أحمد علي الصريه
New member
﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾
﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا﴾
الراسخون لا يعلمون يقينا معاني الآيات المتشابهات لعدّة أسباب (طبعا أنصحكم أن تقرؤوا كلام الرازي في تفسير الآية لأن بعض حججه في هذه المسألة قويّة):
أولا: دلالة ﴿كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ يشير بأن الراسخون في العلم لا يعلمون التأويل
قال الرازي:
"الحُجَّةُ الخامِسَةُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ يَعْنِي أنَّهم آمَنُوا بِما عَرَفُوهُ عَلى التَّفْصِيلِ، وبِما لَمْ يَعْرِفُوا تَفْصِيلَهُ وتَأْوِيلَهُ، فَلَوْ كانُوا عالِمِينَ بِالتَّفْصِيلِ في الكُلِّ لَمْ يَبْقَ لِهَذا الكَلامِ فائِدَةٌ"
ثانيا: لو كان فعلا ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ عرفوا تأويل كل الآيات المتشابهات لكان تأويل الحروف المقطّعات معروفة، والأقوال القديمة في تأويلها أكثرها خطأ. هذه مسألة جانبية، لكن لازم أحد عندما يفسّر الحروف المقطّعات يجيب عن الأسئلة الآتية:
1 لماذا لم يستعمل نفس الحروف المقطّعات في كل موضع (مثل ﴿الٓمٓ﴾)؟
2 لماذا لم يستعمل الحروف المقطّعات في كل سور القرآن؟
3 لماذا الحروف المقطّعات دائما في ابتداء السور؟
أيضا، بعض الأسئلة العميقة مثل الحالات الخاصّة مثل: عدم ذكر حروف المقّطعات في سورة الزّمر، مع أن سورة ص وسورة غافر وسورة فصّلت...إلخ استعمل فيها حروف مقطّعات. أيضا، في سورة الشورى استعمل الحروف المقطّعات في أول آيتين، وفي هذه الحالات خاصة يجب أن يكون هناك تفصيل سبب لذلك كي تعرف تأويل الآية.
هناك آيات أخرى حتى العلماء الكبار في التفسير وجدّوا الصّعوبة في تأويلها، لكن أفضل مثال بالنسبة لي هو الحروف المقطعات. حتّى تأويل هذه الآية نفسه في هذه المسالة اختلفوا فيها.
إذن، ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ لا يعلمون تأويل كل الآيات المتشابهات. ولو زعم أحد أن معنى الآية بأنهم يعرفون تأويل بعض الآيات المتشابهات، فاسألهم "ماذا تفعلون مع الآيات التي لا تعرفون تأويله؟"، وظاهر ذكر الآيات المتشابهات في سياق الآية بمعنى كل الآيات المتشابهات ﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾.
وقد قيل بأن ذكر ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ بدلا من ﴿الْمُؤْمِنُونَ﴾ يدل على أن ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ يعلمون تأويله، لكنّ القول ليس صحيحا:
انظر إلى الآية الثانية الذي ذكر ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ فيها:
﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا﴾
﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ لديهم مرتبة أعلى من ﴿الْمُؤْمِنُونَ﴾، وإحدى الدلائل على ذلك هي أنّ ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ ذُكروا قبل ﴿الْمُؤْمِنُونَ﴾ في هذه الآية. فنحن نقول بأن ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ ذكروا في سياق تأويل المتشابهات لأن ذلك يشير إلى أنّ حتّى العلماء لا يعلمون تأويل كل الآيات المتشابهات. ويكون المسألة عكس ما قاله القائل: لو ذُكِر ﴿الْمُؤْمِنُونَ﴾ في هذا السياق بدلا من ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ لكان هناك أكثر مجالا لقائل أن يقول بأن ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ يعرفون تأويله لأنّهم أَعْلَم من ﴿الْمُؤْمِنُونَ﴾.
﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا﴾
الراسخون لا يعلمون يقينا معاني الآيات المتشابهات لعدّة أسباب (طبعا أنصحكم أن تقرؤوا كلام الرازي في تفسير الآية لأن بعض حججه في هذه المسألة قويّة):
أولا: دلالة ﴿كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ يشير بأن الراسخون في العلم لا يعلمون التأويل
قال الرازي:
"الحُجَّةُ الخامِسَةُ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ يَعْنِي أنَّهم آمَنُوا بِما عَرَفُوهُ عَلى التَّفْصِيلِ، وبِما لَمْ يَعْرِفُوا تَفْصِيلَهُ وتَأْوِيلَهُ، فَلَوْ كانُوا عالِمِينَ بِالتَّفْصِيلِ في الكُلِّ لَمْ يَبْقَ لِهَذا الكَلامِ فائِدَةٌ"
ثانيا: لو كان فعلا ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ عرفوا تأويل كل الآيات المتشابهات لكان تأويل الحروف المقطّعات معروفة، والأقوال القديمة في تأويلها أكثرها خطأ. هذه مسألة جانبية، لكن لازم أحد عندما يفسّر الحروف المقطّعات يجيب عن الأسئلة الآتية:
1 لماذا لم يستعمل نفس الحروف المقطّعات في كل موضع (مثل ﴿الٓمٓ﴾)؟
2 لماذا لم يستعمل الحروف المقطّعات في كل سور القرآن؟
3 لماذا الحروف المقطّعات دائما في ابتداء السور؟
أيضا، بعض الأسئلة العميقة مثل الحالات الخاصّة مثل: عدم ذكر حروف المقّطعات في سورة الزّمر، مع أن سورة ص وسورة غافر وسورة فصّلت...إلخ استعمل فيها حروف مقطّعات. أيضا، في سورة الشورى استعمل الحروف المقطّعات في أول آيتين، وفي هذه الحالات خاصة يجب أن يكون هناك تفصيل سبب لذلك كي تعرف تأويل الآية.
هناك آيات أخرى حتى العلماء الكبار في التفسير وجدّوا الصّعوبة في تأويلها، لكن أفضل مثال بالنسبة لي هو الحروف المقطعات. حتّى تأويل هذه الآية نفسه في هذه المسالة اختلفوا فيها.
إذن، ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ لا يعلمون تأويل كل الآيات المتشابهات. ولو زعم أحد أن معنى الآية بأنهم يعرفون تأويل بعض الآيات المتشابهات، فاسألهم "ماذا تفعلون مع الآيات التي لا تعرفون تأويله؟"، وظاهر ذكر الآيات المتشابهات في سياق الآية بمعنى كل الآيات المتشابهات ﴿وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾.
وقد قيل بأن ذكر ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ بدلا من ﴿الْمُؤْمِنُونَ﴾ يدل على أن ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ يعلمون تأويله، لكنّ القول ليس صحيحا:
انظر إلى الآية الثانية الذي ذكر ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ فيها:
﴿لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا﴾
﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ لديهم مرتبة أعلى من ﴿الْمُؤْمِنُونَ﴾، وإحدى الدلائل على ذلك هي أنّ ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ ذُكروا قبل ﴿الْمُؤْمِنُونَ﴾ في هذه الآية. فنحن نقول بأن ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ ذكروا في سياق تأويل المتشابهات لأن ذلك يشير إلى أنّ حتّى العلماء لا يعلمون تأويل كل الآيات المتشابهات. ويكون المسألة عكس ما قاله القائل: لو ذُكِر ﴿الْمُؤْمِنُونَ﴾ في هذا السياق بدلا من ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ لكان هناك أكثر مجالا لقائل أن يقول بأن ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ يعرفون تأويله لأنّهم أَعْلَم من ﴿الْمُؤْمِنُونَ﴾.