التعريف بالشيخ العلامة أحمد السيد الكومى رحمه الله

إنضم
29/05/2007
المشاركات
468
مستوى التفاعل
3
النقاط
18
الإقامة
مصر
أستاذ أساتذة التفسير العالم الجليل الأستاذ الدكتور أحمد السيد الكومى علم من أعلام التفسير البارزين
حياته ( مولده ونشأته ):-
اسمه أحمد السيد على الكومى , ولد فى 25/2/1912 م الأحد 6 ربيع الأول 1330 هـ بـ( أسمانيا) مركز " شبراخيت " بمحافظة البحيرة .
حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ / أحمد النوفيلى – رحمه الله – التحق بالكتاب وعمره أقل من ثلاث سنوات , وأتم حفظ القرآن وعمره أحد عشر عاماً, وبعض المعارف الأخرى كالحساب , والإملاء .
وكان هذا الكتاب يتبع وزارة المعارف وهو مقسم الى قسمين :
قسم لتعليم الكبار , وقسم لتعليم الصغار , وأذكر أنه لما رأى شيخه النوفيلى أن لديه استعداداً لتعلم الرياضة , وتفوقاً فيها و أخذ يدرسها له مع الكبار و بل وجعله يقوم بحل مسائل الرياضة على السبورة فى هذه السن المبكرة , وعمره لم يتجاوز السابعة بعد , مما لفت الأنظار اليه فى هذه الناحية , فأقام بعض الناس مقارنة بينه وبين صبى جاوز الإثنى عشر عاماً فى هذه المادة فتفوق عليه , ولم يكد يقوم من هذا المجلس إلا وهو مريض بالجدرى , الأمر الذى ترتب عليه فقد بصره فى يونيه عام ( 1919م) رمضان عام (1337م) وانقطع عن المكتب سنتين وكان عمره سبع سنوات ونصفاً .
وبعد سنة ونصف قضاها فى تمريض وعلاج لم يجد رأى الوالد – رحمه الله – أنه لا حيلة فى قضاء الله , ولا بد من التسليم لأمره تعالى , فاستدعى بعض من حفظه القرآن الكريم وهو معلمه الثانى الشيخ / محمد مصطفى عبد الله – رحمه الله – فى بيته .
فى القسم الإبتدائى بالأزهر :
يقول الشيخ رحمه الله ولما بلغت من العمر أحد عشر عاماً , وبعد حفظى للقرآن الكريم , تقدمت الى معهد الإسكندرية فى عام ( 1923م) فالتحقت به وأنا أصغر من السن القانونية سنة كاملة و وقد ساعدنى فى ذلك أحد مدرسى المعهد من بلدتنا و وحصلت على الابتدائية فى عام ( 1927م).
وكان الطلاب المكفوفين يدرسون بدلاً من الحساب والخط " متن الشاطبية " , و" علم القراءات " مع بقية العلوم الأخرى .
وأذكر أن الذين كانوا يحفظوننا ( الشاطبية ) هم مدرسو الخط , وكانت مواعيد حصص القراءات بعد انتهاء دروس المعهد , وكان لى ابن عم يصحبنى ويرافقنى الى المعهد , ولكنه يصر على ان يذهب الى المنزل بعد انتهاء دروس المعهد مباشرة فكنت أترك حصص القراءات مضطراً.
الامر الذى جعلنى عند امتحان آخر العام أهرب من إمتحان القراءات رغم أن مجموع درجاتى فى هذا الإمتحان كان 100% فى جميع العلوم عدا مادة القراءات فتقدمت لاختبارها فى الدور الثانى , وبعد معرفتى – مما حدث – ما ينبغى أن أكون عليه , ثم تشجيع الأساتذة لى من أمثال الشيخ عبد السلام العسكرى استطعت أن أحصل على المراكز الاولى فى كل امتحان التحق به بعد ذلك.
فى التعليم الثانوى الأزهرى
كانت الدراسة فى معهد الإسكندرية بالقسم الثانوى أكثر توسعاً من دراسة القسم الإبتدائى و صحيح أن غالبية المواد كانت فى القسم الثانوى مع شئ من التوسع إلا أنه قد أضيفت مواد جديدة مثل دراسة التفسير , وكان يدرسه لنا الشيخ / عبد العزيز خطاب ودراسة البلاغة من معان , وبديع , وأدب لغة , وكان يدرسها لنا الشيخ / محمد عرفة , ودراسة علم العروض وكان يدرسه لنا الشيخ محمد شريف .
وكانت مدة الدراسة بالقسم الثانوى أربع سنوات حصلت فى نهايتها على الثانوية الأزهرية عم (1931م) .
ومن زملائى فى هذه الفترة :
الدكتور / عبد الوهاب غزلان – رحمه الله - , الدكتور / إبراهيم الصباغ – رحمه الله – , الدكتور / عبد الجليل شلبي , الدكتور / محمود زيادة , الدكتور / عبد الوهاب البحيرى – رحمه الله – , الدكتور / سيد الحكيم أستاذ أصول التفسير , والدكتور / جاد محمد رمضان أستاذ التاريخ , والدكتور / محمد أبو زهو أستاذ الحديث – رحمه الله – وغيرهم ...
مواقف لا تنسى بمعهد الإسكندرية :
من ذكرياتى الشخصية أيام الدراسة التى لا تنسى أن أستاذى , أستاذ الفقه الشيخ / عبد السلام العسكرى – رحمه الله – كان يصر على ان يمتحنى فى الدرس قبل شرحه لنا و وذلك بعد أن ظننى نائماً على الدرج الذى أمامى خاصة بعد أن قمت من مرضى هزيلاً و نحيف الجسم لا يستطيع جسمى أن يحمل رأسى , فكنت أسنده على يدى , فمشى خفيفاً على أطراف أصابعه حتى إذا كان بجوارى صاح فىَّ فجأة وقال : استيقظ , قلت له : إننى متيقظ , فقال :إذن فماذا
كنت أقول ؟ فأجبته ذاكراً له الدرس من أوله الى آخر كلمة فيه .فأخبر أهلى أننى أحفظ منه الدرس وأنا نائم !!
ولكن الله يعلم أنى لم أكن نائماً ,وإنما كان عندى صداع دائم , ولا أستطيع أن أجلس معتدلاً بسبب الضعف الذى كنت أعانيه .
وأذكر – وأنا بالصف الرابع الإبتدائى – أن مدرس الفقه الشيخ العسكرى قد غاب يوماً ما , وكنا نحضر فى مسجد القبارى بالأسكندرية بسبب إصلاحات بالمعهد , فوجدت طالباً يقرأ الفقه , فدعانى الى الاستماع معه , وبعد أن سألنى عن الموضوع الذى كان يذاكره أجبته إجابة دقيقة فى كل ما قرأ وقلت له : أين تسكن ؟ فال : فى حى الأباصيرى .فقلت له : لو سكنت معنا فى المعهد لذاكرت لك الفقه , وجعلتك تأخذ فيه الدرجة النهائية دائماً , فابتسم وقال : ولكننى أسكن مع أهلى , ولم يكن هذا الطالب إلا مدرساً لفصل آخر فى مادة الفقه وهو الشيخ / محمد أحمد العروسى – رحمه الله - .
والعجيب أنه لم يشعرنى أنه مدرس , المهم حدث أن مرض شيخنا مدرس الفقه فأضيف فصله إلى فصل الشيخ العروسى , وحين رآنى روى للطلاب قصة مذاكرتى معه , وقال لهم : لقد أعجبت بتحصيله , ومازال يتلطف بى حتى رفع عنى الخجل الذى انتابنى بسبب معاملتى له وأنا لا أعرفه كطالب لانخفاض صوته ونعومته!!.
فى كلية أصول الدين :
وبعد أن حصلت على الثانوية الأزهرية التحقت بكلية أصول الدين بعد أن حولت أوراقى إليها من كلية الشريعة فى الشهر الأول من الدراسة بناء على رغبة والدى , وكان ذلك فى عام (1931م) مع نشأة الكليات الأزهرية – وقد زودت هذه الكليات الجديدة ( الشريعة – أصول الدين – اللغة العربية ) بنخبة ممتازة من أساتذة المعاهد الأزهرية والتى من بينها معهد الإسكندرية الذى تخرجت فيه .
ثم حالت ظروف بينى وبين إتمام الدراسة بكلية أصول الدين , استمرت لمدة عامين , ثم عدت إليها فى عام ( 1933م) مرة أخرى , ولكنى وجدت مشقة فى التحصيل لما انتاب الذاكرة من خمول , ثم جددت نشاطى فى السنة الثانية , وحصلت فيها على المركز الرابع بين الناجحين جميعاً مبصرين وغير مبصرين , ولم يحدث فصل بين الطلاب إلى مبصرين وغير مبصرين – فى نتيجة الإمتحان – إلا فى الشهادة العالية .
ودخلنا قسم الدراسات العليا , فكنت أول الناجحين بشعبة التفسير ومن أستاذتى بالكلية فى هذه الفترة :
الشيخ / الشافعى الظواهرى (ابن شيخ الأزهر الأحمدى الظواهرى) , والشيخ/ مرسى جعيصة والشيخ/ أحمد الشاذلى , والشيخ/ حسن حجازى , والشيخ / الشربينى , والشيخ / أمين الخولى , والشيخ / محمد أبو زهرة , والدكتور / محمد غلاب .
"ملاحظة ترجمة الشيخ رحمه الله هاة موقع كلية أصول الدين بالقاهرة من محاورة مع الشيخ وفي مجلة الأزهر عام 1989 العدد الثالث حوار معه كذلك وقد غيرت بعض الشيئ وصوبت الأخطاء وقسمت الترجمة وزدت شيئا يسير ا
 
الدراسات العليا وشهادة العالمية :-
ثم دخلت شعبة التفسير فور حصولى على المركز الأول فى شهادة العالية بكلية أصول الدين , وكان من نظام الشعبة ألا يزيد عدد طلابها عن خمسة طلاب .
وبعد تخرجى من شعبة التفسير وحصولى على شهادة العالمية "الدكتوراه " فى علوم القرآن الكريم عام (1945م) عن موضوع تفسير سورة الفتح , وبيان الفتوح المتصلة بها , وقد أشرف وناقش رسالتى للدكتوراه من العلماء :
الشيح / محمد الشربينى أستاذ شعبة التفسير, والشيخ / عبد العزيزالمراغى مناقشاً من الخارج , والشيخ / عبد الحفيظ الدفتار أستاذ الفقه بكلية الشريعة , وكذا الشيخ / أحمد على أستاذ التفسير – رحمهم الله جميعاً-.
وكان من نظام الدراسات العليا بعد شهادة " العالية " أن يستمر الطالب فى الدراسة , والبحث مدة خمس سنوات تنتهى بامتحان نقل يسمى الامتحان التمهيدى فى علوم القرآن وعلوم الحديث . وهذا الامتحان يمهد للدخول فى مرحلة الإعداد لرسالة الدكتوراه فى مدة لا تقل عن سنتين.
وأذكر من أساتذتى فى قسم التخصص الشيخ / الشربينى , والشيخ / القناوى , والشيخ الجبالى , والشيخ / الخضر حسين – رحمهم الله جميعاً-.
وبعد تخرجى من شعبة التفسير رأت إدارة الأزهر توزيعنا مدرسين على المعاهد الدينية , مع إبقاء خريجى شعبة العقيدة كمدرسين بالكلية !! إلى أن أنصفنا قانون مجلس الدولة عام (1954م) وعدنا الى الكلية مدرسين فيها.
ومن إخوانى خريجى تخصص الأستاذية الدكتور / محمد شمس الدين , والدكتور / عبد العظيم الغباشى و الدكتور / محمد عبد الشافى والدكتور / على خليل – رحمهم الله – وغيرهم كثير .
التدرج الوظيفى :-
بعد تخرجى فى كلية أصول الدين عينت مدرساً للفقه فى معهد الاسكندرية , وقد حرصت منذ اللحظة الأولى على أن أعامل طلابى المعاملة الحسنة التى لاقيتها من أساتذتى .
وقد أثمرت معاملتى الحسنة لطلابى بالمعهد فأدت إلى إنتقال معظمهم معى إلى كلية أصول الدين دون غيرها من الكليات الأزهرية , فور تخرجهم من معهد الإسكندرية , ومنهم الدكتور /سيد طنطاوى شيخ الأزهر السابق , والمستشار / سيد عبد الوهاب , والدكتور / الأحمدى أبو النور , وزير الأوقاف الأسبق , والدكتور / صفوت مبارك أستاذ العقيدة بالكلية , وغيرهم الكثير .
وفى سنة (1954م) انتقلت من التدريس بالمعاهد الأزهرية الى التدريس بكلية أصول الدين , فحصلت على درجة أستاذ مساعد فى عام (1966م) , ثم أستاذا فى عام ( 1971م) , ثم توليت رئاسة قسم التفسير بعد ذلك . كان عضوا باللجنة الدائمة لترقية أساتذة الجامعة فى التفسير والحديث .
وفى هذه الفترة أسس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية بالكلية ,
جهوده العلمية ومنهجه فيها :
كان لكثرة الرسائل العلمية التى أشرفت عليها أكبر الأثر فى الإقلال فى مجال التأليف والنشر ومن أهم مؤلفاتى :
1. مساهمتى فى التفسير الوسيط .فهو مشاركة بينى , وبين الدكتور/ طنطاوى, وأحد أبنائى البررة , والذى قام بإتمامه بعد ذلك وحده .
2. كتابة بعض أجزاء التفسير للقرآن الكريم .
3. كتب فى التفسير الموضوعى تتناول تفسير بعض الموضوعات منها موضوع نظام الأسرة وغيره فى علوم القرآن .
4. بحث بعنوان فصل الخطاب فى علوم القرن , ألف فى عام (1977 م) .
5. بحث فى نزول القرآن على سبعة أحرف نلت به درجة أستاذ مساعد .
هذا بالإضافة إلى الأحاديث الإذاعية وكتابة بعض الأبحاث المتفرقة فى المجلات الدينية كبحث فى (الجهاد) فى مجلة لواء الإسلام فى أوائل السبعينيات , وترجع أهمية البحث إلى أننى بينت فيه أنه لا نسخ فى آيات الجهاد التى قيل إنها نسخت بآية السيف , وتوصلت إلى أن آيات السيف لم تنسخ أى آية من آيات القرآن الكريم , ذلك لأن آيات الغفو كلها من مكارم الأخلاق , ومكارم الأخلاق لا تنسخ .
أما الرسائل العلمية التى أشرفت عليها فهى تزيد على المائة رسالة , وأذكر أن أول رسالة أشرفت عليها وكنت أستاذاً مساعداً بالكلية – كانت رسالة الشيخ / محمد محمود حجازى[1] للدكتوراة تحت عنوان "الوحدة الموضوعية فى القرأن الكريم" ثم توالت الرسائل بعد ذلك , ومن أواخر الرسائل التى أشرفت عليها رسالة تحت عنوان "الأمانة كما يصورها القرآن الكريم"
يبقى أن أذكر منهجى فى التفسير فهو يكاد يشبه التفسير الموضوعى : وهو الكلام على موضوع الآية , وما يتعلق به من الآيات الأخرى فى القرآن الكريم , ثم بيان أسباب النزول , وربط التفسير بحالة المسلمين الإجتماعية , ووقت نزول الآية .
و من هنا كان لربط التفسير بالتاريخ أثر طيب فى بيان أهداف الآيات القرآنية , مما لاقى إعجابا لدى الكثيرين من أساتذة التاريخ , لشدة الربط بين المعانى القرآنية , وحالة المسلمين الإجتماعية فى هذا الوقت ؛ وقت نزول الآية . الأمر الذى تتضح معه معانى الآيات جلية لتطبيقها على عصر النزول , وما اشتملت عليه من أسرار تتجلى معها ظروف المسلمين وقت نزولها . هذا بالنسبة للقرآن المدنى .
أما فى القرأن المكى فيكثر أن تربط الآيات الكريمة التى تتعلق بموضوع العقيدة بالحالة العملية للمسلمين فى هذا الوقت , وما أدّاهم إليه ما هم فيه من تواكل – لا توكل على الله – وتخاذل عن دينهم بالرغم من أن دينهم يحثهم على أن يكونوا فى مقدمة العالم , بالعلم والمعرفة والبحث فى شئون الحياة , والكون , وبما أودع الله فيه من أسرار , لو استطاع المسلمون أن يستغلوها لكانوا بحق خير أمة أخرجت للناس .

[1] صاحب التفسير الواضح
 
آراء ونصائح :
هناك مجموعة من التفاسير المعاصرة لكل منها سمتها الخاصة المميزة لها :
فهناك التفسير الواضح للشيخ / محمد محمود حجازى أحد أبنائى- وهو تفسير يفى بالغرض , لخلوه من الإسرائيليات .
وهناك تفسير / عبد الكريم الخطيب وهو عبارة عن مقالات إنشائية حول موضوع الآيات القرآنية , وكذلك بعض التفاسير التى ظهرت أخيراً مثل تفسير الشيخ / المراغى .. فهو يدور حول التركيز على استعراض الأسلوب البلاغى للقرآن الكريم .
ويعد تفسير الشيخ / شلتوت تفسيراً موضوعياً لبعض سور القرآن الكريم أما تفسير الشيخ / الصابونى فهو تلخيص لبعض آراء المفسرين فى كتب التفاسير وهناك تفسير / القاسمى , وتفسير/ عزت دورزه , وهما من المفسرين الشوام فتفسيرهما فيه خير كثير وقليل الانحراف والإسرائيليات , ولكن الجديد فيه قليل .
أما تفسير " فى ظلال القرآن " فهو رغم أن كاتبه ذو وجدان إيمانى قوى يسرى من كتابته إلى آذان القارئ والسامع معاً , بل ويصل إلى شغاف القلوب عن طريق التأثير الوجدانى والوعظ , فهو من حيث التحقيق العلمى يعتبر فى الدرجة الثانية لأن كاتبه لم يستكمل وسائل التفسير الحقة , واعتمد على إثارة الوجدان الإيمانى فقط .
ولعل أحسن التفاسير من وجهة نظرى هو تفسير أبى حيان المعروف باسم ( البحر المحيط ) .
وهو يعرض القرآن الكريم بأسلوب أندلسى أدبى راقٍ , وترجع أهميته الى مجموعة من الأسباب منها :
1. ندرة الإسرائيليات فيه , وهذا هو منهجه فى تفسيره الذى وضعه فى مقدمة تفسيره وأكد عليه بقوله : " أما عن الإسرائيليات , فإننا ننزه كتابنا عن ذكرها".
2. أن صاحبه عالم نحوى , ولغوى كبير .
3. أنه يفسر القرآن على مقتضى قواعد اللغة بطريقة حديثة تجعله يضارع تفسير الكشاف الذى يعد أبا المفسرين .
وتبقى نقطة بخصوص علم الدخيل , وهو العلم الذى يبين كيف دخلت الإسرائيليات التفسير ؟ وكيف ننزه القرآن الكريم عنها . وبعد أن كان علم الدخيل فرعاً من فروع التفسير أصبح الآن علماً مستقلاً بذاته.
وقد كثرت الرسائل العلمية والكتابات الجيدة والمعاصرة فيه لأبنائنا بالكلية مثل كتابات د/ إبراهيم عبد الرحمن خليفة , د/ سمير عبدالعزيز شليوة , د/ أحمد الشحات موسى.
وإذا كان لى من كلمة فإننى أنصح المشتغلين بالتفسير بالآتى :
أولاً:- التمكن من قواعد اللغة العربية , ذلك لأن القرآن نزل بلسان عربى مبين.
ثانياً:- الاطلاع على أسباب النزول كاملة , ومعرفة الصحيح منها من غير الصحيح .
ثالثاً:- ننصح كل من يتصدى لتفسير القرآن الكريم أن يدرس أولاً السنة , لأنها بيان لمعانى القرآن الكريم , كما قال تعالى ﴿وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم﴾.
رابعاً:- دراسة تاريخ السيرة النبوية وخاصة أن القرآن الكريم تنزل على حوادث فى عهد النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وهذه الحوادث لها ارتباط وثيق بالآيات ودراستها تعين على فهم هذه الآيات .
خامساً وأخيراً :- الاطلاع على التفسير بالمأثور , لأن ذلك يعين كثيراً على بيان الأهداف القرآنية .
وأحسن كتاب خال من الأقوال الضعيفة – كما أعتقد – فى التفسير : هو التفسير الوسيط الذى أصدره مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة[1]
علاقته بعلماء عصره :
يقول رحمه الله دفع شغفى بدراسة التاريخ الإسلامى , الدكتور / عبد الحليم محمود – رحمه الله – حينما كان عميداً لكلية أصول الدين – قبل توليته مشيخة الأزهر- أن يسند إلىَّ تدريس مادة التاريخ الإسلامى بالكلية على الرغم من أنها ليست من تخصصى الدقيق , وقد مات – رحمه الله – وهو يكن لىّ من الود الكثير .
أما علاقتى بالشيخ / أبى زهرة , فقد كان مدرساً لنا فى كلية أصول الدين فور إنشائها عام (1931م) يدرس لنا كتابيه ( تاريخ الجدل والخطابة ) .
وقد اشترك معى فى مناقشة أربع رسائل مع عميد كلية أصول الدين آنذاك الشيخ الدكتور / أمين أبو الروس . وهذه الرسائل الأربع هى على الترتيب :
1. رسالة " الدكتوراه " للدكتور / محمد حجازى عام (1966م).
2. رسالة " الدكتوراه " للدكتور / أحمد كمال المهدى عام ( 1970م).
3. رسالة "الدكتوراه " للدكتور الأردنى / رمزى نعناعة عام (1972م).
4. رسالتا الماجستير والدكتوراه للدكتور / محمد عبد المنعم القيعى عام ( 70 , 1973م).
وأذكر أنه اعترض على الشيخ / حجازى فى بعض مناقشاته على رسالته للدكتوراه حول : الوحدة الموضوعية فى القرآن الكريم , فمنعت الشيخ / حجازى من الإجابة وقلت : إن الشيخ أبا زهرة لم يفهم موضوع الرسالة , وقامت ضجة كبرى فى القاعة لهذه الكلمة , ولكنى ألقيت بياناً بعدها مباشرة وضحت فيه للشيخ أبى زهرة أن موضوع رسالة الطالب لا يتعلق بسؤاله حول التدرج فى تحريم الربا والزنا , وأن صاحب الرسالة لم يعرض لهما لأنهما خارجان عن موضوع رسالته .
فَسُرَّ الشيخ أبو زهرة من ذلك , وقام من فوره , وعانقنى أمام الحاضرين ,وفى هذه الأثناء همس أحد الأساتذة المشاركين فى مناقشة الرسالة معنا ملمحاً بأن الشيخ أبا زهرة يُعارض أى وزير , ولا يجرؤ أن يرد عليه أحد , وأنت تعترض على رأيه !! فرد عليه الشيخ أبو زهرة فى الحال بقوله : اسكت , لقد وجهنى إلى ما كنت أجهله .
وله مواقف أخرى كهذه منها موقفه من رسالة د / نعناعة حول جمع القرآن ,وقد اشترك فى مناقشتها معى ,وفيها عارض الطالب صاحب الرسالة فى رأيه , فقمت أبين له : أن القرآن الكريم كتب بحرف قريش فى بيت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) , وفى صحف أبى بكر , وفى مصحف عثمان , أما بقية الأحرف السبعة فكانت رخصة للقبائل التى دخلت الإسلام حديثاً , ولم يكن لها علم بلغة قريش . وترخّص الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فى أن يقرأهم حسب لغاتهم , فرخص له الله ( عز وجل ) بذلك , ونزل جبريل بالحرف الثانى حتى وصل إلى الأحرف السبعة فأتمها.
وليس ذلك فى كل القرآن الكريم , بل ما يحتاجون إليه فى إقامة شعائرهم , وصلاتهم من بعض سور القرآن الكريم , فكانت كل قبيلة تقرأ جزءاً معيناً , وقرأها الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) بالحرف الذى يناسبها بعد أن تلقَّاه من جبريل ( عليه السلام ) ولهذا كانت الأحرف السبعة موزعة فى القبائل على مقدار ما تحفظ من القرآن الكريم .
فلما اختلفوا فى فتح ( أذربيجان ) بين اليمنيين والقيسيين .حتى كاد بعضهم يكفر بعضا , ركب حذيفة بن اليمان إلى عثمان ( رضى الله عنه ) وقل :" أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف إختلاف اليهود والنصارى ", فجمعهم عثمان بن عفان على حرف قريش ,وعزم عليهم أن يحرِّقوا ما معهم من الأحرف المخالفة , فهى وإن كانت قرآناً إلا أنه لا يجوز القراءة بها الآن حيث انقطع سندها , وهى بالطبع غير القراءات السبع التى توجد كلها فى حرف قريش , ثم ذكرت له أن هذا الذى قلته هو خلاصة بحثى الذى رقيت به إلى أستاذ مساعد , وكان موضوع البحث :" نزول القرآن على سبعة أحرف " فلما سمع الشيخ أبو زهرة رأيى هذا فى قضية جمع القرآن , كان كأنه لم يسمع به مدَلَّلاَّ من قبل , فقال :أكتبه لى , فإننى لم أقتنع بما قرأت إلى الآن إلا بهذا الرأى .
كان –رحمه الله – رجلاً عالماً لا يضيق صدره عن معرفة الحق – رحمه الله رحمة واسعة.


[1] وهو غير تفسير الوسيط الذي ألفه الشيخ الكومي نفسه وأكمله الشيخ سيد طنطاوى بل تفسير مجموعة من العلماء وطبعه مجمع البحوث الإسلامية
 
كرمه اللأزهر فقد حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى فى العيد الألفى للأزهر عام (1981م).
وبعد فهذا علم لا يعرفه بعض المتخصصين في التفسير نريد أن نستفيد من علمه رحمه الله تعالى
وكان تلاميذه يقدرونه رحمه الله تعالى
وهو الذي ساعدهم على تخطى الكثير من العقبات كما فعل مع الشيخ عمر عبدالرحمن حيث كان مشرفا على رسالته العالمية
وساعد الشيخ عبدالستار فتح الله سعيد
وغيرهم الكثير والكثير
ويكفي الشيخ أنه أحد أو قل أول من نظر لعلم التفسير الموضوع وكان كتابه لبنة طيبة في بناء صرح هذا العلم واستفاد منه الشيخ عبدالستار الكثير والكثير
توفي رحمه الله
25/4/1991
كما قال تلميذه الأستاذ الدكتور محمد عوض
 
بارك الله فيك على التعريف الشامل بالشيخ أحمد الكومي رحمه الله.

التفسير الموضوعي، لأحمد الكومي ومحمد القاسم، يقال إن الشيخ أحمد انفرد بتأليفه فهل هذا صحيح، وما تاريخ تأليفه ؟
 
شيخنا الدكتور إبراهيم الحميضى بالنسبة للعلامة الشيخ الكومى نتاجه في كتب تلاميذه منهم من ينسب إليه ما كان يمليه عليهم كالشيخ سيد طنطاوى والدكتور القاسم ومنهم من كان يستفيد منه لنفسه
فحدثني شيخنا الأستاذ الدكتور عبدالعزيز عزت أن الشيخ مع تلميذه القاسم كان يملي عليه مما فتح الله عليه فقلت له لا سيما مقدمة الكتاب "التنظير لعلم التفسير الموضوعي "حيث ذكر شيخنا الدكتورعبدالستار قصته مع الشيخ الكومى في كتابه المدخل إلى التفسير الموضوعى وقال لشيخنا فضل السبق في هذا الأمر فقال نعم
فقلت للدكتور عبدالعزيز ولكن الموضوعات التى في الكتاب روحها وفكرتها من الشيخ الكومي فقال بالضبط هو كان يعطى الفكرة والأسس
وعليه فمقدمة كتابه للشيخ من نصه وما فيه من موضوعات الفكرة للشيخ
وقال الدكتور عبدالعزيز إن أسلوب الشيخ يظهر في هذا الكتاب بل في كتب نلاميذه
ومما قاله لى عن الشيخ وهو كلام متداول أيضا أن الشيخ كان لهم معلما ومربيا
كان يستضيفهم ولا يخرجون قبل تناول طعام الغداء كان كريما معهم ولم يأخذ من أحد ولا كوب شاى
وقيل لى إن أحدهم ذهب إليه بهدية فقال له
إما أن تأخذ ثمنها
أن تأخذها معك
وإما أن أتصل بالشرطة !
رحم الله الشيخ ورفع درجته
وسأذكر ما لخصته من كتابه التفسير الموضوعي في تعليق آخر
 
تحدث عن أنواع التفسير ثم نبه إلى التفسير المقارن وقد ذكر ثلاثة ألوان:
النوع الأول: التفسير التحليلي.
النوع الثاني: التفسير الإجمالي.
النوع الثالث: التفسير الموضوعي.
النوع الرابع، وهو التفسير المقارن.
النوع الثالث: أن يعمد الباحث والناظر في القرآن إلى الآيات التي تتصل بموضوع واحد فيجمعها ويجعلها نصب عينيه وموجودة بين يديه،ثم يقلب الطرف في أنحائها ويجعل الفكر في جوانبها، ويكون منها الموضوع الذي تتصل به ثم يعمد إلي جوانب ذلك الموضوع ويجعله في إطار متناسب وهيكل متناسق، ملونا لنواحيه مبرزا لمراميه، حتى يكون هيكلا متكاملا الأجزاء تام البنيان قائم الأركان، فإن أعوزه كمال ذلك الموضوع إلي حديث جاءت به السنة حتى يكمل له هيكله ويتم له صرحه جاء به وعلى ذلك ينجلي للقارئ بموضع الآية الهدف الذي يقصد القرآن إليه، والمعنى الذي يعول عليه وبهذا يستكشف القارئ للقرآن هدايته ويبرز للناس من مواضع القرآن ما جاء به لأداء مهمته ورسالته. واستدرك شيخنا العلامة الشيخ بأننا لا نذكر السنة هنا إلا استشهادا
وتحدث عن التفسير التحليلي والمقارن بأن يذكر مجموعة من الآيات القرآنية في مكان واحد ويستطلع آراء المفسرين متتبعا من كَتب في تفسير تلك الجملة من الآيات سواء أكانوا من السلف أم كانوا من الخلف وسواء أكان تفسيرهم من المنقول أم كان معتمدا على الرأي ويوازي بين الاتجاهات المختلفة والمشارب المتنوعة فيما سلكه كل منهم في تفسيره وما انتهجه في مسلكه فيرى من كان منهم متأثرا بالخلاف المذهبي ومن كان منهم قاصدا تأييد فرقة من الفرق أو مذهبا من المذاهب ويوضح أن منهم من تأثر بفنه الذي غلب عليه وثقافته التي برع فيها ليبرز نواحى كل مفسر في تفسيره وكيف غلب على هذا نحوه فأكثر من وجوه الإعراب وعلى ذاك بلاغته فذكر من نواحى الفصل والوصل والإيجاز والإطناب وعلى آخر قصصه فذكر من الحوادث والقصص مالا يتفق مع المعقول ولا يؤيده المنقول وكيف تغلب على غير أولئك تشيعه أو تصوفه أو ما تمذهب به من معتزلة و أشاعرة وما ملأت به طائفة أفكارها من علوم كونية ونظريات علمية واتجاهات فلسفية كل ذلك يكون على ما يستسيغه نقله وناقدا ما لا يقبله ذوقه[1]


[1] (التفسير الموضوعي في القرآن الكريم للدكتور أحمد الكومي والدكتور محمد أحمد قاسم
صـ
 
بارك الله فيك يا شيخ عبد الحميد.
بقي السؤال الثاني: ما تاريخ تأليفه، حيث النسخة التي اطلعت عليها الطبعة الأولى 1402هـ فهل تأخر تأليفه أو طباعته ؟
 
نفس الطبعة بين يدي وأريد جوبا جزاكم الله خيرا ؟
وما صحة هذه المعلومة التي وجدتها في اخر الكتاب :
أن الدكتور أحمد الكومي كتب من في هذا الكتاب من ص: 3 إلى ص 44
ومن ص: 65 إلى ص: 79
وكتب الدكتور محمد القاسم من ص : 45 إلى ص: 64
ومن ص: 80 إلى آخر الكتاب .. ؟

هل يوجد طبعة أخرى للكتاب ؟
 
بارك الله فيك يا شيخ عبد الحميد.
بقي السؤال الثاني: ما تاريخ تأليفه، حيث النسخة التي اطلعت عليها الطبعة الأولى 1402هـ فهل تأخر تأليفه أو طباعته ؟

نريد جواباً
 
بارك الله فيك يا شيخ عبد الحميد.
بقي السؤال الثاني: ما تاريخ تأليفه، حيث النسخة التي اطلعت عليها الطبعة الأولى 1402هـ فهل تأخر تأليفه أو طباعته ؟

نريد جواباً
 
عودة
أعلى