الإفراط في استخدام الواو

إنضم
29/10/2023
المشاركات
71
مستوى التفاعل
11
النقاط
8
الإقامة
ليبيا
من الأخطاء اللغوية الشائعة: الإفراط في استخدامِ واوِ العطف ونحوها
❌

تجد أُنَاسًا يستخدمونها كيفما اتَّفَق، وبلا حساب ولا ضابط، بل حسبما تسمح به أذواقُهم السقيمة، وقَرائحُهم العقيمة، يُخيَّل إليك أنهم يعُدُّونها توابلَ في طعام، أو شرائطَ تزيينٍ في مَحفِل!
تجدهم مثلًا يقولون:
كما ونشكر...
حتى ولو...
قمنا وبمبادرة...
سبق وأن...
خاصة وأن...
لا بد وأنه...
كما وأننا...
نعلم وكما تعلمون...
في هذا اليوم والذي نجتمع فيه...
وهلمّ جرًّا!
بالإضافة إلى تصديرِ فقرات البحوث بها، سواء أكان المقام يقتضيها أم لا؛ بدعوى أن هذا هو أسلوب الكتابة الأكاديمية الصحيح!
ومن أكثرِ ما يثير الأسف، ويدعو إلى الغثيان: أولئك المتعالمون الذين يحشرون أنوفَهم فيما ليس من اختصاصهم؛ فتراهم في المناقشات العلمية وتحكيم البحوث يتكلمون في المسائل اللغوية، ويخَطّئون ويصوِّبون، ويرجّحون ويستدركون، وكأن الواحد منهم لُغَويُّ زمانِه، وفريدُ أقرانِه، «كالهرّ يحكي انتفاخًا صَولةَ الأسدِ»، وهو لمّا يقرأ في حياته حتى الآجرومية، ولم تَرَ عيناه صفحةً من كتاب سيبويه، إنما يعتمد على ذائقته العشوائية، التي اكتسبها من المسلسلات التاريخية، والأفلام الوثائقية، وبعضِ دورات الكتابة الأكاديمية، وما دَرَسَه في سِنِي دراستِه النظامية، بالإضافة إلى ما قرأه من أشعار نزار قباني، وخليل حاوي، وأمثالِهم مِن سَقطِ المَتاعِ!
فيقال لهؤلاء: «ليس هذا بعُشِّك فادْرُجي»، و«لا تَعِظيني وتَعَظْعَظِي»، فلِكُلِّ علمٍ أهلُه، ولكلّ ميدانٍ رجالُه.
وقد سئل الإمام مالك -إمام دار الهجرة- عن البسملة فقال: «سَلُوا عن كُلِّ عِلْمٍ أهلَه، ونافعٌ إمامُ الناس في القراءة».
فأحال في هذه المسألة على الإمام نافع بن أبي نعيم القارئ، على حد المثل المصري: (إدّي العيش لخبّازه).
مع أن الإمام مالكًا لا يُظَنُّ به أنه لا يَعْلَمُ حُكْمَ تلك المسألة، ولكن هذا أدبُ العلماء الربانيين، الذين جمعوا بين العلم والأدب، فلا يتقدمون بين أيدي المختصين، ولا يتشبّعون بما لَم يُعطَوْا!
فما بالك بمن يقتحم مجالًا ليس مجالَه، ويتكلم في ما لم يُحِطْ بعلمِه؟!
بل إنّ بعضَ أولئك قد يتكلمون في مسائلَ من دقيقِ علوم اللغة، مسائلَ قد يتهيّب بعضُ المختصين فتحَ أبوابِها، وشقَّ عُبابِها، ولا يستطيعون سبرَ أغوارِها، واعتلاءَ أسوارِها، في حين ترى أولئك يجترئون على الكلام فيها من دون أن تطرفَ لهم عينٌ أو يتردد لهم لسانٌ!
فلْيلزَم كلُّ أحدٍ عِلْمَه ومجالَه، ولا يتكلم فيما لا يُحسن؛ حتى لا يضر الناس بجهلِه وتَعالُمِه، أو تنكشف للناس سوءتُه ويَبِينَ لهم عِيُّه.
 
عودة
أعلى