بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة :
ارتبطت بلدان الغرب الإسلامي ببعضها البعض ارتباطا وثيقا ، إلى درجة يتعذر معها الفصل بينها ، و إذا كانت العلاقات السياسية قد اتسمت في فترات من التاريخ بالتوتر و الاضطراب ، فإن العلاقات العلمية والثقافية ، ظلت حية قوية نابضة بالحياة ، دون غياب خصوصيات كل قطر على حدة . و أمام اتساع الرقعة ، وطول المدة ، وكثافة الرصيد العلمي لهذه البلدان فإنه من الصعب الإلمام بهذا الموضوع من كل جوانبه ، في مثل هذه العجالة ، ولذلك سنكون مضطرين إلى الإيجاز قدر الإمكان ، و الاكتفاء بالإشارات في أكثر الأحيان ، مع التركيز على المغرب الأقصى والأندلس . لقد نزل القرآن الكريم بلغة العرب{إنا أنزلناه قرآنا عربيا }وكان النبي صلى الله عليه وسلم ، هو المرجع في فهمه وبيانه كما قال اللهتبارك وتعالى : {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون).
ولم يحتج الذين أدركوا نزول الوحي في عمومهم ، أن يسألوا عن معاني القرآن لأنهم "كانوا عرب الألسن ، فاستغنوا بعلمهم عن المسألة عن معانيه"،ومع مرور الزمان وتعاقب السنين، ازدادت الحاجة إلى معرفة معاني القرآن ، نتيجة لاتساع رقعة البلاد الإسلامية ، وامتزاج الأجناس البشرية، مما استدعى تعليم اللغة العربية وتفسير القرآن، خصوصا بالنسبة لغير العرب . ودون الدخول في تفاصيل مراحل الفتح الإسلامي لهذه البلدان ،و ما رافقه من تعليم العربية والقرآن ، ومن رحلات من المشرق وإليه ،وحسبنا – هنا – أن نشير إلى أن أهل المغرب تعلقوا منذ البداية بالمدينة النبوية المطهرة، و بساكنها عليه السلام . ويذكر بعض المؤرخين أن أهل المغرب، تطلعوا إلى الدين الجديد منذ وقت مبكر، قبل وصول الفاتحين إلى بلادهم، أو اتساع رقعة الإسلام فيها وقصة رجال "رجراجة" في المغرب معروفة ، و كذا عشرة رجال مقبرة زواوة في تونس ، كما أقبل على الدين كثير منهم ، منذ أوائل الفتح الإسلامي لأقطارهم، مما يدعم القول بأن الإسلام انتشر بإقبال الناس عليه ، لا تحت طائلة الإكراه وحد السيف ...
دخول علم التفسير إلى الغرب الإسلامي دخل التفسير إلى بلاد الغرب الإسلامي،على يد الفاتحين الأول من الصحابة والتابعين و أتباع التابعين ، ثم عن طريق أعضاء البعثات العلمية الموفدة إلى هذه البلاد بعد ذلك ، وعبر قنوات أخرى : أ - دخول الصحابة والتابعين : كان أغلب جيش عبد الله بن أبي سرح - أول الفاتحين لبلاد المغرب - من الصحابة ، و كان في جيش الفاتح التابعي عقبة بن نافع الفهري ، نحو خمسة عشر صحابيا من بينهم العبادلة الأربعة : عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، و عبد الله بن الزبير وغيرهم من الصحابة العلماء بالكتاب و السنة ... أما التابعون الذين دخلوا بلاد المغرب فكثيرون ، ذكرت كتب التاريخ و التراجم بالغرب الإسلامي أسماء عدد منهم . و لعل من النصوص التفسيرية الأولى بالغرب الإسلامي ما رواه أبو الوليد ابن الفرضي بسنده المتصل إلى قيس بن الحجاج، أنه سمع حنشا الصنعاني و هو أحد التابعين ،الذين دخلوا الأندلس وماتوا بها ـ يقول في هذه الآية :{الذين ينفقون أموالهم بالليل و النهار } الآية... أي :"في علف الخيل " و مما يوضح دور البعثات العلمية ، الوافدة من المشرق، في تعليم القرآن و بيان معانيه ، الخطاب الآتي الذي كتبه علماء البعثة التعليمية العمرية ، لحنظلة بن صفوان عندما ثار عليه الخوارج ، ليبعثه إلى أهل طنجة : " بسم الله الرحمن الرحيم من حنظلة بن صفوان إلى جميع أهل طنجة أما بعد ، فإن أهل العلم بالله و بكتابه و سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم يعلمون أنه يرجع جميع ما أنزل الله عز وجل إلى عشر آيات آمرة و زاجرة و مبشرة ، و منذرة و مخبرة و محكمة و متشابهة و حلال و حرام و أمثال ، فآمرة بالمعروف و زاجرة عن المنكر و مبشرة بالجنة و منذرة بالنار و مخبرة بخبر الأولين و الآخرين و محكمة يعمل بها و متشابهة يؤمن بها وحلال أمر أن يؤتى ، وحرام أمر أن يجتنب ، و أمثال واعظة فمن يطع الآمرة ، وتزجره الزاجرة فقد استبشر بالمبشرة ، و أنذرته المنذرة ، ومن يحلل الحلال و يحرم الحرام و يرد العلم فيما اختلف فيه الناس إلى الله مع طاعة واضحة ونية صالحة فقد فاز و أفلح و أنجح و حي حياة الدنيا و الآخرة و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته " [4] وهي رسالة بليغة ، لخصت بإيجاز ، ما تضمنه القرآن من أحكام و آداب ، كما بينت للناس ما هم في حاجة إلى فهمه و العمل به ..
ب – الرحلة و تأثر المغاربة بمدارس التفسير المشرقية : بدأت الرحلة إلى المشرق لأخذ العلم منذ وقت مبكر ، ثم ازدهرت ابتداء من منتصف القرن الثاني الهجري وكان إقبال أهل المغاربة على علماء المدينة كبيرا و يظهر من خلال مختلف التراجم المغربية أن الرحلات بين المغرب و المشرق كانت تمر عبر البحر و البر معا ، و كانت الرحلات العلمية تسير من المغرب إلى المشرق غالبا ، ومن المشرق إلى المغرب أحيانا ، بالإضافة إلى الرحلات الداخلية بين بلدان الغرب الإسلامي فيما بينها أو داخل القطر الواحد منها : 1- تلامذة مدرسة مكة : دخل علم ابن عباس عن طريق مولاه عكرمة المغربي الأصل ، والذي جاء من المشرق لنشر العلم بالقيروان فاتخذ له مجلسا في مؤخر جامع القيروان في غربي المنارة بالموضع الذي يسمى بالركيبية
2- تلامذة مدرسة المدينة : انتقل علم مدرسة التفسير بالمدينة ، عن طريق تلاميذ الإمام مالك الذين نقلوا تفسيره المروي عن زيد بن أسلم وغيره ، وعن طريق وكيع الذي أخرج روايات من تفسير أبي بن كعب . عن يحيى بن مضر من أهل قرطبة (ت180هـ) روى عن مالك ، وروى عنه مالك . قال مالك: حدثني يحيى بن مضر عن سفيان الثوري :"أن الطلح المنضود " هو الموز قال ابن الأبار :" و فيه لأهل الأندلس فخر تليد يصحبه تخليد" ومن المفسرين المغاربة من تلامذة مالك أسد بن الفرات (ت213هـ) قال داود بن يحيى : رأيت أسدا يعرض التفسير ، فتلا هذه الآية :{فاستمع لما يوحى أنني أنا الله} الآية ، فقال أسد : "ويح أهل البدع ، هلكت هوالكهم ، يزعمون أن الله تعالى خلق كلاما يقول ذلك الكلام {انني أنا الله } 3-مدرسة الشام و العراق : انتقل علم مدرسة العراق عن طريق الأعمش وسفيان الثوري ، كما وصلهم التفسير عن علي ابن أبي طالب ، عن طريق رواية ابن عيينة عنه في تفسيره . و في المثالين السابقين ، ما يصدق على هذه المدرسة لتلمذة يحيى بن مضر و أسد بن الفرات لشيوخ هذه المدرسة أيضا من ذلك أن أسد بن الفرات سأل محمد بن الحسن الشيباني عن تعيين الذبيح فقال : قلت يومًا لمحمد بن الحسن ، اختلفت الروايات في الذبيح من هو ؟ فقال قوم إسحاق ، وقال قوم إسماعيل ، وقال محمد أصح الروايات عندنا إسماعيل لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم ] فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب فكيف يختبر إبراهيم بذبح إسحاق وقد أعلمه الله أنه سيولد له إسحاق ويولد لإسحاق يعقوب ؟ وإنما الاختبار فيما لم يعرف عاقبته وهو إسماعيل
دخول علم التفسير إلى الغرب الإسلامي - 3
جـ - الحديث: في القرن الثاني، ابتدأ طور التدوين ، فكان التفسير بالمأثور، أول ما دون من ذلك ، مما سجل لأهل الحديث والرواية فضل السبق والريادة في هذا المجال، وقد ذهب غير واحد إلى أن الإمام مالك بن أنس ، أول من ألف في التفسير بهذا المعنى.
و لم يكن التفسير في هذا العصريتجاوز – في الغالب – جمع أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم في التفسير، ثم أقوال الصحابة والتابعين، مع ذكر الأسانيد.
و مالك تخرج بمدرسة المدينة في التفسيرالتي كان على رأسها من الصحابة ، أبي بن كعب رضي الله عنه، ثم تخرج على يديه مباشرةأو بواسطة، عدد من التابعين، اشتهر من بينهم: أبو العالية رفيع بن مهران، ومحمد بنكعب القرظي، ثم زيد بن أسلم العدوي المدني، وعنه أخذ مالك التفسير.
ومن تدبرأصول الإسلام وقواعد الشريعة، وجد أصول مالك وأهل المدينة أصح الأصول والقواعد،الشيء الذي جعل محمد بن الحسن الشيباني يعترف أمام الشافعي أن مالكا أعلم بكتابالله وسنة رسوله من أبي حنيفة، ومن ثم لم يكن غريبا أن يقوم مالك بدورالمحافظة على كتاب الله، وتفسيره على الوجه الذي لا يصطدم مع ظاهره ونصه، في عصركثر فيه الجدل، وتجرأ على كتاب الله من يجهل لسان العرب.
روى البيهقي في "شعب الإيمان" أن مالكا كان يقول: " لا أوتى برجل غير عالم لغات العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالا"
وروي أن رجلا جاء إلى مالك فقال : يا أبا عبد الله {الرحمن على العرش استوى} كيف استوى ؟ فقال : "الكيف غير معقول ، والاستواء غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة" وأمر به فأخرج
ولم يكن مالك يقبل إدخال الإسرائيليات في التفسير، ولا يثق برواية من يفعل ذلك، كقوله في عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج: إنه "حاطب ليل" لا يبالي من أي أخذ.
و قد أطلنا الحديث عن مالك المفسر ، لأن مذهبه الفقهي سيصبح من الثوابت التي استقرت عليها بلدان الغرب الإسلامي إلى اليوم .
حركة التأليف في التفسير بالغرب الإسلامي -1: تفاوت نشاط التأليف في التفسير بين أقطار الغرب الإسلامي من بلد إلى آخر ، حتى ليمكن القول بأنه بدأ في المغرب الأدنى و ازدهر في الأندلس أولا ، ثم في المغرب الأقصى ثانيا ،كما تدل على ذلك مصنفاتهم في التفسير ، كما وقع الإعراض عنه في فترات من التاريخ و هذه طليعة تفاسير الغرب الإسلامي : - كتاب تفسير القرآن ليحيى بن سلام البصري الإفريقي (ت200هـ) قال عنه الشيخ محمد الفاضل بن عاشور " هو أقدم التفاسير الموجودة اليوم على الإطلاق، ألف بالقيروان و روي فيها و بقيت نسخته الوحيدة بين تونس و القيروان ، و هو الذي يعتبر مؤسس طريقة التفسير النقدي ،أو الأثري النظري ، التي سار عليها بعده ابن جرير الطبري و اشتهر بها " سمعه الناس على أبي الحسن علي بن عمر بحفص بن عمرو بن نجيح الخولاني بحاضرة إلبيرة - تفسير القرآن لأبي موسى عبد الرحمن بن موسى الهواري الأندلسي ،لقي مالكا و نظراءه من الأئمة ، قال ابن الفرضي:"و له كتاب في تفسير القرآن قد رأيت بعضه ، كان يرويه عنه محمد بن أحمد العتبي " كما رواه عنه مسيب بن سليمان من أهل أستجة ،و كان له كتاب آخر في القراءات . - تفسير بقي بن مخلد (ت 276هـ) قال عنه ابن حزم :"و في تفسير القرآن كتاب أبي عبد الرحمن بقي بن مخلد ، فهو الكتاب الذي أقطع قطعا أنه لم يؤلف في الإسلام تفسير مثله ،و لا تفسير محمد ابن جرير الطبري و لا غيره "
مستدرك :
دخول علم التفسير إلى الغرب الإسلامي -4
د- الكتب : دخلت عدة تفاسير مشرقية مختلفة إلى الغرب الإسلامي عبر الرحلة و الرواية - كتاب تفسير القرآن لعبد الرزاق بن همام (ت211هـ) حدث به محمد بن عبد السلام الخشني ،عن سلمة بن شبيب النيسابوري عن مؤلفه و حدث به غيره ... ـ كتاب تفسير القرآن المعروف بشفاء الصدور لأبي بكر النقاش (ت351هـ) حدث به الوزير أبو بكر محمد بن هشام المصحفي عن أبي الحسن علي بن إبراهيم التبريزي بسنده إلى مؤلفه ,قال ابن خير :" و بهذا الإسناد روى أهل الأندلس هذا الكتاب قديما و حديثا و كانت الرحلة فيه إلى التبريزي و ذكره بروكلمان باسم :" شفاء الصدور المهذب في تفسير القرآن" و قال :" معظمه مناقشة للنص، و لكن مع كثير من الأحاديث الضعيفة http://vb.tafsir.net/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=179402#_ftn3 - كتاب البيان في تفسير القرآن لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد النحوي الجاحظ المجاور بمكة ألفه في اختصار كتاب أبي جعفر محمد بن جرير الطبري حمله عنه والد ابن عطية المفسر - مختصر كتاب الطبري الكبير في تفسير القرآن لأبي عبد الله محمد بن أحمد النحوي - تفسير النسائي (ت 303هـ)) رواه أبو الحسن علي بن محمد القابسي (ت 403 هـ) - تفسير ابن جرير الطبري (ت 310 هـ) : رواه ابو المطرف القنازعي (ت 413 هـ) عن أبي الطيب الحريري عن محمد بن جرير الطبري http://vb.tafsir.net/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=179402#_ftn7- كتاب النكت في تفسير القرآن لأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي (ت450هـ) حدث به أبو الحجاج يوسف بن علي القضاعي الأندي القفال إذنا و مشافهة عن أبي محمد القاسم بن علي الحريري عن مؤلفه - تفسير الكشاف للزمخشري :جلبه أبو العباس أحمد بن محمد الحضرمي الإشبيلي المعروف بابن رأس غنمة(ت643هـ)
حركة التأليف في التفسير بالغرب الإسلامي - 2 :
- كتاب التصاريف ليحيى بن محمد بن يحيى بن سلام (ت 280هـ)، وقد نسبه البعض إلى جده يحيى بن سلام ت 200هـ . - كتاب في تفسير القرآن لأبي إسحاق إبراهيم بن حسين بن خالد القرطبي (ت294هـ) - كتاب لأبي سعيد عثمان بن محمد بن محاسن من أهل استجة (ت356هـ= 966م) قال ابن الفرضي :"كان حافظا للتفسير عالما بأخبار الدهور و له في ذلك كتاب نقل أكثره عن ظهر قلب " - كتاب في تفسير القرآن لأبي محمد عبد الله بن مطرف بن محمد المعروف بابن آمنة رحل إلى المشرق سنة 311هـ برفقة أحمد بن سعيد ، وابن أبي عيسى و ابن مسرة . - مختصر تفسير يحيى بن سلام لابن أبي زمنين (ت399هـ) - تفسير القرآن لابن أبي زمنين
– مختصر القرآن لابن سلام لأبي المطرف القنازعي عبد الرحمن بن مروان (ت413هـ) - كتاب الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره وأنواع علومه لمكي بن أبي طالب(ت437هـ) - "كتاب التحصيل لفوائد كتاب التنزيل الجامع لعلوم التنزيل" قال ابن خير: " عني بتأليفه و اختصاره مؤلفه الكبير أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي المقريء " - تفسير القرآن لأبي عمر الطلمنكي (ت429هـ) - كتاب كبير في تفسير القرآن لعلي بن سليمان الزهراوي (ت431هـ) - كتاب التحصيل في تفسير القرآن لأحمد بن محمد بن أحمد بن برد الأندلسي (توفي بعد 440هـ=1048م)
- تفسير القرآن لابن الأفطس صاحب بطليموس (ت460هـ) - تفسير القرآن - لم يتم - لأبي الوليد الباجي {474هـ}
* نتمنى أن نجد من التجاوب ما يشجع على المضي في هذا الموضوع
واصل بارك الله فيكم ....فالموضوع ذو قيمة علمية وتاريخية كبيرة...ومن تجليات ما ذكرتم من معلومات قيمة أن أئمة التفسير في بلاد الغرب الاإسلامي كانوا يبنون على هذه الأسس المتينة ،كابن عطية وأبي حيان والقرطبي وابن جزي وابن العربي وابن الفرس........ومن تجلياته أيضا أن مسيرة التفسير لم تنقطع يوما في هذا الصقع النائي من بلام الاسلام رغم سقوط الأندلس وما نتج عن ذلك من تفكك بناء الوحدة العلمية لتلك البلاد،حيث كانت تطلع دور زاهرة في كل سماء المنطقة من حين لآخر،من الثعالبي إلى ابن باديس إلى ابن عاشور،إلى الشنقيطي في أضواء البيان،ومن قبله محمداليدالي الشنقيطي المتوفى سنة 1166هـ في "الذهب الإبريز في تفسير كتاب اللله العزيز" وابن محمد سالم المجلسي المتوفى سنة 1303هـ في "الريان في تفسير القرآن" وابن سليمة المتوفى سنة 1354هـ في "تفسيرآيات الأحكام"وابن انباركي المتوفى سنة 1354في"كشف الأستار عن بعض ما في القرآن من الاضمار"-وهو تفسير بياني،وابن حنبل الحسني في "ري الظمآن في تفسير القرآن"...ولعلنا نعرض لبعض هذه التفاسير بشيء من الحديث إن رأيتم أن ذلك يناسب هذا البحث ...وفقكم الله وسدد خطاكم
بارك الله في أخي الأستاذ أحمد بن محمد فال على ما أبدى من انطباع جميل يزيل على السائر وحشة الطريق و تحية إليه , إلى كل الإخوة المتابعين لنا في هذا الموضوع راجين أن يكون في آرائهم ما يغنيه
حركة التأليف في التفسير بالغرب الإسلامي - 3 - تفسيرابن عطية " المحرر الوجيز في تفسير كتاب الله العزيز" تحدث ابن خلدون في فصل التفسير عن الإسرائليات المروية عن كعب الأحبار و وهب بن منبه و عبد الله بن سلام و أمثالهم قال :" وتساهل أهل التفسير في مثل ذلك و ملؤوا كتب التفسير بهذه المنقولات و أصلها كما قلنا عن أهل التوراة ... فلما رجع الناس إلى أهل التحقيق و التمحيص ، وجاء أبو محمد بن عطية من المتأخرين بالمغرب فلخص تلك التفاسير كلها و تحرى ما هو أقرب إلى الصحة منها و وضع ذلك في كتاب متداول بين أهل المغرب والأندلس حسن المنحى و تبعه القرطبي في تلك الطريقة على منهاج واحد في كتاب آخر مشهور بالمشرق "- تفسير القرآن الكريم لعلي بن عبد الله بن ناشر بن المبارك الوهراني النحوي المفسر (ت615هـ) - كتاب التحصيل في تفسير القرآن لأحمد بن محمد بن أحمد بن برد الأندلسي كان حيا بعد 440هـ - كتاب التفصيل في تفسير القرآن له كذلك - تفسير القرآن لابن الأفطس صاحب بطليموس (ت460هـ) http://vb.tafsir.net/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=179441#_ftn1- تفسير الكتاب العزيز المسمى "ري الظمآن في تفسير القرآن " لأبي الحسن علي بن أبي محمد عبد الله بن خلف بن النعمة المقرئ من أهل بلنسية (ت 570هـ) و هو في سبعة و خمسين سفرا متوسطة . - "الحسنات و السيئات " لأبي بكر يحيى بن أحمد بن خليل السكوني من أهل لبلة و كان بإشبيلية (ت 626هـ = 1228 م) قال ابن الزبير :"عمل على تفسير الزمخشري كتابا سماه بالحسنات و السيئات ، انتقى فيه مستطرف غرائبه البيانية ، و أبدى أيضا ما تضمنه من سوء انتحاله في ركيك اعتزاله " - تفسير القرآن العظيم المسمى بالإجمال و التفصيل لابن عربي الحاتمي(ت638هـ) - التنقيح و التمييز من اعتزال الزمخشري في تفسير الكتاب العزيز لعمر بن محمد بن خليل السكوني (ت717هـ)
التفسير و المفسرون بالمغرب الأقصى 1: ازدهر التفسير بالمغرب و تميز خلال القرون الثلاثة :السادس والسابع و الثامن – على الخصوص - بشكل لافت للانتباه ، وعرف أسماء لامعة ، و تفاسيرمتميزة ،دارت في معظمها حول تفسيري ابن عطية و الزمخشري ،منها الكشف عن مشكلات الكشاف " لعمر بن عبد الرحمن الفاسي (ت745هـ =1344م))و"حاشية على التفسير " للسلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي (ت1012هـ = 1603م)) ناقش فيها الزمخشري و غيره ، جمعها قائده علي بن منصور الشياظمي. وأخرى صوفية أو إشارية تميزت بتحليقها في أفاق من عوالم الحقيقة ، و بغوصها في أعماق النفوس البشرية و بواطنها ، فجاءت بأعاجيب باهرة كتفاسير ابن العريف (ت536هـ =1141م) و ابن برجان(ت 536هـ =1141م و الحرالي (ت637هـ=1239م) و صولا إلى ابن البناء العددي المراكشي (721هـ =1321م) و كلهم من أهل مراكش أو الحالين بها من الأعلام ، ومثل ذلك تفاسير :عبد الجليل القصري (ت608هـ =1211م) و ابن أبي الربيع (ت688هـ) ...
سنقف في الحلقات القادمة - بحول الله - على بعض تفاسير علماء الغرب الإسلامي بشيء من التفصيل ، وسأكون سعيدا جدا لو تكرم إخواني الفضلاء بالمشاركة في التعريف بما اطلعوا عليه منها ، بالشكل الذي يجلي جهود علماء هذا الجناح الغربي من العالم الإسلامي في خدمة كتاب الله و تقريبه إلى الأفهام ...
و لا يفوتني في الوقت ذاته أن أجدد الشكر و التحية لأخي أحمد بن محمد فال الذي أبدى استعداده للانخراط في هذا العمل عندما قال بارك الله فيه :" ... ولعلنا نعرض لبعض هذه التفاسير بشيء من الحديث إن رأيتم أن ذلك يناسب هذا البحث ..."
تصحيح معلومة سابقة :
ورد - خطأ - ذكر تفسير ابن أبي الربيع ضمن التفاسير الصوفية و هو إلى الصنف الأول أقرب ، بل هو أنموذج للاتجاه اللغوي في التفسير بالمغرب ، و الكتاب مطبوع بتحقيق الدكتورة صالحة بنت راشد بن غنيم آل غنيم ، و ستكون لنا معه - إن شاء الله - وقفات ...
التفسير و المفسرون بالمغرب الأقصى -2: نبدأ هذه الأحاديث بالتعريف بأحد أعلام المفسرين المغاربة، و بتفسيره للقرآن العظيم و ما انطوى عليه من أسرار ، و ما يمكن أن يفجره من قضايا غير معهودة عند غيره من المفسرين و ذلك على النحو التالي : أولا : الحرالي (ت638هـ): تفيد مصادر ترجمة أبي الحسن علي بن أحمد التجيبي الحرالي انتماءه إلى بلدان و أقطار متباعدةو معارف وآداب متنوعة و سلوك و أخلاق متألقة فهو أندلسي الأصل مراكشي المولد و النشأة مصري الإقامة مدني الجوار بجائي النزول شامي الوفاة و القبر فقيه مالكي و مفسر خصه الله تعالى بالفهم و الشفوف محدث يعرف صحيح الحديث من سقيمه ، و لغوي ضليع عارف بلغة العرب و قواعدها ، شاعر نوراني ومرب رباني رزقه الله من البركات و الكرامات ، ما سلم له به العدو قبل الصديق ...
يتبع
قرأت معظم ما كتب في هذه النافذة، وهي ذات أهمية بالغة في التعريف بالميراث العلمي(في شقه التفسيري) لعلماء الغرب الإسلامي (ومنهم علماء المغرب الأقصى). ومما يمكن الإشارة إليه في هذا المجال أن محمد بن سحنون (202-256هـ) ولد سحنون بن سعيد التنوخي من أوائل المالكية الذين ألفوا في فن "أحكام القرآن"، قبل القاضي إسماعيل؛ يذكر هذا القاضي عياض رحمه الله في ترجمة محمد بن سحنون [في كتابه: ترتيب المدارك، 4/204]. وعن تفسير المهدوي فقد وقفت على نسخة مخطوطة منه (وهي تركية) جاء في مقدمتها أن اسمه " التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل"، وفي ثنايا هذه المقدمة ذكره أحيانا باسم "المختصر الصغير". ومن باب الإفادة فإن كتاب "التفسير والمفسرون بالمغرب الأقصى" (والمعرف به في هذا الملتقى المبارك) للباحثة سعاد أشقر، قد اشتمل على فهرس في آخره ضم 203 من العناوين لمؤلفات أو إسهامات خلفها علماء المغرب الأقصى في مجال تفسير كتاب الله تعالى.
بارك الله في الأخ الفاضل الدكتور عبد القادر محجوبي على هذه الإضاءات التي في الإمكان التوسع فيها أكثر فمحمد بن سحنون من أوائل رجال التربية المسلمين و" كتاب آداب المعلمين" له خير دليل على ذلك ، ففيه من الحض على تعلم القرآن وتعليمه ما يشفي و يكفي مع تعليم إعرابه و قراءاته خاصة مقرأ نافع .
وروى بسنده إلى عثمان بن عفان في قول الله تبارك وتعالى {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا } قال :"كل من تعلم القرآن و علمه فهو ممن اصطفاه الله من بني آدم "
هذا بالإضافة إلى كتابه " أحكام القرآن " الذي هو في حكم المفقود ...
أما المهدوي فسنخصه - إن شاء الله - بحديث خاص ، و كذلك الشأن بالنسبة لمصادر و مراجع الموضوع ، التي تعززت أخيرا بكتاب الأستاذة سعاد أشقر...
و مرة ثانية شكرا جزيلا على ما تفضلتم به من إشارات مضيئة ...