الراجح في الوقف على راء"نذر" في سورة القمر

إنضم
14/06/2010
المشاركات
159
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما رأي المشايخ الكرام في الوقف على راء( نذر)في سورة القمر بالترقيق...أرجو مناقشة المسألة وذكر الراجح فيها
 
قال الديواني - رحمه الله - في شرح روضة التقرير:
((ولو وقعت المكسورة بعد الضمّ [ص77] أو الفتْح ووقفتَ بالسكون فالتَّفخيمُ لا غير، وإن وقفت بالرَّوم فالتَّرقيق لا غير، فمثال وقوعِها بعد الضم: فكيف كان عذابي ونُذُر، وبعد الفتح: على قدَر
 
وقفت على كلام للشيخ عبد الرازق موسى في هذهالمسألة ،أنقله هنا كما نقله أحد أعضاء الملتقى،ونصه(جرى العمل بين القراء والمقرئين على الترقيق وقفا في كلمة (يسر) في سورة الفجر.كماجرى العمل بينهم على التفخيم وقفا في كلمة (ونذر) المسبوقة بواو في سورة القمر في مواضعهاالستة.وتركوا الوجه الثاني في الكلمتين وهو التفخيم في يسر والترقيق في (ونذر)وقفا، وما جرى عليه العمل بين القراء هو الصحيح كما قال الحافظ ابن الجزري وهوالذي عليه عمل أهل الأداء . كما سنبينه،ولكن هناك من أفتى بأن المقدم في الأداء هوالترقيق في كلمة(ونذر) وقفا وأقرأ غيره به، متمسكين بما ذكره الشيخ إبراهيم شحاتهالسمنودي في نظمه المخطوط، والضباع في إرشاد المريد ص 112 الذي استحسن الترقيقفيها ولم يذكر سببه ولم يروه عن أحد غيره، وكذلك المتولي في فتح المعطي ص 48 فقدذكر أن الحكم فيها وفي يسر الترقيق على ما اختاره ابن الجزري ي تعالى . وبعضهم قالفي النشر فرقا بين كسرة الإعراب وكسرة البناء، وبالرجوع إلى النشر لم نجد أساسالما بنوا عليه هذا الحكم لا نصا ولا قياسا ـ كما سنوضحه.وقد بحثنا المسألة معشيوخنا . ومنهم فضيلة الشيخ أحمد عبد العزيز الزيات الذي قال : لم نقرأ ولم نقرئإلا بالتفخيم في كلمة (ونذر) وقفا.ويبدوا أن المتولى قاسها على كلمة (يسر) فيالفجر على غير قياس . فلعله سهو منه ومن تبعه في ذلك.وإذا قيل : إن المتولى قاسهاعلى يسر في الفجر باجتهاد منه؟ فالجواب على ذلك أنه قياس غير صحيح لأن الكلمتينمختلفتان كما سنبينه. وكان على المتولي أن ينسب هذا القياس لنفسه. ولا ينسبه إلىابن الجزري كما فعل في فتح المعطي.نعود إلى النشر في الوقف على الراء جـ 2/110فنذكر منه نصوصا تبين لنا أن ابن الجزري لم يتعرض لكلمة (ونذر) بصفة خاصة وأن كلمة(ونذر) تختلف عن كلمة (يسر) من عدة وجوه نذكرها لئلا يتبادر إلى الذهن أنهما سواءفي الحكم.أولا/ابن الجزري قال في النشر جـ 2/110: القول بتفخيم الراء حالة السكونوقفا هو المقبول المنصور، وهو الذي عليه عمل أهل الأداء. أقول ما لم يكن هناك موجبللترقيق ولم يستثن كلمة (ونذر) واستثنى (يسر) فرقا بين كسرة الإعراب وكسرة البناء.ثانيا/ من المتفق عليه أن التفخيم أولى في كلمة (بالنذر) وقفا في سورة القمرأيضا. ولا فرق بين الكلمتين في الحركات والنطق. ولم يسبق الراء فيهما ما يوجبالترقيق بل سبقهما ما يوجب التفخيم وهو وجود ضمتين قبل الراء فيهما. فينبغيالتسوية بينهما في الحكم. وهناك فرق تقديري وهو أن الراء في بالنذر متطرفة حقيقة.وفي (ونذر) متوسطة تقديرا بياء الإضافة.وهذا الفرق لا يوجب الترقيق لأن ابن الجزريلم يذكرها مع يسر كما سنذكره.ثالثا/ ذكر ابن الجزري في التنبيه السابع في الكلامعلى ما يرقق فرقا بين كسرة الإعراب وكسرة البناء ثلاث كلمات بالتحديد (أن أسر)وقفا عند من قطع وسكون النون وكذلك (فاسر) عند من قطع أو وصل، يحتمل التفخيم لعروضالسكون ويحتمل الترقيق، ولم يرجح أحدهما على الآخر ثم قال: وكذلك الحكم في (والليلإذا يسر) في الوقف بالسكون على قراءة من حذف الياء فحينئذ يكون الوقف بالترقيقأولى.أهـ بتصرف.أقول: هذا ما ذكره ابن الجزري في هذه المسألة مقتصرا على هذهالكلمات فقط ولم يعمم بنحو ذلك ولم يتعرض لكلمة ونذر كما تعرض لكلمة يسر لأنالترقيق في كلمة يسر مستساغ. إذ قبل الراء حرف مستفل ساكن وقبله فتحة. والفتحة أخفمن الضمة فهي تشبه كلمة أن أسر من كل الوجوه لذلك ألحقت بها بخلاف ونذر فهي تشبهبالنذر قي الحكم وابن الجزري لم يستثنها ولم يخصها بحكم. لم يقل بذلك أحد إلاالمتولي. رابعا/الراء والياء في كلمة (ونذر) تختلفان عنهما في كلمة (يسر) أصليةلأنها لام الكلمة إذ أصلها يسري على وزن يفعل والراء فيها عين الكلمة فهي متوسطةوكسرتها كسرة بنية وقبلها ساكن مثل (أن أسر) و(فاسر)؛ لذلك ألحقها ابن الجزري بهما. أما الباء في (ونذر) فهي ياء إضافة زائدة والراء متطرفة لأنها لام الكلمةوكسرتها ليست أصلية وقبلها ضمتان والضم موجب للتفخيم ولذلك لم يدخلها ابن الجزريفي باب أن أسر.وتركها مع بالنذر ونحوها تحت قاعدة واحدة. ولم يخصها بحكم.خامسا/وهو أهم فارق بينهما. أن الراء في ونذر معربة وكسرت لمناسبة ياء الإضافة عند منأثبتها وفي غير القرآن يمكن رفعها نحو جاء نذر فلان، أما كسر الراء في يسر فهيكسرة بناء أي بنية الكلمة لأن الراء عين الكلمة لا تتغير في جميع الأحوال. ولذلكرققت فرقا بين كسر البنية وكسرة الإعراب. فكيف للمتولي ومن تبعه أن يسوي بينهما فيالحكم؟ لعل هذا من باب السهو.هذا ما في النشر ومثله في تقريب النشر ص 74 . فبعد أنذكر الترقيق فيها إذا كان قبلها كسرة أو ساكن بعد كسرة أو ياء مكسورة . أو ألفممالة، أو راء مرققة لورش في (بشرر) قال: وإن كان قبلها غير ذلك فهي مفخمة سواءكانت مكسورة وصلا أم لم تكن. نحو ( بعصاك الحجر) و (لا وزر) وليفجر، والنذر،والشجر، والفجر، وليلة القدر، وذكر بعضهم جواز ترقيق المكسورة في ذلك لعروض الوقفوالصحيح التفخيم. أ.هـ. أقول: مقابل الصحيح الواهي الذي لم يعمل به عند أهل الأداءكما في الإتحاف.ومن بين الأمثلة التي يشملها كلام ابن الجزري في هذه القاعدة كلمة: بالنذر، بالقمر ، يجوز ترقيقها والصحيح التفخيم كما قال ابن الجزري، والمعولعليه عند أهل الأداء . وتشمل الأمثلة أيضا كلمة (ونذر) بالقمر، ما دام الحافظوغيره من العلماء القدامى لم يستثنها ، ولولا أنه استثنى كلمة (يسر) لدخلت في هذهالقاعدة . وصارت مثل: والفجر، وليلة القدر.ويرد على الضباع بالإضافة إلى ما ذكربأن الشيخ الحصري سجل القرآن لأول مرة عام 1950 تحت إشراف لجنة علمية في عهده ،ولم يقف عليها بالترقيق ولم يأمر بذلك .وكذلك وقف عليها بالتفخيم فضيلة الدكتورالشيخ على الحذيفي الإمام بالحرم النبوي الشريف وغيرهما من القراء. والقراءة سنةمتبعة بشرط اتفاق القراء على العمل بها، واتباع ما عليه العمل في الأداء.الخلاصة:أنني لم أعثر في كتب ابن الجزري التي بين أيدينا ولا في كتب العلماء القدامى مثلالبنا في إتحافه ص 98 والإمام النويري وشراح الجزرية لم أعثر على نص يخص كلمة ونذرباختيار الترقيق وقفا لابن الجزري كما ذكر المتولي والمأخوذ من كلامهم أن الحكمفيها هو التفخيم وقفا وهو الصحيح المنصور وعليه عمل القراء والمقرئين. واللهأعلم.أ.هـ قال الإمام شمس الدين محمد بن قاسم البقري(تـ1111هـ) ـ ـ في كتابه(غنيةالطالبين ومنية الراغبين) في كلامه عن أحكام الراء:(( فإن وقفت عليها فلا تخلو منأن تكون مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة فإن انفتحت أو ضُمت وقفت عليها بالتفخيم ، نحوقوله تعالى )الكوثر): (الأبتر) الكوثر: ٣ ، وإن انكسرت فقف عليها بالترقيق ،نحو:قادِر،ساحِر ، فإن سَكَنَ ما قبلها فلك فيها وجهان التفخيم والترقيق ، والأول أصحوعليه المعوَّل ، فإن وقع قبلها حرف استعلاء فخمت اتفاقا ، وإن انضم ما قبلها فخمتقولا واحدا.مثال ما إذا سكن ما قبلها وهي مكسورة:القَدْرِ،الفجرِومثال ما إذا انضمما قبلها ، نحو: نُذُروسعر)وقال الإمام أبو الحسن الصَّفاقُسي (تـ 1118هـ) ـ ـ فيكتابه( تنبيه الغافلين وإرشاد الجاهلين): (( إذا وقفتَ على الراء بالسكون نظرت إلىما قبله ، فإن كان ما قبله كسرة نحو: مُنْذِر ، أو ساكن بعد كسرة نحو: الشِعْر ،أو ياء ساكنة نحو: العِيْر،لاضَيْر ، أو ألف ممالة نحو: الدار،الأبرار عند من أمال، أو راء مرققة نحو:بِشَرَر رقّـَقَّـتَه.وإن كان قبله غير ذلك فخمتَه ، ولو كانفي الأصل مكسورا ، هذا هو المعول عليه عند جميع الحُذَّاق ، وبه قرأنا على جميعشيوخنا

 
راء نذر والله اعلم القول بها على وجهين
فمن قال بالترقيق اعتبر ان أصل الكلمة ونذري فلذلك رققت الراء
ومن قال بالتفخيم اعتبر ان الراء سكنت لعارض الوقف وما قبلها مضموم لذلك فهي تفخم.
والله اعلم.
 
عند الوقف
الراء في {يسر} سكنت بعد سكون حرف مستفل، ليس قبله كسر لازم.
وفي {ونذر} سكنت بعد ضم،
والقاعدة تقول بالتفخيم فيهما
يا ترى ما الذي جعل ابن الجزري و المتولي ومن تبعهم يعودون إلى أصل الكلمتين للحكم باستثنائهما أو إحداهما، وهل لهم في ذلك مستند نقلي ؟
وبعبارة أوضح: من قال بأن الراء المكسورة في أصل بنية الكلمة لا تفخم في كل الأحوال.
ومن قال بأن توسط الراء تقديرا يمنع من تفخيمها ؟
 
هذا بحث كتبته منذ أكثر من سبع سنوات في هذا الملتقى، أحببت أن أعيد بثّه هنا لعل البعض يستفيد منه.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلّم



المسألة السادسة عشر : قياس { ونذر } على ( فأسر ، أن أسر ، إذا يسر ) في ترقيق الراء وقفاً :


اعلم حفظك الله أنّه اختلف المتأخرون في حكم ترقيق الراء وقفاً على { ونذر} إلى فريقين : فريق يقول بالتفخيم محتجين بالنصوص والأداء من أفواه المشايخ ، وفريق يقول بالوجهين مع تقديم الترقيق على التفخيم قياساً على ( فأسر ، أن أسر ، إذا يسر ) حيث ذكر ابن الجزري جواز الترقيق وقدّمه على التفخيم في هذه الكلمات لأجل الياء المحذوفة اعتباراً بالأصل وهو وجود الياء المتطرّفة قبل حذفها ( فأسري ، أن أسري ، إذا يسري ) إذ الراء في هذه الكلمات تكسر في الوصل والوقف عند إثبات الياء ، والكسر موجب للترقيق.
إذن فالقياس مبنيّ على :
- أصل : وهو حذف الياء في ( فأسر ، أن أسر ، إذا يسر ) ،
- وفرع : هو { ونذر} ،
- وسبب : هو حذف الياء بعد الراء المكسورة ،
- وحكم : جواز ترقيق الراء وتقديمه على التفخيم.

وقبل الخوض في المسألة أريد أن أتعرّض إلى الأصل المعتمد عليه في هذه المسألة وهو ترقيق الراء في ( فأسر ، أن أسر ، إذا يسر ). قال ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى : " (السابع) الوقف بالسكون على (أن اسر) في قراءة من وصل وكسر النون يوقف عليه بالترقيق. أما على القول فإن الوقف عارض فظاهر وأما على القول الآخر فإن الراء قد اكتنفها كسرتان، وإن زالت الثانية وقفاً فإن الكسرة قبلها توجب الترقيق. فإن قيل إن الكسر عارض فتفخم مثل (أم ارتابوا) فقد أجابَ بما تقدم أن عروض الكسر هو باعتبار الحمل على أصل مضارعه الذي هو يرتاب. فهي مفخمة لعروض الكسر فيه بخلاف هذه. والأولى أن يقال كما أن الكسر قبل عارض فإن السكون كذلك عارض وليس أحدهما أولى بالاعتبار من الآخر فيلغيان جميعاً ويرجع إلى كونها في الأصل مكسورة فترقق على أصلها. وأما على قراءة الباقين وكذلك (فأسر) في قراءة من قطع ووصل فمن لم يعتد بالعارض أيضاً رقق وأما على القول الآخر فيحتمل التفخيم للعروض ويحتمل الترقيق فرقاً بين كسرة الإعراب وكسرة البناء إذ كان الأصل (أسرى) بالياء وحذفت الياء للبناء فبقي الترقيق دلالة على الأصل وفرقاً بين ما أصله الترقيق وما عرض له وكذلك الحكم في (والليل إذا يسر) في الوقف بالسكون على قراءة من حذف الياء فحينئذٍ يكون الوقف عليه بالترقيق أولى. والوقف على (والفجر) بالتفخيم أولى والله أعلم." انتهى كلامه عليه رحمة الله تعالى.

أقول : من تمعّن جيّداً في كلام ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى يتبيّن له ما يلي :

أوّلاً : أثباته لوجه الترقيق وتقديمه على التفخيم في هذه الكلامات كان باجتهاد محض اعتداداً بالأصل.

ثانياً : لم يَعزُ هذا الوجه لأيّ واحد ممن سبقه من أهل الأداء ولم يذكر أيّ نصّ في ذلك.

ثالثاً : لم يذكر أنّه قرأ بوجه الترقيق في هذه الكلمات عن مشايخه إذ لو قرأ به لأخبر بذلك كعادته.

رابعاً : الاعتداد بالأصل لا يَعني صحة الوجه والدليل على ذلك أنّه لم يعتبر به في لفظ { الفجرِ } حيث رجّح التفخيم على الترقيق مع أنّ الأصل في الراء هو الكسر الموجب للترقيق.

خامساً : مخالفته للنصوص التي دلّت على التفخيم في الراء إذا سُبقت بفتح وحال بينها وبين الفتح ساكن كما سيأتي بيانه.

سادساً : العبرة بما ثبت بالنصّ والأداء كما قال الداني عليه رحمة الله تعالى : " مع الإعلام بأنّ القراءة ليست بالقياس دون الأثر"


إذن فالترقيق في هذه الكلمات غير مسلّم به ، بل يحتاج إلى نظر لأنّه قائم على اجتهاد يحتمل الخطأ الوصواب وهو يفيد الظنّ ، والقطع به مستبعد لما سبق من البيان.

أقول : إن كان الأصل المعتمد عليه في المسألة يحتاج إلى نظر فما نقول في الفرع أي في حكم ترقيق راء { ونذر} ؟


الآن نعوذ إلى الكلام في الفرع وهو لفظ { ونذر } فأقول : إنّ أوّل من قال بترقيقها كما ذكر الشيخ المحقق عبد الرازق إبراهيم موسى حفظه الله تعالى ( عند تحقيقه لكتاب شرح الفاسي على الشاطبية ) هو الشيخ الطباخ في كتابه فتح المنان حيث ذكر عدداً من الكلمات منها ( ونذر ، الجوار ، مفتر ، تمار ، ولم أدر ، هار ) ثمّ تبنّى هذا القول العلامة المتولّي في فتح المعطي في لفظ {ونذر} ولم يتجاوزه وتبعه في ذلك العلامة الضباع حيث استحسن الترقيق في أرشاد المريد وكذا العلامة السمنودي في لآلئ البيان ثمّ صار الوجه معمولاً به. ويبدو أنّ المتولّي قاسها على { يسر} كما ذكر صاحب الفضيلة المحقق عبد الرازق علي إبراهيم موسى ، وسببه أنّ بن الجزري ذكر في النشر ما يرقّق فرقاً بين كسرة الإعراب وكسرة البناء في ثلاث كلمات بالتحديد وهي { أن أسر } عند من قطع وسكن النون وكذلك { فأسر } عند من قطع ووصل وكذا { والليل إذا يسر } في الوقف على السكون على قراءة من حذف الياء. ولم يتعرّض بن الجزري إلى كلمة { ونذر } لا من قريب ولا من بعيد. وما ذهب إليه بعض أهل الأداء إلى قياس { ونذر} على { فأسر} وأخواتها غير مسلّم به لعدّة أسباب :


أوّلاً : إنّ وجه الترقيق في { ونذر } مخالف للنصوص الصريحة التي مقتضاها تفخيم الراء المتطرفة إلاّ إذا وُجد سبب موجب الترقيق وهو وجود قبل الراء كسر أو ياء ساكنة أو إمالة أو ترقيق وذلك في { بشرر } لورش من طريق الأزرق. قال ابن الجزري رحمه الله في طيّبته :
.............................وفي سكون الوقف فخّم وانصُرِ
مالم تكن من بعد يا ساكنة.....أو كسرٍ او ترقيقٍ او إمالة

وقال الشاطبيّ رحمه الله تعالى :
وترقيقها مكسورة عند وصلهم ....... وتفخيمها في الوقف أجمع أشملا
ولكنّها في وقفهم مع غيرها ..........تُرقق بعد الكسر أو ما تميّلا
أو الياء تأتي بالسكون ورومهم........

قال السخاوي في شرح الشطر الثاني من البيت الأوّل : "........فإن وقفت عليها بالسكون ولم ترم حركتها وكانت قبلها فتحة أو ضمة نحو { مطر } ، و { دُسُر}فخّمت الراء في مذهب الجميع ، وهو معنى قوله : " أجمع أشملا " أشار إلى إجماع القراء لأنّ موجب الترقيق معدوم." انتهى كلامه رحمه الله تعالى. وقال الإمام الداني في جامع البيان ص 359 : "فإن وَلِيَها فتحة أو ضمة وسواء حال بينهما وبينها ساكن أو لم يَحُل ، فالوقف عليها للكلّ بإخلاص الفتح لا غير ، وذلك نحو قوله { ألم تَرَ} و { الدُبُر} و{ الأمور} و{العُسْر} و {اليُسْر} وما أشبهه ". (المراد من كلام الداني " فالوقف عليها للكلّ بإخلاص الفتح لا غير " أي الوقف بالتفخيم لأنّه يُطلق لفظ الإمالة على الترقيق ويطلق لفظ الفتح على التفخيم في باب الراءات). أقول فإن قطع الداني بتفخيم الراء المتطرفة في نحو { العُسر} و { اليُسر} مع وجود ساكن بينها وبين الضمّ فيكون تفخيمها بعد ضمتين كما في { ونذر} آكد وأولى. وقد نقل الفاسي في شرحه على الشاطبية كلام الداني في كتاب الراءات فقال : " قال الحافظ أبو عمرو الداني في كتاب الراءات : فإن كان ما قبل الراء المكسورة فتحاً أو ضمّاً نحو : { ودُسُر} و {ونَهَر } وقفت بالتفخيم لا غير في مذهب الجماعة " 1/477. قال المحقق لكتاب شرح الفاسي على الشاطبية وهو الشيخ المحقق عبد الرازق إبراهيم موسى حفظه الله تعالى عند تعليقه على قول الشاطبي (وتفخيمها في الوقف أجمع أشملا) : " أقول إنّ كلمة {ونذر} في سورة القمر تدخل تحت هذه القاعدة فهي مفخّمة بإجماع حال الوقف بناء على ذلك و تفخيمها مجمع عليه إجماعاً شاملاً يشمل ورشاً وغيره كما قال الشارح والناظم وهو المعمول به بين القراء حتّى اليوم ولكن هناك بعض القراء رققوها وأمروا بترقيقها " انتهى كلامه.انظر هامش الكتاب 1/477. أقول : فإن ادّعى قوم أنّ التفخيم خاصّ برواية ورش فالجواب : إن كان ورش فخّمها فغيره يُفخّمها من باب أولى لانفراد ورش بترقيق الراءات خلافاً لغيره.

ثالثاً : إنّ وجه الترقيق في { ونذر } مخالف لإجماع أهل الأداء كما قال الشاطبيّ (وتفخيمها في الوقف أجمع أشملا) وكما أشار إلى ذلك السخاوي في شرحه للبيت والداني عند قوله "وقفت بالتفخيم لا غير في مذهب الجماعة".

رابعاً : القياس المعتمد عليه في هذه المسألة قياس غير صحيح كما ذكر الشيخ عبد الرّازق حفظه الله لعدّة أسباب :
السبب الأوّل : أنّ الياء في { يسر } أصلية لأنّها واقعة في لام الكلمة إذ أصلها يسري على وزن يفعل ، أمّا الياء في { ونذر } فهي ياء للإضافة زائدة.
السبب الثاني : إنّ الراء في { ونذر } معربة وإنّما كُسِرت لمناسبة ياء المتكلّم عند من أثبتها لكونها معطوفة على { عذابي } ويمكن رفعها في غير القرءان نحو جاء نذرُ فلان ، أمّا في {يسر} فهي كسرة للبناء لأنّ الراء في عين الكلمة لا تتغيّر في جميع الأحوال لذا رُقّقت فرقاً بين كسرة البناء وكسرة الإعراب على ما نصّه بن الجزري.
السبب الثالث : إنّ الراء { يسر } سُبقت بساكن وقبله فتح بخلاف راء { ونذر }فقد سبقت بضمتين فأين وجه القياس

خامساً : السبب الذي حمل ابن الجزري على إثبات وجه الترقيق في { فأسر } وأخواتها هو التفريق بين كسرة الإعراب وكسرة البناء ، وبين الكسرة الأصلية والكسرة العارضة قال : "ويحتمل الترقيق فرقاً بين كسرة الإعراب وكسرة البناء إذ كان الأصل (أسرى) بالياء وحذفت الياء للبناء فبقي الترقيق دلالة على الأصل وفرقاً بين ما أصله الترقيق وما عرض له" أقول : وهذا السبب منتفي بالنسبة ل { ونذر } لأنّ كسرتها للإعراب إضافة إلى كونها عارضة وإنّما عرضت للراء لمناسبتها لياء المتكلّم خلافاً ل{يسر } وأخواتها فإنّ كسرتها للبناء إضافة إلى كونها أصلية. إذن فليس هناك أيّ سبب يجمع بين الأصل والفرع أي بين {يسر} وأخواتها وبين { ونذر } اللهمّ إلاّ الياء المحذوفة المتطرّفة التي لم تكن السبب الذي حمل ابن الجزريّ على إثباته وجه الترقيق في تلك الكلمات ودليل ذلك تفريقه في الحكم بينها وبين غيرها من الكلمات التي حذفت ياؤها نحو ( فلا تمار ، ولم أدر ، الجوار ) وغيرها.

أقول : هذا مثال حيّ في مسألة بنيت على قياس غير صحيح ، وعلى أصل غير وثيق. فالقياس الغير الصحيح هو عدم اتفاق السبب بين الأصل والفرع أي بين { يسر}وأخواتها وبين { ونذر}. وأماّ الأصل الغير الوثيق كون الأصل المعتمد عليه هو في حدّ ذاته يحتاج إلى نظر وهو إثبات وجه الترقيق في { يسر} وأخواتها. ومما زاد الطين بلّة هو اعتماد بعض كبار العلماء على هذا القياس لإثبات وجه الترقيق في كل راء وقعت قبل ياء محذوفة. وقد سألت أحد كبار المشايخ في المدينة النبوية عن الدليل في ترقيق راء {ونذر } فاستدلّ بقول العلامة إبراهيم شحاته السمنودي حفظه الله تعالى في لآلئ البيان. فقلت له هل يعني مما تفضلتم به أنّ كل راء جاء بعدها ياء محذوفة يجوز أن ترقّق نحو { ولم أدر } و { وله الجوار } و { فلا تمار} فأجاب بنعم ، ولا أدري هل قال ذلك باجتهاده أو تبعاً للشيخ الطباخ في في كتابه فتح المنان ، مع علمنا فيما سبق أنّ مجرّد حذف الياء المتطرفة لم يكن السبب الذي حمل ابن الجزري على إثبات وجه الترقيق في راء { يسر} وأخواتها.

فإن قال قائل يجوز ترقيق الراء المتطرّفة إذا كانت مكسورة في الوصل اعتداداً بالأصل كما قال ابن الجزريّ رحمه الله : "والوقف على (والفجر) بالتفخيم أولى والله أعلم." ، فإن كان جائزاً في نحو {الفجر} فهو جائز في {ونذر}. الجواب : إنّ ما قاله ابن الجزريّ عليه رحمة الله تعالى مخالف للنصوص المتقدّمة ومخالف للإجماع المذكور آنفاً ، قد قال هو نفسه : " وقد قدمنا أن القول بالتفخيم حالة السكون هو المقبول المنصور وهو الذي عليه عمل أهل الأداء." ولأجل ذلك في في طيّبته :
.............................وفي سكون الوقف فخّم وانصُرِ
قال ابن الناظم في شرحه لهذا الشطر : " وقد شذّ من قال إنّ المكسورة تُرقق من حيث إنّ الوقف عارض فلذلك قال (وانصُرِ) أي انصُر القول بإطلاق التفخيم " شرح طيبة النشر لابن الناظم ص167. وقال البناء : " وقوله – أي ابن الجزري – والفجر بالتفخيم أولى تقدّم أنّ الصحيح فيه التفخيم للكلّ ومقابلة الواهي يعتبر عروض الوقف والله تعالى أعلم " اتحاف فضلاء البشر ص98.

تنبيه : قال ابن الجزريّ : "وقد تظهر فائدة الخلاف في الوقف على المكسور إذا لم يكن قبله ما يقتضى الترقيق فإنه بالوقف تزول كسرة الراء الموجبة لترقيقها فتفخم حينئذ على الأصل على القول الأول وترقق على القول الثاني من حيث إن السكون عارض وأنه لا أصل لها في التفخيم ترجع إليه فيتجه الترقيق. وقد أشار في التبصرة إلى ذلك حيث قال أكثر هذا الباب إنما هو قياس على الأصول وبعضه أخذ سماعاً، ولو قال قائل إنني أقف في جميع الباب كما أصل سواء أسكنت أو رمت لكان لقوله وجه من القياس مستثبت. والأول أحسن. وممن ذهب إلى الترقيق في ذلك صريحاً أبو الحسن الحصري فقال:
وما أنت بالترقيق واصِلُهُ فقف.....عليه به إذ لست فيه بمضطر "
فإن قيل : كيف يلطق الإجماع على التفخيم في الوقف على نحو { والفجر } وقد أشار إلى جواز الترقيق مكي القيسي وصرّح به الحصري اعتداداً بالأصل ؟ الجواب : إنّ الإجماع كان باعتبار ما نُقل عن الأئمّة المتقدمين على مكي القيسي والحصري ، وما حملهما على القول بجواز الترقيق إلاّ الاجتهاد والقياس ، فإذا أجمع المتقدّمون على شيء فلا يُسقطه ما يخالفه من أقوال المتأخرين عنهم ، ولأجل ذلك لم يضرّ ما انفرد به الإمام السخاوي من إباحته لوجه البسملة في أوّل براءة بالقياس مخالفاً بذلك الإجماع ، وما سقط الإجماع أبداً بذلك بل اعتبره ابن الجزريّ خرقاً له.

خلاصة المسألة :
نخلص مما سبق أنّ القياس المعتمد عليه في ترقيق راء { ونذر} قياس غير صحيح وسبب ذلك :
أوّلاً : الأصل المعتمد عليه في المسألة أصل غير وثيق ومتين كما سبق ، لأنّ وجه الترقيق في{ يسر} وأخواتها قائم على اجتهاد محض ولم ينبني على نصّ أو إجماع أو أداء ثابت عند الأئمّة عليهم رحمة الله تعالى. فالأصل المعتبر هو الذي ينبني على نصّ معتبر أو إجماع أو ما اشتهر واتستفاض عند أهل الأداء وتلقوه بالقبول حتّى يكون مضمونه مقطوعاً به إذ لا يُعقل أن تُبنى مسألة على أصل يشوبه الاحتمال والظنّ.

ثانياً : عدم التناسب بين الأصل الذي هو { يسر } وبين الفرع الذي هو { ونذر } في العلّة والسبب. وقد علمنا أنّ اتفاق السبب شرط لازم إذ هو الجامع بين الفرع بأصله ، وعليه يتضح جلياً بطلان القياس الذي اعتُمد عليه في المسألة.

ثالثاً : مخالفة النصوص الصريحة التي مقتضاها تفخيم الراء المتطرفة إلاّ إذا وُجد سبب موجب للترقيق وقد رأينا أنّه لا موجب للترقيق في لفظ { ونذر}

رابعاً : مخالفته لإجماع أهل الأداء.


أسأل الله تعالى أن يوفقنا لما فيه الخير والصلاح وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين,
 
عند التطبيق العملى تجد من اتى بضمه خالصه فى " ونذر " يصعب الترقيق اداءا
والاصل التيسير فى قراءة القرءان وفق الاصول . وما دام التفخيم يراه كثير من اهل العلم
وهو من وجهت نظرى ايسر فيكون وجه لترجيح تفخيم الراء فى هذه الكلمه عند الوقف والله اعلم
 
عودة
أعلى