الثقوب السوداء في سورة العاديات بين التفسير العلمي والإعجاز الفلكي

إنضم
16/04/2016
المشاركات
124
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
العمر
59
الإقامة
الأردن
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرفق لكم نسخة من كتابي الثقوب السوداء في سورة العاديات بين التفسير العلمي والإعجاز الفلكي

سائلا الله العلي القدير أن ينفع به.

خالد النجار

الثقوب السوداء في سورة العاديات
بين التفسير العلمي والإعجاز الفلكي
مقدّمة:
بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، منْ يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين أما بعد:
إن القرآن الكريم يتناول القضايا الكونية بطريقة مثيرة للاهتمام وآسرة للُّب، فهو يمسُّ موضوع المجهول منها مسّاً رقيقاً ولا يتوغَّل فيه، تاركاً لعقل الإنسان المجال واسعاً للبحث والدراسة والتمحيص، للوصول إلى قوانين الكون، الَّذي جعل الله تعالى له سنناً لا تتبدَّل، وأمر الإنسان أن يبحث عنها ويدركها، ويتعامل معها في حدود طاقته وحاجته، وفي هذا تشريف للإنسان، إذ أعطاه تعالى العينين والعقل وفيهما قُوَّتا الإبصار والبصيرة، ليشاهد ويفكر ويبحث ويتعمَّق متى بمشيئة الله، والغاية الأهمُّ الَّتي ترجى من وراء ذلك هي الوصول إلى الحقيقة الَّتي توصله بدورها إلى الخالق العظيم، وهذا كلُّه من توابع الإيمان ونتائجه، إذ لا معنى لإيمان غير مقترن بعملٍ ومتابعة للجهود، من أجل اكتشاف ما غاب عن علمنا الحالي، بما يرضي الله عنَّا، لنكون رسل العلم والعقل والتفكير، والمحبَّة والسَّلام والإسعاد.
وتجدر الإشارة إلى أن القرآن الكريم ليس كتاب نظريَّات علمية، ولم يأت ليكون بنصِّه منهجاً للعلم التجريـبي، بل هو منهج للحياة كلِّها، وسبيل لتحريض العقل ليعمل وينطلق، وتقييم للمجتمع دون أن يدخل في جزئيات وتفاصيل علمية بحتة؛ فمعرفة هذه التفاصيل متروكة للعقل بعد تقييمه وإطلاق سراحه. إذ يكتفي بالإشارة إلى القضايا الكونية، لأن تعريف الناس بمباحث العلوم الكونية ليس من مقاصد الشريعة، بل إن غايتها أن تجعلهم يتوصَّلوا إلى هذه المعارف بعقولهم واجتهاداتهم، فإذا اهتدَوُا إليها وقد علموا أن القرآن سبقهم في الإشارة إليها، والحضِّ عليها، استدلُّوا على أن القرآن الكريم ليس من كلام البشر، وبذلك يفتح أمامهم باب الهداية والإيمان بالله تعالى وبهذا الدِّين الخالد. وهناك آيات كثيرة في القرآن الكريم أشارت إلى بعض القضايا الكونية، فجاء العلم الحديث مصدِّقاً لها، ووقف خاشعاً أمام إعجازها الَّذي أَخْبَر عنه النبي الأمِّي محمَّد صلى الله عليه وسلم قبل أربعة عشر قرناً من خلال كتابٍ مُعجز، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ لأنه تنزيل من الله العليم الحكيم. قال تعالى: (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا) سورة الكهف آية 54.
وبما أن تعريف الإعجاز العلمي: هو إخبار القرءان الكريم، أو السنة النبوية، بحقيقة أثبتها العلم التجريبي أخيرًا، وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، يبقى هذا البحث تحت مسمى التفسير العلمي كون تفسير هذه السورة مبني على ما ترجحت صحته من نظريات في علم الفلك لغاية الآن، وقد يأتي اليوم الذي تتحول فيه هذه النظريات إلى حقائق علمية يتمّ إثباتها من خلال العلم التجريبي ليصبح هذا التفسير العلمي إعجازًا علميًا، كما أن هذا البحث يفتح آفاقا جديدة للعلماء في العديد من التخصصات لمزيد من البحث والتحليل والاكتشاف.
لا شك أن تدبر القرآن من أسمى العلوم التي ينبغي للمسلم الحرص عليه، ليمكّنه ذلك من فهم معانيه. وقد أعددت هذا البحث الموجز عن ما جاء في سورة العاديات من وصف دقيق لمراحل موت النجوم، وتحولها إلى ثقوب سوداء (Black Holes)، وما يحدث داخل هذه النجوم في كل مرحلة، والتغيرات التي تطرأ عليها في أثناء ذلك، بالإضافة لتأثيرها فلكيًا، وما جاء فيها من تشبيه الإنسان الكنود الجحود بهذه الثوب السوداء التي تأخذ ولا تعطي، وتشبيه إعادة خلق الإنسان، وبعثه من ظلمة القبور لمحاسبته على أعماله ظاهرها وباطنها، بإعادة خلق النجوم بعد موتها بانفجارها، وإخراج ما أخفي بداخلها على شكل سديم وغبار كوني، أي تشبيه المقسم عليه بالمقسم به صفة وموتا وإعادة خلق.
وقد نهجت في إعداد هذا البحث المنهج التالي:
[TABLE="align: left"]
[TR]
[TD][/TD]
[/TR]
[/TABLE]

1- عرض ما أجمع عليه معظم علماء التفسير في تفسير هذه السورة العظيمة (العاديات)
2- جمع الآيات القرآنية التي لها علاقة بهذه السورة العظيمة.
3- جمع ما يتعلّق بهذه السورة من الأحاديث النبوية.
[TABLE="align: left"]
[TR]
[TD][/TD]
[/TR]
[/TABLE]

4- شرح الألفاظ الغريبة من المعاجم اللغوية.
[TABLE="align: left"]
[TR]
[TD][/TD]
[/TR]
[/TABLE]

[TABLE="align: left"]
[TR]
[TD][/TD]
[/TR]
[/TABLE]

[TABLE="align: left"]
[TR]
[TD][/TD]
[/TR]
[/TABLE]

وقد اشتملت الدراسة على إيجاز لما توصل إليه علماء الفلك حتى الآن من نظريات تعلل ظاهرة تكون الثقوب السوداء (Black Holes) وتفسرها.
ملخّص شرح المفسرين لسورة العاديات
( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ (
)
وَالْعَـدِيَـتِ ضَبْحاً * فَالمُورِيَـتِ قَدْحاً * فَالْمُغِيرَتِ صُبْحاً * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً * إِنَّ الإِنسَـنَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ * أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِى الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِى الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِير*)
لقد أجمع المفسرون على أن الله سبحانه وتعالى يقسم بخيل المعركة ويصف حركاتها واحدة واحدة منذ أن تبدأ عدوها وجريها ضابحة بأصواتها المعروفة حين تجري، قارعة للصخر بحوافرها حتى توري الشرر منها، مغيرة في الصباح الباكر لمفاجأة العدو، مثيرة للنقع والغبار. غبار المعركة على غير انتظار. وهي تتوسط صفوف الأعداء على حين غرة فتوقع بينهم الفوضى والاضطراب!
والعاديات ضبحاً} هذا قسم، والعاديات صفة لموصوف محذوف فما هو هذا الموصوف؟ هل المراد الخيل ويعني (الخيل العاديات)، أو المراد الإبل ويعني (الإبل العاديات)؟ في هذا قولان للمفسرين: فمنهم من قال: إن الموصوف هو الإبل، والتقدير (والإبل العاديات)، أي الإبل التي تعدوا من عرفة إلى مزدلفة، ثم إلى منى، وذلك في مناسك الحج، واستدلوا على هذا بأن هذه السورة مكية، وأنه ليس في مكة جهاد على الخيل حتى يقسم بها.
أما القول الثاني لجمهور المفسرين وهو الأقوى فإن الموصوف هو الخيل، والتقدير (الخيل العاديات) وهي معلومة للعرب قبل مشروعية الجهاد، إن هناك خيل تعدو على أعدائها سواء بحق، أو بغير حق فيما قبل الإسلام، أما بعد الإسلام فالخيل تعدو على أعدائها بحق. يقول الله تعالى: {والعاديات} والعادي اسم فاعل من العدو، وهو سرعة المشي والانطلاق.
أما المقسم عليه، فهو الإنسان الجاحد الكنود، والمراد بالإنسان هنا الجنس، أي أن جنس الإنسان، إذا لم يوفق للهداية فإنه {لكنود} أي كفور لنعمة الله عزّ وجلّ، وقيل: المراد بالإنسان هو الكافر، فعلى هذا يكون عامًّا أريد به الخاص، والأظهر أن المراد به العموم، وأن جنس الإنسان لولا هداية الله لكان كنوداً لربه عزّ وجلّ، والكنود هو الكفر، أي الكفر بنعمة الله عزّ وجلّ، الذي يرزق الإنسان فيزداد بهذا الرزق عتواً ونفوراً، فإن من الناس من يطغى، إذا رآه قد استغنى عن الله، وما أكثر ما أفسد الغنى من بني آدم، فهو كفور بنعمة الله عزّ وجلّ، يجحد نعمة الله، ولا يقوم بشكرها، ولا يقوم بطاعة الله لأنه كنود لنعمة الله. { وإنه على ذلك لشهيد}، {إنه} الضمير قيل: يعود على الله، أي أن الله تعالى يشهد على العبد بأنه كفور لنعمة الله.
وقيل: إنه عائد على الإنسان نفسه، أي أن الإنسان يشهد على نفسه بكفر نعمة الله عزّ وجلّ.
والصواب أن الآية شاملة لهذا وهذا، فالله شهيد على ما في قلب ابن آدم، وشهيد على عمله، والإنسان أيضاً شهيد على نفسه، لكن قد يقر بهذه الشهادة في الدنيا، وقد لا يقر بها، فيشهد على نفسه يوم القيامة كما قال تعالى: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} [النور: 24]. {وإنه} أي الإنسان {لحب الخير لشديد} الخير هو المال كما قال الله تعالى {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية} [البقرة: 180]. أي: إن ترك مالاً، فالخير هو المال، والإنسان حبه للمال أمر ظاهر، قال الله تعالى: {وتحبون المال حبًّا جًّما} [الفجر: 20].
ثم إن الله تعالى ذكَّر الإنسان في حال لابد له منها فقال: {أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور} فيعمل لذلك، ولا يكن همه المال {أفلا يعلم} أي يتيقن. {إذا بعثر ما في القبور} أي: نشر وأظهر فإن الناس يخرجون من قبورهم لرب العالمين، كأنهم جراد منتشر، يخرجون جميعاً بصيحة واحدة {إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون} [يس: 53]. {وحصل ما في الصدور}* أي ما في القلوب من النيات، وأعمال القلب كالتوكل، والرغبة، والرهبة، والخوف، والرجاء وما أشبه ذلك. وهنا جعل الله عزّ وجلّ العمدة (ما في الصدور)، كما قال تعالى: {يوم تبلى السرائر. فما له من قوة ولا ناصر} [الطارق: 9، 10]. لأنه في الدنيا يعامل الناس معاملة الظاهر، حتى المنافق يعامل كما يعامل المسلم حقًّا، لكن في الآخرة العمل على ما في القلب، ولهذا يجب علينا أن نعتني بقلوبنا قبل كل الأعمال؛ لأن القلب هو الذي عليه المدار، وهو الذي سيكون الجزاء عليه يوم القيامة، ولهذا قال: {وحصل ما في الصدور} ومناسبة الآيتين بعضهما لبعض أن بعثرة ما في القبور، إخراج للأجساد من باطن الأرض، وتحصيل ما في الصدور، إخراج لما في الصدور، مما تكنه الصدور، فالبعثرة بعثرة ما في القبور عما تكنه الأرض، وهنا عما يكنه الصدر، والتناسب بينهما ظاهر. {إن ربهم بهم يومئذ لخبير} أي إن الله عزّ وجلّ خبير بهم: أي: بالعباد، وجاء التعبير {بهم} ولم يقل (به) مع أن الإنسان مفرد، باعتبار المعنى، أي: أنه أعاد الضمير على الإنسان باعتبار المعنى، لأن معنى {إن الإنسان} أي: كل إنسان، وعلق العلم بذلك اليوم {إن ربهم بهم يومئذ} لأنه يوم الجزاء، والحساب، وإلا فإن الله تعالى عليم خبير في ذلك اليوم، وفيما قبله وبعده، فهو جلّ وعلا عالم بما كان، وما يكون لو كان كيف يكون.

التفسير العلمي لسورة العاديات
لقد حثّنا الله تعالى في العديد من الآيات القرآنية على التفكّر في آياته وخلقه، ومن هنا بدأ بحثي وتحليلي لسورة العاديات، وربطها بالاكتشافات العلمية الحديثة، وهذه المحاولة لا اقصد منها الانتقاص من التفاسير الموجودة التي شرحها الكثير من المفسرين جزاهم الله خيرًا، وإنما التوسّع في الفهم بما لا يتعارض مع ما تمّ تفسيره، وبيانه من علماء التفسير.
قبل البدء بشرح هذه السورة العظيمة لا بد من التوضيح بشكل مختصر دورة حياة النجوم ابتداء من ولادتها، ومراحل تحولها إلى ثقوب سوداء، وموتها ، وقد استندت لهذه الغاية إلى عدة مراجع علمية منها موقع لوكالة الفضاء الأمريكية NASA الإلكتروني، وفي ما يلي ترجمة من الموقع لدورة حياة النجوم:

دورة حياة النجوم
تعدّ النجوم اللبنات الأساسيّة للمجرات، وتنتج داخلها العناصر الثقيلة مثل الكربون، النيتروجين والأكسجين، وخصائصها مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بخصائص الأنظمة الكوكبية التي قد تتجمع حولها، ونتيجة لذلك فإن دراسة ولادة النجوم وحياتها حتى موتها تعد أساس علم الفلك ومركزه.
· ولادة النجوم:
تولد النجوم داخل سحب من الغاز والغبار الكوني (السديم الكوني) المنتشر في شتى أنحاء المجرات، ومثال هذه السحب الغبارية ما يُعرف باسم سديم الجبار (Orion Nebula).
إن الاضطرابات العنيفة والعميقة داخل هذه السحب الغبارية تؤدي إلى الترابط، ومع كتلة مناسبة يبدأ هذا الغاز، والغبار بالانكماش تحت تأثير قوى جاذبيته الذاتية، وتبدأ حرارة المادة في المركز بالارتفاع، وهذه النواة الحارة في قلب السحب المنكمشة على نفسها ستصبح في يوم ما نجمًا تسمى (protostar).
وعندما تنكمش هذه السحابة الكونية تشكل كثافة ونواة حارة وتبدأ بتجميع الغبار والغاز، ولا تنتهي هذه المادة الغبارية كلّها عندما تصبح جزءاً من النجم، إذ بما تبقى منها يمكن أن تتكون الكواكب والكويكبات أو المذنبات أو تبقى غباراً.
ولولادة وتكون نجم بحجم شمسنا يستغرق من الوقت نحو 50 مليون سنة من بداية التكون لغاية ما يصبح نجما يافعًا، وشمسنا ستبقى على مرحلتها وحالها كما نراها اليوم نحو 10 مليون سنة بناءً على حسابات الفلكيين.
إن وقود هذه النجوم ناتج عن الاندماج الذري داخلها لذرات الهيدروجين، وينتج عن هذا الاندماج عنصر الهليوم، والطاقة الناتجة عن هذا الاندماج في أعماق النجم تمد النجم بقوة دافعة للخارج تحول دون انكماش النجم على نفسه وتجعله لامعًا كما نرى النجوم.
من ناحية أخرى، فإن حجم النجوم العملاقة المعروفة باسم (Hypergiants) يكون أكبر بمائة مرة أو أكثر من حجم شمسنا، ودرجة حرارتها السطحية تزيد على 30 مليون درجة مئوية، وتصدر منها طاقة تزيد بمئات الألوف على ما تصدره شمسنا، لكنها تعيش لعدة ملايين من السنين فقط.
· مصير النجوم:
بشكل عام كلما كان حجم النجم أكبر، كانت حياته أقصر على الرغم من أن كل النجوم الضخمة أو معظمها يعيش بلايين السنين، وعندما تستهلك النجوم الهيدروجين الذي بداخل نواتها نتيجة الاندماج الذري، يتوقف هذا النشاط الذري، ويتوقف إنتاج الطاقة اللازم لدعمها، ودفعها للخارج، نتيجة لذلك تبدأ نواة النجم بالانكماش على نفسها، وتتزايد درجة حرارتها بدرجة كبيرة. وبما أن الهيدروجين الموجود خارج النواة ما زال متوفرًا، يستمر الاندماج الذري في الطبقة المحيطة بالنواة.
إن درجة الحرارة المتزايدة داخل النواة تدفع بطبقات النجم الخارجية للخارج (بعيدا عن النواة)، ونتيجة لذلك تتمدد هذه الطبقات وتبرد، ويتحول النجم عندها إلى ما يدعى العملاق الأحمر (Red Giant).
وإذا كان النجم هائل الحجم، فإن درجة حرارة النواة المنكمشة تصل لدرجة تدعم معها استمرار النشاط، والاندماج الذري بين ذرات الهليوم، منتجة عناصر أخرى أثقل وأثقل وصولًا إلى الحديد. وعلى أي حال هذا النشاط يمد النجم بطاقة لا تستمر طويلًا، إذ أن الاشتعال الذري يصبح غير ثابت وغير مستقر، أحيانًا يشتعل بشراسة وعنف، وأحيانًا أخرى يخمد، وهذا يجعل النجم يخفق بشدة ويتخلّص من طبقاته الخارجية، مغلفًا ومكفنًا نفسه بشرنقة من الغاز والغبار، وما يحدث بعد ذلك يعتمد على حجم النواة:
1- النجوم متوسطة الحجم تصبح ما يسمى بالقزم الأبيض (White Dwarf)
بالنسبة للنجوم التي يكون حجمها قريبًا من حجم شمسنا، تستمر مرحلة إلقاء الطبقات الخارجية حتى تصل النواة لمرحلة الموت، نواة ميتة إلا أنها حارة لدرجة هائلة لدرجة أنها تصبح كالجمر، وتسمى عندها بالقزم الأبيض (White Dwarf)، وحجمها يقارب حجم الأرض إلا أن كتلتها مثل كتلة نجم.
إن الضغط الناجم عن السرعة المهولة للالكترونات داخلها يمنع هذه النجوم من الاستمرار في الانكماش ويزود النواة بالطاقة اللازمة لها، وقد لوحظ أن النجم يتحوّل إلى قزم أبيض إذا كانت كتلته لا تزيد على 1.4 ضعف كتلة شمسنا، أما إذا كانت كتلة هذا النجم تزيد على ذلك فإن ضغط الالكترونات لا يكون كافيًا عندها لإيقاف انكماش النجم، بل يستمر في الانكماش حتى ينفجر كليًا بما يعرف باسم سوبرنوفا (Supernova) تاركًا خلفه نجماً نيوترونياً أو ثقباً أسوداً.
2- الثقوب السوداء:
إذا كانت نواة النجم المنهارة أكبر من كتلة ثلاثة نجوم بحجم شمسنا، فإنها تنكمش كليا لتشكل ثقباً أسوداً ذا كثافة غير متناهية، وقوة جاذبية عظيمة تصل لدرجة لا يستطيع حتى الضوء الإفلات منها. وبما أن فوتونات الضوء هي ما تراه المراقب والتلسكوبات، فإنه لا يمكن رصد الثقوب السوداء هذه إلا بطريقة غير مباشرة، والرصد غير المباشر ممكن لأن حقل جاذبية الثقب الأسود من القوة بحيث يلتقط ويجذب إليه أي جسم يقترب منه ويغيره في داخله. وحيث إن المادة المجذوبة له تتوجه إلى النجم بمسار التفافي لولبي فإنها تكون، وتشكل حلقة حوله وهي متجهة إليه ودرجة حرارته هائلة، وانبعاث كميات غزيرة من أشعة X وأشعة جاما منها يدلّ على وجود الثقب الأسود المختفي.
وحيث أن بعض النجوم تنفجر نتيجة لانكماشها والأسباب التي تمّ شرحها آنفًا بما يسمى (novae) و (Supernovae)، فإن الغبار والحطام والأنقاض الناتجة من أثر الانفجار تمتزج مع الغازات المحيطة، ويمد هذا المزيج بالعناصر الثقيلة وتركيبات كيميائية تمّ إنتاجها في أثناء موت النجم، وفي النهاية يتمّ تدوير هذه المواد recycled، بحيث تشكل اللبنات الأساسيّة لنشوء نجوم جديدة، وتشكيل نظام كوكبي جديد.
وبناءً عليه وبعد الرجوع لعدة مراجع ومصادر علمية أخرى يمكن إيجاز مراحل تكون الثقوب السوداء بما يلي:
مراحل تكوّن الثقوب السوداء (موت النجوم)
تتكون الثقوب السوداء نتيجة لموت بعض النجوم الضخمة، التي تزيد كتلتها على كتلة الشمس بعشرين ضعفًا أو أكثر، ولتوضيح مراحل تشكل الثقوب السوداء (موت النجوم) بشكل بسيط جدًا (بعد الرجوع لعدة مصادر علمية فلكية)، فقد رأيت أن أوجزها على شكل نقاط بسيطة جدًا، سائلًا الله تعالى أن يوفقني في ذلك:
1- من المتعارف عليه لدى علماء الفلك أن النشاط الذري (الاندماج الذري بين ذرات الهيدروجين)، والانفجارات داخل نواة النجم (مركز النجم) تنتج طاقة هائلة، وهذه الطاقة تدفع بكتلة النجم من مركز النجم تجاه الخارج، وفي الوقت ذاته هناك طاقة الجاذبية المركزية للنجم، التي تسحب النجم للداخل تجاه النواة في المركز، وهاتان الطاقتان متساويتان من حيث القوة ومتعاكستان في الاتجاه، ما يبقي النجم دون أن يتشتت، ويتبعثر، أو أن ينكمش على نفسه.
2- في مرحلة ما يبدأ النشاط الذري (الاندماج الذري) داخل نواة النجم بالنفاد والتآكل، (نظرًا لاستهلاك الهيدروجين وتحوله إلى هليوم نتيجة لهذا الاندماج)، وتقل الطاقة المتولدة عن هذا النشاط تدريجيًا، وتصبح طاقة الجاذبية المركزية أكبر، ونتيجة لذلك يبدأ النجم بالانكماش على نفسه، وتتزايد كثافته تدريجيًا (مع استمرار الاندماج بين ذرات الهليوم متحوّلة إلى عنصر أثقل، ثم أثقل وصولًا لعنصر الحديد)، ما يؤدي لتزايد طاقة الجاذبية المركزية للنجم، وتتضاعف بشكل مستمر إلى مالا نهاية. (مرحلة موت النجم) ونتيجة لذلك يبدأ لون هذا النجم بالتغيّر والتحوّل إلى اللون الداكن تدريجياً، فيتحول لونه الأبيض اللامع إلى اللون الأسود الذي فيه حمرة (Red Giant) تدريجيًا.
3- تبدأ طاقة الجاذبية - والتي هي بتزايد مستمر - بجذب كل جسم يقترب أو يدخل في مجال جاذبية هذه النجوم (تعتدي عليها) وتجذبه للمركز، حتى فوتونات الضّوء القريبة من نواة النجم (المركز) لا تستطيع الإفلات من هذه الجاذبية، ومع تزايد قوة هذه الجاذبية المستمر، تنفجر هذه النجوم على شكل نوفا أو سوبرنوفا (novae) أو (Supernovae) تاركة وراءها إمّا نجماً نيوترونياً أو ثقباً أسوداً بحسب كتلتها، وهنا يتغيّر اسمه من نجم إلى ثقب أسود Black Hole.
4- وتبدأ طاقة الجاذبية الهائلة للثقب الأسود بجذب السديم الكوني المنتشر في الفلك، وتجميعه من كل الاتجاهات ، ليتوسط هذا الثقب السديم الكوني. ومن خلال هذا السديم الكوني (النقع) يستدل على وجود الثقوب السوداء، أي أن الثقب الأسود لا يرى بل يستدل على وجوده من خلال رصد السديم والغبار الكوني حوله.

بعد هذا الإيجاز البسيط جدًا عن ماهية الثقوب السوداء، هل نستطيع القول إن الله عزّ وجلّ يقسم في سورة العاديات بهذه الثقوب السوداء ومراحل تكونها واعتدائها على كل ما يحيط بها، ويدخل في مجال جاذبيتها؟؟؟
التفسير العلمي لسورة العاديات
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5) إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8) أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)
(والعاديات ضبحا*)
يقسم الله تعالى ب (العاديات ضبحا)، العاديات هنا صفه لموصوف محذوف، فهل يقتصر هذا الوصف على الخيل أم الإبل؟
العاديات:
قال تعالى:
(الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)، (سورة البقرة - سورة 2 - آية (194
(فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)، (سورة المؤمنون - سورة 23 - آية 7)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)، (سورة المائدة - سورة 5 - آية (87
(وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ)، (سورة الشعراء - سورة 26 - آية (166
وفي لسان العرب:
العَدْو: الحُضْر. عَدَا الرجل والفرسُ وغيره يعدو عدْواً وعُدُوّاً وعَدَوانًا وتَعْداءً وعَدَّى: أَحْضَر؛ قال رؤبة: من طُولِ تَعْداءِ الرَّبيعِ في الأَنَقْ وحكى سيبويه: أَتيْته عَدْواً، وُضع فيه المصدرُ على غَيْر الفِعْل، وليس في كلِّ شيءٍ قيل ذلك إنما يُحكى منه ما سُمع.
وقالوا: هو مِنِّي عَدْوةُ الُفَرَس، رفعٌ، تريد أَن تجعل ذلك مسافَة ما بينك وبينه، وقد أَعْداه إذا حَمَله على الحُضْر.
وأَعْدَيْتُ فرسي: اسْتَحضَرته.
وأَعْدَيْتَ في مَنْطِقِكَ أَي جُرت.
ويقال للخَيْل المُغِيرة: عادِيَة؛ قال الله تعالى: والعادِياتِ ضَبْحاً؛ قال ابن عباس: هي الخَيْل؛ وقال علي، رضي الله عنه: الإِبل ههنا.
وفي حديث ابن عبد العزيز: أُتيَ برَجُل قد اخْتَلَس طَوْقاً فلم يَرَ قَطْعَه وقال: تِلك عادِيَةُ الظَّهْرِ؛ العادِية: من عَدَا يَعْدُو على شيء إِذا اخْتَلَسه، والظَّهْرُ: ما ظَهَرَ مِنَ الأَشْياء، ولم يرَ في الطَّوْق قَطعاً لأَنه ظاهِرٌ على المَرْأَة والصَّبيّ.

وقوله تعالى: ولا تَسُبُّوا الذين يَدْعون من دون اللهِ فيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بغير علم، وقرئ: عُدُوّاً مثل جُلُوس؛ قال المفسرون: نُهُوا قبل أَن أَذِن لهم في قتال المشركين أَن يَلْعَنُوا الأَصْنامَ التي عَبَدوها، وقوله: فيَسُبُّوا الله عَدْواً بغير علم؛ أَي فيسبوا الله عُدْواناً وظُلْماً، وعَدْواً منصوب على المصدر وعلى إرادة اللام، لأَن المعنى فيَعْدُون عَدْواً أَي يظْلِمون ظلماً، ويكون مَفْعولاً له أَي فيسُبُّوا الله للظلم، ومن قرأَ فيَسُبُّوا الله عُدُوّاً فهو بمعنى عَدْواً أَيضاً. يقال في الظُّلْم: قد عَدَا فلان عَدْواً وعُدُوّاً وعُدْواناً وعَدَاءً أَي ظلم ظلماً جاوز فيه القَدْر، وقرئ: فيَسُبُّوا الله عَدُوّاً، بفتح العين وهو ههنا في معنى جماعة، كأَنه قال فيسُبُّوا الله أَعداء، وعَدُوّاً منصوب على الحال في هذا القول؛ وكذلك قوله تعالى: وكذلك جعلنا لكل نبيٍّ عَدُوّاً شياطينَ الإِنس والجنّ؛ عَدُوّاً في معنى أَعداءً، المعنى كما جعلنا لك ولأُمتك شياطينَ الإنس والجن أَعداء، كذلك جعلنا لمن تَقَدَّمك من الأَنبياء وأُممهم، وعَدُوّاً ههنا منصوب لأَنه مفعول به، وشياطينَ الإِنس منصوب على البدل، ويجوز أَن يكون عَدُوّاً منصوباً على أَنه مفعول ثان وشياطين الإنس المفعول الأول.

مما سبق يمكن إيجاز معنى العاديات بما يلي:
1- التي تعدو وتجري.
2- التي تعتدي على غيرها.
3- التي تسلب من حولها.
وجميع هذه الصفات تنطبق على النجوم في مرحلة موتها، وتحوّلها إلى ثقوب سوداء، فهي تعدو وتجري، وتعتدي وتسلب من حولها بجذبها إليها.
قال تعالى: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) (يس:38(.

ضبح (لسان العرب)
ضَبَحَ العُودَ بالنار يَضْبَحُه ضَبْحاً: أَحرق شيئاً من أَعاليه، وكذلك اللحم وغيره؛ الأَزهري: وكذلك حجارةُ القَدَّاحةِ إِذا طلعت كأَنها مُتَحَرِّقةٌ مَضْبوحةٌ.
وضَبَحَ القِدْحَ بالنار: لَوَّحَه.
وقِدْحٌ ضَبِيحٌ ومَضْبوحٌ: مُلَوَّح؛ قال: وأَصْفَرَ مَضْبوحٍ نَظَرْتُ حِوارَه على النارِ، واسْتَوْدَعْتُه كَفَّ مُجْمِدِ أَصفر: قِدْحٌ، وذلك أَن القِدْحَ إِذا كان فيه عَوَجٌ ثُقِّفَ بالنار حتى يستوي.
والمَضْبوحةُ: حجارة القَدّاحَةِ التي كأَنها محترقة؛ قال رؤبة بن العجاج يصف أُتُناً وفَحْلَها: يَدَعْنَ تُرْبَ الأَرضِ مَجْنُونَ الصِّيَقْ، والمَرْوَ ذا القَدَّاحِ مَضْبُوحَ الفِلَقْ والصِّيَقُ: الغُبار.
وجنونه: تطايره.
والمَضْبُوحُ: حجر الحَرَّة لسواده.
والضِّبْحُ الرَّمادُ، وهو من ذلك؛ الأَزهري: أَصله من ضَبَحته النار.
وضَبَحَتْه الشمسُ والنار تَضْبَحُه ضَبْحاً فانْضَبَحَ: لَوَّحته وغيَّرته؛ وفي التهذيب: وغَيَّرَتْ لونَه؛ قال: عُلِّقْتُها قبلَ انْضِباحِ لَوْني، وجُبْتُ لَمَّاعاً بعيدَ البَوْنِ والانْضِباحُ: تغير اللون؛ وقيل: ضَبَحَتْهُ النارُ غيرته ولم تبالغ فيه؛ قال مُضَرِّسٌ الأَسديُّ:
فلما أَن تَلَهْوَجْنا شِواءً به اللَّهَبانُ مَقْهوراً ضَبِيحا
خَلَطْتُ لهم مُدامةَ أَذْرِعاتٍ بماءٍ سَحابةٍ، خَضِلاً نَضُوحا
والمُلَهْوَجُ من الشواء: الذي لم يَتِمَّ نُضْجُه.
واللَّهَبانُ: اتِّقادُ النار واشْتِعالُها.
وانْضَبَحَ لونُه: تغير إلى السواد قليلاً.
وضَبَحَ الأَرنبُ والأَسودُ من الحيات والبُومُ والصَّدَى والثعلبُ والقوسُ يَضْبَحُ ضُباحاً: صَوَّت؛ أَنشد أَبو حنيفة في وصف قوس: حَنَّانةٌ من نَشَمٍ أَو تَوْلَبِ، تَضْبَحُ في الكَفِّ ضُباح الثَّعلبِ قال الأَزهري: قال الليث الضُّباح، بالضم، صوت الثعالب؛ قال ذو الرمة: سَباريتُ يَخْلُو سَمْعُ مُجْتازِ رَكْبِها من الصوتِ، إِلا من ضُباحِ الثعالبِ وفي حديث ابن الزبير: قاتل اللهُ فلاناً ضَبَح ضَبْحَة الثعلب وقَبَعَ قَبْعةَ القُنْفُذِ؛ قال: والهامُ تَضْبَح أَيضاً ضُباحاً؛ ومنه قول العَجَّاج: من ضابِحِ الهامِ وبُومٍ بَوَّام وفي حديث ابن مسعود: لا يَخْرُجَنَّ أَحدُكم إِلى ضَبْحةٍ بليل أَي صَيْحة يسمعها فلعله يصيبه مكروه، وهو من الضُّباحِ صوت الثعلب؛ ويروى صيحة، بالصاد المهملة والياء المثناة تحتها؛ وفي شعر أَبي طالب: فإِني والضَّوابحِ كلَّ يومٍ جمع ضابح. يريد القَسَمَ بمن رفع صوته بالقراءة، وهو جمع شاذ في صفة الآدمي كفَوارس.
وضَبَحَ يَضْبَحُ ضَبْحاً وضُباحاً: نَبَحَ.


مما سبق يمكن إيجاز معنى ضبحا بما يلي:
1- احتراق شيء من أعلى إلى أسفل .
2- تغيّر اللون للسواد من النار أو الشمس (لوحته النار أو الشمس)
3- صوت الهوام وبخاصة الأسود منه.ا
4- الرماد الأسود، وأصله من ضبحته النار.
(وجميع هذه الصفات أيضا تنطبق على النجوم في مرحلة موتها، وتحوّلها إلى ثقوب سوداء، فنتيجة لبدء نفاد طاقة الاندماج الذري داخلها، واحتراقها تبدأ بالانكماش على نفسها، وتتضاعف جاذبيتها باستمرار، ويبدأ تغيّر لونها إلى السواد الذي فيه حمرة، نتيجة لعدم تمكن جميع فوتونات الضّوء الناتجة عنها من الإفلات من جاذبيتها، وتبدأ بإصدار الأصوات نتيجة لذلك، (وقد تم ّرصد هذه الأصوات حديثاً)

(فالموريات قدحا*)
(الموريات):
قال تعالى:
(فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ) سورة ص - سورة 38 - آية 32
(يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) سورة الأعراف - سورة 7 - آية 26
(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ) سورة الأعراف - سورة 7 - آية 20
(فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) سورة المائدة - سورة 5 - آية 31
(أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ) (4) سورة الواقعة - سورة 56 - آية 71
وفي لسان العرب:
الوَرْيُ: قَيْح يكون في الجَوف، وقيل: الوَرْي قَرْحٌ شديد يُقاء منه القَيْح والدَّمُ.
وحكى اللحياني عن العرب: ما له وَراه الله أَي رَماه الله بذلك الداء، قال: والعرب تقول للبَغِيض إِذا سَعَلَ: وَرْياً وقُحاباً، وللحبيب إِذا عَطَس: رَعْياً وشْبَاباً.
وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لأَن يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكم قَيْحاً حتى يَرِيَه خير له من أَن يَمْتَلِئَ شِعْراً؛ قال الأَصمعي: قوله حتى يَرِيَه هو من الوَرْي على مثال الرَّمْي، يقال منه: رجل مَوْرِيٌّ، غير مهموز، وهو أَن يَدْوَى جَوْفُه؛ وأَنشد: قالت له وَرْياً إِذا تَنَحْنَحا (* قوله «تنحنحا» كذا بالأصل وشرح القاموس، والذي في غير نسخة من الصحاح: تنحنح.) تدعو عليه بالوَرْي.
ويقال وَرَّى الجُرْحُ سائرَه تَوْرِيةً أَصابه الوَرْيُ؛ وقال الفرَّاء: هو الوَرى، بفتح الراء؛ وقال ثعلب: هو بالسكون المصدر وبالفتح الاسم؛ وقال الجوهري: وَرَى القَيْحُ جَوْفَه يَرِيه وَرْياً أَكَله، وقال قوم: معناه حتى يُصِيب رِئَته، وأَنكره غيرهم لأَن الرئة مهموزة، فإِذا بنيت منه فِعلاً قلت: رآه يَرْآه فهو مَرْئِيٌّ.
وقال الأَزهري: إِنَّ الرئة أَصلها من ورى وهي محذوفة منه. يقال: وَرَيْت الرجل فهو مَوْرِيٌّ إِذا أَصبت رِئته، قال: والمشهور في الرواية الهمز؛ وأَنشد الأَصمعي للعجاج يصف الجِراحات: بَينَ الطِّراقَيْنِ ويَفْلِينَ الشَّعَرْ عن قُلُبٍ ضُجْمٍ تُوَرِّي مَن سَبَرْ كأَنه يُعْدِي من عِظَمِه ونُفور النفس منه، يقول: إِنَّ سَبَرها إِنسان أَصابَه منه الوَرْيُ من شدَّتها، وقال أَبو عبيدة في الوَرْي مثله إِلا أَنه قال: هو أَن يأْكل القيحُ جوفَه؛ قال: وقال عبد بني الحَسْحاس يذكر النساء: وَراهُنَّ رَبِّي مِثلَ ما قد وَرَينَني، وأَحْمَى على أَكْبادِهِنَّ المَكاوِيا وقال ابن جبلة: سمعت ابن الأَعرابي يقول في قوله تُوَرِّي مَنْ سَبَرَ، قال: معنى تُوَرِّي تَدفَع، يقول: لا يَرى فيه عِلاجاً من هَوْلِها فيَمْنَعه ذلك من دوائها؛ ومنه قول الفَرزدق:

فلو كنتَ صُلْبَ العُودِ أَو ذا حَفِيظَةٍ لَوَرَّيْتَ عن مَوْلاكَ والليلُ مُظْلِمُ

يقول: نَصَرْتَه ودفعتَ عنه، وتقول منه: رِ يا رجل، وَريا للاثنين، ورُوا للجماعة، وللمرأَة رِي وهي ياء ضمير المؤنث مثل قومي واقْعُدِي، وللمرأَتين: رِيا، وللنسوة: رِينَ، والاسم الوَرَى، بالتحريك.
ووَرَيْته وَرْياً: أَصبت رئته، والرئة محذوفة من وَرَى.
والوارية سائصة (* قوله «والوارية سائصة» كذا بالأصل، وعبارة شارح القاموس: والوارية داء. داء يأْخذ في الرئة، يأْخذ منه السُّعال فيَقْتُل صاحِبَه، قال: وليسا من لفظ الرّئة.

وَوَرَتِ النارُ تَرِي وَرْياً ورِيةً حسَنَةً، وَوَرِيَ الزَّنْدُ يَرِي، وَوَرَى يَرِي ويَوْرَى وَرْياً ووُرِيّاً ورِيةً، وهو وارٍ ووَرِيٌّ: اتَّقَد؛ قال الشاعر: وَجَدْنا زَنْدَ جَدِّهمِ ورِيّاً، وزَنْدَ بني هَوازِنَ غَيرَ وارِي وأَنشد أَبو الهيثم: أُمُّ الهُنَيْنَين مِنْ زَنْدٍ لها وارِي وأَوْرَيْتُه أَنا، وكذلك وَرَّيْتُه تَوْرِيةً؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:

وأَطْفِ حَدِيثَ السُّوء بالصَّمْتِ إِنَّه مَتَى تُورِ ناراً للعِتاب تَأَجَّجَا

ويقال: وَرِيَ المُخُّ يَرِي إِذا اكتنز وناقةٌ وارِيةٌ أَي سمِينة؛ قال العجاج: يأْكُلْنَ مِن لَحْمِ السَّدِيفِ الواري كذا أَورده الجوهري؛ قال ابن بري: والذي في شعر العجاج:

وانْهَمَّ هامُومُ السَدِيفِ الواري عن جَرَزٍ منه وجَوْزٍ عاري

وقالوا: هُو أَوْراهُمْ زَنْداً؛ يضرب مثلاً لنَجاحه وظَفَره. يقال: إِنه لوارِي الزِّنادِ وواري الزَّنْد وورِيُّ الزند إِذا رامَ أَمراً أَنجَحَ فيه وأَدرَكَ ما طَلب. أَبو الهيثم: أَوْرَيْتُ الزِّنادَ فوَرَتْ تَرِي وَرْياً وَرِيةً؛ قال: وقد يقال وَرِيَتْ تَوْرَى وَرْياً وَرِيةً، وأَوْرَيْتُها أَنا أَثْقَبْتُها. وقال أَبو حنيفة: ورَتِ الزنادُ إِذا خرجت نارها، ووَرِيَتْ صارت وارِيةً، وقال مرَّة: الرِّيةُ كلُّ ما أَوْرَيْتَ به النار من خِرْقة أَو عُطْبةٍ أَو قِشْرةٍ، وحكى: ابْغِنِي رِيَّةً أَرِي بها ناري، قال: وهذا كله على القلب عن وِرْيةٍ وإِنْ لم نسمع بوِرْيةٍ.
وفي حديث تزويج خديجة، رضي الله عنها: نَفَخْتَ فأَوْرَيْتَ؛ ورَى الزَّندُ: خرجت نارُه، وأَوْراه غيره إِذا استخرج نارَه.
والزَّنْدُ الواري: الذي تظهر ناره سريعاً. قال الحربي: كان ينبغي أَن يقول قدَحْتَ فأَوْرَيْت.
وفي حديث علي، كرم الله وجهه: حتى أَوْرَى قَبَساً لقابِسٍ أَي أَظْهَرَ نُوراً من الحق لطالب الهُدى.
وفي حديث فتح أَصْبهنَ: تَبْعَثُ إِلى أَهل البصرة فيُوَرُّوا؛ قال: هو من وَرَّيْت النار تَوْرِيةً إِذا استخرجتها. قال: واسْتَوْرَيْتُ فلاناً رأْياً سأَلته أَن يستخرج لي رأْياً، قال: ويحتمل أَن يكون من التَّوْرِية عن الشيء، وهو الكناية عنه، وفلان يَسْتَوْرِي زنادَ الضلالةِ.
وأَوْرَيْتُ صَدره عليه: أَوْقَدْتُه وأَحقَدْته.وَرِيةُ النار، مخففة: ما تُورى به، عُوداً كان أَو غيره: أَبو الهيثم: الرِّيةُ من قولك ورَتِ النارُ تَري وَرْياً ورِيَّةً مثل وعَتْ تَعِي وَعْياً وعِيةً، ووَدَيْتُه أَدِيه وَدْياً ودِيةً، قال: وأَوْرَيْتُ النار أُورِيها إِيراء فَوَرَت تَري ووَرِيَتْ تَرِي، ويقال: وَرِيَتْ تَوْرَى؛ وقال الطرمّاح يصف أَرضاً جَدْبة لا نبات فيها:

كظَهْرِ اللأَى لو تَبْتَغِي رِيَّةً بها لعَيَّتْ وشَقَّتْ في بُطون الشَّواجنِ

أَي هذه الصَّحْراء كظهر بقرة وحشية ليس فيها أَكَمَة ولا وَهْدة، وقال ابن بُزُرْج: ما تُثْقب به النار؛ قال أَبو منصور: جعلها ثَقُوباً من خَثًى أَو رَوْثٍ أَو ضَرَمةٍ أَو حَشِيشة يابسة؛ التهذيب: وأَما قول لبيد:تَسْلُبُ الكانِسَ لمْ يُورَ بها شُعْبةُ الساقِ، إِذا الظِّلُّ عَقَلْ روي: لم يُورَ بها ولم يُورَأْ بها ولم يُوأَرْ بها، فمن رواه لم يُورَ بها فمعناه لم يَشْعُرْ بها، وكذلك لم يُورَأْ بها، قال: ورَيْته وأَوْرَأْته إِذا أَعْلَمْته، وأَصله من وَرَى الزَّنْدُ إِذا ظهرت نارُها كأَنَّ ناقته لم تُضِئُ للظبي الكانس ولم تَبِنْ له فيَشْعُر بها لسُرْعَتِها حتى انْتَهَت إِلى كِناسه فنَدَّ مندَّ منهاجافِلاً، قال:وأَنشدني بعضهم:
دَعاني فلمْ أُورَأْ به فأَجَبْتُه فمَدَّ بثَدْيٍ بَيْننا غَير أَقْطَعا

أَي دَعاني ولم أَشْعُرْ به، ومن رواه ولم يُوأَرْ بها فهي من أُوارِ الشمس، وهو شدَّة حرِّها، فقَلَبه وهو من التنفير.
والتَّوْراةُ عند أَبي العباس تَفْعِلةٌ، وعند الفارسي فَوْعلة، قال: لقلة تَفْعِلة في الأَسماء وكثرة فَوْعلة.
ووَرَّيْتُ الشيءَ ووَارَيْتُه: أَخْفَيْتُه.
وتَوارى هو: استتر. الفراء في كتابه في المصادر: التَّوْراةُ من الفعل التَّفْعِلة؛ كأَنها أُخِذَتْ من أَوْرَيْتُ الزِّناد وورَّيْتُها، فتكون تَفْعِلة في لغة طيِّء لأَنهم يقولون في التَّوْصِية تَوْصاةٌ وللجارية جاراةٌ وللناصِيةِ ناصاةٌ، وقال أَبو إسحق في التَّوارة: قال البصريون تَوْراةٌ أَصلها فَوْعَلةٌ، وفوعلة كثير في الكلام مثل الحَوْصلة والدَّوْخلة، وكلُّ ما قُلْت فيه فَوْعَلْتُ فمصدره فَوْعلةٌ، فالأَصل عندهم وَوْراةٌ، ولكن الواو الأُولى قلبت تاء كما قلبت في تَوْلَج وإِنما هو فَوْعَل من وَلَجْت، ومثله كثير.
واسْتَوْرَيْتُ فلاناً رَأْياً أَي طلبتُ إِليه أَن ينظر في أَمري فيَستخرج رَأْياً أَمضي عليه.
ووَرَّيْتُ الخَبر: جعلته وراءي وسَتَرْته؛
وفي الحديث: أَن النبي،صلى الله عليه وسلم، كان إِذا أَراد سَفَراً ورَّى بغَيْرِه أَي سَتَرَه وكَنى عنه وأَوْهَمَ أَنه يريد غيره، وأَصله من الوراء أَي أَلقَى البَيانَ وراءَ ظهره.
ويقال: وارَيْته ووَرَّيْتُه بمعنى واحد.
وفي التنزيل العزيز: ما وُرِيَ عنهما؛ أَي سُتِرَ على فُوعِلَ، وقرئَ: وُرِّي عنهما، بمعناه.
ووَرَّيْتُ الخبر أُوَرِّيه تَوْرِيةً إِذا سترته وأَظهرت غيره، كأَنه مأْخوذ من وَراء الإِنسان لأَنه إِذا قال وَرَّيته فكأَنه يجعله وراءه حيث لا يظهر.

مما سبق نلخّص المعاني التالية لكلمة الموريات:
1- يتآكل جوفه.
2- المشعلات.
3- المخفيات.
(وهذا ينطبق على النجوم في مرحلة موتها، فجوفها يتآكل (يأكل بعضه بعضًا)، نتيجة الاندماج الذري، وإتحاد الذّرات المتواصل مع بعضها بعضاُ، وهذا التآكل يضعف الطاقة الدافعة للخارج الناتجة عن الاندماج الذري وتغلب عليها طاقة الجاذبية المركزية للنجم ما يؤدي إلى انكماش النجم على نفسه، وتتزايد جاذبيته باستمرار، وتختفي وتتوارى تدريجياً نتيجة لعدم قدرة فوتونات الضّوء على الإفلات من هذه الجاذبية الهائلة، فالاشتعال موجود إلا أنه متوار ولا تمكن رؤيته).

قدح (لسان العرب)
القَدَحُ من الآنية، بالتحريك: واد الأَقداحِ التي للشرب، معروف؛ قال أَبو عبيد: يُرْوِي الرجلين وليس لذلك وقت؛ وقيل: هو اسم يَجْمَعُ صغارها وكبارها، والجمع أَقْداح، ومُتَّخِذُها: قَدَّاحٌ، وصِناعَتُه: القِداحةُ.
وقَدَحَ بالزَّنْدِ يَقْدَحُ قَدْحاً واقْتَدَح: رام الإِيراءَ به.
والمِقْدَحُ والمِقْداحُ والمِقْدَحَةُ والقَدَّاحُ، كله: الحديدة التي يُقْدَحُ بها؛ وقيل: القَدَّاحُ والقَدَّاحة الحجر الذي يُقْدَحُ به النار؛ وقَدَحْتُ النارَ. الأَزهري: القَدَّاحُ الحجر الذي يُورى منه النار؛ قال رؤبة: والمَرْوَ ذا القَدَّاحِ مَضْبُوحَ الفِلَقْ والقَدْحُ: قَدْحُك بالزَّنْد وبالقَدَّاح لتُورِيَ؛ الأَصمعي: يقال للذي يُضْرَبُ فتخرج منه النار قَدَّاحة.
وقَدَحْتُ في نسبه إِذا طعنت؛ ومنه قول الجُلَيْح يهجو الشَّمَّاخَ:
أَشَمَّاخُ لا تَمْدَحْ بِعِرْضِكَ واقْتَصِدْ فأَنتَ امْرٌؤٌ زَنْداكَ للمُتَقادِحِ
أَي لا حَسَبَ لك ولا نَسَب يصح؛ معناه: فأَنت مثل زَنْدٍ من شجر مُتَقادِح أَي رِخْوِ العيدان ضعيفها، إِذا حركته الريح حك بعضه بعضاً فالتهب ناراً، فإِذا قُدِحَ به لمنفعة لم يُورِ شيئاً. قال أَبو زيد: ومن أَمثالهم: اقْدَحْ بِدِفْلى في مَرْخٍ؛ مَثَلٌ يضرب للرجل الأَريبِ الأَديب؛ قال الأَزهري: وزِنادُ الدِّفْلى والمَرْخِ كثيرة النار لا تَصْلِدُ.
وقَدَحَ الشيءُ في صدري: أَثَّر، من ذلك؛ وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه: يَقْدَحُ الشكُّ في قلبه بأَوَّلِ عارِضةٍ من شُبْهةٍ؛ وهو من ذلك.
وفي حديث حذيفة: يكون عليكم أَمير لو قَدَحْتُموه بشعرةٍ أَوْرَيْتُموه أَي لو استخرجتم ما عنده لظهر لضعفه كما يَستخرِجُ القادحُ النار من الزَّند فيُوري؛ فأَما قوله في الحديث: لو شاء الله لجعل للناسِ قِدْحةَ ظُلْمة كما جعل لهم قِدْحةَ نُورٍ، فمشتقٌّ من اقتداح النار؛ وقال الليث في تفسيره: القِدْحةُ اسم مشتق من اقتداح النار بالزَّنْد؛ وقال الأَزهري وأَما قول الشاعر:
ولأَنْتَ أَطْيَشُ حين تَغْدُو سادِراً رَعِشَ الجَنانِ من القَدُوحِ الأَقْدَحِ

فإِنه أَراد قول العرب: هو أَطيش من ذُباب؛ وكل ذُباب أَقْدَحُ، ولا تراه إِلا وكأَنه يَقْدَحُ بيديه؛ كما قال عنترة: هَزِجاً يَحُكُّ ذِراعَه بِذراعِه، قَدْحَ المُكِبِّ على الزِّنادِ الأَجْذَمِ والقَدْحُ والقادحُ: أَكالٌ يَقَعُ في الشجر والأَسنان.
والقادحةُ: الدودة التي تأْكل السِّنّ والشجر؛ تقول: قد أَسرعت في أَسنانه القَوادحُ؛ الأَصمعي: يقال وقع القادحُ في خشبة بيته، يعني الآكِلَ؛ وقد قُدِحَ في السنّ والشجرة، وقُدِحتا قَدْحاً، وقَدَح الدودُ في الأَسنان والشجر قَدْحاً، وهو تَأَكُّل يقع فيه.
والقادحُ: الصَّدْعُ في العُود، والسَّوادُ الذي يظهر في الأَسنان؛ قال جَمِيلٌ:رَمَى اللهُ في عَيْنَيْ بُثَيْنَةَ بالقَذَى، وفي الغُرِّ من أَنيابها بالقَوادِحِ ويقال: عُود قد قُدِحَ فيه إِذا وَقَعَ فيه القادحُ؛ ويقال في مَثَل: صَدَقَني وَسْمُ قِدْحِه أَي قال الحَقَّ؛ قاله أَبو زيد.
والقَديحُ: ما يبقَى في أَسفل القِدْرِ فيُغْرَفُ بجَهْد؛ وفي حديث أُم زرع: تَقْدَحُ قِدْراً وتَنْصِبُ أُخرى أَي تَغْرِفُ؛ يقال: قَدَحَ القِدْرَ إِذا غرف ما فيها؛ وفي حديث جابر: ثم قال ادْعِي خابِزَةً فلْتَخْبِزْ معك واقْدَحِي في بُرْمَتِكِ أَي اغْرِفي.
وقَدَحَ ما في أَسفل القِدْرِ يَقْدَحُه قَدْحاً، فهو مَقْدُوحٌ وقَديحٌ، إِذا غَرَفَه بجَهْدٍ كبير؛

مما سبق نلخّص المعاني التالية لكلمة قدح:
1- ضرب الأجسام بعضها بعضاً، فتخرج منها النار. (الاندماج الذري).
2- التآكل.
3- ما بقي من شيء في القاع، ولا يستخرج إلا بجهد كبير.

وبناءً عليه يكون تفسير (فالموريات قدحا): اشتعال قلب النجم، واحتراقه، وتآكله، نتيجة الاندماج الذري وسط النجم، ويستحيل خروج أي شيء من قلب هذا النجم، وهذا الاشتعال والاحتراق، والتآكل متوارٍ عن الأنظار.

(فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا*)
المغيرات:
قال تعالى:
(إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) سورة التوبة - سورة 9 - آية 40
(لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ) سورة التوبة - سورة 9 - آية 57
(أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا) سورة الكهف - سورة 18 - آية 41
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ) سورة الملك - سورة 67 - آية 30
غور (لسان العرب)
غَوْرُ كلِّ شيء: قَعْرُه. يقال: فلان بعيد الغَوْر.
وفي الحديث: أَنه سَمِع ناساً يذكرون القَدَرَ فقال: إنكم قد أُخذتم في شِعْبَين بَعيدَي الغَوْرِ؛ غَوْرُ كل شيء: عُمْقه وبُعْده، أَي يَبْعُد أَن تدركوا حقيقةَ علمه كالماء الغائرِ الذي لا يُقْدَر عليه؛ ومنه حديث الدعاء: ومن أَبْعَدُ غَوْراً في الباطل مني.
وغَوْرُ تهامةَ: ما بين ذات عرْق والبحرِ وهو الغَوْرُ، وقيل: الغَوْرُ تهامةُ وما يلي اليمنَ. قال الأَصمعي: ما بين ذات عرق إلى البحر غَوْرٌ وتهامة.
وقال الباهلي: كل ما انحدر مسيله، فهو غَوْرٌ.
وغارَ القومُ غَوْراً وغُؤُوراً وأَغارُوا وغَوَّرُوا وتَغَوَّرُوا: أَتَوا الغَوْرَ؛ قال جرير:
يا أُمَّ حزْرة ما رأَينا مِثْلَكم في المُنْجدِينَ ولا بِغَوْرِ الغائِرِ
وقال الأَعشى:
نَبيّ يَرَى ما لا تَرَون وذِكْرُه أَغارَ لَعَمْري في البلاد وأَنْجدا
وقيل: غارُوا وأَغاروا أَخذوا نَحْوَ الغَوْر.
وقال الفراء: أَغارَ لغة بمعنى غارَ، واحتج ببيت الأَعشى. قال محمد بن المكرم: وقد روي بيتَ الأَعشى مخروم النصف: غارَ ، لَعَمْرِي ، في البلاد وانجدا وقال الجوهري: غارَ يَغُورُ غَوْراً أَي أَتى الغَور، فهو غائِرٌ. قال: ولا يقال أَغارَ؛ وقد اختلف في معنى قوله: أَغار، لعمرِي ، في البلاد وانجدا فقال الأَصمعي: أَغارَ بمعنى أَسرع وأَنجد أَي ارتفع ولم يرد أَتى الغَوْرَ ولا نَجْداً؛ قال: وليس عنده في إتيان الغَوْر إلا غارَ؛ وزعم الفراء أَنها لغة واحتج بهذا البيت، قال: وناسٌ يقولون أَغارَ وأَنجد، فإِذا أَفْرَدُوا قالوا: غارَ، كما قالوا: هَنَأَني الطعامُ ومَرَأَني، فإِذا أَفردوا قالوا: أَمْرَأَنِي. ابن الأَعرابي: تقول ما أَدري أَغارَ فلانٌ أَم مار؛ أَغارَ: أَتَى الغَوْرَ، ومارَ: أَتَى نجداً.
وأَغارَ عَيْنَه وغارَت عينُه تَغُورُ غَوْراً وغُؤوراً وغَوَّرَتْ: دخلت في الرأْس، وغَارت تَغارُ لغة فيه؛ وقال الأَحمر:
وسائلة بظَهْر الغَيْبِ عنّي أَغارَت عينُه أَم لم تَغارا؟
ويروى:
ورُبَّتَ سائلٍ عنِّي خَفِيٍّ أَغارت عينهُ أَمْ لم تَغارا؟
وغار الماءُ غَوْراً وغُؤوراً وغَوَّرَ: ذهب في الأَرض وسَفَلَ فيها.
وقال اللحياني: غارَ الماءُ وغَوَّرَ ذهب في العيون.
وماءٌ غَوْرٌ: غائر، وصف بالمصدر.
وفي التنزيل العزيز: قل أَرأَيتم إِنْ أَصبَحَ ماؤُكم غَوْراً؛ سمي بالمصدر، كما يقال: ماءٌ سَكْبٌ وأُذُنٌ حَشْرٌ ودرهم ضَرْبٌ أَي ضُرب ضرباً.
وغارَت الشمسُ تَغُور غِياراً وغُؤوراً وغَوَّرت: غربت، وكذلك القمر والنجوم؛ قال أَبو ذؤيب:
هل الدَّهْرُ إلا لَيْلةٌ ونَهارُها وإلا طلُوع الشمس ثم غِيارُها؟
والغارُ: مَغارةٌ في الجبل كالسَّرْب، وقيل: الغارُ كالكَهْف في الجبل، والجمع الغِيرانُ؛ وقال اللحياني: هو شِبْهُ البيت فيه، وقال ثعلب: هو المنخفض في الجبل.
مما سبق نلخّص المعاني التالية لكلمة غور:
1- غور الشيء: قعره وعمقه وبعده.
2- مغير: الذي يسحب، و يجذب إلى العمق، أو القعر وهو (اسم فاعل) مؤنثه مغيرة، وجمع المؤنث مغيرات.

وهذه الصفة تنطبق أيضا على الثقوب السوداء، فهي تجذب إلى عمقها كلّ ما قد يقترب من مجال جاذبيتها، وهو ما يسمى بأفق الحدث ( Event Horison )، حتى الضّوء لا يستطيع الإفلات من هذه الجاذبية بالرغم من سرعته الهائلة.

(((وقد يتساءَل القارئ: أين ذكر الضّوء في هذه السورة؟؟؟)))
هل ((الصبح يعني الضّوء))؟؟؟.....

صبحا:
قال تعالى:
(وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِير (سورة الملك - سورة 67 - آية 5
(فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) سورة فصلت - سورة 41 - آية 12
(اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) سورة النور - سورة 24 - آية 35
(فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) سورة الأنعام آية 96
(وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) سورة التكوير - سورة 81 - آية 18

((عن أبي هريرة رضي الله عنه ((أنَّ رجلًا أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى نسائه، فقلن: ما معنا إلَّا الماء. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن يضمُّ- أو يضيف- هذا؟ فقال رجل مِن الأنصار: أنا. فانطلق به إلى امرأته، فقال: أكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: ما عندنا إلَّا قوت صبياني. فقال: هيِّئي طعامك، وأصبحي سراجك، ونوِّمي صبيانك إذا أرادوا عشاء. فهيَّأت طعامها، وأصبحت سراجها، ونوَّمت صبيانها، ثمَّ قامت كأنَّها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنَّهما يأكلان، فباتا طاويين [SUP](2)[/SUP] ، فلمَّا أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ضحك الله اللَّيلة، أو عجب مِن فعالكما.
*تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ(
وقوله: { وَالصُّبْحِ إذَا تَنَفَّسَ } يقول: وضوء النهار إذا أقبل وتبين. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: { والصُّبْحِ إذَا تَنَفَّسَ } قال: إذا نشأ.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { والصُّبْحِ إذَا تَنَفَّسَ }: إذا أضاء وأقبل.
*وفي المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث لأبو موسى المديني:
- في الحديث: "فأَصْبِحِي سِراجَك".
: أي أَصْلِحِيها وأَضِيئِيها. والمِصبَاحُ: السِّراج.
- ومنه حديث جابر في شُحوم المَيْتَةِ: "وَيسْتَصْبحُ بها الناسُ" : أي يُشْعِلُون بها سُرُجَهم
*وقد ورد في تفسير القرآن الكريم لابن كثير في قوله تعالى: { وَٱلصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } قال الضحاك: إذا طلع، وقال قتادة، إذا أضاء وأقبل، وقال سعيد بن جبير: إذا نشأ، وهو المروي عن علي رضي الله عنه. وقال ابن جرير: يعني ضوء النهار إذا أقبل وتبين.
*المصباح المنير للفيّومي:
وَصَبُحَ الْوَجْهُ بِالضَّمِّ صَبَاحَةً أَشْرَقَ وَأَنَارَ فَهُوَ صَبِيحٌ.
وَاسْتَصْبَحْتُ بِالْمِصْبَاحِ وَاسْتَصْبَحْتُ بِالدُّهْنِ نَوَّرْتُ بِهِ الْمِصْبَاحِ
*مختار الصحاح للرازي:
وَ (الْمِصْبَاحُ) السِّرَاجُ وَقَدِ (اسْتَصْبَحَ) بِهِ إِذَا أَسْرَجَهُ. وَالشَّمْعُ مِمَّا (يُصْطَبَحُ) بِهِ أَيْ يُسْرَجُ بِهِ. وَ (الصَّبَاحَةُ) الْجَمَالُ وَبَابُهُ ظَرُفَ فَهُوَ (صَبِيحٌ) وَ (صُبَاحٌ) بِالضَّمِّ.
*المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده الأندلسي:
والصَّبَحُ: بريق الْحَدِيد وَغَيره.
والصُّباحُ: السِّرَاجُ. والمصْباحُ، المسرجة. واستَصْبَحَ بِهِ، استسرج. وَقَول النمر بن تولب:
فأصْبَحْتُ والليلُ مُسْتَحكِمٌ ... وأصبَحَت الأرضُ بحراً طَما
فسره ابْن الْأَعرَابِي فَقَالَ: أصبَحْتُ، من المِصْباحِ. وَقَالَ غَيره: شبه الْبَرْق فِي اللَّيْل بِالْمِصْبَاحِ، وَشد ذَلِك قَول أبي ذُؤَيْب:
أمِنْكِ برْقٌ أبِيتُ الليلَ أرقُبُه ... كأنّه فِي عِرَاضِ الشامِ مِصْباحٌ
فَيَقُول النمر: شمت هَذَا الْبَرْق وَاللَّيْل مستحكم، فَكَأَن الْبَرْق مصباحٌ، إِذْ المصابيحُ إِنَّمَا توقد فِي الظُّلم. وَأحسن من هَذَا أَن يكون الْبَرْق فرج لَهُ الظلمَة حَتَّى كَأَنَّهُ صُبْحٌ، فَيكون أصبحتُ حِينَئِذٍ من الصَّباحِ. وَقَالَ ثَعْلَب: مَعْنَاهُ أصبَحْتُ فَلم اشعر بالصُّبحِ من شدَّة الْغَيْم.
وَرجل صَبيحٌ وصُباحٌ، جميل. وَالْجمع صِباحٌ. وَافق مذكره فِي التكسير لاتِّفَاقهمَا فِي الوصفية. وَقد صَبُحَ صَباحَهً.
*معجم اللغة العربية المعاصرة لأحمد مختار عمر:
صبُحَ يَصبُح، صَباحةً، فهو صَبِيح وصَبُوح
• صبُح وجهُ الفَتاة: أشرق، جَمُل، أنار "صَبُح الغلامُ: كان مضيء الوجه، ذا جمال- صبُح المصباحُ".
أصبحَ يُصبح، إصباحًا، فهو مُصبِح
[h=2][/h][h=2]*فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية (محمد بن علي بن محمد الشوكاني):[/h]ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح: بين سبحانه بعد خلق السماوات وخلوها من العيب والخلل أنه زينها بهذه الزينة ، فصارت في أحسن خلق وأكمل صورة وأبهج شكل ، والمجيء بالقسم لإبراز كمال العناية ، والمصابيح جمع مصباح وهو السراج ، وسميت الكواكب مصابيح لأنها تضيء كإضاءة السراج.

(لسان العرب)
الصُّبْحُ: أَوّل النهار.
والصُّبْحُ الفجر.
وفي الحديث: من تَصَبَّحَ بسبع تَمراتِ عَجْوَة، هو تَفَعَّلَ من صَبَحْتُ القومَ إِذا سقيتهم الصَّبُوحَ.
وصَبَّحْتُ، بالتشديد، لغة فيه.والصُّبْحةُ والصَّبَحُ: سواد إِلى الحُمْرَة، وقيل: لون قريب إِلى الشُّهْبَة، وقيل: لون قريب من الصُّهْبَة، الذكَرُ أَصْبَحُ والأُنثى صَبْحاء، تقول: رجل أَصْبَحُ وأَسَد أَصْبَح بَيِّنُ الصَّبَح.
والأَصْبَحُ من الشَّعَر: الذي يخالطه بياض بحمرة خِلْقَة أَيّاً كانَ؛ وقد اصْباحَّ.
وقال الليث: الصَّبَحُ شدّة الحمرة في الشَّعَر، والأَصْبَحُ قريب من الأَصْهَب.
وروى شمر عن أَبي نصر قال: في الشعَر الصُّبْحَة والمُلْحَة.
ورجل أَصْبَحُ اللحية: للذي تعلو شعرَه حُمْرةٌ، ومن ذلك قيل: دَمٌ صِباحَيُّ لشدَّة حمرته؛ قال أَبو زُبيد: عَبِيطٌ صُباحِيٌّ من الجَوْفِ أَشْقَرا وقال شمر: الأَصْبَحُ الذي يكون في سواد شعره حمرة؛ وفي حديث الملاعنة: إِن جاءَت به أَصْبَحَ أَصْهَبَ؛ الأَصْبَحُ: الشديد حمرة الشعر، ومنه صُبْحُ النهار مشتق من الأَصْبَح؛ قال الأَزهري: ولونُ الصُّبْحِ الصادق يَضْرِب إِلى الحمرة قليلاً كأَنها لون الشفَق الأَوّل في أَوَّل الليل.

مما سبق يتضح لنا بما لا شك فيه أن كلمة (صبحا) في الآية تدّل على الضّوء أيضاً بالإضافة للدلالات الأخرى
والمِصْبَاح: اسم آلة من " صَبَحَ - يَصْبَحُ ": الآلة التي تجعل المرء " يَصْبَحُ ": تجعله يرى ويبصر ما حوله بعد أن كان في ظلمة وعتمة، وهي بذلك يمكن أن تكون السراج أو القنديل أو الفانوس أو المصباح الكهربائي أو النجوم في السماء أو ما شابه.
إذا كلمة صُبحا تعني:
1- الضّوء.
2- لون (بياض بحمرة خِلْقَة أَيّاً كانَ).

(وينطبق تفسير هذه الآية أيضاً على الثقوب السوداء، فجاذبيتها الهائلة تسلب كل ما يحيط بها، أو يقترب منها، حتى فوتونات الضّوء تصبح غير قادرة على الإفلات من هذه الجاذبية، فهي تجذب فوتونات الضّوء وتُغِيْرُها في عمقها، حتى في التقارير المتخصصة في دراسة هذه الثقوب عبر عنها بمصطلح (Cave-In)
ومما تجدر الإشارة إليه أن بعض العلماء المعاصرين جزاهم الله خيراً قد فسروا المقسم به في سورة التكوير
(فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ 16) بأن الله سبحانه وتعالى يقسم بالثقوب السوداء المختفية عن الأنظار (الخنس).
خنس (لسان العرب)
الخُنُوس: الانقباضُ والاستخفاء. خَنَسَ من بين أَصحابه يَخْنِسُ ويَخْنُسُ، بالضم، خُنُوساً وخِناساً وانْخَنَس: انقبض وتأَخر، وقيل: رجع.
وهذه صفة لموصوف محذوف أيضاً، إلا أنه سبحانه وتعالى يعرّف لنا في الآية التي تليها ماهية المقسم به المحذوف بإضافة صفتين أخريين له، وهي الجري والكنس، فهي تجري وتعدو كانسة (جاذبة إليها) ما قد يقترب منها من أجرام سماوية، وغبار كوني في أثناء عدوها.
وإذا ما أكملنا آيات القسم (وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) فهي أيضا تنطبق على الثقوب السوداء، فعند انكماش النجوم وانقباضها على نفسها تتضاعف جاذبيتها باستمرار –كما تمّ تفصيله سابقاً- لدرجة لا تستطيع حتى فوتونات الضّوء الإفلات من جاذبيتها فيتحول لونها للسواد (تختفي) الذي عبر عنه في الآية الكريمة ب (الليل)، وتتضاعف سرعة دورانها حول نفسها باستمرار، وهذا ما يبينه جلّ في علاه بكلمة (عسعس) فهي الطواف والصيد ليلًا كما فصل في لسان العرب:
عسس (لسان العرب)
عسَّ يَعُسُّ عَسَساً وعَسّاً أَي طاف بالليل؛ ومنه حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه كان يَعُسُّ بالمدينة أَي يطوف بالليل يحرس الناسَ ويكشف أَهل الرِّيبَة؛ والعَسَسُ: اسم منه كالطَّلَب؛ وقد يكون جمعاً لعاسٍّ كحارِسٍ وحَرَسٍ.
والعَسُّ: نَقْضُ الليل من أَهل الريبة. عَسَّ يَعُسُّ عَسّاً واعْتَسَّ.
واعْتَسَّ الشيءَ: طلَبه ليلاً أَو قصده.
واعْتَسَسْنا الإِبلَ فما وجدنا عَساساً ولا قَساساً أَي أَثراً.
والعَسُوسُ والعَسِيسُ: الذئب الكثير الحركة.
والذئب العَسُوسُ: الطالب للصيد.
ويقال للذئب: العَسْعَسُ والعَسْعاسُ لأَنه يَعُسُّ الليل ويَطْلُبُ، وفي الصحاح: العَسوسُ الطالب للصيد؛ قال الراجز: واللَّعْلَعُ المُهْتَبِل العَسوس وذئب عَسْعَسٌ وعَسْعاسٌ وعَسَّاسٌ: طَلوب للصيد بالليل.
وقد عَسْعَسَ الذئبُ: طاف بالليل، وقيل: إِن هذا الاسم يقع على كل السباع إِذا طَلَبَ الصيد بالليل، وقيل: هو الذي لا يَتَقارّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي: مُقْلِقَةٌ للمُسْتَنِيح العَسْعاسْ يعني الذئب يَسْتَنِيحُ الذئاب أَي يستعويها، وقد تَعَسْعَسَ.
والتَّعَسْعُسُ طلب الصيد بالليل، وقيل: العَسْعاسُ الخفيف من كل شيء.
وعَسْعَسَ الليلُ عَسْعَسَة: أَقبل بظلامه، وقيل عَسعَسَتُه قبل السَّحَر.
والسؤال المطروح هنا: ماذا يحدث للضوء داخل الثقب الأسود؟؟؟؟
هذا ما تبينه الآية الكريمة (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ)، يظهر جليا من هذه الآية بأن فوتونات الضوء تخرج ما بها من طاقة داخل الثقب الأسود، فقد ورد في معنى تنفس في لسان العرب:
والنِّفاسُ: ولادة المرأَة إِذا وضَعَتْ، فهي نُفَساءٌ.
والنَّفْسُ: الدم.
ونُفِسَت المرأَة ونَفِسَتْ، بالكسر، نَفَساً ونَفاسَةً ونِفاساً وهي نُفَساءُ ونَفْساءُ ونَفَساءُ: ولدت.
وقال ثعلب: النُّفَساءُ الوالدة والحامل والحائض، والجمع من كل ذلك نُفَساوات ونِفاس ونُفاس ونُفَّس؛ عن اللحياني، ونُفُس ونُفَّاس؛ قال الجوهري: وليس في الكلام فُعَلاءُ يجمع على فعالٍ غير نُفَسَاء وعُشَراءَ، ويجمع أَيضاً على نُفَساوات وعُشَراوات؛ وامرأَتان نُفساوان، أَبدلوا من همزة التأْنيث واواً.
وفي الحديث: أَن أَسماء بنت عُمَيْسٍ نُفِسَتْ بمحمد بن أَبي بكر أَي وضَعَت؛ ومنه الحديث: فلما تَعَلَّتْ من نِفاسها أَي خرجت من أَيام ولادتها.
وحكى ثعلب: نُفِسَتْ ولداً على فعل المفعول.
وورِثَ فلان هذا المالَ في بطن أُمه قبل أَن يُنْفَس أَي يولد. الجوهري: وقولهم ورث فلان هذا المال قبل أَن يُنْفَسَ فلان أَي قبل أَن يولد؛ قال أَوس بن حجر يصف محاربة قومه لبني عامر بن صعصعة: وإِنَّا وإِخْواننا عامِراً على مِثلِ ما بَيْنَنا نَأْتَمِرْ لَنا صَرْخَةٌ ثم إِسْكاتَةٌ، كما طَرَّقَتْ بِنِفاسٍ بِكِرْ أَي بولد.
وقوله لنا صرخة أَي اهتياجة يتبعها سكون كما يكون للنُّفَساء إِذا طَرَّقَتْ بولدها، والتَطْريقُ أَن يعسر خروج الولد فَتَصْرُخ لذلك، ثم تسكن حركة المولود فتسكن هي أَيضاً، وخص تطريق البِكر لأَن ولادة البكر أَشد من ولادة الثيب.
وقوله على مثل ما بيننا نأْتمر أَي نمتثل ما تأْمرنا به أَنْفسنا من الإِيقاع بهم والفتك فيهم على ما بيننا وبينهم من قرابة؛ وقولُ امرئ القيس: ويَعْدُو على المَرْء ما يَأْتَمِرْ، أَي قد يعدو عليه امتثاله ما أَمرته به نفسه وربما كان داعَية للهلاك.
والمَنْفُوس: المولود.
وفي الحديث: ما من نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلا وقد كُتِبَ مكانها من الجنة والنار، وفي رواية: إِلا :كُتِبَ رزقُها وأَجلها؛ مَنْفُوسَةٍ أَي مولودة. قال: يقال نَفِسَتْ ونُفِسَتْ، فأَما الحيض فلا يقال فيه إِلا نَفِسَتْ، بالفتح.
وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه أَجْبَرَ بني عَمٍّ على مَنْفُوسٍ أَي أَلزمهم إِرضاعَه وتربيتَه.
وفي حديث أَبي هريرة: أَنه صَلَّى على مَنْفُوسٍ أَي طِفْلٍ حين ولد، والمراد أَنه صلى عليه ولم يَعمل ذنباً.
وفي حديث ابن المسيب: لا يرثُ المَنْفُوس حتى يَسْتَهِلَّ صارخاً أَي حتى يسمَع له صوت.
وقالت أُم سلمة: كنت مع النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، في الفراش فَحِضْتُ فخَرَجْتُ وشددت عليَّ ثيابي ثم رجعت، فقال: أَنَفِسْتِ؟ أَراد: أَحضتِ؟ يقال: نَفِسَت المرأَة تَنْفَسُ، بالفتح، إِذا حاضت.
ويقال: لفلان مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ أَي مال كثير. يقال: ما سرَّني بهذا الأَمر مُنْفِسٌ ونَفِيسٌ.
وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: كنا عنده فَتَنَفَّسَ رجلٌ أَي خرج من تحته ريح؛ شَبَّهَ خروج الريح من الدبر بخروج النَّفَسِ من الفم.
وتَنَفَّسَت القوس: تصدَّعت، ونَفَّسَها هو: صدَّعها؛ عن كراع، وإِنما يَتَنَفَّس منها العِيدانُ التي لم تفلق وهو خير القِسِيِّ، وأَما الفِلْقَة فلا تَنَفَّسُ. ابن شميل: يقال نَفَّسَ فلان قوسه إِذا حَطَّ وترها، وتَنَفَّس القِدْح والقوس كذلك. قال ابن سيده: وأَرى اللحياني قال: إِن النَّفْس الشق في القوس والقِدح وما أَشْبهها، قال: ولست منه على ثقة.

(فَأثرن به نقعا*)
فَأثرن:
قال تعالى:
(قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آَثَارِهِمَا قَصَصًا) سورة الكهف - سورة 18 - آية 64
(نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) يس - سورة 36 - آية 12
(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) سورة الفتح - سورة 48 - آية 29
أثر (لسان العرب)
الأَثر: بقية الشيء، والجمع آثار وأُثور.
وخرجت في إِثْره وفي أَثَره أَي بعده.
وأْتَثَرْتُه وتَأَثَّرْته: تتبعت أَثره؛ عن الفارسي.
ويقال: آثَرَ كذا وكذا بكذا وكذا أَي أَتْبَعه إِياه؛ ومنه قول متمم بن نويرة يصف الغيث: فَآثَرَ سَيْلَ الوادِيَّيْنِ بِدِيمَةٍ، تُرَشِّحُ وَسْمِيّاً، من النَّبْتِ، خِرْوعا أَي أَتبع مطراً تقدم بديمة بعده.
والأَثر، بالتحريك: ما بقي من رسم الشيء.
والتأْثير: إِبْقاءُ الأَثر في الشيء.
وأَثَّرَ في الشيء: ترك فيه أَثراً.
نقع (لسان العرب)
نَقَعَ الماءُ في المَسِيلِ ونحوه يَنْفَعُ نُقُوعاً واسْتَنْقَعَ: اجْتَمَعَ.
واسْتَنْقَعَ الماءُ في الغَدِيرِ أَي اجتمع وثبت.
ويقال: استنقَعَ الماءُ إِذا اجتمع في نِهْيٍ أَو غيره، وكذلك نَقَعَ يَنْقَعُ نُقُوعاً.
ويقال: طالَ إِنْقاعُ الماءِ واسْتِنْقاعُه حى اصفرّ.
والمَنْقَعُ، بالفتح: المَوْضِعُ يَسْتَنْقِعُ فيه الماءُ، والجمع مَناقِعُ.
وفي حديث محمد بن كعب: إِذا اسْتَنْقَعَتْ نَفْسُ المؤمنِ جاءَه ملَكُ الموتِ أَي إِذا اجْتَمَعَتْ في فِيهِ تريد الخروج كما يَسْتَنْقِعُ الماءُ في قَرارِه، وأَراد بالنفْسِ الرُّوحَ؛ قال الأَزهري: ولهذا الحديث مَخْرَجٌ آخَر وهو من قولهم نَقَعْتُه إِذا قتلته، وقيل: إِذا اسْتَنْقَعَتْ، يعني إِذا خرجَت؛ قال شمر: ولا أَعرفها؛ قال ابن مقبل: مُسْتَنْقِعانِ على فُضُولِ المِشْفَرِ قال أَبو عمرو: يعني نابي الناقة أَنهما مُسْتَنْقِعانِ في اللُّغامِ، وقال خالد بن جَنْبةَ: مُصَوِّتانِ.
والنَّقْعُ: مَحْبِسُ الماءِ.
والنَّقْعُ: الماءُ الناقِعُ أَي المُجْتَمِعُ.
ونَقْعُ البئرِ: الماءُ المُجْتَمِعُ فيها قبل أَنْ يُسْتَقَى.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، عن النبي،صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا يُمْنَعُ نَقْعُ البئرِ ولا رَهْوُ الماءِ.
وفي الحديث: لا يَقْعُدْ أَحدُكم في طريقٍ أَو نَقْعِ ماءٍ، يعني عند الحَدَثِ وقضاءِ الحاجةِ.
والنقْعُ الغُبارُ الساطِعُ.
وفي التنزيل: فأَثَرْنَ به نَقْعاً؛ أَي غباراً، والجمع نِقاعٌ
وبناءً على ما سبق يمكن تفسير الآية (فَأثرن به نقعا) بأن هذه النجوم بعد موتها، وتحوّلها إلى ثقوب سوداء تختفي، ولا يتبقى منها إلا أثرها، وهو عبارة عن تجمع هائل للمادة في حيّز ضيق أسود اللون متوارٍ، ولا يستدل عليها إلا من خلال السديم والغبار الكوني المثار، والمنجذب والمتجمع حولها.

(فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا*)
وتكون هذه الثقوب السوداء بعد اختفائها في وسط هذا الغبار، والسديم الكوني الذي يحيط بها من كل الاتجاهات منجذبا إليها، أي أنها تختفي تاركة حولها أثراُ يدل على وجودها، وهو الغبار، والسديم الكوني المتجمع حولها.
إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8) أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)
في هذه الآيات يشبه الله سبحانه وتعالى الإنسان الجحود بهذه الثقوب السوداء، التي تجذب كلّ شيء حولها، ولا يظهر عليها أي شيء، تأخذ ولا تعطي، ويشبه حبه لجمع المال بهذه الثقوب أيضاً، التي تجمع وتجذب كل ما يقترب منها إليها، وأيضاً يشبه إعادة خلق الإنسان، وبعثه من جديد بعدما أصبح تراباً في ظلمات القبور، بإعادة خلق هذه النجوم بعدما ماتت، وتحوّلت إلى ثقوب سوداء، وذلك بانفجارها، وتحوّلها إلى هباء كوني، ثم إعادة خلقها من جديد.


الخلاصة
بعد كل هذه الحقائق المبهرة في سورة العاديات، ماذا يمكن أن أقول؟ وبم أختم هذا العرض الذي ما هو إلا قطرة من محيط؟ وما النتائج التي نخلُص إليها من هذه الدراسة وهذا التحليل:
1- إن الوصف الدقيق لمراحل تكون الثقوب السوداء (موت النجوم) في سورة العاديات، وما يحدث في كلّ مرحلة ابتداء من جريانها، والاندماج الذري داخلها، وجذب ما قد يقترب منها إليها، وتحوّلها إلى اللون الأسود، وإخفائها للانفجارات الذرية داخلها الناتجة عن الاندماج الذري، واختفائها نتيجة جذبها لفوتونات الضّوء إليها، والأثر الذي تتركه دالًا عليها من غبار وسديم كوني بعد اختفائها، وتوسطها لهذا الغبار... كل هذا الوصف الدقيق الذي ذكر في هذه السورة منذ أكثر من 1400 عام، لا يمكن أن يكون إلا من خالق هذا الكون.
2- كل هذه المراحل وبهذا التفصيل بينها الله سبحانه وتعالى في أول خمس آيات من هذه السورة، ومجموع كلمات هذه الآيات اثنتا عشرة كلمة فقط، كلمات قليلة في عددها لكنها عميقة جداً في معانيها، وهذا بحد ذاته إعجاز لغوي كبير.
3- إن التدبّر والتفكّر في القرءان وآياته وكلماته يفتح لنا أبواباً كثيرةً في شتى العلوم، تاركاً لعقل الإنسان المجال واسعاً للبحث والدراسة والتمحيص، للوصول إلى قوانين الكون، والَّذي جعل الله تعالى له سنناً لا تتبدَّل، وأمر الإنسان أن يبحث عنها ويدركها، ويتعامل معها في حدود طاقته وحاجته.
4- إن جذب فوتونات الضّوء إلى عمق الثقب الأسود يؤدي الى تفريغ طاقة الفوتونات داخل هذا الثقب، مما يزيد من جاذبيته، وهذا ما يستدل به من الآية وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ(18)) سورة التكوير. وتبقى هذه نظرية لحين إثباتها من قبل ذوي الاختصاص.
5- في هذه السورة أيضا رسالة موجهة للناس بصفة عامة، وللعلماء الجاحدين المنكرين للبعث بعد الموت، بأنهم سيبعثون من قبورهم بعد موتهم كما تبعث هذه النجوم بعد موتها، وبخاصة أنهم شاهدين على موتها وخلقها من جديد.

وختاماً: أرجو من الله تعالى أن يكون هذا البحث وسيلة لكل مؤمن أحب القرآن وتعطّش لروائعه وعجائبه، ودافعاً للتدبر بآياته، وليزداد إيماناً مع إيمانه، ويزداد حباً لمن أُنزل عليه القرآن عليه صلوات الله وسلامه، ويزداد ثقة بدينه وانتمائه لهذا الدين الحنيف، ويزداد يقيناً بالله ولقائه ووعده.
[h=3]لائحة المصادر والمراجع[/h]1- https://www.youtube.com/watch?v=PM9CQDlQI0A
2- http://science.nasa.gov/astrophysics/focus-areas/how-do-stars-form-and-evolve/
3- http://www.nasa.gov/audience/forstudents/5-8/features/nasa-knows/what-is-a-black-hole-58.html
4- http://hubblesit e.org/reference_desk/faq/answer.php.id=56&cat=exotic
5- https://scholar.google.com/scholar?...ved=0CBkQgQMwAGoVChMIic3m6ZreyAIVS7YUCh0G-wRu
6- http://www.astro.keele.ac.uk/workx/starlife/StarpageS_26M.html
7- Baheth.net موقع الباحث العربي
8- http://www.altafsir.com/indexArabic.asp موقع مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي
9- http://www.holyquran.net/search/sindex.php موقع المنقب القرآني

10- لسان العرب – ابن منظور



إعداد
خالد فهمي سعيد النجار
 
أخي الكريم هل بحثكم أجيزأو حكم؟

هناك علاقة بين التركيب اللغوي والمعنى, وبعض المعاني المذكورة لايخدمها التركيب اللغوي مثال:(فالمغيرات صبحاً)؟؟

أود التنبيه على أنه لابد في مثل هذا التأويل الاستناد إلى التركيب اللغوي (نحويا وبلاغيا)
وفهمه واستيعابه جيداً ثم اختبار المعاني الجديدة هل تصلح لإسقاطها على النص القرآني أم لا, فهذا الباب يا أخي الكريم مزلة قدم والتحري والدقة مطلب مهم جداً.

وفقكم الباري لما يحب.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله بكم على التنبيه النابع من حرصكم على عدم الوقوع في الخطأ

لقد عرضت هذا البحث على عدد من المتخصصين المشهورين في اللغة العربية والتفسير ولم ألق منهم سوى التشجيع بالإستمرار فيه.

لقد حملت هذا الكتاب على هذا الموقع لإعتقادي وثقتي التامة بأن العديد ممن رزقهم الله العلم النافع سيقرأونه ويبدون رأيهم فيه من النواحي اللغوية والتأويل فإن وجدوا فيه الصواب شجعوني وإن وجدوا غير ذلك نصحوني.

لقد كان هدفي الأساسي من هذا البحث التوسع في فهم السورة الكريمة. راجيا من الله تعالى أن لا أكون قد أخطأت فيه وأن ينفع به

وأرجو من إدارة الموقع إذا رأت غير ذلك أن تشطب الموضوع كاملا من الموقع

والله ولي التوفيق
 
بارك الله فيك، وسدد خطاك،

هناك حقيقة ماثلة للعيان، على مر التاريخ، وهي أن التعامل مع كتاب الله من أي جانب كان، يكون مسبوقا بالتردد، فهؤلاء الصحابة ترددوا في جمع القرآن وكذلك من بعدهم تردد في نقطه وغير ذلك مما طرأ عليه، حتى التفسير كثير من التابعين كانوا يكرهون التوسع فيه، وهذا من علامات الإيمان، وليس فيه عيب، وما عاب الصحابة على غيرهم من الذين لم يوافقوا على حرق المصاحف وغير ذلك،

وفي هذا الزمان كثير من العلماء الأفاضل لا يستحبون التفسير العلمي للقرآن، ويزهدون طلبة العلم في قراءته والالتفات إليه، وذلك حرصا منهم وغيرة على كتاب الله، ونحن لا نعيب عليهم ذلك، فهذا دأب الصالحين.

ولكن الله يحفظ هذا القرآن بحفظه هو وليس بحفظ العلماء، فلقد ظل الصحابة والتابعين وأهل اللغة، وكل العلماء دهورا ودهورا يقدمون لغة قريش على جميع لغات العرب، لكن الله وحده هو الذي نشر قراءة حفص العراقية فحلت مكان قراءة أهل المدينة ومكة وأكثر بقاع الأرض، ونقل سبحانه قراءة نافع إلى المغرب العربي.

ومن هذا نقول أن على كل متعامل مع القرآن الكريم أن يخلص النية، وأن يأخذ بالأسباب الشرعية، والله يحفظ كتابه وينشره كيف يشاء، وليس لنا إلا أن نقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت.


نسأل الله تعالى، أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته،،،
 
السلام عليكم ورحمة الله

كان لي رأيٌ آخر في معنى العاديات، قبل بضع سنوات، تجدونه على الرابط:
القرآن والعلم : حول ضَبْح العاديات، ومَوَران قدحها، وصُبح غاراتها، و.. و..

كما أني قد عرّجت عليه في بعض المداخلات على هذا الملتقى المبارك بإذن الله، مثل:
[FONT=ge_m]التفسير العلمي للقرآن بين أخطاء الإعجازيين وآفاق الكشوف العلمية لما خلق الله تعالى[/FONT]
 
بارك الله في الأخ.
مايُسمى بالتفسير العلمي عليه مآخذ كثيرة ، ومن أبرزها أنه يناقض مفهوم أو فلسفة العلم الحديث. كل مايقدم في الغرب على أنه " حقائق " علمية هو في حقيقته قوالب منطقية ومدعمة بالأدلة على تفسير أمر طبيعي ما. لكن هذا القالب قد ينكص على عقبيه في المستقبل إذا ما طرأ اكتشاف دليل جديد. وهكذا.
فلا أظن أنه من السهل أو الحسن "جر " آيات القرآن وتفسيرها لجعلها متوافقة مع قالب علمي ما لنقول أن هذا تفسير علمي. فماذا لو أضفنا دلالة اللغة وغيرها؟

الأمر يحتاج إلى بحث أعمق وترو كبير.
مايُسمى بالإعجاز العلمي والعددي عليه مآخذ كبيرة في نظري ولم تركن نفسي إليه إلا في بعض اللطائف التي تستدعي مزيداً من النظر والبحث.
 
من يعتبر التفسير العلمي للآيات الكونية في القرآن (اشتغالا به أو نقدا له) ليست إلا اقتفاء الآيات لمقولات العلم الحديث، فقد فسد منهجه؛ لأن العلم الحديث فيه الصواب وفيه الخطأ. وما أفلح من جعل إمامه في فهم آيات القرآن ما يحتمل الخطأ ويتبعه بلا قدرة على التمييز بين صوابه من خطئه. وما أفلح أيضاً من رد الحق الذي في العلم الحديث لأنى أتى عن طريق قوم كافرين. فالإيمان وفاء للحق أينما كان، والله تعالى يقول "وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا". فإن رفض الحق وهو لا يعلم أنه حق، فكيف به مع قول الله تعالى "وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ".

ومن يعتبر التفسير العلمي للآيات الكونية في القرآن تأويلا لتلك الآيات بمعية المعطيات التجريبية والرصدية، ومن ثم يقف على نفس المسافة منها كما يقف العلم الحديث؛ باعتباره تأويلاً أيضاً، فتكون النتيجة مواجهة تأويل بتأويل .. ثم يأتي الترجيح بعد الترجيح ، والتهذيب بعد التهذيب حتى يستقيم الفهم بعد طول النظر وائتلاف تنبؤآت التأويل - الجامع للحق النابذ للباطل من أي مصدر كان - مع الوقائع التجريبية ... فهنا يحسن المنهج ويرتقي على كل من عزل القرآن عن موضوعات آياته، أو عزل موضوعات الخلق عن كلام خالقها عنها. والغريب أن هاتين الفئتين الأخيرتين تتنازعان، والتهى كل منهما بخطأ الآخر عن خطأ نفسه، فانشغلوا بأنفسهم، ولم ينشغلوا بالاجتهاد بحثا عن المعاني الصحيحة للآيات. وظن الأوائل أن نقلها عن المجتهدين الأقدمين هو الحق. وظن الآخرون أن نقلها عن الغربيين هو الحق. فأضاع كلاهما الحق.
 
عودة
أعلى