عمر احمد
New member
بسم1
في الخاتمة يتصل الموضوع بما جاء في مشاركة الاخ محمد مصطفى هنا ، لمن أراد ..
توطئه ومدارسة لإسلوب الشرط وقوله تعالى ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ) في البحر المحيط لأبي حيان رحمه الله يقول ...
ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه طول المفسرون في تفسير هذين الهمين ، ونسب بعضهم ليوسف ما لا يجوز نسبته لآحاد الفساق . والذي أختاره أن يوسف عليه السلام لم يقع منه همّ بها البتة ، بل هو منفي لوجود رؤية البرهان كما تقول : لقد قارفت لولا أن عصمك الله ، ولا تقول : إنّ جواب لولا متقدم عليها وإنْ كان لا يقوم دليل على امتناع ذلك ، بل صريح أدوات الشرط العاملة مختلف في جواز تقديم أجوبتها عليها ، وقد ذهب إلى ذلك الكوفيون ، ومن أعلام البصريين أبو زيد الأنصاري ، وأبو العباس المبرد . بل نقول : إن جواب لولا محذوف لدلالة ما قبله عليه ، كما تقول جمهور البصريين في قول العرب : أنت ظالم إن فعلت ، فيقدرونه إن فعلت فأنت ظالم ، ولا يدل قوله : أنت ظالم على ثبوت الظلم ، بل هو مثبت على تقدير وجود الفعل . وكذلك هنا التقدير لولا أن رأى برهان ربه لهم بها ، فكان موجداً الهم على تقدير انتفاء رؤية البرهان ، لكنه وجد رؤية البرهان فانتفي الهم .
مافهمته من كلامه رحمه الله ، أن أسلوب الشرط ، يكون من فعل الشرط وجوابه ، وننظر الي جهة التي يتواجد بها فعل الشرط لانها هي التي يقدر لها الجواب المحذوف ، وهناك دراسات لاأدرى من تنبه لها ،لكنها تنتصر لقول ابي حيان رحمه الله وبطريق أخر ، ولهم دلالات و شواهد من القران ،فالعلاقة التي تربط فعل الشرط وجواب الشرط ، أطلقوا عليها (دلالة الارتباط ) وهي التي تتحكم على درجة التعليق بين الفعل وجوابه ، يراجع ورقة الاستاذ ابوبكر زروقي جزاه الله خيرا ( دلالات الارتباط في أسلوب الشرط هنا ) .
وطريقتها تشابه ، طريقة ابي حيان رحمه الله ، وخطواتها كتالي ..
1- أنظر الي فعل الشرط (الطرف الاول)
2-وننظر كذلك الي جواب الشرط (الطرف الثاني) لتسهيل عملية الحكم على الدلالة بين الطرفين .
3- تقدير سبب وقوع فعل الشرط (الطرف الاول) وتقدير وفهم اسباب جواب الشرط (الطرف الثاني)
4- فإذا وجدت أن جواب الشرط (الطرف الثاني) متوقف أو متسبب في وقوع فعل الشرط (الطرف الاول ) ، يطلق على هذا التعليق بين طرفي الشرط بالسببي ، بمعنى أخر ، قوة الربط بينهما ، فينعدم الثاني بإنعدام الاول .
4- وإذا كان جواب الشرط (الطرف الثاني) ليس متوقفا أو مسببا لفعل الشرط (الطرف الاول) قلنا أن العلاقة بين طرفي الجملة الشرطية تلازمية ، بمعنى أخر ضعف رابط التعليق بينهما ، ولامانع يمنع من حدوث جواب الشرط (الطرف الثاني) قبل فعل الشرط (الطرف الاول) ، ويكون ماذهب إليه الكوفيون أقرب للصواب كما نقله لنا ابوحيان رحمه الله تعالى
شواهد من القران الكريم
1- { فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ } (سورة الأَعراف 176) ، لفاضل السامرائي جزاه الله خيرا ، نلاحظ أولا فعل الشرط وهو (تحمل عليه ) ماهي اسباب الحمل على الكلب تجد أن اللهث غير مرتبط سببيا بالحمل عليه ، فهي دلالة تلازميه فهو يلهث على كل حال ويلهث ومن قبل أن تحمل عليه ، وضحت الصورة ، فاللهث وإن كان جواب الشرط الجزائي لامانع من تواجده زمنيا قبل فعل الشرط ، بل يقع دائما ومن قبل الحمل عليه.(انتهى بتصرف)
2-{ إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا } (سورة القصص 10) ماهي دلالة الارتباط هنا ؟ فهل أم موسى كادت أن تظهر موسى عليه السلام بسبب الربط على قلبها ، لا طبعا .. فالسبب هو خوفها على أبنها عليهما السلام ، فنقول أن التعليق بين طرفي الجملة الشرطيه تلازمي ، فيقع الجواب الجزائي زمنا قبل فعل الشرط ، وربط الله على قلوب عباده له اسباب كثيره أخرى ، وهذا يجعلنا نتصور الاية بشكل أفضل فالربط وقع قبل تفكيرها باظهار حقيقة موسى وأنه ولدها عليهما السلام.
3-{ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ } (سورة آل عمران 32) ، دلالة تلازمية ، بين طرفي جملة الشرط ، لان الله سبحانه وتعالى لايحب الكافرين على كل حال ومن قبل توليهم .
4-{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ } (سورة يونس 104) ، تعليق ودلالة تلازمية ، فالرسول عليه الصلاة والسلام لايعبد غير الله سبحانه وتعالى سواء شكوا أم أمنوا ، فلا ينعدم الثاني (جواب الشرط) بانعدام الاول (فعل الشرط) .
5- مثال للتعليق السببي والتلازمي في آيتين وقوله تعالى ({ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192) } (سورة البقرة )
آية 191 ، التعليق بين طرفي جملة الشرط سببي ،فلا قتال في المسجد الحرام ، إلا اذا هم قاتلوا ، فينعدم الثاني بانعدام الاول
آية 192 التعليق بين طرفي جملة الشرط تلازمي فالله غفور رحيم على كل حال ومن قبل أن ينتهوا .
الخلاصة ..
دلالة الارتباط والتعليق سببيه : يتقيد الجواب الجزائي بفعل الشرط ، فلايتحقق إلا عند وقوع شرطه
دلالة الارتباط والتعليق تلازمية : جواب الشرط الجزائي هنا مطلق ولايتقيد بفعل الشرط ، ينتفع فعل الشرط (الطرف الاول) منه ويستفيد صحيح ...ولكن بغير تقييد .
الان السؤال لماذا ؟ أكثرت من الكلام حول الجملة الشرطيه
1- إنتصارا لقول ابن حيان رحمه الله ، وأن يوسف عليه السلام لم يهم بالمعصية اصلا .
2- معرفة أن البرهان وقع قبل الهم ، فإذن لاهم يوسف عليه السلام ولاشي ، بل استعصم وأخذ قراره فورا عليه السلام .
3- دحض حجة من قال أن الله خاطبنا واخبرنا أن يوسف عليه السلام نجا ببرهان نسبه (لرب يوسف بمعنى سيده العزيز) وما أشد هذا القول .
4- فهم عمل الجملة الشرطيه وتصورها بشكل جيد مطلب أساسي ، ويمهد لمعرفة السؤال القائل بماهية هذا البرهان الوارد هنا .
5- ومن لم يقنع بالدراسات الانفه حول الجملة الشرطيه فليرجع لكلام ابن حيان رحمه الله في تفسيره ففيه علم غزير وكلام الشنقيطي رحمه الله واضواء البيان هنا .
الان مانقول في دلالة الارتباط بين طرفي الجملة الشرطيه وقوله تعالى { وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) } (سورة يوسف 24)
هل لبرهان ربه علاقة سببيه أم تلازميه بالهم ، نقول تلازمية لماذا؟.. لان الهم إن وقع من يوسف عليه السلام له مسببات أخرى كثيره كالخلوة وصغر السن والجمال والغربة والتزيين والمال والمنصب ، وقولها (هيت لك ) ومن جهة الطرف الاخر (جواب الشرط ) نبحث عن السببية فلانجدها فكيف تسبب روية البرهان، الهم وهذا الخاطر القلبي الخطير ، فلم يبقى إلا القول بالتلازم ، فالرابط بين طرفي جملة الشرط تلازمي فدلنا ذلك على أنه لامانع من إمكانية وقوع (رؤية البرهان ) قبل حادثة المراوده .
ماهو البرهان وقوله تعالى (وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) (سورة يوسف 24)
اولا : قوله تعالى ( إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) ) (سورة يوسف ) . رأى رؤيا ، والرؤيا هي : على وزن "فـُعـْـلى" اسم فعل بمعنى مفعول من رَأَى - يَرَى ": رأي أو رؤية أمر خاص: وهي اصطلاحاً ما يراه النائم: جملة من الصور المتتابعة التي تؤلف مشهداً كاملاً، وتطلق بخاصة على ما يراه النائم بشكل مشهد كامل
ثانيا :{ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) } (سورة يوسف ) ، عرفنا سابقا دلالات الجملة الشرطيه ، فحدث أن رأى يوسف عليه السلام البرهان قبل الهم ، وقبل الهم لم يرى يوسف شيء ، إلا شيء واحد بقلبه ألا وهي (الرؤيا )المذكورة في أول السورة ، راجع (اولا ) .
وعليه والعلم عند الله يكون البرهان الذي أذهب عن يوسف الهم وربط على قلبه وجعله يستعصم ، هي الرؤيا المذكورة أول سورة يوسف عليه السلام، فتذكر نعمة الله عليه وفضله في تلك اللحظة العصيبة ، وتذكر كلام أبيه له عليهما السلام حول هذه الرؤيا ، قوله تعالى ( وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6) (سورة يوسف )
والله أعلم
فإن اصبت فمن الله وحده وإن أخطات فمن نفسي
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته