السيرة النبوية والقرآن

إنضم
03/04/2003
المشاركات
34
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
[align=center]
بسم الله الرحمن الرحيم
( السيرة النبوية والقرآن )

العطف عند اللغويين يقتضي المغايرة لكنه لا يقتضي المغايرة من كل وجه كما هو قول محققيهم


لذا بإمكانك أن تغير هذا الموضوع لتقول ( السيرة النبوية هي القرآن ) ولا تثريب عليك ..


فقد سبقتك إلى قريب من هذا من هي أفقه منك حين قالت لمن سألها عن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم : ( ألست تقرا القرآن ؟ )


قال : بلى . قالت : ( فإن خلق نبي اله صلى الله عليه وسلم كان القرآن )


فالسيرة النبوية الحياتية تعتبر بحق هي المذكرة التفسيرية الشارحة الموضحة للقرآن ..


وإن أنواعا عظيمة من فقه كتاب الله وفهم معانيه .. ومعرفة مقاصده وغاياته .. والتي يمكن من خلالها تنزيل أحكامه وتشريعاته على واقع الناس وحياتهم في مختلف الأزمنة والأمكنة تبقى متوقفة على الاطلاع على وقائع السيرة وأحداثها التي غالبا ما تكون سببا من أسباب نزول بعض الآيات ..


فإذا أضفنا لذلك أن القرآن قد شمل عموم أحداث السيرة النبوية بالذكر إما على سبيل الإجمال والإشارة، أو على سبيل التفصيل والتحليل.. تبين مدى الترابط العميق بين السيرة النبوية والقرآن ..


إن عرض وقائع السيرة في كتاب الله يختلف كليا عن أي عرض آخر؛ فهو عرض تحليلي ينتقل بقارئه إلى عمق الحدث وإن لم يغرقه في تفاصيله وملابساته الدقيقة ..


ويشعر القارئ المتدبر لآيات السيرة أنه يعايش الحدث ويستصحبه معه إلى الزمان والمكان الذي هو فيه؛ من خلال ما يعرض في ثناياه من الحكم والدروس والعبر والدلالات والإشارات التي لا يجد القارئ معها أي كلفة في تنزيلها على واقعه القريب والبعيد.. والاستفادة منها على صعيد حياته الشخصية أو الاجتماعية ..


كما يستفيد منها في تقييم الواقع من حوله حتى يكاد يرى بنور الله؛ ما الله صانع ..


وما قصة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في تنزيل آيات سورة الأحزاب على واقعه تنزيلا دقيقا ، ثم توقعه للنتائج قبل وقوعها ، ثم وقوعها كما ذكر من خلال تأمله وقياسه الواقع بالواقع والنتائج بالنتائج عنا ببعيد ..


إنها دعوة للجميع .. ولدارسي القرآن بالخصوص إلى مزيد العناية بعلم السيرة النبوية باعتباره رافدا مهما من روافد تفسير القرآن وتدبره .. ومن أكبر المعينات على إصلاح الحياة بالقرآن ..


إذ إن السيرة النبوية بمفهومها الواسع الشامل هي التطبيق العملي للوحي الرباني ( كتاباً وسنة ) ..


وبكثرة مدارستها وتأملها ينفتح للعبد من الفقه في كتاب الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ما لا يقادر قدره.. ولا يحاط بوصفه ..


وأنت واجد أن فقهاء الأمة وعلماءها الربانيين الذين عليهم المعول في سائر الأزمان هم أكثر الناس تضلعا وقربا من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة بسنته وتفاصيل حياته ..


كما أنها دعوة لدارسي السيرة ألا يقتصروا في دراستهم وبحثهم على كتب السيرة حتى يراجعوا ما نزل في ذلك الحدث من الآيات، وما تضمنته من الوقفات والدلالات ..



وأدع المجال لمشايخنا وإخواننا ليزيدوا الأمر وضوحا وجلاء بتقويمهم ونقاشهم وتعليقهم


سائلا الله أن يرزقنا الفقه في الدين وأن يحشرنا في زمرة أوليائه المتقين
والحمد لله رب العالمين
[/align]
 
بوركت يا أبا محمد وفقك الله ونفع بجهودك في ملتقى السيرة النبوية أنت ومن معك من الفضلاء .
وما تفضلتم به كتبت فيه بحوث ورسائل علمية تحدثت عن السيرة النبوية من خلال القرآن الكريم ، وبعض هذه الدراسات مطبوعة .
 
[align=center]شكر الله لك أبا عبد الله مرورك وحفاوتك وإفادتك

والطيب من معدنه لا يستغرب

فقد كنت نعم الموجه والمستشار

ولاأنسى حفاوتك بالمشروع يوم كان مجرد فكرة

ثم دعمك العلمي والمعنوي في وقت الإعداد

ثم فرحتك واستبشارك به يوم أطلق

ولم تكتف بذلك حتى أعلنت عنه في هذا الملتقى المبارك

وإن مما أستبشر وأتفاءل به كثيراً أن يكون فضيلتكم هو أول من شارك معنا في ملتقى السيرة ..

وليس بهذا بمستغرب على كرمكم وفضلكم ..

ورغم تقديرنا لكثرة أشغالك ومشاريعك النافعة المباركة ... فإن ملتقانا يحن إلى شيء من قلمك وعلمك تضيء به نواحيه .. وتنير به جنباته ..

وفقك الله وبارك فيك

ونفع بجهودك وجهود جميع مشايخنا وإخواننا في هذا الملتقى الذي يعتبر بحق أنموذجا يحتذى في عالم المنتديات والمواقع العلمية ..
[/align]
 
رد منقول (للدكتور عبد الرزاق مرزوق)

رد منقول (للدكتور عبد الرزاق مرزوق)

اطلعت على المقال (السيرة والقرآن) في ملتقى السيرة النبوية ثم رأيته هنا في هذا الملتقى المبارك
وحتى تكتمل الفائدة أحب أنقل لكم ما أضافه الشيخ/ عبد الرزاق مرزوق على المقال وهو أحد مشايخ المغرب المتخصصين في السيرة النبوية

وهي لفتة تدبرية في قوله تعالى (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبوا آياته)
وقبل أن أدعك تستمتع بما كتب أريد منك تفضلا أن تربط أصل المقال بهذه الإضافة حتى تتم الفائدة

وإليكم هذه اللفتة:
يقول:


لولا السيرة النبوية لما شوهد لآيات الكتاب دلالة ..

ولا رؤي لمراد الله تعالى منه مشهد

ينقله من السطر والصدر

إلى واقع الحياة ...

بل ما كان اصطفاء النبي صلى الله عليه وسلم ..

وما من غاية لتكريمه بشتى المناقب والشمائل

والفضائل والخصائص إلا تهيئته لتلقي الوحي المنزل ...

فتعلق فهم القرآن بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم

كتعلق الإبصار بالنور ...

وانظر رعاك الله إلى قوله تعالى من سورة ص ( 29 )

( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته

وليتذكر أولوا الألباب )

كم جمع من أسرار هذا المعنى ..

وكيف مزجت الآية الكريمة

- في ذكر مقتضيات تدبر القرآن -

بين خصال الكتاب المتدبَّر وخصال من نزل عليه ؛

بحيث لا يكون لتدبر الآية من القرآن معنى

إلا بتأمل معانيه ، وتأمل صلته بمن نزل إليه

في آن واحد ...

فإن تأمل العبد أحدهما دون تأمل الآخر

كان تدبره ناقصا لا محالة .

فكأن نفس وجوده صلى الله عليه وسلم

من خصائص الكتاب التي تقتضي لزوم تدبره

لشدة تلازمهما ..

ولعل الآية الكريمة اكتفت لأجل هذا

بأقل ما يشير إليه صلى الله عليه وسلم

دون التفصيل والإسهاب في عد فضائله

لئلا يظن أن في انفصالهما دليلا

على إمكان الاستقلال بأحدهما

في تحقيق التدبر المشروع ، والله أعلم .

ثم حلى الفعل بلام الغاية بيانا لغاية نزول الكتاب

على النبي صلى الله عليه وسلم

لا بيانا لغاية نزوله المجرد

ولو كان استحضار حال من نزل عليه القرآن

غير معتبر في تحقيق الغاية من نزوله لما قال ( إليك ) ..

فهاهنا ثلاثة ضمائر :

ضمير يعود على المـنزَل ،

وضمير يعود على المنـزل عليه ،

وضمير يعود على المنـزل لأجلهم ...

فالأول والثالث للغائب ،

والوسط للمخاطَب تنويها واحتفالا بحضوره ،

وإشارة إلى تعلق سبب النـزول به

اصطفاء واجتباء ،

وتنبيها إلى أثره الجلل

في نقله عن ربه عز وجل إلى الخلق

وتحمله عن جبريل عليه السلام ،

ولولا ذلك ما عرفوه ولا دروه ،

وكذا تذكيرا بشرطية استحضاره صلى الله عليه وسلم

أثناء تدبر الكتاب تقديما وتأسيا واتباعا ...

فإن قلت : ( قوله تعالى في الآية " إليك "

لم يشتمل من ذكر الموصوف

إلا على كاف الخطاب ... ،

فأين ذكر الشمائل والخصال ؟ ) ..

فالجواب : أن مجرد الإخبار بإنزاله إليه نداء عليه بغاية التكريم

لاختصاصه به واصطفائه صلى الله عليه وسلم لأجله ،

فلو تساءلت : من المراد بكاف الخطاب ؟ .. ،

ثم سماه لك من يعرفه لكفى بمجرد اسمه أمارة

على جلال خصاله وجمالها ،

فكيف لو دلك عليه فعرفت صورته الحسنى ....؟

وكيف لو خالطته فغمرتك صفاته المثلى ....؟

بل مجرد التفكر في فضل الكتاب الذي نزل إليه

دال على كمال خصاله صلى الله عليه وسلم ،

لاستحالة التجاذب والتساكن بين جنسين مختلفين ،

فلما اتحدا في زكاة مخرجهما توافقا وتعانقا ...

ألا ترى أن ( كتاب ) مبتدأ ،

وأن ( إليك ) داخلة في خبره

دخول الركن في البناء ...

فأخبر عن الكتاب وعرّفه بذكر من نزل إليه

ذكرا يعدل درجة آياته البينات في الدلالة عليه ..

فهذا من أوسع مداخل شخصه وسيرته صلى الله عليه وسلم

في سبب وجود الكتاب فضلا عن دخولها في تفسيره .

...........

وفيه سر آخر ألطف ،

وهو قوله ( إليك )

الدالة على المنح رعاية وعناية

ولم يقل ( عليك ) المشعرة بتحميل الأمانة ...

كقوله : - المزمل 5 - ( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا )

فهذا سياق وذاك سياق ...

بل قال ( إليك ) إشارة إلى أن سائر الخلق

تبع له صلى الله عليه وسلم

في استحقاق نعمة الكتاب ..

فصارت ( إليك ) مدار كل المعاني

التي ترمي إليها هذه الآية ..

وليعلم المأمورون بتدبر الكتاب

أن تدبرهم لا يصح ولا يستقيم إلا إذا تلبس

بسيرته صلى الله عليه وسلم وأحواله ...

ثم تأمل دخول كل ما ندندن حوله

في قوله تعالى : - القمر 17 -

( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) ..

ألا ترى أن له صلى الله عليه وسلم

في تيسر القرآن للذكر نصيبا عظيما ..

بما كابد من شدائد تنزله عليه ،

ولولا تحمله تلك المشاق

منذ أن فجئه جبريل عليه السلام في الغار ..

وغطه حتى بلغ منه الجهد مرارا ..

ثم صار صلى الله عليه وسلم كلما نزل عليه الوحي

عانى من ذلك شدة ...

لولا تحمله الشاق ذاك لما وجد العباد القرآن

ميسر التلاوة والفهم والتدبر والعمل ..

ولما تراكم هذا الكم الهائل المذهل

من تدبرات المصنفين في التفسير ...

فهذا من أعظم الأدلة على ما قرره

أخونا الشيخ سعد حفظه الله .

والله أعلم .
 
عودة
أعلى