التحذير من التعسف في القراءة والتكلف

إنضم
22/05/2006
المشاركات
2,552
مستوى التفاعل
11
النقاط
38
العمر
59
الإقامة
الرياض
التحذيرُ من التعَسُّف والتكلف في الأداء
قال الحافظ أبو عمرو الداني رَحِمَهُ اللهُ: فليسَ التجويدُ بتمضيغ اللِّسَان، ولا بتقعيرِ الفَمِ ولا بتعويج الفكّ، ولا بترعيد الصوتِ، ولا بتمطيط المشدد، ولا بتقطيع المَدِّ، ولا بتطنين الغُنَّات، ولا بحصرَمة الرَّاءات، قِراءةً تنفر منها الطِباعُ، وتمُجُّها القلوبُ والأسماعُ، بل القراءة السهلةُ، العذبةُ، الحلوة اللطيفة، التي لا مَضْغَ فيها، ولا لَوكَ ولا تعَسُّفَ، ولا تكلُّف، ولا تصنُّعَ، ولا تنطُّعَ، ولا تخرج عن طباعِ العرب، وكلامِ الفصحاء بوجْهٍ من وجوه القراءاتِ والأداء . اهـ(1) .

قَالَ الإِمَامُ ابْنُ الجزري: فالتجويد حلية التلاوة، وزينة القراءة، وهو إعطاءُ الحُرُوفِ حقوقها، وترتيبها مراتبها، وردُّ الحَرْف إلى مَخْرَجه وأصله، وإلحاقِه بنظيره، وتصحيحِ لفظه، وتلطيفِ النُطْق به على حالِ صيغته، وكمالِ هيئته، منْ غير إسراف، ولا تعسُّف، ولا إفراط ولا تكلُّف.
وإلى ذلك أشار النبي بقوله: " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ القُرْءان غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءةِ ابن أُمِّ عَبْدٍ" ابن ماجه/ 135 ، يعني عبد الله بن مسعود(2) .


من كتاب زاد المقرئين أثناء تلاوة الكتاب المبين
 
بسم الله الرحمن الرحيم
شكراً أخي الكريم و بارك الله فيك، وهو عين ما حذر منه المحقق في منظومته قائلا:

وهو إعطاء الحروف حقها -- من صفة لها ومستحقها
ورد كل واحد لأصله --- واللفظ في نظيره كمثله
مكملا من غير ما تكلف -- في اللطف في النطق بلا تعسف
 
يتابع تحذير القراء من التكلف والتعسف في القراءة
قال العلامة السخاوي :
يَا مَنْ يَرُومُ تِلاَوَةَ الْقُرْآنِ ... وَ يَرُودُ شَأْوَ أَئِمَّةِ الإِتْقَانِ
لاَ تَحْسَبِ التَّجْوِيدَ مَداًّ مُفْرِطاً ... أَوْ مَدَّ مَا لاَ مَدَّ فِيهِ لِوَانِ
أَوْ أَنْ تُشَدِّدَ بَعْدَ مَدٍّ هَمْزَةً ... أَوْ أَنْ تَلُوكَ الْحَرْفَ كَالسَّكْرَانِ
أَوْ أَنْ تَفُوهَ بِهَمْزَةٍ مُتَهَوِّعاً ... فَيَفِرَّ سَامِعُهَا مِنَ الْغَثَيَانِ
لِلْحَرْفِ مِيزَانٌ فَلاَ تَكُ طَاغِياً ... فِيه وَلاَ تَكُ مُخْسِرَ الْمِيزَانِ

قَالَ الإِمَامُ مَكِّي بْنُ أَبِي طالبٍ رَحِمَهُ اللهُ: يجب على القارئ أن يتَوسَّطَ اللفظَ بها، ولا يتعسَّف في شِدَّة إخراجها إذا نَطَق بها، لكنْ يخرِجها بلطافةٍ ورِفْق، لأنها حرْفٌ بَعُد مَخْرَجه، فصَعُب اللفظُ بها لصعوبته . اهـ، الرعاية : ص/ 145.
قَالَ العَلامَةُ أبو الحسن الصفاقيسي: وقد كان العالمون بصناعةِ التجويد يَنْطِقُونَ بها سَلِسَةً، سهلةً برفْقٍ، بلا تعَسُّف، ولا تكلُّف، ولا نبرةٍ شديدةٍ، ولا يتمكن أحدٌ من ذلك إلا بالرياضةِ، وتلقِّي ذلك من أفواه أهلِ العِلْم بالقراءة، اهـ تنبيه الغافلين وإرشاد الجاهلين: ص/47 .
 
يتابع تحذير القراء من التعسف :

أسباب التكلف: منها
1. عدم تدبر المعاني
2. المبالغة في تحقيق الحروف:
3. المبالغة في تحقيق الحركات
4. تقليد الأصوات دون ضابط
5. متابعة الألحان
6. اللجهات المحلية
صور التكلف:
1-التغيير في ملامح الوجه دون حاجة
2- الخلط في المعاني
3- المبالغة في تحقيق الحروف
4 -المبالغة في تحقيق الحركات
كيفية نتخلص من التكلف:
1- التلقي والمشافهة على يد المشايخ المهرة العارفين
2- الحذر من أسباب التكلف المذكورة
3- رياضة الفم وكثرة التدريب والقراءة
4- مراعاة وزن الحرف
5- تدبر المعنى أثناء القراءة وجعل المعنى هو الذي يحرك النفس إلى التغني بالقرآن وليس النغمة هي التي تأخذ القارئ وهذا هام جدًأ
6- أن يكون لدى القارئ حس بأداء اللفظ لغويا أي : ( اللغة العربية الفصحى)
وكل ما سبق مرهون بالتلقي لدى المشايخ المهرة
قال العلامة السخاوي :
لِلْحَرْفِ مِيزَانٌ فَلاَ تَكُ طَاغِياً ... فِيه وَلاَ تَكُ مُخْسِرَ الْمِيزَانِ
 
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله في تلبيس إبليس:
فصل: وقد لبس إبليس على بعض المصلين في مخارج الحروف فتراه يقول [FONT=QCF_BSML]ﭽ [/FONT][FONT=QCF_P001]ﭖ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT] [FONT=QCF_BSML]ﭽ [/FONT][FONT=QCF_P001]ﭖ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT] فيخرج باعادة الكلمة عن قانون أدب الصلاة وتارة يلبس عليه في تحقيق التشديد وتارة في إخراج ضاد [FONT=QCF_BSML]ﭽ [/FONT][FONT=QCF_P001]ﭰ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT] ولقد رأيت من يقول [FONT=QCF_BSML]ﭽ [/FONT][FONT=QCF_P001]ﭰ [/FONT][FONT=QCF_BSML]ﭼ[/FONT] فيخرج بصاقة مع إخراج الضاد لقوة تشديده وإنما المراد تحقيق الحرف فحسب وإبليس يخرج هؤلاء بالزيادة عن حد التحقيق ويشغلهم بالمبالغة في الحروف عن فهم التلاوة وكل هذه الوساوس من إبليس.
 
من صور التعسف :
المبالغة في نبر الحرف الأخير يؤدي إلى وصلها بما بعدها
الأمثلة:
1- قوله تعالى : [وَسَاءَ لَهُمْ ] طه: 110 فلو تعسف القارئ في نبر الحرف الأخير وهو الهمزة بزيادة مبالغ فيها في رفع الصوت، لأدى ذلك إلى قراءتها من المساءله ، بدلا من الإساءة. وعلاج ذلك هو تحقيق الهمزة بلطف
2- قوله تعالى :[ ولتكبروا الله عَلَى مَا هَدَاكُمْ ] البقرة: 185، الصواب ، (على ما) ، كلمتين ، وليس (علاما) كلمة واحدة من الاستفهام
3- قوله تعالى : [قل أمنوا به أَوْ لا تُؤْمِنُوا ] الصواب (أو لا) كلمتين حرف عطف، ثم لا النافية وليس ( أولا) كلمة واحدة من الأولوية

ولايضبط ذلك إلى بالتلقي والمشافهة .
وللمزيد من الأمثلة يكنك متابعة الرابط التالي:
روابط سلسلة زاد المقرئين الصوتية للشيخ جمال القرش - منتديات الشيخ جمال القرش
 
قال الذهبي :
(فالقرَّاء المُجَوِّدة: فيهم تنطع وتحرير زائد يؤدِّي إلى أن المجود القارئ يبقى مصروف الهمة إلى مراعاة الحروف والتنطع في تجويدها بحيث يشغله ذلك عن تدبر معاني كتاب الله تعالى, ويصرفه عن الخشوع في التلاوة, ويخليه قوي النفس مزدرياً بحفاظ كتاب الله تعالى, فينظر إليهم بعين المقت وبأن المسلمين يلحنون, وبأن القراء لا يحفظون إلا شواذ القراءة, فليت شعري أنت ماذا عرفت وماذا عملت؟! فأما عملك فغير صالح, وأما تلاوتك فثقيلة عرية من الخشعة والحزن والخوف, فالله تعالى يوفقك ويبصرك رشدك ويوقظك من مرقدة الجهل والرياء . وضدهم قراء النغم والتمطيط, وهؤلاء من قرأ منهم بقلب وخوف قد ينتفع به في الجملة, فقد رأيت منهم من يقرأ صحيحاً ويطرب ويبكي, ورأيت منهم من إذا قرأ قسَّى القلوب, وأبرم النفوس, وبدّل الكلام, وأسوأهم حالاً الجنائزية.
وأما القراءة بالروايات وبالجمع فأبعد شيء عن الخشوع, وأقدم شيء على التلاوة بما يخرج من القصد, وشعارهم في تكثير وجوه حمزة وتغليظ تلك اللامات وترقيق الراءات . اقرأ يا رجل وأعفنا من التغليظ والترقيق وفرط الإِمالة والمدود ووقوف حمزة, فإلى كم هذا؟! وآخر منهم إن حضر في ختم, أو تلا في محراب, جعل ديدنه إحضار غرائب الوجوه والسكت والتهوع بالتسهيل, وأتى بكل خلاف, ونادى على نفسه: ((أنا فلان, اعرفوني فإني عارف بالسبع)). إيش نعمل بك؟ لا صبحك الله بخير, إنك حجر منجنيق, ورصاص على الأفئدة). انتهى.

علق الشيخ بكر أبو زيد قائلا: والذهبي -رحمه الله تعالى- من علماء القرآن, فهو كلام خبير بالقوم, فاشدد يدك عليه .

 
جزاكم الله خيرا
ومن صور التكلف والتعسف: المبالغة في ترقيق الحرف المرقق ، أوالمبالغة في تفخيم الحرف المفخم، بطريقة لا تتوافق أبدا مع قول الله عز وجل : {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ }القمر17 مثال ذلك عند نطق كلمة (مخصمة) ، أو (مرض) فتجد عسر وصعوبة لدى من يطبق ذلك وتسمع صوتا ناشزا بسبب التعسف، فيظل القارئ في جهد بالغ، لا يهنأ بالقراءة ولا يستمتع بها، بل يظل في حيرة ومعناة، بين فتح وضم للشفين مبالغ فيه ، وغالبا ما يؤدي ذلك إلى إيجاد حرف زائد كما في (مرض) تقرأ لحنا( ماراض)، بسبب التمطيط المبالغ فيه ،ومثال ذلك : (مخمصة) تقرأ لحنا (ماخماصة) . نسأل الله العافية.
 
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل....
كذلك مما نلاحظه في بعض حلقات التلقين، مبالغة منهم في إخراج الحرف من مخرجه وفي استيعاب كل صفاته، تجد قراءتهم وكأنها مقطعة!! كأن بين كل حرف وأخيه سكتة، وليتهم يقفون عند هذا الحد، بل يعيبون قراءة غيرهم وبعض حلقات التلقين التي لا تنحو منحاهم!!
 
هذا الموضوع فيه تنبيهات جيدة ومفيدة، وواضح مقصودكم منها وهو عدم المبالغة الزائدة التي تخرج القراءة عن طبيعتها وسلاستها، وقد حذر الأئمة القراء أيما تحذير من التكلف والتعسف في القراءة، إلا أن مجموعة من إخواننا الفضلاء، وبعض من العلماء لا يفرقون بين التكلف والتعسف في القراءة، وبين إعطاء كل حرف حقه ومستحقه، ويظنون أن انشغال القارئ في بداية تلقيه وتعلمه برياضة لسانه على النطق الصحيح، وحرصه على تعليم غيره الأداء السليم، أن ذلك هو التكلف والتعسف بعينه، وبقدر ما حذر الأئمة من التعسف والتكلف بقدر ما حثُّوا وأرشدوا إلى ترويض القارئ لسانه على نطق الحروف مفردة ومركبة، وتكرار القارئ اللفظ المتلقى من فيِّ المقرئ المحسن، وكما أنه يُلحَظ تكلف بعض من القراء في قراءتهم، فيُلحظ كذلك ـ وهو الأكثر ـ تساهل بعض في الأداء، من تفخيم المرقق، وترقيق المفخم، والخلط بين كثير من الأحكام، وللأسف أصبح بعض الشيوخ المجيزين يتساهلون كثيراً في الإقراء فيمنحون إجازاتهم من لم يحسن الأداء على الوجه المطلوب، ممن لم يصل بعد إلى أهلية الإجازة، والله المستعان.
من صور التعسف :
المبالغة في نبر الحرف الأخير يؤدي إلى وصلها بما بعدها
الأمثلة:
1- قوله تعالى : [وَسَاءَ لَهُمْ ] طه: 110 فلو تعسف القارئ في نبر الحرف الأخير وهو الهمزة بزيادة مبالغ فيها في رفع الصوت، لأدى ذلك إلى قراءتها من المساءله ، بدلا من الإساءة. وعلاج ذلك هو تحقيق الهمزة بلطف
لا شك أن المبالغة برفع الصوت عند الهمزة هو نوع من التكلف والتعسف، لكن لا يظهر فرق بين قراءتها بالمبالغة وبين قراءتها باللطف من حيث المعنى، فحتى على قراءتها باللطف يمكن أن يحمل على أنه من الإساءة، ويمكن أن يحمل على أنه من المساءلة، ويفهم المعنى المقصود من السياق، ومن رسم المصحف، وكذلك في بقية الأمثلة التي تفضلتم بها يقال فيها ما قبل هنا، والله أعلم.
 
جزاكم الله خيرا ..... حفظك الله بالفعل كما ذكرتم
1- حذر الأئمة القراء أيما تحذير من التكلف والتعسف في القراءة
2- ينبغي مراعاة وإعطاء كل حرف حقه ومستحقه
3- هناك تساهل من بعض المجيزين في إعطاء الإجازة نسأل الله العافية

أما قولكم لا يظهر فرق بين قراءتها بالمبالغة وبين قراءتها باللطف من حيث المعنى فهذا يرجع إليكم نفع الله بكم

إليكم ثلة من أعلام القراء المعاصرين المسندنين :
قال الشيخ إبراهيم السمنودي:
لاَ تَخْتَلِسْ نَحْوَ ولنْ يَتِرَكُــمْ : وَجِلَةٌ بِيَدِهِ يَعِدُكُــمْ
وَمِزْ مِنَ الأَشْبَاهِ يُصْحَـبُونَ : وَفَقَعُوا نَذَرْ تُحْصِنُونَ
قال الشيخُ محمودُ علي بسه: صاحب كتاب العميد رحمه الله :
للتلقِّي في تعَلُّمِ القرْءان وأدائه أهميةٌ كبيرةٌ، فلا يَكفي تعَلُّمُهُ منَ المصاحفِ دون تلقيه من الحافظين له، لأَنَّ من الكلماتِ القرآنية ما يختلفُ الْقُرَّاء في أدائه مع اتحاد حروفه لفظًا ورسمًا، تبعًا لتفاوتهم في فَهْمِ معاني هذه الكلمات وأصولها، وما يتوافرُ لهم من حسن الذوق، وحَسَاسِيَة الأُذنِ، ومُراعَاة ذلك كلِّه عند إلقائِها، لدرجة أنَّ بعضَهم يُخطِئُ في أدائه بما يكاد يُخرجها عن معانيها المرادة منها لتساهُلِه، وعدمِ تحرِّيه النُطْقِ السَّليمَ، والَّذِي لوْ وُفِّقَ إليه وعوَّدَ نفسه عليه: لدلَّ على حساسِية أذنه، وحسن ذَوْقِه وفَهْمِه لمعانيها.
الجمعة: 9 . اهـ(1) من كتاب العميد في علم التجويد . وَذرُوا البيعَ القصص: 24،  فسقىَ لهما البقرة: 231  يعظكمْ الأنفال: 65  حرِّضِ المُؤمنين
حدثني الشيخ أسامة بن عبد الوهاب: ( وهو من المبرزين في هذا العصر ) له عشرات الإجازات المسندة إلى كبار المشايخ نفس ما ذكره الشيخ محمود علي بسه وزاد بعض الكلمات . اهـ(2) . أَفَلا يعلم، أَوَلا يعلمون، أَوَلَو كان، إِنَّ الَّذِينَ لايَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا، أَوَلَم، أَفَلَمْ تأمل الأمثلة المذكورة نحو:
حدثني الشيخ عبد العزيز بن عبد الحفيظ المسند عن الزيات ، وعثمان مراد ، وعامر عثمان :
، الذاريات: 21 فلا بدَّ أن يسمع المجود من شيخه سماعًا طيبًا، ويكون ذاأفلا القصص: 24،  فسقى لهماـامل الأمثلة : :"خَلَقَكم" الزمر: 6، أذن ناقلة حافظة، ويعود الشيخ لسان تلميذه على أن يقرأ بالكيفية الصحيحة (1) .
حدثني فَضِيلَة الشيخ رزق خليل حبه: شيخ عموم المقارئ المصرية : هذه الأمور تحتاج إلى تتبعٍ ودقةٍ في الأداءفَسَقَى فمنهم من يقرأها من الفسق فَسَقَى لَهُماقال: " كَلِمَة
حدثني فَضِيلَة الدُّكتُور عبد العزيز القاري: عميد كلية القرآن الكريم، والمسند على كتبار المشايخ، قال: عندما كنت أقرأ على الشَّيْخ عبد الرحمن القاضي - ، كثير ما ينطقونها (فجع لهم) كأنَّها من فجع يفجع.فَجَعَلَهُمْ الحديد: 16. فقال له الشيخ: هي فراخ تفقس عن بيض؟ اتكئ على القاف وليس على الفاء، فمِثلُ هذا تعتبرُ من درجاتِ الإتقان المطلوبةِ من المتلقِّي، هذا مثل فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ- كان ينبِّهُ إلى مثل هذه الدقائق، ففي مرةً قرأ عنده أحدُ تلاميذِه
- حدثني فَضِيلَة الشيخ علي الحذيفي إمام المسجد النبوي : من الرؤية .فَتَرَى الَّذِينَ تصير من الفُتُور، والصَّحِيحُ فَتَرَى الَّذِينَينبغي العناية بذلك مثلا: لأنه لو قرأ وغيرهم كثير يمكنك الاستماع لأصواتهم على الرابط التالي
روابط سلسلة زاد المقرئين الصوتية للشيخ جمال القرش - منتديات الشيخ جمال القرش
 
الأمر يضبط بالمشافهة، وبأخذ القرآن من في أهله المجيدين، وتبقى الوسطية حلية الأمور كلها.
لكن المبالغة والتعسف شيئ لا يمكن تجاهله،وهو واقع نشاهده وله تبعات في حقل التعليم القرآني، وسبحان الله هذا التعسف يذهب بجمال القراءة لدرجة أن تنفر النفوس منها، بخلاف القراءة المتقتة المعتدلة الخالية من الأخطاء ــ بالطبع ــ تنجذب نحوها الأسماع وتخشع لها القلوب,
فنبذ التعسف لا يعني التساهل في الأخطاء، ولاالتعسف يعني القراءة الصحيحة المتقنة، ولنا في قراءة مشايخنا الأفذاذ كالمنشاوي والحصري خير مثال في الترتيل المتقن المتأني الذي لا يخل بمخرج ولا بصفة..والله أعلم.
 
إليكم ثلة من أعلام القراء المعاصرين المسندنين :
قال الشيخ إبراهيم السمنودي:
لاَ تَخْتَلِسْ نَحْوَ ولنْ يَتِرَكُــمْ : وَجِلَةٌ بِيَدِهِ يَعِدُكُــمْ
وَمِزْ مِنَ الأَشْبَاهِ يُصْحَـبُونَ : وَفَقَعُوا نَذَرْ تُحْصِنُونَ
كان شيخنا إسماعيل عبد العال أحمد الشرقاوي العزيزي رحمه الله ( المولود عام 1923م، ت: 2011م) عليه سحائب الرضوان، كان أثناء عرضنا عليه للقراءات يوقفنا كثيراً عند (يعِدكم) لإتمام حركاتها، و(إذا ما غضبوا هم) لتوضيح أن الضمير منفصل وليس متصلاً، وغير ذلك من الألفاظ التي تحتاج في نطقها إلى شيء من التركيز.
 
ومن صور التعسف المبغالغة في تحقيق الصفات وأكثر ما يكون مع ( الرخاوة ، والهمس ، والتوسط ) ومن أمثلة ذلك
زيادة امتداد الرخاوة في الواو ،أو الياء ، أو الشين ، أو إلخ
زيادة الهمس في الكاف ، التاء .
زيادة أداء التوسط وهو جريان بعض الصوت في ( اللام، والراء ، والنون) فيجلها رخوة
نسأل الله أن يجعلنا من الذين يقيمون حدوده وشرعه قبل حروفه سبحانه جل في علاه
 
ظاهرة تقليد الاصوات

ظاهرة تقليد الاصوات

حكم هذه الظاهرة الحادثة : (( الافتتان بتقليد أصوات القراء ، والقراءة بها في المحاريب بين يدي الله تعالى )) . عندئذ نقول : هذا (( أمر إضافي إلى التعبد في القراءة )) فهذا (( التقليد )) (( عبادة )) ، ومعلوم أنه قد وجد المقتضي لهذا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، وعصر صحابته رضي الله عنهم ، فلم يعلم العمل به عن أحد منهم – رضي الله عنهم – وقد علم في (( الأصول )) : (( أن ترك العمل بالشيء في عصر النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضي له يدل على عدم المشروعية )) .

فالصوت الحسن في القراءة موجود في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، ورأس الأمة في هذا نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فهذا المقتضي موجود ، ولم يعلم أن أحدا تقرب إلى الله تعالى بتقليد صوت النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من صحابته ، ولا من بعدهم ، وهكذا ، فدل هذا على عدم مشروعية هذا التقليد ، وعلم به أن التقرب إلى الله تعالى بذلك (( التقليد والمحاكاة لأصوات القراء )) أمر مهجور ، والتعبد به أمر محدث ، وقد نهينا عن الإحداث في الدين .

وقاعدة الشرع أن كل أمر تعبدي محدث فهو : بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وأن الشغف والتدين بحسن الصوت فحسب ، والتلذذ به ، كالتدين بعشق الصور ، فهما في الابتداع والتحريم سواء .

بل يضاف إلى المحاكاة للصوت الحسن ، أن فيها نوع تبعية مذلة ، والشرع يبني في النفوس : العزة ، والكرامة ، وترقية العقول ، واستقلالها ، وتمحض متابعتها لهدي النبوة لا غير .

وتأمل : هل من قلدت صوته كان مقلدا لآخر ، أم بحكم ما وهبه الله له ؟

وتأمل أيضا : هل رأيت عظيما يشار إليه بالعلم ، والفضل ، والمكانة ، يقلد صوت آخر في القراءة ، أو في الخطابة ، أو في الأذان ، أو في الكلام المعتاد والأداء فيه ؟!

والشرع يدعو إلى تحسين القارئ صوته ، وهذا أمر مشروع في حق من يملكه ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، وتطلبه بالتقليد والمحاكاة ، تكليف بما لا يسع العبد في طبعه ، فهو غير مطلوب ، وتكلف العبد ما لا يطيقه كمن يريد شبر البسيطة .

وهذا هو ما تقتضيه (( الفطرة )) التي فطر الله عليها عباده ، ودين الإسلام هو فطرة ( فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ) الآية ، فدين الإسلام ينفجر من ينبوع معنى الفطرة ، وحقيقة الفطرة : ما فطر وخلق عليه الإنسان ظاهرا وباطنا ، أي جسدا وعقلا ، فسير الإنسان على قدميه كما يسر الله له فطرة ، ومحاولة تقليد غيره في المشي ممن يراه أحسن منه مشية معاكسة للفطرة ، وهكذا نطقه بما يسر الله له ، وركب فيه من حباله الصوتية ، واستعداد حنجرته ، ومجاري نفسه ، هذا هو الفطرة .

وقد أحاله الشرع إلى الوازع الباعث حسب الجبلة والخلقة ، ومحاولة العدول عن هذا إلى صوت غيره ، هذا خلاف الفطرة حسا ، ويعاكسها عقلا فالفطرة حسا وعقلا – والإسلام دين الفطرة – أن تجري حواسه في قانونها التي ركبت عليه من لدن حكيم خبير ، وفي قالب الإسلام ، وهذا هو محض العقل ، والعاقل لا يعاكس الفطرة معنى ولا حسا ( يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم . الذي خلقك فسواك فعدلك . في أي صورة ما شاء ركبك ) وقال تعالى : ( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) .

فالمقلد يعدل عن خلق الله له في ذلك التقويم ، ثم يفعل بنفسه الأفاعيل ليتحول إلى صورة ركيكة ؟؟

نعم لا ينكر توافق بعض الأصوات حسنا كان الصوت أو غير حسن ، لكن السامع يميز بين هذا وذلك .

إذا استقر ذلك : فاعلم أن المحدث يتولد منه أمور محدثة ، وهكذا تبدو المحدثات صغارا ، ثم تنمو ، وتزداد ، حتى تتقطع السبيل إلى سبل ، وتغاب السنن .

وقد تولد عن فتنة التقليد : إحياء البدعة المهجورة لدى المتصوفة : (( التعبد بعشق الصوت )) وقد كشف أهل السنة في مبحثي (( عشق الصور ، وعشق الصوت )) بدعية التعبد بهذا العشق ، وأنه فتنة للتابع والمتبوع .

وتولد منها في عصرنا : الازدحام في المساجد التي سبيل إمامها كذلك المحاكاة ، وقد بينت النهي عن تتبع المساجد طلبا لحسن الصوت فيما كتبت عن (( ختم القرآن )) بل بلغنا بخبر الثقات عن مشاهدة منهم أن بعضهم يسافر من بلد إلى آخر في أيام رمضان ليصلي التراويح في مسجد إمامه (( حسن الصوت )) .

فانظروا – رحمكم الله – كيف خرج سياق السنة في النهي عن شد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، والمسجد الأقصى ؟

ومن ولائد ذلك : تكرّه النفوس للصلاة خلف إمام لا يستحسن صوته .

ومنها : انصراف من شاء الله من عباده عن الخشوع في الصلاة ، وحضور القلب … إلى التعلق بمتابعة الصوت الحسن لذات الصوت .

وأنصح كل مسلم قارئ لكتاب الله تعالى ، وبخاصة أئمة المساجد ، أن يكفوا عن المحاكاة والتقليد في قراءة كلام رب العالمين ، فكلام الله أجل وأعظم من أن يجلب له القارئ ما لم يطلب منه شرعا ، زائدا على تحسين الصوت حسب وسعه لا حسب قدرته على التقليد والمحاكاة ، وقد قال الله عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( وما أنا من المتكلفين ) ، وليجتهد العبد في حضور القلب ، وإصلاح النية ، فيقرأ القرآن محسنا به صوته من غير تكلف ، وليجتنب التكلف من الأنغام ، والتقعر في القراءة ، والممنوع من حرمة الأداء .

وينبغي لمن بسط الله يده أن يجتهد في اختيار الإمام – في الصلاة – الأعلم والأتقى والأورع ، السالم في اعتقاده من مرض الشبهة ، وفي سلوكه من مرض الشهوة ، وتقديم حسن الصوت الطبعي على غيره .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى - : (( أما تحسين الصوت ، وتقديم حسن الصوت على غيره ، فلا نزاع في ذلك )) انتهى .

تنبيه : ما تقدم من النهي عن التقليد والمحاكاة في الأصوات هو عام في حق الرجال والنساء ، وإذا قلدت المرأة في صوتها رجل ، كان النهي معللا بالتشبه أيضا .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى - : (( قال الطبري : لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ، ولا العكس . قال ابن حجر : وكذا في الكلام والمشي … إلى أن قال : وأما ذم التشبه بالكلام والمشي ، فمختص بمن تعمد ذلك ، وأما من كان ذلك من أصل خلقته ، فإنما يؤمر بتكلف تركه ، والإدمان على ذلك بالتدريج ، فإن لم يفعل وتمادى دخله الذم … )) انتهى .

والله أعلم )) .

هذا المبحث من كتاب (( تصحيح الدعاء )) - للعلامة (( بكر بن عبد الله أبو زيد )) .
( بتصرف ) = حذفت من المبحث الجزء المتعلق بـ (( أحكام الصوت )) .
ولعله يكون في موضوع مفرد إن شاء الله .
 
من صور المبالغة في تعلم التلاوة هو ان يعيش طوال حياته مع إتقان الحروف واختلاف الروايات ، وللأسف تجده غافلا عن أهم مطلب وهو تدبر آيات الله عز وجل الذي لأجله نزل القرآن قال تعالى : {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }ص29 هذا الموحى به إليك -أيها الرسول- كتاب أنزلناه إليك مبارك؛ ليتفكروا في آياته, ويعملوا بهداياته ودلالاته, وليتذكر أصحاب العقول السليمة ما كلفهم الله به. ( الميسر)
 
ومن ذلك مانلحظه في السنوات الأخيرة من بعض شيوخ الفضائيات ، وعنهم انتشر ، المبالغة في الوقف على التاء المربوطة بالهاء ، حتى كأنك تحس بانفلات شديد للصوت بالهاء ، وذلك نحو " الرحمة ، القيامة " بربوة ...الخ
ولما تذاكرت مع بعض أحبابي حاول إقناعي بأن هذا هو " التحقيق " ، فقلت رحم الله شيوخي وجازاهم عني خير الجزاء .
 
ومن ذلك مانلحظه في السنوات الأخيرة من بعض شيوخ الفضائيات ، وعنهم انتشر ، المبالغة في الوقف على التاء المربوطة بالهاء ، حتى كأنك تحس بانفلات شديد للصوت بالهاء ، وذلك نحو " الرحمة ، القيامة " بربوة ...الخ
ولما تذاكرت مع بعض أحبابي حاول إقناعي بأن هذا هو " التحقيق " ، فقلت رحم الله شيوخي وجازاهم عني خير الجزاء .
وفي المقابل نسمع بعض الشيوخ يعدمون الهاء المتطرفة تماماً في حالة الوقف عليها حتى كأنهم يأتون بحركة ليس بعدها حرف، وكلا الفريقين بين إفراط وتفريط، والله المستعان.
 
من صور المبالغة في تعلم التلاوة هو ان يعيش طوال حياته مع إتقان الحروف واختلاف الروايات ، وللأسف تجده غافلا عن أهم مطلب وهو تدبر آيات الله عز وجل الذي لأجله نزل القرآن
سيدي جمال حفظكم الله ورعاكم،
قد كثُر التأسف على العناية بالتجويد والغفلة عن التبدبر، إنه لشيء مؤسف حقا ! لكن ألا ترون أنه - في أول الأمر - لا توجد أية علاقة، قوية أو واهنة، بين التجويد والتدبر. الأول عمل عضوي بحت، والثاني عمل عقلي بحت. فالجمع بينهما مثل الجمع بين حسن الهندام وطيب الكلام. من الممكن أن يكون كلٌّ من المجود واللاحن متدبرا وألا يكون. ولم يضرب بالسلف المثل في هذا المقام لاستيعاب ما جمعوه من الفضائل، وذلك ليس مستحيلا لكنه متأخم مع المستحيل في حدود برية مفتوحة، وبدون نقاط تفتيش.
ثم إن من جملة المبالغة في التجويد واختلاف الروايات معرفةَ الوقوف، اي حفظ المعنى من التشتت، لفهم الخطاب على الوجه الصحيح، أو الأقرب إلى الصحة. وذلك شيء يستحيل حصوله إلا بالتدبر. هنا - في آخر الأمر - يكون التدبر وسيلة من وسائل باب واحد من أبواب التجويد.
 
جزى الله المشايخ الفضلاء خير الجزاء
بالنسبة لما ذكره فضيلة الشيخ / محمد الحسن ، كلام رائع إذا كان بنحو ماذكرتم، فالعناية بالوقف والابتداء تساعد في تدبر القرآن الكريم، لكن يظل التدبر له خصوصية خاصة ينفرد بها من حيث التذكر والاعتبار والنظر الموصول إلى هداية القلب والعمل.
قال ابن تيمية: وهذا كثير في القرآن يأمر ويمدح التفكر والتدبر والتذكر والنظر والاعتبار والفقه والعلم والعقل والسمع والبصر والنطق ونحو ذلك من أنواع العلم وأسبابه وكماله ويذم أضداد ذلك (2) (2) الاستقامة: (2/ 159)
قال ابن القيم: وأما التأمل في القرآن: فهو تحديق ناظر القلب إلى معانيه وجمع الفكر على تدبره وتعقله وهو المقصود بإنزاله لا مجرد تلاوته بلا فهم ولا تدبر (5) مدارك السالكين (1/451)
ويعني في اللغة : النظر في عواقب الأمور وما تصير إليه الأشياء. أي أنه يتجاوز الحاضر إلى المستقبل، وقيل هو العلم بكتاب الله جل وعلا والعمل على تحقيق وتحديق النظر في ما يبلغه المعنى القرآني المَدِيدُ من درجات الهداية إلى الصراط المستقيم. وهذا نظر لا يتناهَى ، فإن المعنى القرآني له أصل يبدأ منه ولكن منتهاه لا يكاد يبلغه أحدٌ من العباد، فصاحب القرآن الكريم في سفر دائم طلبًا للمزيد من المعنى القرآني، وكلّ تَعَقُلٍ وتَفَكُّرٍ وتَفَقُّهٍ وتَفَهُّمٍ للبيان القرآني لا يحقق العلم بدرجة من درجات الهداية إلى الصراط المستقيم لا يكون من تدبر القرآن الكريم في شيْءٍ. (1) معالم الطريق إلى فقه المعنى القرآنيّ ، د. محمود توفيق محمد سعد ص: (11)

أقول بارك الله فيكم : حتى الوقف والابتداء إن لم يكن فيه هذا الحس يصير علم آله، فيعش القارئ مع التعلق اللفظي، وتعلق المعنى وجوده من عدمه، وقد يغفل عن المقاصد والغايات والعبر والمواعظ إلا أن يوفقه الله للجمع بين ذلك فيتم الله نعمته عليه وهذا من توفيق الله للعبد وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
بوركت وجميع الأخوة الكرام وهدانا ربنا الرحمن الرحيم إلى صراطه المستقيم.
 
ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله : ذكر تلبيسه على القراء
فقال : فمن ذلك أن أحدهم يشتغل بالقراآت الشاذة وتحصيلها فيفني أكثر عمره في جمعها وتصنيفها والأقراء بها ويشغله ذلك عن معرفة الفرائض والواجبات فربما رأيت إمام مسجد يتصدى للأقراء ولا يعرف ما يفسد الصلاة وربما حمله حب التصدر حتى لا يرى بعين الجهل على أن يجلس بين يدي العلماء ويأخذ عنهم العلم1 ولو تفكروا لعلموا أن المراد حفظ القرآن وتقويم ألفاظه ثم فهمه ثم العمل به ثم الإقبال على ما يصلح النفس ويطهر أخلاقها ثم التشاغل بالمهم من علوم الشرع ومن الغبن الفاحش تضييع الزمان فيما غيره الأهم .. ا هـ انظر تلبيس ابليس (110).
 
ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله : ذكر تلبيسه على القراء
فقال : فمن ذلك أن أحدهم يشتغل بالقراآت الشاذة وتحصيلها فيفني أكثر عمره في جمعها وتصنيفها والأقراء بها ويشغله ذلك عن معرفة الفرائض والواجبات فربما رأيت إمام مسجد يتصدى للأقراء ولا يعرف ما يفسد الصلاة وربما حمله حب التصدر حتى لا يرى بعين الجهل على أن يجلس بين يدي العلماء ويأخذ عنهم العلم1 ولو تفكروا لعلموا أن المراد حفظ القرآن وتقويم ألفاظه ثم فهمه ثم العمل به ثم الإقبال على ما يصلح النفس ويطهر أخلاقها ثم التشاغل بالمهم من علوم الشرع ومن الغبن الفاحش تضييع الزمان فيما غيره الأهم .. ا هـ انظر تلبيس ابليس (110).
 
فقال : فمن ذلك أن أحدهم يشتغل بالقراآت الشاذة وتحصيلها فيفني أكثر عمره في جمعها وتصنيفها والأقراء بها ...
هذا الصنف غير موجود في هذا الزمان، ولله الحمد والمنَّة.
 
الحمد لله رب العالمين فمن خلال تجربتي في حلق القران وجدت ان الطريقه العمليه لتطبيق الاحكام هي اعطاء الدارسه آلية فتح الفك قبل الشروع في قرآة القرآن بحيث تقرأ مقطع من مقال او فائده تتدرب خلالها على فتح الفك وتقوية قرآتها للكلمات والاحرف ومن بعد ذلك تبدأ في قرآة القران ((فتستشعر هي الايات وتتدبرها ))ويسهل لديها تطبيق الاحكام في مدة وجيزه
 
كلام صحيح يا شيخ محمد لكن هذا الصنف موجود بطريقة أخرى وهي الانشغال بالحفظ والتجويد والقراءات أكثر عمره وهو بين فتح وضم ولم يعط قدرا يليق بتدبر القرآن -كما فعل مع الحروف - الذي سيدفعه إلى إلإيمان والعمل ، فتراه ينفع غيره وينسى نفسه ... .. كما قال رحمه الله ............ولو تفكروا لعلموا أن المراد حفظ القرآن وتقويم ألفاظه ثم فهمه ثم العمل به ثم الإقبال على ما يصلح النفس ويطهر أخلاقها ثم التشاغل بالمهم من علوم الشرع ومن الغبن الفاحش تضييع الزمان فيما غيره الأهم .. ا هـ انظر تلبيس ابليس (110).
ولذلك مما أنصح أن يحاول البحث دائما عن أصحاب الإتقان والتحرير، حتى ينهي مرحلة التجويد، ويتفرغ لمرحلة التدبر والعناية بالوقف والابتداء تعلما وتعليما.
 
الشيخ الفاضل جمال حفظكم الله إن كان مقصودكم أن المشكلة هي عدم تدبر القرآن الذي يدفع إلى الإيمان والعمل فمعكم حق، وقد أشار ابن الجزري رحمه الله في نشره إلى نحو هذا الكلام بقوله: "وقال بعضهم: نزل القرآن ليعمل به فاتخذوا تلاوته عملاً" اهـ.

أما إذا كان اعتراضكم على الانشغال بحفظ القرآن وتجويده وقراءاته ـ وأنزهكم عن ذلك ـ فهو اعتراض فيه نظر؛ إذ لا تعارض أبداً بين الجمع بين ذلك كله، بمعنى أننا إن رأينا تقصيراً من شخص في جانب العمل أو الغفلة عن جانب التدبر والفهم فالموقف الصحيح أن نحثه على إكمال النقص الذي عنده، لا أن نزهده في ترك الاهتمام بجانب التلاوة والأداء، والبحث في القراءات القرآنية.


ولو تأملنا في كلام ابن الجوزي
رحمه الله الذي تفضلتم بنقله ـ بارك الله فيكم ـ لوجدنا أنه يحث على الاهتمام بجانب الحفظ، وتقويم الألفاظ، والفهم والعمل به، أي أن ذلك كله مطلوب تحصيله.

أما عن المهم من علوم الشريعة فلا شك أن علوم الشريعة كلها مهمة، وعلى رأسها الأداء الصحيح للقرآن الكريم، وتحصيل قراءاته الثابتة عن النبي
صلى الله عليه وسلم، ولا أعتقد أن ابن الجوزي رحمه الله يرى أن الانشغال بالقرآن الكريم حفظاً وأداءً وإتقاناً لقراءاته من الغبن الفاحش، ثم إن علوم الشريعة الأمة بأجمعها واجب عليهم الحفاظ عليها، وتحصيلها، وتعلمها وتعليمها، وبذلك تكون الأهمية نسبية، بمعنى أن الشخص الذي يحتاج إليه في تعليم القراءات وعلومها يكون هذا العلم في حقه هو الأهم، والذي يحتاج إليه في تعليم الفقه يكون الانشغال في حقه بتحصيل هذا العلم هو الأهم، ولو اتجه الناس إلى علم واحد واعتباره أهم من غيره لضيعوا بقية العلوم، ولوقع الإثم عليهم جميعاً، وطالب العلم الذي اتجه إلى القرآن وعلومه تعلماً وتعليماً وإقراءً فلا شك أن بحثه في هذا المجال، وتوسيع الاطلاع على هذا التخصص في حقه أولى، مع مراعاة الاهتمام بما لا يستغني عنه من العلوم الأخرى، والحرص قدر المستطاع على فهم القرآن وتدبر معانيه، وتطبيق أحكامه، كما أنه ينبغي لمن كان اهتمامه بأي علم من العلوم الشرعية الأخرى أو غيرها من العلوم أن يبدأ بإتقان القرآن الكريم حفظاً وتلاوة، ثم يشرع في غيره من العلوم، لا أن يكون في قراءة القرآن أشبه ما يكون بالعوام، وإنما أطلت الكلام في هذا السياق لما سمعته من بعض العلماء من تزهيد في الانشغال بتجويد القرآن وقراءاته، والحكم على أن تعلم التجويد والقراءات هو انشغال بما لا ليس له كبير فائدة، وهي نظرة قاصرة لا شك في ذلك ولا ريب، والله المستعان.
 
بوركت وأحسنت الإتقان مطلوب والتخصص مطلوب، لكن مع عدم الغفلة عن التدبر والعمل، فينفع غيره ولا ينفع نفسه. هذه هي الخلاصة والتوسط خير الأمور.
فالذين يحرص على التدبر يكون دائم التذكر والتأثر بآيات الله فيرق قلبه، ويزكي نفسه، ويخشع لله سبحانه، ويتنافس على الخيرات، بخلاف الذي كان جل همه إقامة الحروف والتعرف على اختلاف الرويات ، وكان غافلا عما سبق، فلا يظهر أثر القرآن على جوراحه ولا لسانه ، ولا أفعاله ...... فإلى أين يذهب ..... نسال الله العفو المعافاة في الدنيا والآخرة
أما إن جمع بين ذلك فهو الذي أريده ، وأقصده ونتمناه في حملة القرآن كما قال ربنا ( كونوا ربانين بما كنتم تعلمون الكتاب) علماء حكما فقهاء قادة للناس في أمر دينهم ودنياه.
رزقنا الله وإياكم التوفيق والسداد في القول والعمل.
 
رد: التحذير من التعسف في القراءة والتكلف

ومن صور التعسف :
المبالغة في التحقيق الزائد للحركات :
ذكر لي نخبة من أعلام القراء بعض التعسفات المتربة على القسوة والشدة على الحركة لأجل التحقيق .
والتحقيق مطلب ومهم لكن لما زاد عن حده انقلب ضده، وأخرج الكلام عن مساره
وهذا الموضوع يصعب إيضاحه إلا بالتطبيق العملي والمشافهة لكن أحاول ذكر بعض الأمثلة
فمثلا لو بالغ في تحقيق كسرة الشين في كلمة ( وبشر المؤمنين) أي زاد الكسرة عن حدها وبالغ في أدئها،
يحول الكلام عن مساره من مخاطب إلى مخاطبة فتقرأ لحنا (وبشري المؤمنين)
وقد يقول قائل : الياء حذفت للتخلص من التقاء الساكنين فلا داعي لهذا التوهم ، فيكون الرد
حاول أن تقول خارج القرآن ( يا أحمد بشر المؤمنين) ، ويا سمية بشري المؤمين)
ستجد الفرق الواضح في الصوت، مع حذف الياء حذفت وصلا .
وليست القضية قضية تحول مسار المعنى بقدر ما هو خلل بأداء الكلمة، فقد لا يتلفت لذلك التوهم الكثير نظرا لمعرفة السياق .
وكنت أسأل المشايخ فكانوا يقولون هو إعوجاج في القراءة ، وتعسف في أداء الحركة.
كما في كلمة ( اشرح لي) فقد يقرأها البعض ( اشرحلي) وكان المشايخ يؤكدون على الفصل بين ( اشرح ، وكلمة لي) بإبراز اللام كي تفصل عما بعدها.
ولا يضبط ذل إلا بالتلقي ويمكنك الاستماع للمشايخ في سلسلة زاد المقرئين الصوتية موجودة على الموقع
شرطي لقاءات مع ثلة من أعلام القراء المعاصرين
 
رد: التحذير من التعسف في القراءة والتكلف

ومن ذلك الضغط الزائد أو المبالغة فيه على الحرف السابق للأخير يمكن أن يؤدي إلى تشديده
مثال ذلك لو بالغ في زيادة الصوت في الميم في ( وانشق القمر ) ستكون مشددة على مثال ( وكل أمر مستقرّ) ففي هذا الموضع يحتاج إلى هذا الصوت على القاف إذ الراء مشددة ، وهكذا ينبغي الحذر من التشديد في ( مزدجر ) ، و( النذر) ، و( نكر)
كل ذلك يحتاج إلى تطبيق معتدل للحركة قبل الحرف السابق للأخير كي لا يؤدي ذلك إلى تشديد الحرف الأخير.
ومثال ذلك أيضا :
الباء في كلمة ( وتب) في قوله ( تبت يدا أبي لهب وتبَّ ) فهي مشددة تحتاج إلى بيان التشديد ويكون ذلك من خلال توكيد الصوت على التاء.
أما الباء في ( كسبَ) ، و( لهبٍ ) ، و( الحطبِ) لا تحتاج لأنها مخففة .
وكل ذلك لا يضبط إلى بالتقي على القراء المهرة.
يمكنك الاستماع عمليا لذلك لأصوات نخبة من أعلام القراء المشايخ لسلسلة زاد المقرئين الصوتية. شريطي لحن القراءة
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
 
ومن صور التعسف :
المبالغة في التحقيق الزائد للحركات[/COLOR‏[‏
فمثلا لو بالغ في تحقيق كسرة الشين في كلمة ( وبشر المؤمنين) أي زاد الكسرة عن حدها وبالغ في أدئها،
يحول الكلام عن مساره من مخاطب إلى مخاطبة فتقرأ لحنا (وبشري المؤمنين)
وقد يقول قائل : الياء حذفت للتخلص من التقاء الساكنين فلا داعي لهذا التوهم ، فيكون الرد
حاول أن تقول خارج القرآن ( يا أحمد بشر المؤمنين) ، ويا سمية بشري المؤمين)
ستجد الفرق الواضح في الصوت، مع حذف الياء حذفت وصلا.

الشيخ جمال بارك الله فيكم ،أظن شيخنا أنكم تقصدون إشباع حركة الراء وليس الشين ،فإن كان غير ذلك فأرجوا زيادة إيضاح ،والله يحفظكم
 
رد: التحذير من التعسف في القراءة والتكلف

الشيخ الفاضل / أحمد نجاح وفقه الله ، جزاك الله خيرا على حرصك ومتابعتك
أما بالنسبة لسؤالكم بارك الله فيكم ، أنا أقصد المبالغة في تحقيق كسرة الشين، ليس لأجل إشباع الحركة، سواء للشين ، أو الراء ، لأنها لو أشبعت الشين لصارت ( وبشيري) وهذا لم أذكره .
وأما إشباع الراء فلا يظهر للوجود ساكن بعدها ، للتخلص من التقاء الساكنين، إذا ليس هناك إشباع في الأداء نطقا. لكن مع هذا تلاحظ الفرق واضح بين الصوتين
مثال آخر: عند نطق: (فاصفح الصفح) .
جرب وقل لغة : يا احمد اصفح الصفح ، ويا سميه اصفحي الصفح.
ستجد أن المبالغة في رفع الصوت في الحرف السابق للآخير وهو ( الفاء) يؤدي إلى ذلك اللحن ، بدون إشباع للحركة سواء للفاء ، لأنها لا تقرأ ( فاصفاحي) أو الحاء لأنها تحذف عند الوصل للتخلص من التقاء الساكنين، ومع كل هذا نلاحظ الفرق واضح عندما يكون للمخاطب، والمخاطبة.
تنبيه : كل ما ذكر لا يمكن أن يضبط إلا لمن تلقى وضبط وشافه على يد المشايخ المهرة.
أسأل الله أن يوفقك لكل خير وكل من قرأ ، واطلع ، وجميع المؤمنين

لك خالص وتقديري
 
بارك الله فيكم شيخنا ، اتضحت الرؤيا تماما ، وفهم المراد .
والسلام عليكم
 
وأضيف لما ذكر إخواني بارك الله فيهم، أن من القراء اليوم عندما يقرأ يُقَلقِلُ أغلب الحروف التي يمر عليها، ويخرج لها صوتاً ثانيا؛ ظانّاً أنَّ هذا هو التحقيق، ويفتح فمه، ويفخم صوته في حروف ليست هذه صفتها، وعندما يقف على العارض للسكون؛ وخصوصا الواو والنون مثل :( مفلحون ) تراه يفتح فمه على الواو قبل إنتهاء الصوت، ولا يضم شفتيه للواو فيكون مخرج الواو خطأ .
 
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
ومن صور التعسف المبالغة في همس التاء الساكنة فيؤدي ذلك إلى زيادة سين بعد التاء .
كما في ( كورت، وانكدرت) تقرأ لحنا : كورتس، وانكدرتس
حاول أن تفكر مالسبب الذي أدى إلى ذلك؟
وفقنا الله الله وإياكم لكل خير وهدى
وجعلنا من الذين يقيمون حدوده قبل حروفه اللهم أمين
 
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
ومن صول التعسف المبالغة في تطبيق أداء الراء ما بين كاتم لها بالكلية ، سبب ضياع توسطها وما بين فاقد لمخرجها بالكلية ظنا منه أنه يتجنب التكرار ، وما بين مطط لها.
 
بارك الله فيكم ورفع قدركم على هذه الملاحظات الثمينة , والشكر موصول لكل من شارك وأضاف فوائد في هذا الموضوع .
ولم يزل هناك المزيد , فليتنا نتواصى على الإتمام أو التفصيل في بعض أمثلة الأخطاء التي أُجملت لتكون مرجعا مفيدا لمعلم القرآن , ولعلي إن تفرغتُ أعود فأدون بعضا من ذلك بإذن الله .
وجوزيتم خيرا
 
بارك الله فيكم نعم لا للمبالغة ولا لتساهل أيضا فالوسطية والاعتدال هو المطلوب . أما أخطر ما يلبس عليه إبليس في نظري هو ما سماه الغزالي رحمه الله التخلي عن موانع الفهم حيث قال: التخلي عن موانع الفهم فإن أكثر الناس منعوا عن فهم معاني القرآن لأسباب وحُجُبٍ أسدلها الشيطان على قلوبهم فعميت عليهم عجائب أسرار القرآن وحجب الفهم أربعة، أولها: أن يكون الفهم منصرفا إلى تحقيق الحروف بإخراجها، فهذا يكون تأمله مقصورا على مخارج الحروف فأنى تنكشف له المعاني؟ ثانيها: أن يكون مقلدا لمذهب سمعه بالتقليد وجمد عليه وثبت في نفسه التعصب له بمجرد الاتباع للمسموع من غير وصوله إليه ببصيرة ومشاهدة. فهذا شخص قيده معتقده عن أن يجاوزه فلا يمكنه أن يخطر بباله غير معتقده فصار نظره موقوفا على مسموعه. والله أعلم
 
تلخيص أدلة التحذيرُ من التعَسُّف والغلو والتكلف في الأداء
والذي يكون سببا رئيس في اشغال القارئ عن التدبر
قال العلامة السخاوي :
يَا مَنْ يَرُومُ تِلاَوَةَ الْقُرْآنِ ... وَ يَرُودُ شَأْوَ أَئِمَّةِ الإِتْقَانِ
لاَ تَحْسَبِ التَّجْوِيدَ مَداًّ مُفْرِطاً ... أَوْ مَدَّ مَا لاَ مَدَّ فِيهِ لِوَانِ
أَوْ أَنْ تُشَدِّدَ بَعْدَ مَدٍّ هَمْزَةً ... أَوْ أَنْ تَلُوكَ الْحَرْفَ كَالسَّكْرَانِ
أَوْ أَنْ تَفُوهَ بِهَمْزَةٍ مُتَهَوِّعاً ... فَيَفِرَّ سَامِعُهَا مِنَ الْغَثَيَانِ
لِلْحَرْفِ مِيزَانٌ فَلاَ تَكُ طَاغِياً ... فِيه وَلاَ تَكُ مُخْسِرَ الْمِيزَانِ
قَالَ الإِمَامُ مَكِّي بْنُ أَبِي طالبٍ رَحِمَهُ اللهُ: يجب على القارئ أن يتَوسَّطَ اللفظَ بها، ولا يتعسَّف في شِدَّة إخراجها إذا نَطَق بها، لكنْ يخرِجها بلطافةٍ ورِفْق، لأنها حرْفٌ بَعُد مَخْرَجه، فصَعُب اللفظُ بها لصعوبته . اهـ، الرعاية : ص/ 145.
قَالَ العَلامَةُ أبو الحسن الصفاقيسي: وقد كان العالمون بصناعةِ التجويد يَنْطِقُونَ بها سَلِسَةً، سهلةً برفْقٍ، بلا تعَسُّف، ولا تكلُّف، ولا نبرةٍ شديدةٍ، ولا يتمكن أحدٌ من ذلك إلا بالرياضةِ، وتلقِّي ذلك من أفواه أهلِ العِلْم بالقراءة، اهـ تنبيه الغافلين وإرشاد الجاهلين: ص/47 .
قال الإمام ابن الجوزي في تلبيس إبليس:
فصل: وقد لبس إبليس على بعض المصلين في مخارج الحروف فتراه يقول ﭽ ﭖ ﭼﭽ ﭖﭼ فيخرج باعادة الكلمة عن قانون أدب الصلاة وتارة يلبس عليه في تحقيق التشديد وتارة في إخراج ضاد ﭽ ﭰ ﭼولقد رأيت من يقول ﭽ ﭰ ﭼفيخرج بصاقة مع إخراج الضاد لقوة تشديده وإنما المراد تحقيق الحرف فحسب وإبليس يخرج هؤلاء بالزيادة عن حد التحقيق ويشغلهم بالمبالغة في الحروف عن فهم التلاوة وكل هذه الوساوس من إبليس.
قال الذهبي :(فالقرَّاء المُجَوِّدة: فيهم تنطع وتحرير زائد يؤدِّي إلى أن المجود القارئ يبقى مصروف الهمة إلى مراعاة الحروف والتنطع في تجويدها بحيث يشغله ذلك عن تدبر معاني كتاب الله تعالى, ويصرفه عن الخشوع في التلاوة, ويخليه قوي النفس مزدرياً بحفاظ كتاب الله تعالى, فينظر إليهم بعين المقت وبأن المسلمين يلحنون, وبأن القراء لا يحفظون إلا شواذ القراءة, فليت شعري أنت ماذا عرفت وماذا عملت؟! فأما عملك فغير صالح, وأما تلاوتك فثقيلة عرية من الخشعة والحزن والخوف, فالله تعالى يوفقك ويبصرك رشدك ويوقظك من مرقدة الجهل والرياء . وضدهم قراء النغم والتمطيط, وهؤلاء من قرأ منهم بقلب وخوف قد ينتفع به في الجملة, فقد رأيت منهم من يقرأ صحيحاً ويطرب ويبكي, ورأيت منهم من إذا قرأ قسَّى القلوب, وأبرم النفوس, وبدّل الكلام, وأسوأهم حالاً الجنائزية.
وأما القراءة بالروايات وبالجمع فأبعد شيء عن الخشوع, وأقدم شيء على التلاوة بما يخرج من القصد, وشعارهم في تكثير وجوه حمزة وتغليظ تلك اللامات وترقيق الراءات . اقرأ يا رجل وأعفنا من التغليظ والترقيق وفرط الإِمالة والمدود ووقوف حمزة, فإلى كم هذا؟! وآخر منهم إن حضر في ختم, أو تلا في محراب, جعل ديدنه إحضار غرائب الوجوه والسكت والتهوع بالتسهيل, وأتى بكل خلاف, ونادى على نفسه: ((أنا فلان, اعرفوني فإني عارف بالسبع)). إيش نعمل بك؟ لا صبحك الله بخير, إنك حجر منجنيق, ورصاص على الأفئدة). انتهى.
قال الحافظ أبو عمرو الداني رَحِمَهُ اللهُ: فليسَ التجويدُ بتمضيغ اللِّسَان، ولا بتقعيرِ الفَمِ ولا بتعويج الفكّ، ولا بترعيد الصوتِ، ولا بتمطيط المشدد، ولا بتقطيع المَدِّ، ولا بتطنين الغُنَّات، ولا بحصرَمة الرَّاءات، قِراءةً تنفر منها الطِباعُ، وتمُجُّها القلوبُ والأسماعُ، بل القراءة السهلةُ، العذبةُ، الحلوة اللطيفة، التي لا مَضْغَ فيها، ولا لَوكَ ولا تعَسُّفَ، ولا تكلُّف، ولا تصنُّعَ، ولا تنطُّعَ، ولا تخرج عن طباعِ العرب، وكلامِ الفصحاء بوجْهٍ من وجوه القراءاتِ والأداء . اهـ(1) .
قَالَ الإِمَامُ ابْنُ الجزري: فالتجويد حلية التلاوة، وزينة القراءة، وهو إعطاءُ الحُرُوفِ حقوقها، وترتيبها مراتبها، وردُّ الحَرْف إلى مَخْرَجه وأصله، وإلحاقِه بنظيره، وتصحيحِ لفظه، وتلطيفِ النُطْق به على حالِ صيغته، وكمالِ هيئته، منْ غير إسراف، ولا تعسُّف،ولا إفراط ولا تكلُّف.
بقوله: " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ القُرْءان غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءةِ ابن أُمِّ عَبْدٍ" ابن ماجه/ 135 ، يعني عبد الله بن مسعود(2) .rوإلى ذلك أشار النبي
 
من البحوث التي كتبتها منذ أكثر خمسة وعشرين عاما وهي مهمة لحملة القرآن الكريم ( أثر التعسف والتكلف على القرءاة أسباب ذلك وعلاجه) في بحوث متفرق من كتبي مثل زاد المقرئين وعلم التجويد للمجتهدين والمخارج والصفات وهي تعتمد على الدراسة العملية التطبيقية التي يقع فيها حملة القرآن الكريم أو المعلمين
 
التعسف والتكلف آفة ووباء خطير على المقرئ يبعده عن التدبر والفهم ويشق عليه القراءة ويحرف مسار الكلمة فيجب على القارئ أن يختار ويبحث عن الشيوخ الذين تميزوا في هذا الجانب خاصة مع ضمان التحقيق التام لجميع الأحكام بدون إفراط ولا تفريط
 
عودة
أعلى