تعليل الشيخ عبد الباسط للتساؤل (لماذا ذكر الهم مادام نسخ ) ، لإظهار فضله سبحانه وتعالى ورحمته بوسف عليه السلام ، فالهم كان في حكم الغيب ، فلايخلي الله سبحانه وتعالى عبادة المخلصين لإنفسهم ولايكلهم إليها .

وجزاكما الله كل الخير
والله اعلم
 
عودة
أعلى