التورية في القرءان الكريم

إنضم
28/06/2013
المشاركات
87
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
العمر
67
الإقامة
اليمن / تعز
بسم الله الرحمن الرحيم
أللهم اجعلنا في أحسن ما جئتنا به من الحق بإذنك


زعم بعض علماء اللغه أنه لاتوجد تورية في القرءان الكريم , وقد عللوا ذلك بان التورية ضرب من الكذب والقرءان منزّه عن ذلك . وقبل أن ننظر
في هذا الزّعم لنعرف مامعنى التورية .

التورية لغة : الستر .
التورية نوع من انواع البلاغة والمحسنات البديعية , وتعني إطلاق لفظٍ له معنيان , معنى ( قريب ) يصل إلى الذهن لأوّل وهلة ولا يقصده الكاتب ,
ومعنى ( بعيد ) لا يصل الى الذهن إلا بعد تمعّنٍ ورويّة و يقصده الكاتب .

وإليك بعض الامثله , قال الشاعر :

يا عاذلي فيه قلْ لي ---- إذا بدا كيف أسلو ؟
يمـرّ بي كلّ وقتٍ ---- وكلما (مرّ) يحلو .

فكلمة ( مرّ ) لها معنيان ماخوذة من المرارة أو من المرور .

او كقولنا : قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم . فينتظر السامع منك بقية الحديث وإنما قصدتَ قالَ من القيلوله .

وفي الامثله العاميه صلّيتُ الظّهر بالمغرب او هل يجوز أكل الليمون قبل العصر . العصر هنا لها معنيان وهو وقت العصر أو عصر الليمون .

ونقول لهؤلاءتعلمون حتماً أنّ الله لا يعجزه بأن ياتي بالتورية في قرءانه .

ولكي نعرف ذلك لنتمعّن في الآية التالية ,

قال تعالى : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم , ( فان خفتم شقاقَ بينِهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها .. ) وما يهمنا هنا
جملة( شقاقَ بينِهما ) , حيث أضاف الله الظرف ( بين ) لكلمة شقاق , وأطلق الظرف ( بين ) وهو المعنى الظاهر وأراد ( البين ) وهو البُعد والفراق,(1)

وعلى كلامنا العادي سنقول الآية هكذا : فان خفتم شقاقاً بينََهما بتنوين القاف نصباً من كلمة شقاق , ونصب نون بينَهما .

والمعنى على قول الله تعالى : إبعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها عندما يحدث شقاق ( بين ) أي شقاق فراق وبُعد وليس عند أي شقاق .

وعلى معنى كلامنا : إبعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها عندما يحدث بينهما أي شقاق والسبب في تغير المعنى لإننا نكّرنا كلمة شقاق فجعلناها شقاقاً .

أمّا على كلام الله فهي مُعرّفةً ظاهراّ وباطناّ , أمّا ظاهراّ فهي مُعرّفة بالإضافة إلى الظرف ( بين ) وأمّا باطناّ فهي مُعرّفة بالإضافة الى ( البينْ ) اللذي
هو الإسم ومعناه البُعد والفراق فتأمل ذلك .

وعلى هذا ترى أن الله استعمل التورية بطريقةٍ ذكيةٍ وساحرةٍ وبليغةٍ وخاليةٍ من الكذب .
والله أعلم .
والحمد لله رب العالمين .

(1) وإنما أضيف الشقاق إلى البين، لأن البين قد يكون اسما، كما قال جلّ ثناؤه: «لَقدْ تقطَّعَ بَيْنُكُمْ» في قراءة من قرأ ذلك.( تفسير الطبري ) .
(1) البين‏:‏ يكون فرقة ووصلا، واسما، وظرفا متمكنا، والبعد، وبالكسر‏:‏ الناحية، والفصل بين الأرضين، وارتفاع في غلظ، وقدر مد البصر . ( عن القاموس المحيط )

 
أخي العزيز علي الهتاري وفقه الله
هذا الموضوع دقيقٌ وفيه بحوث قيمة ولم أرك أوفيته حقه فيما كتبته هنا، فإن كنتَ اعتمدتَ على مصادر علمية فليتك ذكرتها، وإن كنتَ كتبته هكذا دون مراجعة فقد أخطأت في حق العلم وفي حقنا نحن القراء ما راعيتَ حق القراء عليك الذين لا يرضون إلا بالكتابة العلمية المتقنة.
وأقول للجميع في الملتقى : من أراد أن يكتب في ملتقى أهل التفسير فليحرر كتابته قدر المستطاع ، وليعلم أننا سنحرص على استبعاد كل مشاركة لا ترقى إلى مستوى ملتقى أهل التفسير دون تنبيه صاحبها غالباً حيث إِنَّني لاحظتُ في الآونة الأخيرة كثرة الكتابات الضعيفة التي لم تراعِ شروط الملتقى التي نكررها كثيراً. الملتقى هدفه الارتقاء بطلبة العلم والباحثين المتخصصين في الدراسات القرآنية وإفادتهم وتطويرهم ، والذي يكتب لنا كلاماً مرسلاً ضعيفاً غير موثق لا يخدم هذا الهدف ، وحقه أن يكتفي بالاستفادة مما يُكتَبُ أو يَطْرَحُ سؤاله ليجيبه عنه الباحثون ، وأما نقل كل ما يجده أحدنا للملتقى ، أو كتابة كل ما يخطر بباله من خواطر كُرِّرت في الملتقى عشرات المرات فهذا غير مقبول.
وأنا أدعو الزملاء المشرفين في الملتقى العلمي خصوصاً إلى مراعاة هذا الجانب بشكل دقيق، وإلا فسيضعف مستوى ملتقى أهل التفسير ويقل زواره من الباحثين، ونحن نستهدف الباحثين وأهل العلم حتى يكون للجهود ثمرة تستحق أن تجنى ، وسوف يستفيد الباحث المبتدئ من نقاشات الباحثين بشكل أكبر لو أحسن ذلك .
وفقكم الله لكل خير .
 
أشكرك على هذا البحث القيم وأتمنى من الله أن يجتهد العلماء والمفسرون الجدد في إبراز المعاني القرآنية.وأن لا يغفلو اللطائف البلاغية التي تضفي جمالية على معنى الآية
 
وأتمنى أن تكتب لي شيئا عن اللطائف البلاغية الموجودة في قوله تعالى: " نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم...." الآية.
 
أخي العزيز عبد الرحمن الشهري ............ ألمشرف العام .
حياك الله وحفظك .
وبعد :
لو كنت كمّلت جميلك وأتحفتنا بالبحوث القيّمة التي ذكرتها لنستفيد أكثر , أما قولك إنّ هناك بحوث قيّمة في هذا الموضوع دون أن تعمّد كلامك فيعتبر مجرّد تجنّي لا أكثر فأنت نصحت بالكتابة الموثّقة العلمية ولم تفعل بما تقول !!.
أما الموضوع الذي كتبته أنا عن التورية في القرآن الكريم فهو مما علّمني ربّي فله الحمد والذي عنده رد مقنع ومنطقي فلينقض ما كتبت وسأكون أوّل المعتذرين له وللقراء .
أما قولك أنّي لم أوف الموضوع حقّه فهذا صحيح من جهتين :
ألأولى : إنّ كلام ربّ العالمين لا يستطيع أحدٌ أن يوفيه حقّه كائناً من كان .
والثانية : أنا طرحت الموضوع بطريقة مختصرة بعداً للتطويل ولمعرفتي بأنّ أكثر القراء هم من أصحاب المعرفة بكل محتويات الموضوع
فهم مثلاً يعرفون أنواع التورية من محرّمة وواجبة ومباحة , لذلك إهتميت بتوصيل الفكرة ولا يوجد عندي حقوق النشر محفوظة فمن رأى بالفكرة نقصاً فليكمله ولا مانع عندي وليعتبر الموضوع موضوعه , فأنا لا أطبع كتاباً هنا , وحسبي مما طرحت إن كان صحيحاً أن يتلقف ذلك عالمٌ موثوق ويأخذ الفكرة ويوثقها في كتاب وحسبي منه أن يقول عن الموضوع ( وقيل ) .... وبدون ذكر الكاتب الأصلي للفكرة .
ولو قرأت كلّ مواضيعي لاكتشفت أنّي لا أنقل عن الغير ومواضيعي كلّها جديدة ولو كان هناك شيءٌ منقول أو مقتبس فلن أكون إلا أميناً في كتابة مصدره والأيام هذه ما فيش حاجة تستخبى كم يقال . وجزاك الله خيرأ .
علي الهتاري
 
إلى طارق صالح شفيق
وبعد :
إتّقي فراسة المؤمن .
ولو أنالك بتهزئتي لن تقوم لك قائمة بعد الآن ولكن حلمي وعلمي وكتاب الله يمنعاني من الردّ عليك . وهذا المنتدى ليس محلاً للسخرية والمشاتمة فاتقِ الله ولا تزكّي إلا من زكى الله من النبياء والرسل . والله ليس بعاجز بأن يأتي بمن هم خيرٌ من السّلف أو بمن يساويهم ولو في جزئية واحدة .
علي الهتاري
 
أخي العزيز عبد الرحمن الشهري ............ ألمشرف العام .
حياك الله وحفظك .
وبعد :
لو كنت كمّلت جميلك وأتحفتنا بالبحوث القيّمة التي ذكرتها لنستفيد أكثر , أما قولك إنّ هناك بحوث قيّمة في هذا الموضوع دون أن تعمّد كلامك فيعتبر مجرّد تجنّي لا أكثر فأنت نصحت بالكتابة الموثّقة العلمية ولم تفعل بما تقول !!.
أما الموضوع الذي كتبته أنا عن التورية في القرآن الكريم فهو مما علّمني ربّي فله الحمد والذي عنده رد مقنع ومنطقي فلينقض ما كتبت وسأكون أوّل المعتذرين له وللقراء .
أما قولك أنّي لم أوف الموضوع حقّه فهذا صحيح من جهتين :
ألأولى : إنّ كلام ربّ العالمين لا يستطيع أحدٌ أن يوفيه حقّه كائناً من كان .
والثانية : أنا طرحت الموضوع بطريقة مختصرة بعداً للتطويل ولمعرفتي بأنّ أكثر القراء هم من أصحاب المعرفة بكل محتويات الموضوع
فهم مثلاً يعرفون أنواع التورية من محرّمة وواجبة ومباحة , لذلك إهتميت بتوصيل الفكرة ولا يوجد عندي حقوق النشر محفوظة فمن رأى بالفكرة نقصاً فليكمله ولا مانع عندي وليعتبر الموضوع موضوعه , فأنا لا أطبع كتاباً هنا , وحسبي مما طرحت إن كان صحيحاً أن يتلقف ذلك عالمٌ موثوق ويأخذ الفكرة ويوثقها في كتاب وحسبي منه أن يقول عن الموضوع ( وقيل ) .... وبدون ذكر الكاتب الأصلي للفكرة .
ولو قرأت كلّ مواضيعي لاكتشفت أنّي لا أنقل عن الغير ومواضيعي كلّها جديدة ولو كان هناك شيءٌ منقول أو مقتبس فلن أكون إلا أميناً في كتابة مصدره والأيام هذه ما فيش حاجة تستخبى كم يقال . وجزاك الله خيرأ .
علي الهتاري

.يا أخي الكريم : لو خففت من لهجتك في الحديث لكان أفضل ، أما من ناحيه موضوعك فإنه من المختصر المخل لأنك لم تتحدث فيه مراعيا أن أهل الملتقي ليسوا علي درجتك العلميه بل الامر يحتاج إلي توضيح أكثر من ذلك ، والله أعلم.
وفقك الله لما فيه الخير.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ عبد الرحمن الشهري ............... ألمشرف العام .
وبعد :
أرجو أن تقبل إعتذاري عن لهجتي الحادّة معك , وفعلاً تمنّيت أن ترشدني إلى أحد هذه المواضيع التي كُتبت عن التورية ولو إلى بريدي الإلكتروني غير تلك التي كتبها العالم والشيخ بن عثيمين أو شيخ الإسلام بن تيمية . وعفواً مرّةً أخرى .
علي الهتاري .
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الأستاذ مصطفى صلاح الدين ............. ألمحترم .
وبعد :

شكراً لتوجيهك بما يخص لهجتي الحادّة مع الأخ المشرف العام الأخ عبد الرحمن الشهري وأكرر إعتذاري له مرةً أخرى .
أما عن الأخ طارق صالح فأنا أتحداه ولوجه الله أن يُنكر إنّه قصد السّخرية من مقالي .

أما بخصوص مستواي العلمي فهو ثانوية عامة قديمة , والعمر 53 عام
وجزاك الله خيرأ .
علي الهتاري
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الأستاذ مصطفى صلاح الدين ............. ألمحترم .

أما بخصوص مستواي العلمي فهو ثانوية عامة قديمة , والعمر 53 عام
وجزاك الله خيرأ .
علي الهتاري
جزاك الله خيرا وأما عن المستوى العلمي فإن من تخرج قديما يعد من العلماء خاصه إذا كان من الأزهر ، وأحسبك ياشيخنا لا تقل عن هؤلاء إن شاء الله تعالي.
وفق الله الجميع لكل خير.
 
أخي العزيز الأستاذ علي الهتار وفقه الله ورعاه
أشكرك على سعة صدرك وأعتذر إليك لقسوة عباراتي وأرجو قبول العذر .
موضوع (التورية وخلو القرآن الكريم منها) عنوان لكتاب قيم قديم كتبه الدكتور محمد جابر فياض عام 1408هـ وصدر عن دار المنارة بجدة ، وكتب قبله الدكتور عمر حامد ملا حويش كتاباً بعنوان (التورية فن أصيل) تناول فيه الموضوع .
وأنت قد اختصرت في أول كلامك في تعريف التورية وفي الدوافع إليها ، ودعني أزيد ما ذكرتم إيضاحاً ليتبين أن هدف القرآن الكريم من هداية الخلق والبيان يتعارض مع مقصود فن التورية في الكلام الذي يهدف إلى التعمية والإبهام .
التورية في اللغة تدل على الستر والإخفاء ، كما تدل على الإبراز والإظهار كذلك ، وعليهما مجتمعين في وقت واحد في كل ما جاء منها دالاً على الستر والإخفاء ؛ لأن ما يستر ويحجب يتطلب ساتراً يستره ، وحاجباً يحجبه . فالساتر ظاهر بارز ، والمستور خفي كامن . وقد ظهر لي هذا المعنى في أكثر مفردات هذه المادة اللغوية (ورى) والتورية منها خاصة .
ومن هنا كانت التورية إخفاء شيء بإظهار غيره كما أجمع اللغويون .

وأما في الاصطلاح فهي كما تفضلتم : أن يذكر المتكلم لفظاً مفرداً له معنيان ، أحدهما قريب ودلالة اللفظ عليه ظاهرة ، والآخر بعيد ودلالة اللفظ عليه خفية ، فيريد المتكلم المعنى البعيد ، ويوري عنه بالمعنى القريب ، فيوهم السامع - أول وهلة - أنه يريد القريب ، وليس كذلك ، ولذلك سمى بعضهم هذا النوع من الكلام إيهاماً وأكثرهم سماه تورية .
ولذلك فالتورية ليست إيهاماً فحسب ، بل هي إيهام متعمَّد ، فهي قائمة على الخداع والتضليل للمستمع .وقد قلَّ هذا النوع في كلام العرب المتقدمين جداً ، وكثر فسمج عند المتأخرين . ومع إنها ليست من الكذب ولا قريبة منه ، إلا أنها صدقٌ مُقنَّعٌ في الوصول إليه نوع مشقة، وقد استخدمها الرسول صلى الله عليه وسلم في هجرته عندما سئل : ممن القوم ؟ فقال : من ماء . واستخدمها أبو بكر رضي الله عنه في موقف مماثل عندما سئل : من هذا الذي معك ؟ فقال : يهديني السبيل ! وهكذا في مثل هذه المواقف التي لا يحسن فيها التصريح بالجواب يلجأ إليها .
ولكن أين هذه الحاجة في القرآن الكريم ؟ هل في القرآن الكريم آية قرآنية أراد الله فيها أن يوهم السامع فيفهمه المعنى البعيد دون القريب ؟
كل الأمثلة التي ذكرها السكاكي وغيره على أنها تورية في القرآن الكريم ليست منه وإنما هي فنون بلاغية أخرى ، وكذلك المثال الذي تفضلتم به ليس فيه تورية . ولعلك تتكرم بمراجعة الكتاب الذي أشرتُ إليه ، أو أذكر لك الأمثلة التي ذهب بعضهم إلى أنها من التورية في القرآن الكريم وليست منه .
وفقك الله ونفع بك وأعتذر إليك مرة أخرى وللقراء الكرام .
 
ولذلك فالتورية ليست إيهاماً فحسب ، بل هي إيهام متعمَّد ، فهي قائمة على الخداع والتضليل للمستمع
مادام أن التورية بهذا المعنى الذي ذكرتم - علما أنه ليس لي اطلاع في علم البلاغة -
فلا أتصور ورودها في القرآن الكريم
ولكن قد يقول قائل في قوله تعالى( وفيه يعصرون) ذكر في معنى العصر معنيان:
1- العصير
2- النجاة
ألا يكون هذا من باب التورية أو هو من باب الاشتراك
فما رأي فضيلتكم
وشكر الله لكم.
 
بارك الله فيك أخي محمد ونفع بك .
ما في قوله تعالى :(وفيه يَعْصِرُونَ) ليس من باب التورية ، والقول الذي عليه أغلب المفسرين أنها بمعنى يستخرجون ماء ما يعصر من الفواكه التي تعصر كالزيتون والعنب وغيرها مما يستخرج منه العصير. وهذا قول صحيحٌ والسياق يؤيده ، لأن الحديث عن الغيث وما يثمر في الأرض من النباتات والثمار ثم يقطفها الناس ويعصرونها .
وأول من قال بأنَّ (يَعْصِرُون) - حسب علمي - في الآية بمعنى النجاة هو أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابه مجاز القرآن 1/313 فقال :(أي به يَنجُون، وهو من العَصَرِ وهي العُصْرَةُ أيضاً وهي المنجاة ) ثم استشهد لذلك المعنى اللغوي بقول الشاعر (وهو أبو زبيد الطائي) :
صادياً يَستغيثُ غيرَ مُغاثٍ * ولقدْ كانَ عُصْرَةَ المَنْجُودِ​
وهذا قولٌ صحيحٌ أيضاً لأن اللفظ يحتلمه لغةً ولأن استخراج عصير الفواكه علامة من علامات النجاة من الشدة والقحط فكأنه لازم من لوازمه .
وهذا فيما يبدو لي ليس من باب الاشتراك اللغوي لاختلاف اشتقاق العَصَر بمعنى النجاة عن العَصْرِ بمعنى استخراج ماء ما يُعْصَرُ والله أعلم .
ومن غريب الأقوال التي رأيتها في معنى (يعصرون) أنها بمعنى : تُحْسِنُون ، ولا أدري هل هو تصحيف لعبارة : ينجون ، أم قولٌ صحيح منقول عن أهل التفسير . وقد رأيته في كتاب وجه النهار للدكتور عبدالعزيز الحربي ص 168 .​
 
حبيبنا د/ عبد الرحمن :
لا يخفى عليكم انتقاد الطبري لتفسير يعصرون بأنه النجاة وتعليله ذلك بخروجه عن أقوال السلف ، وكلامكم الذي ذكرتم من كونه تفسيرا باللازم له وجاهته لكني أسأل عن علة انتقاد الطبري له مع كونه من لوازم المعنى ؟
وأما تفسيرها ب : تحسنون فهو على قراءة تعصرون ، وقد يحتمل أن فيها تصحيفا لكون التفسير لقراءة تعصرون جاء بمعنى تحتلبون ، ولعله يكون تفسيرا باللازم والله أعلم
 
مجموع ما قاله الطبري في الآية

مجموع ما قاله الطبري في الآية

القول في تأويل قوله تعالى : ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49)
قال أبو جعفر: وهذا خبرٌ من يوسف عليه السلام للقوم عما لم يكن في رؤيا ملكهم ، ولكنه من علم الغيب الذي آتاه الله دلالةً على نبوته وحجة على صدقة، كما:-
19377- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قال: ثم زاده الله علم سنة لم يسألوه عنها ، فقال: (ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون).
* * *
ويعني بقوله: (فيه يغاث الناس)، بالمطر والغيث .
* * *
وبنحو ذلك قال أهل التأويل .
*ذكر من قال ذلك:
< 16-129 >
19378 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله: (ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس)، قال: فيه يغاثون بالمطر.
19379 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن جويبر ، عن الضحاك: (فيه يغاث الناس)، قال: بالمطر.
19380 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ،قال ابن عباس: (ثم يأتي من بعد ذلك عام)، قال: أخبرهم بشيء لم يسألوه عنه ، وكان الله قد علمه إياه، ( عام فيه يغاث الناس) ، بالمطر.
19381 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (فيه يغاث الناس)، بالمطر.
* * *
وأما قوله: (وفيه يعصرون)، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله.
فقال بعضهم: معناه: وفيه يعصرون العنب والسمسم وما أشبه ذلك .
*ذكر من قال ذلك:
19382 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس: (وفيه يعصرون) ، قال: الأعناب والدُّهْن.
19383- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال ،قال ابن عباس: (وفيه يعصرون)، السمسم دهنًا ، والعنب خمرًا ، والزيتون زيتًا.
19384- حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله: (عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون)، يقول: يصيبهم غيث ، فيعصرون فيه العنب ، ويعصرون فيه الزيت ، ويعصرون من كل الثمرات.
19385 - حدثني المثنى قال ، حدثنا أبو حذيفة قال ، حدثنا شبل ، عن < 16-130 > ابن أبي نجيح ، عن مجاهد: (وفيه يعصرون)، قال: يعصرون أعنابهم.
19386 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السدي: (وفيه يعصرون)، قال: العنب.
19387 - حدثنا الحسن بن محمد قال ، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن جويبر ، عن الضحاك: (وفيه يعصرون)، قال: الزيت.
19388 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة: " وفيه يعصرون " قال: كانوا يعصرون الأعناب والثمرات.
19389- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة: (وفيه يعصرون)، قال: يعصرون الأعناب والزيتون والثمار من الخصب. هذا علم آتاه الله يوسف لم يُسْأل عنه.
* * *
وقال آخرون: معنى قوله: (وفيه يعصرون)، وفيه يَحْلِبون.
*ذكر من قال ذلك:
19390 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني فضالة ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس: (وفيه يعصرون)، قال: فيه يحلبون.
19391 - حدثني المثنى قال ،أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد قال ، حدثنا الفرج بن فضالة ، عن علي بن أبي طلحة قال: كان ابن عباس يقرأ: " وَفِيهِ تَعْصرُونَ" بالتاء ، يعني: تحتلبون.
* * *
واختلفت القرأة في قراءة ذلك.
فقرأه بعض قرأة أهل المدينة والبصرة والكوفة: (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) ، بالياء ، بمعنى ما وصفت، من قول من قال: عصر الأعناب والأدهان .
* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين: " وَفِيهِ تَعْصِرُونَ"، بالتاء .

وقرأ بعضهم: " وَفِيهِ يُعْصَرُونَ"، بمعنى: يمطرون.
وهذه قراءة لا أستجيز القراءة بها، لخلافها ما عليه قرأة الأمصار .
* * *
قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك أن لقارئه الخيارَ في قراءته بأي القراءتين الأخريين شاء ، إن شاء بالياء، ردًّا على الخبر به عن " الناس " ، على معنى: فيه يُغاث الناس وفيه يَعْصرون أعنابهم وأدهانهم= وإن شاء بالتاء، ردًّا على قوله: (إلا قليلا مما تحصنون)، وخطابًا به لمن خاطبه بقوله: يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحْصِنُونَ =لأنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار باتفاق المعنى ، وإن اختلفت الألفاظ بهما . وذلك أن المخاطبين بذلك كان لا شك أنهم إذا أغيثوا وعَصَروا، أغيث الناس الذين كانوا بناحيتهم وعصروا. وكذلك كانوا إذا أغيث الناس بناحيتهم وعصروا ، أغيث المخاطبون وعَصَروا ، فهما متفقتا المعنى ، وإن اختلفت الألفاظ بقراءة ذلك .
* * *
وكان بعض من لا علم له بأقوال السلف من أهل التأويل، ممن يفسر القرآن برأيه على مَذهب كلام العرب، يوجه معنى قوله: (وفيه يعصرون) إلى: وفيه ينجون من الجدب والقحط بالغيث ، ويزعم أنه من " العَصَر " و " العُصْرَة " التي بمعنى المنجاة ، من قول أبي زبيد الطائي:
صَادِيًــا يَسْــتَغِيثُ غَــيْرَ مُغَـاثٍ وَلَقَــدْ كَــانَ عُصْــرَةَ المَنْجُـودِ
أي المقهور. ومن قول لبيد:

فَبَـاتَ وَأَسْـرَى الْقَـوْمُ آخِـرَ لَيْلِهِـمْ * وَمَــا كَـانَ وقافًـا بِغَـيْرِ مُعَصَّـرِ
وذلك تأويل يكفي من الشهادة على خطئه خلافه قول جميع أهل العلم من الصحابة والتابعين .
وأما القول الذي رَوَى الفرج بن فضالة، عن علي بن أبي طلحة ، فقولٌ لا معنى له ، لأنه خلاف المعروف من كلام العرب، وخلاف ما يعرف من قول ابن عباس.
اهـ

هذا وقد لاحظت حين قرأت مجاز القرآن قبل ثماني سنين بتحقيق الدكتور فؤاد سزكين شفاه الله وكان قد أورد اقتباسات الطبري من أبي عبيدة، لاحظت أن الطبري حين يوافق أبا عبيدة أو يعجبه تفسيره يقول "قال بعض أهل العلم بكلام العرب " وحين لا يعجبه قول أبي عبيد يقول نحو قوله : "وكان بعض من لا علم له بأقوال السلف من أهل التأويل، ممن يفسر القرآن برأيه على مَذهب كلام العرب" أو "قال من يزعم العلم بكلام العرب".
وهذا من أسلوبه رحمه الله تعالى
 
عودة
أعلى