( الحج أشهر معلومات )

إنضم
24/10/2003
المشاركات
9
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
أيها الأخوة ...

هلاَّ انبرى من المشائخ الفضلاء وطلاب العلم أن يبسطوا لنا القول في الحديث والكلام عن شيء من كلام ربنا لا سيما في ( آيات الحج ) نحوياً , وفقهياً , مع ذكر القراءات وتفسيرها ... أمثال.. ( وأتموا الحج والعمرة ) , ( الحج أشهر معلومات ..) , ( فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله ) .. ونحوها لمناسبة قرب موسم الحج عل الله أن ينفع بها

[align=center]منىً إن تكن حقّاً تكن أجملَ المنى *** وإلاَّ فقد عشنا بها زمناً رغدا[/align]
 
أخي هذ هذه الفائدة :
قال تعالى:{فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ }(البقرة:من الآية197)
قالَ السعديُّ :"واستدلَّ بهذه الايةِ الشافعيُّ ومَن تابعهُ على أنّه لا يجوزُ الإحرامُ بالحجِّ قبلَ أشْهُرِهِ ، قُلْتُ : لو قِيلَ : إنّ فيها دلالةً لقولِ الجمهورِ بصحّةِ الإحرامِ بالحجِّ قبلَ أشهرهِ لكانَ قريبًا ، فإنّ قوله : {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ } دليلٌ على أنّ الفرضَ قد يقعُ في الأشهرِ المذكورةِ ، وقد لا يقعُ فيها ، وإلاّ لم يُقيِّدْهُ ".
وقالَ الشيخُ ابن عثيمين رحمه الله :" ومنها- أيْ مِن فوائدِ الآيةِ - : أنّ الإحرامَ بالحجِّ قبلَ أشهرهِ لا ينعقدُ ؛ لقولهِ تعالى : {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ}؛ فَلَمْ يُرتِّبْ الله أحكامَ الإحرام ِإلا لمن فَرَضَهُ في أشهرِ الحجِّ ؛ومَعلومٌ أنّه إذا انتفتْ أحكامُ العملِ فمعناهُ أنّه لم يصحّ العمل ، وهذا مذهبُ الشافعيِّ - رحمه الله - أنّه إذا أحرمَ بالحجِّ قبلَ دخولِ أشهرِ الحجِّ لم ينعقدْ إحرامهُ ؛ ولكن هل يَلْغُو ، أو ينقلبُ عمرةً ؟ في هذا قولانِ عندهم ؛أمّا عندنا مَذهبُ الحنابلةِ ؛ فيقولونَ : إنّ الإحرامَ بالحجِّ قبلَ أشهرهِ ينعقدُ ؛ ولكنه مَكروهٌ - يُكرَه أنْ يُحْرِمَ بالحجِّ قبلَ أشهرهِ - ومَذهبُ الشافعيِّ أقربُ إلى ظاهرِ الآيةِ الكريمةِ : أنّه إذا أحرمَ بالحجِّ قبلَ أشهرهِ لا ينعقدُ حَجًّا ؛ والظاهرُ أيضًا أنّه لا ينعقدُ ، ولا ينقلبُ عمرةً ؛ لأنّ العبادةَ لم تنعقدْ ؛ وهو إنّما دخلَ على أنّها حَجٌّ ؛ فلا ينعقدُ لا حَجًّا ، ولا عمرةً ".
قُلْتُ : سببُ الخلافِ ما أشارَ إليه ابنُ العربي في تفسيرهِ بقولهِ :" القولُ فيها دائرٌ مِن قِبَلِ الشافعيِّ على انّ الإحرامَ رُكْنٌ مِن الحجِّ مُختصٌّ بزمانهِ ، ومُعَوَّلُنَا – أيْ المالكية – على
أنّه شرطٌ فيقدّمُ عليه ".
 
وهذه أخرى :
قال تعالى :{ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ } (البقرة: من الآية196)
يرى السعديُّ رحمه الله أنّ إزالةَ الشَّعْرِ مِن الرأسِ أو مِن البَدَنِ بِحَلْقٍ أو غيرهِ ، وتقليمَ الأظافرِ بالقياسِ على ذلكَ مِن مَحظوراتِ الإحرامِ ؛ لأنّ المحْرِمَ ممنوعٌ مِن التَّرَفُّهِ .
بينما يرى الشيخُ ابن عثيمين رحمه الله خلافَ ذلكَ فقالَ :" ومنها – أيْ مِن فوائد الآية - : أنّه لا يَحْرُمُ حَلْقُ شَعْرِ غير الرأسِ ؛ لأنّ الله خَصَّ النهي بحلقِ الرأسِ فقط ؛ وأمّا الشَّارِبُ ، والإبطُ ، والعانةُ ، والساقُ ، والذراعُ ، فلا يدخلُ في الآيةِ الكريمةِ ؛ لأنّه ليسَ مِن الرأسِ ؛ والأصْلُ الحلُّ ؛ وهذا ما ذَهَبَ إليهِ أهْلُ الظاهرِ ؛ قالوا : لا يَحْرُمُ على الْمُحْرِمِ حلقُ شيءٍ مِن الشَّعْرِ المباحِ حَلْقُهُ سِوَى الرأسِ ؛ لأنّ الله  خَصَّهُ فقـالَ : { وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ }؛ ولأنّ حَلْقَهُ يَفُوتُ بهِ نُسُك بِخلاف غيرهِ مِن الشُّعُورِ ؛ ولكن أكثرَ أهلِ العلم ألحقوا بهِ شعرَ بقيةِ البدنِ ؛ وقالوا : إنّه يحرمُ على المحرمِ أنْ يحلقَ أيّ شعرٍ مِن بَدَنِهِ - حتّى العانةَ - قياسًا على شعرِ الرأسِ ؛ لأنّ العلّةَ في تحريمِ حلقِ شعرِ الرأسِ التَّرُفُّهُ ، وإزالةَ الأذى ؛وهذا حاصلٌ في حلقِ غيرهِ مِن الشُّعُورِ ؛ وهذا القياسُ غيرُ صحيحٍ لوجهينِ :
الوجه الأول : أنّه مُخالِفٌ لظاهرِ النَّصِّ ، أو صَرِيحهِ .
الوجه الثاني : أنّ بينَ شعرِ الرأسِ وغيرهِ فرقاً كثيراً : فإنّ حلقَ شعرِ الرأسِ يتعلقُ بهِ التحلُّل مِن النسكِ ؛ فهو عنوانُ التحلُّل ؛ بخلافِ غيرهِ مِن الشُّعُور .
وأمّا التعليلُ بأنّه للتّرَفُّهِ ، ودفعِ الأذى ففيهِ نظرٌ ؛ ثم لو سَلَّمْنَا ذلكَ فأينَ دفعُ الأذى في حلقِ شعرِ العانةِ ، وشعرِ الساقِ ، ونحو ذلكَ ؟! وأينَ الدليلُ على مَنْعِ الْمُحْرِمِ مِن التّرَفُّهِ مع أنّه يجوزُ له التنظّفُ ،والاغتسالُ ، والتظلُّل مِن الشمسِ ، واستعمالُ المكيفاتِ ؟!
وهل تُلْحَقُ الأظافرُ بشعرِ الرأسِ ؟
الجوابُ : لا تُلْحَقُ ؛ فالأظافرُ ليستْ شعراً ؛ وليستْ في الرأسِ أيضاً ؛ فهي أبْعَدُ مِن إلحاقِ شعرِ بقيّةِ البدنِ بشعرِ الرأسِ ؛ ووجهُ البُعْدِ أنّها ليستْ مِن نَوعِ الشعرِ ؛ صحيحٌ أنّها تُشْبِهُ الشعرَ مِن حيثُ إنّها جزءٌ مُنفَصِلٌ ؛ لكنّها ليستْ مِن نَوعِ الشعرِ ؛ ولذلكَ مَن لَمْ يَرَ تحريمَ حلقِ شعرِ بقيّةِ البدنِ فإنّه لا يَرَى تحريمَ قَصِّ الأظافرِ مِن بابِ أَوْلَى ؛ ولكن جمهورُ أهلِ العلمِ على أنّ تقليمَ الأظافرِ مُحَرَّمٌ على الْمُحْرِمِ قِيَاسًا على تحريمِ حلقِ شعرِ الرأسِ ؛ والعلّةُ : مَا في ذلكَ مِن التّرَفُّهِ ، والتَّنَعُّمِ ؛ ولكن هذهِ العلّةُ غيرُ مُسَلَّمَةٍ :
أولاً : لأنّ العربَ في زَمنِهم لا يَترفَّهُونَ بحلقِ الرأسِ ؛ بل الرفاهيةُ عندهم إنّما هي في إبقاءِ الرأسِ ، وتَرْجِيلِهِ ، وتَسْرِيحِهِ ، ودَهْنِهِ ، والعنايةِ بهِ ؛ فليست العلّةُ إذاً في حلقِ شعرِ الرأسِ : التّرَفُّهُ .
ثانياً: أنّ العلّةَ لا بُدَّ أنْ تَطَّرِدَ في جميعِ مَعْلُولاتِهَا ؛ وإلا كانتْ باطلةً ؛ وهذهِ العلّةُ لا تَطَّرِدُ ، بدليلِ أنّ الْمُحْرِمَ لو تَرَفَّهَ ، فتنظّفَ ، وتغسّلَ ، وأزالَ الوسَخَ عنهُ ، ولَبِسَ إحْرامًا جديدًا غير الذي أَحْرَمَ بهِ لم يَحْرُمْ عليهِ ذلكَ .
وأقربُ شيءٍ للتعليلِ أنّ في حلقِ الرأسِ حالَ الإحرامِ إسقاطًا للنُّسُكِ الذي هو حلْقُهُ عندَ التحلُّلِ ؛وهذا لا يساويهِ حلقُ بقيّةِ الشعرِ ، أو تقليمُ الأظافرِ ؛ ولكن نظراً لأنّ جمهورَ أهلِ العلمِ ألحقوا ذلكَ بشعرِ الرأسِ فالاحتياطُ تَجَنُّبُ ذلكَ مُراعاةً لقولِ الجمهورِ".( )
قُلْتُ : ومَنْشَأُ الخلافِ بينهما : عِلَّةُ تحريمِ حلقِ الرأسِ ، فالسعـديُّ جعلهُ للتَّرَفُّهِ ، وقاسَ بقيّةَ شعرِ البدنِ وتقليمِ الأظافرِ عليه ، وابنُ عثيمينَ جعلَ العلّةَ أنّ في الحلقِ إسقاطًا للنُّسُكِ عند التحلُّلِ ولم يُصحِّحِ القياسَ ، والله أعلم
 
أفادك الله يا شيخ أحمد ..
جاء في كلام الشيخ رحمه الله ما نصه ( ولكن نظراً لأنّ جمهورَ أهلِ العلمِ ألحقوا ذلكَ بشعرِ الرأسِ فالإحتياطُ تَجَنُّبُ ذلكَ مُراعاةً لقولِ الجمهور .)... هل معنى هذا أن الإحتياط هنا من باب الورع بمعنى أنه لو حلق أو قلَّمَ عند الشيخ فلا شيء عليه ؟؟ .

** مما يترتب على هذا .. هل قول الجمهور يحتج به وإن كان للإحتياط -كما ذكر الشيخ رحمه الله - .
 
مما يوضح كلامه ما ذكره في الشرح الممتع بقوله :ولو أن الإنسان تجنب الأخذ من شعوره كشاربه وإبطه وعانته إحتياطاً لكان هذا جيداً لكن أن نلزمه ونأثمه إذا أخذ مع عدم وجود الدليل الرافع للإباحة فهذا فيه نظر .أهـ .
قلت : وأما الأظافر فقد نقل الإجماع على المنع منه , فإن صح فلا عذر في مخالفته , وقد استدل الشنقيطي بالمنع بقوله تعالى " ثم ليقضوا تفثهم " . فراجعه إن شئت .
 
أتنمى من بقية الأخوة المشاركة ... أجزل الله لكم المثوبة .
 
عودة
أعلى