::: الإمام الشيخ محمد عبده وطريقته في التفسير ::: مقال نفيس للعلامة الشيخ محمود شلتوت

السراج

New member
إنضم
3 سبتمبر 2008
المشاركات
213
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
[align=center]::: الإمام الشيخ محمد عبده وطريقته في التفسير ::: [/align][align=center]
مقال نفيس لشيخ الجامع الأزهر الشيخ محمود شلتوت رحمه الله تعالى :[/align]


اطلعت على مقال قديم ونفيس في مجلة الرسالة التي كان رئيس تحريرها وصاحبها فضيلة الأستاذ الأديب أحمد حسن الزيات ، وذلك في السنة الثانية عشرة من المجلة ، العدد 576 ، وتاريخها كما جاء في ترويستها : القاهرة في يوم الإثنين 26 رجب سنة1363هـ - الموافق 17 يوليو سنة 1944م ، بعنوان : " الشيخ عبده وطريقته في التفسير للأستاذ محمود شلتوت " ، رأيت فيه ملامح عن شخصية الإمام المصلح الشيخ محمد عبده رحمه الله تعالى ودوره في التفسير بقلم شيخ الجامع الأزهر في زمانه العلامة الشيخ محمود شلتوت رحمه الله تعالى ، وأصل هذا المقال محاضرة قام بها الأزهر بدار " الإذاعة اللاسلكية المصرية" عنوانها " ذكرى الأستاذ الإمام المصلح محمد عبده " وذلك في ( يوم الثلاثاء 11 يوليو سنة 1944م ) فألقى الشيخ محمود شلتوت هذه الكلمة القيمة وهو هذا المقال ، وألقى بعده الدكتور محمد البهي والدكتور محمد ماضي كلمتين أخريتين ، وقد سر أهل العلم والفكر آنذاك بهذه المحاضرة ، لذا رأيت أن أنقل نص المقال بتمامه كما جاء في المجلة لتعم الفائدة خاصةً في منتدانا المبارك... ولاتنسوني من صالح دعائكم....

ـــــــــــــــــ

[align=center]الشيخ عبده وطريقته في التفسير للأستاذ محمود شلتوت
******[/align]
من المعروف أن البيئة تؤثر في الإنسان تأثيراً كبيراً فهي تطبعه بطابعها وتنشئه على أخلاقها وتحمله بقوتها وسلطانها على أن يكون عضواً فيها ، يعيش كما تعيش ، ويـفكر كما تـفكر، وينزل على إرادتها وحكمها مطمئن القلب راضي النفس ، ولكن مع هذا قد يظهر في الأمة أو الجماعة من الحين بعد الحين أفراد يجعل الله منهم مظهر رسالة خاصة إلى الأمة أو الجماعة ، فيصنعهم على عينه ويعصمهم من التأثر ببيئاتهم ، فينشأ الواحد منهم بيئة برأسه أو أمة في نفسه ، لا يتأثر بجماعته ، ولا يتقيد بقيودها ، ولا يزن الأشياء بميزانها بل العكس يؤثر هو فيها و يقتحم عليها حصونها ، ويعيش معها ما عاش في كفاح وجلاد وهو في كل يوم يفتح فتحاً جديداً ، ويدك حصناً عنيداً ، ويتعهد من وراء ذلك بذوره التي يضعها حتى ترسخ أصولها ، وتسمق فروعها ، وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، أولئك هم المصلحون في كل زمان ومكان ، منهم رسل الله المبلغون عنه ، المؤيدون بوحيه ، ومنهم دون ذلك من عباقرة الأمم وأفذاذ التاريخ ، ولقد كان الشيخ عبده من هؤلاء العباقرة الذين عصمهم الله من التأثر ببيئاتهم ومكّـنهم من التأثير فيها.
[align=center]****[/align]
كانت بيئة الشيخ عبده هي البيئة الأزهرية التي تكونت في أواخر القرن الثالث عشر من الهجرة ، وكان طابعها الركود الفكري ، والتعصب المذهبي ، والتقديس للآراء و الأفهام والسمو بها عن النقد ومحاربة كل رأي جديد ، وقد وصل الأمر بهذه البيئة إلى أن أوجبت التقليد في دين الله وحرمت الاشتغال بالعلوم العقلية والرياضية وقاومت من حاول الخروج عليها في ذلك زمناً طويلاً ، وكانت أكبر جناية لهذه النزعة جنايتها على القرآن فقد صورته كتاباً عزيز المنال ، بعيداً عن الأفهام ، لايدركه إلا الراسخون الذين مضوا وقد درسوه واستنبطوا منه جميع ما يلزم المسلمين ، فليس لأحد بعدهم أن ينظر فيه كما نظروا ، ولا أن يستنبط منه كما استنبطوا ، ولا أن يفسره بغير ما فسروا ، ظل القرآن في هـذه النزعة يدرس دراسة أساسها الإسراف في المناقشات اللفظية لعبارات المفسرين ، والاعتماد في قصصه على الروايات الغريبة والإسرائيليات الموضوعة وفي تشريعه المذاهب الفقهية وفي عقائده على الآراء الكلامـية ، وقد صار القرآن بهذا كأنه تابع لا متبوع ومحكوم عليه لا حاكم
[align=center]****[/align]

ولقد تهيب الناس بهذا الوضع كتاب الله وصاروا لا يعرفون مـن مـزاياه سوى أنه كتاب يتعبد بتلاوته ويتبرك به وتستمطر به الرحمة على الموتى ويستشفى به من الأمراض والعلل الجسمية

[align=center]****[/align]
في هذه البيئة نبت الشيخ عبده كما ينبت الورد بين الأشواك أو كما ينبع الماء الصافي من بين الصخور، فكان بحق مجدداً لأمر هذه الأمة ، وكان بحق نوراً انبثق من أفق الأزهر انتفع به من انتفع ، وازور عنه من ازور، وبقى على ذلك قوياً وهـاجاً يجذب إليه أنظار المؤمنين وينفذ إلى بصائر المخلصين ، زلزل رحمه الله على الجامدين حصونهم ، ودمدم عليها بالحجج والبراهين ، وكشف الحجاب الذي أسدله الجمود والتعصب على الدين شرعة وعقيدة ، فبدأ منه ما كان خافياً وعاد إليه بهاؤه الأول وجلاله القديم ، وبدد الغبار الذي عقد حول كتاب الله وأنقذه من شر هذه النزعة التي جعلته وراء الظهور ، وآثرت عليه قول فلان وفلان ، وليس من الممكن أن نبسط آثار هذا المجدد العظيم في كل ناحية من النواحي ، ولكننا نعرض في اختصار إلى موقفه من القرآن فإنه كان يراه أصلاً للدعوة الفكرية الإصلاحية مهما تشعبت فروعها ، وكان ينظر إليه على أنه أساس القوة ومصدر العزة للدولة الإسلامية والمسلمين جميعاً ، فاستقبله على أنه – كما أنزله الله- كتاب هداية وتشريع وأخلاق ، ونهى عن اتخاذه لغير ذلك من الأغراض المادية التي لا تليق بجلاله ، والتي تصرف المسلمين عن الانتفاع بهديه وإرشاده ، ونبه المسلمين عامة وأهل العلم خاصة إلى مركز القرآن ، وأنه المسيطر على كل ما سواه في العلميات والعمليات ، يجب أن يتحاكم إليه المختلفون ، وأن يخضعوا لحكمه وأن يتركوا جميع الأقوال لقوله فليس أمام حكمه حنفي ولا شافعي ولا سني ولا معتزلي ، وقد عنى رحمه الله أشد العناية بتجريده التفسير من كل مالا ثقة به من الروايات والإسرائيليات ، وأوجب الوقوف عند الحد الذي قصه القرآن من أحوال الماضي أو أخبر به من شؤون المستقبل ، ولم يكن رحمه الله ذا اهتمام كبير بأسباب النزول ، بل كان يعتمد في فهم المعنى وربط الآيات على ما يفيده الموضوع وترشد إليه الألفاظ والأساليب ، حسب المعهود من اللسان العربي المبين
[align=center]****[/align]
هذه هي طريقة الشيخ عبده في تفسير القرآن ، عرفناها واضحة جلية مما كتبه بنفسه كتفسيره لجزء (عم يتساءلون) ، الذي فرغ منه كما يقول في آخره : منتصف الساعة السادسة بعد الظهر من يوم الأحد 23أغسطس سنة1903م في مدينة جنيف من بلاد سويسرا ، وكتفسيره لآيات خاصة تفنيداً لشبه (1) أثارتها عند خصوم الإسلام ، مكانة الجمود والرواية من التفسير ، وما دوّنه عنه تلميذه البار السيد رشيد رضا ، وهو من أول القرآن إلى قوله تعالى في سورة النساء : ( ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن)
[align=center]****[/align]
لم يكن الشيخ عبده من هؤلاء الذين يقترحون ويدعون إلى ما اقترحوا دون أن يكون منهم أسوة عملية تشق للناس طريق ما يقترحون ، بل كان رحمه الله عملياً قبل كل شئ ، فلم يدع فرصة في حضره أو سفره تمر حتى يلقى فيها دروس التفسير على طريقته ومنهاجه ، وقد واظب على ذلك في دروس متتابعة ظل يلقيها بالأزهر نحو سبع سنين ، وكان يحضرها كثير من علماء الأزهر والنابهين من طلابه ، ويحضرها الكبراء من رجال الدولة والتفكير ، حتى أحدث في الأزهر حركة فكرية حـادة لفتت أنظار العلماء والمشتغلين بالمسائل الإسلامية في الشرق والغرب إلى الأزهر وإلى الإسلام ، بهذا مما ذكرنا وبغيره مما لم نذكر كان الشيخ عبده هو المجدد الإسلامي العظيم للقرن الرابع عشر من الهجرة ، له نمطه المعروف وفكرته الواضحة التي أسهر لها ليله وأضنى بها جسمه ، وتعرض في سبيلها لحقد الحاقدين وكيد الكائدين ، ثم لبى دعوة ربه معتزاً بما لم يترك سواه من علم وإصلاح
[align=center]****[/align]
وإذا كانت تعاليم الشيخ عبده قد أثرت من نصف قرن مضى في التفكير الإسلامي تأثيراً قوياً فإن المخلصين للأزهر لا يزالون إلى الآن يرجون أن يسرع الأزهر في الاقتراب من هذه التعاليم ، وأن يجعلها من أسس دراسته وأساليب تفكيره ، ولابد أن يقترب الأزهر – وهو معقل الدين- من طريقة الشيخ عبده مهما طال الأمد ، لأنها طريقة السلف الصالح التي فهم بها الدين وعـز جانبه ، وآخر هذا الدين لا يصلح إلا بما صلح به أوله ، أيها السادة : هذه ناحية من نواحي عظمة الشيخ عبده وأحب ألا أغادر موقفي هذا حتى أسجل أن عظمة الشيخ عبده لم تكن ترجع فقط إلى علمه الواسع وإحاطته بأساليب الحياة الصحيحة ، ولكنها في الواقع ترجع إلى صفات صّيغ بها وطبع عليها ، فقد كان مؤمناً قوي الأيمان ، كان مخلصاً لفكرته ، كان شجاعاً في الحق لا يعرف التردد ولا المجاملة ، كان متجرداً عن الأهواء والمطامع ، ليس مشغولاً إلا بفكرته ولا معنياً إلا بنجاح دعوته ، كان معتمداً على الله وعلى قوة الحق وعلى الصراحة والوضوح ، وما كان يعرف ركناً يأوي إليه سوى هذه الصفات ، وكان بكل هذا شخصية مهيبة يحيط بها الوقار ، ويحفها الجلال ، ويشع منها نور الحق ، وروعة الصدق فتجذب إليه الناس فيملك عليهم السمع والبصر والفؤاد ، ذلكم هو المصلح وذلكم هو الإمام ، رحم الله الإمام وأسبغ عليها رضوانه.
محمود شلتوت .

(1) من ذلك مسألة سر الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومسألة زيد وزينب ، ومسألة الجبر والاختيار.
 
رحم الله الأستاذ الإمام محمد عبده ، ورحم الله الأستاذ الأكبر الشيخ شلتوت ، ورضي الله عن الأئمة الأعلام ، ونفعنا بعلومهم في الدارين .
 
جزاك الله خير .. ورحم الله الإمام محمد عبده ورحم الله الشيخ الأكبر محمود شلتوت .

ولا ازال اتذكر قصيدة شاعر النيل حافظ ابراهيم .. في رثاء الإمام محمد عبده رحمه الله .. فلا اعتقد اني سمعت مثلها وهي من اروع قصائل الرثاء يقول في مطلعها :

سلام على الإسلام بعد محمد .. سلام على أيامه النضرات
 
لم تكن الماسونية في زمن محمد عبده قد كشفت على حقيقتها، ومعروف أنها تتستر وراء واجهات ظاهرها التعاون على الخير. وبعد أن عرف الشيخ بعض حقائق الماسونية تركها وكذلك استاذه الأفغاني.
في زمنهم كانت الناس مبهورة بالحضارة الغربية والثورة العلمية، ومن هنا وجدنا بعض العلماء يتعسف في التوفيق بين الدين والعلم، ومن هؤلاء الشيخ محمد عبده.
أما اليوم فزالت الغمة وأصبح الناس أكثر وعياً لحقيقة العلم والدين، ومن هنا لا يلام الشيخ لأنه ابن عصره، وليس لنا فضل عليهم لأننا أبناء عصر آخر تعاظمت فيه المعارف وارتقى فيه المسلمون بعد تخلف.
 
[align=center]::: الإمام الشيخ محمد عبده وطريقته في التفسير :::
مقال نفيس لشيخ الجامع الأزهر الشيخ محمود شلتوت رحمه الله تعالى :[/align]


اطلعت على مقال قديم ونفيس في مجلة الرسالة التي كان رئيس تحريرها وصاحبها فضيلة الأستاذ الأديب أحمد حسن الزيات ، بعنوان : " الشيخ عبده وطريقته في التفسير للأستاذ محمود شلتوت " ، فألقى الشيخ محمود شلتوت هذه الكلمة القيمة وهو هذا المقال ، وألقى بعده الدكتور محمد البهي والدكتور محمد ماضي كلمتين أخريتين ، . ولاتنسوني من صالح دعائكم....
بارك الله فيك وعليك وكتبك في الصالحين من عباده.

[الــــشيــــــخ عـبـــــــده وطريقته في التفســير للأستاذ محمود شلتوت....
كان مؤمناً قوي الأيمان ، كان مخلصاً لفكرته ، كان شجاعاً في الحق لا يعرف التردد ولا المجاملة ، كان متجرداً عن الأهواء والمطامع ، ليس مشغولاً إلا بفكرته ولا معنياً إلا بنجاح دعوته ، كان معتمداً على الله وعلى قوة الحق وعلى الصراحة والوضوح ، وما كان يعرف ركناً يأوي إليه سوى هذه الصفات ، وكان بكل هذا شخصية مهيبة يحيط بها الوقار ، ويحفها الجلال ، ويشع منها نور الحق ، وروعة الصدق فتجذب إليه الناس فيملك عليهم السمع والبصر والفؤاد ، ذلكم هو المصلح وذلكم هو الإمام ، رحم الله الإمام وأسبغ عليها رضوانه.

ولتطبيق هذه الصفات فليتنافس المتنافسون ولذلك فليعمل العاملون
شهادة من هو بين يدي الله لمن هو مثله، جيل من عمالة العلم وفرسان المعرفة ، رحمهم الله جميعا وأسكنهم فسيح جناته آمين
والشكر موصول للأستاذ "السراج " ولكل من تفضل بالمشاركة
 
مشايخ التفسير الرجاء التعليق على تفسير محمد عبده بان ما اصاب اصحاب الفيل هو وباء الجدري
و نرجوا - لكي يتم الثناء الحق على الشيخ - ان نبطل اقول ما اتهموه به لكي تكون الصورة واضحة
 
يا أبا الفضل حفظك الله ورعاك ، مالي أراك مصراً على نبش قبور العلماء ، أما يكفيك ما نوة به أهل الفضل والمعرفة الذين عاصروا الشيخ فنعتوه بما هو أهله ، فهم الذين عاصروه وليس مع العين أين، أما الجدري أو نفي بعض ما يتعلق بالجن أو.... فهذه لو ثبتت فهي من هنات العلماء ، وقديما قالوا:" لكل عالم هفوة" و الكمال لله والعصمة للأنبياء ، خذ الخير وهو كثير واترك العود للنار.

أما الماسونية واتهام الشيخ محمد عبده بها ، فأقول:
قد أغنانا عن الكلام فيها الأخ الفاضل البيرواني .

لا أقول هذا لكون الشيخ محمد عبده المولود في قريتي حصة شبشبير من أعمال محافظة الغربية بمصر ، بل لأن تتبع العلماء في هفوة أو سقطة ليس من أعمال الكبار ولا من بنات أفكارهم. وأنت عندنا صاحب شأن فتأمل.

ولو تتبعت هنات العلماء ما استفدت من أحد قط ، والله الموفق والمستعان.
 
أنصح بقراءة منهج المدرسة العقلية واتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر الهجري كلاهما للدكتور فهد الرومي حفظه الله فقد وسع مع الوثائق الكلام في محمد عبده ومنهجه في التفسير.
 
حياك الله اباعمر وما انتبهت لردك وانك هو هو الا بعد عبارتك المشهورة
وأنت عندنا صاحب شأن فتأمل
مازال مكتبك كما هو ، وما زال مكانك في القلب كما هو واعظم
 
سؤال عن رسالة
منهج محمد عبده في التفسير للباحث عبد الله شحاته ، ممكن أحد يدلنا عليها إذا كان منها بصيغة pdf ، ولكم جزيل الشكر
 
عودة
أعلى