السلام عليكم
سبق وان تم طرح هذا الموضوع هنا واخذ وقت طويل في النقاش
ما احب ان اقوله انه من الاستعجال تبني نظرية الارض المسطحة … ذلك انها لاتثبت علميا وفيها اشكالات كبيره … لاشك عندي ان الارض المسطحة لها اصل ثابت في الشرع ( دلائل النصوص واقوال العلماء) الا ان تبنيها في الوقت الراهن اعتقد انه امر خاطئ
حصل ترويج للنظرية في السنوات السابقه الله اعلم هل كان موجه ام عفوي … جعلت الكثيرين يؤمنون بها … الا ان ادلة كرويه الارض العلميه حتى هذا الوقت تطغى على الارض المسطحة والنظرية بحاجة ان تستقيم علميا حتى يمكن تبنيها
عندما نتدبر آية وإلى الأرض كيف سطحت، والتي يستدل بها البعض أن الأرض مسطحة، سنلاحظ الآتي؛
١. أصحاب فرضية الأرض المسطحة جعلوا الآية تخص كامل الأرض، مع أن الأرض تطلق أحياناً في القرآن ويراد بها البعض، كقول الله (بقرة لا ذلول تثير الأرض). والآية لا دليل فيها يدل على كامل الأرض، بل الأمر بالنظر يدل على بعضها، فهو ما تقدر عليه العيون.
٢. أصحاب فرضية الأرض المسطحة جعلوا النظر للأرض بالعيون كافي للحكم على شكلها، وكأن نظر الإنسان يمكنه أن يحيط بكامل الأرض فنراها مسطحة، وكل مسطح له شكل معلوم، وعليه فالناظر لمسطح الأرض يجب أن يصف لنا شكلها الذي نظر له، هل هي ذات زوايا وأعمدة كما عند اليهود والنصارى ام مثلثة، ام لها شكل آخر؟!!!، والواقع يشهد باستحالة ادراك حوافها، وبالتالي استحالة ادراك شكل مسطحها.
مع ملاحظة أنني نظرت للإبل فعرفت كيف خلقت من ذكر وأنثى إن كان المراد بكيفية الخلق التوالد، أو عرفت كيف خلقت ملائمة لحياتها ووظيفتها إن كان المراد الاعتبار بخلقتها، المهم النظر أعطانا علم واضح نستدل به على عظيم خلق الله.
ونظرت للسماء فعرفت كيف رفعت بغير عمد كما قال الله، فكان رفعها بغير عمد دليل على قدرة الله، والنظر أيضاً أعطانا علم واضح كما في حالة الابل. وبالمثل النظر للجبال، يعرفنا كيف نصبت كأوتاد الخيام.
النظر كان كافياً للإستدلال على الكيفية في الأمثلة السابقة
ولكن النظر يعجز عن رؤية كامل الأرض مسطحة، ورؤية بعض الأرض مسطح لا يغني عن رؤية الكل للاستدلال على الشكل الكلي، وبالتالي هل ننكر أن نظر العين للأرض يكفي لمعرفة كيف سُطحت لعجزنا عن رؤيتها بالكامل؟!
أم نقول نظرنا لما نقدر عليه من الأرض فرأيناه سطح مستوي ممهد مفروش صالح لسكن وقرار الناس عليه، وصالح ليسلكوا منه فجاجا سبلا، فلو كانت الأرض متعرجة كلها نتوءات جبلية صخرية ما كانت تصلح سطحاً نستوي عليه ولا نمشي عليه للمعايش. وبذلك تحققت معرفة كيفية التسطيح بمجرد النظر.
أدلة غير مباشرة على تكوير الأرض
دعونا الآن نضيف وصف مد الأرض للتسطيح والبسط
بالنسبة لنظري أي قطعة من الأرض عند أي نقطة على الأرض تبدو مسطحة، وممدودة، ومبسوطة، وهذا يعني أنني إذا سرت في أي اتجاه، وأينما نظر الانسان للأرض وجد الثلاث صفات؛ مسطحة ممدودة مبسوطة، وهذا لا يتحقق أبداً على مجسم أرضي مسطح، بل لابد فيه من شكل كروي، والا لافترضنا بداهة ان الارض مسطح ممتد الى ما لا نهاية وهو محال، فلو كانت الأرض ممتدة الى ما لا نهاية لذهبت الشمس في اتجاه واحد ولن تعد مطلقا لنفس النقطة.
وبافتراض أنني وصلت لحواف الأرض التي يزعمون ان كلها مسطحة ولها حواف، فقد انتهى امتداد وانبساط وتسطح الأرض امام نظري، وهذا مخالف للوصف القرآني اللازم للأرض بأنها ممتدة، مسطحة، مبسوطة لكل من قرأ القرآن عند أي نقطة على سطح الأرض.
فهل أخطأ القرآن، أم نحن الذين أخطأنا الفهم، وكيف أقنع الكافر أن الأرض ممدودة عند الحواف؟!!!!
ومن هنا نعرف أن افتراض أن الأرض كلها مسطحة يجعلنا نضرب القرآن بعضه ببعض.
ولكن افتراض أن الأرض كروية يجعل من المحال انتهاء مد الأرض وبسطها وتسطحها، لأنه ببساطة لا حواف لها. ولذا فطريقة السلف كانت أسلم حين قالوا الأرض مكورة لتكوير ليلها ونهارها عليها، كتكوير العمامة حول رأس مكور، وأنها لعظم حجمها نرى ما نقف عليه مسطح ممدود بلا نهاية أينما كان مكاننا عليها؟!
الدليل المباشر على كروية الأرض
واما الدليل المباشر على كروية الأرض وتقلبها نجده في وصف الأرض بالدحو (والأرض بعد ذلك دحاها)، وكفاتا (ألم نجعل الأرض كفاتا)، وهي كلمات تصف الشكل والحركة أيضا، ودلالتها كالآتي:
دحاها، المفعول به هو الأرض، ومن معاني الدحو المد والبسط، والمد دال على التكوير، طالما الأرض ممتدة بلا نهاية، فلو كانت مسطحة لوصلنا لاطرافها ولانتهى المد، ومن معاني الدحو التي تشير للمد والتكوير هو هذا التشبيه الجميل جدا بلعبة شهيرة عند العرب اسمها المداحي، وهي شبيهة بلعبة البلي في زماننا، حيث كان الأطفال يحفرون حفرة في الأرض (مدحاة) ويستخدمون قطع خشبية أو حجرية أقرب للتكوير، فيرمونها (يدحونها) على الأرض في اتجاه المدحاة (الحفرة)، فتجري للأمام، وتدور حول محورها أثناء حركتها على الأرض، وعليه فدحو الأرض فيه تشبيه بحركة القطع الخشبية والحجرية عند القاءها، جسم فيه تكوير يدور حول محوره أثناء حركته.
وأخيرا جاء وصف الأرض باللفظ المعجز (كفاتا)، وقد استعملته العرب للدلالة على جذب الشيء وامساكه، وأيضا ليدل على الحركة بسرعة والدوران والتقلُب، فمن معانيها التي تذكرها المعاجم اللغوية كلسان العرب وتاج العروس:
٢. معنى التحرك السريع: كَفَتَ الطائرُ وغيرُه: أَسرع في الطير وتقبَّض فيه. وتقول العرب مَرٌّ كَفِيتٌ وكِفاتٌ: يعني سريعٌ
وكَفَتَ يَكْفِتُ كَفْتاً وكِفاتاً: أَسْرَع في العَدْوِ والطَّيَران.
وبالجمع بين المر السريع مع التقلب نجد نفس وصف الدحو، جريان للأمام مع تقلب حول محور.
مما سبق يتبين لنا أن المعنى اللغوي لكلمة دحاها، وكفاتا يدل على تقلُب الأرض وتحركها بسرعة كتقلب الكرة أثناء جريانها،
وهذا الوصف متناسق تماما مع وصف الليل والنهار بالجري والسباحة، ووصف تكوير وتقليب الليل والنهار، فذات الأرض متكورة تجري وتتقلب حول محورها اثناء الجريان، والله تعالى اعلى وأعلم.
وهناك دليل آخر أنشره في بحث منفصل بإذن الله، وهو كيفية قياس المسافة بين نقطتين على سطح الأرض، فإن ذكر القرآن قياس خطي كالذراع أو الشبر فالأرض مسطحة، وإن استخدم قياس قوسي فالأرض مكورة، لأن المسافة بين أي نقطتين على سطح مكور مهما صغرت فهي قوس له وتر، ولله الحمد القرآن استخدم القياس القوسي.