الخلاف في معنى ( قربانا آلهة ) في قوله تعالى ( اتخذوا من دون الله قربانا آلهة )

إنضم
24/06/2007
المشاركات
90
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
قال تعالى : ( فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة بل ضلوا عنهم وذلك إفكهم وما كانوا يفترون )

اختلف في إعراب ( ألهة ) بدلا عن ( قربانا ) :

حيث ذهب الزمخشري إلى فساد المعنى على هذا الإعراب ، ولم يبين وجه فساده .
يقول : ( القربان : ما تقرب به إلى اللّه تعالى ، أى : اتخذوهم شفعاء متقربا بهم إلى اللّه ، حيث قالوا :
هؤلاء شفعاؤنا عند اللّه. وأحد مفعولي اتخذ الراجع إلى الذين «1» المحذوف «2» ، والثاني : آلهة ،
وقربانا : حال ولا يصح أن يكون قربانا مفعولا ثانيا وآلهة بدلا منه لفساد المعنى. )

في حين ذهب أبو حيان إلى صحة المعنى وعدم فساده
يقول : ( ولم يبين الزمخشري كيف يفسد المعنى ، ويظهر أن المعنى صحيح على ذلك الإعراب . )

ولكن ابن المنير بين وجه فساد المعنى يقول : ( لم يتبين وجه فساد المعنى على هذا الإعراب. ونحن نبينه فنقول : لو كان قربانا مفعولا ثانيا ومعناه متقربا بهم : لصار المعنى إلى أنهم وبخوا على ترك اتخاذ اللّه متقربا به ، لأن السيد إذا ونخ عبده وقال : اتخذت فلانا سيدا دوني ، فإنما معناه اللوم على نسبة السيادة إلى غيره ، وليس هذا المقصد ، فان اللّه تعالى يتقرب إليه ولا يتقرب به لغيره ، فإنما وقع التوبيخ على نسبة الالهية إلى غير اللّه تعالى ، فكان حق الكلام أن يكون آلهة هو المفعول الثاني لا غير. )

وبمثل قوله قال ابن هشام في مغنيه ..
يقول ابن هشام : ( ..... في ذكر الجهات التي يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها :
الجهة الأولى أن يراعي ما يقتضيه ظاهر الصناعة ولا يراعي المعنى وكثيرا ما تزل الاقدام بسبب ذلك
.... الثامن عشر قول بعضهم في ( فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة ) إن الأصل اتخذوهم قربانا وإن الضمير وقربانا مفعولان وآلهة بدل من قربانا وقال الزمخشري إن ذلك فاسد في المعنى وإن الصواب أن آلهة هو المفعول الثاني وأن قربانا حال ولم يبين وجه فساد المعنى ووجهه أنهم إذا ذموا على اتخاذهم قربانا من دون الله اقتضى مفهومه الحث على أن يتخذوا الله سبحانه قربانا كما أنك إذا قلت أتتخذ فلانا معلما دوني كنت آمرا له أن يتخذك معلما له دونه والله تعالى يتقرب إليه بغيره ولا يتقرب به إلى غيره سبحانه )

ويقول السمين مؤيا فساد المعنى في دره : ( ......الثاني : أنَّ المفعولَ الأولَ محذوفٌ ، كما تقدَّم تقريرُه ، و « قُرْباناً » مفعولاً ثانياً و « آلهةً » بدلٌ منه . وإليه نحا ابنُ عطية والحوفيُّ وأبو البقاء . إلاَّ أنَّ الزمخشريَّ مَنَعَ هذا الوجهَ قال : « لفسادِ المعنى » ، ولم يُبَيِّنْ جهةَ الفساد . قال الشيخ : « ويَظْهَرُ أنَّ المعنى صحيحٌ على ذلك الإِعراب »
قلت : ووجهُ الفسادِ - واللَّهُ أعلم - أنَّ القُرْبان اسمٌ لِما يُتَقَرَّبُ به إلى الإِله ، فلو جَعَلْناه مفعولاً ثانياً ، وآلهةً بدلاً منه لَزِمَ أَنْ يكونَ الشيءُ المتقرَّبُ به آلهةً ، والفَرَضُ أنه غيرُ الآلهةِ ، بل هو شيءٌ يُتَقَرَّب به إليها فهو غيرُها ، فكيف تكون الآلهةُ بدلاً منه؟ هذا ما لا يجوزُ . )
وهذه المسألة كما يقول الشهاب في حاشيته عنها بأنها ( من مزال الأقدام )

وقد فصل في هذه المسألة الشيخ العلامة محمد الأمين رحمه الله في رحلة الحج إلى بيت الله الحرام لما سأله الأمير خالد السديري عن إعراب ( قربانا ) في بيت جرير :
هل تتركن إلى القسين هجرتكم ومسحهم صلبهم رحمن قربانا
يقول : ( القربان : هو ما يتقرب به إلى الله تعالى ، سواء كان معبودا يعبد من دون الله تعالى كما في هذا البيت ، وكما في قوله تعالى ( فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة )
أو كان شيئا آخر يتقرب به إلى الله كما في قوله تعالى من قول اليهود : ( إن الله عهد إلينا آلا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار ) ، وكما في قوله تعالى ( واتل عليهم نبأ ابني آدم إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما )

وقوله ( رحمن قربانا ) يحتمل فيما يظهر وجهين من الإعراب :
أحدهما : أن ( رحمن ) بدل من قوله ( صلبهم ) لأن الرحمن المذكر هو عين الصليب المتقرب به إلى الله عندهم ، فو تابع بالنسبة بلا واسطة ، كما هي عادة البدل ، و ( قربانا ) بدل من ( رحمن ) بناء على جواز أن يكون من البدل بدل كما قال بعض المحققين ، وأجروا عليه قوله تعالى ( من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ) فإنه بدل من قوله ( ثمانية أزواج ) مع أن قوله ( ثمانية أزواج ) بدل من ( حمولة وفرشا )
أو كل من ( رحمن ) و ( قربانا ) بدل من قوله : ( صلبهم ) لأن المراد بالرحمن والقربان عنده هو عين الصليب لا شيء آخر .

ونظير هذا الإعراب قوله تعالى ( فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة ) لأن أحسن أوجه الإعراب فيه أن قوله ( قربانا ) هو المفعول الثاني لاتخذوا ، ومفعوله الأول الضمير المحذوف .....والتقدير : فلولا نصرهم الذين اتخذوهم قربانا ، وقوله ( آلهة ) بدل من قوله ( قربانا ) كما قال غير واحد من المحققين .
وذكرنا أنه أحسن أوجه الإعراب في الآية المذكورة ، ونظيره الإعراب الذي ذكرنا في البيت .

..... والوجه الثاني من الإعراب : أن يكون قوله ( رحمن قربانا ) منصوبا بعامل محذوف دل المقام عليه ، وتقديره : ومسحهم صلبهم يدعونها ، أو يجعلونها رحمن ...) أهـ

فالاختلاف في المعنى نشأ حول القربان أيطلق على الآلهة أم لا يطلق عليها ؟
فمن منع البدلية نظر إلى أن القربان غير الآلهة ومن أجاز البدلية وهو الراجح نظر إلى أن القربان في هذه الآية هو الآلهة لقوله تعالى في سورة الزمر : ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) والله أعلم

فما رأي المتخصصين في هذه المسألة وكل عام وأنتم بخير ؟؟
 
هذا رد من بعض الأحبة في منتديات أخرى على هذه المسألة أنقله للفائدة

(( حياكم الله أخي العزيز الأستاذ أحمد الفقيه، وكل عام وأنتم بخير!
الأصل أن يكون القربان غير الإله، ولكن لا يلزم التمسك بهذا الأصل عند إعراب هذه الآية دون اعتبار للقرائن الحالية، وإني لأجد وجه البدلية أدل على المعنى، وقبل بيان رجحانه (كما أرى) لعلي أقدّم لكلامي بسؤال:
هل المشركون المقصودون في الآية كانوا يعاملون قرابينهم وفق الدلالة الأصلية لكلمة قربان، أو أنهم تجاوزوا هذا المفهوم إلى حد التأليه فدعوا تلك القرابين وذبحوا لها وصرفوا لها من العبادات ما لا يصرف إلا للإله الحق؟
أظن الجواب أن موقفهم من هذه القرابين مزدوج، فهم من حيث القول يقولون إنها قرابين يأملون أن تقربهم إلى الله ، ومن حيث الفعل يؤلهون القرابين ويصرفون لها من العبادة ما لا يصرف إلا لله.
فهي قرابين حسب قولهم ومفهومهم، وهي آلهة حسب الواقع والحال، أو لنقلْ (قربان بمنزلة إله).
وإذا علمنا أن بدل الكل على نية الطرح علمنا أن المقصود الأساس من التوبيخ إنما هو توبيخهم على اتخاذهم أولئك الأشخاص أو تلك الأصنامَ آلهة، فكلمة (آلهة) في الآية هي المفعول الثاني المقصود من حيث المعنى لأنها بدل من (قربانا) على نية الطرح.
فإن قيل لمَ سلط الفعل على (قربانا) ثم أبدل منها (آلهة)؟
الجواب أنها لما كانت في عرفهم وزعمهم قرابين بدأ بها (قربانا) لتحضر تلك القرابين في الذهن فلا يُتوهم غيرها، ثم أبدل منها الكلمة التي تتفق دلالتها الحقيقية مع أفعالهم تجاه قرابينهم (آلهة) ليُعلم أن القربان والآلهة شيء واحد ما دام كلاهما يعبد من دون الله.
تحياتي ومودتي ))
 
السلام عليكم
اذا هي قربان بإعتبار انهم يظنون انها تقربهم الى الله والواقع غير ذلك بل هذه القرابيين تزيدهم بعدا لا قربا من الله تعالى لأن الله لم يأذن بها لتكون وسيلة وقربة إليه فصار هذا القربان آلهة لهم ، فهي قربان كما زعموا ـ وليس الأمر كما ظنوا ـ بل هي آلهة وإن أنكروا فأعلم أنه " لا إله إلا الله "
 
عودة
أعلى