الاختلاط بين الجنسين ! حدوده وضوابطه في القرآن الكريم.

إنضم
04/08/2006
المشاركات
133
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
فلسطين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

من أكثر ما يقلق بالي ويقض مضجعي من أحوال الأمة ما فشا فيها من اختلاط النساء بالرجال في كل مكان، حتى البيوت، فإنك تجدهم يجلسون معًا رجالاً ونساءً محارم وغير محارم في قلب البيت، فإنا لله وإنا إليه راجعون !

وفي القرآن العظيم آيٌ لها بالنص أو الإشارة تعلق بالمسألة.

وإني لرجاء أن أرى من الأساتذة الفضلاء والطلبة النجباء جودًا وإسهابًا في المسألة، فإن لي في الأمر خصومًا وليتهم من غير أهل العلم الشرعي، وفي الأمر جدل ودفع وجذب.

فلا يبخلن علي امرؤ يرى من نفسه قوة وقدرة وعلمًا أن يبيّن لنا من استنباطاته من آيات القرآن العظيم.

ولي في المسألة استباطات، لكن قد ضاق وقتي الآن فلا متسع، وسترونها عما قريب إن شاء الله تبارك وتعالى !
 
جادلني ويجادلني كثير ممن هم حولي في حدتي وشدتي على المجالس المختلطة التي تنخر عظم الحياء وتفتته تفتيتًا.

قد يتعجب بعضهم من هذه الشدة، وذلك أن بعض مجتمعاتنا لا تزال محتفظة ببقية من الغيرة والحياء، كعامة المجتمع السعودي، وبعض المجتمع الأردني. فأمّا عندنا في فلسطين المحتلة (48) فأهل الدين الذين ينسبون إليه غارقون في الأمر حتى النخاع. لا يغار أحدهم أن تجلس امرأته في المجلس يوجد فيه الرجال، أو ابنته أو أخته. بل هذه عادتهم في أكثر مجالسهم. ولقد كاد شعري أن يشيب من موت الغيرة عند هؤلاء الذكور، لا أقول الرجال، وموت الحياء عند أولئك الإناث، لا أقول النساء.

ويقول لي بعضهم: ما المانع من جلوس المرأة مع غير محارمها إذا كانت متجلببة متسترة ؟؟!!! فقد جاؤوا والله بأقبح الرأي وأفسده ؟؟!!

ولقد قال لي إمام أحد المساجد وهو يجادلني في ذلك: ما يمنع أن تجلس أنت وزوجتك مع أخيك وزوجته ؟؟ !!! فقد انقطع لساني فلا أدري كيف أجيب هؤلاء !! أإمام مسجد يقول ذلك ؟؟!! فكيف بغير الإمام ؟؟ وكيف يكون العامة إذا كان هذا حال الخاصة ؟؟؟

قلت له: يا شيخ ! أرأيت مجالسنا ؟؟ أيخلو مجلس منها من ضحك أو مزاح ؟؟ قال: لا. قلت له: فقد قال تعالى: ((ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض..)) ، وإن المرأة إذا استنكفت أول مرة من إخضاع القول والصوت وتليينهما بالضحك والمزاح، فسوف عما قريب تنجذب، ويقل حياؤها رويدًا رويدًا !! وهل يزين المرأة إلا الحياء ؟؟ وهل يشينها إلا الجرأة والبروز ؟؟ سبحانك ربي ما كنت أرى أني أعيش في زمان أحتاج فيه أن أشرح للرجال معنى الغيرة وللنساء معنى الحياء !! فألنا إلى أن المرأة إذا نزل حياؤها ضحكت ومزحت وتكلمت وتجاسرت، فوقعت في النهي الصريح: ((ولا تخضعن بالقول)) إذ الإخضاع تليين الكلام، وكل كلام مع الرجال من غير حاجة فهو خضوع والله أعلم، لا سيما إذا رافقه تبسم أو ضحك أو دلال، فهنالك من أنكر الحرمة خرج من ملة الإسلام.

ثم إن المجالس المختلطة تفضي إلى النظر تلو النظر، ومعلوم خطر النظر: ((قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم..)) (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن..))، ورحم الله من العلماء من فهم الأمر حق فهمه فمنع النظر إلا لحاجة ولو خاليًا من الشهوة، بل نص بعضهم على حرمة النظر ولو إلى المنتقبة التي لا يرى منها إلا سابغ ثيابها. ولا شك أن (من) ههنا تبعيضية، إذ من النظر ما هو مباح، ومنه المندوب، ومنه الواجب. وهل تمخضت الخيانة والدياثة إلا من النظر والسمع بغير زمام ولا خطام ؟؟ !!!

ثم قد ضرب القرآن مثلاً أعلى للنساء دونه كل مثل. قال تعالى: ((وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن)) جملة (ذلكم أطهر) استئنافية تعليلية، والإشارة بذلكم إلى هذه الطريقة في التعامل مع أمهات المؤمنين. وسل نفسك: إذا كان هذا ما أمر به الصحابة وهم من هم وأمهات المؤمنين وهن من هن، فكيف بغيرهم وغيرهن ؟؟!!! سيقال لنا: هذا حكم شرعي خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم، قلنا: هو كذلك فماذا كان، أأن كان حكمًا واجبًا خاصًّا في حقهن أنودعه في حق عامة النساء لا سيما ذوات الهيئة ولا سيما الشواب منهن ؟؟!! أتكون تلك الطريقة في التعامل أطهر لقلوب أمهات المؤمنين وقلوب الصحابة ثم لا تكون أطهر لنا نحن ؟؟! إذا وجبت الفضيلة بكمالها وتمامها لفئة لشرفها وعلوها، أيلزم من ذلك ألا يشرع العمل بها لغيرهم ؟؟!!! ألم تر أنه قد وجب القيام على سيد الأولين والآخرين ولم يجب على الأمة ؟ أفتتركه الأمة أن كان ليس واجبًا في حقها ؟؟
أفي مثل مسائل الاختلاط يكون التهاون ؟ وقد علمنا أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء)) ؟؟

حسبي ربي !
 
الإختلاط بين الرجال والنساء.

الإختلاط بين الرجال والنساء.

جمع طيب في المسألة هنا بقلم الأستاذ الفاضل عامر بن بهجت.
 
أخي ناصر !

هذا بحث طيب يشفى الغليل !

لا أملك إلا أن أدعو لك وللباحث !

وآه من الاختلاط !
 
الرابط لا يعمل اخي الكريم

وقد ذكر الشيخ مشهور أن هناك رسائل ماجستير ممتازة في هذا الموضوع في الجامعة الاردنية فهلا أتحفتمونا بها بارك الله فيكم
 
نعم الموقع لا يعمل منذ ثلاثة أيام تقريبا, نسأل الله عز و جل التيسير للقائمين عليه.

فيما يلي نسخة من بحث الأستاذ الفاضل عامر بن بهجت كنت احتفظ بها.

قال الأستاذ الفاضل عامر بن بهجت:

سبق لي جمع شيء في هذه المسألة وسأنقله هنا للفائدة:

أدلة منع الاختلاط
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد اطلعت وسمعت أكثر من مرة بعض المنتسبين إلى الدعوة يزعم أن الإسلام أباح اختلاط الرجال بالنساء، وأن المحرم إنما هو الخلوة فقط، وحيث إن هذا القول فيه إغفال لنصوص كثيرة من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة تدل على المنع من الاختلاط بين الجنسين والتحذير من ذلك فقد استعنت بالله فجمعت النصوص الدالة على ذلك من القرآن والسنة ثم نقلت كلام العلماء والأئمة من المذاهب الأربعة في ذلك، أسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان الحسنات وأن يكتب لي بذلك الأجر، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أولاً: أدلة القرآن.
1. قال تعالى: (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن)
قال الطبري في تفسيره: (( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ) يقول: وإذا سألتم أزواج رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعًا(فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) يقول: من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن)
وقال القرطبي: (في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب، في حاجة تعرض، أو مسألة يستفتين فيها، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة)
وقال سيد قطب: (فلا يقل أحد غير ما قال الله . لا يقل أحد إن الاختلاط ، وإزالة الحجب، والترخص في الحديث واللقاء والجلوس والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب ، وأعف للضمائر ، وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة ، وعلى إشعار الجنسين بالأدب وترقيق المشاعر والسلوك . . إلى آخر ما يقوله نفر من خلق الله الضعاف المهازيل الجهال المحجوبين . لا يقل أحد شيئاً من هذا والله يقول : { وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } . . يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات . أمهات المؤمنين . وعن رجال الصدر الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لا تتطاول إليهن وإليهم الأعناق! وحين يقول الله قولاً ويقول خلق من خلقه قولاً . فالقول لله سبحانه وكل قول آخر هراء ، لا يردده إلا من يجرؤ على القول بأن العبيد الفانين أعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي الذي خلق هؤلاء العبيد! والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله ، وكذب المدعين غير ما يقوله الله.)

2. قال تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)
قال الشوكاني في تفسيره: ({ قَالَتَا لاَ نَسْقِي حتى يُصْدِرَ الرعاء } أي إن عادتنا التأني حتى يصدر الناس عن الماء ، وينصرفوا منه حذراً من مخالطتهم).
وقال البيضاوي: ({ قَالَتَا لاَ نَسْقِى حتى يُصْدِرَ الرعاء } تصرف الرعاة مواشيهم عن الماء حذراً عن مزاحمة الرجال).
3. ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم - ، قال :(( خيرُ صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها )).
قال النووي في شرحه: (وَإِنَّمَا فَضَّلَ آخِر صُفُوف النِّسَاء الْحَاضِرَات مَعَ الرِّجَال لِبُعْدِهِنَّ مِنْ مُخَالَطَة الرِّجَال وَرُؤْيَتهمْ وَتَعَلُّق الْقَلْب بِهِمْ عِنْد رُؤْيَة حَرَكَاتهمْ وَسَمَاع كَلَامهمْ وَنَحْو ذَلِكَ ، وَذَمَّ أَوَّلَ صُفُوفهنَّ لِعَكْسِ ذَلِكَ . وَاَللَّه أَعْلَم .)
وقال الشوكاني: (قَوْله : ( وَخَيْرُ صُفُوف النِّسَاء آخِرُهَا ) إنَّمَا كَانَ خَيْرهَا لِمَا فِي الْوُقُوف فِيهِ مِنْ الْبُعْد عَنْ مُخَالَطَة الرِّجَال)
4. ما ورد في تفضيل صلاة المرأة في بيتها.
5. روى البزار بسنده عن سعيد بن المسيب ، عن علي رضي الله عنه أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أي شيء خير للمرأة ؟ فسكتوا ، فلما رجعت قلت لفاطمة : أي شيء خير للنساء ؟ قالت : ألا يراهن الرجال ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : « إنما فاطمة بضعة مني ».
6. أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء ) رواه البخاري ومسلم . وجه الدلالة : أنه وصفهن بأنهن فتنة ، فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون.
7. حديث (فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل في النساء ) رواه مسلم . وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر باتقاء النساء ، وهو أمر يقتضي الوجوب ، فكيف يحصل الامتثال مع الاختلاط؟!
8. روى أبو داود في السنن والبخاري في الكنى بسنديهما ، عن حمزة بن السيد الأنصاري ، عن أبيه رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء : ( استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق) فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها ) هذا لفظ أبي داود . قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث : (يحفظن الطريق) هو أن يركبن حقها ، وهو وسطها . وجه الدلالة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا منعهن من الاختلاط في الطريق لأنه يؤدي إلى الافتنان ، فكيف يقال بجواز الاختلاط في غير ذلك ؟!
9. روى أبو داود الطيالسي في سننه وغيره ، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل باباً للنساء ، وقال لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد ) وروى البخاري في ( التاريخ الكبير) عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا تدخلوا المسجد من باب النساء) .
10. روى البخاري في صحيحه ، عن أم سلمة رضي الله عنها قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته قال النساء حين يقضي تسليمه ومكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه يسيراً ) وفي رواية ثانية له : ( كان يسلم فتنصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عله وسلم ) وفي رواية ثالثة : ( كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله ، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال ) . وجه الدلالة : أنه منع الاختلاط بالفعل ، وهذا فيسه تنبيه على منع الاختلاط في غير هذا الموضع .
11. وقد بوب البخاري في كتاب العلم من الصحيح، باب: هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم، وساق حديث أبي سعيد، قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً.. الحديث
12. حديث "على رسلكما إنها صفية" الحديث
وجه الدلالة: أنه لو كان الاختلاط بين الرجال بالنساء جائزا لما احتاج النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: (إنها صفية)

نقولات أهل المذاهب في منع الاختلاط بين الرجال والنساء
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله أما بعد:
فقد كنت أسمع من بعض الأخيار القول بجواز الاختلاط بين الجنسين والقول بأن المنع منه حادث ولايُعرف عن العلماء السابقين فجمعتُ ما وقفت عليه من كلام أهل العلم في ذمه ومنعه عسى الله أن ينفع بها، وحتى يُعلم أن علماء الأمة سلفاً وخلفاً قد تتابعوا على ذمه ومنعه، فإلى أقوالهم:

أولاً: من الحنفية:

1. قال السرخسي: (وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يُقَدِّمَ النِّسَاءَ عَلَى حِدَةٍ وَالرِّجَالَ عَلَى حِدَةٍ ; لِأَنَّ النَّاسَ يَزْدَحِمُونَ فِي مَجْلِسِهِ , وَفِي اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ عِنْدَ الزَّحْمَةِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالْقُبْحِ مَا لَا يَخْفَى , وَلَكِنْ هَذَا فِي خُصُومَةٍ يَكُونُ بَيْنَ النِّسَاءِ . فَأَمَّا الْخُصُومَةُ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ أَنْ يُقَدِّمَهُنَّ مَعَ الرِّجَالِ)

2. قال الحموي الحنفي: (وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الزِّفَافَ لَا يُكْرَهُ إذَا لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى مَفْسَدَةٍ , كَمَا فِي الْفَتْحِ . قُلْت : وَهُوَ حَرَامٌ فِي زَمَانِنَا فَضْلًا عَنْ الْكَرَاهَةِ لِأُمُورٍ لَا تَخْفَى عَلَيْك مِنْهَا اخْتِلَاطُ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ)

3. قال ابن عابدين في حاشيته: (وَقَدْ مَرَّ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِمَّا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ الْخُرُوجُ لِفُرْجَةِ قُدُومِ أَمِيرٍ أَيْ لِمَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ وَمِنْ اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ)

4. وقال العيني في شرحه على البخاري: في التعليق على قول البخاري (باب حمل الرجال الجنازة دون النساء) (أي هذا باب في بيان حمل الرجال الجنازة دون حمل النساء إياها لأنه ورد في حديث أخرجه أبو يعلى عن أنس رضي الله تعالى عنه قال خرجنا مع رسول الله في جنازة فرأى نسوة فقال أتحملنه قلن لا قال أتدفنه قلن لا قال فارجعن مأزورات غير مأجورات لأن الرجال أقوى لذلك والنساء ضعيفات ومظنة للانكشاف غالبا خصوصا إذا باشرن الحمل ولأنهن إذا حملنها مع وجود الرجال لوقع اختلاطهن بالرجال وهو محل الفتنة ومظنة الفساد)

ثانياً: من المالكية:
5. قال ابن أبي زيد القيرواني: (وَلْتُجِبْ إذَا دُعِيت إلَى وَلِيمَةِ الْمُعْرِسِ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ لَهْوٌ مَشْهُورٌ وَلَا مُنْكَرٌ بَيِّنٌ) قال النفراوي في شرحه "الفواكه الدواني: (( وَلَا مُنْكَرٌ بَيِّنٌ ) أَيْ مَشْهُورٌ ظَاهِرٌ , كَاخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ)
6. وذكر الصاوي من مبطلات الوصية: (أَنْ يُوصِيَ بِإِقَامَةِ مَوْلِدٍ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقَعُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ مِنْ اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَالنَّظَرِ لِلْمُحَرَّمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمُنْكَرِ)
7. و في مختصر خليل مع شرحه منح الجليل: (( وَيَنْبَغِي ) لِلْقَاضِي ( أَنْ يُفْرِدَ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ( يَوْمًا ) مُعَيَّنًا مِنْ الْأُسْبُوعِ ( أَوْ وَقْتًا ) مُعَيَّنًا مِنْ الْيَوْمِ ( لِـ ) قَضَاءٍ بَيْنَ ( ا النِّسَاءِ ) سَتْرًا لَهُنَّ وَحِفْظًا مِنْ اخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ فِي مَجْلِسِهِ ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُنَّ خَاصَّةً أَوْ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الرِّجَالِ ، وَهَذَا فِي نِسَاءٍ يَخْرُجْنَ وَلَا يُخْشَى مِنْ سَمَاعِ صَوْتِهِنَّ الْفِتْنَةُ بِهِنَّ ، وَأَمَّا الْمُخَدَّرَاتُ وَاَللَّاتِي يُخْشَى مِنْ سَمَاعِ صَوْتِهِنَّ الْفِتْنَةُ بِهِنَّ فَيُوَكِّلْنَ مِنْ يُخَاصِمُ عَنْهُنَّ أَوْ يَبْعَثُ لَهُنَّ فِي مَنَازِلِهِنَّ ثِقَةً مَأْمُونًا .[وقال] ابْنُ عَرَفَةَ وسَحْنُونٌ يَعْزِلُ النِّسَاءَ عَلَى حِدَةٍ وَالرِّجَالَ عَلَى حِدَةٍ . وقال أَشْهَبُ أَرَى أَنْ يَبْدَأَ بِالنِّسَاءِ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ بِالرِّجَالِ فَذَلِكَ لَهُ عَلَى اجْتِهَادِهِ صَحِيحٌ إمَّا لِكَثْرَةِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ أَوْ لِكَثْرَتِهِنَّ عَلَى الرِّجَالِ ، وَلَا يُقَدِّمُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ مُخْتَلِطِينَ ، وَإِنْ رَأَى أَنْ يَجْعَلَ لِلنِّسَاءِ يَوْمًا مَعْلُومًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَعَلَ . وقال ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُفْرِدَ لِلنِّسَاءِ يَوْمًا)

ثالثاً: من الشافعية:
8. قال أبو إسحاق الشيرازي:(وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ لِمَا رَوَى جَابِرٌ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم { مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةُ إلَّا عَلَى امْرَأَةٍ أَوْ مُسَافِرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ مَرِيضٍ } وَلِأَنَّهَا تَخْتَلِطُ بِالرَّجُلِ , وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ ).
9. وقال النووي في المجموع: (من البدع القبيحة ما اعتاده بعض العوام في هذه الازمان من ايقاد الشمع بجبل عرفة ليلة التاسع أو غيرها ويستصحبون الشمع من بلدانهم لذلك ويعتنون به وهذه ضلالة فاحشة جمعوا فيها أنواعا من القبائح (منها) اضاعة المال في غير وجهه (ومنها) إظهار شعار المجوس في الاعتناء بالنار (ومنها) اختلاط النساء بالرجال والشموع بينهم ووجوههم بارزة)

10. قال البجريمي: (اجْتِمَاعُ النَّاسِ بَعْدَ الْعَصْرِ لِلدُّعَاءِ كَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ عَرَفَةَ , قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : لَا بَأْسَ بِهِ ; وَكَرِهَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ , وَفَعَلَهُ الْحَسَنُ وَسَبَقَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ . قَالَ النَّوَوِيُّ : وَهُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ , رَحْمَانِيٌّ . وَقَالَ الشَّيْخُ الطُّوخِيُّ بِحُرْمَتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ اخْتِلَاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ الْآنَ)

11. قال ابن حجر الهيتمي: (أَمَّا سَمَاعُ أَهْلِ الْوَقْتِ فَحَرَامٌ بِلَا شَكٍّ فَفِيهِ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ كَاخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ)

12. قال الخطيب الشربيني: (التَّعْرِيفُ بِغَيْرِ عَرَفَةَ , وَهُوَ اجْتِمَاعُ النَّاسِ بَعْدَ الْعَصْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ لِلدُّعَاءِ لِلسَّلَفِ فِيهِ خِلَافٌ , فَفِي الْبُخَارِيِّ " أَوَّلُ مَنْ عُرِفَ بِالْبَصْرَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ " وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ أَخَذَ فِي الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَالضَّرَاعَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ عَرَفَةَ , وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ : أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ , وَقَدْ فَعَلَهُ الْحَسَنُ وَجَمَاعَاتٌ , وَكَرِهَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَالِكٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَمَنْ جَعَلَهُ بِدْعَةً لَمْ يُلْحِقْ بِفَاحِشِ الْبِدَعِ , بَلْ يُخَفِّفُ أَمْرَهُ : أَيْ إذَا خَلَا عَنْ اخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ أَفْحَشِهَا .)

13. ونقل العبارة السابقة ابن حجر الهيتمي والرملي.

رابعاً: من الحنابلة:
14. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما ما يفعل في هذه المواسم مما جنسه منهي عنه في الشرع ، فهذا لا يحتاج إلى ذكره ؛ لأن ذلك لا يحتاج أن يدخل في هذا الباب مثل : رفع الأصوات في المساجد ، واختلاط الرجال والنساء ، أو كثرة إيقاد المصابيح زيادة على الحاجة ، أو إيذاء المصلين أو غيرهم بقول أو فعل ، فإن قبح هذا ظاهر لكل مسلم .)
15. قال ابن القيم: ( فَصْلٌ : وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ وَلِيَّ الْأَمْرِ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَ اخْتِلَاطَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ فِي الْأَسْوَاقِ , وَالْفُرَجِ , وَمَجَامِعِ الرِّجَالِ . قَالَ مَالِكٌ رحمه الله وَرَضِيَ عَنْهُ : أَرَى لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى الصُّيَّاغِ فِي قُعُودِ النِّسَاءِ إلَيْهِمْ , وَأَرَى أَلَا يَتْرُكَ الْمَرْأَةَ الشَّابَّةَ تَجْلِسُ إلَى الصُّيَّاغِ فَأَمَّا الْمَرْأَةُ الْمُتَجَالَّةُ وَالْخَادِمُ الدُّونُ , الَّتِي لَا تُتَّهَمُ عَلَى الْقُعُودِ , وَلَا يُتَّهَمُ مَنْ تَقْعُدُ عِنْدَهُ : فَإِنِّي لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا , انْتَهَى . فَالْإِمَامُ مَسْئُولٌ عَنْ ذَلِكَ , وَالْفِتْنَةُ بِهِ عَظِيمَةٌ , قَالَ صلى الله عليه وسلم : { مَا تَرَكْت بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ } . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ { بَاعِدُوا بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ } وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ : أَنَّهُ قَالَ لِلنِّسَاءِ : { لَكُنَّ حَافَّاتُ الطَّرِيقِ } . وَيَجِبُ عَلَيْهِ مَنْعُ النِّسَاءِ مِنْ الْخُرُوجِ مُتَزَيِّنَاتٍ مُتَجَمِّلَاتٍ , وَمَنْعُهُنَّ مِنْ الثِّيَابِ الَّتِي يَكُنَّ بِهَا كَاسِيَاتٍ عَارِيَّاتٍ , كَالثِّيَابِ الْوَاسِعَةِ وَالرِّقَاقِ , وَمَنْعُهُنَّ مِنْ حَدِيثِ الرِّجَالِ , فِي الطُّرُقَاتِ , وَمَنْعُ الرِّجَالِ مِنْ ذَلِكَ . وَإِنْ رَأَى وَلِيُّ الْأَمْرِ أَنْ يُفْسِدَ عَلَى الْمَرْأَةِ - إذَا تَجَمَّلَتْ وَتَزَيَّنَتْ وَخَرَجَتْ - ثِيَابَهَا بِحِبْرٍ وَنَحْوِهِ , فَقَدْ رَخَّصَ فِي ذَلِكَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ وَأَصَابَ , وَهَذَا مِنْ أَدْنَى عُقُوبَتِهِنَّ الْمَالِيَّةِ . وَلَهُ أَنْ يَحْبِسَ الْمَرْأَةَ إذَا أَكْثَرَتْ الْخُرُوجَ مِنْ مَنْزِلِهَا , وَلَا سِيَّمَا إذَا خَرَجَتْ مُتَجَمِّلَةً , بَلْ إقْرَارُ النِّسَاءِ عَلَى ذَلِكَ إعَانَةٌ لَهُنَّ عَلَى الْإِثْمِ وَالْمَعْصِيَةِ , وَاَللَّهُ سَائِلٌ وَلِيَّ الْأَمْرِ عَنْ ذَلِكَ . وَقَدْ مَنَعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه النِّسَاءَ مِنْ الْمَشْيِ فِي طَرِيقِ الرِّجَالِ , وَالِاخْتِلَاطِ بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ . فَعَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ فِي ذَلِكَ . وَقَالَ الْخَلَّالُ فِي جَامِعِهِ " : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ : أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ : أَرَى الرَّجُلَ السُّوءَ مَعَ الْمَرْأَةِ ؟ قَالَ : صِحْ بِهِ , وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : { أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا تَطَيَّبَتْ وَخَرَجَتْ مِنْ بَيْتِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ } . وَ " يَمْنَعُ الْمَرْأَةَ إذَا أَصَابَتْ بَخُورًا أَنْ تَشْهَدَ عِشَاءَ الْآخِرَةِ فِي الْمَسْجِدِ " . فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : { الْمَرْأَةُ إذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ } . وَلَا رَيْبَ أَنَّ تَمْكِينَ النِّسَاءِ مِنْ اخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ : أَصْلُ كُلِّ بَلِيَّةٍ وَشَرٍّ , وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ نُزُولِ الْعُقُوبَاتِ الْعَامَّةِ , كَمَا أَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ فَسَادِ أُمُورِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ , وَاخْتِلَاطُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ سَبَبٌ لِكَثْرَةِ الْفَوَاحِشِ وَالزِّنَا , وَهُوَ مِنْ أَسْبَابِ الْمَوْتِ الْعَامِّ , وَالطَّوَاعِينِ الْمُتَّصِلَةِ . وَلَمَّا اخْتَلَطَ الْبَغَايَا بِعَسْكَرِ مُوسَى , وَفَشَتْ فِيهِمْ الْفَاحِشَةُ : أَرْسَلَ اللَّهُ إلَيْهِمْ الطَّاعُونَ , فَمَاتَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَبْعُونَ أَلْفًا , وَالْقِصَّةُ مَشْهُورَةٌ فِي كُتُبِ التَّفَاسِيرِ . فَمِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْمَوْتِ الْعَامِّ : كَثْرَةُ الزِّنَا , بِسَبَبِ تَمْكِينِ النِّسَاءِ مِنْ اخْتِلَاطِهِنَّ بِالرِّجَالِ , وَالْمَشْيِ بَيْنَهُمْ مُتَبَرِّجَاتٍ مُتَجَمِّلَاتٍ , وَلَوْ عَلِمَ أَوْلِيَاءُ الْأَمْرِ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ فَسَادِ الدُّنْيَا وَالرَّعِيَّةِ - قَبْلَ الدِّينِ - لَكَانُوا أَشَدَّ شَيْءٍ مَنْعًا لِذَلِكَ . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه : " إذَا ظَهَرَ الزِّنَا فِي قَرْيَةٍ أَذِنَ اللَّهُ بِهَلَاكِهَا " . وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْعَثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ الْعَمِّيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : { مَا طَفَّفَ قَوْمٌ كَيْلًا , وَلَا بَخَسُوا مِيزَانًا , إلَّا مَنَعَهُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْقَطْرَ , وَلَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الزِّنَا إلَّا ظَهَرَ فِيهِمْ الْمَوْتُ , وَلَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ إلَّا ظَهَرَ فِيهِمْ الْخَسْفُ , وَمَا تَرَكَ قَوْمٌ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ إلَّا لَمْ تُرْفَعْ أَعْمَالُهُمْ , وَلَمْ يُسْمَعْ دُعَاؤُهُمْ } .)

16. قال ابن قدامة: (إذَا كَانَ مَعَ الْإِمَامِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ , فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَثْبُتَ هُوَ وَالرِّجَالُ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّهُنَّ قَدْ انْصَرَفْنَ , وَيَقُمْنَ هُنَّ عَقِيبَ تَسْلِيمِهِ . قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : { إنَّ النِّسَاءَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُنَّ إذَا سَلَّمَ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ قُمْنَ , وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ صَلَّى مِنْ الرِّجَالِ مَا شَاءَ اللَّهُ , فَإِذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ الرِّجَالُ . } قَالَ الزُّهْرِيُّ فَنَرَى , وَاَللَّهُ أَعْلَمُ , لِكَيْ يَبْعُدَ مَنْ يَنْصَرِفُ مِنْ النِّسَاءِ . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ . وَلِأَنَّ الْإِخْلَالَ بِذَلِكَ مِنْ أَحَدِهِمَا يُفْضِي إلَى اخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ)

17. وقال ابن أبي عمر في الشرح الكبير: ((مسألة) * (فان كان معه نساء لبث قليلا لنصرف النساء) لما روت أم سلمة قالت إن النساء كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال قال الزهري فنرى ذلك والله أعلم ان ذلك لكي ينفذ من ينصرف من النساء رواه البخاري، ويستحب للنساء أن لا يجلسن بعد الصلاة لذلك ولان الاخلال به من أحد الفريقين يفضي إلى اختلاط الرجال بالنساء)

18. وقال البهوتي في الكشاف: (وَيُسْتَحَبُّ لِلنِّسَاءِ قِيَامُهُنَّ عَقِبَ سَلَامِ الْإِمَامِ ، وَثُبُوتُ الرِّجَالِ قَلِيلًا ) ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيُّ فَنَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكْهُنَّ الرِّجَالُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَلِأَنَّ الْإِخْلَالَ بِذَلِكَ يُفْضِي إلَى اخْتِلَاطِ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ)

19. وقال الحجاوي في الإقناع: (وَيُمْنَعُ فِيهِ اخْتِلَاطُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ) لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَفَاسِدِ .)
20. قال ابن رجب في شرحه لصحيح البخاري: (وَقَدْ وَرَدَ مَا هُوَ أَصْرَح مِنْ هَذَا فِي مَنْعهنَّ ، وَلَكِنَّهُ عَلَى غَيْر شَرْط الْمُصَنِّف ، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَيْهِ وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيث أَنَس قَالَ " خَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَة ، فَرَأَى نِسْوَة فَقَالَ : أَتَحْمِلْنَهُ ؟ قُلْنَ : لَا . قَالَ : أَتَدْفِنَّهُ ؟ قُلْنَ : لَا . قَالَ : فَارْجِعْنَ مَأْزُورَات غَيْر مَأْجُورَات " . وَنَقَلَ النَّوَوِيّ فِي " شَرْح الْمُهَذَّب " أَنَّهُ لَا خِلَاف فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة بَيْن الْعُلَمَاء ، وَالسَّبَب فِيهِ مَا تَقَدَّمَ ، وَلِأَنَّ الْجِنَازَة لَا بُدّ أَنْ يُشَيِّعهَا الرِّجَال فَلَوْ حَمَلَهَا النِّسَاء لَكَانَ ذَلِكَ ذَرِيعَة إِلَى اِخْتِلَاطهنَّ بِالرِّجَالِ فَيُفْضِي إِلَى الْفِتْنَة.)
21. وقال أيضاً: (وإنما المشروع تميز النساء عَن الرجال جملة ؛ فإن اختلاطهن بالرجال يخشى منهُ وقوع المفاسد.)


ومن غيرهم:
22. قال الشوكاني في شرح حديث أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ : { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا سَلَّمَ قَامَ النِّسَاءُ حِينَ يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَهُوَ يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ يَسِيرًا قَبْلَ أَنْ يَقُومَ } قَالَتْ : فَنَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِكَيْ يَنْصَرِفَ النِّسَاءُ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُنَّ الرِّجَالُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ (الْحَدِيثُ فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ مُرَاعَاةُ أَحْوَالِ الْمَأْمُومِينَ وَالِاحْتِيَاطُ فِي اجْتِنَابِ مَا قَدْ يَقْضِي إلَى الْمَحْذُورِ وَاجْتِنَابُ مَوَاقِعِ التُّهَمِ وَكَرَاهَةُ مُخَالَطَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الطُّرُقَاتِ فَضْلًا عَنْ الْبُيُوتِ ) .
23. وقال: (قَوْله : ( وَخَيْرُ صُفُوف النِّسَاء آخِرُهَا ) إنَّمَا كَانَ خَيْرهَا لِمَا فِي الْوُقُوف فِيهِ مِنْ الْبُعْد عَنْ مُخَالَطَة الرِّجَال)

ومن المعاصرين:
24. قال سيد قطب: (والقرآن يحذر من مجرد مقاربة الزنا . وهي مبالغة في التحرز . لأن الزنا تدفع إليه شهوة عنيفة ، فالتحرز من المقاربة أضمن . فعند المقاربة من أسبابه لا يكون هناك ضمان . ومن ثم يأخذ الإسلام الطريق على أسبابه الدافعة ، توقياً للوقوع فيه . . يكره الاختلاط في غير ضرورة .)
25. وقال سيد قطب أيضاً: (فلا يقل أحد غير ما قال الله . لا يقل أحد إن الاختلاط ، وإزالة الحجب، والترخص في الحديث واللقاء والجلوس والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب ، وأعف للضمائر ، وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة ، وعلى إشعار الجنسين بالأدب وترقيق المشاعر والسلوك . . إلى آخر ما يقوله نفر من خلق الله الضعاف المهازيل الجهال المحجوبين . لا يقل أحد شيئاً من هذا والله يقول : { وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } . . يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات . أمهات المؤمنين . وعن رجال الصدر الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لا تتطاول إليهن وإليهم الأعناق! وحين يقول الله قولاً ويقول خلق من خلقه قولاً . فالقول لله سبحانه وكل قول آخر هراء ، لا يردده إلا من يجرؤ على القول بأن العبيد الفانين أعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي الذي خلق هؤلاء العبيد! والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله ، وكذب المدعين غير ما يقوله الله.)
26. وقال سيد طنطاوي في تفسيره (الوسيط): (اختلاط الرجال بالنساء . كثيرا ما يؤدى إلى الوقوع فى الفاحشة وذلك لأن ميل الرجل إلى المرأة وميل المرأة إلى الرجل أمر طبيعى ، وما بالذات لا يتغير . ووجود يوسف - عليه السلام - مع امرأة العزيز تحت سقف واحد فى سن كانت هى فيه مكتملة الأنوثة ، وكان هو فيها فتى شابا جميلا . . أدى إلى فتنتها به ، وإلى أن تقول له فى نهاية الأمر بعد إغراءات شتى له منها : { هَيْتَ لَكَ } .ولا شك أن من الأسباب الأساسية التى جعلتها تقول هذا القول العجيب وجودهما لفترة طويلة تحت سقف واحد .لذا حرم الإِسلام تحريما قاطعا الخلوة بالأجنبية ، سدا لباب الوقوع فى الفتن ، ومنعا من تهيئة الوسائل للوقوع فى الفاحشة .ومن الأحاديث التى وردت فى ذلك ما رواه الشيخان عن عقبة بن عامر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إياكم والدخول على النساء ، فقال رجل من الأنصار ، أفرأيت الحمو يا رسول الله؟ قال : الحمو الموت " والحمو هو قريب الزوج كأخيه وابن عمه. وسئلت امرأة انحرفت عن طريق العفاف ، لماذا كان منك ذلك فقالت : قرب الوساد ، وطول السواد .أى : حملنى على ذلك قربى ممن أحبه وكثرة محادثتى له!)
27. وقال عبد المجيد سليم من علماء الأزهر: (هذا وقد ذكر العلامة ابن القيم فى كتابه الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية فصلا بين فيه أنه يجب على أولى الأمر أن يمنع اختلاط الرجال بالنساء فى الأسواق ومجامع الرجال .وذكر فيه أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر .)
28. وقال الشيخ عطية صقر من علماء الأزهر: (وأما كون الرأى وهو عدم اختلاط الرجال بالنساء إلا فى أضيق الحدود، مقبولا فإن الواقع يشهد له ، والأدلة فى القرآن والسنة بعمومها تؤيده)
29. وقال سيد سابق في فقه السنة: (اعلان الزواج يستحسن شرعا إعلان الزواج، ليخرج بذلك عن نكاح السر المنهي عنه، وإظهارا للفرح بما أحل الله من الطيبات. وإن ذلك عمل حقيق بأن يشتهر، ليعلمه الخاص والعام، والقريب والبعيد، وليكون دعاية تشجع الذين يؤثرون العزوبة على الزواج، فتروج سوق الزواج. والاعلان يكون بما جرت به العادة، ودرج عليه عرف كل جماعة، بشرط ألا يصحبه محظور نهى الشارع عنه كشرب الخمر، أو اختلاط الرجال بالنساء، ونحو ذلك.)
30. قال الشيخ محمد جميل زينو: (من المنكرات العامة : الاستماع إلى الموسيقى أو الأغاني الخليعة ، واختلاط الرجال بالنساء من غير المحارم ، ولو من الأقارب كابن العم والخالة وأخ الزوج وغيره)

وبعدُ:
فهذا كلام علماء الشريعة العالمين بمقاصدها، فهل بعد هذا يقول أحد إن المنع من الاختلاط تشدد أو تنطع أو تضييق!؟
هذا ما تيسر جمعه وأسأل الله أن ينفع به، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول ويتبعون أحسنه، وأن يجعلنا ممن إذا دعوا إلى الخير أجابوا، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________

بكالوريس شريعة
جامعة الإمام-الرياض
تمهيدي ماجستير فقه مقارن بالمعهد العالي للقضاء - الرياض
 
طيب بارك الله فيكم ما حد الاختلاط المحرم والغير محرم ؟؟

سؤال جدا مهم عند تطبيق المسألة
 
أخي سامي السلفي !

إذا كان فينا غيرة وفي نسائنا حياء فلن نحتاج إلى أن نسأل عن حدود الاختلاط. لأن المرأة الحيية تبتعد عن الرجال بفطرتها، والرجل الغيور يفصل بين الرجال والنساء بفطرته.

لكن للحاجة أحكام، فشراء المرأة ومساومتها للبائع أمر مرخص به، ووقوفها أمام القاضي وقت القضاء كذلك، ومداواة الطبيب لها حين لا توجد الطبيبة كذلك، والاختلاط القسري في السوق كذلك، وبعض الاختلاط الموجود في المسجد الحرام كذلك، وخروج المرأة للعمل ضرورة كذلك..

أما جلوس النساء مع الرجال في البيوت للحديث والسمر، أو خروجهم معًا إلى المطاعم والنزهات، أو اعتياد الرجال على الخروج والدخول من أماكن جلوس النساء فهذا كله ينبغي منعه على من مسخت فطرة الغيرة فيهم وفطرة الحياء فيهن.
 
هــذا الموضوع في غاية الأهمية
لكــن لا أعلم لماذا وُضع في ملتقى التفسير وعلوم القرآن , فأرجو من الأخوة وضعه في الملتقى المفتوح , (كذلك كنتم من قبل فمنّ الله عليكم فتبيّنوا..) ...
أقول بالنسبة لموضوع الاختلاط , فإنّ مردّ ذلك والعلم عند الله تعالى أنه يعود إلى فطرة المرأة ومدى حيائها كما تفضّل بذلك فضيلة الشيخ مهنّد حفظه الله , فيجب أن تتوعّى المؤمنة , لو من خلال إقامة مسابقات , كما فعل الجامع الذي بجوارنا , كتب أسئلة حول كتاب حراسة الفضيلة للشيخ الدكتور بكر أبو زيد رحمه الله , وجعلها مسابقة خاصة لنساء الحي.... _وجهة نظــر_
أسأل الله أن يعيدنا لشرع الله وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه , ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.. اللهم آمين
 
بسم الله والحمد لله وبعد شكر الله لصاحب الموضوع ولمن شارك كل على ما قدم ، ولي مشاركة ارجو ان تتسع لها الصدور قبل السطور :
١- ما المراد بالاختلاط (تحرير المصطلح).
٢- هل هو المحرم في النصوص القرآنية.
والله اعلم
 
عودة
أعلى