الاستشارة في القرآن الكريم

السراج

New member
إنضم
03/09/2008
المشاركات
213
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الاستشارة في القرآن الكريم
بحث مفيد لفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور ناصر بن سليمان العمر
حفظه الله ورعاه​
 
جزاك الله خيرا على هذا البحث الماتع المفيد.
وسأذكر بعض الاستنباطات والفوائد التي ذكرها الشيخ تشويقا للإخوة لقراءة البحث, وللفائدة:
- أهمية الشورى:

1- إن الله -سبحانه- أمر نبيه صل1 أن يستشير أصحابه، وأثنى على المؤمنين بأن أمرهم شورى بينهم، وجعل من شروط فطام الصبي أن يكون عن تراض وتشاور، وأن يأتمروا بينهم بمعروف.
2- ذكر الله -جل وعلا- في القرآن الكريم أن فرعون -ومن هو في جبروته وطغيانه؟- قد مارس الشورى في أكبر قضية واجهته في ملكه؛ وهي قضية موسى -عليه السلام- فاستشار قومه ماذا يفعل تجاه ذلك؟ (فَمَاذَا تَأْمُرُونَ)[ سورة الأعراف، الآية: 110 ] وملكة سبأ استشارت قومها في قضيتها مع سليمان -عليه السلام- (مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ)[ سورة النمل، الآية: 32 ] وعزيز مصر يأخذ رأي قومه في رؤيا رآها. (يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيايَ)[ سورة يوسف، الآية: 43 ].
3- بيّن الله في سورة يوسف ممارسة إخوة يوسف للشورى مرتين، عند محاولة التخلص من يوسف، وعند حدوث مشكلة السرقة (خَلَصُوا نَجِيّاً)[ سورة يوسف، الآية: 80 ]. .....
10- قال الشيخ عبد الله بن حميد -رحمه الله-: إن الله -تعالى- ذكرها في سورة الشورى بين فرضين الصلاة والزكاة. فقال: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)[ سورة الشورى، الآية: 38 ].
ومفهوم كلام الشيخ أن هذا دليل على مكانة الشورى وأهميتها. ومن خلال ما سبق تتضح أهمية الشورى، وأن هذا الموضوع جدير بالبحث والتوضيح؛ لرسم حدوده ومعالمه، وبيان أسسه وقواعده.

- النبي صل1 يشاور أصحابه! نقل الشيخ كلام ابن الجوزي حول قوله (((وشاورهم في الأمر))) فقال:
وقال ابن الجوزي في تفسيره لهذه الآية:
اختلف العلماء لأي معنى أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بمشاورة أصحابه -مع كونه كامل الرأي، تام التدبير- على ثلاثة أقوال:
أحدها: ليستن به من بعده، وهذا قول الحسن وسفيان بن عيينة.
الثاني: لتطييب قلوبهم، وهو قول قتادة، والربيع، وابن إسحاق، ومقاتل، قال الشافعي -رحمه الله-: نظير هذا قوله صلى الله عليه وسلم " البكر تستأمر فيها نفسها " . إنما أراد استطابة نفسها، فإنها لو كرهت كان للأب أن يزوجها وكذلك مشاورة إبراهيم -عليه السلام- لابنه حين أمر بذبحه.
الثالث: للإعلام ببركة المشاورة، وهو قول الضحاك.
ثم نقل كلاما لسيد قطب فقال:
"لقد جاء هذا النص عقب وقوع نتائج للشورى تبدو في ظاهرها خطيرة مريرة، فقد كان من جرائها ظاهريا وقوع خلل في وحدة الصف المسلم. اختلفت الآراء قبل معركة أحد، فرأت مجموعة أن يبقى المسلمون في المدينة محتمين بها، وتحمست مجموعة أخرى، فرأت الخروج للقاء المشركين، وكان من جراء هذا الاختلاف ذلك الخلل في وحدة الصف، إذ عاد عبد الله بن أبي بثلث الجيش (كما وقعت الهزيمة في المعركة)."
ولقد كان من حق القيادة النبوية أن تنبذ مبدأ الشورى كله بعد المعركة، أمام ما أحدثته من انقسام في الصفوف في أحرج الظروف، وأمام النتائج المريرة التي انتهت إليها المعركة. (هكذا قد يبدو لنا الأمر)، ولكن الإسلام كان ينشئ أمة، ويربيها، ويعدها لقيادة البشرية، وكان الله يعلم أن خير وسيلة لتربية الأمة وإعدادها للقيادة الرشيدة أن تربى بالشورى، وأن تدرب على حمل التبعة، وأن تخطئ لتعرف كيف تصحح خطأها، وكيف تحمل تبعات رأيها وتصرفها، فهي لا تتعلم الصواب إلا إذا زاولت الخطأ، والخسائر لا تهم إذا كانت الحصيلة هي إنشاء الأمة المدربة، المدركة، المقدرة للتبعة.
إن وقوع تلك الأحداث، ووجود تلك الملابسات لم يلغ هذا الحق، لأن الله -سبحانه وتعالى- يعلم أنه لا بد من مزاولته في أخطر الشئون، ومهما تكن النتائج، ومهما تكن الخسائر، فهذه كلها جزئيات، لا تقوم أمام إنشاء الأمة الراشدة، المدربة بالفعل على الحياة، المدركة لتبعات الرأي والعمل، الواعية لنتائج الرأي والعمل، ومن هنا جاء هذا الأمر الإلهي في هذا الوقت بالذات (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)( ) [ سورة آل عمران، الآية: 159 ].
إن حقيقة الشورى هي تقليب أوجه الرأي، واختيار اتجاه من الاتجاهات المعروضة، فإذا انتهى الأمر إلى هذا الحد انتهى دور الشورى، وجاء دور التنفيذ، التنفيذ في عزم وحسم، وفي توكل على الله

- ليس من الشورى:
نقل عن ابن عاشور في تفسير قوله تعالى: (((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ))) [سورة البقرة، الآية: 30 ].
* قال :وقول الله هذا موجه إلى الملائكة على وجه الإخبار، ليسوقهم إلى معرفة فضل الجنس الإنساني، على وجه يزيل ما علم الله أنه في نفوسهم من سوء الظن بهذا الجنس، وليكون كالاستشارة لهم تكريما لهم، فيكون تعليما في قالب تكريم، مثل إلقاء المعلم فائدة للتلميذ في صورة سؤال وجواب، وليسنّ الاستشارة في الأمور، ولتنبيه الملائكة على ما دق وخفي من حكمة خلق آدم، كذا ذكر المفسرون، وعندي -الكلام لابن عاشور- أن هذه الاستشارة جعلت لتكون حقيقة مقارنة في الوجود لخلق أول البشر، حتى تكون ناموسا أشربته نفوس ذريته، لأن مقارنة شيء من الأحوال والمعاني لتكوين شيء ما تؤثر تآلفا بين ذلك الكائن وبين المقارن .
الموضع الثاني:
قال -تعالى- في سورة الصافات: (((فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ))) [ سورة الصافات، الآية 102 ].
قال الإمام الطبري: فإن قال قائل: أو كان إبراهيم يؤامر ابنه في المضي لأمر الله، والانتهاء إلى طاعته؟ قيل: لم يكن ذلك منه مشاورة لابنه في طاعة الله، ولكنه كان منه ليعلم ما عند ابنه من العزم، هل هو من الصبر على أمر الله على مثل الذي هو عليه، فيسر بذلك أم لا!! وهو في الأحوال كلها ماض لأمر الله .
ثم قال حفظه الله: إن هاتين الآيتين قد تبدو الشورى في ظاهر سياقهما، ولكن عند النظر في تفسيرهما، ندرك أنه لا شورى فيهما، لأن الاستشارة الحقيقية هي استخراج الرأي للإفادة منه من قِبَل المستشير، وذلك بالعمل به إن كان صوابا، وليس من هذا شيء في هاتين الآيتين كما ذكر المفسرون.
فالموضع الأول: الله غني عن رأي أحد من المخلوقين.
والموضع الثاني: قد جاء الأمر فيه من الله، وليس بعد أمر الله أمر ولا خيار (((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ))) [ سورة الأحزاب، الآية: 36 ].

الخ تلك الفوائد
 
أفيدكم أنه قد طبع الكتاب في دار الحضارة في هذا العام..
 
ذكر الشيخ وفقه الله أهداف الاستشارة وآثارها فقال :
أهداف الاستشارة وآثارها:
هناك أهداف نسعى لتحقيقها من خلال الاستشارة، وإذا تحققت المشاورة على وجهها الصحيح فإن لها من الآثار الإيجابية ما لا يخفى.
وللتداخل بين الأهداف والآثار فسأذكرهما معا دون تمييز لهما، وبخاصة أن ما سأذكره قد يكون هدفا وأثرا في آن واحد، وسأقتصر على أهم الأهداف والآثار غير مستقص لذلك ([1]).
1- إن الاستشارة إذا توافر فيها ركنا الإخلاص والمتابعة فهي عبادة لله، يرجو العبد فيها ثواب الله، لأن الله قد أمر بها وشرعها، وفعلها رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان كذلك فهو أمر مشروع متعبد به، سواء أكان عبادة واجبة أم مندوبة ([2]).
2- البحث عن الحق والصواب ضمن المنهج الشرعي، والوصول إلى أقرب الوسائل الملائمة للأمر المتشاور فيه. قال ابن الجوزي عند تفسيره لقوله -تعالى-: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)([3]) [ سورة، آل عمران، الآية: 159 ].
قال علي رضي الله عنه "الاستشارة عين الهداية، وقد خاطر من استغنى برأيه".
* وقال بعض الحكماء: "ما استُنبط الصواب بمثل المشاورة، ولا حُصنت النعم بمثل المواساة، ولا اكتسبت البغضاء بمثل الكبر".
* قال ابن الجوزي: "ومن فوائد المشـاورة أنه قد يعزم على أمر، فيبين له الصواب في قول غيره".([4]).
* وقال قتادة: "وإن القوم إذا شاور بعضهم بعضا، وأرادوا بذلك وجه الله عزم لهم على أرشده" ([5]).
* وقال الحسن: "ما شاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم" ([6]).
* وقال الطبري: "فإنهم إذا تشاوروا مستنين بفعله في ذلك على تصادق وتآخ للحق، وإرادة جميعهم للصواب، من غير ميل إلى هوى، ولا حيد عن هدى، فالله مسددهم وموفقهم" ([7]).
3- تأليف القلوب وجمع الكلمة، وسد منافذ الشر، والقيل والقال، وأدعى لقبول الأمر الناتج عن تشاور.
* قال الطبري: أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)([8]) [سورة آل عمران، الآية: 159] بمشاورة أصحابه في مكايد الحرب، وعند لقاء العدو، تطييبا منه بذلك أنفسهم، وتألفا لهم على دينهم([9]).
* قال قتادة: أمر الله U نبيه صلى الله عليه وسلم أن يشاور أصحابه في الأمور، وهو يأتيه وحي السماء، لأنه أطيب لأنفس القوم([10]).
* وقال ابن إسحاق: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)([11]) [ سورة آل عمران، الآية: 159 ] أي: لتريهم أنك تسمع منهم وتستعين بهم، وإن كنت عنهم غنيا تؤلفهم بذلك على دينهم ([12]).
* وقال ابن الجوزي: أمر الله نبيه بمشاورة أصحابه، مع كونه كامل الرأي، تام التدبير على ثلاثة أقول:
* وذكر الأول ثم قال: الثاني: لتطيب قلوبهم، وهو قول قتادة والربيع وابن إسحاق ومقاتل، قال الشافعي: نظير هذا قوله صلى الله عليه وسلم " البكر تستأمر في نفسها " إنما أراد استطابة نفسها، فإنها لو كرهت كان للأب أن يزوجها، وكذلك مشاورة إبراهيم -عليه السلام- لابنه حين أمر بذبحه ([13]).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:
وقد قيل: إن الله أمر بها نبيه صلى الله عليه وسلم لتأليف قلوب أصحابه، وليقتدي به من بعده، وليستخرج منهم الرأي فيما لم ينـزل فيه وحي ([14]).
قال ابن عاشور: وعن الشافعي أن هذا الأمر للاستحباب، ولتقتدي به الأمة، وهو عام للرسول صلى الله عليه وسلم وغيره، تطييبا لنفوس أصحابه، ورفعا لأقدارهم ([15]).
4- القضاء على الفردية والارتجال، وتجنيب الأمة آثار المواقف والقرارات الفردية.
إن الشورى علاج حاسم في مواجهة المواقف الارتجالية والقرارات الفردية، فالشاعر يقول:
رأي الجماعة لا تشقى البلاد به


رغـم الخلاف ورأي الفرد يشقيها

إن هناك فرقا بين أن يتخذ الإنسان قرارا يخصه وحده، أو يتخذ قرارا يؤثر على غيره.
ومن هنا رأينا أن الله -سبحانه- جعل اتخاذ قرار يتعلق بصبي رضيع لا يملكه فرد واحد، وإن كان أقرب الناس إليه، وهو والده أو والدته، وجعل رفع الجناح مشروطا بالتشاور والتراضي بين الوالدين، (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا)([16]) [ سورة البقرة، الآية: 233 ].
* فإذا كان هذا ما يتعلق بصبي رضيع، فكيف بما يتعلق بشئون الأمة وأحوالها، أيجوز أن ينفرد به أي فرد من المسلمين؟
5- تنسيق الجهود وتجميعها، والإفادة من الطاقات وعدم تبديدها، والقضاء على الازدواجية والتداخل. وهذا أمر واضح وبيّن، ولذلك قال -سبحانه-: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)([17]) [سورة الأنفال، الآية: 46] فالشورى وسيلة للاجتماع، واستثمار الطاقات، وباب من أبواب التعاون على البر والتقوى، الذي أمر الله به: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)([18]) [ سورة المائدة، الآية: 2 ].
* قال سيد قطب -يرحمه الله- في تفسيره لقوله- تعالى-: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)([19]) [ سورة الشورى، الآية: 38 ] ومع أن هذه الآيات مكية، نـزلت قبل قيام الدولة الإسلامية في المدينة، فإننا نجد فيها أن من صفة هذه الجماعة المسلمة: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)([20]) مما يوحي بأن وضع الشورى أعمق في حياة المسلمين من مجرد أن تكون نظاما سياسيا للدولة، فهو طابع أساسي للجماعة كلها، يقوم عليه أمرها كجماعة ([21]).
6- التدريب والإعداد، واكتشاف المواهب والطاقات:
أخرج البيهقي أن عمر رضي الله عنه كان إذا نـزل الأمر المعضل دعا الفتيان فاستشارهم يقتفي حدة عقولهم ([22]).
* وقال سعد بن أبي وقاص: "إذا أهم الأمر عمر بن الخطاب دعا ابن عباس وقال له: غص غواص"([23]).


* قال الأستاذ عدنان النحوي:
فمن خلال مداولة الرأي وبيان الحجة، يبرز مستوى الإيمان والعلم، وتتمايز المواهب والقدرات، وتعرف المعادن والرجال، فالشورى محك، يكاد يكشف أطراف النية، ومنثور الموهبة، وحدود الطاقة. وقال: ولقد تدرب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تدريبا واسعا من خلال الممارسة، والصحبة على هذه الأمور، في مجالس الشورى، فلما أصبح الأمر في أيديهم سهل عليهم الأمر، ومدرسة الشورى من أعظم مدارس الإسلام عطاء في التدريب، والإعداد، والتربية والبناء ([24]).
7- الشورى غنهما لك وغرمها على غيرك
* قال ابن الجوزي: "ومن فوائد المشاورة أن المشاور إذا لم ينجح في أمره، علم أن امتناع النجاح محض قدر فلم يلم نفسه" ([25]).
فإذا بذل الإنسان وسعه وطاقته في تحري الصواب فلم يوفق له، فقد اجتهد، وهو مأجور -إن شاء الله-، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وإن وفق للأمر بعد اجتهاده -والشورى من وسائل الاجتهاد- فله أجران، فإذا هو غانم غير غارم على أي حال. ولذلك قال الشاعر ([26])
إن المشـاور إمـا صـائب غرضا


أو مخطئ غير منسوب إلى الخطل

* وقال الآخر: ([27])
وأكـثر من الشورى فإنك إن تصب


تجد مادحا أو تخطئ الرأي تعذر

ومن غنم الاستشارة نضوج الرأي واستوائه فقد قيل: "من شاور الرجال شاركهم في عقولهم".
وهو يؤدي إلى أصالة الرأي، وهو من النضج والاستواء، وذلك عاصم -بإذن الله- من الوقوع في الخطأ، والتصرف غير المحمود، قال الشاعر: ([28])
أصالـة الـرأي صـانتني عن الخطل


وحليـة الفضل زانتـني لدى العطل

** ومن خلال ما سبق يتضح لنا ما للشورى من ثمار وآثار إيجابية، فهي مفتاح كل خير، ومغلاق كل شر إذا تمت ممارستها وفق الضوابط الشرعية، والأصول المرعية، ولو لم يكن فيها إلا أنها تسد بابا من أبواب الإشاعة المؤذية، والاتهامات الباطلة، والفتنة المرجفه، لو لم يكن لها إلا ذاك لكفى بها خيرا، ولعز مطلبها وفاز طالبها، ورخص -مهما غلا- ثمنها، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.


[1] - انظر: ملامح الشورى للنحوي ص32.

[2] - اختلف العلماء في حكم الاستشارة أواجبة أو مندوبة؟! وقد ذكر ابن عاشور خلاف العلماء في ذلك. وفصل فيه، ورجح ما رآه. انظر: التحرير والتنوير 4 / 148.

[3] - سورة آل عمران آية: 159.

[4] - انظر: زاد المسير 1 / 488.

[5] - انظر: تفسير الطبري 4 / 152، 153.

[6] - انظر: تفسير الطبري 4 / 152، 153.

[7] - انظر: تفسير الطبري 4 / 152، 153.

[8] - سورة آل عمران آية: 159.

[9] - تفسير الطبري 4 / 152.

[10] - تفسير الطبري 4 / 152.

[11] - سورة آل عمران آية: 159.

[12] - انظر: تفسير الطبري 4 / 125.

[13] - انظر: زاد المسير 1 / 488.

[14] - السياسة الشرعية ص108.

[15] - انظر: التحرير والتنوير 4 / 148.

[16] - سورة البقرة آية: 233.

[17] - سورة الأنفال آية: 46.

[18] - سورة المائدة آية: 2.

[19] - سورة الشورى آية: 38.

[20] - سورة الشورى آية: 38.

[21] - انظر: الظلال 5 / 3165.

[22] - انظر: ملامح الشورى ص303.

[23] - انظر: ملامح الشورى ص303.

[24] - انظر: ملامح الشورى ص33.

[25] - انظر: زاد المسير 1 / 488.

[26] - البيت لابن أبي بكر المقري كما في جواهر الأدب 2 / 432.

[27] - البيت لعبد الله فكري كما في جواهر الأدب 2 / 443.

[28] - البيت لأبي إسماعيل الطغرائي، كما في جواهر الأدب 2 / 438.
 
عودة
أعلى