سورة يس
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ، قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15)
جاء الإيجاز عن الدعوة الى عبادة الله فى سورة يس من الرسل الثلاث ليس على ألسنتهم ، بل فى ردود أهل القرية على تفاصيل دعوتهم وفى قول الرجل المؤمن الذى جاء من أقصى المدينة، فأوجزت الآيات كل ذلك الكلام الذى كان يقوله الرسل (إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ أن أعبدوا الله الذى فطركم وإليه ترجعون والذى أنزل إلينا الكتاب المبين، فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ)
وكان الإيجاز فى رد فعل القوم على الرسل وإنكارهم لإنزال الكتاب ( قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَٰنُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ)،
والإيجاز أيضا فى رد فعل الرجل المؤمن الذى قال عن دعوة الرسل الى عبادة الله (ومالى لا أعبد الذى فطرني وإليه ترجعون ءأتخذ من دونه آلهة)، وهذا يعنى أن دعوة الرسل الثلاث كانت للإيمان بالله الخالق وترك الآلهة المتعددة التى كانوا يعبدونها والإيمان بالرجوع الى الحياة بعد الموت، وتتضح فطنة الرجل المؤمن عند قوله أعلاه بما يعنى "أن الذى خلقنى من عدم يستطيع إرجاعى للحياة مرة أخرى"، فقد إقتنع بكلام الرسل (الذى وقع عليه الحذف)!.
ونجد الإيجاز فى الآية 52 عن إحياء الموتي يوم القيامة فيقرّ قوم تلك القرية وكل الأقوام الكافرة بصدق المرسلين :
قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا ۜ ۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ
سورة الواقعة
نحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ، أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ، أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ، نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ، عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ -61-
كان المتوقع من الآية موضع التساؤل عن الخلق(أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون؟) القول (لو نشاء لما خلقنا المنى ولإنقرض نسلكم)، ولكن الآية المتسائلة تتضمن ذلك المعنى الذى يقرّ أن الله تعالى هو خالق المنى وبإستطاعته ألا يخلقه، إذا فلا داعى للتكرار،
وكانت الإضافة أنه طالما هو الخالق الذى خلق البشر من "منى" فهو من له القدرة على خلق خلقا آخر وله القدرة على الإحياء ثم الموت، ثم الإحياء مرة أخرى فى الآخرة.
أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ، أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ، لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ، إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ، بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ -67
الآية تشير الى الحرث أو البذر الذى لا يزرع أو يكبر إلا بقدرة الله تعالى، ولم تقول "أءنتم تخلقونه؟" لأن الآية السابقة تحدثت عن خلق المنى الذى يخلق الإنسان العاقل الذى كرَمه الله تعالى على كل مخلوقاته، فكيف لا يخلق البذر النباتى؟
(أأنتم تزرعونه ام نحن الزارعون؟)، وكان المتوقع القول (لو نشاء ما زرعناه لكم)، ولكن الآية المتسائلة تتضمن ذلك المعنى، إذا البلاغة والإيجاز أن الله تعالى يزرع حرثهم حتى ينمو ويكبر، وأضافت (لو نشاء لجعلناه حطاما) أى له القدرة أن يجعل ذلك الحرث الذى نمى وكبر بمشيئته أن يجعله حطاما بعد نموه وإتيان حصاده، وذلك بآفة أو مرض أو عطش أو ريح صرصر أو صاعقة .
أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ، أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ ، لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ -69
الآية عن نعمة الماء للناس للشرب، وسألتهم هل أنزلتموه أنتم من السحاب أم أن الله سبحانه وتعالى هو منزله؟ وكان المتوقع القول (لو نشاء لجعلناه معلّقا فى مزنه فى السماء فلا ينزل أبدا ولا تشربون) وفى هذا تكرار لأن الآية تقرّ أن الله تعالى هو من ينزله ولذا بإستطاعته ألا ينزله، ولكن كانت البلاغة والإيجاز والإضافة أن ذلك الماء الذى نزل من المزن بمقدور الله تعالى أن يجعله مالحا فلا تستسيغون شربه،
رغم أنه لم يرد ذكر مسبقا لعذوبة ذلك الماء!.
كما الملاحظ أنه جاء ذكر الزرع قبل ذكر الماء فى هذه السورة، فإذا جاءت آية الماء قبلها لذهب التفكير الى أن الماء الذى أنزله الله هو ما ينبت الزرع فقط فإذا حبسه الله أو إذا كان أجاجا لما نبت الحرث، ولكن الزرع ينمو بمشيئة الله بأشياء أخرى غير الماء كالشمس والهواء والتربة .
أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)
السؤال يتضمن أن الله هو منشئ الشجرة ولا غير الله تعالى، وبوسعه ألا ينشئها فلا نار ولا نور ولا تدفئة ولا طبخ، كانت الإضافة الى ذلك أن النار هى تذكرة لنار الآخرة وفيها من المتاع ما فيها .
سورة الصافات
(3)
إِنَّهُمْ كَانُوا "إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ" يَسْتَكْبِرُونَ، وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ؟ (36) – الصافات
لم يكونوا يقولون لهم فقط عبارة "لا إله إلا الله"، بل كانوا يدعونهم لعبادة الله تعالى فكان رد الفعل الإستكبار والتساؤل "وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ"،
وقد تعددت صيغ الدعوة الى عبادة الله تعالى فى القرآن الكريم :
"يا قوم أعبدوا الله ما لكم من إله غيره".
"يا أيها الناس أعبدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم".
"أن أعبدوا الله واتقوه وأطيعون".
صدق الله العظيم