عبدالرحمن الشهري
المشرف العام
- إنضم
- 29/03/2003
- المشاركات
- 19,331
- مستوى التفاعل
- 136
- النقاط
- 63
- الإقامة
- الرياض
- الموقع الالكتروني
- www.amshehri.com
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
أصل الوحي في اللغة:
أصل الوحي والإيحاء في اللغة "الإشارة السريعة"(1)، وهو دال على الخفاء، ومنه (الوحي الإلهي) إلى الملائكة والأنبياء، ومنه (الإلهام) بنوعيه: البشري، وغير البشري. فمن الأول إلهام أمّ موسى عليه السلام بإرضاعه، وإلقائه بصندوق في النهر حين خافت عليه قتل فرعون له. وذلك قوله تعالى:(وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمَِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ)(2).
وأما الثاني من الإيحاء، وهو غير البشري، فهو "الإلهام الفطري الغريزي"، وهو (المستمر)، كإلهام النحل باتخاذ البيوت من الطبيعة (الطبيعية) من شجر وجبل، ومن الطبيعة (الصناعية)، وهي العرائش التي يبنيها الناس، ثم الأكل من أنواع الثمر لصنع العسل. فهذا أيضًا سماه القرآن الكريم (إيحاء)، فقال تعالى: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ، ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ(3). وهذا الشراب المختلف كناية بالصفة عن هذا الغذاء والدواء الذي هو (العسل)، الذي أثبت له الطب الحديث فوائد كثيرة، منها الفتك بأنواع الميكروبات المسببة للأدواء، كالتيفوئيد، والدوسنتاريا، والنـزلات الشعبية وغيرها(4).
ويشعرنا بهذا الخفاء الذي يتّسم به الإيحاء، أنه مما وصف به شياطين الجنّ، ومعهم مَن وصفوا بشياطين الإنس، لتخلّقهم بخُلق الشياطين، في قول السوء والزور، فقال مصوِّرًا هذه الوشيجة التي بين الفريقين: شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا(5).
(2)
الإيحاء والرمز:
وللإيحاء البشري وسيلتان في التعبير عن المراد: إحداهما: الكلام، والأخرى: الحركة. فهو بهذا الأخير يجري مجرى (الرمز). وربما مجرى ما يعرف قديمًا في البلاغة باسم (المعاريض)، الذي مفرده (مِعْراض)(6)، وهو (التورية). وقد يكون الإيحاء بصوت مجرّد من التركيب، ولكنه غير مجرّد من الدلالة، كالتحسّر مثلاً. وقد يكون بإشارة ببعض أعضاء الجسم، كاليدين، والأصابع، والشفتين، والرأس.. وقد ورد الإيحاء بأحد هذه الرموز الإيحائية في تصوير انعقاد لسان النبي زكريا ، حين رُزق بالولد، فكان ذلك الانعقاد علامة وبشارة من الباري سبحانه على ذلك، وقد ورد في سياقين: الأول في قوله تعالى بعد انعقاد لسانه: فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا(7)، والثاني في قوله تعالى: قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا(8)، وذلك حين طلب علامة على رزقه بالولد.
ومِن اللغويين القدماء مَن يجعل (الرمز) ضمن مفهوم (الوحي)، على أساس أنّ الرمز خفاء مثلما الوحي خفاء. وهذا يصح ابتداء، إلاّ أنّ الذي تبيّن لي أنّ بينهما فارقًا، وهو أنّ الغالب على الإيحاء التعبير باللفظ، على حين تغلب على الرمز التعبير بالحركة. فمن ذلك "رمز الندم"، المعبَّر عنه في تعبير القرآن. وكذا في الواقع العملي غالبًا -بتقليب الكفّين. وقد ورد ذلك في ندم المنكِر لنِعَم الله عليه، في ما رزقه من جَنّة -أي بستان كثيف الأشجار غنيّ إذ صوّره البيان القرآني بقوله تعالى: فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (9). فهذا إيحاء الندم والرمز الدال عليه، وقد جمع له القرآن في هذا السياق بين الحركة والقول: الحركة بتقليب الكفّين، والقول بتمنّي عدم الشرك بالله وكفران النِّعَم. وأسمّي هذا النوع (التعبير المزدوج)، وهو ضرب مما سميته (المتباين)، لتباين ما دلّ على النِّعَم ما بين الحركة والقول.
(3)
الإيحاء في الدلالة الصوتية:
من إعجاز القرآن وتفرّده الرائع في الدلالة، ارتباط الصوت بمعانيه ارتباطًا وثيقًا. وقد تبيّن لغير واحد من القدماء والمعاصرين، أنّ الجانب الصوتي ركن أساس في بناء التعبير القرآني، في مواضع عدة من التنـزيل. ولابن جنّي (ت392هـ)، ملاحظ دقيقة في هذا المضمار، جعلته -مع ملاحظ أخرى- جديرًا بلقب (العبقري)، الذي وسمه به العلاّمة اللغوي الدكتور مصطفى جواد، رحمه الله.
وكان الفارابي (339هـ) قد التفت إلى ما سمّاه بعض المحدثين "الحاسة الموسيقية"، وسمّاه هو "الهيئة الشعرية"(10)، وكونها مركوزة في الإنسان منذ تكوينه، أو على حدّ قوله: "مركوزة فيه من أول كونه". وهي في اللغة العربية وفي إحساس العربي أكثر ظهورًا، حتى إنّ كثيرًا من الباحثين يصف لغتنا بأنها لغة موسيقية، وأنها انحدرت إلينا وقد اكتسبت هذه الصفة منذ أقدم نصوصها(11). وتلك الخصيصة أكسبت سمع العربي قدرة عالية في التمييز بين الفروق الصوتية الدقيقة، فكان مرهفًا يستريح الحاضر من الكلام لحسن وقعه، وينفر من آخر لنبوّ جرسه(12). ولقد بلغ القرآن الكريم الذروة في التأثير في سمع العربي ووجدانه، وذلك بعذوبة جرسه وجمال إيقاعه ونغمه، وما لذلك من صلة بدلالته. وكأنّ الوليد بن المغيرة المخزومي -في جملة ما أراد- هذه الخصيصة الصوتية، حين سمع رسول الله يتلو عليه سورة (حم السجدة) فإذا به يدهشه أمر القرآن، فيقول من غير تردّد ولا كتمان: "إنّ له لحلاوة، وإنّ عليه لطلاوة، وإنّ أسفله لَمُغْدِق، وإنّ أعلاه لَمُثْمِر، وما يقول هذا بشر"(13).
وحين حلّل المعاصرون النص القرآني، لفتهم علاقة الصوت اللغوي بالمعنى في تعبير القرآن، على نحو ما صرّح به الدكتور إبراهيم أنيس، وسيّد قطب، وعبد الصبور شاهين وغيرهم.
وتهمّنا في هذا البحث هذه الوشيجة الصوتية بالمعنى، تلك التي لفتت القدماء والمحدثين، والتي ما تزال -في رأينا- بحاجة إلى مزيد من الكشف والبيان. ذلك أنّ "الإيحاء الصوتي" في القرآن ينهض به الصوت اللغوي وحده، مفردًا كان أو مركّبًا، فيصوّر المعنى الذي في السياق بدقّة، بحيث لا يسدّ آخر مسدَّه، وهو إما أن ينهض به صوت مفرد مؤدٍّ للمعنى، وإما أن ينهض به صوت مركَّب، أو مجموعة أصوات في لفظ واحد أو أكثر، وذلك:
1- فمن الأصوات المفردة غير المركَّبة (الصوائت) Vowels، كألف المدّ وياء المدّ؛ إذ لهما إيحاءان صوتيان متغايران يستشعرهما السامع النابه المتأمّل، أحدهما (صاعد) بألف المدّ، والآخر (هابط) بياء المدّ، وكلاهما وردا في سياق واحد، هو قوله : وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقًا لِلْعِبادِ(14). فعند الوقوف في التلاوة على لفظة (بَاسِقَاتٍ)، تمدّ الألف فيها ستّ حركات، وهو المدّ العارض للسكون(15)؛ لتصور هذا الامتداد إلى علوّ في بُسوق النخلة وارتفاعها إلى الجوّ بتلك الرشاقة الجميلة، التي تنتهي في أعلاها بذلك السعف الجميل المتهدّل على جوانب قمّتها من كل جهة، حتى أنها لتبدو كالفتاة الفرعاء(16). فإذا تلا القارئ بعد ذلك لفظة (نضيد)، ووقف على الدال، استشعر السامع بهذا المدّ الهابط: (الياء) خلاف ما استشعره بذلك المدّ الصاعد، الذي قبله في (بَاسِقَاتٍ)؛ إذ يستشعر بسمعه قبل بصره، هذا التنضيد الذي في الطلع، وقد غُطِّي بغطائه الربّاني الجميل، ذي الرائحة الذكية العبقة.
فهذا ما لفتنا إليه هذا التعبير المزدوج في لفظتيه: (باسقات) و(نضيد)، من الناحية الصوتية الدالة على العلوّ والصعود، والدالة بعده على التراكم والهبوط. ولم نجد من التفت إلى ذلك صوتيًّا، وإنما وجدنا المفكر الإسلامي الفذّ سيّد قطب -نضّر الله وجهه- قد التفت إلى ملحظ يتعلق بفلسفة الجمال في هذا التصوير القرآني البديع، وهو "إبراز جمال الطلع النضيد في النخل الباسق، تماشيًا مع الحق وظلاله، الحقّ السامق الجميل"(17). فربط -بخيال أدبي- بين الجمال الحسِّيّ المرئي للطلع الأبيض الجميل المنضّد، وبين الجمال الروحي المعنوي الذي ينطق به هذا التنضيد؛ للتدليل على الخالق العظيم في هذا الخلق المنسّق الجميل، إلاّ أنه لم يشر إلى الجانب الصوتي الذي يلحظ عند التأمّل الدقيق فيه، ولعله عرفه ولم ينبّه عليه.
2- ومن إيحاء الأصوات المفردة (غير المركّبة) في تعبير القرآن، إيحاء (الهمزة)، وإيحاء (الهاء) في سياقيهما؛ إذ ورد كل منهما في سياق مغاير -دلاليًّا- لسياق الآخر. وهذا يعود إلى تغاير صفة كل منهما من الناحية الصوتية، وإن كانا من مخرج واحد هو (الحنجرة)؛ إذ الهزة صوت شديد، كما وصفه علماء الصوت العرب، بل هو أشدّ الأصوات اللغوية في العربية، ولهذا وصفه علماء الصوت الغربيون بأنه "Plosive"، أي (انفجاري)(18). على حين عُدّت الهاء من الأصوات (الرِّخوة)"Fricative"(19).
فإذا رجعنا إلى الكتاب المعجز المبين، القرآن الكريم، وجدنا الهمزة فيه قد وردت في سياق يوحي بالشدة، متمثّلاً بهذا التركيب الفعلي المؤكد بالمصدر: (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا)، في قوله : أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا(20). ووجدنا (الهاء) قد وردت في سياق مغاير له تمامًا، بل هو مضادّ له دلاليًّا من حيث الإيحاء؛ إذ وردت في تصوير ما أُمرت به مريم ابنة عمران عليها السلام، حين أتاها الطلق، فضاقت بذلك ذرعًا، إذ كيف يولد لها ولد وهي لم تتزوج بعدُ؟، فكان النداء الذي سمعته مُطَمئنًا لها من ناحية، وآمرًا إياها بهزّ جذع النخلة التي أوت إليها تستظل وتستتر بها. وذلك بقوله : أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا، وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا(21).
فقال سبحانه (هُزِّي) هنا، ولم يقل: (أُزِّي)، كما قال في آية إرسال الشياطين على الكافرين (تؤزُّهم)، ولم يقل: (تهزُّهم)، وذلك للفارق الدلالي بين السياقين: سياق الشدة والعنف، وسياق اللين والحنان. وهذا من رائع بيان القرآن ودلائل إعجازه.
وإذا كان إيحاء (الألف) هنا جميلاً باعثًا على التأمّل في ما فيه ذلك اللفظ وهو (النخلَ باسقاتٍ)، الذي هو تأمّل في عنصر من عناصر الطبيعة النباتية، وهو (النخل)، والذي يكون باعثًا على شكر المنعم -سبحانه- به، فإنّ للألف في غير هذا السياق إيحاء آخر؛ إذ نجدها في موضع تشعر فيه بالكِبْر والاستعلاء، في تصوير مشية كافر من قريش، غرّته مظاهر الدنيا الفانية، من مال، وجاه، وولد -قيل إنه أبو جهل بن هشام-؛ إذ وصفه التنـزيل بصفتي رفض من لدنه لِلحقّ والإيمان، وهما عدم التصديق بالرسالة المحمدية وهذه صفة فكرية، وبعدم أداء الصلاة، وهي صفة سلوكية، منبثقة عن الصفة الفكرية. وقد قابلها التعبير القرآني بصفتين أخريين، وهما: التكذيب بما هو حق وصدق، والقولي عن سبيل الإيمان والخير، فقال سبحانه: فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى، وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى(22)، فنفى عنه التعبير الكريم ما هو خير، وأثبت له ما هو شر.
ثم ذكر التعبير بعدهما مباشرة وفي سياقهما، صورة لمشية هذا الكافر المتغطرس، تفصح عن كبريائه، وتتمّ رسم صورة جهله وإعراضه، فقال: ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى(23). فإيقاع الآية مشعر بمشية الكِبْر لدى هذا المشرك المتعالي، ولكن يهمّنا كثيرًا هنا هذه اللفظة التي وقعت فاصلة، وهي: (يتمطّى)؛ إذ وردت لامها ألفًا، وهي الطاء الثانية في أصل الكلمة؛ إذ أصلها: (يتمطّط)، ولكنّ التعبير القرآني عدل عن الطاء التي في آخر اللفظة، إلى الألف بدلاً منها، لا لمجرّد اتساق حروف الرويّ فيها مع سائر الفواصل التي تلتها، مثل (أَوْلَى)، و(سُدى)، و(يُمْنى)، و(سَوَّى)(24)؛ إذ إنّ هذا ملحظ شكلي ليس هو المراد هنا، وإن كان له قيمته الصوتية الإيقاعية المؤثرة في نفس المتلقِّي، وإنما ورد (يتمطَّى) معدولاً عن أصله الطائي (يتمطّط)، إلى الألف الواقعة حرف رويّ للفاصلة؛ إيحاء بتبختر صاحب هذه المشية، وإشعارًا بما في نفسه من الزهو والخيلاء الفارغين من بواعث الحق والخير؛ إذ معنى (يتمطَّى) في اللغة: يتبختر، وأصله: يتمطَّطُ، أي يتمدّد؛ لأنّ المتبختر يمدّ خطاه. وقيل: هو من المطا، وهو الظهر؛ لأنه يلويه(25)، عند سيره.
وأيًّا كان الأصل، فإنّ هذا اللفظ (يتمطَّى) رسم صورة عملية مرئية لكِبْر ذلك الكافر وخيلائه الفارغة، ولذلك ورد في الحديث الشريف أنه "نهى عن مشية المطَيطاء، وذلك أن يلقي الرجل يديه، مع التكفّي في مشيته"، في ما ذكر الطبرسي (ت548هـ) في تفسيره(26).
ويهمنا هنا كيف رسم المدّ الصوتي بالألف هذه المشية المكروهة المنهيّ عنها. فإذا قرأنا (يتمطَّى) بأداء صوتي دقيق في التجويد، فأعطينا الطاء الشديدة المطبقة المكررة بالتشديد حقها من الأداء الصوتي، وأتبعناها مَدّة الألف واقفين عليها، حاكت الصورة الصوتية بذلك، تلك المشية الممقوته، مشية التلوِّي صعودًا إلى الأعلى ونزولاً. وذلك من رائع التصوير الفني في القرآن عن طريق الإيحاء الصوتي، مضافًا إلى الدلالة اللغوية الأصلية للفظة، التي تعرفها العرب في تحاورها.
3- ومن الإيحاء الصوتي الإفرادي، المدّ بالألف الموحي بالندم والتوجّع النفسي، في مثل قول الكافر يوم القيامة، وقد وقف بين يدي ربه للحساب: يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ(27). فقوله: (يا حسرتا) مشعر صوتيًّا بتوجّعه وندمه، بهذين المدّين اللذين اكتنفا التعبير، وهما مدُّ (يا) ومدُّ (تا)، مضاعفًا إحساس المتلقِّي بندم المُلقي المرير، فضلاً عما في نداء الحسرة بحرف النداء (يا)، من تشخيص استعاري للحسرة، حين جعلها تنادي كما ينادي العاقل، وهذا من بليغ بيان التنـزيل.
4- ومن الإيحاء الصوتي بالشعور بالندم، ما تحدثه (هاء السكت) في قول من فرّط في ما ينبغي عليه أداؤه إزاء ربه وأهله: يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ، مَا أغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28). فهذه الهاء إذا وقف عليها القارئ، أشبهت الحسرة في انطلاقها من صدر المتحسّر لندمه. وحقق لها هذا المعنى ورودها (مكسوعة)، أي غير (لاحقة) في آخر هذه الأسماء، فأشبهت بذلك الحسرة.
5- وقد يكون الإيحاء الصوتي في تعبير القرآن (مقطعيًّا)، وليس إفراديًّا كالذي في لفظة (دمْدَمَ) في قوله في (ثمود)، قوم النبيّ صالح ، حين عقروا ناقة الله التي أُمِروا بألاّ يمسّوها بسوء، فغضب الله سبحانه عليهم، فدمّر قريتهم، فجاء التعبير بهذا اللفظ: (دَمْدَمَ)، بدلالة مزدوجة، إحداهما (لغوية)، وهي الأصلية، أو كما يسمّيها المعاصرون: (مركزية) أو (أساس). والدلالة الأخرى (إيحائية)، وهي لون من الدلالة الثانوية، أحدثها إيقاع اللفظة.
وأما وصف هذه اللفظة (دَمْدَم) بأنها مقطعية، فلأنها ذات مقطعين متماثلين هما: (دَمْ/دَمْ)، فلمّا التأما في اللفظة مكررين، أشعر جرسهما المدوّي بما يشبه القصف: (دَمْدَمَ). وهذه الدلالة الإضافية صعّدت استشعار الشدّة والغضب في تصوير هذه العقوبة الإلهية العادلة، بمن لم يرع لله حرمته، مصداقًا لقوله تعالى: إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ(29)، الذي أكّد بمؤكّدين هما (إنّ) و(اللام). وقد تلت عقوبتهم قتل الناقة مباشرة بلا فاصل زمني كبير يعتدّ به؛ بدليل عطف تلك العقوبة بالفاء على فعل العقر، في قوله تعالى: فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (30).
(4)
الإيحاء الصوتي للتراكيب:
وقد ينهض التركيب الصوتي بإيحاء معيّن منبعث من خصائصه في صورته المركبة. ويتجلى ذلك في سياق قصة إبراهيم الخليل ، حين بشّرته الملائكة بالولد، فأثار ذلك عجب واستغراب زوجته، لكونها عجوزًا غير قادرة -في ظنها- على الإنجاب، فلم تلبث أن لطمت وجهها بكفّيها من جهة خدّيها، فكان التعبير عن هذا الحدث بلفظ مغاير للفظ (الضرب) الذي استعمله القرآن في موضع أريد به تأديب الزوجة إذا نشزت على زوجها، بعد مرحلتين من مراحل الإصلاح، وهما: الوعظ بقوله (فَعِظُوهُنَّ)، والترك في المضجع بقوله: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ(31)، ثم قال سبحانه: وَاضْرِبُوهُنَّ . واشترطت السنّة النبوية وإجماع فقهاء الأمّة على ألاّ يكون ضربًا مبرّحًا. فهذا الضرب الذي أباح الإسلام مزاولته بعد الوعظ والهجر في الفراش، فما الضرب الذي عبّر به القرآن يا ترى في قصة زوجة أبي الأنبياء ؟ الجواب: إنه عبّر بلفظ مركّب، دلّ إيحاؤه الصوتي على شدّة وقوّة ذلك الضرب، وهو الفعل (صكَّ)، في قوله تعالى: فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (32)، وهو اللفظ الذي تفرّد به هذا الموضع، دون لفظ (الضرب) الذي ورد في مواضع عدة من التنـزيل، بدلالته الحسيّة لا المجازية، كقوله تعالى في نصح نساء المؤمنين بوجوب إخفاء الزينة التي في أرجلهنّ: وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ (33)، وقوله تعالى في الكافرين والفاسقين عند موتهم: فَكَيْفَ إذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (34)، وغير ذلك.
فإذا حلّلنا الفعل (صكّتْ) تحليلاً صوتيًّا مع ما لحقه من تاء دالّة على التأنيث، وجدناه يجمع بين الشدّة والتفخيم؛ إذ الصاد من أصوات الإطباق، والمطبق مفخّم، والكاف والتاء صوتان شديدان، وزاد من شدّة الكاف تضعيفها. وبهذا أدّت هذه اللفظة بهذه الأصوات صورة اللطمة الشديدة من جانبها الصوتي الإيحائي، فضلاً عن جانبها اللغوي، الدال على الضرب الشديد. وبذلك ضاعف الإيحاء الصوتي للصك من دلالته على الضرب الشديد.
ولا يزال الناس في أرياف العراق، ولا سيما أهل الوسط والجنوب منهم، يستعملون هذا اللفظ، للتعبير عن هذا المعنى القرآني الذي هو الضرب الشديد، فيقول أحدهم مثلاً: "صكّهْ بالصّخريَّهْ"، أي: ضربه بها، و(الصخريّة) عصا قصيرة في نهايتها حديدة، تكون غالبًا صفراء، تستعمل سلاحًا يحمله الرجل دفعًا للأذى عنه.
ومن لطف الباري ودقّة استعمال الألفاظ في التعبير القرآني، أنه تعالى لم يقل: (فصكّوهُنّ)، بل قال: اِضْرِبُوهُنَّ ، وذلك في آخر مرحلة من مراحل تأديب الزوجات غير المطيعات، بعد المرحلتين اللتين ذكرناهما آنفًا، وهما: الوعظ، والهجر في الفراش، وذلك إذا نشزت إحداهنّ على زوجها؛ استعلاء أو مخالفة لما له عليها من حقّ قرّره الشرع.
فيتبيّن لنا مما أوردناه آنفًا من أمثلة في هذا البحث أنّ "الإيحاء الصوتي" في تعبير القرآن يختلف من حال إلى حال، ومن سياق إلى آخر، تحقيقًا للمعنى الدقيق الذي قصد إليه التعبير. وبذلك حقق القرآن الكريم في هذا المجال أيضًا أدلة على إعجازه المتمثّل -في إحدى صوره- بانتقاء الصوت الملائم للدلالة، المحقق لها، سواء أكان الصوت مفردًا، أم كان مركّبًا.
الهوامش:
* كلية التربية للبنات، جامعة بغداد.
(1) مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني، تحقيق نديم مرعشلي.
(2) القصص: 7. (3) النحل: 68-69.
(4) ما يقال عن الإسلام: عباس محمود العقاد، 159. (5) الأنعام: 112.
(6) ينظر بحثنا: المعراض مصطلح بلاغي قديم، مجلة العرب، الرياض، ج1و2، س37، 2001م.
(7) مريم: 11. (8) آل عمران: 41. (9) الكهف: 42.
(10) كتاب الموسيقى الكبير للفارابي، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، 70.
(11) دلالة الألفاظ، د. إبراهيم أنيس، ط2، مطبعة لجنة البيان العربي، القاهرة، 1963م، 195.
(12) المصدر نفسه.
(13) الجرجاني، الرسالة الشافية، ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، القاهرة، 1968م، 125؛ ودلائل الإعجاز للجرجاني، تعليق خفاجي، القاهرة، 1969م. (14) ق:10و11.
(15) ينظر: تحفة الإخوان في بيان تجويد القرآن، حسن إبراهيم الشاعر، 13.
(16) الفارع: المرتفع، والتام الشعر، والمرأة فرعاء، ينظر القاموس المحيط للفيروزآبادي 3/62 (فرع)، دار العلم للملايين.
(17) ينظر: التصوير الفني في القرآن لسيد قطب؛ وبحثنا التشخيص الفني لعناصر الطبيعة في القرآن الكريم، مجلة منار الإسلام، أبوظبي، العدد 9، 2001م، ص24 وما بعدها.
(18) ينظر: الأصوات اللغوية، إبراهيم أنيس، ط5، القاهرة، 1975م، 23.
(19) ينظر: المصدر نفسه، 24. (20) مريم: 83.
(21) مريم: 24و 25. (22) القيامة: 31. (23) القيامة: 33.
(24) تنظر: فواصل الآيات: 35 و36 و37 و38 من سورة القيامة.
(25) مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي، ط2، بيروت، 29/132.
(26) نفس المرجع. (27) الزمر: 56. (28) الحاقة: 27-29.
(29) البروج: 14. (30) الشمس: 14. (31) النساء: 34.
(32) الذاريات: 29. (33) النور: 31. (34) محمد: 27.
المصدر
أصل الوحي في اللغة:
أصل الوحي والإيحاء في اللغة "الإشارة السريعة"(1)، وهو دال على الخفاء، ومنه (الوحي الإلهي) إلى الملائكة والأنبياء، ومنه (الإلهام) بنوعيه: البشري، وغير البشري. فمن الأول إلهام أمّ موسى عليه السلام بإرضاعه، وإلقائه بصندوق في النهر حين خافت عليه قتل فرعون له. وذلك قوله تعالى:(وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمَِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ)(2).
وأما الثاني من الإيحاء، وهو غير البشري، فهو "الإلهام الفطري الغريزي"، وهو (المستمر)، كإلهام النحل باتخاذ البيوت من الطبيعة (الطبيعية) من شجر وجبل، ومن الطبيعة (الصناعية)، وهي العرائش التي يبنيها الناس، ثم الأكل من أنواع الثمر لصنع العسل. فهذا أيضًا سماه القرآن الكريم (إيحاء)، فقال تعالى: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ، ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ(3). وهذا الشراب المختلف كناية بالصفة عن هذا الغذاء والدواء الذي هو (العسل)، الذي أثبت له الطب الحديث فوائد كثيرة، منها الفتك بأنواع الميكروبات المسببة للأدواء، كالتيفوئيد، والدوسنتاريا، والنـزلات الشعبية وغيرها(4).
ويشعرنا بهذا الخفاء الذي يتّسم به الإيحاء، أنه مما وصف به شياطين الجنّ، ومعهم مَن وصفوا بشياطين الإنس، لتخلّقهم بخُلق الشياطين، في قول السوء والزور، فقال مصوِّرًا هذه الوشيجة التي بين الفريقين: شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا(5).
(2)
الإيحاء والرمز:
وللإيحاء البشري وسيلتان في التعبير عن المراد: إحداهما: الكلام، والأخرى: الحركة. فهو بهذا الأخير يجري مجرى (الرمز). وربما مجرى ما يعرف قديمًا في البلاغة باسم (المعاريض)، الذي مفرده (مِعْراض)(6)، وهو (التورية). وقد يكون الإيحاء بصوت مجرّد من التركيب، ولكنه غير مجرّد من الدلالة، كالتحسّر مثلاً. وقد يكون بإشارة ببعض أعضاء الجسم، كاليدين، والأصابع، والشفتين، والرأس.. وقد ورد الإيحاء بأحد هذه الرموز الإيحائية في تصوير انعقاد لسان النبي زكريا ، حين رُزق بالولد، فكان ذلك الانعقاد علامة وبشارة من الباري سبحانه على ذلك، وقد ورد في سياقين: الأول في قوله تعالى بعد انعقاد لسانه: فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا(7)، والثاني في قوله تعالى: قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا(8)، وذلك حين طلب علامة على رزقه بالولد.
ومِن اللغويين القدماء مَن يجعل (الرمز) ضمن مفهوم (الوحي)، على أساس أنّ الرمز خفاء مثلما الوحي خفاء. وهذا يصح ابتداء، إلاّ أنّ الذي تبيّن لي أنّ بينهما فارقًا، وهو أنّ الغالب على الإيحاء التعبير باللفظ، على حين تغلب على الرمز التعبير بالحركة. فمن ذلك "رمز الندم"، المعبَّر عنه في تعبير القرآن. وكذا في الواقع العملي غالبًا -بتقليب الكفّين. وقد ورد ذلك في ندم المنكِر لنِعَم الله عليه، في ما رزقه من جَنّة -أي بستان كثيف الأشجار غنيّ إذ صوّره البيان القرآني بقوله تعالى: فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (9). فهذا إيحاء الندم والرمز الدال عليه، وقد جمع له القرآن في هذا السياق بين الحركة والقول: الحركة بتقليب الكفّين، والقول بتمنّي عدم الشرك بالله وكفران النِّعَم. وأسمّي هذا النوع (التعبير المزدوج)، وهو ضرب مما سميته (المتباين)، لتباين ما دلّ على النِّعَم ما بين الحركة والقول.
(3)
الإيحاء في الدلالة الصوتية:
من إعجاز القرآن وتفرّده الرائع في الدلالة، ارتباط الصوت بمعانيه ارتباطًا وثيقًا. وقد تبيّن لغير واحد من القدماء والمعاصرين، أنّ الجانب الصوتي ركن أساس في بناء التعبير القرآني، في مواضع عدة من التنـزيل. ولابن جنّي (ت392هـ)، ملاحظ دقيقة في هذا المضمار، جعلته -مع ملاحظ أخرى- جديرًا بلقب (العبقري)، الذي وسمه به العلاّمة اللغوي الدكتور مصطفى جواد، رحمه الله.
وكان الفارابي (339هـ) قد التفت إلى ما سمّاه بعض المحدثين "الحاسة الموسيقية"، وسمّاه هو "الهيئة الشعرية"(10)، وكونها مركوزة في الإنسان منذ تكوينه، أو على حدّ قوله: "مركوزة فيه من أول كونه". وهي في اللغة العربية وفي إحساس العربي أكثر ظهورًا، حتى إنّ كثيرًا من الباحثين يصف لغتنا بأنها لغة موسيقية، وأنها انحدرت إلينا وقد اكتسبت هذه الصفة منذ أقدم نصوصها(11). وتلك الخصيصة أكسبت سمع العربي قدرة عالية في التمييز بين الفروق الصوتية الدقيقة، فكان مرهفًا يستريح الحاضر من الكلام لحسن وقعه، وينفر من آخر لنبوّ جرسه(12). ولقد بلغ القرآن الكريم الذروة في التأثير في سمع العربي ووجدانه، وذلك بعذوبة جرسه وجمال إيقاعه ونغمه، وما لذلك من صلة بدلالته. وكأنّ الوليد بن المغيرة المخزومي -في جملة ما أراد- هذه الخصيصة الصوتية، حين سمع رسول الله يتلو عليه سورة (حم السجدة) فإذا به يدهشه أمر القرآن، فيقول من غير تردّد ولا كتمان: "إنّ له لحلاوة، وإنّ عليه لطلاوة، وإنّ أسفله لَمُغْدِق، وإنّ أعلاه لَمُثْمِر، وما يقول هذا بشر"(13).
وحين حلّل المعاصرون النص القرآني، لفتهم علاقة الصوت اللغوي بالمعنى في تعبير القرآن، على نحو ما صرّح به الدكتور إبراهيم أنيس، وسيّد قطب، وعبد الصبور شاهين وغيرهم.
وتهمّنا في هذا البحث هذه الوشيجة الصوتية بالمعنى، تلك التي لفتت القدماء والمحدثين، والتي ما تزال -في رأينا- بحاجة إلى مزيد من الكشف والبيان. ذلك أنّ "الإيحاء الصوتي" في القرآن ينهض به الصوت اللغوي وحده، مفردًا كان أو مركّبًا، فيصوّر المعنى الذي في السياق بدقّة، بحيث لا يسدّ آخر مسدَّه، وهو إما أن ينهض به صوت مفرد مؤدٍّ للمعنى، وإما أن ينهض به صوت مركَّب، أو مجموعة أصوات في لفظ واحد أو أكثر، وذلك:
1- فمن الأصوات المفردة غير المركَّبة (الصوائت) Vowels، كألف المدّ وياء المدّ؛ إذ لهما إيحاءان صوتيان متغايران يستشعرهما السامع النابه المتأمّل، أحدهما (صاعد) بألف المدّ، والآخر (هابط) بياء المدّ، وكلاهما وردا في سياق واحد، هو قوله : وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقًا لِلْعِبادِ(14). فعند الوقوف في التلاوة على لفظة (بَاسِقَاتٍ)، تمدّ الألف فيها ستّ حركات، وهو المدّ العارض للسكون(15)؛ لتصور هذا الامتداد إلى علوّ في بُسوق النخلة وارتفاعها إلى الجوّ بتلك الرشاقة الجميلة، التي تنتهي في أعلاها بذلك السعف الجميل المتهدّل على جوانب قمّتها من كل جهة، حتى أنها لتبدو كالفتاة الفرعاء(16). فإذا تلا القارئ بعد ذلك لفظة (نضيد)، ووقف على الدال، استشعر السامع بهذا المدّ الهابط: (الياء) خلاف ما استشعره بذلك المدّ الصاعد، الذي قبله في (بَاسِقَاتٍ)؛ إذ يستشعر بسمعه قبل بصره، هذا التنضيد الذي في الطلع، وقد غُطِّي بغطائه الربّاني الجميل، ذي الرائحة الذكية العبقة.
فهذا ما لفتنا إليه هذا التعبير المزدوج في لفظتيه: (باسقات) و(نضيد)، من الناحية الصوتية الدالة على العلوّ والصعود، والدالة بعده على التراكم والهبوط. ولم نجد من التفت إلى ذلك صوتيًّا، وإنما وجدنا المفكر الإسلامي الفذّ سيّد قطب -نضّر الله وجهه- قد التفت إلى ملحظ يتعلق بفلسفة الجمال في هذا التصوير القرآني البديع، وهو "إبراز جمال الطلع النضيد في النخل الباسق، تماشيًا مع الحق وظلاله، الحقّ السامق الجميل"(17). فربط -بخيال أدبي- بين الجمال الحسِّيّ المرئي للطلع الأبيض الجميل المنضّد، وبين الجمال الروحي المعنوي الذي ينطق به هذا التنضيد؛ للتدليل على الخالق العظيم في هذا الخلق المنسّق الجميل، إلاّ أنه لم يشر إلى الجانب الصوتي الذي يلحظ عند التأمّل الدقيق فيه، ولعله عرفه ولم ينبّه عليه.
2- ومن إيحاء الأصوات المفردة (غير المركّبة) في تعبير القرآن، إيحاء (الهمزة)، وإيحاء (الهاء) في سياقيهما؛ إذ ورد كل منهما في سياق مغاير -دلاليًّا- لسياق الآخر. وهذا يعود إلى تغاير صفة كل منهما من الناحية الصوتية، وإن كانا من مخرج واحد هو (الحنجرة)؛ إذ الهزة صوت شديد، كما وصفه علماء الصوت العرب، بل هو أشدّ الأصوات اللغوية في العربية، ولهذا وصفه علماء الصوت الغربيون بأنه "Plosive"، أي (انفجاري)(18). على حين عُدّت الهاء من الأصوات (الرِّخوة)"Fricative"(19).
فإذا رجعنا إلى الكتاب المعجز المبين، القرآن الكريم، وجدنا الهمزة فيه قد وردت في سياق يوحي بالشدة، متمثّلاً بهذا التركيب الفعلي المؤكد بالمصدر: (تَؤُزُّهُمْ أَزًّا)، في قوله : أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا(20). ووجدنا (الهاء) قد وردت في سياق مغاير له تمامًا، بل هو مضادّ له دلاليًّا من حيث الإيحاء؛ إذ وردت في تصوير ما أُمرت به مريم ابنة عمران عليها السلام، حين أتاها الطلق، فضاقت بذلك ذرعًا، إذ كيف يولد لها ولد وهي لم تتزوج بعدُ؟، فكان النداء الذي سمعته مُطَمئنًا لها من ناحية، وآمرًا إياها بهزّ جذع النخلة التي أوت إليها تستظل وتستتر بها. وذلك بقوله : أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا، وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا(21).
فقال سبحانه (هُزِّي) هنا، ولم يقل: (أُزِّي)، كما قال في آية إرسال الشياطين على الكافرين (تؤزُّهم)، ولم يقل: (تهزُّهم)، وذلك للفارق الدلالي بين السياقين: سياق الشدة والعنف، وسياق اللين والحنان. وهذا من رائع بيان القرآن ودلائل إعجازه.
وإذا كان إيحاء (الألف) هنا جميلاً باعثًا على التأمّل في ما فيه ذلك اللفظ وهو (النخلَ باسقاتٍ)، الذي هو تأمّل في عنصر من عناصر الطبيعة النباتية، وهو (النخل)، والذي يكون باعثًا على شكر المنعم -سبحانه- به، فإنّ للألف في غير هذا السياق إيحاء آخر؛ إذ نجدها في موضع تشعر فيه بالكِبْر والاستعلاء، في تصوير مشية كافر من قريش، غرّته مظاهر الدنيا الفانية، من مال، وجاه، وولد -قيل إنه أبو جهل بن هشام-؛ إذ وصفه التنـزيل بصفتي رفض من لدنه لِلحقّ والإيمان، وهما عدم التصديق بالرسالة المحمدية وهذه صفة فكرية، وبعدم أداء الصلاة، وهي صفة سلوكية، منبثقة عن الصفة الفكرية. وقد قابلها التعبير القرآني بصفتين أخريين، وهما: التكذيب بما هو حق وصدق، والقولي عن سبيل الإيمان والخير، فقال سبحانه: فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّى، وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى(22)، فنفى عنه التعبير الكريم ما هو خير، وأثبت له ما هو شر.
ثم ذكر التعبير بعدهما مباشرة وفي سياقهما، صورة لمشية هذا الكافر المتغطرس، تفصح عن كبريائه، وتتمّ رسم صورة جهله وإعراضه، فقال: ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى(23). فإيقاع الآية مشعر بمشية الكِبْر لدى هذا المشرك المتعالي، ولكن يهمّنا كثيرًا هنا هذه اللفظة التي وقعت فاصلة، وهي: (يتمطّى)؛ إذ وردت لامها ألفًا، وهي الطاء الثانية في أصل الكلمة؛ إذ أصلها: (يتمطّط)، ولكنّ التعبير القرآني عدل عن الطاء التي في آخر اللفظة، إلى الألف بدلاً منها، لا لمجرّد اتساق حروف الرويّ فيها مع سائر الفواصل التي تلتها، مثل (أَوْلَى)، و(سُدى)، و(يُمْنى)، و(سَوَّى)(24)؛ إذ إنّ هذا ملحظ شكلي ليس هو المراد هنا، وإن كان له قيمته الصوتية الإيقاعية المؤثرة في نفس المتلقِّي، وإنما ورد (يتمطَّى) معدولاً عن أصله الطائي (يتمطّط)، إلى الألف الواقعة حرف رويّ للفاصلة؛ إيحاء بتبختر صاحب هذه المشية، وإشعارًا بما في نفسه من الزهو والخيلاء الفارغين من بواعث الحق والخير؛ إذ معنى (يتمطَّى) في اللغة: يتبختر، وأصله: يتمطَّطُ، أي يتمدّد؛ لأنّ المتبختر يمدّ خطاه. وقيل: هو من المطا، وهو الظهر؛ لأنه يلويه(25)، عند سيره.
وأيًّا كان الأصل، فإنّ هذا اللفظ (يتمطَّى) رسم صورة عملية مرئية لكِبْر ذلك الكافر وخيلائه الفارغة، ولذلك ورد في الحديث الشريف أنه "نهى عن مشية المطَيطاء، وذلك أن يلقي الرجل يديه، مع التكفّي في مشيته"، في ما ذكر الطبرسي (ت548هـ) في تفسيره(26).
ويهمنا هنا كيف رسم المدّ الصوتي بالألف هذه المشية المكروهة المنهيّ عنها. فإذا قرأنا (يتمطَّى) بأداء صوتي دقيق في التجويد، فأعطينا الطاء الشديدة المطبقة المكررة بالتشديد حقها من الأداء الصوتي، وأتبعناها مَدّة الألف واقفين عليها، حاكت الصورة الصوتية بذلك، تلك المشية الممقوته، مشية التلوِّي صعودًا إلى الأعلى ونزولاً. وذلك من رائع التصوير الفني في القرآن عن طريق الإيحاء الصوتي، مضافًا إلى الدلالة اللغوية الأصلية للفظة، التي تعرفها العرب في تحاورها.
3- ومن الإيحاء الصوتي الإفرادي، المدّ بالألف الموحي بالندم والتوجّع النفسي، في مثل قول الكافر يوم القيامة، وقد وقف بين يدي ربه للحساب: يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ(27). فقوله: (يا حسرتا) مشعر صوتيًّا بتوجّعه وندمه، بهذين المدّين اللذين اكتنفا التعبير، وهما مدُّ (يا) ومدُّ (تا)، مضاعفًا إحساس المتلقِّي بندم المُلقي المرير، فضلاً عما في نداء الحسرة بحرف النداء (يا)، من تشخيص استعاري للحسرة، حين جعلها تنادي كما ينادي العاقل، وهذا من بليغ بيان التنـزيل.
4- ومن الإيحاء الصوتي بالشعور بالندم، ما تحدثه (هاء السكت) في قول من فرّط في ما ينبغي عليه أداؤه إزاء ربه وأهله: يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ، مَا أغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28). فهذه الهاء إذا وقف عليها القارئ، أشبهت الحسرة في انطلاقها من صدر المتحسّر لندمه. وحقق لها هذا المعنى ورودها (مكسوعة)، أي غير (لاحقة) في آخر هذه الأسماء، فأشبهت بذلك الحسرة.
5- وقد يكون الإيحاء الصوتي في تعبير القرآن (مقطعيًّا)، وليس إفراديًّا كالذي في لفظة (دمْدَمَ) في قوله في (ثمود)، قوم النبيّ صالح ، حين عقروا ناقة الله التي أُمِروا بألاّ يمسّوها بسوء، فغضب الله سبحانه عليهم، فدمّر قريتهم، فجاء التعبير بهذا اللفظ: (دَمْدَمَ)، بدلالة مزدوجة، إحداهما (لغوية)، وهي الأصلية، أو كما يسمّيها المعاصرون: (مركزية) أو (أساس). والدلالة الأخرى (إيحائية)، وهي لون من الدلالة الثانوية، أحدثها إيقاع اللفظة.
وأما وصف هذه اللفظة (دَمْدَم) بأنها مقطعية، فلأنها ذات مقطعين متماثلين هما: (دَمْ/دَمْ)، فلمّا التأما في اللفظة مكررين، أشعر جرسهما المدوّي بما يشبه القصف: (دَمْدَمَ). وهذه الدلالة الإضافية صعّدت استشعار الشدّة والغضب في تصوير هذه العقوبة الإلهية العادلة، بمن لم يرع لله حرمته، مصداقًا لقوله تعالى: إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ(29)، الذي أكّد بمؤكّدين هما (إنّ) و(اللام). وقد تلت عقوبتهم قتل الناقة مباشرة بلا فاصل زمني كبير يعتدّ به؛ بدليل عطف تلك العقوبة بالفاء على فعل العقر، في قوله تعالى: فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (30).
(4)
الإيحاء الصوتي للتراكيب:
وقد ينهض التركيب الصوتي بإيحاء معيّن منبعث من خصائصه في صورته المركبة. ويتجلى ذلك في سياق قصة إبراهيم الخليل ، حين بشّرته الملائكة بالولد، فأثار ذلك عجب واستغراب زوجته، لكونها عجوزًا غير قادرة -في ظنها- على الإنجاب، فلم تلبث أن لطمت وجهها بكفّيها من جهة خدّيها، فكان التعبير عن هذا الحدث بلفظ مغاير للفظ (الضرب) الذي استعمله القرآن في موضع أريد به تأديب الزوجة إذا نشزت على زوجها، بعد مرحلتين من مراحل الإصلاح، وهما: الوعظ بقوله (فَعِظُوهُنَّ)، والترك في المضجع بقوله: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ(31)، ثم قال سبحانه: وَاضْرِبُوهُنَّ . واشترطت السنّة النبوية وإجماع فقهاء الأمّة على ألاّ يكون ضربًا مبرّحًا. فهذا الضرب الذي أباح الإسلام مزاولته بعد الوعظ والهجر في الفراش، فما الضرب الذي عبّر به القرآن يا ترى في قصة زوجة أبي الأنبياء ؟ الجواب: إنه عبّر بلفظ مركّب، دلّ إيحاؤه الصوتي على شدّة وقوّة ذلك الضرب، وهو الفعل (صكَّ)، في قوله تعالى: فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (32)، وهو اللفظ الذي تفرّد به هذا الموضع، دون لفظ (الضرب) الذي ورد في مواضع عدة من التنـزيل، بدلالته الحسيّة لا المجازية، كقوله تعالى في نصح نساء المؤمنين بوجوب إخفاء الزينة التي في أرجلهنّ: وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ (33)، وقوله تعالى في الكافرين والفاسقين عند موتهم: فَكَيْفَ إذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ (34)، وغير ذلك.
فإذا حلّلنا الفعل (صكّتْ) تحليلاً صوتيًّا مع ما لحقه من تاء دالّة على التأنيث، وجدناه يجمع بين الشدّة والتفخيم؛ إذ الصاد من أصوات الإطباق، والمطبق مفخّم، والكاف والتاء صوتان شديدان، وزاد من شدّة الكاف تضعيفها. وبهذا أدّت هذه اللفظة بهذه الأصوات صورة اللطمة الشديدة من جانبها الصوتي الإيحائي، فضلاً عن جانبها اللغوي، الدال على الضرب الشديد. وبذلك ضاعف الإيحاء الصوتي للصك من دلالته على الضرب الشديد.
ولا يزال الناس في أرياف العراق، ولا سيما أهل الوسط والجنوب منهم، يستعملون هذا اللفظ، للتعبير عن هذا المعنى القرآني الذي هو الضرب الشديد، فيقول أحدهم مثلاً: "صكّهْ بالصّخريَّهْ"، أي: ضربه بها، و(الصخريّة) عصا قصيرة في نهايتها حديدة، تكون غالبًا صفراء، تستعمل سلاحًا يحمله الرجل دفعًا للأذى عنه.
ومن لطف الباري ودقّة استعمال الألفاظ في التعبير القرآني، أنه تعالى لم يقل: (فصكّوهُنّ)، بل قال: اِضْرِبُوهُنَّ ، وذلك في آخر مرحلة من مراحل تأديب الزوجات غير المطيعات، بعد المرحلتين اللتين ذكرناهما آنفًا، وهما: الوعظ، والهجر في الفراش، وذلك إذا نشزت إحداهنّ على زوجها؛ استعلاء أو مخالفة لما له عليها من حقّ قرّره الشرع.
فيتبيّن لنا مما أوردناه آنفًا من أمثلة في هذا البحث أنّ "الإيحاء الصوتي" في تعبير القرآن يختلف من حال إلى حال، ومن سياق إلى آخر، تحقيقًا للمعنى الدقيق الذي قصد إليه التعبير. وبذلك حقق القرآن الكريم في هذا المجال أيضًا أدلة على إعجازه المتمثّل -في إحدى صوره- بانتقاء الصوت الملائم للدلالة، المحقق لها، سواء أكان الصوت مفردًا، أم كان مركّبًا.
الهوامش:
* كلية التربية للبنات، جامعة بغداد.
(1) مفردات ألفاظ القرآن، الراغب الأصفهاني، تحقيق نديم مرعشلي.
(2) القصص: 7. (3) النحل: 68-69.
(4) ما يقال عن الإسلام: عباس محمود العقاد، 159. (5) الأنعام: 112.
(6) ينظر بحثنا: المعراض مصطلح بلاغي قديم، مجلة العرب، الرياض، ج1و2، س37، 2001م.
(7) مريم: 11. (8) آل عمران: 41. (9) الكهف: 42.
(10) كتاب الموسيقى الكبير للفارابي، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، 70.
(11) دلالة الألفاظ، د. إبراهيم أنيس، ط2، مطبعة لجنة البيان العربي، القاهرة، 1963م، 195.
(12) المصدر نفسه.
(13) الجرجاني، الرسالة الشافية، ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، القاهرة، 1968م، 125؛ ودلائل الإعجاز للجرجاني، تعليق خفاجي، القاهرة، 1969م. (14) ق:10و11.
(15) ينظر: تحفة الإخوان في بيان تجويد القرآن، حسن إبراهيم الشاعر، 13.
(16) الفارع: المرتفع، والتام الشعر، والمرأة فرعاء، ينظر القاموس المحيط للفيروزآبادي 3/62 (فرع)، دار العلم للملايين.
(17) ينظر: التصوير الفني في القرآن لسيد قطب؛ وبحثنا التشخيص الفني لعناصر الطبيعة في القرآن الكريم، مجلة منار الإسلام، أبوظبي، العدد 9، 2001م، ص24 وما بعدها.
(18) ينظر: الأصوات اللغوية، إبراهيم أنيس، ط5، القاهرة، 1975م، 23.
(19) ينظر: المصدر نفسه، 24. (20) مريم: 83.
(21) مريم: 24و 25. (22) القيامة: 31. (23) القيامة: 33.
(24) تنظر: فواصل الآيات: 35 و36 و37 و38 من سورة القيامة.
(25) مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي، ط2، بيروت، 29/132.
(26) نفس المرجع. (27) الزمر: 56. (28) الحاقة: 27-29.
(29) البروج: 14. (30) الشمس: 14. (31) النساء: 34.
(32) الذاريات: 29. (33) النور: 31. (34) محمد: 27.
المصدر