الجواب الثاني على جواب الحازمي في مسألة تكفير العلماء الذين يعذرون بالجهل

محمد براء

New member
إنضم
12 مارس 2006
المشاركات
375
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
بسم الله الرحمن الرحيم​
فقد أتبعت ردي الأول على الشيخ الحازمي ، الذي أبطلت به جوابه عن إلزامي له بتكفير الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله تعالى ، إذ هو يزعم أن الذي يعذر بالجهل في توحيد العبادة مشرك ، لأن من وقع في الشرك في توحيد العبادة مشرك لا يُعذر بجهلٍ ، ومن لم يكفر المشركين فهو مشرك مثلهم ، ولما ثبت أن ابن عثيمين يعذر بالجهل من وقع في الشرك ، ولا يفرق بين المسائل الظاهرة والخفية ، ويفرق بين من ثبت إسلامه ثم وقع منه الشرك وبين المشرك الأصلي ، ثبت أنه على أصل الحازمي لا يكفر المشركين ، فلزمه تكفيره ، فحاول الحازمي الجواب عن ذلك ، ولم يأت بشيء ، كما أوضحته في المقال المذكور ، أتبعتُه بعدة تغريدات في تويتر ألزمته فيها بتكفير شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمهما الله تعالى ، إذ ما قيل في ابن عثيمين يقال فيهما ، فهما يعذران بالجهل من وقع في الشرك الأكبر ، فهُما على أصلِ الحازمي كافران مرتدان ، لأن من لا يكفر المشرك فهو مشرك مثله يلحق به ، وهما لا يكفران المشركين - على أصله -
وسأورد هنا قوليهما لإفادة القارىء الذي لم يتابع تلك التغريدات .
أما ابن تيمية فكلامه كثير صريح في الإعذار ، وقد اخترت نصًّا من أصرح النصوص في ذلك وهو قوله في فتوى له في مسألة في المستغيثين بغير الرب سبحانه : " وهذا الشرك إذا قامت على الإنسان الحجة فيه ولم ينته ، وجب قتله كقتل أمثاله من المشركين ، ولم يدفن في مقابر المسلمين، ولم يصل عليه، وإما إذا كان جاهلًا لم يبلغه العلم ، ولم يعرف حقيقة الشرك الذي قاتل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم – المشركين ، فإنه لا يحكم بكفره ، ولاسيما وقد كثر هذا الشرك في المنتسبين إلى الإسلام ، ومن اعتقد مثل هذا قربة وطاعة فإنه ضال باتفاق المسلمين، وهو بعد قيام الحجة كافر " . جامع المسائل (3 / 145 -151) .
أما الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي فقد قال في مناظرة عقدها بين من يعذر بالجهل ومن لا يعذر به ، ليبين ظهور قول العاذر على قول من لا يعذر ، فقال مبينًا قول العاذر : " ما ذكرت من دلالة الكتاب والسنة والإجماع على أن دعاء غير الله والاستغاثة به شرك وكفر مخلد في النار ، فهذا لا شك فيه ولا ريب وما ذكرته من مساواة جهلة اليهود والنصارى وجميع الكفار الذين لا يؤمنون بالرسول ولا يصدقونه بجهلة من يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، ويعتقد صدق كل ما قاله في كل شيء ويلتزم طاعته ثم يقع منه دعاء لغير الله وشرك به وهو لا يدري ولا يشعر أنه من الشرك بل يحسبه تعظيمًا لذلك المدعو مأمورًا به ، وما ذكرته من مساواة بين هذا وبين ذاك فإنه خطأ واضح دل الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان على التفريق بين الأمرين، فإنه من المعلوم من الدين بالضرورة كفر جهال اليهود والنصارى وجميع أصناف الكفار وهذا أمر لا يمكن إنكاره وأما من كان مؤمنا بالرسول ومصدقا له في كل ما قاله، وملتزما لدينه ثم وقع منه خطأ في الاعتقاد أو القول والعمل جهلًا أو تقليدًا أو تأويلا فإن الله يقول : " ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا " عفا عن أمته الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه في المقالة والاعتقاد وإن كان كافرًا.
ويقال من اعتقدها أو عمل بها فهو كافر لكن قد يقع ويوجد مانع في بعض الأشخاص يمنع من تكفيره لعدم علمه أنه كفر وشرك فيوجب لنا التوقف في إطلاق الكفر على عينه، وإن كنا لا نشك أن المقالة كفر لوجود ذلك المانع المذكور وعلى هذا عمل الصحابة والتابعين في البدع .. إلخ كلامه من الفتاوى السعدية ، (ص579 – 580) .
هذا ما كنت قد كتبه في تويتر في الأيام الماضية ، وقد وقفت اليوم على كلام للحازمي في تسجيل صوتي لدرسه الأخير الذي عقده اليوم الاثنين 1/ 1 / 1435 هـ ، ويشرح فيه رسالة تكفير المعين للشيخ إسحاق آل الشيخ رحمه الله تعالى . ( منشور في صفحته برقم الدرس الثامن ) ، وقفت له فيه على كلام يشبه أن يكون ردًّا على ما ألزمته به ، فأحببت التعقيب عليه ، لعل ذلك يكشف باطله ، ويظهر الحق بعون الله تعالى .
وهذا نص كلامه في تسجيل الدرس المذكور :
" فإذا احتُج عليك بكلام ابن تيمية رحمه الله تعالى فليس بحجة أولا ، الحجة في ماذا ؟ في الدليل كتابًا وسنة ، هات آية ، هات حديث ، نحن نكفر هؤلاء المشركين ، ونكفر من لم يكفرهم ، حينئذٍ نقول : هات آية أو حديث تتعلق برفع التكفير عن الأول وعن الثاني ، وأما قال فلان وقال فلان فهذا باب واسع ، ليست الحجة في قول البشر البتة ، يعني لو قيل : إن ابن تيمية ما كفر عباد القبور ، فكان ماذا ؟ هو رسول ؟ لا ليس برسول ، الحجة في ماذا ؟ في الدليل ، فإذا صح الدليل ، وثبت عن الله تعالى تكفير هؤلاء الذين يصرفون العبادة لغير الله تعالى لكفانا ، ولسنا مكلفين بأحد البتة ، أنت تأتي بالشهادة الثانية : أشهد أن محمدًا رسول الله ، فحقق هذا المعنى ، حقق هذا المعنى بحيث لا يلتبس على المرء إذا قيل له : قال ابن تيمية ، قال ابن القيم .. إلخ ، هذا يحصل ارتباك عند بعض طلبة العلم لماذا ؟ لأنه يجل هذين العالمين ، ونحن نجل هؤلاء العلماء أيضًا ، لكن على وفق الشرع ، بمعنى أننا لا نقدم أقوالهم التي نعلم يقينًا أنها خالفت الدليل ، وأما الحكم عليهم بكونك إذا كفرت زيدًا من الناس لكونه لم يكفر المشركين ، هذا باعتبار الحيِّ ، وأما إلزامه أو إلزامك إذا كفرت العاذر ونحوه بكونه يلزمك أن تكفر فلانًا وفلانًا ، نقول : أنت أولًا دائمًا تدندن كغيرك بأن لازم المذهب ليس مذهبًا ، أنا أكفرك أنت ، تقول تكفر المعلمي لماذا ؟ المعلمي رجل آخر ، أنا أعتقد كفرك أنت ، ( وهنا يضحك ) المعلمي لماذا ؟ فلماذا تلزمني بماذا أن أكفر المعلمي أو السعدي أو نحوه ممن يقول بالعذر - إن صح عنه ذلك - ، صحيح أو لا ؟ هذا يعتبر من لازم المذهب ، ولازم المذهب عندهم ليس بمذهب ، حينئذ لا تلزمني بذلك ، أنا أكفرك أنت ، أنت كافر مرتد ، وأدعي الإجماع على ذلك ، تقول : يلزمك أن تكفر فلانًا وفلان ، لا ليس بلازم ، صح أو لا ؟ ، وهم يدعون ذلك يقولون الحازمي يكفر باللازم ، نقول : أنتم الذين تكفرون باللازم ، نقول أنتم الذي يكفرون باللازم ، لست أنا " .
ونقض كلامه هذا من وجوه :
الوجه الأول : أن تصويرك للنزاع مع مخالفك أنه نزاع في تكفير المشركين ، هو من الكذب والظلم ، فما نازعك أحد في تكفير المشركين ، وتكفير من لم يكفرهم ، وإنما النزاع في رجل ثبت منه الإسلام بيقين ثم أتى بعمل شركي جاهلًا بكونه شركًا ، وهو غير مُفرِّط في التعلم ولا مُقصِّر ، هل الشريعة تعتبر جهله مانعًا من تكفيره وإعطائه حكم المرتد أم لا تعتبر ذلك ؟ فمن يعذره بالجهل يقول إنه ليس مشركًا ولا يأخذ أحكام أهل الشرك ، لا أن قوله هو عدم تكفير المشركين ولا عدم تكفير من لا يكفرهم ، فهو عنده ليس داخلًا فيهم أصلا.
ويقال لك : كما أنك تعذر من ثبت إسلامه ثم وقع في الشرك مكرهًا ، ولا يجوز لمن نازعك في أن الإكراه مانع من التكفير أن ينسب إليك أنك لا تكفر المشركين ، فكذلك من نازعك في الجهل هل هو عذر أم لا ، لا يجوز لك أن تنسب إليه عدم تكفير المشركين .
وحيلة التشويه لقول المخالفين هي ملاذ الضعفاء عند العجز عن فهم مذهب من يخالفهم والجواب عنه بالأجوبة العلمية السديدة ، وقد ناظر أئمة السنة الفرق المخالفة من جميع الطوائف ، فما كانوا يسلكون معهم إلا مهيع العلم والعدل .
الوجه الثاني : أن دعواك أن مخالفك لم يأت بآية ولا بحديث ، وإنما يحتج بكلام ابن تيمية ، هو من الكذب الصريح أيضًا ، فما زال من يقول بالعذر يسند قوله إلى الوحيين معولًا عليهما لا يعدل بهما شيئًا من كلام الناس ، ويجيب عن فهوم المخالفين لتلك الأدلة ، لكن ما الحيلة وأنت وأشكالك تعدون كتب المخالفين من كتب أهل البدع ولا تنظرون فيها، فأنى لكم أن تعرفوا أدلتهم أو تفهموا كلامهم ؟!
الوجه الثالث : أن ما سقتُه لك من كلام ابن تيمية والسعدي لم أسقه لك محتجًّا به عليك على أنه حُجَّةٌ مُلزمةٌ في نفسه ، فإن ظننت ذلك فهذا لقلة فهمك لطرق الاحتجاج والمناظرة ، وإنما سقت كلامهما لأقرِّر أنهما يعذران بالجهل ، وأنت تكفر العاذر بالجهل ، لأنه كما تزعم لا يكفر المشركين ، فلزمك تكفيرهما لأنهما لا يكفران المشركين .
فقولك : " يعني لو قيل : إن ابن تيمية ما كفر عباد القبور ، فكان ماذا ؟ " : أقول : كان يجب عليك أن تكفره ، وإن لم تكفره فأنت كافر مثله ، لأنك لا تكفر ابن تيمية المشرك ، ومن لا يكفر المشركين فهو مشرك ، وهذا يلزمك على أصلك لزومًا لا محيد عنه .
الوجه الرابع : أن قولك مستنكرًا : " ابن تيمية رسول ؟ " ، أقول : إنما يصح لك أن تعترض بمثل هذا لو أنني قلتُ : إن الحازمي يعتقد أن ابن تيمية رسولٌ ، وأنا - أي كاتب هذه السطور - أُلزمه بإبطال رسالته بكذا وكذا ، لكنني لم أقل ذلك ، وإنما أقول : إنك تعتقد أن ابن تيمية مسلمٌ ، وأنا ألزمك بإبطال إسلامه لأنك تقول : من يعذر بالجهل في توحيد العبادة مشرك لأنه كما تدعي لا يكفر المشركين .
فثبت أنك تجيب بجواب لا يدل على فهمك لاعتراضات مخالفيك عليك ، أو هي أجوبة تأتي بها كيفما اتفق تلقنها لمقلدتك حتى يرموها في وجوه مخالفيهم ، وهم لا يدرون ما هي .
وإقرارك بإنه يحصل ارتباك عند بعض طلبة العلم عندما يؤتى لهم بنقول عن ابن تيمية وابن القيم تناقض مذهبهم ، أقول: لهم الحق في هذا الارتباك !! لأن كل من شَعَر أن قوله متناقض ارتبك ووقع في الحيرة ، لأنه بين نارين ، فهو هنا إما أن يكفر ابن تيمية لأنه لا يكفر المشركين ، أو يُبطِل قوله بتكفير من يعذر بالجهل ، وأنا أرجو أن تكون نتيجة هذا الارتباك الأمر الثاني لا الأول !!
الوجه الخامس : أن قولك : " وأما الحكم عليهم بكونك إذا كفرت زيدًا من الناس لكونه لم يكفر المشركين ، هذا باعتبار الحيِّ " ، أقول : هذا تخصيص باطل لم يدل عليه كتاب ولا سنة ، فمن لم يكفر المشركين فهو مشرك سواء كان المشرك حيًّا أو ميتًا ، ولم يدل الشرع أن وصف الموت أو الحياة مؤثر في هذه القضية ، لكنك تدعي الغيرة على الشرع والاعتصام بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم إذا وقعت في مأزق أتيت بجوابٍ ما دل عليه شرع ولا عقل !
الوجه السادس : أن جوابك عن إلزامك بتكفير ابن تيمية والسعدي والمعلمي أن لازم المذهب ليس بمذهب ، جواب فاسد ، لأننا لم ننسب إليك تكفير أحد منهم ، فما قلنا إن أحمد بن عمر الحازمي يكفر ابن تيمية والسعدي ، وإنما قلنا : إنه يلزمك تكفيرهم، فإما تلتزم بذلك وتكفرهم ، وإما لا تلتزم بذلك وتبطل قولك بالعذر بالجهل ، أو يبقى قولك متناقضًا ، فاختر ما شئت لا محيص لك عن هذه الثلاثة .
وأما قولك : " فلماذا تلزمني بماذا أن أكفر المعلمي أو السعدي أو نحوه ممن يقول بالعذر - إن صح عنه ذلك - ، صحيح أو لا ؟ هذا يعتبر من لازم المذهب ، ولازم المذهب عندهم ليس بمذهب ، حينئذ لا تُلزمني بذلك " ؛ فأقول : لا تقل لي : لا تلزمني بذلك ، فهذا يدل أنك لا تفهم هذه القاعدة ، ولا تفهم معنى : ( ألزمَه، يُلزمه ) ، وإنما قل لي : لا تنسب إلي هذا اللازم ولا تعزوه إلي ، وحينئذ أقول لك : أنا ما نسبته لك ولا عزوته لك ، وإنما أوقفتك عليه ، فإن أثبته ، فأنت تثبت كفر هؤلاء العلماء ، وإن نفيته أبطلت قولك بتكفير من يعذر بالجهل ، وإلا بقي قولك متناقضًا ، فها أنا أعيد عليك هذه الثلاثة لعلك تفهمها !!
الوجه السابع : أن قولك : " نقول أنتم الذي يكفرون باللازم " ، هذا كذب صريح ، فأين التكفير باللازم ؟ ومن الذي كفر باللازم ؟
الوجه الثامن : أما قولك : " تقول تكفر المعلمي لماذا ؟ المعلمي رجل آخر ، أنا أعتقد كفرك أنت " ، وضحكُك بعد ذلك ، فالله المستعان ! ثم أي شيء فعلت عندما أجبت عن سؤال تكفير المعلمي بأنه رجل آخر ؟!
الوجه التاسع : أن إبطال قولك بطريقة الإلزام ليس هو المسلك الرئيس لإبطاله ، وإنما المسلك الرئيس هو إبطال أدلتك التي استندت إليها في قولك في تكفير من يعذر بالجهل ، إلا أنه لما كنت إلى الآن لم تضبط قولك ، وقد ظهر تخبطك في مناط التكفير في جوابك عن قضية الشيخ ابن عثيمين = لما كنت كذلك لم يمكن الجواب إلا بمثل هذه الأجوبة الإلزامية ، حتى تأتي بقول مدلل عليه يمكن مناقشة أدلته .
و أيضًا :لم يظهر هل تكفر العاذِر في توحيد العبادة فحسب ؟ أم تكفره في مسائل أخرى ؟
فقد جاء في أجوبتك وأسئلتك على موقع آسك :
" السؤال :
ياشيخ هناك من ينسب لك فتوة وهي الرد على فتوة التونسية انك لا تعذر بالجهل لمن دخل في الانتخابات وان كان الدخول بقصد محاربة الشرك وان هذا التأول ليس مستساغ وان الذين افتو بالدخول كفار نتمنا منك التوضيح ياشيخ بارك الله فيك ..
الجواب :
لا يصح نسبة هذا الفهم إليّ .. بل كان مقصودي في الرد على الفتوى التونسية هو الشرك الأكبر في العبادة .. وبالله التوفيق .. "
فيقال:
لم لا يصح نسبة هذا الفهم إليك ؟ ولم تحصر كلامك في توحيد العبادة ؟ وأنت ترى أن من دخل الانتخابات طواغيت مشركون يشرعون مع الله تعالى ؟ وما الفرق بين من يستغيث بغير الله تعالى وبين من يشرع معه ؟ حتى تكفر من يعذر الأول ولا تكفر من يعذر الثاني ؟ هلا كفرت الجميع أو حكمت بإيمان الجميع ؟!
والله المستعان .
 
تصويب الجملة التي وقعت في الفقرة الأخيرة :
" وما الفرق بين من يستغيث بغير الله تعالى وبين من يشرع معه ؟ "
 
أصلا مبحث التكفير لم يكن يخوض فيه و اهل القرون الأولى و لا يشتغلون فيه بمثل هذا الجدل و التنطع المبتدع على عادة اهل الكلام بل كانت هممهم منصرفة في معالجة الكفر الى اخراج الناس منه لا ايقاعه عليهم و امتحان ضمائرهم و تصنيفهم فكان سبيلهم نشر السنن في العوام لتتضح الحجة باكبر قدر من اجماع الجماعة كلها و جعل الناس تتبينه بنفسها بربط السنة بالمصلحة الواقعة حتى يراها الناس واقعا عمليا لا ذهنيا كما عند اكثر هؤلاء الطوائف المنتحلة للفقه من بعدهم و اطلاق الكفر و الفسق و البدعة على العموم للزجر دون تدقيقات ومماحكات في مناطاتها و انزالها على الأفراد و الطوائف و الجماعات لخبرتهم بأن على هذا نزلت الشريعة و لهذا لا تجد ادلة واضحة ظاهرة نصية على ما تدعيه عامة الطوائف المشتغلة بهذا المجال و لهذا كثرت اختلافاتهم و دعاويهم العريضة و ادعاءاتهم للقطعية و الاجماع و كثر تكفيرهم بعضهم لبعض و تبديع بعضهم لبعض و عامة من خاض فيه ممن بعد القرون الأولى من فقهاء الطوائف و الشيع على هذا المنوال المتنطع الا و افضى الى تركه بما فيهم الشيخ تقي الدين الذي كان اشتغاله به مما شنع به عليه حتى افضى به الأمر بان يصرح انه لا يكفر احدا من اهل القبلة و ان عنده كل من حافظ على سنة الوضوء فهو مسلم..
 
كلامك بهذا الإطلاق باطل صريح ، فقد خاض السلف في مبحث التكفير لما أظهر الخوارج مقالاتهم ، ونصوص الصحابة ومن بعدهم في ذلك معلومة ، وخاضت فيه الفرق كلها ، أما ما ذكرته من صرف الهمم في باب الدعوة وإخراج الناس من الكفر فلا شك فيه ، لكن لا معارضة بين ذلك وبين الاجتهاد العلمي النظري في تقرير مسألة التكفير للسعي لوصول مراد الله تعالى منا في هذه المسألة .
وبالنسبة للشيخ تقي الدين فله منهج ذو معالم واضحة في التكفير والتمسك بكلمة نقلها الذهبي لا تكفي في فهم هذا المنهج ، وهو بلا شك أعدل من خصومه في هذا الباب ، من الأشعرية والصوفية وغيرهم ، وقد نص في رده على البكري في مسألة الاستغاثة أنه لا يعامل المذكور بالتكفير كما عامله به .
وقد تكلمت في خبط الأشعرية وتناقضهم في هذه المسألة في كتابي تناقضات الأشعرية .
 
تصويب الجملة التي وقعت في الفقرة الأخيرة :
" وما الفرق بين من يستغيث بغير الله تعالى وبين من يشرع معه ؟ "
تم التعديل على المشاركة الأولى، وفقكم الله، ونفع بكم.
 
عودة
أعلى