أبو إسحاق الحضرمي
New member
بسم1
يشقُّ على بعض مشايخنا وأساتذنا أن يفرِّغ جزءاً من وقته لتعليم وإقراء الصبيان القرآن الكريم، وتصحيح تلاوتهم لكتاب ربهم سبحانه وتعالى، بل تجد بعضهم يريد أن يقرأ عليه طالب متقن جاهز، ولا يريد أن يتعب نفسه معه، ولو علم بعض هؤلاء أنَّ تعليم الصبي الفاتحة وتصحيحها له فيها من الأجر العظيم، لأنه كم سيصلي بها طول حياته، يا له من مغنم، قلَّ من يتفطَّن له إلا من رحم ربي جل وعلا.
بوَّب الإمام البخاري: باب تعليم الصبيان القرآن: حدثني موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، قال: إن الذي تدعونه المفصل هو المحكم، قال: وقال ابن عباس: (توفي رسول الله صلى الله عليه وسلموأنا ابن عشر سنين، وقد قرأت المحكم).
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي: عن الوضين بن عطاء قال: (كان بالمدينة ثلاثة معلمين يعلمون الصبيان، فكان عمر بن الخطاب يرزق كلَّ واحدٍ منهم خمسة عشر كلَّ شهر).
وحرص الأئمة على هذا النهج في الجلوس لتعليم الصبيان، ومن ذلك:
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي: عن الوضين بن عطاء قال: (كان بالمدينة ثلاثة معلمين يعلمون الصبيان، فكان عمر بن الخطاب يرزق كلَّ واحدٍ منهم خمسة عشر كلَّ شهر).
وحرص الأئمة على هذا النهج في الجلوس لتعليم الصبيان، ومن ذلك:
1) محمد بن سليمان بن أحمد بن ذكوان، أبو طاهر البعلبكي المؤذن المقرئ: ت: 354 هـ: إنما جلس يؤدب بباب جامع صيدا قبل موته بعامين، لأنه احتاج إلى تعليم الصبيان (معرفة القراء الكبار: 1/178) (غاية النهاية: 2/148).
2) أبو منصور الخياط الزاهد المقرئ: ت: 499هـ.
قال السمعاني: رأوه بعد موته فقيل له ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بتعليمي الصبيان فاتحة الكتاب. (معرفة القراء الكبار: 1/256) (غاية النهاية: 2/75).
3) إبراهيم بن عبد الله الحموي: ت: 773هـ.
قال ابن الجزري: قرأتُ عليه جمعًا للسبعة ومنه تعلمت التجويد وأخذته، ولم أر في شيوخي أعلم منه بدقائق التجويد (غاية النهاية: 1/18).3) إبراهيم بن عبد الله الحموي: ت: 773هـ.
قدم دمشق فجلس بمسجد بالعقيبة يعلم الصبيان وكان مجودًا حاذقًا.
4) محمد بن معافى بن صميل أبو عبد الله الأندلسي الجياني: ت: 410هـ.
قال الداني: قدم قرطبة سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة, وقرأ على خالي محمد بن يوسف ثم رحل إلى المشرق سنة تسع وأتى أبا الطيب بن غلبون وقرأ عليه برواية قالون عن نافع، وأقرأ الناس في بلده، وعلم الصبيان إلى أن أخرج في الفتنة إلى الثغر، (غاية النهاية: 2/264).
5) ذكر ابن الجزري هذه الحادثة، فقال: حدَّثنا شيخنا أبو بكر بن أيدغدي الشمسي، قال: حكى لنا شيخنا الصائغ، قال: لمَّا وصلتُ في القراءات على شيخنا ابن ناشرة إلى سورة الفجر منعني الختم، كأنه استصغرني على الإجازة، قال: فشقَّ ذلك عليَّ، وجئتُ إلى شيخنا الكمال الضرير، فعرفته، فقال: إذا كان الغد وجلس الشيخ خذ بيدي إليه، قال: فلما أصبحنا وجاء الشيخ أتيتُ الكمال الضرير، فأخذتُ بيده من موضعه إلى عند ابن ناشرة، فتحدثا ساعةً، ثم قال: لِمَ لم تدع هذا يختم؟ فقال: يا سيدي الناس كثير، وهذا صغير، والله يعلم متى ينقرض هؤلاء الذين قرءوا علينا، قال: فأمسك الشيخ الكمال بفخذيه، وقال: اسمع نحن نجيز مِن دبَّ ودرج عسى أن ينبل منهم شخصٌ ينفع الناس ونذكر به، وما يدريك أن يكون هذا وأشار إليَّ ، قال: والله لقد كانت مكاشفةً من الشيخ كمال الدين، فإنه لم يبقَ على وجه الأرض من أولئك الخلائق مَن يروي عنهما غيري) (غاية النهاية: 1/380).
6) عمر بن عيسى بن إبراهيم بن أبي بكر الناشري:
6) عمر بن عيسى بن إبراهيم بن أبي بكر الناشري:
حفظ الشاطبية وأكثر المنهاج وأخذ عن جماعة من أهله وقرأ أكثر القراءات، وانتفع به في القراءات العفيف الناشري -شارح الدرة- وممن انتفع به سيما الصبيان الذين كان يعلمهم القرآن، وأم بمسجد خليجان عند الصلاحية بزبيد (الضوء اللامع: 6/111).
قلتُ: فهذه أمثلة يسيرة لأئمة متقنين ضابطين جلسوا لإقراء الصبيان القرآن العظيم ابتغاء ما عند الله تعالى، فيا ليت بعض مقرئي عصرنا يتفرغون لإقراء الطلبة في حلقات التحفيظ، أو حلقات خاصة بهم لتصحيح تلاوتهم، فهذه إشارة إلى سدِّ هذا الخلل الواقع عند بعض المقرئين، واللبيب بالإشارة يفهم.
أبو إسحاق الحضرمي
الرياض: 10 رجب 1434 هـ
الرياض: 10 رجب 1434 هـ