التمهيدُ في القراءاتِ للمالكيِّ ما زالَ مفقودًا

إنضم
30/12/2011
المشاركات
36
مستوى التفاعل
1
النقاط
8
الإقامة
المدينة المنورة
حمايةً لنصوصِ القراءاتِ من تحريفِ الغالِين وانتحالِ الـمُبْطِلِين
التمهيدُ في القراءاتِ للمالكيِّ ما زالَ مفقودًا
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على سيِّدِ المرسلين، وعلى آلِه وأصحابِه أجمعين، وبعدُ:
فغيرُ خافٍ أنَّ توثيقَ عنوانِ الكتابِ ونسبتِه إلى مؤلِّفِه ركنٌ أساسٌ في تحقيقِ النصوصِ، وأنَّ لفظَ التوثيقِ-بما يحملُه من معنى الإحكامِ[SUP][SUP][1][/SUP][/SUP]-يقتضي أن تكونَ أدنى درجاتِ ما يتعلَّقُ به هي الرجحانَ، إن صعُب أن تكون قطعيَّةً.
من أجلِ ذلك يُعَرِّفُ علماءُ تحقيقِ النصوصِ الكتابَ المحقَّقَ بأنه الكتابُ «الذي صحَّ عنوانُه، واسمُ مؤلِّفِه، ونسبةُ الكتابِ إليه، وكانَ مَتْنُه أقربَ ما يكونُ إلى الصورةِ التي ترَكَها مؤلِّفُه»[SUP][SUP][2][/SUP][/SUP].
ومما يتعلَّقُ بهذا المبحَثِ المهمِّ من مباحثِ التحقيقِ ما تردَّدَ في أوساطِ المتخصِّصين في الدراساتِ القرآنيَّةِ مؤخَّرًا من العثورِ على نسخةٍ خطيَّةٍ من كتابِ التمهيدِ لأبي عليٍّ الحسنِ بنِ محمدٍ المالكيِّ (ت 438 هـ)، وهو خبرٌ سارٌّ لا شكَّ؛ إذ أبو عليٍّ المالكيُّ من أئمَّةِ الإقراءِ المعروفِين بالتقدُّمِ في علمِ القراءاتِ، وقد وصفَه شيخُ القراءِ ابنُ الجزريِّ (ت 833 هـ) بـ:الأستاذِ[SUP][SUP][3][/SUP][/SUP]، وهو وصفٌ له دلالةٌ خاصَّةٌ عندَه كما يَعلمَه المتخصِّصون في علمِ القراءاتِ.
وهذه النسخةُ الخطيَّةُ توجَدُ في مكتبةِ المسجدِ الأقصى المبارَكِ ضمنَ مجموعٍ رقمُه 45، وهي الكتابُ الثالثُ-والأخيرُ-في المجموعِ، وتقعُ في (103) ورقةٍ، من الورقةِ (40) إلى الورقةِ (143)، تليها ورقةٌ واحدةٌ بها بعضُ التعليقاتِ الفقهيَّةِ.
وقد فُهرِسَتْ هذه النسخةُ في المكتبةِ باسم ِاختلافِ القُرَّاءِ السبعةِ، وذُكِرَ أنها مجهولةُ المؤلِّفِ، وأنَّ موضوعَها هو القراءاتُ السبعةُ مضافًا إليها قراءةُ يعقوبَ[SUP][SUP][4][/SUP][/SUP].
وقد أخذَ المفهرِسُ العنوانَ الذي عنوَنَ به-اختلافَ القُرَّاءِ السبعةِ-مما جاءَ في أوَّلِ المخطوطِ من قولِ المؤلِّفِ: «سألتَ وفَّقَنا اللهُ وإيَّاك لما يحب ويرضى أن أذكُرَ لك اختلافَ القُرَّاءِ السبعةِ المشهورين بالأمصارِ..»[SUP] [SUP][5][/SUP][/SUP].
وبالاطلاعِ على هذه النسخةِ نجدُ صفحةَ العُنوانِ بها خاليةً من اسمَيِ الكتابِ والمؤلِّفِ، ومكتوبًا عليها بلغةِ ظاهرةِ العُجمةِ: «قراءاة متعلق» كما هو مبيَّنٌ بالصورةِ التاليةِ.
File sharing and storage made simple
كما نجدُ-أيضًا-نصَّ الكتابِ خاليًا من أيِّ إشارةٍ لاسمِ الكتابِ أو اسمِ المؤلِّفِ، فمن أين أتَتْ إذن نسبةُ الكتابِ للمالكيِّ؟
القصةُ هي أنَّ أحدَ الباحثين قد قدَّمَ خُطَّةً لدراسةِ وتحقيقِ هذا المخطوطِ-منسوبًا لأبي عليٍّ المالكيِّ على أنه التمهيدُ في القراءاتِ-إلى أحد الأقسامِ العلميَّةِ بإحدى الجامعاتِ العربيَّةِ، وذلك بعدَ الحصولِ عليه من أحدِ المراكزِ التي ظهرَتْ مؤخَّرًا، والتي توفِّرُ المخطوطاتِ للباحثين ومعها ما يُثبِتُ صحةَ نسبتِها لمؤلِّفيها، وذلك ضِمْنَ اتِّفاقٍ بينَ الباحثِ والمركزِ[SUP][SUP][6][/SUP][/SUP].
وبهذه الأسطُرِ القليلةِ القادمةِ سأعرِضُ ما جاءَ في مبحثِ إثباتِ نسبةِ الكتابِ للمالكيِّ-فحسبُ-من هذه الخطةِ وأُعقِبُه بالتعليقِ عليه، مرتِّبًا ذلك بحسَبِ الأهميَّةِ:
1-جاءَ في الخطةِ (ص 9-10): «أن المؤلف قد أحال في كتابه الروضة إلى كتاب التمهيد في عدة مواضع، وفي حالة الرجوع إلى هذه الإحالات نجدها مطابقة للمذكور في كتاب الروضة، وهذا مما يدل على أن المخطوط الذي بين أيدينا هو كتاب التمهيد لأبي علي الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي البغدادي:
ومن هذه الإحالات ما ذكره المؤلف في كتابه الروضة حيث قال: (وضم الجيم من (جيوبهن)...وكسرها الباقون.. المشهور منهم في التمهيد خمسة: ابن كثير وابن ذكوان وحمزة والكسائي ويحيى في رواية أبي حمدون)[SUP] [SUP][7][/SUP][/SUP].
قال المؤلف في كتابه التمهيد: (قرأ ابن كثير وابن ذكوان وحمزة والكسائي ويحيى عن أبي بكر بكسر الجيم، الباقون بضمها)»[SUP][8][/SUP] اهـ نص الخطة.
التعليقُ: ما جاءَ في نصِّ المخطوطُ هو ما يلي: «قرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي ويحيى عن أبي بكر (على جيوبهن) بكسر الجيم، الباقون بضمها، وقد ذكُر»[SUP][SUP][9][/SUP][/SUP]، وظاهرٌ للقارئِ الكريمِ أنه تمَّ تبديلُ «ابن ذكوان» بـ«ابن عامر»!
نعم، ليس في الكتابِ إلا روايةُ ابنِ ذكوانَ عن ابنِ عامرٍ، لكن هل هذا يُسِيغُ تبديلَ النصِّ المنقولِ لتطويعِه للاستدلالِ به؟!
وهذه صورةُ الموضعِ المنقولِ منه النصُّ من المخطوطِ
File sharing and storage made simple
2-جاءَ في الخُطةِ (ص 10): «ومن هذه الإحالات أيضًا ما ذكره المؤلف في كتابه الروضة: (قرأ حمزة والكسائي والعليمي وخلف عن يحيى ...المشهور في التمهيد حمزة والكسائي والعليمي (ثم لم تكن) [سورة الأنعام: 23] بالياء، والباقون التاء، قال المؤلف في التمهيد: (قرأ حمزة والكسائي والعليمي عن أبي بكر (ثم لم تكن) بالياء، الباقون بالتاء» اهـ، وذُكِرَ في الهامشِ أنَّ هذا النصَّ الأخيرَ موجودٌ بالمخطوطِ (الورقةِ 34).
التعليقُ: باعتبارِ ترقيمِ الخُطَّةِ-المشارِ سابًقا إليه-فإنَّ هذا النصَّ يجبُ أن يكونَ في الورقةِ (76) أو (75) بترقيمِ المجموعِ، غيرَ أنَّ هاتَين الورقتَين -بالرجوعِ إلى المخطوطِ-يتبيَّنُ أنهما جزءٌ من فرشِ سورتَيْ آلِ عِمْرانَ والنساءِ، ولم يَرِدْ بهما النصُّ المذكورُ! وهما مُرفَقَتان أيضًا فيما يلي.
File sharing and storage made simple
File sharing and storage made simple
ومظِنَّةُ ورودِ هذا النصِّ هي سورةُ الأنعامِ، وبالرجوعِ إليها في المخطوطِ (الورقةِ 80) نجدُ أنَّ الكلامَ على (تَكُنْ) قد سقطَ من النسخةِ أصلًا، كما هو مبيَّنٌ بالصورةِ المرفَقةِ التاليةِ، وهذا يجعلُنا نتساءَلُ عن أصلِ النصِّ المذكورِ في الخُطَّةِ كدليلٍ على نسبةِ الكتابِ للمالكيِّ!
File sharing and storage made simple
3-جاءَ في الخُطَّةِ (ص 10-11): «ومن هذه الإحالات أيضًا:
ما ذكره المؤلف في كتابه الروضة: (وروى اللهبي عن البزي ورويس عن يعقوب (اللات) [سورة النجم: 19] بتشديد التاء، الباقون بتخفيفها، وكلهم وقف على التاء إلا الكسائي فإنه وقف على الهاء، وقول الجماعة أولى من قوله، وقد ذكرتُ علة ذلك في التمهيد)[SUP] [SUP][10][/SUP][/SUP].
قال المؤلف في التمهيد: (قرأ يعقوب واللهبي عن البزي (اللات) [سورة النجم: 19] بتشديد التاء، الباقون بتخفيفها، والكسائي يقف على (اللات) بالهاء، والباقون يقفون بالتاء، وهو أولى حدثنا شيخنا أبو الحسن الحمامي أن أبا طاهر ذكر عن أبي علي قطرب أنه قال: وقول الجماعة على التاء أولى لئلا يشبه اسم الله تعالى)» اهـ نصُّ الخُطَّةِ، وأحيل فيها إلى (الورقة 96).
التعليق: هذه الإحالةُ تقتضي-كما مرَّ-أن يكونَ هذا النصُّ بالورقةِ (138) أو (137) حسبَ ترقيمِ المجموعِ، غيرَ أنهما يتضمَّنان فرشَ سورةِ المنافقون إلى سورةِ الملكِ، وليس بهما النصُّ المذكورُ أيضًا كما هو مبيَّنٌ بالصورتَين التاليَتَين!
File sharing and storage made simple
File sharing and storage made simple
وبالرجوع إلى مظِنَّةِ ورودِ هذا النصِّ-وهي سورةُ النجمِ-فإننا نجدُ أمرًا عجبًا، وهو أننا نجدُ صدْرَ النصِ الذي لا علاقةَ له بالاستدلالِ، بينما لا نجدُ عجزَه المذكورَ فيه علةُ كونِ قولِ الجماعةِ أولى من قولِ الكِسائيِّ كما هي إحالةُ الروضةُ!
جاءَ في المخطوطِ (الورقة 134): «قرأ يعقوب واللهبي عن البزي (اللات) بتشديد التاء، الباقون بتخفيفها، الكسائي يقف على (اللات) بالهاء، الباقون يقفون بالتاء» ثم ابتُدِئَتْ ترجمةٌ أخرى، هي (ومناءة) لابنِ كثيرٍ، كما في الصورةِ التاليةِ.
File sharing and storage made simple
وحتى تسهُلَ المقارَنةُ فدونَك-أيُّها القارئُ الكريمُ-النصَّ المذكورَ في الخطةِ مرَّةً أخرى: «قال المؤلف في التمهيد: (قرأ يعقوب واللهبي عن البزي (اللات) [سورة النجم: 19] بتشديد التاء، الباقون بتخفيفها، والكسائي يقف على (اللات) بالهاء، والباقون يقفون بالتاء، وهو أولى حدثنا شيخنا أبو الحسن الحمامي أن أبا طاهر ذكر عن أبي علي قطرب أنه قال: وقول الجماعة على التاء أولى لئلا يشبه اسم الله تعالى)» اهـ.
وقد قرأتُ نصَّ المخطوطِ-من أوله لآخره-علِّي أجِدُ هذا النصَّ الذي تحتَه خطٌّ أو الذي قبله المتعلق بـ(يكن) فلم أظفَرْ بذلك! بعدَها تيقَّنْتُ أنَّ الأمرَ إنما هو خيانةٌ علميَّةٌ صارخةٌ، وتزويرٌ فجٌّ، ليس إلَّا! إذ إنَّ هاتَين إحالتان-من ثلاثٍ-اعتُمِدَ عليهما في إثباتِ أنَّ الكتابَ هو التمهيدُ للمالكيِّ، وهما في الحقيقةِ ليستا في المخطوطِ محلِّ البحثِ، لا نصًّا ولا معنًى! وهما في هذه الحالةِ تنقلِبَان-من دليلٍ على صحَّةِ نسبةِ الكتابِ للمالكيِّ-إلى دليلٍ على عدمِ صِحَّةِ نسبتِه إليه، وخاصَّةً المتعلِّقةَ بـ(اللات).
أما تلك الثالثةُ التي تمَّ تحريفُ لفظِها لتُوافِقَ ما في الروضةِ-أعني: ما يتعلَّقُ بـ(جيوبهن)-فهي لا تكفي دليلًا؛ إذِ اتِّفاقُ كتابَين في عددِ قُرَّاءِ كلمةٍ ما لا يمكنُ بحالٍ أن يُعتَمَدَ عليه وحدَه لإثباتِ أنَّهما لمؤلِّفٍ واحدٍ، ولا سيَّما إذا عارضَه ما سيأتي ذكرُه.
4-جاءَ في الخُطَّةِ (ص 9): «جميع الشيوخ الذين ذكرهم المؤلف في مقدمة كتابه التمهيد قد ذكرهم في كتابه الروضة مثل أبي الحسن الحمامي، وأبي الحسين السوسنجردي، وأبي بكر محمد بن المظفر الدينوري» اهـ.
التعليق: أُغفِلَ في الخُطَّةِ ذكرُ شيخٍ رابعٍ أتى في مقدِّمةِ المخطوطِ[SUP][SUP][11][/SUP][/SUP]، وهو أبو القاسمِ عُبَيدُ اللهِ بنُ أحمدَ الصَّيدلانيُّ البغدادي[SUP][SUP][12][/SUP][/SUP] (ت 400 هـ)، فقد أخذَ عنه مؤلِّفُ المخطوطِ روايةَ الدوريِّ عن حمزةَ[SUP][SUP][13][/SUP][/SUP]، والكِسائيِّ من روايتَيْ أبي الحارثِ والدُّوريِّ[SUP][SUP][14][/SUP][/SUP]، كما هو مبيَّنٌ في الصورةِ التاليةِ.
File sharing and storage made simple
وبمطالَعةِ الروضةِ لأبي علي المالكيِّ فإننا لا نجدُ للصَّيدلانيِّ البغداديِّ ذِكْرًا ضِمْنَ شيوخِه، هذا معَ نصِّ المالكيِّ على أنَّه ضمَّنَ الروضةَ جميعَ ما قرأَه «بمدينةِ السلامِ المعروفةِ ببغدادَ والنَّهْرَوانِ وتكرِيتَ وسُرَّ مَن رأَى والكوفةِ»[SUP][SUP][15][/SUP][/SUP]،كما لا نجدُ ذكرًا له أيضًا في ترجمتِه ولا في ترجمةِ المالكيِّ من غايةِ النهايةِ لابنِ الجزريِّ[SUP][SUP][16][/SUP][/SUP].
وهذا يجعلُنا نتساءلُ-وإن كانَ الأمرُ قد اتَّضَحَ-لِمَ لَمْ يُنصَّ في الخطةِ على وجودِ أبي القاسمِ الصَّيدلانيِّ ضَمْنَ شيوخِ مؤلِّفِ المخطوطِ؟! وهل لهذا علاقةٌ بعدَمِ ذكرِه في الروضةِ أو في ترجمتَيِ المالكيِّ أو الصَّيدلانيِّ؟!
هذه النقاطُ الأربعُ السابقةُ-فقط-هي التي تصلُحُ أن تكونَ دليلًا على إثباتِ نسبةِ كتابٍ ما عمومًا، وقد ظهرَ حالُها للقارئِ الكريمِ.
أما النِّقاطُ الأخرى الواردةُ في المبحَثِ نفسِه فهي في الحقيقةِ لا محلَّ لإيرادها؛ إذ لا يصلُحُ الاستدلالُ بها لإثبات نسبةِ مخطوطٍ خالٍ من اسمَيِ الكتابِ والمؤلِّف كما هي حالتُنا هذه:
-من ذلك ما جاءَ في الخُطَّةِ (ص 9): «اتفقت جميع المصادر على نسبة كتاب التمهيد في القراءات لأبي علي المالكي..ومن هذه المصادر: فهرسة ابن خير..إلخ»
والتعليقُ: أنَّه لم يُنازِعْ أحدٌ أنَّ ثَمَّ كتابًا اسمُه التمهيدُ في القراءاتِ يُنسَبُ للمالكيِّ، إنما نصُّ المخطوطُ الـمُدَّعى كونُه التمهيدَ هو محلُّ النزاعِ.
-ومنه أيضًا ما جاءَ في (ص 11) من النقلِ عن ابنِ الجُنديِّ (ت 769 هـ) أنَّه قالَ: «وسكنها [أي الهمزة] من (منسأته) ابن ذكوان في الأشهر، وقيل به لهشام أيضًا، ونقله أبو العز والمالكي عن شيخهما»[SUP][SUP][17][/SUP][/SUP]، وأنه قد جاءَ في المخطوطِ (الورقة 122) أنَّ نافعًا وابنَ عامرٍ قرآ كذلك.
والتعليقُ على هذه النقطةِ ظاهرٌ؛ إذ لم يَرِدْ في نصِّ ابنِ الجُنديِّ إلا الإحالةُ للمالكيِّ[SUP][SUP][18][/SUP][/SUP]، وليس فيه ذكرٌ للتمهيدِ مطلقًا، لا من قريبٍ ولا من بعيدٍ، فكيف يسوغُ إذَنْ أن يُستدَلَّ به على كونِ نصِّ المخطوطِ هو التمهيدَ؟![SUP][SUP][19][/SUP][/SUP]
-وثَمَّ نقطةٌ أخرى قد أُثِيرَتْ في الخُطَّةِ (ص 12) وهي أنَّه: «ذكرت كتب التراجم أن كتاب التمهيد قد احتوى على القراءات الثمان، قال ابن السلار: أما الشيخ الإمام أبو الحسن العباسي رحمه الله فأخبرني شيخنا الإمام المعدل الرضي تقي الدين، أحسن الله إليه، وأجرى مننه عليه، أنه قرأ عليه القرآن العظيم مفردا وجامعا تسع ختمات بالقراءات الثماني المتممة بقراءة يعقوب ختمة، لكل قارئ ختمة جمع له فيها بين طرقه المشهورة، وختم تاسعة جمع فيها بين مذاهب القراء السبعة بمشهور طرقها بما تضمنه كتاب الروضة والتمهيد وكلاهما لأبي علي المالكي البغدادي» اهـ.
وهذا النصُّ المنقولُ عن ابن السَّلَّارِ (ت 782 هـ) بوضعِه الحاليِّ لا يُفِيدُ كونَ التمهيدِ محتويًا على القراءاتِ الثمانِ، فكيف إن كانَ مبتورًا-من منتصفه-في الحقيقةِ؟!.
وهذا هو النصُّ تامًّا: «قال ابن السلار: أما الشيخ الإمام أبو الحسن العباسي رحمه الله فأخبرني شيخنا الإمام المعدل الرضي تقي الدين، أحسن الله إليه، وأجرى مننه عليه، أنه قرأ عليه القرآن العظيم مفردا وجامعا تسع ختمات بالقراءات الثماني المتممة بقراءة يعقوب ختمة، لكل قارئ ختمة جمع له فيها بين طرقه المشهورة، وختم تاسعة جمع فيها بين مذاهب القراء السبعة بمشهور طرقها بما تضمنه كتاب العنوان لأبي الطاهر إسماعيل بن خلف النحوي، وكتاب التيسير للداني، والقصيدة الشاطبية وكتاب المستنير لابن سوّار، وكتاب التجريد لأبي القاسم بن الفحام، وكتاب الروضة والتمهيد وكلاهما لأبي علي المالكي البغدادي»[SUP][SUP][20][/SUP][/SUP].
هذا هو النصُّ بتمامِه، أُسْقِطَ منه ما تحتَه خطٌّ، وهو-كاملًا أو مبتورًا-ليس فيه تخصيصُ كتابٍ بعددِ قُرَّاءٍ معيَّنٍ، بل الكتبُ المذكورةُ فيه منها ما في السبعِ والثماني والعشرِ، وكل هذا عُرِفَ بدليلٍ خارجٍ عن هذا النصِّ.
وغايةُ ما يؤخَذُ من هذا النصِّ بأدنى تأمُّلٍ أنَّ هذه الكُتبَ مشتملةٌ-بمجموعِها-على الثماني، لا أنَّ كلَّ واحدٍ منها أو أحدَها متضمنٌ لها.
وعليه فادِّعاءُ أنَّ هذا النصَّ دليلٌ على كونِ التمهيدِ في الثماني ادعاءٌ غيرُ صحيحٍ مطلَقًا، ويترتَّبُ عليه بطلانُ دعوى أن َّكتبَ التراجمِ ذكرَتْ أنَّ التمهيدَ هو في القراءاتِ الثماني أيضًا![SUP] [SUP][21][/SUP][/SUP]
وقد أسندَ التمهيدَ إلى المالكيِّ عدَّةُ مؤلِّفين، منهم: ابنُ خيرٍ الإشبيليُّ في فهرستِه[SUP][SUP][22][/SUP][/SUP]، والحافظُ ابنُ حجرٍ في الـمُعجَمِ المفهرسِ[SUP][SUP][23][/SUP][/SUP]، وكلاهما لم يقيِّدْه بعددِ قراءٍ معيَّنٍ، ثمانٍ أو غيرِه.
وختامًا فهذه بعضُ القوادِحِ-غيرَ ما تقدَّمَ-في كونِ الكتابِ هو التمهيدَ للمالكيِّ، بَيدَ أنَّه لا بدَّ من التقديمِ بينَ يدَيها بمقدِّمةٍ مهمةٍ، وهي قولُ المالكيِّ-السابقُ ذكرُ جزءٍ منه-في الروضةِ، وهو: «وأنا بعونِ اللهِ وقدْرَتِه أذكُرُ في كتابي هذا إن شاءَ اللهُ جميعَ ما قرأتُه بمدينةِ السلامِ المعروفةِ ببغدادَ والنَّهرَوانِ وتكريتَ وسُرَّ مَن رأى والكوفةِ»[SUP][SUP][24][/SUP][/SUP].
وهذا النصُّ يقتضي أن يكونَ الروضةُ شاملًا لكلِّ ما قرأَ به المالكيُّ من طُرُقٍ بهذه البلادِ المذكورةِ.
غيرَ أنه بالرجوعِ إلى المخطوطِ محلِّ البحثِ فإنَّنا نجدُ ما يلي:
1-يُسنِدُ مؤلِّفُ المخطوطِ روايةَ شُجاعٍ عن أبي عمرٍو من طريقٍ واحدٍ، هو عن شيخِه أبي الحسنِ الحمَّاميِّ[SUP][SUP][25][/SUP][/SUP]، بينما يُسنِدُها المالكيُّ في الروضةِ من طريقَين، كِلاهما عن شيخِه الحسنِ بنِ محمدٍ الفحَّامِ فقط[SUP][SUP][26][/SUP][/SUP].
2-يُسنِدُ مؤلِّفُ المخطوطِ روايةَ الدُّوريِّ عن سُلَيمٍ عن حمزةَ من طريقِ واحد أيضًا، هو طريقُ ابنِ فرَحٍ فقط، وذلك عن شيخِه أبي الحسنِ الحمَّاميِّ[SUP][SUP][27][/SUP][/SUP]، بينما يُسنِدُها المالكيُّ في الروضةِ من ثلاثةِ طرقٍ، منها طريقُ ابنِ فرَحٍ، وهذه الطُّرُقُ الثلاثةُ كُلُّها عن الحسنِ بنِ محمدٍ الفحَّامِ فقط[SUP][SUP][28][/SUP][/SUP].
3-يُسنِدُ مؤلِّفُ المخطوطِ روايةَ أبي حمدونٍ عن سُلَيمٍ عن حمزةَ عن شيخَين، هما: أبو الحسنِ الحمَّاميُّ وبكرُ بنُ شاذانَ[SUP][SUP][29][/SUP][/SUP]، بينَما يُسنِدُها المالكيُّ في الروضةِ عن شيخٍ واحدٍ، هو أبو الحسنِ الحمَّاميُّ[SUP][SUP][30][/SUP][/SUP].
فوجودُ طُرقٍ مسنَدةٍ في المخطوطِ عن شيوخٍ من أهلِ البلادِ التي ذكرَها المالكيُّ في الروضةِ-كما في العِلَلِ الثلاثِ السابقةِ-معَ عدمِ وجودِها في الروضةِ التي نصَّ المالكيُّ بها أنه ضمَّنَها جميعَ ما قرأَ به بهذه البلادِ يقدَحُ في كونِ الكتابِ للمالكيِّ، فكيف إذا انضمَّ لذلك وجودُ شيخٍ بغداديٍّ في المخطوطِ ليس في الروضةِ أصلًا، أعني: أبا القاسمِ الصَّيدلانيَّ؟!
فالخلاصةُ أنه إذا انضمَّتْ هذه القوادحُ إلى عدمِ وجودِ إحالاتِ المالكيِّ في الروضةِ إلى التمهيدِ في هذا المخطوطِ-نصًّا أو أصلًا-فإنَّ التمهيدَ للمالكيِّ يبقى مفقودًا، ويبقى هذا الكتابُ المخطوطُ مجهولَ المؤلِّفِ، إلى أن يشاءَ اللهُ ويأتيَ من ينسُبُه لصاحبه وفْق َأدلةٍ حقيقيَّةٍ، لا بتحريفِ النصوصِ أو اختلاقِها.
وبعدُ فلا لا يسَعُ ذا غَيرةٍ على تراثِنا العربيِّ والإسلاميِّ أن يسكُتَ عن مَّا فُعِلَ لإثباتِ نسبةِ الكتابِ للمالكيِّ مما لم نسمَعْ به في عصرِنا الحاضرِ، إلَّا ما كانَ يفعلُه بعضُ محترِفِي الوِرَاقةِ قديمًا من وضعِ كُتبٍ ونسبتِها لمؤلِّفين مشهورين -زورًا وكذبًا- ليتكسَّبُوا من ورائها[SUP][SUP][31][/SUP][/SUP].
ولعلَّ الأقسامَ العلميَّةَ بجامعاتِنا العربيَّةِ-بعدَ هذا الحدثِ العجَبِ-تسعَى إلى التأكُّدِ من وجودِ النصوصِ المسُوقةِ لإثباتِ نسبةِ كتابٍ ما لمؤلِّفِه، ولا سيَّما أنَّ بعضَ الباحثين ربما يكونَ قد أخذَ مسلَّمًا كُلَّ ما سِيقَ بهذا المبحَثِ من المركَزِ الذي يتعاملُ معه دونَ أن يطَّلِعَ على المخطوطِ أصلًا قبلَ تقديمِ خطَّتِه للقسمِ! وهذا وإن كانَ لا يُعفي الباحِثَ من التقصيرِ فإنَّه يدعو الأقسامَ العلميَّةَ إلى أخذِ الحذَرِ من تكرُّرِ مثلَ هذا الحدثِ، واللهُ المستعانُ، وعليه التُّكْلانُ.
كتبَه
أحمد محمد فريد
باحث بمرحلة الدكتوراه
بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة


[1] انظر: مقاييس اللغة لابن فارس (و.ث.ق) (6/85) تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون، ط دار الفكر، سنة 1399 هـ = 1979 م.
[2] تحقيق النصوص ونشرها للأستاذ عبد السلام هارون (ص 39) ط مؤسسة الحلبي وشركاه للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 1385 هـ = 1965 م.
[3] غاية النهاية لابن الجزري (1/230) اعتنى به برجستراسر ط سنة 1351 هـ، مصوَّرةُ مكتبةِ ابن تيميَّةَ.
[4] انظر: فهرس مخطوطات مكتبة المسجد الأقصى إعداد خضر إبراهيم سلامة (3/1) ط مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي بلندن، سنة 1416 هـ = 1996 م.
[5] المخطوط (الورقة 41) ضمن ترقيم المجموع.
[6] يجدر التنبيه إلى أنه ذُكِر في الخطة أن مصدر المخطوط مركز جمعة الماجد بدبي، ولا أدري لِمَ لَمْ يُنصَّ على مصدره الأصلي، وهو مكتبة المسجد الأقصى؟!
[7] الروضة (1/560).
[8] جاء العزو إلى المخطوط في الخطة (الورقة 70) وهو على اعتبار عد أوراق الكتاب فحسب ودون عد صفحة العنوان أيضًا، حيث إن الكتاب يبدأ من الورقة (40)، وعليه فيفترض أن يكون الترقيم في الخطة أقل من ترقيم المجموع بـ(41) ورقة.
[9] المخطوط (الورقة 112) ضمن ترقيم المجموع، وهو هنا يفوق ترقيم الخطة بـ(42) ورقة لا (41) كما ذكر، والأمر في هذا الموضع يسير، إلا أنه فيما يأتي ذو أهمية كبيرة.
[10] الروضة (1/933-934).
[11] وهي هنا تشمل المقدمة وقسم الأسانيد من الكتاب كما يظهر من صنيع الخطة، وإلا فالمقدمة الأصلية لم يذكر بها سوى شيخين: الحمامي والدينوري فحسبُ.
[12] ويقال أيضًا: ابن الصيدلاني، ترجمته في غاية النهاية (1/485).
[13] المخطوط (الورقة 45) ضمن ترقيم المجموع.
[14] المخطوط (الورقة 45) ضمن ترقيم المجموع.
[15] الروضة لأبي علي المالكي (1/110) دراسة وتحقيق الدكتور مصطفى عدنان، ط مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، الطبعة الأولى 1424 هـ = 2004 م.
[16] غاية النهاية (1/230) و(1/485).
وذكر في المخطوط شيخ خامس أيضًا، وهو بكر بن شاذان (ت 405) وقد ذكر المالكي في الروضة (1/139) أنه أخذ عنه رواية قنبل من طريق الزينبي وغيرها.
[17] البستان (1/158).
[18] وقد علق الأستاذ الدكتور/ حسين العواجي محقق البستان على هذا الموضع بالإحالة إلى الروضة للمالكي.
[19] ومثله أيضًا في كونه ليس دليلًا ما ذُكر في الخطة (ص 11) من نقل القرطبي صاحب المفتاح عن المالكي-دون ذكر التمهيد-وجعل ذلك دليلًا على كون نص المخطوط هو التمهيد!
[20] إجازة ابن السلار المنشورة بعنوان طبقات القراء السبعة وذكر مناقبهم وقراءاتهم لابن السلار (ص 51) تحقيق أحمد محمد عزوز، ط المكتبة العصرية، الطبعة الأولى 1423 هـ = 2003 م.
[21] ومثله أيضًا في كونه ليس دليلًا ما نقل في الخطة (ص 12-13) عن غاية النهاية لابن الجزري (2/65) في ترجمة التقي الصائغ: «وقرأ على الشيخ كمال الدين أبي الحسن على بن شجاع الضرير العباسي تسع ختمات ثمانيا بأفراد الثمانية السبعة ويعقوب وتاسعة جمع فيها القراءات بمضمن العنوان والتيسير والشاطبية والتجريد والمستنير وتذكرة ابن غلبون والروضة والتمهيد للمالكي والتلخيص لأبي معشر»!.
[22] انظر فهرست ابن خير الإشبيلي (ص 26) تحقيق محمد فؤاد منصور، ط دار الكتب العلمية ببيروت، الطبعة الأولى 1419 هـ = 1998 م.
[23] انظر المعجم المفهرس لابن حجر (ص 389) تحقيق محمد شكور المياديني، ط مؤسسة الرسالة ببيروت، الطبعة الأولى 1418 هـ = 1998 م.
[24] الروضة لأبي علي المالكي (1/110).
[25] المخطوط (الورقة 44).
[26] الروضة (1/156) و(1/158).
[27] المخطوط (الورقة 45).
[28] الروضة (1/164-165).
[29] المخطوط (الورقة 45).
[30] الروضة (1/166-167).
[31] انظر: الكتاب العربي المخطوط وعلم المخطوطات للأستاذ الدكتور أيمن فؤاد سيد (1/161-162) ط الدار المصرية اللبنانية بالقاهرة، الطبعة الأولى 1418 = 1997 م.
 
مقال حريّ بجامعاتنا قبل طلابنا العناية والاهتمام بما جاء فيه ، فالخطب والله العظيم جلل ، والضحية أبناؤنا وبناتنا.
ولو كان لي من الأمر شيء لطلبت من القسم مهما كان مكانه ودولته أن يلغي تسجيل هذا المخطوط بهذه النسبة للمؤلف حتى لا يشترك في هذه الجريمة العلمية الخطيرة ، وأدعو الله تعالى أن يعوض صاحبه مالاً ومخطوطاً آخرين .
ويظهر لي من خلال اللوحتين المرفقتين أن المخطوط ليس هو التمهيد للمالكي رحمه الله ، وإن كنتُ أشم فيه من خلال ما فيهما من معلومات رائحة أبي علي الشرمقاني رحمه الله أوأبي الحسن الخياط أو ابن شيطا رحمهم الله ، والله أعلم .
 
التعديل الأخير:
.. ويحتمل أن يكون مؤلف المخطوط هو: نصر بن عبد العزيز الشيرازي. وهذه ترجمته من الغاية:
نصر بن عبد العزيز بن أحمد بن نوح, أبو الحسين الفارسي الشيرازي, شيخ محقق إمام مسند ثقة عدل، له كتاب الجامع في القراءات العشر، وقرأ على علي بن جعفر الرازي السعيدي وأبي الحسن الحمامي وأبي أحمد الفرضي وأبي الفرج النهرواني والشريف أبي القاسم الزيدي بحران ومنصور بن محمد القزاز وإبراهيم بن أحمد الطبري وأبي بكر محمد بن المظفر بن حرب الدينوري وأبي علي الواسطي قاضي الكوفة وأبي محمد الحسن بن محمد بن الفحام وأبي أحمد البصري وأبي القاسم عبيد الله الصيدلاني وأبي الحسن أحمد بن عبد الله السوسنجردي وعلي بن جعفر الدينوري وأبي القاسم بن شاذان وأبي إسماعيل بن عمير ومنصور بن محمد بن منصور ..
لو تكرمتم بوضع أسانيد المؤلف حتى تتضح الرؤية أكثر
 
صدقتم أخي الكريم والغالي الشيخ سمير عمر حفظكم ربي ، فالإمام نصرالفارسي رحمه الله يدخل في هذا الاحتمال .
لكن من خلال دراستي المتواضعة للوحات المرفقة ارتفعت عندي احتمالية أنه لأبي علي الشرمقاني درجة .
وبالاطلاع على المخطوط كاملاً قد تتضح الرؤية فيه أكثر، مع جزمي - الآن - يقيناً أن لا علاقة لأبي علي المالكي رحمه الله بهذا الكتاب ، والله أعلم .
 
استلمت المخطوط عصر يوم أمس وبدأت بقراءته وتجميع ما يمكن أن يساعد على كشف هوية مؤلفه مستعيناً بالله تعالى، فتوصلت إلى النقاط المبدئية التالية:
1- الكتاب ليس لأبي علي المالكي رحمه الله.
2- كنت قلت إنه قد يكون لعبدالواحد ابن شيطا رحمه الله، والآن أرجع عن هذا القول ، فمن البعيد عندي أن يكون له.
3- المنافسة عندي في نسبة هذا الكتاب دائرة بين:
أ- أبي علي الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني رحمه الله.
ب- أبي الحسن علي بن محمد بن فارس الخياط رحمه الله.
4- بحثي المبدئي المتواضع يثبت نسبته للشرمقاني بنسبة أكبر من نسبته للخياط.
5- ومع أني لا أزال في بداية دراستي له إلا أني لا أخرجه عن أحد هذين الإمامين رحمهما الله إلا بدليل قوي صريح.
بعد أن أنتهي من هذه الدراسة المتواضعة سأكتبها للأخوة الكرام فيقيمونها نفياً أو إثباتاً، والله الموفق.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
بارك الله فيكم شيخنا العزيز
ولكن المصادر التي نعلمها والتي ترجمت للخياط لم يذكروا سوى الجامع والتبصرة
وأما الشرمقاني فلا أعلم احد ذكر له مصنفات
وأما ابن شيطا فإن الشيخ ابن الجندي -حسب ما اذكر- ذكر في كتابه البستان أن له كتاب اسمه التمهيد
وأما الفارسي فلا نعلم له سوى كتاب الجامع وعلله وقد حققه الشيخ ايمن رشدي حسب ما اعلم
فيرجى ذكر النقاط التي اعتمدتم عليها في نسبكم الكتاب للشرمقاني
وحسب جمعي لطرق ابن سوار من المستنير فإن الموافق للشرمقاني العطار اكثر من الخياط فلماذا لم تدخل العطار وتخرج الخياط
بارك الله فيكم وجزاكم الجنة
 
حياك الله أخي الكريم حسن باسل :
كل كلامي الذي كتبته هو مجرد تخمين وليس تأكيداً بعد ، وإذا انتهيت من دراستي المتواضعة لهذا المخطوط فسأذكر النتيجة المؤكدة عندي مع أدلتي التي استندت عليها ، مع شبه جزمي وتأكيدي أن المخطوط ليس للمالكي رحمه الله، ومع أيضاً أن كل تلاميذ ابن الحمامي رحمهم الله يدخلون في هذه الاحتمالات ، لكن الأدلة من الكتب التي هي مظنة توثيق الكتاب شحيحة إن لم تكن نادرة .
 
بعد بحث حسبما سمح به الوقت خلال هذين الاسبوعين ، حاولت قدر الإمكان معرفة مؤلف هذا المخطوط ، وكان أمامي أسماء كثيرة كل واحد منها يحتمل أن يكون هو هو ، وهم كالتالي:
1- أبو علي المالكي رحمه الله .
2- أبو الحسن علي الشرمقاني رحمه الله .
1- أبو علي الحسن الخياط رحمه الله .
2- أبو الفتح عبد الواحد بن شيطا رحمه الله .
3- أبو الحسين نصر بن عبد العزيز الفارسي رحمه الله .
أما الأول وهو أبو علي المالكي صاحب الروضة ، فقد كفاني مؤونة البحث فيه الشيخ أحمد فريد حفظه الله ، وأنا أوافقه في كل أدلته التي ذكرها .
وأما الخياط : فالنسبة إليه قوية جداً ، وذلك للتشابه الكبير بين الكتابين ؛ أعني المخطوط وكتاب التبصرة في قراءات الأئمة العشرة " ومع هذا التشابه القوي إلا أن النفس غير مقتنعة بأنه هوهو .
وأما الشرمقاني وابن شيطا فاتضح لي أن ما كتبتُه أولاً أنه خطأ مني وتسرع ، وإن كنت ولله الحمد لم أجزم بذلك .
إذن من هو مؤلف هذا المخطوط ؟
الذي اتضح لي ، ولست جازماً ؛ أن المؤلف ( قد ) يكون أبا الحسين نصر بن عبد العزيز الفارسي رحمه الله ، صاحب كتاب الجامع في القراءات العشر وعللها ، وذلك لأمور وقفت عليها ، منها :
1- التشابه في ترتيب بعض الأبواب بين الكتابين ، ومثلاً على ذلك : باب المد والقصر ثم باب الاستعاذة والبسملة ثم سورة البقرة .
2- التشابه شبك الكامل مع ما ينقله ابن الفحام في كتابه " التجريد " عن شيخه أبي الحسين نصر الفارسي رحمه ، ومن ذلك :
أ- كل أسانيده التي عنه عن الحمامي هي نفسها هنا .
ب- جل الأحكام التي ينسبها للفارسي وتكون من طريقه عن الحمامي نجدها هنا أيضاً .
ج- التشابه في العبارات بما لا يوجد في غيره من الكتب وخاصة الروضة والتبصرة ؛ فمن ذلك قول المخطوط :" ابن كثير في رواية البزي يكبر من أول الضحى إلى آخر القرآن فيقول : الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ، وروى قنبل التهليل مع التكبيرم من أول ألم نشرح لك إلى آخر القرآن فيقول : لا إله إلا الله والله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم ألم نشرح لك ، زاد بكار عن ابن مجاهد أنه كان يهلل ويكبر إذا ختم قل أعوذ برب الناس ويفتح بالحمد لله " اهـ
قال ابن الفحام في التجريد : " روى البزي من طريق الفارسي والمالكي من أول سورة والضحى إلى خاتمة الناس ولفظه : الله أكبر ، وروى التهليل والتكبير من أول سورة ألم نشرح إلى خاتمة الناس ولفظه : لا إله إلا الله والله أكبر ، ويكبر عند خاتمة الناس وقرأ فاتحة الكتاب ." اهـ
وهذا النص يختلف في صياغته عن الروضة للمالكي ، ويتفق شبه حرفي مع التجريد والمخطوط .
ء- جاء في المخطوط :" الكسائي يقف اللات بالهاء ، الباقون بالياء " .
قال ابن الفحام :" ذكر الفارسي أن الكسائي وقف على " اللات " بالهاء "اهـ
وأقول: هذا النص لم أجئ به لتأكيد أن هذا المخطوط هو للفارسي ، فهذا النص ممكن أن يتفق عليه كثير من العلماء في صياغته ، وإنما جئت به لبيان ما ذكره ابن الفحام بعده وهو قوله :
" وذكر الحمامي أن أبا طاهرذكرعن أبي علي قطرب أنه قال : وقفت الجماعة على التاء لئلا يشبه اسم الله تعالى ، قال : وقول الجماعة أولى من قوله لموافقة الخط في المصحف " اهـ
وهذا النص يحتمل أن يكون ابن الفحام نقله عن شيخه الفارسي أو عن غيره ، وإن كان سياق كلامه يدل على أنه للفارسي ، إذ من عادة ابن الفحام نسبة الأوقال إلى أصحابها ، والله أعلم .
الخلاصة التي توصلت إليها خلال هذه المدة القصيرة :
1- المؤلف قد يكون أبا الحسين نصر بن عبدالعزيز الفارسي ، ويكون ألف هذا الكتاب لأحد تلاميذه ؛ إما ابن الفحام أو غيره – بدليل مقدمة المخطوط – ويكون ألفه له مقتصراً فيه على ما رواه عن الحمامي ، والصيدلاني في رواية والدينوري في رواية أخرى ، مكتفياً بما كتبه في الجامع ، والله أعلم .
ومع هذا فكما قلت في البداية لا أجزم بصحة كل ما توصلت إليه ، وإنما هي محاولة لمن يأتي من الباحثين الجادين الشباب فيبني على هذا فلعل الله يكرمه بمعرفة مؤلفه ، وما ذلك على الله بعزيز.
مقترح :
أتمنى من الإخوة الباحثين وخاصة الذين هم في بداية الطلب القيام ببحث في جميع المواقع الالكترونية المهتمة بالدراسات القرآنية وكتبها ومخطوطاتها لدراسة الكتب المجهولة المؤلف ، فقد وجدت في ذلك مادة دسمة للبحث تزيل خطأ المخطئين والمتسرعين والمتلاعبين بتراثنا الإسلامي وخاصة المتعلق بكتابه الكريم وقراءاته المتواترة ، والله أعلم .
 
شكرًا لكم أستاذنا الدكتور السالم ولجميع المشايخ
ويبقى هناك احتمال آخر، وهو -على ضعفه- ربما يكون أقوى من احتمال نسبة الكتاب لابن فارس أو الفارسي، وهو نسبته لابن البناء الحنبلي (ت 471 هـ)؛ فإن له كتابًا يتطابق وصفه مع وصف هذا المخطوط، وهو (التذكار في قراءات أئمة الأمصار السبعة المشهورين ويعقوب) نسبه إليه مسنَدًا محمد باقر المجلسي في بحار الأنوار (105 / 89) غير أنه قلب اسمه فقال: تأليف الشيخ أبي الحسن علي بن أحمد بن عبيد الله المقرئ المعروف بابن البناء ، والصواب هو: أبو علي الحسن بن أحمد كما هو معلوم.
وإنما قلت: إن هذا الاحتمال ضعيف لأمرين:
الأول: أن ابن البناء لا يعرف أخذه للقراءات إلا عن ابن الحمامي كما هو مذكور في ترجمته، وهو يسير نوعًا ما.
الثاني، وهو الأقوى:أن ابن البناء له عادة، وهي بداية كتبه بديباجة معينة، وهي: "الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله على سيد المرسلين، محمد النبي وآله الطاهرين" نجد هذه المقدمة ثابتة في جل مؤلفاته التي بين أيدينا، كشرح المقنع (1/ 185)، والرسالة المغنية في السكوت (ص 20)، والمختار في أصول السنة (ص 36)، وهو ما لا نجده في هذا المخطوط.
ومع هذا فيبقى هذا الاحتمال قائمًا أيضًا، لكن لا يمكن الجزم بصحته أو عدمها، والله أعلم.
 
جزيت خيراً أخي الشيخ أحمد محمد فريد ، وبارك فيك وفي علمك .
أتفق معك أن كل الاحتمالات واردة في أي أحد من تلاميذ الحمامي رحمه الله ، مع بيان أن ما كتبته إنما هو من خلال الكتب التي لديّ ، ومن عنده كتب أكثر سواء مطبوعة أو مخطوطة فيستطيع الادلاء بدلوه .
سؤال :
هل من معلومات عن هذا الكتاب المذكور لابن البناء الحنبلي رحمه الله ؟
ودمتم بخير
 
بارك الله فيكم أستاذنا
للأسف لم يصلنا عن كتاب ابن البناء (التذكار) معلومات إلا اسمه، ومن هذا المصدر الشيعي فقط فيما أعلم، ولعل سبب هذا هو كثرة تصانيف ابن البناء التي بلغت (150) مصنفًا -أو أكثر- في مختلف الفنون، كما هو مذكور في مصادر ترجمته.
 
ليس عندي المخطوط كما ذكرت آنفا، لكن وجدت نصا قد يفيد في إثبات هذه النسبة.
قال ابن السلار في كتاب طبقات القراء:
وأخبره أنه قرأ بها على الشيخ أبي الحسين نصر بن عبد العزيز الشيرازي المقرئ، وأخبره أنه قرأ بها على أبي الحسن علي بن جعفر السعيدي بفارس سنة اثنتين وأربع مائة. .. يعني قراءة المكي من رواية البزي.
فلينظر من عنده المخطوط وليأتنا بالخبر اليقين.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليتكم تتكرمون برفع المخطوط وجزاكم الله الفردوس
 
عودة
أعلى