الاحتجاج برؤية النبي صلى الله عليه وسلم (ما موقف المفسرين )

إنضم
03/09/2008
المشاركات
389
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى ، والصلاة والسلام على نبينا محمد .
أما بعد :

شغلتني قضية الاحتجاج برؤية النبي صلى الله عليه وسلم ، وأتمنى معرفة رأي المفسرين في هذه المسألة ؟
وهذه نقول جمعتها ، وفي انتظار ما تثرون به الموضوع بارك الله فيكم .

ورد في تفسير القرطبي :
واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم، قال أبو عبيد: سمعت أبا نعيم القارئ يقول: قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بقراءة أبي عمرو فلم يغير علي إلا حرفين، قال: قرأت عليه " أرنا " فقال: أرنا، فقال أبو عبيد: وأحسب الحرف الاخر " أو ننسأها " فقال: " أو ننسها ".
وروي عن أبي عبد الرحمن السلمي قال سمعت أبا علي السري يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يارسول الله ! روي عنك أنك قلت: " شيبتني هود ".
فقال: " نعم " فقلت له: ما الذي شيبك منها ؟ قصص الأنبياء وهلاك الأمم ! فقال: " لا ولكن قوله: فاستقم كما أمرت ".

قال ابن حجر:
وَيُؤْخَذ مِنْ هَذَا مَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيه عَلَيْهِ أَنَّ النَّائِم لَوْ رَأَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرهُ بِشَيْءٍ هَلْ يَجِب عَلَيْهِ اِمْتِثَاله وَلَا بُدّ ، أَوْ لَا بُدّ أَنْ يَعْرِضهُ عَلَى الشَّرْع الظَّاهِر ، فَالثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَد كَمَا تَقَدَّمَ .

قال العلامة محمد صديق خان :
ولا يخفاك أن الشرع الذي شرعه الله لنا على لسان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد كمله الله تعالى :
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
ولم يأتنا دليل على أن رؤيته صلى الله عليه وسلم في النوم بعد موته صلى الله عليه وسلم إذا قال فيها بقول أو فعل فيها فعلا يكون دليلا وحجة .
إلى أن قال :
وبهذا تعلم أن لو قدرنا ضبط النائم لم يكن ما رآه من قوله صلى الله عليه وسلم أو فعله حجة عليه ولا على غيره من الأمة ." أهــ


 
جزاك الله خيراً أختي الكريمة أم عبد الله على مشاركتك واسمحي لي بملاحظة من فضلك:
إن مسؤولية كل عضو ما أعضاء الملتقى أن يضع مشاركته في القسم المناسب لها وأرى أنك ربما عن غير قصد وضعت مشاركتك في الملتقى التقني وهي لا تتناسب معه مطلقاً ونحن نقدر انشغال المشرفين ولا نريد أن نثقل عليهم بنقل المواضيع إلى مكانها المناسب لذا أرجو منك أختي الكريمة أن تراعي هذه الملاحظة في المشاركات القادمة بإذن الله.
شكر الله لك على سعة صدرك ، وفقك الله تعالى لكل خير
 

قال ابن حجر:
وَيُؤْخَذ مِنْ هَذَا مَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيه عَلَيْهِ أَنَّ النَّائِم لَوْ رَأَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرهُ بِشَيْءٍ هَلْ يَجِب عَلَيْهِ اِمْتِثَاله وَلَا بُدّ ، أَوْ لَا بُدّ أَنْ يَعْرِضهُ عَلَى الشَّرْع الظَّاهِر ، فَالثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَد كَمَا تَقَدَّمَ .
رأي ابن حجر ظاهر بائن في المسألة . ولا أظن أن أحداً سيقول غير ما قال أو أن يُعدّل عليه بقول آخر ليس فيه حجة. .
 
رأي ابن حجر ظاهر بائن في المسألة . ولا أظن أن أحداً سيقول غير ما قال أو أن يُعدّل عليه بقول آخر ليس فيه حجة. .
لكن إذا وجد اختلاف في المسألة الاجتهادية ، فرجحت الرؤيا رأيا ، وقد تساوى الرأيين عند المجتهد ، فماذا يفعل ؟

وهذا طبعا ما يسميه أهل العلم ، دلالة الإلهام :
قَالَ اِبْن السَّمْعَانِيّ : وَإِنْكَار الْإِلْهَام مَرْدُود ، وَيَجُوز أَنْ يَفْعَل اللَّه بِعَبْدِهِ مَا يُكَرِّمهُ بِهِ ، وَلَكِنَّ التَّمْيِيز بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلّ مَا اِسْتَقَامَ عَلَى الشَّرِيعَة الْمُحَمَّدِيَّة وَلَمْ يَكُنْ فِي الْكِتَاب وَالسُّنَّة مَا يَرُدّهُ فَهُوَ مَقْبُول ، وَإِلَّا فَمَرْدُود يَقَع مِنْ حَدِيث النَّفْس وَوَسْوَسَة الشَّيْطَان ، ثُمَّ قَالَ : وَنَحْنُ لَا نُنْكِر أَنَّ اللَّه يُكَرِّم عَبْده بِزِيَادَةِ نُور مِنْهُ يَزْدَاد بِهِ نَظَرُهُ وَيَقْوَى بِهِ رَأْيُهُ ، وَإِنَّمَا نُنْكِر أَنْ يَرْجِع إِلَى قَلْبه بِقَوْلٍ لَا يَعْرِف أَصْله ، وَلَا نَزْعُم أَنَّهُ حُجَّة شَرْعِيَّة وَإِنَّمَا هُوَ نُور يَخْتَصّ اللَّه بِهِ مَنْ يَشَاء مِنْ عِبَاده فَإِنْ وَافَقَ الشَّرْع كَانَ الشَّرْع هُوَ الْحُجَّة اِنْتَهَى . وَيُؤْخَذ مِنْ هَذَا مَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيه عَلَيْهِ أَنَّ النَّائِم لَوْ رَأَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرهُ بِشَيْءٍ هَلْ يَجِب عَلَيْهِ اِمْتِثَاله وَلَا بُدّ ، أَوْ لَا بُدّ أَنْ يَعْرِضهُ عَلَى الشَّرْع الظَّاهِر ، فَالثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَد كَمَا تَقَدَّمَ ." أهــ فتح الباري.
 
هذه فائدة من أحد الإخوة أسوقها إليك-حفظك الله وسدد خطاك-، لكن من غير موقف المفسرين، قال العلامة الشوكاني -رحمه الله تعالى- كما في "إرشاد الفُحول إلى علم الأصول" (2/291، 292): "ولم يأتنا دليل يدُل على أن رؤيته في النوم بعد موته صلى الله عليه وسلم إذا قال فيها بقول أو فعل فيها يكون دليلاً وحُجَّة، بل قد قبضهُ الله إليه بعد أن كَمَّل لهذه الأُمَّة ما شرعه لها على لسانه". اهـ
 
ـ قال الشيخ العلامة عبد الرحمن المُعَلِّمي رحمه الله تعالى كما في "التنكيل لما ورد في تأنيب الكوثري من الأباطيل" (2/259): "الغالب أن تكون على خلاف الظاهر حتى في رُؤيا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما قُصَّ من ذلك في القرآن، وثبت في الأحاديث الصحيحة، ولهذه الأُمور اتفق أهل العلم على أن الرُؤيا لا تصلُح للحُجَّة، وإنما هي تبشير وتنبيه، وتصلُح للاستئناس بها إذا وافقت حُجًّة شرعية صحيحة كما ثبُتَ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول بمُتعة الحج لثبوتها عنده بالكتاب والسُنَّة، فرأى بعض أصحابه رُؤيا توافق ذلك، فاستبشر ابن عباس". اهـ. والله أعلم.
 
ـ قال الشيخ العلامة عبد الرحمن المُعَلِّمي رحمه الله تعالى كما في "التنكيل لما ورد في تأنيب الكوثري من الأباطيل" (2/259): "الغالب أن تكون على خلاف الظاهر حتى في رُؤيا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما قُصَّ من ذلك في القرآن، وثبت في الأحاديث الصحيحة، ولهذه الأُمور اتفق أهل العلم على أن الرُؤيا لا تصلُح للحُجَّة، وإنما هي تبشير وتنبيه، وتصلُح للاستئناس بها إذا وافقت حُجًّة شرعية صحيحة كما ثبُتَ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقول بمُتعة الحج لثبوتها عنده بالكتاب والسُنَّة، فرأى بعض أصحابه رُؤيا توافق ذلك، فاستبشر ابن عباس". اهـ. والله أعلم.

جزاك الله خيرا أخي الكريم وبارك فيك .
أشكرك على هذه النقول التي أثرت الموضوع.
والتي تجعلني أظن أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ألصق بصاحبها ، فهو المستفيد منها طبعا فيما لا يخالف الشرع ، والله أعلم.
 
الأخت الكريم/" أم عبد الله الجزائرية": وفيكم بارك الله..

icon2.gif
وأنصحك بكتاب (الرؤى عند أهل السنة والجماعة والمخالفين) للدكتور/ "سهل بن رفاع العتيبي"-سدده الله-فإنه مهم مفيد في بابه..ولا بأس من نقل بعض النقولات من كتاب المذكور:

ـ قال العلامة الشاطبي -رحمه الله-كما في (الموافقات): " اعلم أن النبي صل1 مؤيد بالعصمة معضود بالمعجزة الدالة على صدق ما قال وصحة ما بين، وأنت ترى الاجتهاد الصادر منه معصومًا بلا خلاف؛ إما لأنه لا يخطئ البتة، وإما أنه لا يقر على خطأ إن فرض فما ظنك بغير ذلك؟ فكل ما حكم به أو أخبر عنه من جهة رؤيا نوم، أو رؤية كشف مثل ما حكم به مما ألقى إليه الملك عن الله عز وجل.
وأما أمته فكل واحد منهم غير معصوم؛ بل يجوز عليه الغلط، والخطأ والنسيان ويجوز أن يكون رؤياه حلمًا وكشفه غير حقيقي، وإن تبين في الوجود صدقه، واعتيد ذلك فيه، واطرد فإمكان الخطأ، والوهم باق، وما كان هذا شأنه لم يصح أن يقطع به حكم".اهـ

[FONT=&quot] وقال الشاطبي -رحمه الله- كما في (الإعتصام): "وأما الرؤيا التي يخبر فيها رسول الله صل1[FONT=&quot] بحكم فلا بد من النظر فيها أيضًا، لأنه إذا أخبر بحكم موافق لشريعته، فالحكم استقر وإن أخبر بمخالف، فمحال لأنه [/FONT][FONT=&quot]صل1[/FONT] [/FONT] لا ينسخ بعد موته شريعته المستقرة في حياته, لأن الدين لا يتوقف استقراره بعد موته على حصول المرائي النومية، لأن ذلك باطل بالإجماع؛ فمن رأى شيئًا من ذلك، فلا عمل عليه، وعن ذلك نقول: إن رؤياه غير صحيحة، إذ لو رآه حقًا لم يخبره بما يخالف الشرع".اهـ

ـ ولشيخنا محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-كلام في الاستئناس بها كما في تعليقاته على صحيح البخاري، والله الموفق.

 
[FONT=&quot]وخلاصة الأمر كما قال العلامة الشاطبي -رحمه الله-في (الاعتصام): " وعلى الجملة فلا يستدل بالرؤيا في الأحكام إلا ضعيف المنة، نعم يأتي المرئي تأنيسًا ، وبشارة ، ونذارة خاصة، بحيث لا يقطعون بمقتضاها حكمًا، ولا يبنون عليها أصلا وهو الاعتدال في أخذها حسبما فهم من الشرع فيها والله أعلم ".اهـ[/FONT]
 

[FONT=&quot]وخلاصة الأمر كما قال العلامة الشاطبي -رحمه الله-في (الاعتصام): " وعلى الجملة فلا يستدل بالرؤيا في الأحكام إلا ضعيف المنة، نعم يأتي المرئي تأنيسًا ، وبشارة ، ونذارة خاصة، بحيث لا يقطعون بمقتضاها حكمًا، ولا يبنون عليها أصلا وهو الاعتدال في أخذها حسبما فهم من الشرع فيها والله أعلم ".اهـ[/FONT]​



وهذا قول له من الحق نصيب وعليه العمل..
 
أخي عبد الحق آل أحمد جزاك الله الخير كله ، ووفقك .
وأشكر أخي عاطف الفيومي على مشاركته .
 
إحالة

إحالة

الأخت أم عبد الله بارك الله فيك
من باب الفائدة فإن مجلة معهد الشاطبي للدراسات القرآنية -العدد (4) -ذو الحجة 1428هـ نشرت بحثا بعنوان :
(ظاهرة المنامات في كتب القراءات وتراجم القراء )للإستاذ الدكتور : عمر يوسف حمدان، فيمكن النظر فيه علما بأنه لم يتطرق إلى مسألة حكم الاحتجاج ....
 
الأخت أم عبد الله بارك الله فيك
من باب الفائدة فإن مجلة معهد الشاطبي للدراسات القرآنية -العدد (4) -ذو الحجة 1428هـ نشرت بحثا بعنوان :
(ظاهرة المنامات في كتب القراءات وتراجم القراء )للإستاذ الدكتور : عمر يوسف حمدان، فيمكن النظر فيه علما بأنه لم يتطرق إلى مسألة حكم الاحتجاج ....
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك أخي الكريم .
ووجدت تحقيقا لابن القيم في هذه المسألة ممتاز أيضا ، ووجد أحد الكتاب يذكر أن هذه المسألة نحتاج إلى بحثها أكثر.
وجدت بحثا قيما للدكتور خالد العروسي بارك الله فيه ، وهو دلالة الإلهام .
يمكن الحصول على نسخة منه من خلال هذا الرابط .
http://uqu.edu.sa/page/ar/4083540
 
جزاك الله خيرا وبارك الله فيك أخي الكريم .
ووجدت تحقيقا لابن القيم في هذه المسألة ممتاز أيضا ، ووجد أحد الكتاب يذكر أن هذه المسألة نحتاج إلى بحثها أكثر.
وجدت بحثا قيما للدكتور خالد العروسي بارك الله فيه ، وهو دلالة الإلهام .
يمكن الحصول على نسخة منه من خلال هذا الرابط .
http://uqu.edu.sa/page/ar/4083540
جزاك الله خيراً أختي أم عبد الله وأرجو أن تكوني راضيّة عن أخيك تيسير فقد افتقدت مشاركاتك قليلاً . ولكني حينما رأيت هذه المشاركة سررت من قلبي وقلت هكذا هي الأخت أم عبد الله كما عهدناها ناشطة ومجتهدة . وبالله لا تنسينا من دعوة صالحة أخوك بحاجة ماسّة اليها أيتها الأخت الفاضلة.وعيد مبارك عليكم وتقبل الله الطاعات.
 
جزاك الله خيراً أختي أم عبد الله وأرجو أن تكوني راضيّة عن أخيك تيسير فقد افتقدت مشاركاتك قليلاً . ولكني حينما رأيت هذه المشاركة سررت من قلبي وقلت هكذا هي الأخت أم عبد الله كما عهدناها ناشطة ومجتهدة . وبالله لا تنسينا من دعوة صالحة أخوك بحاجة ماسّة اليها أيتها الأخت الفاضلة.وعيد مبارك عليكم وتقبل الله الطاعات.

أخي تيسير لا أجد أني غضبى على أي عضو هنا في الملتقى ، اطمئن ، ومن طبعي أن أنسى سريعا إن غضبت وهذه نعمة ورثتها أسأل الله تعالى أن لا أيحرمني منها اللهم آمين .و أسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه اللهم آمين .
 
لكن لاصحاب الرؤى ان يحتجوا بالحديث الصحيح " من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي " و هذا الحديث جاء قبل قوله " اليوم اكملت لكم دينكم " اذن فيبنى عليه ان رؤية الرسول في المنام من الدين , بفرض صحة رواية هذه الرؤية مما يحتاج الي التثبت من سند الاخبار وصولا الي عدالة و ثقة الرائي .

 
لكن لاصحاب الرؤى ان يحتجوا بالحديث الصحيح " من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي " و هذا الحديث جاء قبل قوله " اليوم اكملت لكم دينكم " اذن فيبنى عليه ان رؤية الرسول في المنام من الدين , بفرض صحة رواية هذه الرؤية مما يحتاج الي التثبت من سند الاخبار وصولا الي عدالة و ثقة الرائي .
أصحاب الرؤى يحتجوا بالحديث الصحيح «منرآني في المنام فقد رآني ، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي» فيبنى على هذا الحديث أن رؤيا الرسول في المنام منالدين , وأن الشيطان لا يتمثل به ، فإذا كان كذلك فإن أمره ونهيه من الدين الذي يجب العمل به ، ويبقى فقط التحقق من صحة رواية هذه الرؤية مما يحتاج إلي التثبت من سند الإخبار وصولاً اليعدالة و ثقة الرائي .
وهذا ما تحتج به الصوفية في هذه المسألة .
وهذا باب لو فتح ، لا يمكن قبول الشرائع إلا بسده .
قال النووي – رحمه الله تعالى – في شرح مسلم ( المقدمة ) عند قوله : ( إن حمزة الزيات رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام ، فعرض عليه ما سمعه من أَبَان ، فما عرف منه إلا شيئاً يسيراً )
« قال القاضي عياض - رحمه الله - : هذا ومثله استئناس واستظهار على ما تقرر من ضعف أبان ، لا أنه يقطع بأمر المنام ، ولا أنه تبطل بسببه سنة ثبتت ، ولا تثبت به سنة لم تثبت ، وهذا بإجماع العلماء ، هذا كلام القاضي .
وكذا قاله غيره من أصحابنا ، وغيرهم ، فنقلوا الاتفاق على أنه لا يغير بسبب ما يراه النائم ما تقرر في الشرع . وليس هذا الذي ذكرناه مخالفاً لقوله - صلى الله عليه وسلم - : « من رآني في المنام فقد رآني » . فإن معنى الحديث أن رؤيته صحيحة ، وليست من أضغاث الأحلام وتلبيس الشيطان ، ولكن لا يجوز إثبات حكم شرعي به ؛ لأن حالة النوم ليست حالة ضبط وتحقيق لما يسمعه الرائي ، وقد اتفقوا على أن من شرط من تقبل روايته وشهادته ، أن يكون متيقظاً لا مغفلاً ، ولا سيئ الحفظ ، ولا كثير الخطأ ، ولا مختل الضبط ، والنائم ليس بهذه الصفة ، فلم تقبل روايته لاختلال ضبطه ، هذا كله في منام يتعلق بإثبات حكم على خلاف ما يحكم به الولاة ، أما إذا رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمره بفعل ما هو مندوب إليه ، أو ينهاه عن منهي عنه ، أو يرشده إلى فعل مصلحة ، فلا خلاف في استحباب العمل على وفقه ؛ لأن ذلك ليس حكماً بمجرد المنام ، بل تقرر من أصل ذلك الشيء . والله أعلم » أهـ
إذن لا بد أن يعرض صاحب الرؤيا ما رآه على ما جاء به الشرع إن كانت تتعلق بالأحكام والعبادات ، فإن خالفت الشرع فليس ما رآه هو النبي -عليه عليه السلام - وإنما هي تلبيس على صاحبها ، وأن صاحبها لم ير الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإنما خيل له وظن أنه الرسول وليس هو الرسول ؛ لأن شرعه قد كمل ولا يتغير بعد موته – صلى الله عليه وسلم – بل إن تبليغه للرسالة قد انقطع بموته – صلى الله عليه وسلم – بعد أن بلغها ، وأدى الأمانة فيها ، ونصح أمته ، و جاهد في الله حق جهاده ، فما مات – صلى الله عليه وسلم – إلا وقد دل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وحذرهم من شر ما يعلمه لهم ، كما جاء في مسند أحمد (6487) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما - قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلّم - فخطبنا فقال: « إنه لم يكن نبي قبلي إلا دَلَّ أمته على ما يعلمه خيراً لهم ، ويحذرهم ما يعلمه شراً لهم » الحديث .
وقد سئل سماحة شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله – هذا السؤال في مجموع فتاوي الشيخ (2/385) :
«السؤال : يقول كثير من علمائنا أنه من الممكن أن نرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنام وأن رؤيته في المنام حقيقة ; لأن الشياطين لا يستطيعون أن يتمثلوا بشخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - , وهل مثل هذه العقيدة شرك أم لا ؟
الجواب : هذا القول حق وهو من عقيدة المسلمين ، وليس فيه شرك ؛ لأنه قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : « من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي » متفق على صحته . فهذا الحديث الصحيح , يدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - قد يرى في النوم , وأن من رآه في النوم على صورته المعروفة فقد رآه , فإن الشيطان لا يتمثل في صورته , ولكن لا يلزم من ذلك أن يكون الرائي من الصالحين , ولا يجوز أن يعتمد عليها في شيء يخالف ما علم من الشرع , بل يجب عرض ما سمعه الرائي من النبي - صلى الله عليه وسلم - من أوامر ، أو نواهي ، أو خبر ، أو غير ذلك من الأمور التي يسمعها أو يراها الرائي للرسول - صلى الله عليه وسلم - على الكتاب والسنة الصحيحة , فما وافقهما أو أحدهما قبل , وما خالفهما أو أحدهما ترك ; لأن الله سبحانه قد أكمل لهذه الأمة دينها ، وأتم عليها النعمة قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - , فلا يجوز أن يقبل من أحد من الناس ما يخالف ما علم من شرع الله ودينه سواء كان ذلك من طريق الرؤيا أو غيرها ، وهذا محل إجماع بين أهل العلم المعتد بهم , أما من رآه - عليه الصلاة والسلام - على غير صورته فإن رؤياه تكونكاذبة كأن يراه أمرد لا لحية له , أو يراه أسود اللون أو ما أشبه ذلك من الصفات المخالفة لصفته - عليه الصلاة والسلام - ؛ لأنه قال - عليه الصلاة والسلام - : « فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي » فدل ذلك على أن الشيطان قد يتمثل في غير صورته - عليه الصلاة والسلام - ويدعي أنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أجل إضلال الناس والتلبيس عليهم .
ثم ليس كل من ادعى رؤيته - صلى الله عليه وسلم - يكون صادقاً وإنما تقبل دعوى ذلك من الثقات المعروفين بالصدق والاستقامة على شريعة الله سبحانه , وقد رآه في حياته - صلى الله عليه وسلم - أقوام كثيرون فلم يسلموا ولم ينتفعوا برؤيته كأبي جهل وأبي لهب وعبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين وغيرهم , فرؤيته في النوم - عليه الصلاة والسلام - من باب أولى » .
 
السبب الوحيد اذن لتبرير عدم العمل بالحديث الصحيح قولك
لأن حالة النوم ليست حالة ضبط وتحقيق لما يسمعه الرائي
اذن فلا قيمة لمثل هذه الرؤي , فلا البشرى بشرى , و لا الانذار انذار
و كأن الشارع يفعل ما لا قيمة له لان حالة النوم ليست حالة ضبط !
انما من يعصم رؤيا الرسول من زيف الشيطان , اولى بان يعصم الرؤيا من ( لا ضبط ) النيّام
هكذا يكون للفعل حكمة

اظن , ان الرؤية ان ثبتت الي من نثق بعدالته , فهي حجة
و الله اعلم
 
السبب الوحيد اذن لتبرير عدم العمل بالحديث الصحيح قولك

اذن فلا قيمة لمثل هذه الرؤي , فلا البشرى بشرى , و لا الانذار انذار
و كأن الشارع يفعل ما لا قيمة له لان حالة النوم ليست حالة ضبط !
انما من يعصم رؤيا الرسول من زيف الشيطان , اولى بان يعصم الرؤيا من ( لا ضبط ) النيّام
هكذا يكون للفعل حكمة

اظن , ان الرؤية ان ثبتت الي من نثق بعدالته , فهي حجة
و الله اعلم
أخي الكريم - بارك الله فيك - :
هل ترى أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لو رآه أحد من الناس يأمر بأمر لم يرد في شريعته ، أو يخالف ما جاء في شريعته ، أن هذه الرؤيا مقبولة ويعمل بها ، بحجة أن الرؤيا إن ثبتت الي من نثق بعدالته , فهي حجة ؟
ارجو الجواب لو تكرمت .
 
بل اقول اخى ان هذا ممتنع اصلا
فلطالما الرؤية سليمة , فما كان لرسول الله ان يأمر بما يخالف شرع الله
 
مناقشة رائعة بين أخوي الفاضلين مسافر وضيدان وفيها فوائد جزاهم الله خيرا ، وسأضيف ما يلي :

يرى الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى أنه إذا نزلت نازلة بعامي ، وهو في مكان لا يجد من يسأله عنها ، رأى أن الفطرة السليمة مائلة إلى الحق ، ولا بد أن يقوم لها عليه بعض الأمارات المرجحة ، ولو بمنام أو إلهام ، ونرى أنه بذلك ربط بين المنام والإلهام ، ويظهر أنه يرى أن الإلهام أعم والمنام يندرج تحته ، ومما احتج به قوله تعالى :
((( وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) )))
أما عند ظهور الحجج الشرعية يرى أنه لا حجة فيه .
[ مدارج السالكين / 1/44] [ إعلام الموقعين / 1/ 244 ]

وقد احتج على جواز العمل بالرؤيا أيضا بما روته ابنة ثابت بن قيس بن شماس ، قالت :
( لما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ((( لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ))) الآية ، وآية ((( وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ))) جلس أبي في بيته يبكي ، ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأله عن أمره ، فقال :
إني امرؤ جهير الصوت ، وأخاف أن يكون قد حبط عملي ، فقال :
« بل تعيش حميدا ، وتموت شهيدا ، ويدخلك الله الجنة بسلام »
فلما كان يوم اليمامة مع خالد بن الوليد استشهد فرآه رجل من المسلمين في منامه ، فقال :
إني لما قتلت انتزع درعي رجل من المسلمين وخبأه في أقصى العسكر وهو عنده ، وقد أكب على الدرع برمة ، وجعل على البرمة رحلا ، فائت الأمير فأخبره ، وإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه ، وإذا أتيت المدينة فائت فقل لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن علي من الدين كذا وكذا ، وغلامي فلان من رقيقي عتيق ، وإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه ، قال : فأتاه فأخبره الخبر فوجد الأمر على ما أخبره ، وأتى أبا بكر فأخبره فأنفذ وصيته فلا نعلم أحدا بعدما مات أنفذ وصيته غير ثابت بن قيس بن شماس ) ( ينظر كتاب الرح لابن القيم )( اختيارات ابن اليم الأصولية ، لعبد المجيد الجزائري ، بإشراف الشيخ محمد فركوس" أهـ
وهنا كما نرى الصحابة رضي الله عنهم تثبتوا وتحققوا مما جاء في الرؤيا وأخذوا بالقرائن التي دلهم عليها رضي الله عنه ، وفي هذا فائدة عزيزة .

هذا والله أعلم وأحكم.
 
عودة
أعلى