أبو عبد الرحمن المدني
New member
- إنضم
- 19/07/2003
- المشاركات
- 268
- مستوى التفاعل
- 1
- النقاط
- 18
أورد السيوطي رحمه الله في معرض حديثه عن أحوال السؤال والجواب في القرآن الكريم مثالا على أحد الأنواع وهو: العدول في الجواب عما يقتضيه السؤال إلى ما هو أولى منه تنبيها على أنه كان من حق السؤال أن يكون وهو ما يسميه السكاكي بالأسلوب الحكيم.
فأورد هذا المثال فقال: ( مثال ما عدل عنه قوله تعالى: ((( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج )))
سألوا عن الهلال لمَ يبدو دقيقا مثل الخيط ثم يتزايد قليلا قليلا حتى يمتلئ ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدأ فأجيبوا ببيان حكمة ذلك تنبيها على أن الأهم السؤال عن ذلك لا ما سألوا عنه, كذا قال السكاكي ومتابعوه واسترسل التفتازاني في الكلام إلى أن قال لأنهم ليسوا ممن يطلع على دقائق الهيئة بسهولة )
ثم عقب على هذا المثال بقوله: ( وأقول ليت شعري من أين لهم أن السؤال وقع عن غير ما حصل الجواب به وما المانع من أن يكون إنما وقع عن حكمة ذلك ليعلموها فإن نظم الآية محتمل لذلك كما أنه محتمل لما قالوه والجواب ببيان الحكمة دليل على ترجيح الاحتمال الذي قلناه وقرينة ترشد إلى ذلك إذ الأصل في الجواب المطابقة للسؤال والخروج عن الأصل يحتاج إلى دليل ولم يرد بإسناد لا صحيح ولا غيره أن السؤال وقع على ما ذكروه بل ورد ما يؤيد ما قلناه فأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال بلغنا أنهم قالوا يا رسول الله لم خلقت الأهلة فأنزل الله يسألونك عن الأهلة فهذا صريح في أنهم سألوا عن حكمة ذلك لا عن كيفيته من جهة الهيئة ولا يظن ذو دين بالصحابة الذين هم أدق فهما وأغزر علما أنهم ليسوا ممن يطلع على دقائق الهيئة بسهولة وقد اطلع عليها آحاد العجم الذين أطبق الناس على أنهم أبلد أذهانا من العرب بكثير هذا لو كان للهيئة أصل معتبر فكيف وأكثرها فاسد لا دليل عليه وقد صنفت كتابا في نقض أكثر مسائلها بالأدلة الثابتة عن رسول الله الذي صعد إلى السماء ورآها عيانا وعلم ما حوته من عجائب الملكوت بالمشاهدة وأتاه الوحي من خالقها ولو كان السؤال وقع عما ذكروه لم يمتنع أن يجابوا عنه بلفظ يصل إلى أفهامهم كما وقع ذلك لما سألوا عن المجرة وغيرها من الملكوتيات )
والمراد من سوق هذا المثال ما جعلته بلون مغاير , فقد جعل هذا مسلكا من مسالك نقد القول الأول إضافة إلى غيرها من الأدلة
وبمثل هذه الطريقة يجدر بنا التعامل مع أقوال الصحابة رضي الله عنهم وفهمها.
فأورد هذا المثال فقال: ( مثال ما عدل عنه قوله تعالى: ((( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج )))
سألوا عن الهلال لمَ يبدو دقيقا مثل الخيط ثم يتزايد قليلا قليلا حتى يمتلئ ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدأ فأجيبوا ببيان حكمة ذلك تنبيها على أن الأهم السؤال عن ذلك لا ما سألوا عنه, كذا قال السكاكي ومتابعوه واسترسل التفتازاني في الكلام إلى أن قال لأنهم ليسوا ممن يطلع على دقائق الهيئة بسهولة )
ثم عقب على هذا المثال بقوله: ( وأقول ليت شعري من أين لهم أن السؤال وقع عن غير ما حصل الجواب به وما المانع من أن يكون إنما وقع عن حكمة ذلك ليعلموها فإن نظم الآية محتمل لذلك كما أنه محتمل لما قالوه والجواب ببيان الحكمة دليل على ترجيح الاحتمال الذي قلناه وقرينة ترشد إلى ذلك إذ الأصل في الجواب المطابقة للسؤال والخروج عن الأصل يحتاج إلى دليل ولم يرد بإسناد لا صحيح ولا غيره أن السؤال وقع على ما ذكروه بل ورد ما يؤيد ما قلناه فأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال بلغنا أنهم قالوا يا رسول الله لم خلقت الأهلة فأنزل الله يسألونك عن الأهلة فهذا صريح في أنهم سألوا عن حكمة ذلك لا عن كيفيته من جهة الهيئة ولا يظن ذو دين بالصحابة الذين هم أدق فهما وأغزر علما أنهم ليسوا ممن يطلع على دقائق الهيئة بسهولة وقد اطلع عليها آحاد العجم الذين أطبق الناس على أنهم أبلد أذهانا من العرب بكثير هذا لو كان للهيئة أصل معتبر فكيف وأكثرها فاسد لا دليل عليه وقد صنفت كتابا في نقض أكثر مسائلها بالأدلة الثابتة عن رسول الله الذي صعد إلى السماء ورآها عيانا وعلم ما حوته من عجائب الملكوت بالمشاهدة وأتاه الوحي من خالقها ولو كان السؤال وقع عما ذكروه لم يمتنع أن يجابوا عنه بلفظ يصل إلى أفهامهم كما وقع ذلك لما سألوا عن المجرة وغيرها من الملكوتيات )
والمراد من سوق هذا المثال ما جعلته بلون مغاير , فقد جعل هذا مسلكا من مسالك نقد القول الأول إضافة إلى غيرها من الأدلة
وبمثل هذه الطريقة يجدر بنا التعامل مع أقوال الصحابة رضي الله عنهم وفهمها.