بهجة الرفاعي
Member
بسم1
الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه ومَن تَبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اما بعد :
من أقاويل و تفاسير ابن عثيمين رحمه الله أن كتاب الله سبحانه وتعالى نزل لعدَّة حِكَم: منها: التعبُّد لله تعالى بتلاوته؛ فإنَّ تلاوة كتاب الله مما يقرِّب إلى الله، والحرف الواحد منه ثوابه عشر حسنات و نزل ايضا من أجل التدبر لمعانيه، حيث قال تعالى : ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ الاية(٢٩) سورة (ص) وهذه الحكمة غفل عنها كثيرٌ من الناس، لا أقول: من عامَّة الناس؛ حتى من طلبة العلم، تجد بعض الطلاب يعتنون بشرح الأحاديث أو كلام الفقهاء أو غيرهم من علماء الشريعة، لكن لا يعتنون بتفسير كتاب الله عز وجل، مع أنَّ كتاب الله هو أمُّ الكُتُب كلِّها وإليه مرجع الكتب، وكتاب الله عز وجل هو الذي كُلِّفْنا بأن نتدبَّر آياته وأن نتَّعظ بها، لهذا نرى أنَّه لا يليق بطالب العلم أن يُعرِض عن تفسير كتاب الله وهو يعتني بتفسير كلام غير الله عز وجل.
يقول الله عز وجل: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق ١ - ٥] هذه الآيات أولُ ما نزل على الرسول عليه الصلاة والسلام من القرآن، هي أولُ ما نزل عليه من القرآن، نزلتْ عليه وهو يتعبَّد في غار حراء، وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أول ما بُدئ به الوحي أنَّه يرى الرؤيا في المنام، يراها في المنام فتأتي مثل فَلَق الصبح(١)؛ يعني يحدث ما يصدِّق هذه الرؤيا، وأول ما كان يرى هذه الرؤيا في ربيع الأول، فبقي ستة أشهر يرى مثل هذه الرؤيا ويراها تجيء مثل فَلَق الصبح(٢)، وفي رمضان نزل الوحي الذي يكون في اليقظة، والمدَّة بين ربيع الأول ورمضان ستة شهور، وزمن الوحي ثلاثٌ وعشرون سنة، ولهذا جاء في الحديث أنَّ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَة جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»(٣)
يقول الله عز وجل: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾، قوله: ﴿بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ قيل: معناه: متلبِّسًا بذلك. وقيل: مستعينًا بذلك؛ يعني: اقرأْ مستعينًا باسم الله؛ لأن أسماءَ الله تعالى كلَّها خيرٌ، كلها إعانٌة، يستعين بها الإنسان، ولذلك يستعين بها الإنسانُ على وضوئه، ويستعين بها على أكْله، ويستعين بها على جِماعه، فهي كلُّها عَونٌ. ﴿بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ...﴾ إلى آخره، وقال: ﴿بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ دون أن يقول: (باسم الله) لأنَّ المقامَ مقامُ ربوبيَّةٍ وتصرُّفٍ وتدبيرٍ للأمور وابتداءِ رسالةٍ، فلهذا قال: ﴿بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ إشارةً إلى أنَّه عليه الصلاة والسلام قد ربَّاه الله تعالى تربيةً خاصةً وربَّه كذلك ربوبيةً خاصَّة.
يتبع إن شاء الله
(١) أخرج البخاري (٣)، ومسلم (١٦٠ / ٢٥٢)، من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان أول ما بُدِئ به رسولُ الله ﷺ من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح...» الحديث.
(٢) قال الخطابي في معالم السنن (٤ / ١٣٩): فأمَّا تحديد أجزائها بالعدد المذكور فقد قال في ذلك بعضُ أهل العلم قولًا؛ زعم أنَّ رسول الله ﷺ بقي منذ بدء الوحي إلى أن مات ثلاثًا وعشرين سنة، أقام بمكة منها ثلاث عشرة سنة، وبالمدينة عشر سنين، وكان يوحى إليه في منامه في أول الأمر بمكة ستة أشهر، وهي نصف سنة، فصارت هذه المدة جزءًا من ستة وأربعين جزءًا من النبوة.
(٣) أخرجه البخاري (٦٩٨٩) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه ومَن تَبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
اما بعد :
من أقاويل و تفاسير ابن عثيمين رحمه الله أن كتاب الله سبحانه وتعالى نزل لعدَّة حِكَم: منها: التعبُّد لله تعالى بتلاوته؛ فإنَّ تلاوة كتاب الله مما يقرِّب إلى الله، والحرف الواحد منه ثوابه عشر حسنات و نزل ايضا من أجل التدبر لمعانيه، حيث قال تعالى : ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ الاية(٢٩) سورة (ص) وهذه الحكمة غفل عنها كثيرٌ من الناس، لا أقول: من عامَّة الناس؛ حتى من طلبة العلم، تجد بعض الطلاب يعتنون بشرح الأحاديث أو كلام الفقهاء أو غيرهم من علماء الشريعة، لكن لا يعتنون بتفسير كتاب الله عز وجل، مع أنَّ كتاب الله هو أمُّ الكُتُب كلِّها وإليه مرجع الكتب، وكتاب الله عز وجل هو الذي كُلِّفْنا بأن نتدبَّر آياته وأن نتَّعظ بها، لهذا نرى أنَّه لا يليق بطالب العلم أن يُعرِض عن تفسير كتاب الله وهو يعتني بتفسير كلام غير الله عز وجل.
يقول الله عز وجل: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق ١ - ٥] هذه الآيات أولُ ما نزل على الرسول عليه الصلاة والسلام من القرآن، هي أولُ ما نزل عليه من القرآن، نزلتْ عليه وهو يتعبَّد في غار حراء، وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أول ما بُدئ به الوحي أنَّه يرى الرؤيا في المنام، يراها في المنام فتأتي مثل فَلَق الصبح(١)؛ يعني يحدث ما يصدِّق هذه الرؤيا، وأول ما كان يرى هذه الرؤيا في ربيع الأول، فبقي ستة أشهر يرى مثل هذه الرؤيا ويراها تجيء مثل فَلَق الصبح(٢)، وفي رمضان نزل الوحي الذي يكون في اليقظة، والمدَّة بين ربيع الأول ورمضان ستة شهور، وزمن الوحي ثلاثٌ وعشرون سنة، ولهذا جاء في الحديث أنَّ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَة جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»(٣)
يقول الله عز وجل: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾، قوله: ﴿بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ قيل: معناه: متلبِّسًا بذلك. وقيل: مستعينًا بذلك؛ يعني: اقرأْ مستعينًا باسم الله؛ لأن أسماءَ الله تعالى كلَّها خيرٌ، كلها إعانٌة، يستعين بها الإنسان، ولذلك يستعين بها الإنسانُ على وضوئه، ويستعين بها على أكْله، ويستعين بها على جِماعه، فهي كلُّها عَونٌ. ﴿بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ...﴾ إلى آخره، وقال: ﴿بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ دون أن يقول: (باسم الله) لأنَّ المقامَ مقامُ ربوبيَّةٍ وتصرُّفٍ وتدبيرٍ للأمور وابتداءِ رسالةٍ، فلهذا قال: ﴿بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ إشارةً إلى أنَّه عليه الصلاة والسلام قد ربَّاه الله تعالى تربيةً خاصةً وربَّه كذلك ربوبيةً خاصَّة.
يتبع إن شاء الله
(١) أخرج البخاري (٣)، ومسلم (١٦٠ / ٢٥٢)، من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان أول ما بُدِئ به رسولُ الله ﷺ من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح...» الحديث.
(٢) قال الخطابي في معالم السنن (٤ / ١٣٩): فأمَّا تحديد أجزائها بالعدد المذكور فقد قال في ذلك بعضُ أهل العلم قولًا؛ زعم أنَّ رسول الله ﷺ بقي منذ بدء الوحي إلى أن مات ثلاثًا وعشرين سنة، أقام بمكة منها ثلاث عشرة سنة، وبالمدينة عشر سنين، وكان يوحى إليه في منامه في أول الأمر بمكة ستة أشهر، وهي نصف سنة، فصارت هذه المدة جزءًا من ستة وأربعين جزءًا من النبوة.
(٣) أخرجه البخاري (٦٩٨٩) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه