الحب....والمحبة

المنكسرة

New member
إنضم
25/01/2012
المشاركات
5
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
بني سويف



وردت كلمة (حُبّ) تسع مرات في الكتاب العزيز ، منها قوله تعالى : " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ " (البقرة : 165) ، وقوله تعالى : " كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا " (الفجر : 17-20) .

ولم ترد كلمة (محبّة) إلا مرة واحدة ، في قوله تعالى : " قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى * وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى * أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي " (طه : 36-39) .

فلماذا وردت (محبّة) ، ووردت صيغة (حُبّ) ؟

الحبّ .. هو المصدر الأصلي .
والمحبّة .. هي المصدر الميمي .
وفعلهما هو : حبّ وأحبّ .
وعند التمعن في الكتاب العزيز .. نجد أن الفرق بين (حبّ ومحبّة) يقوم على ثلاثة أوجه ، نبيّنها فيما يلي :

الأول : جاء (الحبّ) في المرات التسع التي ورد فيها سلوكاً من البشر تجاه الله تعالى ، أو تجاه موضوعات في الحياة . ولهذا عندما أراد الله تعالى أن يضيف لذاته العلية اسمًا من هذه المادّة جعله كلمة (محبّة) .. وليس كلمة (حبّ) المستعملة مع البشر . ولذلك نجد في الكتاب العزيز أنه إذا كان الحبّ حاصلاً من البشر جاء بكلمة (حبّ) ، وإذا كان إلقاء من الله تعالى كان بكلمة (محبّة) .. وهذا تخصيص لمعنى الكلمة يعود إلى الجهة أو المصدر .

الثاني : إن المحبة التي أُلقيت من الله تعالى على موسى استقرّت في ذات موسى ، وأخذت تشعّ منها كما يشعّ الضوء من الشمس والنور من القمر والعبير من الزهرة .. ولهذا كان شذاها الطيّب يجذب الناس إليه ويجعلهم يحبّونه .. أما أحبّته آسية امرأة فرعون ، فطلبت من فرعون ألا يقتله ، وقالت : " قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ " (القصص : 9) ؟ أما أحبّته ابنة شعيب ، وهو طريد شريد ، بعد أن سقى الغنم التي كانت ترعاها وأختها ، فطلبت من أبيها أن يستأجره : " قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ " (القصص : 26) .. ثم كانت النتيجة أن تزوّج منها ؟ أما أحبّه النبي شعيب عليه السلام ، فعرض عليه أن يزوّجه ابنته مقابل أن يرعى له أغنامه ثماني حجج : " قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ " (القصص : 27) .. ؟
أما الحبّ الذي يوجهه البشر إلى الأشياء ، أو إلى بعضهم بعضًا .. فلا يحصل عنه فيض أو إشعاع للمحبوب يجعله – بفضل هذا الحبّ – محبوبًا عند بني البشر أو عند غير من أحبّه من الناس .. لهذا كان لزامًا أن يعبّر عن الحبّ الصادر عن الناس بكلمة (حبّ) ، وعن الحبّ الملقى من الله تعالى على عبد من عباده بكلمة أخرى (محبّة) .

الثالث : إن المصدر أشيع في الاستعمال من المصدر الميمي أو اسم المصدر .. وهو هنا كذلك . والشائع يناسبه أن يُستعمل مع الكثرة ، أما النادر فيناسبه أن يُستعمل مع القلّة .. ولهذا استُعملت كلمة (حبّ) مع البشر لأنهم كثرة .. واستُعملت كلمة (محبّة) مع الله تعالى لأنه ليس موضوعًا للكثرة ، بل هو الوحدانية عينها .. فناسبت كل كلمة من الكلمتين ما جاءت له .
 
شكرا أختي الفاضلة لطرح هذا الموضوع القيم للتحاور فيه بكل عمق فتتضح الرؤى لكل مجتهد متدبر ، وأقول بتوفيق من الله أنه لما كان الاخبار الالهي بألسنة الشرائع التي تبين عظيم صفات الله بتعرفات نجدها في ما نحسه فنجعله نصب أعيننا في قلوبنا وفي قبلتنا كأننا نراه فينا نشأت محبة لهذه الصفات الثبوتية فأحببناه بمشاعرنا وعانقناه بشوق ووجل وخوف ، فهو الظاهر في كل محبوب لعين كل محب ، اذن فالمحبة أصلها حب الله لخلقه وعباده فهو الذي يحيي قلوبهم لمحبته ومعرفته وقربه ويفتح قبالة قلوبهم بابا من الانعام بتوجهاتهم اليه في مرضاة محبوبهم ، فلولا أن تعرف عليهم ما عرفوه ولما عرفوه أحبوه بحبه لهم فشاهدوه مشاهدة لما دلهم اليه ، فالعين التي ترى النفس ربها هي العين التي يراها بها وهنا تتبين الحكمة في أنه سبحانه القريب من خلقه وعباده .
 

جزاكم الله خيرا أخي الكريم
اضافة طيبة ورااائعة..
إذا فقد القلب المحبةكان ألمه أعظمَ من ألم العينِ إذا فقدت نورها، والأذن إذا فقدت سمعها، والأنفِ إذا فقد شمّه، واللسان إذا فقد نُطْقَه ؟ !
بل فساد القلب إذا خلا من محبة فاطره، وبارئه، وإلهه الحق أعظم من فساد البدن إذا خلا من الروح.
 
أحسن الله إليكم
لكني لم أفهم قولكم

ولهذا عندما أراد الله تعالى أن يضيف لذاته العلية اسمًا من هذه المادّة جعله كلمة (محبّة) .. وليس كلمة (حبّ) المستعملة مع البشر . ولذلك نجد في الكتاب العزيز أنه إذا كان الحبّ حاصلاً من البشر جاء بكلمة (حبّ) ،
مع قوله تعالى " يحبهم ويحبونه " وقوله " إن الله يحب المحسنين " وأمثالها كثير
فأرجو التوضيح

وبالمناسبة
فقد لفت نظري وأنا أبحث في البواحث مرة أن لفظ " الله يحب " ذكر في القرآن ستة عشر مرة تماما كما ذكر لفظ " الله لا يحب " ستة عشر مرة أيضا مع اختلاف الإعراب بحسب كل آية
 
جزاكم الله خيرا أخى الكريم
هذا نقلا عن موقع الدكتورة (هيفاء بنت عثمان فدا)(الاستاذ المساعدبقسم البلاغة والنقد)موقع سلام مكة موقع الدكتورة هيفاء عثمان عباس الفدا
 
عودة
أعلى